الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 21 مايو 2022

المذكرة الإيضاحية لقانون الأحزاب السياسية 40 لسنة 1977

اللجنة التشريعية بمجلس الشعب

مذكرة إيضاحية

للاقتراح بمشروع قانون بنظام الأحزاب السياسية

(القانون رقم 40 لسنة 1977)

- أعلنت ثورة 23 يوليو سنة 1952 ضمن مبادئها الستة مبدأ إقامة حياة ديمقراطية سليمة في البلاد، ثم صدر في 9 من سبتمبر سنة 1952 المرسوم بقانون بتنظيم الأحزاب السياسية لإتاحة الفرصة للأحزاب السياسية التي كان موجودة قبل الثورة، لتنظيم نفسها وتطهير صفوفها بما يزيل العيوب والمساوئ التي نشأت عن تعددها، ثم صدر إثر ذلك في 10 من ديسمبر سنة 1952 الإعلان الدستوري بإسقاط دستور سنة 1923، وصدر في 13 من يناير سنة 1953 مرسوم بتشكيل لجنة الخمسين لوضع دستور جديد يتفق وأهداف الثورة، وفى 17 من يناير سنة 1953 أصدر القائد العام للقوات المسلحة بصفته رئيسا لحركة الجيش إعلانا دستوريا بإعلان فترة انتقال لمدة ثلاث سنوات حتى تتمكن الثورة من إقامة حكم ديمقراطي دستوري سليم مع حل الأحزاب السياسية من هذا التاريخ، ومصادرة جميع أموالها لصالح الشعب حفاظا على الوحدة الوطنية في مواجهة الغاصب الأجنبى ولمنع التأثير الأجنبي على الحياة السياسية الوطنية من خلال التحالف أو الاتصال بين الأحزاب والدول الأجنبية. وعقب هذا الإعلان الدستوري صدر المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953 في شأن حل الأحزاب السياسية، في أيلولة أموالها إلى الشعب متضمنا حظر ممارسة أى نوع من النشاط الحزبى على أعضاء هذه الأحزاب المنحلة، وتحريم تقديم أية مساعدة لهؤلاء الأشخاص في سبيل قيامهم بمثل هذا النشاط كما قضى هذا المرسوم بقانون بحظر تكوين أية أحزاب سياسية جديدة وإلغاء المرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب السياسية.

وفى 10 فبراير من سنة 1953 صدر إعلان دستوري تضمن المبادئ الأساسية للحكم في المرحلة الانتقالية المؤقتة السابق إعلانها، وصدر كذلك المرسوم بقانون بشأن التدابير المتخذة لحماية حركة 23 يوليو سنة 1952 والنظام القائم عليها، وقد قضت أحكامه باعتبار كل تدبير اتخذ خلال سنة من 23 من يوليو سنة 1952 بقصد حماية هذه الحركة والنظام القائم عليها من أعمال السيادة.

وصدر إثر إلغاء الأحزاب السياسية النظام الأساسى لهيئة التحرير وكانت طبقا لنظامها الأساسي تجمعا شعبيا وطنيا هدفه توحيد جهود المواطنين بكافة طوائفهم وفئاتهم ونزعاتهم لتحقيق الهدف الأول من أهداف الثورة وهو إجلاء المستعمر عن البلاد واستمرت هذه الهيئة وفقا لهذا النظام الذي وضع داخليا وتنظيميا تؤدى دورها حتى صدر دستور يناير سنة 1956 حيث نص في أحكامه الانتقالية والختامية على أن يكون المواطنون اتحادا قوميا للعمل على تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة ولحث الجهود لبناء الأمة بناء من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية..." وقد منح هذا الاتحاد الاختصاص في الترشيح لعضوية مجلس الأمة وترك الدستور أمر تنظيمه وتكوينه لقرار يصدر من رئيس الجمهورية. وبعد قيام الوحدة مع سوريا صدر الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة سنة 1958 وتتضمن نص المادة (72) منه الذي قضى بأن يكون المواطنون في إقليمى الجمهورية اتحادا قوميا للعمل على تحقيق الأهداف القومية، ولحث الجهود لبناء الأمة بناء سليما من النواحى السياسية والاجتماعية والاقتصادية على أن تحدد طريقة تكوين هذا الاتحاد بقرار من رئيس الجمهورية، وبعد إعلان الميثاق سنة 1962 نص في المادة (3) من دستور سنة 1964 على أن الوحدة الوطنية التي يصنعها تحالف قوى الشعب العاملة الممثلة للشعب العامل وهى الفلاحون والعمال والجنود والمثقفون والرأسمالية الوطنية هى التي تقيم الاتحاد الاشتراكى العربى ليكون السلطة الممثلة للشعب والدافعة لإمكانات الثورة والحراسة على قيم الديمقراطية السليمة". - ولم يتضمن هذا الدستور تحديد السلطة التي تملك إصدار القواعد المنظمة لهذا الاتحاد وقد انتهى - بصدور دستور سنة 1964 - العمل بالدستور المؤقت الصادر في 5 من مارس 1958 وبالإعلان الدستورى بشأن التنظيم السياسى لسلطات الدولة العليا الصادر في 27 من سبتمبر سنة 1962 (م 169 من دستور سنة 1964).

وبعد هزيمة يوليو سنة 1967 صدر بيان 30 مارس سنة 1968 مبينا أن من أسباب الهزيمة الرئيسية إهدار سيادة القانون وانعدام الديمقراطية في ظل سيطرة مراكز القوى على الاتحاد الاشتراكى العربى وعلى السلطة في البلاد.

وبعد تفجر ثورة التصحيح في 15 مايو سنة 1971 بإزاحة مراكز القوى المتسلطة على الشعب، بدأ الإعداد لإتمام التصحيح الكامل لمسار ثورة 23 يوليو سنة 1952 وبصفة خاصة وضع مبدئها السادس وهو إقامة الحياة الديمقراطية السليمة موضع التطبيق والتنفيذ الفعلى وبدأ الإعداد لوضع الدستور الدائم.

ثم صدر دستور ثورة التصحيح بعد موافقة الشعب عليه في الاستفتاء العام في 11 من سبتمبر سنة 1971 متضمنا في المادة الأولى منه تحديد نظام الدولة، وفى المادة الثالثة مقررا أن السيادة للشعب وهو وحدة مصدر السلطات، وفى المادة الخامسة مقررا وجود الاتحاد الاشتراكى العربى والمبادئ الأساسية التي تنظمه، وفى المادة (55) مقررا حق المواطنين في إنشاء الجمعيات وفى حظر ما يكون منها سريا أو ذا طابع عسكرى أو معاد لنظام الدولة.

ومضت خطوات ثورة التصحيح لتطوير النظام السياسى والتنظيم السياسى على نحو يكفل تحقيق الديمقراطية السليمة، ثم تقدم قائد ثورة التصحيح بورقة أكتوبر في أبريل سنة 1974، وهى التي وافق عليها الشعب في استفتاء مايو سنة 1974 وقد نص في ورقة (1) أكتوبر على أنه" قد كان الاتحاد الاشتراكى العربى وما يزال التنظيم السياسى الذي تتحقق من خلاله الديمقراطية السليمة، وقد كان لابد لتصحيح مسار لتصحيح مسار ثورة 23 يوليو سنة 1952 أن يشعر كل مواطن أنه مسئول عن أقدار بلاده بقدر مسئولية سواه وأن قضاياه الأساسى تناقش أمامه علانية وأنه لا توجد وصاية تمارس عليه في الخفاء.

لهذا لم تقف حركة التصحيح عند حد تنحية مراكز القوى عن الطريق ولكنها انطلقت إلى تحقيق جوهرها الأهم بالعمل على إرساء سيادة القانون وإعزاز كلمة القضاء وإقامة دولة المؤسسات، ووضع الضوابط التي يعرف المواطن من خلالها حقوقه وواجباته بوضوح ويمارسها في طمأنينة".

- واستطردت ورقة أكتوبر مؤكدة أن الديمقراطية ليست مجرد نصوص ولكنها ممارسة عملية ويومية، وأن الديمقراطية لا تمارس في فراغ بل لابد من إطارات تتحدد من خلالها الاتجاهات التي تخص أمور الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وأن الوحدة الوطنية تخالف قوى الشعب العاملة هو إطار الحياة السياسية الديمقراطية السليمة، وفى ذلك تنص الورقة على أنه "لقد ارتضى الشعب نظام تخالف قوى الشعب العاملة إطارا لحياته السياسية، وإننا في معركة البناء والتقدم لأحوج ما نكون لهذا التجمع ومن ثم فإننا نرفض الدعوة إلى تفتيت الوحدة الوطنية بشكل مصطنع عن طريق تكوين الأحزاب بلا ضابط ولا قاعدة، ولكننا لا نقبل نظرية الحزب الواحد الذي يفرض وصايته على الجماهير ويصادر حرية الرأى ويحرم الشعب عمليا من ممارسة حريته السياسية.

ولهذا فإننا نحرص على أن يكون التحالف إطارا صحيحا للوحدة الوطنية تعبر من داخله كل قوى التحالف عن مصالحها المشروعة وعن آرائها بحيث تتضح الاتجاهات التي تحظى بتأييد الأغلبية والتى يجب أن تتبناها الدولة.

إن التنظيم السياسى يجب أن يكون بؤرة للحوار تنصهر فيها الأفكار المتعارضة وتتبلور الاتجاهات التي تعبر بحق عما تريده القاعدة الشعبية العريضة".

وبعد ذلك واثر إصرار الجماهير على صيغة تحالف قوى الشعب العاملة منذ الميثاق الوطنى وفى استفتاء بيان 30 مارس سنة 1968 وفى الاستفتاء الذي أجرى على ورقة أكتوبر سنة 1974

فقد أبرزت ورقة تطوير الاتحاد الاشتراكى العربى في أغسطس سنة 1974 بصفة رئيسية المبادئ الآتية:

(أولا) إن الاتحاد الاشتراكى حسبما نص عليه الدستور في المادة (5) منه جوهر وشكل - أمام الجوهر فهو تحالف قوى الشعب العاملة أما الشكل فهو البنيان الهيكلى للاتحاد أو تنظيم هيكله السياسى وتنظيماته المختلفة من لجان أساسية إلى مؤتمرات حسب قانونه الأساسى، وأن عيوب التنظيم السياسى ليست في جوهره المتمثل في صيغة تحالف قوى الشعب العاملة ولكن في بنيانه التنظيمى، وهذا الشكل التنظيمى يجب إزاء ذلك طرحه للمناقشة للتوصل إلى جعله بوتقة تنصهر فيها الأفكار المتعارضة وتتبلور الاتجاهات التي تعبر بحق عما تريده القاعدة الشعبية العريضة.

(ثانيا) حتمية الحفاظ على الوحدة الوطنية من خلال صيغة التحالف إذ أن البلاد التي عانت طويلا من الاستعمار وأعوانه من القوى الرجعية تجتمع فيها الغالبية العظمى من المواطنين رغم اختلاف طبقاتهم وفئاتهم الاجتماعية على هدف أساسى هو تحرير البلاد وتطويرها ولذا تكون الوحدة الوطنية إطارا حتميا لنجاح العمل الوطنى.

وأن هدف الثورة الوطنية الحقيقى لا يتحقق إلا ببلوغ الاستقلال السياسى والاقتصادى بها فهى لا تنجز مهمتها إلا بعد تصفية التخلف والوصول إلى مستوى الدول المتقدمة، وطوال مرحلة البناء والتقدم لابد من الحفاظ على الوحدة الوطنية.

وأن طريق التقدم والتنمية في عالم اليوم وفى ظروف شعب كثير العدد محدود الموارد الطبيعية مثل الشعب المصرى ويناضل من أجل التنمية ومصمم على السعى لرسم معالم الطريق الاشتراكى من وحى الواقع المصرى مستلهما قيم المجتمع الروحية والأخلاقية التي تمجد التكافل الاجتماعى، وترفض الاستغلال وتنبذ الأنانية والحقد، بغرض التمسك بالوحدة الوطنية فإنه لهذا كله فإن صورة الوحدة الوطنية التي تلائم هذه المرحلة من العمل الوطنى هى صورة تحالف قوى الشعب العاملة، التي تعمل على زيادة الإنتاج وترفض التبعية والخضوع للقوى الأجنبية والاستغلال. فتحالف قوى الشعب العاملة ليس وليد الفكر المجرد وحده ولكنه نابع من واقع الحياة المصرية وضرورات أهدافها القومية، وحتمية ما تقتضيه ضرورات التنمية والتقدم السياسى والاقتصادى للاتجاهات المختلفة التي يجب كفالة كل الحرية لها للتعبير عن نفسها.

(ثالثا) إن الوحدة الوطنية لا تعنى اختلاف المصالح بين قوى التحالف كما لا تعنى صب المواطنين في قالب فكرى واحد بحيث لا يختلف اثنان في الرأى، وإنكار هذه الحقائق الموضوعية لا يدعم الوحدة الوطنية وإنما ينسفها نسفا، ولذا فإنه يتعين التسليم بأمور ثلاثة.

1 - إن هناك مصالح وطنية يتعين تغليبها على غيرها والعمل على تحقيق الإجماع والوحدة حولها.

2 - إن القوى المختلفة التي تكون التحالف تقر بما بينها من اختلاف في المصالح قد يصل إلى حد التعارض بينها، ولكنها تجمع على أمر جوهرى هو التزامها بمعالجة كل الاختلافات وحل كل المتناقضات بالطرق السلمية وفى إطار صيانة مبدأ التحالف، وعلى أساس احترام الديمقراطية السياسية داخل هذا التحالف، فهذا هو الأسلوب الرشيد للاجتهاد في بحث الحلول الكفيلة بتحقيق المصالح المشتركة، والمواجهة الصحيحة للمصالح المتعارضة.

ونجاح مفهوم التحالف في التطبيق، رهن بالارتباط الوثيق بالجماهير والتمسك بحقها الأساسى في الديمقراطية.

3 - إن الحفاظ على نسبة الـ 50% المقررة للعمال والفلاحين في مجلس الشعب، وفى تنظيمات الاتحاد الاشتراكى العربى، وفى كافة المجالس الشعبية والمحلية، تطبيق صادق للديمقراطية، لأن الفلاحين والعمال يمثلون عدديا النسبة الكبرى من السكان، وهو ضرورة اجتماعية يمليها الحرص على الوحدة الوطنية وحماية البلاد من الصراع الطبقى والدموى العنيف.

(رابعا) إنه إذا كان جوهر تحالف قوى الشعب العاملة ومفهومه أمر لا خلاف على حتميته وضرورته، فإنه يجب أن تحدد في موضوعية وصراحة مواطن الخطأ ونواحى القصور في ممارسة التحالف عن طريق التنظيمات المتتالية للاتحاد الاشتراكى العربى، للكشف عن أشكال التنظيم وأساليب العمل السياسى، التي تجعل من هذا الاتحاد تحالفا حقيقا يرتكز عليه النظام السياسى للبلاد ويجعله أداة صادقة للتعمير عن الإدارة الحرة للجماهير.

وقد طرحت ورقة تطوير الاتحاد الاشتراكى العربى المقترحات التي رأت أنها تطور الاتحاد الاشتراكى وتعمل على تنشيطه.

واستمرارا في طريق التقدم نحو دعم الممارسة الديموقراطية ودولة المؤسسات والحرية وسيادة القانون، ورغبة في تعميق هذه الممارسة وتوسيع نطاقها، فقد شكلت لجنة مستقبل العمل السياسى يقصد دراسة كيفية دعم الممارسة الديموقراطية على ضوء المتغيرات التي صاحبت ثورة التصحيح في 15 من مايو سنة 1971 ونظرا لما برز في مناقشات اللجنة من وجود أربعة اتجاهات رئيسية بين أعضائها فقد شكلت اللجنة في 2 من مارس سنة 1976 أربع لجان فرعية لإعداد وجهة نظر كل منها بالنسبة للاتجاه الذي تؤيده في تنظيم الممارسة الديمقراطية لعرضه على اللجنة وقد أعدت اللجان الفرعية تقاريرها وتم عرضها على اللجنة وقد تمثلت هذه الاتجاهات الأربعة فيما يلى:

الاتجاه الأول - المنابر الثابتة داخل الاتحاد:

ويذهب إلى تطوير الاتحاد الاشتراكى العربى بإقامة منابر ثابتة داخلة باعتبار أن الاتحاد هو الصيغة الملائمة لتجسيد تحالف قوى الشعب العاملة في المرحلة التي تجتازها البلاد.

وقد حظى هذا الاتجاه بموافقة أغلبية اللجنة:

الاتجاه الثانى - المنابر المتحركة داخل الاتحاد:

يرى الإبقاء على الاتحاد الاشتراكى العربى بصورته الحالية مع إعطائه الفاعلية، وإقامة منابر متحركة داخله، وذلك باعتبار أن الاتحاد الاشتراكى العربى هو التجسيد السليم لتحالف قوى الشعب العاملة.

الاتجاه الثالث - الاتحاد حزب سياسى تنشأ معه أحزاب أخرى:

ويذهب إلى إقامة الأحزاب على أن يتحول الاتحاد الاشتراكى كحزب سياسى للثورة يلتزم بمواثيقها وأهدافها وتقوم خارجه أحزاب أخرى متساوية معها في الحقوق والواجبات ويضمها جميعا تحالف وطنى يلتزم بمبادئ الدستور.

الاتجاه الرابع - المنابر داخل وخارج الاتحاد:

وقد ذهب إلى إقامة منابر داخل الاتحاد الاشتراكى العربى وخارجه تكون نواة لقيام الأحزاب مستقبلا.

وقد تشكلت المنابر أو التنظيمات الثلاثة القائمة ودخلت معركة الانتخابات الأخيرة على استقلال.

ثم صدر القرار بقانون رقم (2) لسنة 1977 الذي وافق عليه الشعب في الاستفتاء، ويقضى في المادة الأولى منه بأن للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية طبقا للقانون الذي يصدر في هذا الشأن وقد اقتضى هذا التطور وبصفة خاصة تحويل هذه المنابر أو التنظيمات إلى أحزاب ضرورية دراسة المسائل الدستورية والتشريعية المتعلقة بتنظيمها على هذا النحو ودراسة تنظيم الاتحاد الاشتراكى العربى واتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة في هذا الشأن.

انطلاقا من كل ما سبق فإن تنظيم الأحزاب السياسية في المشروع اقتضى بحث الثلاثة المسائل الدستورية الأساسية الآتية:

(أولا) دستورية قيام الأحزاب السياسية:

أى بحث مدى اتفاق تشكيل الأحزاب مع نصوص الدستور وبصفة خاصة نص المادة الخامسة منه.

(ثانيا) الأداة التشريعية التي ينظم بها الاتحاد الاشتراكى العربى:

والمقصود بذلك هل يصدر النظام الأساسى له بقانون من السلطة التشريعية أم إن ذلك التنظيم يمكن دستوريا أن يصدر كلائحة أساسية من الاتحاد الاشتراكى ذاته أو من رئيسه.

(ثالثا) القواعد الدستورية والأساسية التي يخضع لها تنظيم الأحزاب السياسية:

من حيث تأسيسها وعضويتها وتمويلها ونشاطها وانقضائها وعلاقتها بالاتحاد الاشتراكى العربى.

دستورية قيام الأحزاب السياسية:

تقصى المادة الأولى من الدستور بأن "جمهورية مصر العربية نظامها ديمقراطى واشتراكى ويقوم على تحالف قوى الشعب العاملة.. الخ" كما تقضى المادة الثالثة بأن" السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور"

وتقضى المادة (55) من الدستور بأن "للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون، ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام المجتمع أو سريا أو ذا طابع عسكرى".

وتنص المادة الخامسة من الدستور على أن "الاتحاد الاشتراكى هو التنظيم السياسى الذي يمثل بتنظيماته القائمة على أساس مبدأ الديمقراطية، تحالف قوى الشعب العاملة الفلاحين، والعمال، والجنود، والمثقفين، والرأسمالية الوطنية.

وهو أداة هذا التحالف، في تعميق قيم الديمقراطية والاشتراكية وفى متابعة العمل الوطنى في مختلف مجالاته، ودفع هذا العمل الوطنى إلى أهدافه المرسومة.

ويؤكد الاتحاد الاشتراكى العربى سلطة تحالف قوى الشعب العاملة عن طريق العمل السياسى الذي تباشره تنظيماته بين الجماهير، وفى مختلف الأجهزة التي تضطلع بمسئوليات العمل الوطنى.

ويبين النظام الأساسى للاتحاد الاشتراكى العربى شروط العضوية فيه وتنظيماته المختلفة، وضمان ممارسة نشاطه بالاسلوب الديمقراطى، على أن يمثل العمال والفلاحون في هذه التنظيمات بنسبة خمسين في المائة على الأقل".

ويبين من نص المادة (5) من الدستور ومن باقى النصوص الدستورية سالفة الذكر أنها تقرر المبادئ والقواعد الدستورية التالية:

(أولا) الاتحاد الاشتراكى تنظيم سياسى شعبى يمثل تحالف قوى الشعب العاملة، وهو أداة هذا التحالف ووسيلة تأكيد سلطته من خلال تنظيماته بين الجماهير.

(ثانيا) يستهدف الاتحاد الاشتراكى العربى، تعميق قيم الديمقراطية والاشتراكية، ومتابعة العمل الوطنى لدفعه إلى أهدافه القومية المرسومة.

(ثالثا) أن الاتحاد الاشتراكى العربى ليس بنص الدستور التنظيم السياسى الوحيد في مصر.

(رابعا) أن التنظيمات السياسية - التي يؤدى الاتحاد الاشتراكى العربى مهمته ويحقق أهدافه من خلالها، أو بالتعاون معها - ليس مقررا لها بنص الدستور حتمية وجودها في شكل معين، ومن ثم فلا يوجد شكل دستورى محدد لها يتعين التزامه سوى الشكل الذي تفرضه حتمية مراعاة المبادئ الأساسية التي قررها نص المادة (5) من الدستور.

(خامسا) ضرورة وضع القواعد المتعلقة بتنظيمات الاتحاد الاشتراكى العربى في نظامه الأساسى بحيث تراعى المبادئ السابقة والأسس التالية:

( أ ) قيامها على أساس المبدأ الديمقراطى وممارسة نشاطها بالأسلوب الديمقراطى.

(ب) تمثيل العمال والفلاحين بنسبة 50% في هذه التنظيمات على الأقل.

(سادسا) أن نص المادة (55) من الدستور المتعلق بحق تكوين الجمعيات؛ وإن كان يقرر المبدأ الدستورى عن حق المصريين في تكوين نوع من الجمعيات، بما في ذلك الجمعيات السياسية إلا أنه لا يمكن مباشرة هذا الحق إلا بصدور القانون الذي ينظم كل نوع من أنواع هذه الجمعيات وبالنسبة للأحزاب كجمعيات سياسية، فإنه يتعين صدور القانون المنظم للاحزاب السياسية، حتى يمكن مباشرة الحق الدستورى الذي تضمنه النص طبقا للقواعد التي يبينها هذا القانون.

وأساس ذلك ما يلى:

( أ ) أن الحزب السياسى لا يعدو كونه، جماعة منظمة أو جمعية منظمة أو تنظيما لمجموعة من المواطنين يعملون كوحدة سياسية، لتجميع الناخبين والحصول على تأييدهم لأهداف وبرامج تتعلق بالشئون السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية العامة، وصولا إلى الحصول على ثقة أغلبية الناخبين، وبالتالى على السلطة بشكل شرعى لوضع هذه الأهداف والبرامج موضع التنفيذ. وبناء على أنه من المسلمات في الفقه الدستورى المصرى والمقارن ومن استقراء الدساتير المصرية السابقة ودساتير دول العالم على اختلاف نظمها واتجاهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية أن حق تكوين الأحزاب السياسية يعد حقا من الحقوق الدستورية العامة المتفرعة على حق تكوين الجمعيات أو الجماعات ما دام أن الدستور لا يخصص هذا الحق بنوع معيين أو محدد منها ولا يحظر بالذات تكوين هذا النوع من الجمعيات السياسية بنص صريح يحظر فيه تشكيل الأحزاب السياسية أو يفرض فيه نظام الحزب الواحد.

كما أنه من المسلمات في هذا الفقه، أن حق تكوين الجمعيات وبينها الأحزاب السياسية ينبثق عن الحقوق والحريات العامة التي تقررها الدساتير الديمقراطية بصفة أساسية وهى حق الانتخاب والترشيح والاستفتاء وحرية الاجتماع وابداء الرأى والعقيدة السياسية بوسائل الاعلام المختلفة باعتبارها حقوقا وحريات حتمية يتعين الاعتراف بها نتيجة التسليم بالسيادة للشعب وهى كذلك يترتب على التسليم بها حتما التسليم بحق التجمع السياسى وفى صورة الأحزاب.

(ب) أن الفقرة الأولى من المادة (55) من الدستورى قررت الحق للمصريين في تكوين الجمعيات طبقا للقانون - وفى ذات الوقت حظرت فقرتها الثانية تكوين الجمعيات ذات النشاط المعادى لنظام المجتمع، أو الجمعيات السرية، أو ذات الطابع العسكرى، ولم يكن ثمة مبرر للنص في هذه الفقرة الثانية على هذا الحظر لهذا النوع من الجمعيات، وهى بالضرورة جمعيات سياسية، إلا لو كان تعبير الجمعيات في الفقرة الأولى من النص مقصودا به كل أنواع الجمعيات، وبينها الجمعيات السياسية أو الأحزاب السياسية.

يؤكد ذلك أنه قد كان النص الذي عرض (2) في الأعمال التحضيرية للدستور الحالى للمادة (55) يقتضى بأن "للمواطنين حق تكوين الجمعيات بقصد تنمية النشاط السياسى والاجتماعى والاقتصادى والثقافى لقوى الشعب العاملة.

والجمعيات السرية محظورة وكذلك الجمعيات التي تسعى ولو بطريق غير مباشر إلى أهداف سياسية عن طريق تشكيلات ذات طابع عسكرى".

وقد عدلت صياغة هذه المادة على النحو الوارد في الدستور ولم يطرأ على عبارات النص ما يغير المعنى المقصود بعباراته في فقرتيه الأولى والثانية، إذ أن ارتباط هاتين الفقرتين يحتم فهم حكم المادة في صياغتها الأخيرة بما يشمل الأحزاب السياسية. ولكن ما أضيف إلى الفقرة الأولى من أن ممارسة حق تكوين الجمعيات يكون طبقا للقانون - هو الذي جعل هذا الحق معلقا على صدور القوانين التي تنظم الأنواع المختلفة منها، وبيانها قانون الأحزاب السياسية ويقتضى اشتراط الفقرة الأولى من المادة (55) من الدستور - صدور القانون المنظم للأحزاب السياسية لقيامها - إن المشرع الدستورى قد ترك أمر تقدير ملاءمة صدور هذا القانون للمشرع العادى فما لم يصدر قانون بنظام الأحزاب السياسية فإنه لا يمكن دستوريا قيام هذه الأحزاب.

ومن ثم فإن حق المصريين في تكوين الأحزاب السياسية يقوم مستمدا بصورة صريحة من المادة (55) من الدستور التي تقرر حق المصريين في تكوين الجمعيات، وبصورة ضمنية وحتمية من نظام الدولة الذي يقوم في الدستور على الديموقراطية وتحالف قوى الشعب العاملة وأن السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات ويحميها ويحمى الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور، ومن باقى نصوص الدستور التي تقرر الحقوق والحريات والواجبات العامة وبصفة خاصة حرية الرأى (م 48) وحرية الاجتماع والتظاهر (م 54) وحق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى في الاستفتاء والمساهمة في الحياة العامة (م 62) وحق الهيئات النظامية والأشخاص الاعتبارية في مخاطبة السلطات العامة باسم الجماعات المختلفة (م 63).

إلا أن مباشرة الحق الدستورى في تكوين الجمعيات بكافة أنواعها لا يمكن ممارسته إلا لو صدرت القوانين المنظمة لكل نوع منها وبالنسبة للجمعية السياسية أو الحزب السياسى فإنه يتعين طبقا لنص الدستور لممارسة حق قيامها أن يصدر القانون المنظم لها بما يتفق وأحكام هذا الدستور وبخاصة المادة (5) منه وبمراعاة المبادئ الأساسية التي قررتها بالنسبة للاتحاد الاشتراكى العربى وصيغة تحالف قوى الشعب العاملة وأهداف هذا الاتحاد والأسس الجوهرية لتنظيمه على أساس الديموقراطية وحماية نسبة الـ 50% المقررة للعمال والفلاحين في داخله.

(جـ) أن العرف الدستورى قد جرى في مصر باستقرار ودون شبهة على التسليم بحق المصريين في تكوين الأحزاب السياسية حتى في ظل الدساتير التي صدرت خلال فترة الاحتلال والإدارة المباشرة من السلطة المحتلة لشئون البلاد وفى ظل دستورى سنة 1923، 1930 - ولم يتغير هذا المبدأ بعد الثورة من الناحية الدستورية وإنما حدث التغيير من الناحية القانونية - إذ أنه صدر في ظل مبادئها الستة المرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 بشأن تنظيم الأحزاب السياسية، فأصبح لا يمكن مباشرة الحق الدستورى إلا في نطاقه ثم صدر المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953 الذي قرر صراحة حل الأحزاب القائمة، وحظر تشكيل الأحزاب السياسية أو ممارسة أى نشاط حزبى، ولم يرد في أى من الدساتير التي صدرت بعد الثورة في السنوات سنة 1956، سنة 1958، سنة 1964، ولا في دستور سنة 1971 - كما سبق القول - أى نص على أن الاتحاد الاشتراكى العربى هو التنظيم السياسى الوحيد في البلاد، ولا أى نص على حظر تكوين الأحزاب السياسية، بل رددت كل هذه الدساتير النص على حق المصريين في تكوين الجمعيات للقانون الذي يصدر بتنظيمها.

(د) إن العرف التشريعى بعد الثورة سواء قبل سنة 1971 وما بعدها قد جرى على أن الحائل دون قيام الأحزاب ليس حائلا دستوريا ولكنه حائل قانونى يتمثل فى:

(أولا) أحكام المرسوم بقانون رسم 37 لسنة 1953 بشأن حل الأحزاب السياسية.

(ثانيا) عدم صدور قانون منظم لهذه الأحزاب السياسية باعتبارها نوعا من الجمعيات التي لا يمكن مباشرة الحق في إنشائها وتكوينها إلا طبقا للقانون - وذلك بعد إلغاء القانون رقم 179 لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب السياسية.

(ثالثا) صدور القانون رقم 34 لسنة 1972 بحظر تكوين أية تنظيمات خارج الاتحاد الاشتراكى العربى والنص على أنه التنظيم السياسى الوحيد في البلاد.

يؤكد ما سبق أنه قد صدر هذا القانون مقررا ذلك تأسيسا على أنه رغم حل الاحزاب السياسية وحظر تكوينها بالمرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953 مع عدم ورود نص صريح في الدستور أو في أى قانون أو وثيقة سياسية على كون الاتحاد الاشتراكى هو التنظيم السياسى الوحيد، فإنه حماية لمقتضيات الوحدة الوطنية وسلامة الجبهة الداخلية يتعين النص على ذلك بقانون وهو ما قررته المادة الثانية في قانون حماية الوحدة الوطنية المذكور التي تقضى بأن:

"الاتحاد الاشتراكى العربى هو التنظيم السياسى الوحيد المعبر عن تحالف قوى الشعب العاملة.

وهو يكفل أوسع مدى للمناقشة الحرة داخل تشكيلاته والتنظيمات الجماهيرية المرتبطة به.

ولا يجوز إنشاء تنظيمات سياسية (3) خارج الاتحاد الاشتراكى العربى أو منظمات جماهيرية أخرى خارج المنظمات الجماهيرية التي تشكل طبقا للقانون"

وقد بررت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أحكامه، بأن الوحدة الوطنية، تعنى حشد كل الطاقات في مجرى واحد نحو هدف واحد فانها يجب أن تقف على أرضية مشتركة من المصالح القومية التي لا نزاع فيها فناك مصالح موحدة ذات وزن قومى شامل ولا خلاف عليها بين مختلف قوى التحالف، وفى مقدمتها تحرير الأرض واستمرار التطور على الطريق الاشتراكى والانتماء المصيرى للأمة العربية - كما أن هناك مصالح خاصة لكل قوى اجتماعية، ويجب تحديدها بحيث لا تتعارض مع المصالح القومية الموحدة، وبحيث تسمح الإمكانيات المتاحة والظروف الراهنة بتحقيقها، دون أن يترتب على ذلك انحراف عن طريق للتحول الاشتراكى والديمقراطى السليم.

وعلى هذا فان كل مواطن، وكل هيئة، أو جهة، أو طائفة، أو فئة، مطالبة بأن تراعى ذلك في تصرفاتها، وأن يكون سلوكها متفقا مع تحديد الأرضية المشتركة التي تقف عليها وحدتنا الوطنية.

واستطردت المذكرة إلى أنه ما دام الاتحاد الاشتراكى العربى هو التنظيم السياسى الوحيد الذي يعبر عن تحالف قوى الشعب العاملة، أى عن وحدته الوطنية، فإن من المحظور بداهة أن يسمح بإقامة تنظيمات سياسية أخرى تفتت الوحدة القائمة على تحالف قوى الشعب العاملة، وبالمثل فإنه لا يجوز إقامة منظمات جماهيرية خارج المنظمات الجماهيرية التي تقوم شرعا في ظل القانون، مثل النقابات والجمعيات والتعاونية والغرف التجارية والصناعية والاتحادات.

ومع ذلك فمن الخطأ أن يظن أن تحقيق الوحدة الوطنية، يعنى توحيد كافة الآراء والاتجاهات، أو أن هذه الوحدة الوطنية تضيق بالنقاش واختلاف الرأى.

ومن هنا كان النص الصريح في المادة الثانية، على أن الاتحاد الاشتراكى العربى يكفل أوسع مدى للمناقشة الحرة داخل تشكيلاته وتنظيماته الجماهيرية المرتبطة به... وكل صاحب رأى يمكن أن يبدى رأيه ويقوم ما يريد بغير حرج، في نطاق المؤسسات الدستورية والسياسية وخارجها، وأبواب الاتحاد الاشتراكى ومجلس الشعب مفتوحة له، ولكن إقامة أى تنظيمات خارج نطاق المؤسسات الدستورية والتنظيمات الشرعية من شأنه أن يتحول إلى معول انقضاض على الوحدة الوطنية وهو ما حظره الاقتراح بمشروع قانون في الفقرة الثانية في مادته الثانية.

كما أن المادة الثالثة تحظر إقامة أية تنظيمات سياسية خارج نطاق الاتحاد الاشتراكى العربى، وذلك بصرف النظر عن الغرض منها أى دون أن تتطلب أن يكون الغرض منها الدعوة إلى مناهضة المبادئ الأساسية للمجتمع ومن هنا فإن نطاق هذه الجريمة يختلف عن الجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 98، 98 مكرر من قانون العقوبات.... الخ".

(هـ) بالإضافة إلى ما سبق فقد (4) كان ثمة رأى في لجنة نظام الحكم التي كانت مكلفة بتحضير نصوص الدستور الحالى يرى عدم إيراد نص في الدستور عن الاتحاد الاشتراكى العربى ذاته اكتفاء بالنص على حرية المواطنين في تكوين الجمعيات باعتبارها تشمل هذا التنظيم السياسى - ورغم أنه لم يؤخذ هذا الرأى من غالبية أعضاء اللجنة وانتهت إلى وضع نص في الدستور على الاتحاد الاشتراكى فإن ذلك لم يكن أساسه أن حق تكوين الجمعيات لا يدخل فيها الجمعيات السياسية أى الأحزاب السياسية ولكن لأن ثمة مسائل أساسية وجوهرية تتعلق بالحقوق والحريات العامة للمواطنين، وهى الأساس الجوهرى لتنظيم وكيان الاتحاد الاشتراكى ذاته، وما يقوم عليه من التعبير عن تحالف قوى الشعب العاملة والوحدة الوطنية كأساسين دستوريين للنظام السياسى في البلاد وهى لا يجوز تقريرها على نحو مشروع إلا بنص في الدستور وقد صدر الدستور متضمنا المادة (5) منه على النحو السالف ذكره.

(و) أخذ المشرع بهذا النظر الدستورى السديد في المادتين الأولى والثانية من القانون رقم (2) لسنة 1977 بشأن حماية حرية الوطن والمواطن إذ قضت المادة الأولى منه بأن حق تكوين الأحزاب مكفول طبقا لما ينص عليه القانون الخاص بانشاء الأحزاب حال صدوره من السلطة التشريعية أى أن الحق في إنشاء الأحزاب السياسية معلق بصدور القانون المنظم لها حسبما تستلزم ذلك الفقرة الأولى من المادة (55) من الدستور وتنص المادة (2) على أن التنظيمات السرية أو التنظيمات المعادية لنظام المجتمع أو ذات الطابع العسكرى محظورة طبقا للدستور، وهذا الحظر هو ذاته الوارد في الفقرة (2) من المادة (55) من الدستور، فأساس حرية تكوين الأحزاب السياسية إذن في نظر القرار بالقانون رقم (2) لسنة 1977 الذي وافق عليه الشعب في الاستفتاء هو نص المادة (55) من الدستور التي قررت للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون، وحظرت في فقرتها الثانية الجمعيات السرية أو المعادية لنظام المجتمع أو ذات الطابع العسكرى وهو ذاتها شاملة للتنظيمات الحزبية المحظورة طبقا للمادة (2) من القانون المذكور.

وبناء على كل ما سبق، وعلى أن الدستور المصرى الحالى لم ينص صراحة على حظر تكوين الأحزاب السياسية أو على أن الاتحاد الاشتراكى العربى هو التنظيم السياسى الوحيد في مصر، كما لم يتضمن الدستور في مادته الخامسة تحديدا ملزما لشكل تنظيمى معين وحيد لهذا الاتحاد على أساس هرمى أو جغرافى للتنظيمات السياسية لصيغة تحالف قوى الشعب العاملة التي يعبر عنها الاتحاد الاشتراكى العربى وعلى تقرير الدستور في المادة (55) منه حق المصريين في تكوين الجمعيات بصفة عامة طبقا لأحكام القانون واستنادا إلى باقى مواد الدستور التي تقضى بأن نظام الدولة ديمقراطى واشتراكى والتى تقرر الحقوق والحريات العامة للمواطنين، وبصفة خاصة حق مباشرة الحقوق السياسية، وحق الاجتماع وحرية الرأى والصحافة ووسائل الإعلام فانه ليس ثمة ما يمنع دستوريا من قيام الأحزاب السياسية بعد تنظيم هذه الأحزاب بقانون خاص يتفق مع أحكام الدستور ويراعى بصفة خاصة الأحكام المقررة في المادة (5) منه بشأن الاتحاد الاشتراكى العربى.

الأداة التشريعية اللازمة لتنظيم الاتحاد الاشتراكى العربى:

ورد النص في دستور يناير سنة 1956 الذي أنشأ الاتحاد القومى على أنه يتم تنظيمه وتكوينه بقرار يصدر من رئيس الجمهورية. وقد تكرر هذا النص في المادة (72) من دستور سنة 1958 - ومع ذلك فإنه لم يرد في دستور سنة 1964 أى نص على السلطة التي تضع القانون الأساسى للاتحاد الاشتراكى العربى وقد أحال الدستور الحالى في المادة (5) منه إلى النظام الأساسى للاتحاد الاشتراكى العربى في تحديد تنظيماته وشروط العضوية فيه وضمان ممارسة نشاطه بالأسلوب الديموقراطى.

وغنى عن البيان أن عبارة النظام الأساسى للاتحاد الاشتراكى العربى لا تفيد في التوصل إلى تحديد نوعية الأداء التشريعية التي يصدر بها فإن القوانين تصدر كذلك لوضع أنظمة أساسية لأية جهة أو هيئة أو شخص معنوى، وكذلك فإن مجرد قرار من جمعية عمومية لشخص معنوى قد يضع لها لائحة أو نظاما أساسيا إذا قرر القانون الذي يخضع له هذا الشخص المعنوى ذلك.

لقد ورد النص في الدستور الحالى دون بيان السلطة التي تضع النظام الأساسى للاتحاد، ودون أن يضع تحديدا قاطعا لهذه السلطة سواء في داخل الاتحاد ذاته أو في خارجه، ولم يرد كذلك نص دستورى يحظر على السلطة التشريعية أن تمارس ولايتها العامة في التشريع بالنسبة للاتحاد الاشتراكى العربى. ومن ثم يثور البحث فيمن يقنن ويشرع للاتحاد الاشتراكى العربى هل هى السلطة التشريعية ومن ثم يكون النظام السياسى واجب الصدور بقانون أم أنها رئيس الجمهورية بصفته رئيس دولة أم بصفته سلطة داخلية في الاتحاد الاشتراكى ذاته، أم أن الأمر يتوقف على طبيعة القواعد المراد تشريعها بحيث يتحدد الاختصاص للسلطة التشريعية، أو للسلطة النظامية الداخلية في الاتحاد بحسب طبيعة هذه القواعد التنظيمية.

والمقرر في الغالبية العظمى للأنظمة الدستورية المعاصرة أنها تقوم على أن سلطة التشريع يتولاها بصفة أساسية البرلمان. واختصاصه يشمل كل شئ حتى ما تنظمه السلطة التنفيذية أو غيرها بلوائح ويوجد عدد ضئيل من الدساتير مثل الدستور الفرنسى المسمى بدستور (5) ديجول يقوم الاختصاص التشريعى فيه على الأساس العكسى، حيث حددت اختصاصات السلطة التشريعية على سبيل الحصر ونص صراحة على أن باقى الموضوعات تنظيم بلوائح تصدرها السلطة التنفيذية.

وبالنسبة للنظم الدستورية التي تقوم على أساس أن السلطة التشريعية هى السلطة الأصلية وصاحبة الولاية العامة في التشريع فإن من المسلم به أن لهذه السلطة تنظيم حتى ما يمكن تنظيمه بلوائح تنفيذية بقوانين، بينما يبقى اختصاص السلطة التنفيذية أو أية سلطة أخرى في الدولة اختصاصا مقيدا من الناحية التشريعية أو التنظيمية لا يجوز لها تجاوزه أو الافتئات على الاختصاص المحجوز للسلطة التشريعية في الدستور أو تعديل ما تكون قد أصدرت قوانين بتنظيمه ولو كان أصلا ليس محجوزا صراحة بنص الدستور لتنظيمه بهذه الأداة التشريعية، ومن ثم فإنه في مثل هذه النظم الدستورية فإن الأصل أن خطاب المشرع الدستورى عندما يقرر إصدار نظام أساسى لتنظيم موضوع معين - دون أن ينص على أن يصدر هذا النظام صراحة كلائحة تنفيذية أو تفويضية من السلطة التنفيذية أو من سلطة محددة - يكون بالضرورة موجها إلى السلطة الأصلية المختصة بالتشريع، وهى السلطة التشريعية وليس لأى سلطة أخرى وخاصة السلطة التنفيذية التي لا شأن لها بالتشريع إلا على سبيل الاستثناء والحصر.

يؤكد ذلك مقارنة نص المادة الخامسة من الدستور والمنهج الذي اتبعته في شأن النظام الأساسى للاتحاد الاشتراكى العربى، والمادة (104) منه التي أناطت بمجلس الشعب صراحة وضع لائحة تنظيم أسلوب العمل فيه وكيفية ممارسته لوظائفه.

ونظام الدستور المصرى الصادر (6) سنة 1971 يجعل الأصل في التشريع للسلطة التشريعية ممثلة في مجلس الشعب واستثناء في حالات على سبيل الحصر للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية، ومن ثم فإن النظام الأساسى للاتحاد الاشتراكى العربى هو على هذا الأساس نظام يصدر بقانون من السلطة التشريعية أى من مجلس الشعب.

كذلك فإن الاتحاد الاشتراكى العربى ليس - بنص الدستور ذاته - وبحسب أعماله التحضيرية سلطة دولة على أى وجه وهو لا يشارك سلطات الدولة الثلاث سلطاتها بأى صورة، إنما هو تنظيم سياسى شعبى يمثل صيغة تحالف قوى الشعب العاملة، ومن ثم فإنه لا يمكن أن يكون له صفة أو لأية جهة داخلة في التشريع لنفسه إلا وفقا لما يحدده القانون الذي قد يصدر من السلطة التشريعية في هذا الشأن بمراعاة القواعد المقررة في الدستور.

وقد أثير في مناقشات الأعمال (7) التحضيرية للدستور - الاعتراض على وضع النظام الأساسى للاتحاد الاشتراكى العربى بقرار من رئيس الجمهورية وصدوره باسم قانون الاتحاد الاشتراكى العربى - لأن ما يتضمنه هذا النظام الأساسى مما يتصل بالحريات والحقوق العامة للمصريين ومن ثم مما يجب النص عليه في الدستور ذاته - وقد وافقت لجنة نظام الحكم على ضرورة أن ينص في الدستور على أن:

1 - الاتحاد الاشتراكى ليس سلطة دولة وليس بذاته حزبا وإنما هو تنظيم سياسى شعبى.

2 - إن الانضمام إليه حق لكل مواطن وأن تحدد في الدستور ذاته حالات الحرمان من هذه العضوية فيما لو أبقى اشتراط العضوية للترشيح لمجلس الأمة أو لغير ذلك من المناصب والوظائف المختلفة، وضرورة أن ينص على أن هذا الشرط ذاته في الدستور لو أريد الابقاء عليه رغم انتقاده والاعتراض عليه.

3 - النص على نسبة الـ 50% المقررة في تنظيمات الاتحاد الاشتراكى كحد أدنى للعمال والفلاحين.

4 - النص على اتباع الأسلوب الديمقراطى في كافة تشكيلاته.

5 - النص على إن رئيس الدولة المنتخب هو رئيس الاتحاد الاشتراكى.

وقد صدر نص (8) المادة (5) من الدستور متضمنا في صياغته مراعاة المبادئ (1)، (3)، (4)، مما انتهت إليه اللجنة التحضيرية من مبادئ بشأن هذا الاتحاد وترك أمر التنظيمات وشروط العضوية كما سبق البيان للنظام الأساسى للاتحاد الذي لم يحدد الدستور السلطة المختصة تشريعيا بوضعه.

وإذا ما تم النظر بتعمق إلى ما أورده نص المادة الخامسة من الدستور من أحكام أساسية بالنسبة للاتحاد الاشتراكى العربى سواء من حيث أن هذا الاتحاد هو التنظيم السياسى الشعبى الممثل لتحالف قوى الشعب العاملة وأن تنظيماته هى وسيلة تأكيد سلطته بين الجماهير وما يستهدفه وجوده دستوريا من تعميق قيم الديمقراطية والاشتراكية ومتابعة العمل الوطنى وما يحتمه الدستور من كفالة اتباع الأسلوب الديمقراطى في تنظيمات هذا الاتحاد كل ذلك يتعلق بلا خلاف بالنظام السياسى وحرية ممارسة العمل السياسى ونظامه في الدولة ككل ويثير قضايا العلاقة بين هذا التنظيم الشعبى وغيره من سلطات الدولة على نحو يقتضى أن يكون تنظيمه بحكم الضرورة ذا علاقة حتمية بالحقوق والحريات العامة للمواطنين ويستلزم دستوريا أن يكون هذا التنظيم فيما يتعلق بذلك كله بقانون.

وإذا كان النص في الدستور ذاته فيما يتعلق بما ورد في المادة (5) ذاتها كان مبرره أساسا هو اتصال هذا الأحكام بالحريات والحقوق العامة من جهة، فضلا عن أهمية الاتحاد الاشتراكى العربى ودوره بالنسبة لصيغة تحالف قوى الشعب العاملة في الحياة السياسية المصرية من جهة أخرى - فإن كل ما يتعلق إذن بالحريات والحقوق العامة للمصريين، أو يتصل بصفة عامة بأمر من الأمور التي ودر النص في الدستور على أن يكون تنظيمها بقانون ولو كان يتعلق بالاتحاد الاشتراكى العربى، يجب أن ينظم بقانون وليس بأداة تشريعية أدنى من ذلك.

وأنه وإن جاز أن تصدر بعض القواعد التنظيمية الداخلية لهذا الاتحاد بأداة أدنى من القانون إلا أن هذا التنظيم الداخلى يجب أن يتحدد نطاقه والسلطة المختصة بوضع القواعد المتعلقة به داخل الاتحاد الاشتراكى ذاته بالقانون الذي يصدر في هذا الشأن.

وبناء على ذلك فإن المسائل التنظيمية الداخلية للاتحاد الاشتراكى العربى وإن كان يمكن أن تصدر وأن تتولاها أجهزته القيادية إلا أنها بالضرورة يتعين ألا تكون مما يتحتم تقريره بقانون أو بناء على قانون طبقا لنصوص الدستور كما أنه يتعين أن يحدد القانون ذاته السلطة التي لها داخل تشكيلات هذا الاتحاد وضع القواعد التنظيمية الداخلية المتفقة مع قواعد الديمقراطية التي حتم نص الدستور ذاته التزامها في تنظيماته وتشكيلاته المختلفة.

ويؤكد ما سبق أنه قد جرى العرف التشريعى في مصر سواء قبل ثورة التصحيح أو بعدها على التسليم بأن تنظيم ما يتعلق بالحقوق والحريات العامة للمواطنين ولو اتصل بالاتحاد الاشتراكى العربى يجب أن يصدر بقانون والأمثلة على ذلك متعددة نجتزئ منها ما يلى:

1 - اشتراط عضوية الاتحاد الاشتراكى العربى للترشيح لعضوية أى منصب انتخابى أو نقابى بقوانين خاصة أو بإضافة الشرط إلى القوانين المنظمة للنقابات المهنية والجمعيات التعاونية والعمد والمشايخ وتمثيل العمال في مجالس الإدارة... الخ.

2 - تقرير أن الاتحاد الاشتراكى هو التنظيم السياسى الوحيد وقد سبق بيان أن ذلك قد تقرر بالقانون رقم 34 لسنة 1972 بشأن حماية الوحدة الوطنية للاعتبارات التي صدر من أجلها هذا القانون.

3 - تعريف العامل والفلاح وقد تضمنته أحكام المادة (3) من القانون رقم (38) لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب بعد تعديلها بالقانون رقم 109 لسنة 1976

4 - إثبات صفة المرشح لعضوية مجلس الشعب - وقد تضمنت أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 النص على الاكتفاء بتقديم بطاقة العضوية، في الاتحاد الاشتراكى لإثبات ذلك ثم بعد تعديله بالقانون رقم 109 لسنة 1976 نظم ذلك حيث اكتفى باقرار المرشح ذاته.

5 - إلغاء اشتراط العضوية العاملة في الاتحاد الاشتراكى العربى لشغل المناصب أو الوظائف وقد تقرر ذلك بالقانون رقم 36 لسنة 1975 وبناء على ما سبق فانه طبقا للمبادئ الدستورية وأصول التفسير السليمة لنص المادة (5) من الدستور والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها هذا النص ومبدأ سيادة القانون الذي كرسته موارد الباب الرابع منه فإن المشروع يقوم بصفة أساسية على التسليم بالمبادئ الآتية:

(أولا) إن كل ما يتعلق بالحريات والحقوق العامة للمصريين أو بما ورد بشأنه نص صريح في الدستور يستلزم أن يكون تنظيمه بقانون وليس بأداة تشريعية أدنى وهذا المجال يجب أن ينظم بقانون ولو تعلق بالاتحاد الاشتراكى العربى.

(ثانيا) إنه يتعين على السلطة التشريعية بل إنه من واجبها أن تحدد بقانون القواعد الأساسية اللازمة لتنظيم الاتحاد الاشتراكى العربى بما يحقق المبادئ المقررة في المادة (5) من الدستور، والتى لا يمكن تحقيقها إلا بناء على قانون يصدر من السلطة الشرعية صاحبه الولاية الاصلية في التشريع، تحدد فيه القواعد التي تضع مبادئ الدستور موضع التنفيذ بالنسبة لهذا الاتحاد الاشتراكى وتحدد أيضا نطاق القواعد التنظيمية الداخلية والتنظيمات المخصصة بإصدارها ويعد هذا القانون من القوانين الأساسية المكملة للدستور.

(ثالثا) إنه لا يوجد ما يمنع السلطة التشريعية أن تضع بقانون أية تنظيمات تراها للاتحاد الاشتراكى العربى بما لا يخالف نص الدستور ولو كان ما تضعه يتصل بصميم التنظيم الداخلى لشئون هذا الاتحاد سواء من حيث تنظيماته وأجهزته أو أمواله أو أعضائه أو العاملين فيه أو إجراءات ممارسة نشاطه.. الخ.

وأنه تملك السلطة التشريعية بقانون إلغاء أية قواعد تنظيمية داخلية صدرت من أية جهة أو مستوى تنظيمى في هذا الاتحاد.

وقد أكدت سلامة هذه النتائج وصحتها من الناحية الدستورية أن المادتين (1)، (2) من القانون رقم (2) لسنة 1977 الذي تمت موافقة الشعب عليه في الاستفتاء تقومان على أساس التسليم بالمبادئ الدستورية السابقة - فأحكام هاتين المادتين تسليم صراحة بأن مجلس الشعب هو صاحب الولاية التشريعية العامة، وصاحب الولاية بالتالى في وضع القانون الذي ينظم الأحزاب السياسية، وينظم صاحتها وعلاقتها بالاتحاد الاشتراكى العربى وتنظيمات هذا الاتحاد بمراعاة أحكام الدستور وبصفة خاصة المادة الخامسة منه.

وتأسيسا على كل ما سبق فإن اللجنة قد راعت في إعداد المشروع المبادئ الدستورية الأساسية التالية:

(أولا) إن المحظور طبقا للدستور هو إلغاء الاتحاد الاشتراكى العربى إلا بتعديل في المادة الخامسة منه وطبقا للقواعد المقررة في المادة (189) من الدستور فالاتحاد الاشتراكى العربى تنظيم دستورى سياسى ديمقراطى شعبى يمثل تحالف قوى الشعب العاملة وأساس وجوده هو الدستور ذاته.

(ثانيا) إن الدستور لم يجعل من الاتحاد الاشتراكى العربى التنظيم السياسى الوحيد، وإنه وإن جرى العمل على عدم وجود أية تنظيمات سياسية أخرى غيره، إلا انه لم يرد أى نص على ذلك إلا في المادة الثانية من القانون رقم 34 لسنة 1972 بشأن حماية الوحدة الوطنية فهو مانع تشريعى أداته القانون وليس مانعا دستوريا.

(ثالثا) إن قيام الأحزاب السياسية حق دستورى للمصريين لا يحول نص المادة الخامسة في الدستور دون مباشرته وكل ما يحظر قيامها هى نصوص قانونى حل الأحزاب السياسية وحماية الوحدة الوطنية وعدم وجود قانون منظم لإنشاء هذه الأحزاب كما تستلزم ذلك أحكام المادة (56) من الدستور.

(رابعا) إنه لا يتقيد مجلس الشعب في تنظيمه للاتحاد الاشتراكى العربى أو للأحزاب السياسية إلا بالمبادئ الأساسية الواردة في الدستور وبصفة خاصة في المادة الخامسة منه - وليس في هذه المبادئ والقواعد ما يقيد السلطة التشريعية بصدد الشكل التنظيمى للاتحاد الاشتراكى ما دام أن هذه التنظيمات يراعى في تشكيلها المبدأ الديمقراطى، ويراعى في تنظيم مباشرتها لمهمتها هذا المبدأ، وما دام يلتزم هذا التنظيم السياسى بأداء مهمته المحددة في تلك المادة باعتباره تنظيما سياسيا شعبيا يمثل تحالف قوى الشعب العاملة وهو أداة هذا التحالف، ووجوده يستهدف تعميق قيم الديمقراطية والاشتراكية.

(خامسا) إن على مجلس الشعب بصفته صاحب ولاية التشريع العامة أن ينظم الشئون المتعلقة بالاتحاد الاشتراكى العربى، وأن يضع القواعد القانونية الأساسية اللازمة له سواء فيما يتعلق بتنظيمه أو تنظيماته أو بعلاقته بهذه التنظيمات، أو في مباشرته لنشاطة أو حدود اختصاصاته، أو أى أمر أو شأن يتعلق به، ولا يتقيد المجلس في هذا الشأن إلا بالأحكام الواردة في الدستور سواء المادة الخامسة منه أو في باقى مواد هذا الدستور، بل إن المشرع الدستورى يدعو المجلس إلى إصدار هذا التنظيم بقانون بما يتلاءم مع التطوير المستمر للحياة السياسية في البلاد وبما يمكن من تحقيق الأهداف المقصودة من الوجود الدستورى للاتحاد الاشتراكى العربى.

- وقد تضمنت مقدمة الدستور هذه الدعوة.

وقد كرر هذه الدعوة للمجلس السيد رئيس الجمهورية في خطابه في أول دور انعقاد للمجلس الحالى في 11 من نوفمبر سنة 1976.

كما تكررت هذه الدعوة في القانون رقم (2) لسنة 1977 بشأن حماية حرية الوطن والمواطن عندما قضى في مادته الأولى بأن حرية تكوين الأحزاب السياسية مكفولة للمصريين طبقا للقانون الذي يتولى هذا المجلس إعداده والموافقة عليه.


(1) تم الاستفتاء على ورقة أكتوبر والموافقة عليها في مايو 1974

(2) الأعمال التحضيرية لدستور سنة 1971 (لجنة المقومات الأساسية واللجان المتفرعة عنها المحضر الخامس في 12/ 6/ 1971 ص 3 وما بعدها.

(3) منشور في الجريدة الرسمية في 21 سبتمبر سنة 1972 عدد 38

(4) محضر الاجتماع الثالث جلسة 9/ 6/ 1971

(5) الدستور الفرنسى الصادر في 4 أكتوبر سنة 1958. المواد (34)، (37)، (23)، (25)، (27)

(6) المواد (86) و(74) و(108) و(147) من الدستور سنة 1972

(7) محاضر مناقشات لجنة نظام الحكم - محضر الاجتماع الثالث في 9/ 6/ 1971 ومحضر 21 يونيو سنة 1971 - لجنة المقومات الأساسية الاجتماع الأول في مايو سنة 1971 ص 3 لجنة الحريات العامة محضر 6 و12 يونيو سنة 1971 ص 6.

(8) الأعمال التحضيرية سنة 1971 - تقرير اللجنة التحضيرية لاعداد الدستور الدائم مضبطة الجلسة (38) لمجلس الشعب سنة 1971



 

القواعد الأساسية التي يخضع لها تنظيم الاتحاد الاشتراكى والأحزاب السياسيه في المشروع:

توصلت اللجنة إلى هذه القواعد بعد دراسة العيوب والمساوئ التي صاحبت التنظيمات السياسية المختلفة في التطور الدستورى في مصر منذ ما قبل ثورة يوليه سنة 1952 حتى الآن وذلك سواء في الأحزاب السياسية التي كانت موجودة قبل حلها أو في هيئة التحرير والاتحاد القومى، ثم الاشتراكى هذا فضلا عن دراسة مزايا ومساوئ الأحزاب السياسية في الفكر الدستورى والسياسى المقارن أم في الفكر السياسى والدستورى المصرى، متمثلا في وثائقنا السياسية العديدة منذ ثورة سنة 1952 بصفة خاصة والسابق التعرض لما ورد فيها.

كما اقتضى ذلك دراسة نصوص الدستور الحالى واستلهام المبادئ الأساسية الواجب التزامها في تنظيم الأحزاب السياسية والاتحاد الاشتراكى العربى على النحو الذي يحقق تدعيم الديمقراطية وتعميقها ويكفل الحرية السياسية والديمقراطية الحقيقية للوطن والمواطنين. والاستناد إلى ذلك كله في وضع الأحكام المنظمة للاتحاد الاشتراكى العربى وللأحزاب السياسية في الاقتراح بمشروع قانون المرفق.

أسس ومبادئ تنظيم الاتحاد الاشتراكى العربى في المشروع:

لقد كان اهتمام الشعب بالاتحاد الاشتراكى العربى أكبر دليل على تقبل الجماهير لفكرة التحالف تقبلا إيجابيا وحرصا على بقائها.

وكان وجود الاتحاد الاشتراكى العربى تعبيرا عن تمسك الشعب بوحدة قوى الشعب العاملة وحرصه على تطوير المجتمع تطويرا سلميا.

ولعل أبرز دليل على ذلك نتيجة الاستفتاء على الميثاق الوطنى سنة 1961 وبرنامج 30 مارس سنة 1968 وبرنامج العمل الوطنى سنة 1971 ومناقشات لجنة الإعداد لدستور التصحيح وفيما أنتهت إليه من اقتراح نص المادة الخامسة منه ومن موافقة الشعب على الدستور في الاستفتاء في 11 من سبتمبر سنة 1971، ثم في موافقة الشعب على صيغة التحالف في الاستفتاء على ورقة أكتوبر سنة 1974، وعلى ورقة تطوير الاتحاد الاشتراكى سنة 1975، وفى مناقشات لجنة مستقبل العمل السياسى والقرارات التي انتهت إليها هذه اللجنة في 9 مارس سنة 1976، وفى مناقشات الهيئة البرلمانية للاتحاد الاشتراكى العربى في 16، 17 مارس سنة 1976 لجوهر هذا الاتحاد وهو تحالف قوى الشعب العاملة الذي يمثل الصيغة التي تحفظ الوحدة الوطنية، وهى الهدف الأسمى والغرض القومى الذي يلتقى عنده الجميع ومع ذلك فإن الإجماع ينعقد باستقراء الوثائق السياسية السالفة الذكر بعد إلغاء الأحزاب السياسية وتجربة هيئة التحرير والاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكى على أن هذه التنظيمات السياسية قد شابها وبصفة خاصة الاتحاد الاشتراكى العربى العيوب الآتية:

(أولا) فقدان النشأة الشعبية:

لم ينشأ التنظيم برغبة الأعضاء الذين يكونونه إبتداء على نحو تلقائى نتيجة للتجمع السياسى الحر حول أهداف ومبادئ محددة تؤمن هذه الجماهير بالتجمع من أجل تحقيقها بقصد الحصول على ثقة المواطنيين والوصول بذلك إلى السلطة ولكن نشأ التنظيم السياسى بدعوة من السلطة وبقيادة تمارس بالفعل السلطة مما أدى إلى احتشاد عدد كبير في عضوية التنظيم ليست لها الفعالية السياسية اللازمة.

(ثانيا) عدم التزام الديمقراطية:

ذلك في عدة أمور أساسية وهى:

( أ ) قام التنظيم في أول الأمر على التعيين رغم كونه ليس حزبا ورغم انتقاد الأحزاب من هذه الناحية وتغلب بعد ذلك مبدأ الانتخاب المحدود حتى مستوى معين دون المستويات القيادية العليا ولم تتم الانتخابات قبل ثورة التصيح على أساس جدى سليم حتى في المستويات الدنيا، الأمر الذي ترتب عليه بدلا من وجود الممثلين الحقيقيين للجماهير، الذين يعبرون عن الاتجاهات المختلفة للشعب، أن يتمتع بالعضوية من يرتبط منهم بأصحاب النفوذ وقد حدث ذلك بصفة خاصة نتيجة لسيطرة مراكز القوى على التنظيم وهذه العناصر التي أبرزتها مراكز القوى لم تكن بالضرورة العناصر الفعالة والإيجابية في العمل السياسى لحساب الجماهير.

(ب) قام التنظيم على أساس هرمى وجغرافى في مستوياته المختلفة بينما المفروض أن تضم تنظيماته جبهة عريضة من الآراء والاتجاهات المتباينة لفئات التحالف ذات المصالح المشتركة والمتعارضة في ذات الوقت - وقد أدى ذلك التنظيم الهرمى والجغرافى إلى الحليولة دون التجمع الفعال حول الاتجاهات السياسية الحقيقية للجماهير.

(جـ) إنه رغم قيام الاتحاد القومى ومن بعده الاتحاد الاشتراكى على أساس أن التنظيم السياسى الجماهيرى القومى الواسع الذي يضم فئات تحالف قوى الشعب العاملة فقد عزلت فئات متعددة بسبب اتجاهاتها السياسية عن الانضمام إليه وبصفة خاصة الفئات التي خضعت للاعتقال وللحراسات رغم ما شابها من أخطاء فرضها لاعتبارات شخصية بوصفها فئات معزولة وتوصف بأنها مستغلة وأصبحت نتيجة لذلك هناك قوى شعبية ممثلة داخل الاتحاد وقوى لا تمثيل لها فيه وموجودة خارجه بالفعل، وهى محرومة في ذات الوقت من التعبير السلمى والديمقراطى عن اتجاهاتها ومصالحها والدفاع المشروع عن وجودها في نطاق ما تسمح به أحكام الدستور.

(د) إن المؤتمر القومى العام للاتحاد الاشتراكى العربى الذي يمثل أعلى سلطة فيه لم يباشر نشاطا سياسيا جديا، ولا رقابة سياسية ما إذ هو فضلا عن ضخامة عدد أعضائه وتعذر جمعهم لم يكن ليجتمع إلا على فترات متباعدة ولمناسبات معينة، ورغم الهزيمة سنة 1967 وما جاء في بيان 30 مارس سنة 1968 من أن يظل المؤتمر القومى المنتخب للاتحاد الاشتراكى العربى قائما إلى ما بعد إزالة آثار العدوان ويعقد دورة عامة بكامل هيئته مرة كل ثلاثة شهور لكى يتابع مراحل النضال ويوجهها ويصدر في شأنها ما يراه وأن تظل اللجنة المركزية المنتخبة من المؤتمر القومى في حالة انعقاد دائم وتقوم لجانها الفرعية برسم سياسات العمل في جميع المجالات - فإن شيئا من ذلك لم يتحقق.

وقد انتقلت سلطة المؤتمر القومى العام من حيث الواقع إلى اللجنة المركزية، ثم إلى اللجنة التنفيذية العليا بل إلى أشخاص وأفراد فيها فأصبح لأمين لجنة شئون التنظيم حق إسقاط (1) عضوية اللجنة أو مؤتمر الاتحاد.

(هـ) أدى نشوء التنظيم الطبيعى (2) السري وسيطرة مراكز القوى عليه وعلى قيادة التنظيم السياسى، إلى سطوة وإرهاب هذا المراكز لكل صاحب رأى أو فكرة، وإلى خنق الديمقراطية في داخله وإعدام حرية الرأى في تنظيماته المختلفة، فلم يكن ثمة ضمان ولا عاصم في أى من هذه المستويات لصاحب الرأى أو الفكر، بل تحول التنظيم السياسى في حقيقة الأمر إلى حزب سياسى واحد حديدى القبضة على أعضائه، يعمل لحساب مراكز القوى وتحت سيطرتها وليس لحساب تحالف قوى الشعب العاملة.

فحيث كان الدستور يكفل الضمان لعضو مجلس الأمة بالحصانة البرلمانية، ويقرر عدم مسئوليته عما يبديه من آراء أو أفكار في المجلس لم تكن ثمة قاعدة قانونية تحمى أصحاب الرأى في المستويات التنظيمية المختلفة بل إن عضوية المجلس والمنصب والوظيفة والرزق، أصبح كل ذلك رهينة بإرادة مراكز القوى المسيطرة وحدها على التنظيم.

ثالثا - التحول إلى سلطة والتداخل في سلطات الدولة:

( أ ) تحول التنظيم من تنظيم جماهيرى يضم قوى الشعب العاملة المتحالفة في سبيل أهدافها القومية، ويقوم تأثيره على العمل السياسى بين الجماهير بتنظيماته المختلفة، إلى سلطة هرمية تتداخل في سلطات الدولة الأخرى وتسيطر وتهيمن هيمنة تامة عليها، وقد تحقق ذلك عندما تقرر اشتراط العضوية في التنظيم لعضوية مجلس الأمة، وفى كافة المناصب القيادية والسياسية والوظائف العامة والنقابات المهنية أو العمالية، وتحقق إحكام القبضة الحديدية لمراكز القوى على التنظيم لحسابها. عندما تقرر ارتباط العضوية في مجلس الأمة وفى أى من هذه المراكز والمناصب بعضوية التنظيم وسيطرة أفراد قلائل على إسقاط هذه العصوية دون أى ضمان جدى.

وقد أدى التزام عضو مجلس الأمة بعضوية الاتحاد الاشتراكى والتزامه بقرارات مراكز القوى المسيطرة عليه، وإسقاط العضوية في المجلس بإنقضاء عضوية الاتحاد، إلى جعل اجتماع الهيئة البرلمانية في جلساتها المغلقة مجرد جلسة تلقين للأعضاء لما يلتزمون بأدائه من أدوار في الجلسات العلنية لمجلس الأمة في غالبية الأحوال مما أضعف - في حقيقة الأمر كقاعدة عامة فيما عدا بعض الاستثناءات - ممارسة العمل البرلمانى في جانبيه من الرقابة والتشريع وحرم هذه الممارسة في غالبية الظروف والأحوال من أية فاعلية.

وقد أصبح ذلك أمرا مؤكدا ومقننا على خلاف أحكام الدستور ذاته في النظام الأساسى للاتحاد الاشتراكى (3) قبل ثورة التصحيح وهو ما قامت بإلغائه وتصحيحه بعد ذلك ويعد انجازا ديموقراطيا عظيما لهذه الثورة.

(ب) ترتب على تداخل ذات الأشخاص وتغلغلهم وسيطرتهم على التنظيمات القيادية العليا للتنظيم في السلطات الثلاث للدولة مع هيمنة وسيطرة التنظيم السرى ومراكز القوى على هؤلاء الأعضاء إلى إهدار سيادة القانون وضياع الديمقراطية والحريات العامة.

كما أصبح حتما بالضرورة من السائد في غالبية الأحوال أن الحصول على ثقة مراكز القوى هو المدخل إلى تولى وشغل المناصب السياسية والوظائف القيادية والعمل في أية وظيفة عامة ومباشرة أى نشاط مشروع وليس الحصول على ثقة الشعب وخدمته والولاء له ولمصالحه العامة الذي يؤدى إلى هذه المناصب والوظائف كما تحتم ذلك أصول الديمقراطية.

فقد أدى ذلك جميعه إلى أنه، بدلا من إنصراف التنظيم السياسى إلى أداء مهمته السياسية الأساسية في حل تناقضات فئات تحالف قوى الشعب العاملة سلميا وديمقراطيا، وخدمة أهدافها القومية، ودفع عجلة التقدم وتنشيط حركة الجماهير وتوجيهها قدما نحو التنمية الشاملة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، فقد تحول إلى جهاز بيروقراطى يبرر تصرفات القلة المهيمنة على قيادته وتحقيق أهدافها في تكريس السلطة، والقبض على أزمتها والسيطرة عليها بكل سبيل.

وانطلاقا من نصوص الدستور وبصفة خاصة نص المادة الخامسة منه، وإلتزاما بالمبادئ التي نظمت على أساسها أحكامه الاتحاد الاشتراكى العربى والسالف بيانها وتلافيا لكل العيوب والمساوئ السابقة التي شابت تنظيمه، فقد انتهت اللجنة في الاقتراح بمشروع قانون المقدم منها بعد دراسة نصوص الدستور وما تضمنته الاقتراحات بمشروعات قوانين المقدمة من السادة الأعضاء إلى وضع القواعد المنظمة للاتحاد الاشتراكى العربى في نصوص الاقتراح بمشروع القانون المرفق على أساس المبادئ التالية:

أولا - قومية الاتحاد الاشتراكى العربى:

ويقوم هذا المبدأ على أساس أن هذا الاتحاد بحكم مهمته ورسالته في الدستور يعبر عن صيغة تحالف قوى الشعب العاملة - وهى صيغة قومية وهو بحكم رسالته ومهمته يتحمل مسئولية الحفاظ على هذا التحالف والمكاسب الاشتراكية وتوطيد السلام الاجتماعى والمبادئ الأساسية للنظام الاشتراكى الديمقراطى ويعمل على تعميق الاشتراكية الديمقراطية وتوسيع مجالاتها على المستوى القومى.

وبناء على ذلك فهو تنظيم سياسى يقوم على المستوى القومى وحده وليس على أى مستوى جغرافى أو جماهيرى أدنى من ذلك ومن ثم فإن الاتحاد الاشتراكى العربى لم يعد له أى تنظيم في المشروع سوى اللجنة المركزية (م 18 من المشروع) والتنظيم النسائى، وتنظيم الطلائع وما قد يبقى من تنظيماته ذات الطابع القومى التي تحددها لجنته المركزية - مع إلغاء كل أمانات ووحدات ومستويات التنظيم فيما عدا ذلك (م 29 من المشروع) وتشكل هذه اللجنة المركزية برئاسة رئيس الدولة على أساس قومى فرئيس الدولة هو المسئول دستوريا بهذه الصفة طبقا للمادة (73) من الدستور عن السهر على تأكيد سيادة الشعب واحترام الدستور وسيادة القانون وحماية الوحدة الوطنية والمكاسب الاشتراكية ويراعى الحدود بين السلطات لضمان تأدية دورها في العمل الوطنى - وباقى أعضاء اللجنة يتمتعون بعضويتها بصفتهم التمثيلية والجماهيرية على المستوى القومى.

وقد نص صراحة تطبيقا لهذا المبدأ على أن يمتنع أمين عام الاتحاد الاشتراكى المنتخب من اللجنة عن أى نشاط حزبى فور انتخابه لو كان منتميا لأحد الأحزاب السياسية.

(ثانيا) ديمقراطية الاتحاد الاشتراكى العربى:

نظم المشروع تشكيل اللجنة المركزية باعتبارها التنظيم الأساسى والرئيسى للاتحاد الاشتراكى العربى ذو الطابع القومى على أساس ديمقراطية (المادة 21 من المشروع) فهى تشكل من الممثلين الشرعيين لقوى الشعب العاملة فضلا عن رئيسها المنتخب من الشعب طبقا للمادة (76) من الدستور والذى يرأسها بصفته القومية كرئيس للدولة فإن أعضاءها هم كافة أعضاء مجلس الشعب المنتخبون انتخابا مباشرا بالطريق السرى العام المباشر طبقا لأحكام المواد (87)، (88) من الدستور ولأحكام قانونى مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية - وذلك أيا كانت انتماءات هؤلاء الأعضاء الحزبية.

كما ينضم لعضوية اللجنة الممثلون المنتخبون لسائر قوى التحالف في النقابات المهنية والاتحاد العام للعمال والنقابات العمالية والاتحادات التعاونية والغرف التجارية والصناعية.

ورغم إضافة عدد من ذوى الرأى والخبرة إلى عضوية اللجنة بقرار من رئيسها لاستكمال تعبيرها عن كافة الاتجاهات والآراء السياسية على المستوى القومى - فإنه إعمالا لأسس الديمقراطية السليمة قد روعى أن يكون غير أعضاء مجلس الشعب من أعضاء اللجنة - في حدود ثلث هؤلاء الأعضاء ليكون للممثلين الشرعيين للشعب المنتخبين بإرادته ثلثا مقاعد هذه اللجنة كما نص صراحة إعمالا لنص المادة (5) من الدستور على أن يكون نصف مجموع عدد أعضاء اللجنة من العمال والفلاحين في كل الأحوال. وقد نص في المشروع صراحة كذلك على أن ينتخب أمين اللجنة وهو ذاته أمين الاتحاد الاشتراكى العربى من بين أعضائها بالطريق السرى المباشر، وأن يمتنع عليه مباشرة أى نشاط حزبى كما سبق القول بعد انتخابه لكى يؤدى مهمته في حياد واستقلال بين الاتجاهات السياسية التي يعبر عنها ممثلو الأحزاب المختلفة داخل اللجنة.

وتأكيدا للحرية والديموقراطية فقد نص صراحة على عدم مؤاخذة أعضاء اللجنة على ما يبدونه من آراء أو أفكار في أداء عملهم بها أو باللجان المتفرعة عنها على غرار ما هو مقرر بالنسبة لأعضاء مجلس الشعب في المادة (98) من الدستور.

كذلك نص على اختصاص اللجنة بوضع لائحة داخلية لتنظيم أسلوب العمل فيها وكيفية ممارسها لاختصاصاتها على غرار المقرر في المادة (104) من الدستور بالنسبة لمجلس الشعب.

وغنى عن البيان أنه رغم ما تقتضيه الأصول الديموقراطية من ترك وضع هذه اللائحة لإرادة اللجنة لتنظيم الشئون الداخلية البحته لها فإن هذه اللائحة لا يجوز أن تنظم أى شأن من الشئون الواجب تنظيمها بقانون وهى لاشك سوف توضع متقيدة بأحكام المشروع وأيضا بكافة القوانين القائمة وهى سوف يراعى في أحكامها حتما قبل كل ذلك نصوص وروح أحكام الدستور.

(ثالثا) علاقة الأحزاب بالاتحاد الاشتراكى العربى:

يستتبع هذا المبدأ أن تتحدد اختصاصات الاتحاد الاشتراكى العربى في نطاق ما حدده الدستور، فلا يكون سلطة، ولا يتدخل في سلطات الدولة الأخرى، ولا شأن له بالنشاط السياسى للأحزاب السياسية إلا في الحدود التي حددتها نصوص الدستور لمهمته القومية، ولذلك فقد تحددت اختصاصات الاتحاد الاشتراكى العربى بشأن الأحزاب السياسية في المشروع على النحو الذي قررته المادة (5) من الدستور، فهو يستهدف من خلال اللجنة المركزية وطبقا للمادة (20) من المشروع، دعم الوحدة الوطنية عن طريق الحفاظ على تحالف قوى الشعب العاملة، والمكاسب الاشتراكية، وتوطيد السلام الاجتماعى والنظام الاشتراكى الديمقراطى وتعميق الاشتراكية الديمقراطية وتوسيع مجالاتها، وذلك بالبداهة في حدود أحكام الدستور والقانون ولا شأن للاتحاد الاشتراكى العربى بنشاط الأحزاب السياسية إلا إذا تعلق الأمر بهذه الأهداف - وطبقا لما حدده المشروع من اختصاصات فاقتراحات اللجنة المركزية لا تكون نافذة وملزمة إلا في حدود الاختصاصات المحددة في المشروع طبقا للمادة (20) منه فاللجنة المركزية هى التي تضع القواعد المنظمة لاتصال الحزب الساسى بأى حزب أو تنظيم سياسى أجنبى (المادة 22 من المشروع) - وهى التي تقرر معونة مادية أو عينية للحزب بمراعاة ظروفه وحجم موارده وعدد أعضائه وذلك من أموال الاتحاد الاشتراكى العربى أو من المبالغ المخصصة للاتحاد في موازنة الدولة (المادة 23 من المشروع) وهى التي تضع الحد الأقصى لما يجوز أن يقبله الحزب من تبرعات أو يفرضه من اشتراكات على أعضائه (المادة 22 من المشروع).

وهذه الاختصاصات التي خولها المشروع للجنة مقصود بها حماية الوحدة الوطنية، وكفالة تحقيق وطنية النشاط السياسى للأحزاب، وعدم السماح بتدخل قوى سياسية أجنبية في الحياة السياسية للبلاد عن طريقها، كما أنها تكفل ضمان تحرر الأحزاب من سيطرة قوى اقتصادية أو اجتماعية معينة عليها عن طريق التبرع أو الاشتراك غير المحدود لهذه الأحزاب بما يهدد بالتالى الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة، وتمكن هذه الأحكام اللجنة المركزية من معاونة الأحزاب على أداء رسالتها السياسية الوطنية والتعبير عن كافة الاتجاهات السياسية والفكرية في حالة حاجتها إلى ذلك بسبب ضعف هذه الموارد أو عدم كفايتها، بما يسمح بإتاحة الفرصة لكل الاتجاهات السياسية الحزبية من التعبير تعبيرا سليما عن نفسها الأمر الذي يكفل دعم الديمقراطية والسلام الاجتماعى معا.

وقد خول المشروع الاتحاد الاشتراكى العربى اختصاصا يمارسه من خلال الأمين العام للاتحاد الاشتراكى وأمين اللجنة المركزية المنتخب منها وتحت إشرافها ورقابتها، وهو الاختصاص في تلقى الإخطار عن تأسيس الأحزاب السياسية (م 7 من المشروع)، ورئاسة اللجنة المختصة بفحص توفر الشروط التي حددها المشروع ملتزما أحكام الدستور - كما سوف يجئ - لشرعية قيام الأحزاب (م 8 من المشروع) وحق تبليغ اعتراض هذه اللجنة إلى مؤسسى الحزب بأسباب الاعتراض التي يجب أن تكون أسبابا من بين الأسباب المحدوة في أحكام المشروع مع خضوع قرار الاعتراض لرقابة مجلس الدولة.

كما ألزم المشروع رئيس الحزب بإخطار الأمين العام للاتحاد الاشتراكى بأية قرارات جوهرية تتعلق بكيان الحزب ونظامه على النحو المبين في المادة (6) من المشروع.

ومنح الأمين العام للاتحاد الاشتراكى بعد موافقة لجنة شئون الأحزاب السياسية الحق في أن يطلب من محكمة القضاء الإدارى حل الحزب، وتصفية أمواله، وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال، للأسباب المحددة في المادة (17 من المشروع)، وهى أسباب خطيرة تهدد الأهداف والأغراض الأساسية القومية يقوم على المحافظة عليها الاتحاد الاشتراكى العربى.

كما أجيز له سلطة وقف أى قرار من قرارات الحزب لأحد الأسباب المذكورة وذلك في حالات الضرورة والاستعجال التي تقتضيها المصلحة القومية العليا على أن يعرض بنفسه الأمر على القضاء على التفصيل الذي حددته المادة (18) من المشروع.

أسس ومبادئ تنظيم الأحزاب السياسية في المشروع:

تبين للجنة من استقراء كتابات الساسة وفقهاء القانون الدستورى وعلم السياسية في مختلف دول العالم وفى مصر وكذلك باستقراء التجربة الحزبية المصرية والوثائق السياسية المصرية السالف بيانها أن قيام الأحزاب السياسية، يعد ركنا جوهريا لقيام الحياة الديمقراطية الصحيحة وهى هدف أساسى من الأهداف الستة لثورة 23 يوليو سنة 1952 فوجود الأحزاب المتعددة البرامج والاتجاهات يحقق في الحياة السياسية المزايا الآتية:

(أولا) تشجيع التجمع الإنسانى بكل صورة لتحقيق أهداف مشتركة وبصفة خاصة التجمع السياسى وتدريب المواطنين على العمل السياسى والمشاركة الديمقراطية في شئون بلادهم - وتشجيع الفرد من خلال شعوره بالإنتماء إلى جماعة سياسية منظمة في حزب من الأحزاب بالأمن السياسى والشجاعة الأدبية في إبداء الرأى في المسائل العامة في مواجهة السلطة وكفالة الضمانات الحقيقية لممارسة الأفراد لحرياتهم العامة المختلفة.

(ثانيا) إعطاء فرصة للمواطنين للاختيار بين برامج، وسياسات مختلفة علاوة على أن وجود الأحزاب يكفل تحقيق المشروعات العامة نتيجة التأييد السياسى العام الذي تحققه الأحزاب السياسية.

(ثالثا) الحيلولة دون طغيان الحكومة وتحكمها واستبدادها لخضوعها لرقابة واعية ويقظة من أحزاب المعارضة.

(رابعا) تحديد المسئولية السياسية للحكومات المتعاقبة حيث تكون كل حكومة مسئولة مسئولية سياسية أمام الشعب هى والحزب الذي تنتمى إليه عما نفذته من أعمال وسياسات خلال فترة توليها الحكم أمام الشعب، ويكون للشعب تجديد الثقة بالحزب الذي شكلت منه الحكومة أو عدم تجديدها في الانتخابات العامة على ضوء ما حققته تلك الحكومة من سياسات وما التزمت به من رعاية مصالح الشعب العامة.

(خامسا) حماية السلام الاجتماعى بكفالة الانتقال الشرعى والسلمى للسلطة بالطريق الديمقراطى إلى الحكومة والبرلمان المشكلين من الحزب الذي يجوز على ثقة جماهير الناخبين في حالة تغير اتجاه الرأى العام وميوله السياسية وفقا للمتغيرات المختلفة للآراء والأوضاع والمصالح الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المختلفة.

وفى ذات الوقت فإنه من المسلم به كثرة عيوب تعدد الأحزاب السياسية عندما يترك إنشاؤها وممارستها لنشاطها بلا ضوابط ولا قواعد، مما يؤدى إلى إضرارها بالحياة الديمقراطية الصحيحة بل وإلى اجهاض هذه الديمقراطية ذاتها وابرز العيوب المسلم بها في هذا الصدد ما يلى:

(أولا) التعدد غير الجدى:

أى نشوء العديد من الأحزاب غير ذات البرامج أو الأغراض الجدية أو المحددة وعلى نمو متماثل أو متشابه مع بعضها البعض مما يؤدى إلى بلبلة الرأى العام وتشتيت كتلة الناخبين على عديد من الأحزاب الضعيفة ذات الطابع غير الجدى.

(ثانيا) تهديد الوحدة الوطنية:

يهدد تعدد الأحزاب وصراعها من أجل السلطة الوحدة الوطنية والقومية، وانقسام الأمة بسببها إلى جماعات وطوائف متنافرة ومتنافسة على نحو قد يمكن من نفوذ الدول الأجنبية والتدخل الأجنبى في شئون الوطن من خلال هذه الأحزاب المتنافرة، ويكون أثر هذا التدخل خطيرا بالنسبة للدول النامية، بل قد يؤدى التناحر والانقسام والتدخل الأجنبى إلى تمزيق كيان الأمة في حرب أهلية تشعلها الفتنة الطبقية أو الطائفية من خلال الأحزاب المتحاربة.

(ثالثا) عدم الأستقرار الوزارى:

ويحدث ذلك نتيجة لتعدد الأحزاب الصغيرة مما يستحيل معه على حزب واحد تشكيل الوزارة في الدول البرلمانية، ويؤدى إلى حتمية تشكيل حكومات ائتلافية ترتبط قوتها السياسية وحياتها باستمرار التآلف الحزبى وهى فرص ضئيلة بسبب التنافس والصراع الحزبى - الأمر الذي يترتب عليه عدم استقرار السلطة وانعدام القدرة على رسم سياسات مجدية في الشئون العامة وتنفيذها.

(رابعا) إساءة استخدام قيادات الحزب للسلطة:

ويحدث ذلك إذا لم تتبع الديمقراطية في شئون الحزب بحيث تسيطر زعاماتة سيطرة مطلقة على شئونه، دون رقابة أو مراجعة، ويظهر ذلك بصفة خاصة في العملية الانتخابية حيث يكون الحزب وسيطا بين هيئة الناخبين والمرشحين لأهمية الترشيح الحزبى وإسهام الحزب في تحمل مصاريف الدعاية الانتخابية ومساعدة المرشح في الانتخابات.

وإذا لم تراع قيادات الحزب في الترشيح اختيار أفضل وأكفاء العناصر الصالحة للترشيح للنيابة أو للوظائف العامة وأخذت بنظرية الغنائم وأساءت بحكم التسلط والأغراض والأهواء الشخصية هذا الاختيار فانه بالضرورة سوف يؤدى ذلك إلى فساد السلطة وضعفها.

كذلك فإن تشخيص السلطة في زعامات الحزب السياسى مع ضمان حصولها على التأييد الآلى المنتظم المضطرد في البرلمان - وذلك يحدث في حالة حصول حزب قوى على أغلبية واسعة فيه في مواجهة معارضة من أحزاب ضعيفة لاوزن لها في القرار البرلمانى قد يغرى - مع سيطرة زعامة الحزب على نوابه وعلى الحكومة - هؤلاء الزعماء بالاستبداد والتحكم في الأغلبية الآلية المتوفرة في البرلمان ويؤدى بالتالى إلى تقوية سلطتهم ونفوذهم على نحو يهدد الديمقراطية والمصالح القومية.

(خامسا) سيطرة المصالح الاقتصادية القوية على الأحزاب:

وينتقد الفقه الدستورى والسياسى وبصفة خاصة في الولايات المتحدة التأثير البالغ لرجال الأعمال على الأحزاب السياسية القائمة عن طريق التبرعات والتمويل بدون رقابة أو مراجعة مع التزام الحزب برعاية مصالح المتبرعين والممولين في نشاطه السياسى وعدم اهتمام المواطن العادى بنشاط الأحزاب، إلا في أوقات الانتخابات ويرون ضرورة تقرير الرقابة الحكومية على موارد الأحزاب، ونشر حساباتها على الرأى العام ويطالب الفقه الدستورى والسياسى الأمريكى بعلاج تشريعى لهذه الأمور لإزالة المساوئ الناتجة عنها.

ويبدو هذا الخطر شديدا في البلاد النامية حيث تكون الموارد الحزبية الوطنية محدودة نتيجة للتخلف الاقتصادى للأفراد والفقر المنتشر في البلاد - مما قد يغرى بالحصول على تمويل من جهات أجنبية يتسلل من خلاله النفوذ والسيطرة الأجنبية على الحياة السياسية الوطنية.

وبالنسبة للأحزاب السياسية في مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952 فانه بمطالعة أحكام دساتير ما قبل الثورة يتبين إنه لم يرد في دستور سنة 1882 أى نص على إباحة أو حظر تكوين الأحزاب السياسية، فهو بحكم نصوصه وظروف صدوره لم يتعرض إلا لنظام عضوية مجلس النواب واختصاصاته الدستورية وبعد الاحتلال الانجليزى لمصر في صيف سنة 1882، ألغى هذا الدستور ووضع القانون النظامى الجديد في أول مايو سنة 1883 على أساس تقرير اللورد "دوفرين" الذي جعل نظام الحكم المطلق بيد المعتمد البريطانى يمارسه بواسطة الخديوى ولم يتغير هذا الوضع في القانون النظامى الصادر سنة 1913 في ظل الاحتلال.

ولم يرد في دستور سنة 1923 أى نص صريح بإباحة تشكيل الأحزاب السياسية أو بتنظيم هذه الأحزاب.

وقد ورد النص في هذا الدستور على أن حرية الرأى مكفولة ولكل إنسان الإعراب عن فكره بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو بغير ذلك في حدود القانون (م 14).

وعلى أن للمصريين حق الاجتماع في هدوء وسكينة غير حاملين سلاحا (م 20).

وعلى أن للمصريين حق تكوين الجمعيات وكيفية استعمال هذا الحق يبينها القانون (م 21).

وقد كان نص المادة (21) هو المادة (19) عند عرضها على اللجنة العامة لصياغة مبادئ هذا الدستور وكانت تنص على أن "للمصريين حق الإشتراك" - أى التجمع والتعاون في سبيل غرض مشترك - وفق المقرر بالقوانين التي تبين كيفية استعمال هذا الحق.

وقد عدلته اللجنة إلى النص على أن "للمصرين حق تكوين الجمعيات... الخ".

وهذا النص مطابق لما ورد في دستور سنة 1930 في المادة (21) منه كما أن نص المادة (14) من دستور سنة 1923 بشأن حق الاجتماع مطابق لنص المادة (20) من دستور سنة 1930.

وقد قامت معظم الأحزاب السياسية في مصر قبل صدور دستور سنة 1923، واستمرت بعده، كما نشأت أحزاب أخرى بعد صدوره دون أن يجادل أحد في أن حق تكوين الجمعيات شامل لها بكافة أنواعها وبينها الأحزاب السياسية وأنه حق متفرع كذلك بالضرورة على حق الترشيح وحق الانتخاب وعلى حرية الاجتماع وحرية الرأى المقررة في نصوص دستورى سنة 1923، سنة 1930.

ويبين من دراسة تاريخ الأحزاب المصرية في هذه الفترة ما يأتى:

(أولا) أنه قد نشأت الأحزاب السياسية المختلفة في ظل الاحتلال البريطانى لمصر وأن أكبر عدد من هذه الأحزاب قد نشأت في الفترة من سنة 1907 حتى سنة 1922 قبل العمل بالدستور سنة 1923 وقد نشأت في هذه الفترة الأحزاب ذات الوزن في الحياة السياسية المصرية - وأيضا الأحزاب الكثيرة غير الجدية. والثابت أن عددا كبيرا من الأحزاب السياسية وبصفة خاصة غير الجدى منها قد نشأت في الفترة من سنة 1907 حتى سنه 1910.

ولم يكن ثمة نص في دستور في هذا الوقت يحظر أو بمنع تكوين الأحزاب.

ولذا فإن نشوءها وترك الأمر في تعدادها دون تنظيم يضمن جدية الحزب ونشاطه لخدمة الوطن كان أمرا بالبداهة مقصودا من سلطة الاحتلال لتفتيت القوى الوطنية وضربها ببعضها البعض ذلك أن سلطة الاحتلال لا صالح لها في الحفاظ على وحدة الوطن المحتل ومصالحه القومية العليا

(ثانيا) أنه بعد صدور دستور سنة 1923 لم يرد فيه نص صريح على إباحة الأحزاب باعتبارها كما سبق القول داخله في نطاق الجمعيات المباح طبقا لقانون تكوينها ولم يصدر قانون ينظم هذه الأحزاب وبقيت الأحزاب السابقة على الدستور قائمة.

إنما أنشأ وجود الدستور الصراع على السلطة بين الملك وممثلى الشعب والأحزاب الشعبية - فوجدت بعد سنتين من نفاذه منذ سنة 1925 ظاهرة إنشاء الأحزاب غير الشعبية أو الجماهيرية لخدمة أغراض مقاومة القصر للاحزاب الجماهيرية ونفوذها الشعبى وقد استمرت هذه الظاهرة حتى سنة 1932

(ثالثا) أنه لم يصدر أى قانون بعد صدور دستور سنة 1923 ينظم الأحزاب السياسية قبل ثورة يوليو سنة 1952 ويضع الضوابط الكفيلة لتحقيقها لأهدافها السياسية في خدمة الأمة، وقد أدى ذلك إلى تعددها في صورة لا تميز فيها بين برنامج أو أهداف معظمها، كما أدى إلى الصراع الشديد بينها على السلطة بل وادى إلى ان عددا لا يستهان بقيمته في الحياة السياسية من هذه الأحزاب نشأ انشقاقا من أكبر الأحزاب شعبية دون اختلاف جوهرى في المبادئ أو الأهداف.

وقد نتج عن ذلك أن قوة الإرادة الشعبية أصبحت مفتته مجزأة متناحرة في الصراع الحزبى وذلك في مواجهة قوة الاحتلال الذي تسانده قواته الرابضة على أرض الوطن، وقوة القصر الذي يسانده الاحتلال ويدعمه في ذات الوقت استناده إلى استقرار نظام توارث السلطة الملكية.

ويبين مما سبق أنه قد شاب التجربة الحزبية في مصر العديد من العيوب السابقة فقد تعددت الأحزاب تعددا غير جدى ولم يكن فعالا منها في الحياة السياسية المصرية قبل إلغائها إلا عددا محددا بالنسبة لعددها الكبير، بل لقد بلغ عدد المنضمين إلى بعض الأحزاب غير الجدية قبل دستور سنة 1923 عدد لا يزيد على أصابع اليد الواحدة، ولقد تكررت هذه الظاهرة وقت إعلان إنشاء المنابر حيث بلغ عدد المطلوب تأسيسه منها عددا غير معقول وكان تعددها دون مبرر أو سبب جدى يحمل على ذلك.

كذلك فإن التناحر الحزبى على السلطة قبل الثورة كان من أسباب عدم الاستقرار السياسى، وتفتيت كتلة الناخبين في مواجهة القصر والسفارة البريطانية على نحو لم يسمح بمواجهتها بما يحقق مصالح الشعب في الجلاء والتقدم السياسى والاقتصادى والاجتماعى وقد ظهرت أيضا ظاهرة الزعامات الشخصية والانشقاقات بسببها من الأحزاب الفعالة والاستبداد في قيادات الأحزاب في التصرف في شئونها نتيجه لعدم التزام الأساليب الديمقراطية في كل شئون هذه الأحزاب.

ولقد كان مرجع ذلك بلا شك قبل ثورة 23 يوليو سنة 1952 يرجع إلى ثلاث اعتبارات رئيسية:

(الأول) هو وجود سلطة الاحتلال ممثلة في جيوشه على أرض الوطن وسيطرته على السلطة السياسية في مصر من خلال المندوب السامى ثم السفير البريطانى، ووجود سلطة القصر في حماية هذه السلطة الأجنبية وفى حماية الاستقرار الذي يكفله توراث العرش، وتحالف كلاهما على حرية الحياة السياسية للشعب المصرى واصطناعها للأحزاب المناوئة للأحزاب صاحبة الأغلبية الشعبية، وحرمان الأغلبية بكل سبيل من بلوغ السلطة.

(الثانى) عدم وجود تنظيم قانونى أو ميثاق وطنى يكفل التزام هذه الأحزاب جميعا بالوحدة الوطنية في مواجهة القوتين الغاشمتين وانصراف معظم الأحزاب إلى الصراع من أجل السلطة.

(الثالث) انخفاض المستوى الاقتصادى الثقافى والتعليمى وبالتالى السياسى للناخبين وتخلف الرأى العام المصرى عن إدراك حقائق القوى السياسية المتغلبة على شئون البلاد وكشفه لمؤمراتها وتحالفها ضده، وعدم قدرته على فرض الوحدة الوطنية ومقتضياتها على العمل الحزبى سياسيا أو تشريعيا - وانتشار شراء أصوات الناخبين من القوى الاقتصادية المتحكمة في البلاد.

- وللافادة من المزايا التي يحققها وجود الأحزاب الذي تحققه في الحياة السياسية للبلاد من حيث دعم الحرية والديمقراطية وضمان وسلامة ونزاهة الحكم، ولتلافى العيوب التي يؤدى اليها تعدد الأحزاب وبمراعاة ما تقتضيه طبيعة وظروف الوطن ومصالحه القومية العليا التي جعلت من تحالف قوى الشعب العاملة مبدأ يقرره صراحة نص المادة الخامسة من الدستور فقد وضعت اللجنة نصوص الاقتراح بمشروع قانون المقدم منها بشأن نظام الأحزاب السياسية بمراعاة أحكام الدستور، وعلى ضوء التطور الديمقراطى العميق الذي أحدثته ثورة 15 مايو سنة 1981 في الحياة السياسية للبلاد.

تعريف الحزب السياسى:

من المسلم به في الفقة الدستورى وفي مبادئ العلوم السياسية أن الحزب لا يعدو أن يكون جماعة منظمة أو جمعية منظمة أو تنظيما لمجموعة من المواطنين يعمل كوحدة سياسية لتجميع الناخبين والحصول على تأييدهم لأهداف وبرامج تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة وصولا إلى الحصول على ثقة أغلبية الناخبين، بما يمكنه بشكل شرعى من وضع هذه الأهداف والبرامج موضع التنفيذ، فالحزب السياسى بناء على ذلك يقوم على أركان ثلاثة:

( أ ) ركن التجمع أو الجمعية.

(ب) ركن وحدة النظرية أو المبادئ أو الأهداف أو البرامج.

(جـ) أن تكون النظرية أو المبادئ أو الأهداف ذات طابع سياسى.

ولذلك فإنه لا يختلف الحزب السياسى عن أية جمعية أخرى إلا في أن هدفه أو مبدأه أو برنامجه الذي يتم التجمع حزبيا لتحقيقه يعد مبدءا وهدفا وبرنامجا سياسيا بالدرجة الأولى، فالحزب جمعية لها أهداف وأغراض وبرامج سياسية ووسائل سياسية للوصول إليها، ومن ثم فإن الحق في تشكيل الأحزاب السياسية تعد حقا من الحقوق الدستورية العامة المتفرقة على حق تكوين الجمعيات أو الجامعات وحق المشاركة بالترشيح والانتخاب والاستفتاء في وضع القرار السياسى يضاف إلى ما سبق أن هذا الحق ينبثق من الحريات العامة التي تقررها الدساتير بصفة أساسية وهى حرية الاجتماع وحرية ابداء الرأى والعقيدة السياسية بوسائل الإعلام المختلفة وهى كلها حريات عامة تحتمها طبيعة النظم الديمقراطية النيابية على اختلاف دساتيرها ويفرضها ركنها الجوهرى والأساسى وهو التسليم بالسيادة للشعب.

ذلك أن السيادة الشعبية يلزمها بالضرورة القدرة الحرة على تجميع الإرادات الفردية وحرية التعبير عن الرأى والعقيدة السياسية بوسائل الإعلام المختلفة كطريقة حتمية للدعوة إلى هذا التجمع في هذا العصر.

وهذه الحريات لا تعدو كونها الأركان المختلفة للوجود الحزبى سواء من حيث التكوين ممثلا في حرية التجمع أو من حيث الهدف ممثلا في السعى إلى المشاركة في الحكم لتحقيق الرأى أو العقيدة السياسية أو من حيث الوسيلة من حيث حرية التعبير عن الراى والعقيدة السياسية.

وبناء على ذلك فقد عرفت المادة (1) من المشروع الحزب السياسى بأنه كل جماعة منظمة تؤسس طبقا لأحكامه وتعمل بالوسائل الديموقراطية والسياسية لتحقيق أهداف أو أغراض أو برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم.

وجدير بالذكر قبل التعرض لباقى نصوص المشروع الإشارة إلى أن أحكامة تتضمن القواعد المنظمة للأحزاب السياسية وهى نصوص بطبيعتها تعالج موضوعا سياسيا ودستوريا هو النظام الشامل لشئون هذه الأحزاب تكوينا وأهدافا، وتمويلا، ونشاطا وهى أحكام مستقاة في معظمها من نصوص الدستور وعباراتها ومن المستقر في المواثيق السياسية المصرية المختلفة منذ ثورة 23 يوليو سنة 1952 حتى الآن ومن بين هذه العبارات والاصطلاحات "الوحدة الوطنية"، "تحالف قوى الشعب العاملة"، "السلام الاجتماعى"، "الاشتراكية الديمقراطية"، "المكاسب الاشتراكية"، "النظام الاشتراكى الديمقراطى".... الخ.

وهى عبارات واصطلاحات تكرر ورودها في مقدمة الدستور وفى نصوص المواد (1، 3، 4، 5، 9، 60، 73، 74، 179، 180) من هذا الدستور.

ومن الظاهر تداخل المعانى الدستورية والسياسية لهذه العبارات والارتباط بين كل منها وغيره، وعدم شمول أى من هذه العبارات للمعانى التي تشملها العبارات الأخرى، ولذلك فإنه رغم الإيضاحات التي تتضمنها هذه المذكرة للمعانى المقصودة بتلك العبارات بصفة عامة فنظرا لأنها عبارات ذات مدلول سياسى ودستورى في آن واحد وهى بحكم طبيعتها يتم تفسيرها من خلال الممارسة والتطبيق كما هو الشأن في كل النصوص الدستورية ذات الطابع السياسى ومن ثم فإن الفيصل في تحديد معانى العبارات السابقة هو القضاء الذي سوف يستلهم بلا شك المعنى المحدد لهذه العبارات من أحكام الدستور والمواثيق السياسية للثورة مند 23 يوليو سنة 1952 وبصفة خاصة بعد تصحيح مسارها مند 15 مايو سنة 1971 حتى الآن - كما سوف يستلهم الممارسة فيما نشأ عنها من عرف دستورى أو تشريعى يحدد معنى كل عبارة من هذه العبارات ويضع المعايير الدقيقة المحددة لهذه المعانى في ظل المناخ الديمقراطى وسيادة القانون السائد الآن والذى يكفل حرية الفكر والرأى والتعبير عنهما بكل الوسائل في حدود القانون، ولا شك في أن القضاء هو الضمان الجوهرى للحقوق والحريات العامة للمواطنين، والسلطة القضائية هى الأمينة على هذه الحقوق والحريات، وهى التي تتحمل مسئولية هذه الرسالة المقدسة فيما يعرض عليها من قضايا ومنازعات بصددها.

وانطلاقا مما سبق فإن المقصود بصفة عامة في أحكام المشروع "بالنظام الاشتراكى الديموقراطى" النظام الذي حددت ملامحة أحكام الدستور، وهو النظام الذي يرفض انفصال الحرية عن الاشتراكية، ويقدس الحقوق والحريات العامة المقررة كأركان للديمقراطية في أحكام الدستور، ولا يستخدم الإجراءات الاستثنائية إلا في حدود الدستور والقانون وفى حالات الضرورة التي تقتضيها المصالح القومية العليا للوطن وللمواطنين، ويعمل من خلال خطة شاملة للتنمية أن يؤدى القطاع العام كما يؤدى القطاع الخاص، دوره الاقتصادى والاجتماعى فيها في ظل المشروعية وسيادة القانون، ويلتزم كذلك بكفالة توفير الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية لكافة المواطنين، ويضع مظلة شاملة للتأمينات الاجتماعية تشملهم جميعا تحقيقا للتضامن والتكافل الاجتماعى، ويوفر فرص العمل وينظم الحد الأدنى للأجور وساعات العمل وعلاقات العمل بما يكفل منع الاستغلال وتوفير مستوى معيشة كريم للعاملين.

وهو النظام الذي يكفل حماية المكاسب الاشتراكية للعمال والفلاحين ويحافظ عليها ممثلة من حيث الاشتراك في الإدارة والأرباح وضمان العدل السياسى وتوسيع قاعدة الملكية الزراعية على نحو يكفل - عدم سيطرة الأقلية ممثلة في الاقطاع ورأس المال على الحكم، والحفاظ على نسبة الخمسين في المائة المقررة للعمال والفلاحين في مجلس الشعب وكافة المجالس الشعبية ويقوم على دولة المؤسسات وعلى سيادة القانون والشرعية وعلى حماية الحريات العامة والحقوق الخاصة للمواطنين.

كذلك فإن المقصود بالوحدة الوطنية أن يلتزم الحزب باحترام النظام الأساسى للدولة والمقومات الأساسية للمجتمع، كما حددها الدستور دون إخلال بالديمقراطية وبحرية الرأى والنقد والصحافة وكافة وسائل الإعلام التي تكفلها وتقدسها نصوصه.

وتقوم هذه الوحدة الوطنية على أساس ضرورة إعطاء الأولوية دائما لأهداف النضال الوطنى والتحررى وأفضلية المصالح القومية الشاملة على المصالح الخاصة لكل قوة وطائفة أو فئة اجتماعية.

وقد أوردت هذا التعريف والتفسير أحكام القانون رقم 24 لسنة 1972 بشأن حماية الوحدة الوطنية، ويقتضى ذلك أن يلتزم الحزب بعدم إصدار قرارات أو ممارسة نشاط من نشاطاته بما يهدد الوحدة الوطنية فحمايتها واجبة عليه ومن ثم فانه تعد الافعال المكونة للجرائم التي يعاقب عليها قانون الوحدة الوطنية محرمة على الحزب السياسى، كما تعد الأفعال التي تؤدى حتما إلى أحداث آثار الأفعال المعاقب عليها محظورة كذلك ومن ثم لا يسوغ أن تؤدى الممارسة الحزبية أو تصرفات أو قرارات الحزب إلى إثارة فتنة على أساس طبقى، أو طائفى، أو فئوى أو جغرافى، أو تشتمل على الدعوة إلى استعمال العنف أو التهديد أو أية وسيلة غير مشروعة لمناهضة السياسية العامة المعلنة للدولة القائمة على الوحدة الوطنية، أو للتأثير بأية وسائل غير مشروعة على مؤسساتها السياسية والدستورية في اتخاذ قرار بشأنها، كما يكون محظورا على أعضاء الحزب السياسى أو قيادته الإذاعة أو النشر أو الترويج عمدا لأخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة بقصد إثارة النزاع والخلاف بين مختلف فئات تحالف قوى الشعب العاملة على نحو يؤدى إلى تهديد الوحدة الوطنية.

كذلك فإنه مما يدخل في نطاق الأعمال والتصرفات المتعارضة مع الوحدة الوطنية قيام الحزب من خلال قياداته وأعضائه بالتحريض بإحدى وسائل العلانية في الصحف التي يملكها أو بالهتاف أو الصياح في المظاهرات التي ينظمها في الطرق والأماكن العامة أو بتوزيع النشرات أو المنشورات وبصفة عامة بأية وسيلة من وسائل العلانية التي تضمنها قانون العقوبات في المادة (171) منه على أمر من الأمور السابقة وهى أمور أو تصرفات أو نشاطات أو قرارات للحزب من شأنها تفتيت الوحدة الوطنية وتهديد سلامة الجبهة الداخلية للوطن.

والمقصود بتحالف قوى الشعب العامة صيغة التحالف بين الفئات المكونة لهذا التحالف وفض النزاعات والخلافات بينهما بطريق ديمقراطى مع التحالف والتضامن في سبيل المصالح القومية المشتركة وهى الصيغة التي ارتضاها الشعب وأصبحت منصوصا عليها في الدستور ولا يمكن المساس بها في ظل أحكامه ونصوصه الحالية وبصفة خاصة المادة (5) منه ومن ثم فانه من غير الجائز للحزب السياسى أن يعمل وينشط لتدمير الإيمان الشعبى بفكرة وصيغة تحالف قوى الشعب العاملة أو لتدمير التحالف ذاته باثارة الفتنة والكراهية والبغضاء بين فئات التحالف.

والمقصود بالسلام الاجتماعى احترام الحزب في نشاطه وقراراته وتصرفاته المشروعية وسيادة القانون - وعدم خروجه في ممارساته الحزبية في أى من هذه الأمور عن الأساليب الشرعية والسلمية والديموقراطية وعدم بثه الكراهية والحقد بما يثير الفتنة بين فئات تحالف قوى الشعب العاملة ويهدد بعنف ودموية الصراع بينها فلا يسوغ أن يعمد الحزب إلى الدعوة إلى استخدام العنف أو يعمل على إنشاء تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية بطريق مباشر أو غير مباشر أو يعمد إلى الدعوة إلى برامج أو حلول لمشاكل الجماهير من شأنها إثارة القلق والاضطراب الشعبى والاجتماعى على نحو قد يؤدى إلى اختلال الأمن والنظام العام.

والمقصود بعدم تعارض مبادئ وأهداف الحزب وبرامجه مع الوحدة الوطنية أو السلام الإجتماعى... الخ. أن لا يكون ثمة تناقض حتمى ومخل بينها وبين بعضها. والمقصود بالمبادئ النظرية أو الإيديولوجية السياسية التي يتبناها الحزب، والمقصود بالأهداف الحزبية بصفة رئيسية الهدف الرئيسى للحزب وهو الوصول إلى ثقة الناخبين والحصول على الأغلبية في الانتخابات وفى مقاعد مجلس الشعب وبلوغ السلطة بالأسلوب الديموقراطى لتحقيق الأهداف الأخرى للحزب والتى يضمنها برنامجه الذي يحدد أولويات هذه الأهداف ونطاق كل منها ورؤية الحزب بشأن الإمكانيات اللازمة لتحقيقها والوسائل التي سوف يلتزم بها في تنفيذها.

نصوص المشروع:

وانطلاقا مما سبق جميعه فإن نصوص الاقتراح بمشروع قانون المرفق ينظم الأحزاب السياسية على أساس المبادئ العامة الآتية:

(أولا) وطنية الأحزاب السياسية:

ومقتضى ذلك أن الأحزاب السياسية رغم التسليم باختلاف برامجها عن بعضها البعض وسعيها الحر والمشروع في الحصول على ثقة الناخبين بالوسائل الديمقراطية للمشاركة في الحكم لتحقيق هذه البرامج (المادة (1) من المشروع) فإنها قبل كل شئ تقوم بنشاطها من أجل الوطن - ولذلك فانها:

1 - تلتزم بأن تسهم في تحقيق التقدم السياسى والاقتصادى والاجتماعى للبلاد على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعى والاشتراكية الديموقراطية - وهى تعمل باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية (م 2 من المشروع).

2 - ويلتزم الحزب بناء على ما سبق بعدم تعارض مبادئه وأهدافه وبرامجه مع الوحدة الوطنية أو تحالف قوى الشعب العاملة أو السلام الاجتماعى أو النظام الاشتراكى الديموقراطى (م 4 من المشروع البندين أولا وثالثا).

كما يلتزم بعدم قيامه على أساس طبقى أو طائفى أو فئوى أو جغرافى أو على أساس التفرقة بسبب العقيدة الدينية أو العنصر أو الجنس وغنى عن البيان إنه تحتم التزام الحزب بهذه المبادئ النصوص الصريحة للدستور وخاصة المواد (1)، (3)، (4)، (5)، (7)، (23 - 29)، (40)، (46)، (59)، (60) منه

3 - كذلك فإنه تفريعا على هذا المبدأ فان المصريين وحدهم هم الذين لهم حق تكوين الأحزاب السياسية والانتماء إلى هذه الأحزاب (م 3 من المشروع).

ولا يقبل في عضوية الحزب غير مصرى ولا يقبل المتجنس إلا بعد عشر سنوات من تجنسه (المادة 6/ 2)

4 - ولا يجوز للحزب أن يقوم كفرع لحزب في الخارج (م 4 بند سادسا).

ويجب أن تكون مقار الحزب داخل الجمهورية العربية المتحدة (م 5 من المشروع بند أولا).

وحفاظا على الإنتاج والتعليم بكافة أنواعه والخدمات المختلفة ومنعا لتأثير النشاط الحزبى فيها فقد حظر وجود أى مقر للاحزاب في الأماكن الإنتاجية أو الخدمية أو التعليمية أيا كان نوعها أو شكلها القانونى (م 5 بند أولا).

5 - ولا يجوز للحزب قبول أى تبرع أو ميزة أو منفعة من أجنبى أو من جهة أجنبية (م 11 من المشروع).

ولا يجوز للحزب الاتصال بأى حزب أو تنظيم سياسى أجنبى إلا طبقا للقواعد التي تحددها اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى (م 21 من المشروع).

ولا يجوز التعاون أو التحالف مع أى حزب أو تنظيم سياسى أجنبى (م 22).

6 - ويعاقب، من ينشئ أو يؤسس أو ينظم أو يدير على خلاف أحكام المشروع تنظيما حزبيا غير مشروع ولو كان متسترا في وصف جمعية أو هيئه أو منظمة جماعة أيا كانت التسمية أو الوصف الذي يطلق عليه إذا تم ذلك بناء على تخابر مع دولة أجنبية بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة.

وتكون العقوبة على هذه الجريمة إذا ارتكبت بناء على تخابر مع دولة معادية الاشغال الشاقة المؤبدة (م 24 من المشروع).

ويعاقب بالسجن كل من انضم أو دعا إلى إنشاء أو روج للانضمام إلى تنظيم حزبى غير مشروع إذا كان التنظيم قد نشأ بالتخابر مع دولة أجنبية وكان الجانى يعمل بذلك (م 25 من المشروع).

وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إذا كان التنظيم المذكور قد نشأ بالتخابر مع دولة معادية وكان الجانى يعلم بذلك. (م 25 من المشروع).

كذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن كل رئيس حزب سياسى أو أى عضو أو عامل فيه وعدم بقبول أو قبل أو تسلم مباشرة أو بالوساطة مالا أو حصل على ميزة أو منفعة بأية صورة كانت من شخص أجنبى أو من أية جهة أجنبية لممارسة نشاط متعلق بالحزب (م 27 من المشروع).

ويعاقب غير المصرى والمسئول عن قبول غير مصرى في عضوية الحزب أو يقبل أى تبرع أو ميزة أو منفعة من أجنبى أو من جهة أجنبية أو يعمد إلى التعاون أو التحالف مع أى حزب أو تنظيم سياسى أجنبى بالحبس وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين (م 28 من المشروع).

ثانيا: جدية تكوين الأحزاب السياسية:

والمقصود بذلك أن يكون قيام الحزب جديا وممثلا لاتجاه شعبى محدد وواقعى وليس مجرد وجود صورى لا يعبر إلا عن مؤسسيه دون أن تكون للحزب قاعدة جماهيرية واضحة، ودون أن يكون لوجوده إضافة جديدة للعمل السياسى في البلاد - وقد تضمنت نصوص المشروع الأحكام المتفرعة على هذا المبدأ متمثلة فيما يلى:

1 - ضرورة تميز برنامج الحزب تميزا جوهريا عن برامج الأحزاب القائمة وقت الاخطار عن تأسيس الحزب، وقد انتهت اللجنة إلى ذلك في المادة (4) بند (ثانيا) من المشروع أى أنه لا يشترط التميز في مبادئ وأهدف الحزب وذلك بقصد التيسير في شروط نشوء الأحزاب وذلك اكتفاء بتميز البرامج الخاصة بها لما في التزامها الوطنى جميعها من تقيد بالمبادئ والأهداف العامة السالف ذكرها.

2 - ضرورة وضع نظام داخلى للحزب بالأسلوب الديمقراطى ينظم كل شئونه السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية بما يتفق وأحكام المشروع وبحيث يشمل هذا النظام بصفة خاصة الأمور المتعلقة بكيان واسم الحزب ومبادئه وأهدافه، والعضوية فيه وتشكيلاته، وأمواله وقواعد واجراءات حله واندماجه الاختيارى في غيره على النحو المبين تفصيلا في المادة (5) من المشروع.

3 - اشتراط أن يكون من بين الموقعين على الإخطار بتأسيس الحزب بصفة دائمة عشرون عضوا على الأقل من أعضاء مجلس الشعب المادة (7 من المشروع).

مع اشتراط أن يكون من بين الموقعين على هذا الإخطار خمسون عضوا على الأقل من أعضاء الحزب (المادة 7 من المشروع).

4 - اعتبار أى حزب سياسى لا يحصل على عشرين مقعدا في مجلس الشعب على الأقل في الانتخابات العامة التالية مباشرة لتأسيسه أو أية انتخابات عامة لاحقة منحلا بقوة القانون وأيلولة أمواله إلى الجهة التي تحددها اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى (المادة 19 من المشروع).

5 - ومقتضى ما سبق اعتبار أى حزب من الأحزاب سواء - الثلاثة الموجودة عند العمل بالمشروع وهى (حزب مصر العربى الاشتراكى - الأحرار الاشتراكيين - التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى) - أو أى حزب آخر يؤسس بعد العمل بالقانون لا يحصل على هذا الحد الأدنى من المقاعد على الأقل في أية انتخابات عامة لاحقة على العمل بالمشروع ملغى بقوة القانون وتئول في هذه الحالة أمواله إلى الجهة التي تحددها اللجنة المركزية (المادة 19 من المشروع).

(ثالثا) حرية تكوين الأحزاب السياسية:

ومعنى ذلك حرية أية جماعة سياسية منظمة في نطاق الجدية التي راعاها المشروع والشروط التي تقررها نصوصه في تأسيس أى حزب سياسى وأن يتم هذا التأسيس عن طريق الاخطار المقيد وليس عن طريق الترخيص وعدم تقييد نشوء الأحزاب في نصوص المشروع بأى عدد ما دامت تتوفر فيها الشروط الواردة في المشروع - وقد تقررت هذه القواعد على النحو التالى في مواده:

1 - حق المصريين في تكوين الأحزاب وحقهم في الانتماء اليها مطلق من حيث العدد المحدد لهذه الأحزاب (م 3 من المشروع).

2 - يتم تشكيل الحزب عن طريق الإخطار إلى أمين عام الاتحاد الاشتراكى العربى من خمسين من أعضائه المؤسسين على الأقل ويكون بينهم عشرون من أعضاء مجلس الشعب وذلك حتى تتحقق الجدية في نشوء الأحزاب السياسية بعد العمل بالمشروع على نحو يشبه الأسلوب الذي نشأت به المنابر التي أصبحت متمثلة في الأحزاب الثلاثة الحالية.

ويتمتع الأحزاب بالشخصية الاعتبارية ويمارس نشاطه السياسى اعتبارا من اليوم التالى لانقضاء ثلاثين يوما على عرض الاخطار بتأسيس الحزب على لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها في المادة (8) من المشروع دون أن تعترض على تأسيسه اعتراضا مسببا وهى لا يجوز لها الاعتراض إلا استنادا إلى عدم توافر الشروط اللازمة قانونا لتأسيس الحزب فيه.

وهى تمارس هذا الاختصاص تحت رقابة القضاء الإدارى فللحزب أن ينشأ رغم اعتراض اللجنة إذا حكمت محكمة القضاء الإدارى بوقف قرار الاعتراض أو بإلغاء هذا القرار (المواد 7، 8، 9).

(رابعا) ديمقراطية التنظيمات والتشكيلات والقرارات الحزبية:

ومقتضى هذا المبدأ ضرورة وضع اللوائح والأنظمة الداخلية للأحزاب السياسية بأسلوب ديموقراطى واختبار التشكيلات والقيادات المختلفة للحزب بطريقة ديموقراطية واتخاذ قرارات الحزب وممارسته لنشاطه السياسى بهذا الأسلوب ضمانا لعدم استبداد قياداته بأعضائه ولقد تضمنت نصوص المشروع تقرير هذا المبدأ على النحو التالى:

1 - الزام الأحزاب بالعمل باعتبارها تنظيمات شعبية ووطنية وديموقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسيا (م 2).

2 - اشتراط عدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أية تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية ويشمل الحظر أن يكون ذلك علنيا أو سريا أو بطريق مباشر أو غير مباشر عن طريق استخدام أية أساليب أخرى قد تؤدى إلى ذلك وقد نص على ما سبق كشرط من شروط التأسيس (م 4 رابعا).

3 - اشتراط قيام تشكيلات الحزب ومباشرته لنشاطه وتنظيم علاقته بأعضائه على أساس ديموقراطى وكفالة نظام الحزب لأوسع مدى للمناقشة الديموقراطية والحوار الحر داخل تشكيلاته (م 4 خامسا).

4 - إلزام الحزب بعلانية وأهدافه ووسائله وتشكيلاته وقياداته (م 4 سابعا).

5 - إلزام الحزب بأن يضمن نظامه الأساسى القواعد المتعلقة بما يلى:

( أ ) شروط العضوية في الحزب وقواعد وإجراءات الانضمام إليه والفصل من عضويته والانسحاب منه (م 5 ثالثا).

(ب) طريقة وإجراءات تكوين تشكيلات الحزب واختيار قياداته وأجهزته القيادية وتحديد الاختصاصات السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية لأى من هذه القيادات والتشكيلات والأجهزة الحزبية (م 5 رابعا).

(ج) قواعد وإجراءات الحل والاندماج الاختيارى للحزب وتنظيم تصفية أمواله والجهة التي تؤول إليها هذه الأموال (م 5 سادسا).

(د) إلزام رئيس الحزب باخطار أمين عام الاتحاد الاشتراكى العربى والوزير المختص بالتنظيمات الشعبية والسياسية بأى قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه أو بحل الحزب أو باندماجه أو بأى تعديل في نظامه الداخلى وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ صدور القرار (م 16 من المشروع).

(خامسا) منع سيطرة المصالح الاقتصادية على الحزب:

القصد من ذلك أن يعتمد الحزب في ممارسة نشاطه على التمويل الذاتى من أعضائه بصفة أساسية - وأن يؤدى دوره السياسى الديموقراطى دون أن يعتمد على تمويل من الدولة كقاعدة عامة - ودون أن يخضع في سياسته للقادرين على مده بالأموال اللازمة لمباشرته لنشاطه السياسى وذلك حتى يتحقق في الحزب شعبيته وديمقراطيته ولا يسقط تحت سيطرة الإقطاع ورأس المال لتعود السيطرة لهما من خلال الأحزاب على الحكم.

وقد تقرر هذا المبدأ في أحكام المشروع على النحو التالى:

1 - إلزام الحزب بأن يحدد في نظامه الداخلى النظام المالى له شاملا تحديد مختلف موارده والمصرف الذي تودع فيه أمواله والقواعد والإجراءات المنظمة للصرف من هذه الأموال وقواعد وإجراءات إمساك حسابات الحزب ومراجعتها وإقرارها وإعداد موازنته السنوية واعتمادها. (م 5 خامسا).

2 - النص على أن موارد الحزب تتكون من اشتراكات وتبرعات أعضائه وحصيلة عائد استثمار أمواله في الأوجه غير التجارية التي يحددها نظامه الداخلى (م 11/ 1).

3 - حظر حصول الحزب على أى تبرع أو ميزة أو منفعة من أجنبى أو من جهة أجنبية (م 11/ 2).

4 - حظر قبول الحزب أى تبرع أو ميزة أو منفعة من أى شخص اعتبارى ولو كان متمتعا بالجنسية المصرية (م 11/ 2).

5 - إلزام الحزب بالإعلان عن اسم المتبرع له وقيمة ما تبرع به في إحدى الصحف اليومية على الأقل وذلك إذا زادت قيمة التبرع على خمسمائة جنيه في المرة الواحدة أو على ألف جنيه في العام الواحد. (م 11/ 3).

6 - عدم جواز خصم التبرعات التي تقدم للأحزاب من وعاء أية ضريبة نوعية أو الضريبة العامة على الإيراد. (م 11/ 4).

وقد ورد النص الصريح على عدم إعفاء التبرع من الضريبة النوعية أو من ضريبة الإيراد العام حتى يكون هذا الحكم الخاص هو الواجب التطبيق دون القوانين التي ترد في قوانين أخرى بشأن الإعفاء من الضرائب النوعية للتبرعات بما يستتبع قانونا الإعفاء من ضريبة الإيراد العام طبقا للقواعد العامة التي تخضع لها هذه الضريبة أو إذا ورد الإعفاء من ضريبة الإيراد العام لمثل هذه التبرعات دون الضرائب النوعية في بعض الأحوال وذلك رغبة في عدم تشجيع التبرعات من القوى الاقتصادية الرأسمالية بمبالغ كبيرة للتمتع بالإعفاء الضريبى من الضريبة النوعية أو الضريبة العامة المذكورة.

7 - إلزام الحزب بإيداع أمواله في أحد المصارف المصرية وإمساك دفاتر منتظمة تتضمن إيراداته ومصروفاته طبقا للقواعد التي يحددها نظامه الداخلى (م 12/ 2).

8 - اختصاص الجهاز المركزى للمحاسبات بصفة دورية بمراجعة دفاتر ومستندات وحسابات إيرادات ومصروفات الحزب وغير ذلك من شئون المالية وذلك للتحقق من سلامة موارد الحزب ومشروعية أوجه الصرف لأمواله (م 12/ 3).

وإلزام الجهاز باعداد تقرير سنوى عن كافة الأوضاع والشئون المالية للحزب وإخطار الأمين العام للاتحاد الاشتراكى العربى والوزير المختص بالتنظيمات السياسية والشعبية بهذه التقارير (م 12/ 4).

9 - إجازة منح اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى معونة مادية أو عينية للحزب بمراعاة ظروفه وحجم موارده وعدد أعضائه وذلك من أموال الاتحاد الاشتراكى العربى، أو من المبالغ المخصصة للاتحاد في موازنة الدولة (م 22/ 1).

10 - حق اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى في وضع حد أقصى لما يجوز أن يقبله الحزب من تبرعات أو يفرضه من اشتراكات على أعضائه. (م 22/ 2).

11 - إعفاء مقار الحزب ومنشآته المملوكة له وأمواله من جميع الضرائب والرسوم العامة والمحلية (م 13).

12 - معاقبة كل رئيس حزب سياسى أو أى عضو أو عامل فيه عد بقبول أو قبل أو تسلم مباشرة أو بالوساطة مالا أو حصل على ميزة أو منفعة بأية صورة كانت من شخص اعتبارى مصرى لممارسة نشاط يتعلق بالحزب بالسجن مدة لا تجاوز خمس سنوات (م 27/ 1).

13 - تقرير عقوبة الحبس والغرامة التي لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين لكل من يخالف القاعدة المبينة آنفا في (7) (م 28 من المشروع).

سادسا - تقرير الحقوق والمزايا والحصانات اللازمة لتمكين الحزب من مباشرة نشاطه:

يقوم المشروع على أن الأحزاب تنظيمات وطنية وشعبية وديموقراطية تسهم مساهمة أساسيا وجوهريا في الحياة السياسية للوطن وتعمل على تحقيق تقدمه ورخائه - وهى على هذا الأساس لازمة لدعم وتوسيع وتعميق الاشتراكية الديمقراطية في البلاد وتنشأ بالإرادة الحرة للمواطنين وتمارس نشاطها بحرية في نطاق أحكام الدستور والقانون.

والأحزاب السياسية رغم عدم وجود أى سيطرة أو هيمنة عليها أو على نشاطها في أحكام المشروع للاتحاد الاشتراكى العربى - إلا أنها في حقيقة الأمر تقوم على أساس الطبيعة السابقة لها وأسس تنظيمها في الأحكام بممارسة النشاط السياسى الحر المتعدد الاتجاهات بدلا من المنابر السياسية والتنظيمات الهرمية المختلفة في المستويات المتعددة للاتحاد الاشتراكى العربى في صورته الحالية قبل العمل بالمشروع ولكن دون أن تكون ملحقة أو تابعة أو خاضعة لوصاية أو لولاية عامة من هذا الاتحاد وليس له عليها من سبيل إلا في الحدود التي تقتضيها صيغة تحالف قوى الشعب العاملة والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والاشتراكية الديمقراطية التي تعد المسئولية الأساسية للاتحاد الاشتراكى العربى بنص الدستور وتتولاها اللجنة المركزية له طبقا لأحكام المشروع لذلك فإنه كان يتعين أن يتقرر للحزب السياسى في أحكام المشروع كافة الحقوق والمزايا والضمانات اللازمة لتمكينه من القيام برسالته وأداء مهمته في الحياة السياسية للوطن والمواطنين وهى تتمثل فيما يلى:

1 - تقرر الشخصية الاعتبارية للحزب وحقه في ممارسة نشاطه الحزبى والتصرف في شئونه بمجرد تمتعه بهذه الشخصية الاعتبارية طبقا للفقرة الأولى من المادة (9) من المشروع على النحو السالف بيانه.

كما أجاز المشروع في الفقرة الثانية من هذه المادة لمؤسسى الحزب ممارسة النشاط الحزبى وإجراء التصرفات باسم الحزب بصفة مؤقتة في الحدود اللازمة لتأسيسه ولا يجوز لهم بداهة ممارسة أى نشاط أو تصرف خارج على هذه الحدود (م 9/ 2).

2 - وباعتبار أن الحزب شخص قانونى سياسى عام فإن رئيس الحزب يكون هو الممثل القانونى له في كل ما يتعلق بشئونه أمام القضاء أو أمام أية جهة أخرى أو في مواجهة الغير.

وقد أجازت المادة (10) من المشروع لرئيس الحزب أن ينيب عنه واحد أو أكثر من قيادات الحزب في مباشرة بعض اختصاصات رئيسه وذلك طبقا للقواعد التي يحددها نظامه الداخلى. (م 10).

3 - وتأسيسا على أن الحزب شخص معنوى له غرض سياسى عام يتعين أن تنفق أمواله على الغرض الذي نشأ من أجله - فقد حظرت المادة (12) من المشروع صراحة صرف أموال الحزب إلا على أغراضه وأهدافه طبقا للقواعد والإجراءات التي يتضمنها نظامه الداخلى. (م 12/ 1).

4 - ونظرا لما للنشاط الحزب السياسى - من حيث إسهامه في تقدم الوطن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا - من تحقيق للصالح القومى فقد نصت المادة (13) على إعفاء المقار والمنشآت المملوكة للحزب السياسى وأمواله من جميع الضرائب والرسوم العامة المحلية معاونة له على أداء رسالته.

5 - وحماية لأموال الحزب بصفتها أموالا مرصودة للأهداف وللأغراض السياسية العامة للحزب، وباعتبارها محصلة من أموال أعضائه لهذا الغرض، فقد نصت المادة (14) على اعتبار هذه الأموال في حكم الأموال العامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات، كما اعتبرت القائمين على شئون الحزب والعاملين فيه في حكم الموظفين العموميين في تطبيق أحكام القانون المذكور، وتسرى عليهم جميع أحكام قانون الكسب غير المشروع بصفتهم هذه، أى سواء أكانوا من القائمين على شئون الحزب، أو من بين المعينين للعمل بمرتب أو بأجر فيه (م 14).

6 - عدم جواز تفتيش أى مقر من مقار الحزب السياسى في غير حالة التلبس بجناية أو جنحة إلا بحضور أحد رؤساء النيابة العامة. (م 14) وإلزام النيابة العامة بإخطار أمين اللجنة المركزية بأى إجراء اتخذ في مقر أى حزب خلال ثمان وأربعين ساعة من اتخاذه.

7 - حق الحزب السياسى في إصدار صحيفة أو أكثر للتعبير عن آرائه وذلك دون التقيد بالحصول على الترخيص المشترط من الاتحاد الاشتراكى الذي تضمنت الإشارة اليه أحكام المادتين (1)، (2) من القانون رقم 156 لسنة 1960 بشأن تنظيم الصحافة - ومن المسلم به بداهة أنه فيما عدا هذا الاستثناء من الترخيص المذكور فإن إصدار الحزب لصحيفة يخضع للقواعد المقررة قانونا لصدور الصحف.

(سابعا) الأحكام الوقتية والختامية في المشروع:

1 - الأحكام الخاصة بالأحزاب الحالية:

نظرا لأن التنظيمات السياسية الحالية وهى:

1 - حزب مصر العربى الاشتراكى.

2 - حزب الأحرار الاشتراكيين.

3 - حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى.

قد نشأت كمنابر ثابتة داخل الاتحاد الاشتراكى العربى إثر صدور قرارات لجنة مستقبل العمل السياسى في 9 من مارس سنة 1976 وذلك وفقا للقواعد التي قررتها اللجنة - وقد دخلت هذه المنابر المعركة الانتخابية مستقلة عن الاتحاد الاشتراكى بناء على القرار السياسى الذي اتخذه رئيس هذا الاتحاد، ثم أعلن الرئيس قراره السياسى باعتبارها أحزابا سياسية مع اتخاذ الإجراءات الدستورية والتشريعية لذلك اعتبارا من بداية الفصل التشريعى الحالى لمجلس الشعب.

فإن الأمر أصبح يقتضى الاعتراف قانونا بقيامها منذ وجدت واستمرار وجودها على هذا الأساس بصفتها أحزابا تتمتع بالشخصية الاعتبارية وعلى أن تمارس نشاطها السياسى بأوضاعها الحالية وقت نفاذ المشروع على أن يخطر كل منها الأمين العام للاتحاد الاشتراكى العربى والوزير المختص بالتنظيمات السياسية والشعبية بالأوراق والمستندات المتعلقة بتأسيسها خلال ثلاثين يوما من تاريخ العمل بالمشروع.

تأكيدا لمبدأ الجدية الذي التزمه المشروع بالنسبة للأحزاب الذي تنشأ بعد نفاذ أحكامه وبمراعاة سبق قيام الأحزاب الحالية على النحو السابق مع ضرورة أن يستند استمرارها على أساس من التمثيل الشعبى في مجلس الشعب بما يؤكد جديتها ووجود قاعدة شعبية تمثلها في الحياة السياسية للبلاد فإنه طبقا لأحكام المادة (19) من المشروع يعتبر أى حزب من هذه الأحزاب السياسية لا يحصل على عشرين مقعدا على الأقل في الفصل التشريعى القادم لمجلس الشعب أو في أى فصل تشريعى لاحق ملغى بقوة القانون وتؤول أمواله إلى الجهة التي تحددها اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى.

2 - أيلولة أموال الاتحاد الاشتراكى العربى إلى الأحزاب:

ونظرا لما يترتب على أحكام المشروع وبخاصة المادة (30) منه من - إلغاء كافة أمانات وتنظيمات ولجان ومؤتمرات الاتحاد الاشتراكى العربى في كافة أنحاء البلاد فيما عدا ما حددته هذه المادة وما يصدر بتحديده وتنظيمه قرار من اللجنة المركزية - من الاستغناء عن مقار عديدة لهذا الاتحاد، وتوفر قدر من الأموال العقارية والمنقولة المملوكة له فإنه يتعين تحقيقا للمصلحة العامة ولتدعم الحياة السياسية الديموقراطية من خلال الأحزاب السياسية التي تخضع لأحكام المشروع أن يحدد بقرار من أمين اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى، وطبقا للقواعد التي تحددها اللجنة المركزية للاتحاد ما يؤول إلى الأحزاب المشكلة طبقا لأحكام المشروع من أموال الاتحاد الاشتراكى، وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذه الأحكام (م 33 من المشروع).

كما أجيز بقرار من أمين عام الاتحاد الاشتراكى التنازل عن حق إيجار الأماكن التي يشغلها الاتحاد الاشتراكى العربى، إلى أى من الأحزاب المذكورة أو إلى وحدات الجهاز الإدارى للدولة، أو الهيئات العامة أو إلى غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة.

وفى هذه الحالة تحل الجهة التي يصدر القرار بالتنازل اليها عن حق الإيجار بقوة القانون محل الاتحاد الاشتراكى العربى.

3 - الأحكام الملغاة من القوانين المتصلة بالمشروع:

نظرا لما تضمنته نصوص المشروع، من أحكام تتعارض مع ما تضمنته المواد الثانية والثالثة والتاسعة من القانون رقم 34 لسنة 1972، بشأن حماية الوحدة الوطنية والتى تقرر مبدأ أن الاتحاد الاشتراكى العربى هو التنظيم السياسى الوحيد وتقرر حظر إنشاء أية تنظيمات سياسية على خلاف ذلك وتقرير كذلك العقوبة الجنائية على مخالفة ذلك، ولما تضمنته نصوص المادتين (2)، (6) من المرسوم بقانون رقم (37) لسنة 1952 من حظر إنشاء أحزاب سياسية، وحظر مباشرة أى نشاط سياسى لمن كانوا أعضاء في الأحزاب السياسية المنحلة بهذا المرسوم بقانون، ولما تقتضيه حرية إنشاء الأحزاب التي قام عليها المشروع وتنظيمه لها من إلغاء تلك الأحكام، فقد نصت المادة (34) على إلغائها، كذلك فإنه نظرا لورود التنظيم الكامل للأحزاب السياسية في أحكام المشروع ولورود النص على الجرائم الحزبية والعقاب عليها في مواد المشروع بشكل يتناسب ويتناسق مع الأحكام والمبادئ التي أوردها في تنظيم الأحزاب السياسية ونشاطاتها، ولما تضمنه المشروع من النص في المادة (28) منه على عدم إخلال أحكامه بأية عقوبة أشد ينص عليها في قانون العقوبات أو أى قانون آخر فإنه لم يعد ثمة محل للابقاء على نص المادتين (1)، (2) من القانون رقم (2) لسنة 1977 بشأن حماية حرية الوطن والمواطن ولذلك نصت المادة (32) من المشروع على إلغاء هاتين المادتين وإلغاء كل حكم يخالف أحكامه.

ويتضمن الاقتراح بمشروع قانون الذي أعدته اللجنة بنظام الأحزاب السياسية (34) مادة موزعة على ثلاثة أبواب على النحو التالى:

الباب الأول:

ويتكون من (23) مادة تتضمن التنظيم الخاص بالاحزاب السياسية والاتحاد الاشتراكى العربى.

الباب الثانى:

وينطوى على (6) مواد تتضمن العقوبات على الجرائم الحزبية.

الباب الثالث:

وينطوى على (5) مواد تتضمن الأحكام الختامية والوقتية.

والمشروع يقوم بصفة عامة على حرية الشعب في تأسيس أحزابه السياسية ويكفل الحفاظ على الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعى والاشتراكية الديموقراطية والأسس والمبادئ الجوهرية الاخرى التي يقوم عليها الدستور.

وترجو اللجنة من المجلس الموافقة عليه، وعلى مذكرته الإيضاحية التي تولت إعدادها لنصوصه بالصيغة المرفقة بهذا التقرير.

رئيس اللجنة التشريعية
حافظ بدوى

 


(1) طبقا لقرار اللجنة التنفيذية العليا رقم (1) لسنة 1969.

(2) الأعمال التحضيرية لدستور سنة 1971 محضر لجنة نظام الحكم جلسة 9/ 6/ 1971

(3) نص قانون الاتحاد المذكور على أن "الاتحاد الاشتراكى العربى هو السلطة الشعبية التي تقوم بالعمل القيادى والتوجيه وبالرقابة التي يمارسها باسم الشعب بينما يقوم مجلس الأمة وهو سلطة الدولة العليا ومعه المجالس النقابية والشعبية لتنفيذ السياسة التي يرسمها الاتحاد الاشتراكى العربى".

وقد أبرزت مناقشات اللجنة التحضيرية لدستور ثورة التصحيح - بطلان هذه الأحكام لمخالفتها للدستور حتى في الوقت الذي صدرت فيه في ظل دستور سنة 1964 - محاضر لجنة نظام الحكم الاجتماعى ص 10 - وقارن بالمواد 29، 31 وديباجة النظام الأساسى للاتحاد الصادر سنة 1975 بعد ثورة التصحيح.

 

 

مذكرة إيضاحية

الاقتراح بمشروع قانون مقدم من السيد العضو عبد الفتاح حسن

فى شأن تنظيم الأحزاب السياسية

(القانون 40 لسنة 1977)

يقوم هذا الاقتراح بقانون على الأسس التالية:

1 - حرية تكوين الأحزاب السياسية وحق المواطنين المصريين في الانتماء لأى حزب سياسى.

2 - ومع التسليم بالحق المشار إليه فإن كل حرية يلزم أن تكون في نطاق ما يوفر لها حق ممارستها دون تجاوز له، فإذا كان هناك حزب سياسى قائم، فلا ضرورة لقيام حزب آخر يتفق نظامه الأساسى ووسائل تحقيق أغراضه في الجوهر مع نظام ووسائل حزب سياسى قائم فعلا.

3 - وجوب اخطار وزير التنظيمات السياسية بالبيانات اللازمة عن الحزب السياسى.

4 - وغنى عن البيان أن قيام الحزب السياسى لا يتوقف على موافقة الوزير المختص - طالما أن الإخطار قد تم مطابقا لحكم القانون، وإلا كان الفصل فيما قد يثور - في هذا الصدد - للقضاء الإدارى مما لا ضرورة معه لتكرار النص عليه في هذا الاقتراح بقانون لأن المسألة لا تعدو كونها منازعة إدارية مما يستقل بالفصل فيها محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة - كسائر المنازعات الإدارية - طبقا للأوضاع، والإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة.

5 - حق كل حزب سياسى في إصدار صحيفة أو أكثر يومية أو دورية للتعبير عن نشاطه السياسى.

6 - فرض عقوبة السجن لكل مخالفة لأى نص في القانون - وبطبيعة الحال - لا توقع مثل هذه العقوبة أو ما تهبط إليه - عند تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات - والتى تجيز النزول بعقوبة السجن إلى الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر - إلا محكمة الجنايات - وهى مشكلة من ثلاثة مستشارين.

عبد الفتاح حسن
عضو مجلس الشعب





 

مذكرة إيضاحية

اقتراح بمشروع قانون مقدم من السيد العضو عبد الفتاح حسن

بإلغاء مادة من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953 بشأن حل

الأحزاب السياسية ومادتين من القانون رقم 34 لسنة 1972

بشأن حماية الوحدة الوطنية

(القانون رقم 40 لسنة 1977)

ألقى السيد الرئيس محمد أنور السادات رئيس الجمهورية خطابا أمام مجلس الشعب مساء الخميس 11 من نوفمبر سنة 1976 ضمنه قراره بأن تتحول التنظيمات السياسية الثلاثة - ابتداء من اليوم المذكور - إلى أحزاب.

ولما كان المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953، يحظر في المادة 6 منه قيام الأحزاب السياسية.

ولما كان القانون رقم 34 لسنة 1972، ينص في مادته الثانية على أن الاتحاد الاشتراكى العربى هو التنظيم السياسى "الوحيد" المعبر عن تحالف قوى الشعب العاملة، وأنه لا يجوز إنشاء تنظيمات سياسية خارج الاتحاد الاشتراكى العربى، أو تنظيمات جماهيرية أخرى خارج المنظمات الجماهيرية التي تشكل طبقا للقانون، وينص في مادته الثالثة على العقاب بالحبس لكل من أنشأ أو نظم أو أدار جمعية أو جماعة على خلاف حكم المادة السابقة - كما تنص المادة المذكورة في فقرتها الثانية على معاقبة كل من انظم إلى إحدى هذه الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجامعات أو اشترك فيها.

وإعمالا لقرار المشار إليه فلا مناص من إلغاء المادة 6 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953، وإلغاء المادتين 2، 3 من القانون رقم 4 لسنة 1972

وقد تكفلت المادة (1) من هذا الاقتراح بالنص على إلغائها.

ولما كان ذلك يستوجب تغيير ترقيم مواد القانون رقم 34 لسنة 1972، على الوجه الذي يتسق وإلغاء المادتين المذكورتين.

لهذا نصت المادة (2) من هذا الاقتراح على تغيير أرقام مواد القانون 34 لسنة 1972

ولما كان قرار السيد الرئيس محمد أنور السادات رئيس الجمهورية الذي ضمنه خطابه المشار إليه في 11 من نوفمبر سنة 1976 يقضى لإعماله منذ صدوره - أن يكون إلغاء المادة 6 من المرسوم بقانون رقم 47 لسنة 1953، والمادتين 2، 3 من القانون رقم 34 لسنة 1972، اعتبارا من التاريخ المذكور.

لهذا تكفلت المادة (3) من هذا الاقتراح بالنص على ذلك.

عبد الفتاح حسن
عضو مجلس الشعب




 

مذكرة إيضاحية

لاقتراح بمشروع قانون بإضافة مادة جديدة برقم 119 مكررا ( أ )

إلى قانون العقوبات

(القانون رقم 40 لسنة 1977)

إن الأحزاب السياسية - بمصر - في ماضيها، وحاضرها كانت ولا تزال أنقى صفحة من أن تعتمد في نشاطها السياسى على تمويل أجنبى أو معونة أو منفعة في هذا الصدد مباشرة أو بالوساطة، ولكى تظل للأحزاب السياسية طهارتها جاء هذا الاقتراح بقانون بإضافة مادة جديدة برقم 119 مكرر ( أ ) بالباب الرابع من الكتاب الثانى (الجنايات والجنح المضرة بالمصلحة العمومية) من العقوبات.

وتكفلت المادة (1) ببيان صورة التجريم، ولتؤثم الفعل الذي يرتكبه رئيس الحزب السياسى أو أى عضو آخر في الحزب أو أى العاملين لدى الحزب وتفرض عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة - التي تصل إلى خمس عشرة سنة - وتقضى المحكمة كذلك بحل الحزب السياسى، وفروعه، وإغلاق أمكنته، ومصادرة أمواله، والأمتعة، والأدوات، والأوراق وغيرها مما يكون في مقر الحزب وفروعه.

عبد الفتاح حسن
عضو مجلس الشعب

 

 

مذكرة إيضاحية

للاقتراح بمشروع قانون بشأن نظام الأحزاب السياسية

وحماية الوحدة الوطنية

القانون رقم 40 لسنة 1977

1 - أعلنت ثورة 23 يوليو سنة 1952 منذ قامت أهدافها الستة إقامة حياة ديموقراطية سليمة في البلاد، وقد تأجل تنفيذ هذا الهدف الأسمى بسبب الأحداث الجسام التي قابلتها الثورة حتى أراد الله أن يقود الرئيس محمد أنور السادات ثورة 15 مايو سنة 1971 لتحقيق سيادة القانون وإقامة الحياة الديموقراطية السليمة التي تعلقت بها آمال جماهير الشعب فوضعت دستور التصحيح وأعيد للقضاء كامل سلطته ولمجلس الشعب كل إراداته في التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية وتحقق بقواتنا المسلحة الباسلة نصر أكتوبر العظيم وأعادت هذه القوات الشعور بالنصر والشرف والهيبة للشعب المصرى بل وللشعب العربى كله وانصرفت إلى واجبها المقدس في الاحتراف العسكرى والاستعداد الدائم للقيام بمهمتها في الدفاع عن الوطن.

2 - وقد فتح نصر أكتوبر العظيم الباب على مصراعيه للتطور الديموقراطى فطرحت ورقة أكتوبر وورقة تطوير العمل السياسى التي قام بناء عليها تشكيل المنابر ثم شكلت لجنة مستقبل العمل السياسى وخاضت التنظيمات السياسية الثلاثة التي تشكلت في البلاد معركة الانتخابات التي تمت بناء نزيهة ومحايدة وجاءت نتيجتها معبرة عن الإرادة الحقيقية الحرة للجماهير لأول مرة منذ قامت الحياة النيابية في مصر.

وفى افتتاح الدورة الأولى لمجلس الشعب الجديد في 11 من نوفمبر سنة 1976 أعلن الرئيس محمد أنور السادات قراره التاريخى القاضى بتحويل التنظيمات السياسية الثلاثة إلى أحزاب وأعلن في هذا البيان المبادئ الأساسية التي كانت مبادرة عظيمة لوضع الأسس التي يقوم عليها البناء التنظيمى للأحزاب في ظل دستور ثورة التصحيح باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية تعمل على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسيا للاسهام في تحقيق التقدم السياسى والاقتصادى والاجتماعى للوطن على أساس تحالف قوى الشعب العاملة والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وحتمية الحل الاشتراكى وهو ما تحتم التزامه أحكام الدستور والظروف التي تجتازها البلاد حتى يتم تحرير كامل للأرض العربية واستعادة حقوق شعب فلسطين.

3 - وانطلاقا من كل ما سبق والتزاما بنصوص الدستور فقد أعد الاقتراح بمشروع القانون المرفق بشأن الأحزاب السياسية وحماية الوحدة الوطنية ويقوم على عدد من المبادئ الاساسية العامة تتمثل في المبادئ الآتية:

(أولا) حرية تكوين الأحزاب: ويعنى ذلك حرية أية جماعة سياسية منظمة في تأسيس حزب ما دامت تتوفر فيها الشروط الواردة في المشروع وعن طريق الإخطار المقيد لأمين اللجنة المركزية للاتحاد الإشتراكى العربى وليس بطريق الترخيص كما يقصد بها المبدأ عدم تقييد تأسيس الأحزاب بعدد معين في القانون ما دامت لا تتعارض في قيامها مع الديمقراطية أو الوحدة الوطنية أو الإشتراكية أو تحالف قوى الشعب العاملة.

(ثانيا) وطنية الأحزاب: أى اقتصار حق تكوين الأحزاب والإنتماء إليها على المصريين دون الأجانب باعتبار أن ذلك من الحقوق السياسية الخاصة بالمصريين، ويقتضى هذا المبدأ عدم قيام أى تأثير أو سلطة لأية جهة أجنبية أو لأى أجنبى في تشكيل هذه الأحزاب أو تمويلها أو نشاطها.

(ثالثا) قومية الأحزاب: أى تحالفها وتلاحمها في مواجهة المشاكل القومية على أساس صيغة تحالف قوى الشعب العاملة التي تمثلها اللجنة المركزية الموسعة للاتحاد الإشتراكى العربى والتى ينضم إلى تشكيلها جميع أعضاء مجلس الشعب وممثلى التنظيمات النقابية والإتحادات التعاونية وغيرها من التنظيمات الجماهيرية الوارد ذكرها في نصوص المشروع.

(رابعا) جدية الأحزاب ويقتضى هذا المبدأ توفر الشروط الموضوعية والسياسية اللازمة لأداء هذه الأحزاب لمهمتها السياسية والتى تبرر لصالح الشعب قيامها كتعبير جاد وفعال عن المبادئ والتيارات والإتجاهات السياسية للشعب وكمدارس سياسية ديمقراطية لأفراده، وباعتبارها تنظيمات شعبية وديمقراطية تعمل على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسيا لتحقيق التقدم السياسى والاقتصادى والاجتماعى للبلاد.

(خامسا) حرية الإنتماء الحزبى: ويعنى هذا المبدأ أن لكل من بلغ من المصريين الأهلية والنضج السياسى الذي يخول ممارسة حق الانتخاب قانونا حرية الانتماء إلى الحزب السياسى الذي يختاره كما أن لكل من ينضم إلى حزب من الأحزاب حرية الأنسحاب من هذا الحزب في أى وقت.

(سادسا) ديمقراطية التشكيلات والقرارات الحزبية: ويقتضى هذا المبدأ ضرورة التزام الأنظمة الداخلية للأحزاب بقواعد الديمقراطية متمثلة بصفة جوهرية في اختيار التنظيمات القيادية المختلفة للحزب بالطريق الديمقراطى وضمان حرية المناقشة بتوفير أو مع قدر ممكن من الحوار الحر في تنظيمات الحزب وصدور القرار بالأغلبية في تشكيلاته المختلفة.

(سابعا) التمويل الذاتى للحزب: والمقصود بذلك أن لا يعتمد الحزب كقاعدة أساسية إلا على اشتراكات وتبرعات أعضائه دون تمويل من الدولة باعتبار العمل السياسى الحزبى مساهمة اختيارية حرة يتحمل التزاماتها المؤمنين بالعمل في خدمة الجماهير عن طريق الانتماء إلى الأحزاب السياسية.

وقد راعى المشروع أن يمنح اللجنة المركزية للاتحاد الإشتراكى العربى سلطة تقرير معونة مادية أو عينية للحزب خلال فترة تأسيسه أو في المراحل الأولى لقيامه باعتبار أن هذه الأحزاب تسهم في تحقيق التقدم السياسى والاقتصادى والاجتماعى للوطن، وقد تدعو الظروف إلى معاونتها على أداء رسالتها في خدمة الشعب.

(ثامنا) تمتع الحزب بالشخصية المعنوية المستقلة: أى تمتع الحزب لكيان قانونى مستقل عن غيره وبذمة مالية خاصة وبنظام داخلى خاص به ينظم كل شئونه السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية في حدود القانون.

4 - ونظرا لما سوف يترتب على إنشاء الأحزاب من أوضاع جديدة تقتضى إعادة تنظيم اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى من حيث تشكيلها الموسع ومباشرتها اختصاصات الاتحاد الاشتراكى العربى في المسائل القومية العامة المتمثلة في الحفاظ على تحالف قوى الشعب العاملة، والوحدة الوطنية وحتمية الحل الاشتراكى والسلام الاجتماعى وما يتعلق بالتحقيق من توفر الشروط اللازمة لتأسيس الأحزاب السياسية وممارستها لنشاطها طبقا لأحكام المشروع وبمراعاة المبادئ التي يقوم عليها فقد تضمنت نصوص المشروع الأحكام الخاصة بتشكيل هذه اللجنة واختصاصاتها وترك لها وضع لائحة داخلية تنظم إجراءات سير العمل فيها وكيفية مباشرتها لاختصاصاتها.

5 - وقد انطوى المشروع على الأحكام الجوهرية اللازمة لتنظيم الأحزاب تنظيما سليما يكفل حريتها في إدارة نشاطها في حدود القوانين والدستور ولم يغفل حماية أموالها واعتبارها أموالا عامة كما تضمن إعفاء مقارها وأموالها من الضرائب والرسوم العامة والمحلية وحصانة هذه المقار، كما تضمنت نصوص المشروع الجرائم ذات الطابع الحزبى وحدد العقوبة المناسبة لها.

كما تعرض المشروع لمواجهة المرحلة الانتقالية المتعلقة بممارسة الأحزاب الثلاثة القائمة لنشاطها طبقا لأحكامه كأحزاب سياسية متمتعة بالشخصية القانونية.

ونظرا لأن المشروع يقوم في أحكامه بصفة أساسية على كفالة الحفاظ على الوحدة الوطنية بالإضافة إلى المبادئ القومية الأخرى فإنه رئى من المناسب تضمين نصوصه بعض النصوص العقابية الواردة في القانون رقم 34 لسنة 1972، بشأن حماية الوحدة الوطنية خاصة أن المشروع ينطوى على إلغاء النص الذي كان يجعل من الاتحاد الاشتراكى العربى التنظيم السياسى الوحيد ويحظر قيام أية تنظيمات سياسية أخرى.

كذلك فقد تضمن المشروع إلغاء النص الذي تضمن حظر قيام الأحزاب السياسية في المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953، وحده ومقتضى ذلك بقاء الأحكام الأخرى التي تضمنها هذا المرسوم نافذة فيما تضمنه من قواعد بالنسبة للأحزاب السابقة على صدوره.

ويحقق مشروع القانون المرفق بصفة عامة حرية الشعب في أن يؤسس أحزابه السياسية ويكفل الحفاظ على الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والأسس والمبادئ الجوهرية الأخرى التي يقوم عليها الدستور.

ويأمل مقدمو الاقتراح أن يوافق المجلس الموقر عليه في أقرب جلسة.





 

مذكرة إيضاحية

للاقتراح بمشروع قانون مقدم من السيد العضو محمود أحمد القاضى

(القانون رقم 40 لسنة 1977)

دعما للديمقراطية في بلادنا وإرساء لقواعد الحياة النيابية السليمة لابد من السماح بقيام الأحزاب السياسية التي تهدف لتحقيق الصالح العام والتى تعتبر بحق مدارس سياسية لأفراد الشعب ولما كان الأصل هو حرية إقامة الأحزاب - فإن الاقتراح بمشروع قانون المقدم قد راعى حرية المواطنين في انشاء الأحزاب التي تحقق أهدافها في خدمة الوطن دون قيد، وقد استهدف الاقتراح وضع التنظيم الأساسى لتشكيل هذه الأحزاب كما نص على طريقة تشكيلها بوجه عام تاركا للأنظمة الداخلية للأحزاب أن تتعرض للتفاصيل، كما اعطى الوزير المختص حق الاعتراض على الإخطار المقدم له على قيام الحزب وذلك أمام محكمة القضاء الإدارى ولا يمنع الحزب من مباشرة نشاطه إلا حكم من هذه المحكمة، وقد راعى الاقتراح أن يعطى للمحكمة الحق في إعطاء مهلة للحزب بتصحيح الوضع الخاطئ الذي يعترض عليه الوزير وذلك قبل صدور حكمها كما نظم الاقتراح الأحوال التي يجوز فيها حل الحزب إذا خالف أحكام هذا القانون كما وضع المشروع الشروط التي يجب توافرها في أعضاء الحزب واعطى الحق للجهاز المركزى للمحاسبات في مراجعة حسابات وتمويل الحزب للتحقق من سلامة هذا التمويل - وعدم قبول أى أموال لا تنص عليها اللائحة الداخلية للحزب على أن تكون المراجعة فقط في هذه الحدود كما نص المشروع على إلغاء قانون الوحدة الوطنية فهذه الوحدة لا يضمنها قانون بل يضمنها سلامة العمل السياسى وسماحة المصريين وحسن تقدير الشعب كما أن أحكام هذا القانون الملغى كلها قائمة في قانون العقوبات الأمر الذي لا يستدعى وجود قانون خاص.

دكتور محمود القاضي              

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق