الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 11 نوفمبر 2021

الطعن 96 لسنة 85 ق جلسة 8 / 9 / 2015 مكتب فني 66 رجال قضاء منازعة تنفيذ ق 6 ص 37

جلسة 8 من سبتمبر سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ أحمد الحسيني يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ موسى محمد مرجان، أحمد صلاح الدين وجدي، وائل سعد رفاعي وعثمان مكرم توفيق نواب رئيس المحكمة.
---------------
(6)
الطعن رقم 96 لسنة 85 القضائية "منازعة تنفيذ - رجال القضاء"

(1) اختصاص "الاختصاص بما يتعلق بشئون القضاة".
اختصاص دائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة ومن بعدها محكمة النقض بكل ما يتعلق بشئون القضاة. ماهيته. اختصاص نوعي متعلق بالنظام العام. لازمه. امتداده إلى ما يحول دون تنفيذ الأحكام الصادرة منها لصالحهم.

(2) قانون "القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائي".
مجموعة المرافعات المدنية والتجارية الصادر بها ق 13 لسنة 1968 والتشريعات المكملة لها. المصدر الوحيد للقواعد الواجب مراعاتها عند إقامة الدعوى والفصل فيها وإصدار الأحكام والطعن فيها وتنفيذها. الادعاء بوجود نقص بها للاستناد إلى مصادر أخرى عملا بالمادة الأولى من التقنيين المدني. لا محل له. علة ذلك. القانون الأخير من القوانين الموضوعية المقررة للحقوق بينما قانون المرافعات يقرر الوسيلة التي بمقتضاها تؤدي هذه الحقوق. وجوب التزام الشكلية ليطمئن الأفراد على حقوقهم وعدم ترك الأمر المطلق التقدير.

(3 ، 4) نقض "طرق الطعن في الأحكام".
(3) الطعن بالنقض. طريق غير عادي للطعن في الأحكام الانتهائية. حالاته. بيانها على سبيل الحصر في المادتين 248، 249 مرافعات. وجوب اللجوء فيه إلى محكمة النقض قمة السلطة القضائية. مؤداه. عدم خضوع أحكامها لرقابة جهة ما.

(4) أحكام محكمة النقض. عدم جواز الطعن فيها بأي طريق. الاستثناء. قيام أحد أسباب عدم الصلاحية بأحد قضاتها. المادتين 146، 147/ 2 مرافعات. علة ذلك.

(5) تنفيذ "عقبات التنفيذ".
إلغاء الأحكام القضائية. سبيله. طرق الطعن المقررة قانونا. صدور الحكم المراد الاستمرار في تنفيذه من محكمة النقض. مؤداه. عدم جواز الطعن فيه بأي طريق. ما صدر من دائرة شئون الأعضاء بالمحكمة الدستورية من عدم الاعتداد بهذا الحكم. ماهيته. عقبة مادية في سبيل تنفيذه. أثره. اعتباره والعدم سواء. علة ذلك. عدم جواز تسليط قضاء على قضاء.

(6) دستور "حجيته الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية".
الحجية المطلقة للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية قبل الكافة والملزمة لجميع سلطات الدولة. مقصورة على تلك الصادرة بعدم دستورية النص التشريعي أو بدستوريته. أساس ذلك.

---------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن اختصاص دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة ومن بعدها محكمة النقض بكل ما يتعلق بشئون القضاة يعد اختصاصا نوعيا متعلقا بالنظام العام، لا يقتصر نطاقه على ذلك فحسب بل يمتد بالضرورة إلى ما يحول دون تنفيذ الأحكام التي تصدر لصالحهم ويتعذر تنفيذها، والتي تمتد إلى الادعاءات التي لو صحت لأثرت في التنفيذ ويترتب عليها أن يصدر الحكم بجواز التنفيذ أو عدم جوازه لصحته أو لبطلانه، أو بوقفه أو الاستمرار فيه، أو بعدم الاعتداد به أو بالحد من نطاقه.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائي والمرافعات المدنية وهي المشتملة على الإجراءات والأوضاع التي تلزم مراعاتها عند الالتجاء إلى القضاء وكيفية الفصل في الدعوى وقواعد إصدار الأحكام والطعن فيها وتنفيذها، لا شأن لها بجوهر الحقوق الموضوعية ولا بالنصوص القانونية المنظمة لها، وكان المصدر الوحيد لهذه القوانين هو التشريع المتمثل أساسا في مجموعة المرافعات المدنية والتجارية الصادر بها القانون رقم 13 لسنة 1968 والتشريعات المكملة دون ما اعتداد بأي مصادر أخرى، فإنه لا محل للمحاجة في هذا المجال بما تقضي به المادة الأولى من التقنين المدني من استناد إلى بعض المصادر عند تخلف النص التشريعي، باعتبار القانون الأخير من القوانين الموضوعية المقررة للحقوق التي تبينها وتحدد كيفية نشوئها وطريقة انقضائها، بينما قانون المرافعات يقرر الوسيلة التي بمقتضاها تؤدى هذه الحقوق، بحيث تلزم الشكلية كي يطمئن الأفراد إلى المحافظة على حقوقهم متى اتخذوا الأوضاع التي نص عليها القانون ضمانا لسير القضاء ومنعا من أن يترك الأمر فيه المطلق التقدير.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن الطعن بالنقض طريق غير عادي لم يجزه القانون للطعن في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها بيان حصر في المادتين 248، 249 من قانون المرافعات، وترجع كلها إما إلى مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، ويقصد به في واقع الأمر مخاصمة الحكم النهائي الذي يطعن عليه بهذا الطريق، يتعين أن يلجأ بصدده إلى محكمة مغايرة لتلك التي أصدرته على أن تكون أعلى منها، حددها المشرع أنها محكمة النقض التي تعتبر قمة السلطة القضائية في سلم ترتيب المحاكم، "فلا تعلوها محكمة ولا تخضع أحكامها لرقابة جهة ما".

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 272 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي، وأحكامها باتة، ولا سبيل إلى الطعن فيها، وأن المشرع اغتني عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن عادية أو غير عادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة، ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما أورده في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب علم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون، وذلك زيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء.

5 - إذ كان الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم ... لسنة 84 ق بتاريخ 23 من ديسمبر 2014 - المراد الاستمرار في تنفيذه - هو حكم بات قاطع لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية، وكان الأصل ألا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة في القانون، فإن ما صدر من دائرة شئون الأعضاء بالمحكمة الدستورية في الطلب رقم ... لسنة 37 ق "طلبات أعضاء" بتاريخ 24 من فبراير 2015 من عدم اعتداد بالحكم البات الصادر من محكمة النقض بتاريخ 23 من ديسمبر 2014 - وأيا كان وجه الرأي فيه من حيث المصلحة والاختصاص - لا يعدو أن يكون محض عقبة مادية في سبيل تنفيذ حكم محكمة النقض موضوع التداعي، هو والعدم سواء ولغو لا قيمة له انطلاقا من عدم جواز تسليط قضاء على قضاء، ولا يغير من ذلك قالة أن أحكام المحكمة الدستورية ذات حجية مطلقة.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الحجية المطلقة قبل الكافة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية والتي تلتزم بها جميع سلطات الدولة هي - فحسب - للأحكام التي انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أو إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس، ذلك أن علة عينية الدعوى الدستورية والحجية المطلقة للحكم الصادر في موضوعها، والتزام الجميع به، لا تتحقق إلا في هذا النطاق باعتبار أن قوامه مقابلة النصوص التشريعية المدعى مخالفتها للدستور بالقيود التي فرضها لضمان النزول إليها، والكشف عن مدى دستورية النصوص التشريعية سواء بتقرير سلامتها من جميع العيوب الشكلية والموضوعية الدستورية فلا يكون لأحد من بعد أن يدعى خلاف ما قررته، أم ببطلانها فلا يجوز من بعد تطبيقها.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعين أودعوا إدارة كتاب هذه المحكمة بتاريخ 12 من مارس 2015 صحيفة قيدت برقم ... لسنة 85 ق "رجال القضاء - منازعة تنفيذ" - وجهت إلى السيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا بصفته بطلب الحكم بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 23 ديسمبر 2014 في الطعن رقم ... لسنة 84 قضائية "طعون رجال القضاء" وإزالة كافة عقبات التنفيذ التي تعترض تنفيذ هذا الحكم وأخصها عدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية بتاريخ 24 فبراير 2015 في الطلب رقم ... لسنة 37 ق "طلبات أعضاء" وبطلان هذا الحكم الأخير وانعدامه، وقالوا بيانا لذلك إنهم كانوا قد أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 129 ق استئناف القاهرة "دعاوى رجال القضاء" وقضى فيها بتاريخ 27 من فبراير 2013 بأحقيتهم في صرف المخصصات المالية أيا كان مسماها والتي تصرف لأقرانهم بالمحكمة الدستورية وهيئة المفوضين بها والمتماثلين معهم في الدرجة الوظيفية وفي الأقدمية، وبإلزام المدعى عليهم - عدا المدعى عليه بصفته في هذا الطلب - بأن يؤدوا لهم الفروق المالية المستحقة بموجب هذا الحكم لخمس سنوات سابقة على تاريخ رفع الدعوى وبمراعاة تاريخ بدء الاستحقاق، وقد صار هذا الحكم باتا بالقرار الصادر من محكمة النقض - في غرفة المشورة - بتاريخ 26 من نوفمبر 2013 بعدم قبول الطعن بالنقض رقم ... لسنة 83 ق "رجال القضاء" المقام من المحكوم ضدهم - عدا المدعى عليه في هذا الطلب وإذ قاموا بإعلان الصيغة التنفيذية لذلك الحكم وتقدموا إلى مجلس القضاء الأعلى بطلب لتنفيذه، إلا أنه توقف لامتناع المدعى عليه بصفته عن تقديم بيان رسمي عن كافة ما يتقاضاه والسادة المستشارون نوابه وأعضاء هيئة مفوضي المحكمة الدستورية من راتب أساسي وما ارتبط به من بدلات وحوافز وكذا البدلات أيا كان مسماها غير المرتبطة بالراتب الأساسي مثل بدل عدم جواز الندب أو غيره وكافة المزايا العينية التي يتم الحصول عليها أو قيمتها المالية، ومن ثم فقد أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 131 ق استئناف القاهرة أمام "دائرة دعاوى رجال القضاء" بطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بتقديم البيان سالف الذكر، وبتاريخ 14 من يونيه 2014 قضت المحكمة برفضها، طعن المدعون في ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 84ق "طعون رجال القضاء" وبتاريخ 23 من ديسمبر 2014 نقضت محكمة النقض الحكم الأخير وحكمت في موضوع الدعوى رقم ... لسنة 131 ق استئناف القاهرة "رجال القضاء" بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الأولى رقم ... لسنة 129 ق استئناف القاهرة "رجال القضاء" بتاريخ 27 من فبراير 2013 وبإلزام المدعى عليه بصفته بتقديم البيان الرسمي موضوع تلك الدعوى. وإذ أقام بعض أعضاء هيئة مفوضي المحكمة الدستورية القضية رقم ... لسنة 37ق "طلبات أعضاء" أمامها لاستصدار حكم منها بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض الصادر في الطعن رقم ... لسنة 84 ق بتاريخ 23 من ديسمبر 2014, فأجابتهم دائرة شئون الأعضاء بتلك المحكمة إلى طلبهم بتاريخ 24 من فبراير 2015, مما يعد عقبة في تنفيذ حكم محكمة النقض سالف البيان لصدوره من محكمة غير مختصة وخارج نطاق ولايتها ومن ثم فقد أقاموا الطلب. أودع نائب الدولة مذكرة عن المدعى عليه بصفته انتهى فيها إلى تفويض المحكمة في إعمال صحيح القانون في الطلب، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها إجابة المدعين إلى طلبهم، وإذ حددت المحكمة جلسة لنظر الطلب، وفيها صمم المدعون على طلبهم، وفوض نائب الدولة الرأي للمحكمة، والتزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه عن موضوع الطلب وكان مبتغى المدعين منه هو الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم ... لسنة 84 ق بتاريخ 23 من ديسمبر 2014 وإزالة العقبة المادية التي تحول دونه والمتمثلة فيما صدر من دائرة شئون الأعضاء بالمحكمة الدستورية بتاريخ 24 من فبراير 2015 في الطلب رقم ... لسنة 37 قضائية "طلبات أعضاء" من عدم اعتداد بحكم النقض سالف الذكر، فإن الطلب يكون منازعة في تنفيذ حكم محكمة النقض الصادر لصالح المدعين لرفع ما لحق بذلك الحكم مما يحول دون تنفيذه، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن اختصاص دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة ومن بعدها محكمة النقض بكل ما يتعلق بشئون القضاة يعد اختصاصا نوعيا متعلقا بالنظام العام لا يقتصر نطاقه على ذلك فحسب بل يمتد بالضرورة إلى ما يحول دون تنفيذ الأحكام التي تصدر لصالحهم ويتعذر تنفيذها، والتي تمتد إلى الادعاءات التي لو صحت لأثرت في التنفيذ، ويترتب عليها أن يصدر الحكم بجواز التنفيذ أو عدم جوازه لصحته أو لبطلانه، أو بوقفه أو الاستمرار فيه، أو بعدم الاعتداد به أو بالحد من نطاقه.
وحيث إن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائي والمرافعات المدنية وهي المشتملة على الإجراءات والأوضاع التي تلزم مراعاتها عند الالتجاء إلى القضاء وكيفية الفصل في الدعوى وقواعد إصدار الأحكام والطعن فيها وتنفيذها، لا شأن لها بجوهر الحقوق الموضوعية ولا بالنصوص القانونية المنظمة لها، وكان المصدر الوحيد لهذه القوانين هو التشريع المتمثل أساسا في مجموعة المرافعات المدنية والتجارية الصادر بها القانون رقم 13 لسنة 1968 والتشريعات المكملة دون ما اعتداد بأية مصادر أخرى، فإنه لا محل للمحاجة في هذا المجال بما تقضي به المادة الأولى من التقنين المدني من استناد إلى بعض المصادر عند تخلف النص التشريعي، باعتبار القانون الأخير من القوانين الموضوعية المقررة للحقوق التي تبينها وتحدد كيفية نشوئها وطريقة انقضائها، بينما قانون المرافعات يقرر الوسيلة التي بمقتضاها تؤدى هذه الحقوق، بحيث تلزم الشكلية كي يطمئن الأفراد إلى المحافظة على حقوقهم متى اتخذوا الأوضاع التي نص عليها القانون ضمانا لسير القضاء ومنعا من أن يترك الأمر فيه لمطلق التقدير، وكان الطعن بالنقض طريق غير عادي لم يجزه القانون للطعن في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها بيان حصر في المادتين 248, 249 من قانون المرافعات, وترجع كلها إما إلى مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه, ويقصد به في واقع الأمر مخاصمة الحكم النهائي الذي يطعن عليه بهذا الطريق, يتعين أن يلجأ بصدده إلى محكمة مغايرة لتلك التي أصدرته على أن تكون أعلى منها, حددها المشرع أنها محكمة النقض التي تعتبر قمة السلطة القضائية في سلم ترتيب المحاكم, فلا تعلوها محكمة، ولا تخضع أحكامها لرقابة جهة ما.
وحيث إن المادة 272 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه "لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن"، فقد أفادت بذلك - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي، وأحكامها باتة، ولا سبيل إلى الطعن فيها، وأن المشرع اغتنى عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن عادية أو غير عادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة، ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما أورده في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون، وذلك زيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء.
وحيث إنه لما كان ما تقدم وكان الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم ... لسنة 84 ق بتاريخ 23 من ديسمبر 2014 - المراد الاستمرار في تنفيذه - هو حكم بات قاطع لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية، وكان الأصل ألا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة في القانون، فإن ما صدر من دائرة شئون الأعضاء بالمحكمة الدستورية في الطلب رقم ... لسنة 37 ق "طلبات أعضاء" بتاريخ 24 من فبراير 2015 من عدم اعتداد بالحكم البات الصادر من محكمة النقض بتاريخ 23 من ديسمبر 2014 - وأيا كان وجه الرأي فيه من حيث المصلحة والاختصاص – لا يعدو أن يكون محض عقبة مادية في سبيل تنفيذ حكم محكمة النقض موضوع التداعي، هو والعدم سواء ولغو لا قيمة له انطلاقا من عدم جواز تسليط قضاء على قضاء، ولا يغير من ذلك قالة أن أحكام المحكمة الدستورية ذات حجية مطلقة، ذلك - وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الحجية المطلقة قبل الكافة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية والتي تلتزم بها جميع سلطات الدولة هي – فحسب – للأحكام التي انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أو إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس, ذلك أن علة عينية الدعوى الدستورية والحجية المطلقة للحكم الصادر في موضوعها, والتزام الجميع به, لا تتحقق إلا في هذا النطاق باعتبار أن قوامه مقابلة النصوص التشريعية المدعى مخالفتها للدستور بالقيود التي فرضها لضمان النزول إليها, والكشف عن مدى دستورية النصوص التشريعية سواء بتقرير سلامتها من جميع العيوب الشكلية والموضوعية الدستورية فلا يكون لأحد من بعد أن يدعي خلاف ما قررته, أم ببطلانها فلا يجوز من بعد تطبيقها.
ولما تقدم يكون طلب المدعين الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم ... لسنة 84ق "طعون رجال القضاء" بتاريخ 23 من ديسمبر 2014 قد قام على أساس سليم من الواقع والقانون جدير بالقبول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق