---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن اختصاص دائرة طلبات رجال القضاء
بمحكمة استئناف القاهرة ومن بعدها محكمة النقض بكل ما يتعلق بشئون القضاة يعد
اختصاصا نوعيا متعلقا بالنظام العام، لا يقتصر نطاقه على ذلك فحسب بل يمتد
بالضرورة إلى ما يحول دون تنفيذ الأحكام التي تصدر لصالحهم ويتعذر تنفيذها، والتي
تمتد إلى الادعاءات التي لو صحت لأثرت في التنفيذ ويترتب عليها أن يصدر الحكم
بجواز التنفيذ أو عدم جوازه لصحته أو لبطلانه، أو بوقفه أو الاستمرار فيه، أو بعدم
الاعتداد به أو بالحد من نطاقه.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن
القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائي والمرافعات المدنية وهي المشتملة على
الإجراءات والأوضاع التي تلزم مراعاتها عند الالتجاء إلى القضاء وكيفية الفصل في
الدعوى وقواعد إصدار الأحكام والطعن فيها وتنفيذها، لا شأن لها بجوهر الحقوق
الموضوعية ولا بالنصوص القانونية المنظمة لها، وكان المصدر الوحيد لهذه القوانين
هو التشريع المتمثل أساسا في مجموعة المرافعات المدنية والتجارية الصادر بها
القانون رقم 13 لسنة 1968 والتشريعات المكملة دون ما اعتداد بأي مصادر أخرى، فإنه
لا محل للمحاجة في هذا المجال بما تقضي به المادة الأولى من التقنين المدني من
استناد إلى بعض المصادر عند تخلف النص التشريعي، باعتبار القانون الأخير من
القوانين الموضوعية المقررة للحقوق التي تبينها وتحدد كيفية نشوئها وطريقة
انقضائها، بينما قانون المرافعات يقرر الوسيلة التي بمقتضاها تؤدى هذه الحقوق،
بحيث تلزم الشكلية كي يطمئن الأفراد إلى المحافظة على حقوقهم متى اتخذوا الأوضاع
التي نص عليها القانون ضمانا لسير القضاء ومنعا من أن يترك الأمر فيه المطلق
التقدير.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن الطعن
بالنقض طريق غير عادي لم يجزه القانون للطعن في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال
بينها بيان حصر في المادتين 248، 249 من قانون المرافعات، وترجع كلها إما إلى
مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان
في الإجراءات أثر فيه، ويقصد به في واقع الأمر مخاصمة الحكم النهائي الذي يطعن
عليه بهذا الطريق، يتعين أن يلجأ بصدده إلى محكمة مغايرة لتلك التي أصدرته على أن
تكون أعلى منها، حددها المشرع أنها محكمة النقض التي تعتبر قمة السلطة القضائية في
سلم ترتيب المحاكم، "فلا تعلوها محكمة ولا تخضع أحكامها لرقابة جهة ما".
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد
نص المادة 272 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن محكمة النقض هي خاتمة
المطاف في مراحل التقاضي، وأحكامها باتة، ولا سبيل إلى الطعن فيها، وأن المشرع
اغتني عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن عادية أو غير
عادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة، ولم يستثن المشرع من ذلك
الأصل إلا ما أورده في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز
الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب
من أسباب علم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون، وذلك زيادة في
الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء.
5 - إذ كان الحكم الصادر من محكمة النقض في
الطعن رقم ... لسنة 84 ق بتاريخ 23 من ديسمبر 2014 - المراد الاستمرار في تنفيذه -
هو حكم بات قاطع لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية،
وكان الأصل ألا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن
المقررة في القانون، فإن ما صدر من دائرة شئون الأعضاء بالمحكمة الدستورية في
الطلب رقم ... لسنة 37 ق "طلبات أعضاء" بتاريخ 24 من فبراير 2015 من عدم
اعتداد بالحكم البات الصادر من محكمة النقض بتاريخ 23 من ديسمبر 2014 - وأيا كان
وجه الرأي فيه من حيث المصلحة والاختصاص - لا يعدو أن يكون محض عقبة مادية في سبيل
تنفيذ حكم محكمة النقض موضوع التداعي، هو والعدم سواء ولغو لا قيمة له انطلاقا من
عدم جواز تسليط قضاء على قضاء، ولا يغير من ذلك قالة أن أحكام المحكمة الدستورية
ذات حجية مطلقة.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
الحجية المطلقة قبل الكافة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية والتي تلتزم بها
جميع سلطات الدولة هي - فحسب - للأحكام التي انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي
المطعون فيه أو إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس، ذلك أن علة عينية الدعوى
الدستورية والحجية المطلقة للحكم الصادر في موضوعها، والتزام الجميع به، لا تتحقق
إلا في هذا النطاق باعتبار أن قوامه مقابلة النصوص التشريعية المدعى مخالفتها
للدستور بالقيود التي فرضها لضمان النزول إليها، والكشف عن مدى دستورية النصوص
التشريعية سواء بتقرير سلامتها من جميع العيوب الشكلية والموضوعية الدستورية فلا
يكون لأحد من بعد أن يدعى خلاف ما قررته، أم ببطلانها فلا يجوز من بعد تطبيقها.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعين
أودعوا إدارة كتاب هذه المحكمة بتاريخ 12 من مارس 2015 صحيفة قيدت برقم ... لسنة
85 ق "رجال القضاء - منازعة تنفيذ" - وجهت إلى السيد المستشار رئيس
المحكمة الدستورية العليا بصفته بطلب الحكم بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من
محكمة النقض بتاريخ 23 ديسمبر 2014 في الطعن رقم ... لسنة 84 قضائية "طعون
رجال القضاء" وإزالة كافة عقبات التنفيذ التي تعترض تنفيذ هذا الحكم وأخصها
عدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية بتاريخ 24 فبراير 2015 في الطلب
رقم ... لسنة 37 ق "طلبات أعضاء" وبطلان هذا الحكم الأخير وانعدامه،
وقالوا بيانا لذلك إنهم كانوا قد أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 129 ق استئناف
القاهرة "دعاوى رجال القضاء" وقضى فيها بتاريخ 27 من فبراير 2013
بأحقيتهم في صرف المخصصات المالية أيا كان مسماها والتي تصرف لأقرانهم بالمحكمة
الدستورية وهيئة المفوضين بها والمتماثلين معهم في الدرجة الوظيفية وفي الأقدمية،
وبإلزام المدعى عليهم - عدا المدعى عليه بصفته في هذا الطلب - بأن يؤدوا لهم
الفروق المالية المستحقة بموجب هذا الحكم لخمس سنوات سابقة على تاريخ رفع الدعوى
وبمراعاة تاريخ بدء الاستحقاق، وقد صار هذا الحكم باتا بالقرار الصادر من محكمة
النقض - في غرفة المشورة - بتاريخ 26 من نوفمبر 2013 بعدم قبول الطعن بالنقض رقم
... لسنة 83 ق "رجال القضاء" المقام من المحكوم ضدهم - عدا المدعى عليه
في هذا الطلب وإذ قاموا بإعلان الصيغة التنفيذية لذلك الحكم وتقدموا إلى مجلس
القضاء الأعلى بطلب لتنفيذه، إلا أنه توقف لامتناع المدعى عليه بصفته عن تقديم
بيان رسمي عن كافة ما يتقاضاه والسادة المستشارون نوابه وأعضاء هيئة مفوضي المحكمة
الدستورية من راتب أساسي وما ارتبط به من بدلات وحوافز وكذا البدلات أيا كان
مسماها غير المرتبطة بالراتب الأساسي مثل بدل عدم جواز الندب أو غيره وكافة
المزايا العينية التي يتم الحصول عليها أو قيمتها المالية، ومن ثم فقد أقاموا
الدعوى رقم ... لسنة 131 ق استئناف القاهرة أمام "دائرة دعاوى رجال
القضاء" بطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بتقديم البيان سالف الذكر،
وبتاريخ 14 من يونيه 2014 قضت المحكمة برفضها، طعن المدعون في ذلك الحكم بطريق
النقض بالطعن رقم ... لسنة 84ق "طعون رجال القضاء" وبتاريخ 23 من ديسمبر
2014 نقضت محكمة النقض الحكم الأخير وحكمت في موضوع الدعوى رقم ... لسنة 131 ق
استئناف القاهرة "رجال القضاء" بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر في
الدعوى الأولى رقم ... لسنة 129 ق استئناف القاهرة "رجال القضاء" بتاريخ
27 من فبراير 2013 وبإلزام المدعى عليه بصفته بتقديم البيان الرسمي موضوع تلك
الدعوى. وإذ أقام بعض أعضاء هيئة مفوضي المحكمة الدستورية القضية رقم ... لسنة 37 ق
"طلبات أعضاء" أمامها لاستصدار حكم منها بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض
الصادر في الطعن رقم ... لسنة 84 ق بتاريخ 23 من ديسمبر 2014, فأجابتهم دائرة شئون
الأعضاء بتلك المحكمة إلى طلبهم بتاريخ 24 من فبراير 2015, مما يعد عقبة في تنفيذ
حكم محكمة النقض سالف البيان لصدوره من محكمة غير مختصة وخارج نطاق ولايتها ومن ثم
فقد أقاموا الطلب. أودع نائب الدولة مذكرة عن المدعى عليه بصفته انتهى فيها إلى
تفويض المحكمة في إعمال صحيح القانون في الطلب، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها
إجابة المدعين إلى طلبهم، وإذ حددت المحكمة جلسة لنظر الطلب، وفيها صمم المدعون
على طلبهم، وفوض نائب الدولة الرأي للمحكمة، والتزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق