الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 4 فبراير 2022

القضية 3 لسنة 14 ق جلسة 6/ 2 / 1993 دستورية عليا مكتب فني 5 ج 2 منازعة تنفيذ ق 9 ص 479

جلسة 6 فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض - أعضاء،

وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد - أمين السر.

-------------

قاعدة رقم (9)
القضية رقم 3 لسنة 14 قضائية "منازعة تنفيذ"

(1) دعوى دستورية "طبيعتها العينية - المقصود بها".
تندرج الدعوى الدستورية تحت الدعاوى العينية التي تقوم في جوهرها على مقابلة النصوص التشريعية بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية، أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تعارضها مع أحكام الدستور، وهى الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة.
(2) دعوى دستورية "مضمون شرط المصلحة فيها".
يعتبر شرط المصلحة الشخصية المباشرة متصلا بالحق في الدعوى، وهو حق يقوم مستقلا عن الحق الذي تقام الدعوى لطلب اقتضائه، ويعتبر هذا الشرط محددا لفكرة الخصومة في الدعوى الدستورية، ومبلورا نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ومؤكدا ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هي محصلتها النهاية، ومنفصلا دوما عن مطابقة النص التشريعي المطعون عليه للدستور أو مخالفته لأحكامه.
(3) دعوى دستورية "طبيعتها العينية - لا تناقض شرط المصلحة فيها: أساس ذلك".
عينية الدعوى الدستورية لا تفيد - لزوما - التحلل في شأنها من شرط المصلحة الشخصية المباشرة إذ لو صح ذلك، لجاز الطعن على النصوص التشريعية عن طريق الدعوى الأصلية، التي تستهدف بيان حكم الدستور مجردا واستقلالا عن أية منازعة موضوعية، وهو ما يتعارض وقانون هذه المحكمة.
(4) دعوى دستورية "عدم توافر شرط قبولها: أثره"
لا يجوز للمحكمة أن تخوض في بحث مطابقة النصوص المطعون عليها للدستور أو مخالفتها لأحكامه، إلا إذا ثبت لديها استيفاء الدعوى الدستورية - التي تطرح المسألة الدستورية من خلالها - لشرائط قبولها.
(5) إغفال الفصل في بعض الطلبات الموضوعية "شروطه".
من المقرر قانونا أن مرد إغفال الفصل في طلب موضوعي مقدم إلى المحكمة هو ألا يصدر عنها قضاء في شأنه، ولو كان ضمنيا.
(6) أحكام المحكمة الدستورية العليا "حجيتها في المسائل الدستورية".
لا تعتبر أحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة في المسائل الدستورية - وسواء كان قضاؤها متعلقا بالعيوب الشكلية أو بالمطاعن الموضوعية - منصرفا إلى من كان طرفا في الخصومة الدستورية دون سواه، بل منسحبا إليه وإلى الأغيار كافة، ومتعديا إلى الدولة بكامل تنظيماتها، وفى مواجهة سلطاتها المختلفة. ومن ثم لا تعتبر هذه الأحكام نسبية الأثر ولا يسرى في شأنها حكم المادة 101 من قانون الإثبات.
(7) ولاية التصدي "شرط ممارستها".
مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها المنصوص عليها في المادة 27 من قانونها مرتبط بتوافر الشروط التي عينتها، ومن بينها أن يكون النص التشريعي الذي تعرض له المحكمة بمناسبة ممارستها لاختصاصه، متصلا بالنزاع المطروح عليه، وهو ما يفيد بالضرورة قيام المنازعة الأصلية مستوفية شرائط قبولها.

-----------------
1 - من المقرر قانونا أن الدعوى الدستورية تندرج تحت الدعاوى العينية التي تقوم في جوهرها على مقابلة النصوص التشريعية بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية. ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تعارضها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وقضاء المحكمة في شأن دستورية تلك النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة صحتها أو بطلانها.
2 - ما قرره المدعون من أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يناقض بالضرورة الطبيعة العينية للدعوى للدستورية ويجرد الحقوق التي كفلها الدستور من ضماناتها ممثلة في ملاحقة كل مواطن للنصوص التشريعية المخالفة للدستور، مردود بأن من المقرر أن الحقوق لا يكتمل تنظيمها في غيبة وسائل حمايتها، ومن بينها - وفى موقع الصدارة منها - الدعوى التي تكفل حماية الحقوق التي وقع العدوان عليها واقتضائها. متى كان ذلك وكان شرط المصلحة الشخصية المباشرة يعتبر متصلا بالحق في الدعوى، وهو حق يقوم مستقلا عن الحق الذي تقام الدعوى لطلب اقتضائه، وكان لا يكفى لقيام المصلحة الشخصية المباشرة التي تعتبر شرطا لقبول الدعوى الدستورية، أن يكون النص التشريعي المطعون عليه مخالفا في ذاته للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى - قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها على نحو ألحق به ضررا مباشرا فإن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يغدو متصلا بالحق في الدعوى، ومرتبطا بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة. ومن ثم يبرز شرط المصلحة الشخصية المباشرة باعتباره محددا لفكرة الخصومة في الدعوى الدستورية، مبلورا نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ومؤكدا ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هي محصلتها النهائية، ومنفصلا دوما عن مطابقة النص التشريعي المطعون عليه للدستور أو مخالفته لأحكامه.
3 - إن عينية الدعوى الدستورية لا تفيد - لزوما - التحلل في شأنها من شرط المصلحة الشخصية المباشرة أو أن هذا الشرط يعتبر منفكا عنها، إذ لو صح ذلك - وهو غير صحيح - لجاز الطعن على النصوص التشريعية المدعى مخالفتها للدستور عن طريق الدعوى الأصلية بعدم الدستورية التي لا تعدو في حقيقتها أن تكون نزاعا مع النصوص التشريعية المطعون عليها بقصد بيان حكم الدستور مجردا في شأنها واستقلالا عن أية منازعة موضوعية ترتبط الدعوى الأصلية بها، وهو ما يتعارض وقانون المحكمة الدستورية العليا، ذلك أن الدستور أفرد المحكمة الدستورية العليا بتنظيم خاص حدد قواعده في الفصل الخامس من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها - في المادة 175 منه - مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح. كما اختصها بولاية تفسير النصوص التشريعية "وذلك كله على الوجه المبين في القانون". وإعمالا لهذا التفويض - الذي يستمد أصله من الدستور - حدد قانون المحكمة الدستورية العليا القواعد الموضوعية والإجرائية التي تباشر هذه المحكمة - من خلالها وعلى ضوئها - الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية، فرسم لاتصال الدعوى الدستورية بهذه المحكمة طرائق بذاتها حددتها تفصيلا وبينتها حصرا المادتان 27 و29 من قانون هذه المحكمة باعتبار أن ولوجها وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها، ومن الأشكال الإجرائية الجوهرية التي لا تجوز مخالفتها كي ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطارها ووفقا لأحكامها.
4 - متى كان قضاء المحكمة قد صدر بعدم قبول الدعوى الدستورية، فإن قالة مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للأحكام الموضوعية للدستور التي حددها المدعون، ومن بينها نص المادة 40 منه، تعتبر واردة على غير محل، إذ لا يجوز أن تخوض هذه المحكمة في مطابقة النصوص التشريعية المطعون عليها للدستور، أو مخالفتها لأحكامه، إلا بعد استيفاء الدعوى - التي تطرح المسألة الدستورية من خلالها - لشرائط قبولها.
5 - مناط تطبيق المادة 193 من قانون المرافعات هو أن تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو غلط الفصل في طلب موضوعي بما يجعل الطلب باقيا معلقا أمامها. متى كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن مرد إغفال الفصل في طلب موضوعي مقدم إلى المحكمة هو ألا يصدر عنها قضاء في شأنه ولو كان ضمنيا، وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية "دستورية" قد خلص إلى "أن مؤدى نص البند السادس من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المطعون عليه أن صورة الإعلان لا يجوز تسليمها إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة بوساطة النيابة العامة إلا إذا كان الإعلان متعلقا بأحد أفراد القوات المسلحة أو من في حكمهم، وكان البين من الاطلاع على الأوراق أن صفة المدعى عليهم - في الدعوى الموضوعية - كأفراد بالقوات المسلحة قد انفكت عنهم قبل الفصل في الدعوى الماثلة - إما بالوفاة بالإحالة إلى التقاعد، وكان من المقرر أن شرط المصلحة في الدعوى لا يكفى أن يتوافر عند رفعها، بل يتعين أن يظل قائما حتى الفصل نهائيا فيها، فإن أيا كان وجه الرأي في شأن دستورية النص التشريعي المطعون عليه، فإنه وقد أضحى غير متعلق بالمدعى عليهم، صار غير سار في حقهم ليعود الأمر في شأن إعلانهم إلى القواعد العامة وذلك بأن يتم الإعلان إما إلى أشخاصهم أو في مواطنهم شأنهم في ذلك شأن غيرهم من المواطنين الذين لا يشملهم تنظيم خاص بالنسبة إلى الإعلان. وإذ كان المدعون قد استهدفوا من الطعن على البند السادس المشار إليه هو ألا يعامل المدعى عليهم معاملة خاصة في شأن الإعلان يمتازون بها عن سواهم، وهو ما تحقق بعد زوال صفتهم العسكرية، وجواز إعلانهم بالتالي وفقا للقواعد العامة، فإن مصلحة المدعين في الطعن على البند السادس سالف البيان تغدو محض مصلحة نظرية الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى". متى كان ما تقدم، فإن قضاء هذه المحكمة على النحو سالف البيان، يكون متضمنا بالضرورة رفض طلب المدعين قبول دعواهم، وتكون قالة إغفال الفصل في هذا الطلب لا محل لها.
6 - ما قرره المدعون من أن حجية أحكام المحكمة الدستورية العليا في المسائل الدستورية - وإعمالا لنص المادة 101 من قانون الإثبات - لا تقوم إلا في نزاع بين الخصوم أنفسهم ودون أن تتغير صفاتهم، وبشرط أن تتعلق بذات الحق محلا وسببا، مردود بأن الأحكام التي تعنيها هذه المادة هي التي لا تسرى آثارها إلا في حق من كان طرفا فيها، ولا تمتد آثارها بالتالي إلى الأغيار شأنها في ذلك شأن العقود. ولا كذلك الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية، ذلك أن قضاء هذه المحكمة في شأنها - وسواء كان متعلقا بالعيوب الشكلية أو الموضوعية - إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي لنقضه من خلال إعادة طرحه على هذه المحكمة لمراجعته، ذلك أن الخصومة في الدعوى الدستورية - وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية - قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور - تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية. ومن ثم لا يعتبر قضاء الحكم باستيفاء النص التشريعي المطعون عليه لأوضاعه الشكلية أو انحرافه عنها أو اتفاقه مع الأحكام الموضوعية في الدستور أو مروقه منها، منصرفا إلى من كان طرفا في الخصومة الدستورية دون سواه، بل منسحبا إليه وإلى الأغيار كافة، ومتعديا إلى الدولة التي ألزمها الدستور في المادة 65 منه بالخضوع للقانون، وجعل من علوه عليها وانعقاد السيادة لأحكامه، قاعدة لنظامها، ومحورا لبناء أساس الحكم فيها على ما تقضي به المادة 64 منه، بما يردها عن التحلل من قضاء هذه المحكمة أو مجاوزة مضمونه، ويلزم كل شخص بالعمل على مقتضاه وضبط سلوكه وفقا لفحواه. ذلك أن هذه المحكمة تستمد مباشرة من الدستور ولايتها في مجال الرقابة الدستورية، ومرجعها إلى أحكامه - وهو القانون الأعلى - فيما يصدر عنها من قضاء في المسائل الدستورية التي تطرح عليها، وكلمتها في شأن دلالة النصوص التي يضمها الدستور بين دفتيه هي القول الفصل، وضوابطها في التأصيل ومناهجها في التفسير هي مدخلها إلى معايير منضبطة تحقق لأحكام الدستور وحدتها العضوية وتكفل الانحياز لقيم الجماعة في مختلف مراحل تطورها. وليس التزامها بإنفاذ الأبعاد الكاملة للشرعية الدستورية إلا إرساء لحكم القانون في مدارجه العليا وفاء بالأمانة التي حملها الدستور بها وعقد لها ناصية النهوض بتبعاتها، وكان حتما أن يكون التقيد بأحكامها مطلقا ساريا على الدولة والناس أجمعين - وعلى قدم من المساواة الكاملة - وهو ما أثبتته المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا.
7 - مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها المنصوص عليها في المادة 27 من قانونها مرتبط بتوافر الشروط التي عينتها، ومن بينها أن يكون النص التشريعي الذي تعرض له المحكمة بمناسبة ممارستها اختصاصاتها، متصلا بالنزاع المطروح عليها. وهو ما يفيد بالضرورة قيام المنازعة الأصلية مستوفية شرائط قبولها. متى كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد خلص في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية "دستورية" إلى عدم قبولها، فإن المنازعة الأصلية تفقد مقوماتها بزوالها. ولا تعتبر بالتالي مطروحة عليها من الناحية القانونية، ولا يكون ثمة محل لإعمال المحكمة لولايتها المنصوص عليها في المادة (27) من قانونها لتخلف شروط مباشرتها.


الإجراءات

بتاريخ 4 من مايو سنة 1992 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالبين الحكم - على ما ورد فيها وفى المذكرتين المقدمتين منهم في 23 من يونيو سنة 1992 و7 من نوفمبر سنة 1992 على التوالي - بقبول طلبهم رفض دفع المدعى عليهم بعدم قبول دعوى منازعتهم الدستورية - لانقضاء مصلحتهم فيها وقبول الدعوى على أسباب قبولها المقدمة لمحكمة الموضوع محمولة على مستنداتهم ووجوه دفاعهم المادية والفعلية والواقعية والشرعية والدستورية والقانونية، التي جمعتها جميع محررات المدعين منذ افتتاح دعواهم حتى ختام مذكرتهم الأخيرة، وبعد الاطلاع على أحكام المادة 101 من قانون الإثبات، والمادة 193 من قانون المرافعات، والحكم - بعد قبول الدعوى لتوافر مصلحة المدعين فيها فعلا وحكما، وحالا ومستقبلا، في نصوص وثيقة إعلان الدستور ومواده، وإعمالا للمادة 3 من قانون المرافعات في شأن المصلحة القانونية القائمة والمحتملة - بعدم دستورية الفقرة 6 من المادة 13 من قانون المرافعات، مع إلزام المدعى عليهم جميع المصروفات بحكم قطعي نهائي بات يشمله النفاذ المعجل، طليقا من قيد الكفالة، يؤمر فيه بتنفيذه بموجب مسودته وبدون إعلان، وذلك تطبيقا لنص المادة 286 من قانون المرافعات ودون انتظار نشر الحكم بالجريدة الرسمية ليمتد نفاذه وتنفيذه على الكافة من غير المحكوم عليه فيه، ومع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم بعد قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية "دستورية" طالبين الحكم بعدم دستورية البند السادس من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وقد صدر قضاء هذه المحكمة بعدم قبول الدعوى المشار إليها. ثم أعقبها المدعون بالدعوى الماثلة التي أقاموها عملا بالمادة 193 من قانون المرافعات، ناعين فيها على الحكم الصادر في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية المشار إليه انعدامه وحجيته الساقطة في خصوص ما صدر فيه قضاؤه، متغافلا الفصل في طلب المدعين الحكم لهم برفض الدفع المبدى من المدعى عليهم بعدم قبول منازعتهم الدستورية، ارتكانا إلى ما عرضه المدعون من الأسباب الواقعية والمادية والقانون والدستورية من خلال مرافعتهم الكتابية والشفهية، متمثلة في أن قيامهم بمناهضة ومطاردة النص التشريعي موضوع تلك المنازعة الدستورية يندرج تحت واجباتهم العامة هم وغيرهم من المواطنين المكلفين بأدائها وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الأخيرة من وثيقة إعلان الدستور، فيما قررته من التزامهم جميعا بالدفاع عنه وحمايته وتأكيد احترامه. وهم كذلك ذوو مصلحة قانونية في إهدار كل تمييز تضمنه النص التشريعي المطعون عليه في مجال الإعلان بين أفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم وبين مجموع المواطنين. وينعون كذلك على الحكم عدم التزامه بما دل عليه نص المادة 27 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 من أن إعمالها لسلطتها وفقا لحكمه، ليس من الرخص الممنوحة لها، وإنما هو التزام عليها يقتضيه وفاؤها بواجبها في مجال دعم الشرعية الدستورية على ما تقضى به المادة 175 من الدستور. وهو التزام لا يجوز لها التحلل منه، وتدعمه الفقرة الأخيرة من وثيقة إعلان الدستور، وأنه لو صح اعتبار حق التصدي من الرخص الخاضعة لإرادة المحكمة الدستورية العليا، فإن خيارها في استعماله أو عدم استعماله لا يجوز أن يتلبس بإساءة استعمال الحق على الوجه الذي يضر المواطنين - ومنهم المدعون - ويفرض عليهم الامتثال للتشريعات المخالفة الدستور والتي التفتت المحكمة عن فرض رقابتها القضائية على دستوريتها. وانتهى المدعون إلى أن الفصل في دستورية البند 6 من المادة 13 من قانون المرافعات موضوع منازعتهم الدستورية - بقضاء قطعي وبات هو مما يهم مجموع المتقاضين خاصة بعد أن حرم الدستور في المادة 57 منه انتهاك كل حق أو حرية كفلتها مواده أو أحكام أى قانون آخر، وحظر سقوط الدعويين - الجنائية والمدنية - الناشئتين عنه التقادم المسقط.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى على سند من أنها بمثابة طعن على ما صدر من هذه المحكمة من قضاء في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية.
وحيث إن المدعين ذهبوا إلى القول بأن الدعوى الدستورية - من الدعاوى العينية التي تلاحق التشريعات واللوائح غير الدستورية لتعلق طلبات الحكم بعد دستورية قانون أو لائحة بالنظام العام، بما تعتبر معه الدعوى الدستورية من قبيل دعاوى الحسبة التي تخول المدعين وكذلك كل المواطنين مناهضة ومطاردة النص التشريعي موضوع المنازعة الدستورية، وكذلك ملاحقة كل قانون أو لائحة يكون مخالفا للدستور، باعتبار أن ذلك من واجبات المدعين العامة، وكذلك واجبات جميع المواطنين المتعلقة بتأمين وحماية الدستور والدفاع عنه وتأكيد احترامه.
وحيث إن من المقرر قانونا أن الدعوى الدستورية تندرج تحت الدعاوى العينية التي تقوم في جوهرها على مقابلة النصوص التشريعية بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية. ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تعارضها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة. وقضاء المحكمة في شأن تلك النصوص هو القاعدة الكاشفة عن صحتها أو بطلانها.
وحيث إن عينية الدعوى الدستورية لا تفيد لزوما التحلل في شأنها من شرط المصلحة الشخصية المباشرة، أو أن هذا الشرط يعتبر منفكا عنها، إذ لو صح ذلك - وهو غير صحيح - لجاز الطعن على النصوص التشريعية المدعى مخالفتها الدستور عن طريق الدعوى الأصلية بعدم الدستورية التي لا تعدو في حقيقتها أن تكون نزاعا مع النصوص التشريعية المطعون عليها بقصد بيان حكم الدستور مجردا في شأنه، واستقلالاً عن أية منازعة موضوعية ترتبط الدعوى الأصلية بها. وهو ما يتعارض وقانون المحكمة الدستورية العليا، ذلك أن الدستور أفردها بتنظيم خاص حدد قواعده في الفصل الخامس من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها - في المادة 175 منه - مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، كما اختصها بولاية تفسير النصوص التشريعية "وذلك كله على الوجه المبين في القانون".
وحيث إنه وإعمالا لهذا التفويض - الذي يستمد أصله من الدستور - حدد قانون المحكمة الدستورية العليا القواعد الموضوعية والإجرائية التي تباشر هذه المحكمة - من خلالها وعلى ضوئها - الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية، فرسم لاتصال الدعوى الدستورية بهذه المحكمة طرائق بذاتها حددتها تفصيلا وبينتها حصرا المادتان 27 و29 من قانون هذه المحكمة باعتبار أن ولوجها وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها، ومن الأشكال الإجرائية الجوهرية التي لا تجوز مخالفتها كي ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطاره، ووفقا لأحكامها.
وحيث إن المشرع نظم بالمادة 29 المشار إليها المسائل الدستورية التي تعرض على المحكمة الدستورية العليا من خلال محكمة الموضوع. وهى قاطعة في دلالتها على أن النصوص التشريعية التي يتصل الطعن عليها بالمحكمة الدستورية العليا اتصالا مطابقا للأوضاع المقررة قانونا، هى تلك التي تطرح عليها بعد دفع بعدم دستوريتها يبديه خصم أمام محكمة الموضوع وتقدر هي جديته، أو إثر إحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع لقيام شبهة قوية لديها على مخالفتها لأحكام الدستور. وفى كلتا الحالتين يتعين أن يكون الحكم الصادر في الدعوى الدستورية لازما للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة - بأكملها أو في شق منها - في الدعوى الموضوعية، فإذا لم يكن له بها من صلة، كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة. وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة بتوكيدها أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطا لقبول الدعوى الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت الحقوق لا يكتمل تنظيمها في غيبة وسائل حمايتها ومن بينها، وفى موقع الصدارة منها، الدعوى التي تكفل حماية الحقوق التي وقع العدوان عليها واقتضائها، وكان شرط المصلحة الشخصية المباشرة يعتبر متصلا بالحق في الدعوى، وهو حق يقوم مستقلا عن الحق الذي تقام الدعوى لطلب اقتضائه، وكان لا يكفى لقيام المصلحة الشخصية المباشرة التي تعتبر شرطا لقبول الدعوى الدستورية أن يكون النص التشريعي المطعون عليه مخالفا في ذاته للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى - قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها على نحو ألحق به ضررا مباشرا.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يغدو متصلا بالحق في الدعوى، ومرتبطا بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة. ومن ثم يبرز شرط المصلحة الشخصية المباشرة باعتباره محددا لفكرة الخصومة في الدعوى الدستورية، ومبلورا نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ومؤكدا ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هى محصلتها النهائية، ومنفصلا دوما عن مطابقة النص التشريعي المطعون عليه للدستور أو مخالفته لأحكامه. متى كان ما تقدم، فإن ما قاله المدعون من أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يناقض بالضرورة الطبيعية العينية للدعوى الدستورية ويجرد الحقوق التي كفلها الدستور من ضماناتها ممثلة في ملاحقة كل مواطن للنصوص التشريعية المخالفة للدستور، يكون حريا بالالتفات عنه.
وحيث إن المدعين يركنون إلى قالة إغفال المحكمة الفصل في بعض طلباتهم الموضوعية، ويدعون هذه المحكمة إلى نظرها والفصل فيها إعمالا لنص المادة 193 من قانون المرافعات التي تنص على أنه "إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه". وتفصيلا لذلك قرر المدعون أنهم يحركون مجددا دعواهم أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل في طلبهم رفض الدفع المبدى بعدم قبولها لانقضاء مصلحتهم فيها بزوال صفات خصومهم العسكريين بعد إحالتهم إلى التقاعد تأسيسا على أنه لو جاز إسقاط مصلحتهم في الدعوى باعتبارها من دعاوى القانون الخاص، فإن مصلحتهم في قبول دعواهم وطلب وقبول رفض دفع المدعى عليهم، مصلحة دستورية وقانونية لا تسقط بإهمال أو تعطيل غيرهم الفصل في دعواهم حتى تزول صفات خصومهم. ذلك أن هذا الإهمال أو التعطيل يناقض نص المادة 68 من الدستور التي تؤكد التزام الدولة بسرعة الفصل في القضايا. ولا يجوز بحال تحميل المدعين تبعة هذا الإهمال أو التقصير. هذا بالإضافة إلى أن عدم قبول دعوى منازعة المدعين الدستورية مؤداه بقاء النص التشريعي المطعون عليه قائما مقيدا المواطنين في جميع معاملاتهم، ومهددا كذلك حق الدفاع بالإضافة إلى الحق في التقاضي رغم ثبوت توافر مصلحة المدعين الحالية والمستقبلة في إبطال هذا النص كى لا يظل سيفا مسلطا على رقاب المدعين وغير المدعين من المواطنين الملتزمين بتأكيد سيادة الدستور وتأمينه واحترامه وحمايته والدفاع عنه، وفاء بالتزامهم الوارد في وثيقة إعلانه.
وحيث إن ما قرره المدعون على النحو المتقدم بيانه مردود أولا بما سبق أن أوردته هذه المحكمة في قضائها من أن عينية الدعوى الدستورية لا يلازمها بالضرورة اعتبار شرط المصلحة الشخصية المباشرة منفكا عنها، بل هو مناط قبولها، ولا يكفى أن يتوافر عند رفعها، بل يتعين أن يظل قائما إلى حين الفصل فيها، ومردود ثانيا بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن مناط تطبيق المادة 193 من قانون المرافعات هو أن تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو غلط الفصل في طلب موضوعي بما يجعل الطلب باقيا معلقا أمامها. متى كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن مرد إغفال الفصل في طلب موضوعي مقدم إلى المحكمة هو ألا يصدر عنها قضاء في شأنه ولو كان ضمنيا، وكان قضاء هذه المحكمة في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية دستورية قد خلص إلى "أن مؤدى نص البند السادس من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المطعون عليه أن صورة الإعلان لا يجوز تسليمها إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة بوساطة النيابة العامة إلا إذا كان الإعلان متعلقا بأحد أفراد القوات المسلحة أو من في حكمهم، وكان البين من الاطلاع على الأوراق أن صفة المدعى عليهم - في الدعوى الموضوعية - كأفراد بالقوات المسلحة قد انفكت عنهم - قبل الفصل في الدعوى الماثلة - إما بالوفاة أو بالإحالة إلى التقاعد، وكان من المقرر أن شرط المصلحة في الدعوى لا يكفى أن يتوافر عند رفعها، بل يتعين أن يظل قائما حتى الفصل نهائيا فيها، فإنه أيا كان وجه الرأي في شأن دستورية النص التشريعي المطعون عليه، فإنه وقد أضحى غير متعلق بالمدعى عليهم، صار غير سار في حقهم ليعود الأمر في شأن إعلانهم إلى القواعد العامة وذلك بأن يتم الإعلان إما إلى أشخاصهم أو في مواطنهم، شأنهم في ذلك شأن غيرهم من المواطنين الذين لا يشملهم تنظيم خاص بالنسبة إلى الإعلان، وأنه إذ كان المدعون قد استهدفوا من الطعن على البند السادس المشار إليه هو ألا يعامل المدعى عليهم معاملة خاصة في شأن الإعلان يمتازون بها عن سواهم. وهو ما تحقق بعد زوال صفتهم العسكرية وجواز إعلانهم بالتالي وفقا للقواعد العامة، فإن مصلحة المدعين في الطعن على البند السادس سالف البيان، تغدو محض مصلحة نظرية الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى". متى كان ما تقدم، فإن قضاء هذه المحكمة على النحو سالف البيان، يكون متضمنا بالضرورة رفض طلب المدعين قبول دعواهم، وتكون قالة إغفال الفصل في هذا الطلب لا محل لها.
وحيث إن ما قرره المدعون من أن حجية الأحكام - فيما لو صحت - لا تقوم إلا في نزاع بين الخصوم أنفسهم ودون أن تتغير صفاتهم بشرط أن تتعلق بذات الحق محلا وسببا، وذلك إعمالا لنص المادة 101 من قانون الإثبات، مردود بأن الأحكام التي تعنيها هذه المادة هي التي لا تسرى آثارها إلا في حق من كان طرفا فيها ولا تمتد آثارها بالتالي إلى الأغيار شأنها في ذلك شأن العقود. ولا كذلك الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية، ذلك أن قضاء هذه المحكمة في شأنها - وسواء كان متعلقا بالعيوب الشكلية أو المطاعن الموضوعية - إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي لنقضه من خلال إعادة طرحه على هذه المحكمة لمراجعته، ذلك أن الخصومة في الدعوى الدستورية - وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية - قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية - ومن ثم لا يعتبر قضاء الحكم باستيفاء النص التشريعي المطعون عليه لأوضاعه الشكلية أو انحرافه عنه، أو اتفاقه مع الأحكام الموضوعية في الدستور أو مروقه منها، منصرفا إلى من كان طرفا في الخصومة الدستورية دون سواه، بل منسحبا إليه وإلى الأغيار كافة، ومتعديا إلى الدولة التي الزمها الدستور في المادة 65 منه بالخضوع للقانون، وجعل من علوه عليها وانعقاد السيادة لأحكامه، قاعدة لنظامها، ومحورا لبناء أساس الحكم فيها على ما تقضى به المادة 64 منه، بما يردها عن التحلل من قضاء هذه المحكمة الدستورية العليا أو مجاوزة مضمونه، ويلزم كل شخص بالعمل على مقتضاه وضبط سلوكه وفقا لفحواه، ذلك أن هذه المحكمة تستمد مباشرة من الدستور ولايتها في مجال الرقابة الدستورية، ومرجعها إلى أحكامه - وهو القانون الأعلى - فيما يصدر عنها من قضاء في المسائل الدستورية التي تطرح عليها، وكلمتها في شأن دلالة النصوص التي يضمنها الدستور بين دفتيه هى القول الفصل، وضوابطها في التأصيل ومناهجها في التفسير هى مدخلها إلى معايير منضبطة تحقق لأحكام الدستور وحدتها العضوية وتكفل الانحياز لقيم الجماعة في مختلف مراحل تطورها. وليس التزامها بإنفاذ الأبعاد الكاملة للشرعية الدستورية إلا إرساء لحكم القانون في مدارجه العليا وفاء بالأمانة التي حملها الدستور بها وعقد لها ناصية النهوض بتبعاتها، وكان حتما أن يكون التقيد بأحكامها مطلقا ساريا على الدولة والناس أجمعين، وعلى قدم من المساواة الكاملة، وهو ما أثبتته المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إنه فيما يتعلق بمباشرة المحكمة لولايتها المنصوص عليها في المادة 27 من قانونها - والتي قرر المدعون أن إعمال المحكمة لها ليس مما يترخص فيه قضاتها، فإن البين من هذه المادة أن تطبيقها مرتبط بتوافر الشروط التي عينتها، ومن بينها أن يكون النص التشريعي الذي تعرض له المحكمة بمناسبة ممارستها لاختصاصاتها متصلا بالنزاع المطروح عليه، وهو ما يفيد بالضرورة قيام المنازعة الأصلية مستوفية شرائط قبولها. متى كان ذلك، وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد خلص في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية "دستورية" إلى عدم قبولها، فإن المنازعة الأصلية تفقد مقوماتها بزواله، ولا تعتبر بالتالي مطروحة عليها من الناحية القانونية. ولا يكون ثمة محل لإعمال المحكمة لولايتها المنصوص عليها في المادة 27 من قانونها لتخلف شروط مباشرتها،.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحكم بعد قبول الدعوى المشار إليها يعتبر نافيا لاتصالها بالمحكمة الدستورية العليا وفقا للأوضاع المقررة قانونا، فإن قالة مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للأحكام الموضوعية للدستور التي حددها المدعون ومن بينها نص المادة 40 منه تعتبر واردة على غير محل. إذ لا يجوز أن تخوض هذه المحكمة في مطابقة النصوص التشريعية المطعون عليها للدستور أو مخالفتها لأحكامه إلا بعد استيفاء الدعوى التي تطرح المسألة الدستورية - من خلالها - لشرائط قبولها.
وحيث إن ما توخاه المدعون - في الدعوى الماثلة - من تقرير مصلحتهم في الطعن على نص البند السادس من المادة الثالثة عشرة من قانون المرافعات توصلا إلى الحكم بعدم دستوريته، لا يعدو أن يكون منازعة من جانبهم في الدعامة القانونية التي قام عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية "دستورية"، وينحل بالتالي إلى طعن فيه بالمخالفة للمادة 48 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 التي تنص على أن "أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن" ومن ثم فقد أضحى متعينا الحكم بعدم قبول الدعوى الراهنة.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، والزمت المدعين المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق