جلسة 28 من أبريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ محمد القاضي، صلاح عصمت، شحاته إبراهيم نواب رئيس المحكمة وأحمد
العزب.
----------------
(99)
الطعن رقم 5000 لسنة 78 القضائية
(1 ، 2) نقض "الخصوم في الطعن بالنقض".
(1) الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2) الاختصام في الطعن بالنقض. عدم جوازه لمن
لم يكن خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. الخصم الذي لم يقض له أو
عليه بشيء ليس خصما حقيقيا. مؤداه. عدم قبول اختصامه في الطعن بالنقض. اختصام
المطعون ضدهما أمام درجتي التقاضي دون توجيه طلبات منهما أو إليهما. أثره. عدم
قبول اختصامهما في الطعن بالنقض
(3 - 5) تحكيم "حكم التحكيم:
حجيته" "تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي".
(3) نص المادتين الأولى والثانية من اتفاقية
نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية. مفاده. اعتراف كل دولة
منضمة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقا لقواعد المرافعات
المتبعة فيها ما لم يثبت المحكوم ضده توفر إحدى الحالات الخمس الواردة على سبيل
الحصر في المادة 1/5 من الاتفاقية أو يتبين لقاضي التنفيذ أنه لا يجوز الالتجاء
إلى التحكيم أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام. م 5 فقرة 2 من الاتفاقية.
(4) حكم المحكمين. اكتسابه قوة الأمر المقضي
طالما بقي قائما. ليس للقاضي عند الأمر بتنفيذه التحقق من عدالته أو صحة قضائه في
الموضوع لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد.
(5) إخلال حكم التحكيم الأجنبي بحق الطاعنة
في الدفاع وإهداره مبدأ المواجهة. لا يندرج ضمن حالات عدم تنفيذ حكم التحكيم أو
رفض دعوى المطالبة بتنفيذه.
(6) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب غير
المنتج".
انتهاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه للنتيجة الصحيحة.
النعي فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة. غير منتج. لمحكمة النقض
تصحيح ما شابها من خطأ دون أن تنقضه.
(7) تحكيم "اتفاق التحكيم : ماهيته".
اتفاق التحكيم. ماهيته. م 10 من ق التحكيم. حق المتعاقدين في الالتجاء
إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع. جواز الاتفاق على أن يتم بالخارج على
يد غير مصريين. علة ذلك.
(8 - 10) تحكيم "تنفيذ حكم التحكيم
الأجنبي".
(8) انضمام مصر إلى اتفاقية نيويورك لسنة
1958 بشأن أحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها.
اعتبار الاتفاقية قانونا واجب التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون
المرافعات. م 301 مرافعات.
خلو الاتفاقية من النص على عدم جواز الأمر بتنفيذ حكم المحكمين
الأجنبي إلا بعد التحقق من عدم اختصاص المحاكم بنظر المنازعة التي صدر فيها. أثره.
عدم إعمال الحكم نص المادة 1/298 من قانون المرافعات. لا مخالفة.
(9) حكم المحكمين الأجنبي
المطلوب تنفيذه في دولة القاضي. افتراض صدوره استنادا إلى اتفاق تحكيمي توفرت له
مقومات وجوده وصحته. أثره. وقوع عبء إثبات انعدام هذا الاتفاق أو عدم صحته على
عاتق من يطلب تنفيذ الحكم ضده. المرجع في ذلك - عدا الادعاء بانعدام أهلية أطراف
الاتفاق - إلى القانون الذي اختاره الأطراف ليحكم اتفاقهم على التحكيم أو ليحكم
العقد الأصلي الوارد اتفاق التحكيم في إطاره أو إلى قانون البلد الذي صدر فيه
الحكم عند عدم وجود هذا الاختيار وفقا لقاعدة إسناد موحدة دوليا. م 5/1 أمن
اتفاقية نيويورك لعام 1958 التي انضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة
1959.(10) اعتماد اتفاق التحكيم ومباشرة إجراءاته
وصيرورة الحكم الصادر فيه والمطلوب الأمر بتنفيذه داخل مصر واجب النفاذ وفقا
للقانون السعودي، عدم مخالفته للنظام العام والآداب في مصر. تمسك الطاعنة بعدم
جواز تنفيذه. عدم تقديمها الدليل على ذلك. مؤداه. الاعتداد بوجود اتفاق التحكيم
وصحة إجراءاته.
(11) نقض "الحكم في الطعن: سلطة محكمة
النقض".
قصور الحكم في الإفصاح عن سنده القانوني أو إغفاله الرد على دفاع
قانوني للخصوم. لا يبطله. لمحكمة النقض أن تستكمل هذا
القصور متى كان الحكم صحيحا في نتيجته. حقها في تكييف الوقائع الثابتة فيه اعتمادا
على ما حصلته محكمة الموضوع.
----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفي أن يكون المطعون عليه
طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون خصما
حقيقيا وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو طلبات إليه، وأنه بقي على منازعته معه
ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم لصالحه.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا
يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون
فيه، وأن الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشيء لا يكون خصما حقيقيا ولا يقبل اختصامه
في الطعن. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهما الثاني والثالث
قد تم اختصامهما أمام درجتي التقاضي دون أن توجه إليهما أو منهما طلبات ولم يحكم
لهما أو عليهما بشيء، ومن ثم فإنه لا يقبل اختصامهما في الطعن بالنقض، ويكون الطعن
بالنسبة لهما غير مقبول.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى
نص المادتين الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام
المحكمين الأجنبية - والتي انضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959
الصادر بتاريخ 2 من فبراير سنة 1959 وأصبحت تشريعا نافذا بها اعتبارا من 8 من
يونيه سنة 1959 - اعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها
بتنفيذها طبقا لقواعد المرافعات المتبعة فيها والتي يحددها القانون الداخلي، ما لم
يثبت المحكوم ضده في دعوي تنفيذ حكم التحكيم توفر إحدى الحالات الخمس الواردة على
سبيل الحصر في المادة الخامسة فقرة أولى من الاتفاقية وهي: (أ) نقص أهلية أطراف
اتفاق التحكيم أو عدم صحة انعقاده. (ب) عدم إعلانه إعلان صحيحا بتعيين المحكم أو
بإجراءات التحكيم أو استحالة تقديمه دفاعه لسبب آخر. (ج) مجاوزة الحكم في قضائه
حدود اتفاق أو شرط التحكيم. (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءاته لاتفاق
الطرفين أو القانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق. (هـ) صيرورة
الحكم غير ملزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه، أو تبين لقاضي التنفيذ - طبقا للفقرة
الثانية من المادة المشار إليها - أنه لا يجوز قانونا الالتجاء إلى التحكيم لتسوية
النزاع، أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن أحكام
المحكمين شأنها شأن أحكام القضاء، تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها، وتبقى
هذه الحجية طالما بقى قائما، ومن ثم لا يملك القاضي عند الأمر بتنفيذها التحقق من
عدالتها أو صحة قضائها في الموضوع، لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد.
5 - إذ كان دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي
بإخلال حكم التحكيم المطلوب تنفيذه "حكم المحكمين الأجنبي" بحقها في
الدفاع وإهداره مبدأ المواجهة لاستناده إلى تقارير الخبرة وشهادة الشهود التي تمت
في غيبتها بمعرفة هيئة تحكيم سابقة قضي يبطلان تشكيلها - وأيا كان وجه الرأي فيه -
لا يندرج ضمن أي من الحالات التي تسوغ إجابتها إلى طلب عدم تنفيذ الحكم أو تبرر
رفض القاضي لدعوى المطالبة بالتنفيذ.
6 - إذ خلص الحكم الابتدائي مؤيدا بالحكم
المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة (عدم اندراج إخلال حكم التحكيم بحق الطاعنة
في الدفاع ضمن أي من الحالات التي تسوغ إجابتها إلى طلب عدم تنفيذ الحكم)، فإن
تعييبه فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة - بشأن تطبيق اتفاقية
تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول الجامعة العربية على موضوع الدعوى - يكون غير
منتج، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما شاب تلك الأسباب من خطا دون أن تنقضه، وكان النعي
على النحو المتقدم لا يستند على أساس قانوني صحيح، فلا على الحكم المطعون فيه إن
لم يعرض لهذا الدفاع، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن مفاد
النص في المادة (10) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر
بالقانون رقم 27 لسنة 1994 تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما
قد ينشأ بينهم من نزاع تختص به المحاكم أصلا، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن
كان يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا
أنه ينبني مباشرة في كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين، كما أن المشرع لم يأت في
نصوص القوانين بما يمنع من أن يكون التحكيم في الخارج على يد أشخاص غير مصريين،
لأن حكمة تشريع التحكيم تتحصر في أن طرفي الخصومة يريدان بمحض إرادتهما واتفاقهما
تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو
بصلح يقبلان شروطه، فرضاء طرفي الخصومة ضروري إذ إن إرادة الخصوم هي التي تنشئ
التحكيم.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذ
كانت المادة 301 من قانون المرافعات - والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ
الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية - تقضي بأنه إذا وجدت معاهدة بين مصر وغيرها
من الدول بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية، فإنه يتعين إعمال أحكام هذه المعاهدات،
وكانت مصر قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام
المحكمين الأجنبية بقرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة اعتبارا من
8 من يونيه سنة 1959، ومن ثم فإنها تكون قانونا من قوانين الدولة واجبة التطبيق
ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكانت الاتفاقية المشار إليها
لم تتضمن نصا يقابل ما جرى به نص المادة 1/298 من قانون المرافعات من أنه لا يجوز
الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي
صدر فيها الحكم أو الأمر، فإنه لا على الحكم المطعون فيه عدم إعماله هذا النص.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذ
كان النص في المادة 1/5 (أ) من اتفاقية نيويورك سالفة البيان (الاعتراف بقرارات
التحكيم الأجنبية وتنفيذها) على أنه "لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء
على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في
البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على أن أطراف الاتفاق المنصوص عليه
في المادة الثانية ( أي اتفاق التحكيم ) كانوا طبقا للقانون الذي ينطبق عليهم
عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح وفقا للقانون الذي أخضعه له الأطراف
أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم"، يدل على أن
الاتفاقية افترضت في حكم المحكمين الأجنبي المطلوب تنفيذه في دولة القاضي صدوره
استنادا إلى اتفاق تحكيمي توفرت له مقومات وجوده وصحته، فأقامت بذلك قرينة قانونية
من شأنها نقل عبء إثبات كل أدعاء بانعدام هذا الاتفاق أو عدم صحته إلى عاتق من
يطلب تنفيذ الحكم ضده، وجعلت المرجع في ذلك - عدا الادعاء بانعدام أهلية أطرافه -
إلى القانون الذي اختاره الأطراف ليحكم اتفاقهم على التحكيم ذاته - أو ليحكم العقد
الأصلي الوارد اتفاق التحكيم في إطاره - أو إلى قانون البلد الذي صدر فيه الحكم
عند عدم وجود هذا الاختيار، وفقا لقاعدة إسناد موحدة دوليا تكفل لهذا القانون وحده
- دون غيره - الاختصاص بحكم الاتفاق التحكيمي في كل ما يتصل بالشروط الموضوعية
اللازمة لوجوده وصحته وترتيبه لآثاره - فيما خلا الأهلية -.
10 - إذ كان الثابت في الأوراق أن حكم
التحكيم المطلوب الأمر بتنفيذه صادر من هيئة تحكيم بناء على وثيقة تحكيم مؤرخة
24/7/1408 هجرية الموافق 12 من مارس سنة 1988 موقعة بين طرفيها تضمنت طلباتهما
وأسماء المحكمين، ونص في البند الثاني عشر منها على إخضاعها لنظام التحكيم السعودي
الصادر به المرسوم الملكي رقم 46/3 بتاريخ 12/7/1403 هجرية، وتم اعتماد وثيقة
التحكيم من الجهة القضائية المختصة في المملكة العربية السعودية، وأبدت الطاعنة دفاعها
أمام هيئة التحكيم، ثم طعنت في الحكم الصادر منها حتى أضحى نهائيا واجب النفاذ
وفقا للقانون السعودي، وهو لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب في مصر، وإذ
تمسكت الطاعنة بعدم جواز تنفيذ حكم المحكمين موضوع التداعي بمقولة بطلان وانعدام
وثيقة التحكيم وانعدام أهليتها وقت إبرامها وبطلان تشكيل هيئة التحكيم وعدم اختصاص
المحكمين ومخالفة إجراءات التحكيم لنظام التحكيم السعودي، بيد أنها لم تقدم الدليل
على انعدام أهليتها، كما لم تقدم الدليل على قانون نظام التحكيم السعودي المشار
إليه حتى تتبين المحكمة على هدى من قواعده مدى صحة هذا الادعاء وخلافا للأصل الذي
يفترض في حكم المحكمين الأجنبي صدوره استنادا إلى اتفاق تحكيمي تتوفر له مقومات
وجوده وصحته قانونا، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - وهو في
سبيله للتحقق من موجبات إصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين موضوع التداعي - قد خلص
إلى الاعتداد بوجود الاتفاق على التحكيم وصحة إجراءاته، فإنه يكون قد أصاب صحيح
القانون في نتيجته.
11 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا
يبطله (لا يبطل الحكم) مجرد القصور في الإفصاح عن سنده من القانون أو إغفال الرد
على دفاع قانوني للخصوم، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك،
كما لها أن تعطي الوقائع الثابتة فيه كيفها القانوني الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه
على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها.
---------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 2002 مدني شمال القاهرة
الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الأمر بتنفيذ حكم المحكمين الصادر من هيئة
التحكيم المنعقدة بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في القضية التحكيمية رقم
.../.../2 ق لعام 1413 هجرية بتاريخ 19 من رمضان سنة 1419 هجرية الموافق 6 من
يناير سنة 1999 ميلادية، والمعدل بالحكم الصادر من الدائرة التجارية التاسعة
بديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية في القضيتين رقمي ...،... لعام 1413
هجرية بتاريخ 29/8/1421 هجرية والقاضي بعد تعديله بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي
إلى المطعون ضده الأول مبلغ ثلاثين مليونا وثلاثمائة وواحد وثمانين ألفا وثمانمائة
وواحد وثمانين ريالا سعوديا وثمان وخمسين هللة ووضع الصيغة التنفيذية عليه، وقال
بيانا لذلك إنه تكونت بينه وبين الطاعنة شركة ذات مسئولية محدودة وفقا لنظام
الشركات السعودي، واتفق الطرفان بالبند 33 من عقد الشركة على إحالة أي خلاف بينهما
حول تفسير العقد أو تطبيقه إلى التحكيم، وإذ أساءت الطاعنة إدارة الشركة فالتجأ
إلى التحكيم وأصدرت هيئة التحكيم حكمها واستوفي طرق الطعن المقررة في القانون
السعودي وأضحى نهائية واجب النفاذ، ونظرا لما يستلزمه تنفيذ هذا الحكم على الطاعنة
وأموالها بمصر من استصدار امر بالتنفيذ وفق أحكام قانون المرافعات، فقد أقام
الدعوى للحكم بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 17 من نوفمبر سنة 2003 حكمت محكمة أول
درجة بإجابة المطعون ضده الأول لطلبه، استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة
استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي ... ، ... لسنة 7 ق، وبعد أن ضمت المحكمة
الاستئناف الثاني إلى الأول قضت بتاريخ 5 من فبراير سنة 2008 بتأييد الحكم
المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة
أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة -
حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدئ من النيابة والمطعون ضده الثالث بعدم قبول
الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما، فهو
في محله، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي أن يكون المطعون
عليه طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون
خصما حقيقيا وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو طلبات إليه وأنه بقي على منازعته
معه ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم لصالحه، كما وأنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا
من كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه وأن الخصم الذي لم يقض له
أو عليه بشيء لا يكون خصما حقيقيا ولا يقبل اختصامه في الطعن. لما كان ذلك،
وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهما الثاني والثالث قد تم
اختصامهما أمام درجتي التقاضي دون أن توجه إليهما أو منهما طلبات ولم يحكم لهما أو
عليهما بشيء، ومن ثم فإنه لا يقبل اختصامهما في الطعن بالنقض، ويكون الطعن بالنسبة
لهما غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبين تنعي الطاعنة بالأول منهما على الحكم
المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك
تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بعدم توفر شروط إصدار الأمر
بتنفيذ حكم التحكيم موضوع الدعوى طبقا للمادة الخامسة فقرة (1) ب من اتفاقية
نيويورك الخاصة بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها الواجبة التطبيق على موضوع
النزاع والتي انضمت إليها مصر وأصبحت تشريعا نافذا بموجب القرار بقانون رقم 171
لسنة 1959، وذلك للإخلال بحقها في الدفاع وإهدار مبدأ المواجهة لاستناد حكم
التحكيم المطلوب تنفيذه إلى تقارير الخبرة وشهادة الشهود والإجراءات التي تمت في
غيبتها بمعرفة هيئة تحكيم سابقة قضي ببطلان تشكيلها بمقتضي حكم محكمة تدقيق
القضايا بديوان المظالم بالسعودية، إلا أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تكييف دفاعها
القانوني بأن اعتبره منصبة على أسباب تؤدي إلى بطلان حكم التحكيم، فأعرض عن بحثه
وطبق اتفاقية تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول الجامعة العربية والتي انضمت إليها مصر
بالقانون رقم 29 لسنة 1954 - دون اتفاقية نيويورك - بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه لما كان مؤدي نص المادتين
الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين
الأجنبية - والتي انضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959 الصادر
بتاريخ 2 من فبراير سنة 1959 وأصبحت تشريعا نافذا بها اعتبارا من 8 من يونيه سنة
1959 - اعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها
طبقا لقواعد المرافعات المتبعة فيها والتي يحددها القانون الداخلي، ما لم يثبت
المحكوم ضده في دعوي تنفيذ حكم التحكيم توفر إحدى الحالات الخمس الواردة على سبيل
الحصر في المادة الخامسة فقرة أولى من الاتفاقية وهي: (أ) نقص أهلية أطراف اتفاق
التحكيم أو عدم صحة انعقاده. (ب) عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين المحكم أو
بإجراءات التحكيم أو استحالة تقديمه دفاعه لسبب أخر. (ج) مجاوزة الحكم في قضائه
حدود أتفاق أو شرط التحكيم. (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءاته لاتفاق
الطرفين أو لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق. (هـ) صيرورة
الحكم غير ملزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه، أو تبين لقاضي التنفيذ - طبقا للفقرة
الثانية من المادة المشار إليها - أنه لا يجوز قانون الالتجاء إلى التحكيم لتسوية
النزاع أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام، وكانت أحكام المحكمين شأنها شأن
أحكام القضاء، تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها، وتبقى هذه الحجية - وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة - طالما بقى قائما، ومن ثم لا يملك القاضي عند الأمر
بتنفيذها التحقق من عدالتها أو صحة قضائها في الموضوع، لأنه لا يعد هيئة استئنافية
في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي بإخلال حكم
التحكيم المطلوب تنفيذه بحقها في الدفاع وإهداره مبدأ المواجهة لاستناده إلى
تقارير الخبرة وشهادة الشهود التي تمت في غيبتها بمعرفة هيئة تحكيم سابقة قضي
ببطلان تشكيلها - وأيا كان وجه الرأي فيه - لا يندرج ضمن أي من الحالات التي تسوغ
إجابتها إلى طلب عدم تنفيذ الحكم أو تبرر رفض القاضي الدعوى المطالبة بالتنفيذ،
وإذ خلص الحكم الابتدائي مؤيدا بالحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة، فإن
تعييبه فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة - بشأن تطبيق اتفاقية
تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول الجامعة العربية على موضوع الدعوى - يكون غير
منتج، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما شاب تلك الأسباب من خطأ دون أن تنقضه، وكان النعي
على النحو المتقدم لا يستند على أساس قانوني صحيح فلا على الحكم المطعون فيه إن لم
يعرض لهذا الدفاع، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون
فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة
الاستئناف بأسباب من شأنها أن تؤدي إلى رفض الأمر بتنفيذ حكم التحكيم موضوع
الدعوى، وهي عدم جواز الأمر بتنفيذه لانعقاد الاختصاص النوعي والمكاني للقضاء
المصري، وبطلان وانعدام وثيقة التحكيم لعدم تمتع الشركة الطاعنة بأهلية التصرف
طبقا للقانونين السعودي والمصري وقت إبرامها، وعدم اختصاص المحكمين الذين أصدروا
حكم التحكيم، وبطلان تشكيل هيئة التحكيم لعدم تعيين المحكمين على الوجه الصحيح
قانونا طبقا لإرادة واتفاق الطرفين ومخالفة إجراءات التحكيم لنظام التحكيم
السعودي، ومخالفة حكم التحكيم للنظام العام في مصر لعدم تحرير وثيقة تحكيم جديدة
بعد إلغاء ديوان المظالم السعودي لوثيقة التحكيم الأولى، وأن الحكم المأمور
بتنفيذه يعتبر في شق منه صادرا من محكمة دولة أجنبية وليس حكم محكمين أجنبي بما
يمنع تنفيذه في مصر لاختصاص القضاء المصري بنظر موضوع النزاع عملا بالمادة 298 من
قانون المرافعات، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد على هذه الأسباب الجوهرية
التي ساقتها لرفض الأمر بالتنفيذ مكتفيا بالإحالة إلى حكم أول درجة والذي لم
يتناول بدوره الرد عليها، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في جملته غير سديد، ذلك بأن المادة (10) من قانون
التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 تنص على أن
"اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض
المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية
كانت أو غير عقدية"، ومفاد هذا النص تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى
التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع تختص به المحاكم أصلا، فاختصاص جهة التحكيم
بنظر النزاع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وان كان يرتكن أساسا إلى حكم
القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة في كل
حالة على حدة على اتفاق الطرفين، كما أن المشرع لم يأت في نصوص القوانين بما يمنع
من أن يكون التحكيم في الخارج على يد أشخاص غير مصريين، لأن حكمة تشريع التحكيم
تنحصر في أن طرفي الخصومة يريدان بمحض إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم
ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو بصلح يقبلان شروطه،
فرضاء طرفي الخصومة ضروري، إذ إن إرادة الخصوم هي التي تنشئ التحكيم، وكانت المادة
301 من قانون المرافعات - والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام
والأوامر والسندات الأجنبية - تقضي بأنه إذا وجدت معاهدة بين مصر وغيرها من الدول
بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية، فإنه يتعين إعمال أحكام هذه المعاهدات، وكانت مصر قد
انضمت إلى اتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين
الأجنبية بقرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة اعتبارا من 8 من
يونيه سنة 1959، ومن ثم فإنها تكون قانون من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو
تعارضت مع أحكام قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكانت الاتفاقية المشار إليها لم
تتضمن نصا يقابل ما جرى به نص المادة 1/298 من قانون المرافعات من أنه لا يجوز
الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي
صدر فيها الحكم أو الأمر فإنه لا على الحكم المطعون فيه عدم إعماله هذا النص، وإذ
كان النص في المادة 1/5 (أ) من اتفاقية نيويورك سالفة البيان على أنه "لا
يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا
قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل
على أن أطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية (أي اتفاق التحكيم) كانوا
طبقا لقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح وفقا
للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي
صدر فيه الحكم"، يدل على أن الاتفاقية افترضت في حكم المحكمين الأجنبي
المطلوب تنفيذه في دولة القاضي صدوره استنادا إلى اتفاق تحكيمي توفرت له مقومات
وجوده وصحته، فأقامت بذلك قرينة قانونية من شأنها نقل عبء إثبات كل ادعاء بانعدام
هذا الاتفاق أو عدم صحته إلى عاتق من يطلب تنفيذ الحكم ضده، وجعلت المرجع في ذلك -
عدا الادعاء بانعدام أهلية أطرافه - إلى القانون الذي اختاره الأطراف ليحكم
اتفاقهم على التحكيم ذاته - أو ليحكم العقد الأصلي الوارد اتفاق التحكيم في إطاره
- أو إلى قانون البلد الذي صدر فيه الحكم عند عدم وجود هذا الاختيار، وفقا لقاعدة
إسناد موحدة دوليا تكفل لهذا القانون وحده - دون غيره - الاختصاص بحكم الاتفاق
التحكيمي في كل ما يتصل بالشروط الموضوعية اللازمة لوجوده وصحته وترتيبه لأثاره -
فيما خلا الأهلية -. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن حكم التحكيم المطلوب
الأمر بتنفيذه صادر من هيئة تحكيم بناء على وثيقة تحكيم مؤرخة 24/7/1408 هجرية
الموافق 12 من مارس سنة 1988 موقعة بين طرفيها تضمنت طلباتهما وأسماء المحكمين،
ونص في البند الثاني عشر منها على إخضاعها لنظام التحكيم السعودي الصادر به
المرسوم الملكي رقم 46/3 بتاريخ 12/7/1403 هجرية، وتم اعتماد وثيقة التحكيم من
الجهة القضائية المختصة في المملكة العربية السعودية، وأبدت الطاعنة دفاعها أمام
هيئة التحكيم، ثم طعنت في الحكم الصادر منها حتى أضحى نهائيا واجب النفاذ وفقا
للقانون السعودي، وهو لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب في مصر، واذ تمسكت
الطاعنة بعدم جواز تنفيذ حكم المحكمين موضوع التداعي بمقولة بطلان وانعدام وثيقة
التحكيم وانعدام أهليتها وقت إبرامها وبطلان تشكيل هيئة التحكيم وعدم اختصاص
المحكمين ومخالفة إجراءات التحكيم لنظام التحكيم السعودي، بيد أنها لم تقدم الدليل
على انعدام أهليتها، كما لم تقدم الدليل على قانون نظام التحكيم السعودي المشار
إليه حتى تتبين المحكمة على هدى من قواعده مدي صحة هذا الادعاء وخلافا للأصل الذي
يفترض في حكم المحكمين الأجنبي صدوره استنادا إلى اتفاق تحكيمي تتوفر له مقومات
وجوده وصحته قانونا، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - وهو في
سبيله للتحقق من موجبات إصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين موضوع التداعي - قد خلص
إلى الاعتداد بوجود الاتفاق على التحكيم وصحة إجراءاته، فإنه يكون قد أصاب صحيح
القانون في نتيجته، ولا يبطله مجرد القصور في الإفصاح عن سنده من القانون أو إغفال
الرد على دفاع قانوني للخصوم، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من
ذلك، كما لها أن تعطي الوقائع الثابتة فيه كيفها القانوني الصحيح ما دامت لا تعتمد
فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها، ويكون النعي بما ورد بهذا السبب على غير
أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق