الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 أكتوبر 2021

جهة الاختصاص بفض التناقض بين أحكام هيئات التحكيم

الدعوى رقم 37 لسنة 41 ق "تنازع" جلسة 9 / 10 / 2021

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع مــــن أكتوبر سنة 2021م، الموافق الثاني من ربيع الأول سنة 1443 هـ.
أصدرت الحكم الآتي
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة .

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 37 لسنة 41 قضائية "تنازع".

المقامة من
الشركة القابضة لمصر للطيران
ضـد
شركة شبه الجزيرة للنشر، ويمثلها قانوناً مصطفى حسين عمر

------------------

" الإجراءات "

بتاريخ الرابع والعشرين من أغسطس سنة 2019، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم، أولاً : بصفة مستعجلة، وقف تنفيذ الحكم الصادر في دعوى التحكيم رقم 440 لسنة 2005، الصادر بجلسة 28/ 12/ 2006، لحين الفصل في الدعوى المعروضة. ثانيًا : وفى الموضوع، عدم الاعتداد بالحكم المشار إليه، والاستمرار في تنفيذ حكم التحكيم الصادر بجلسة 17/ 5/ 2010، في الدعوى رقم 621 لسنة 2009، المقامة من الشركة المدعى عليها ضد الشركة المدعية، الذى أصبح نهائيــــًّا بموجـب حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بجلسة 22/ 5/ 2016، في الدعوى رقم 1 لسنة 131 قضائية، القاضى بعدم قبول دعوى البطلان المقامة عن هذا الحكم. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 28/ 8/ 2021، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم، وصرحت للشركة المدعية بتقديم مذكرات في غضون عشرة أيام، قدمت خلالها مذكرة، صممت فيها على الطلبات، وضمنت المذكرة دفعًا بعدم دستورية الفقرة (ثالثــــًا) من المادة (25) من قانون هذه المحكمة، فيما اشترطته من أن يكون الحكمان محل طلب فض تناقض التنفيذ صادرين من أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي.

-----------------
" المحكمـة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعية كانت قد تعاقدت بتاريخ 11/ 7/ 1992، مع الشركة المدعى عليها لإصدار " مجلة حورس " على طائرات مصر للطيران، لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 1/ 1/ 1992 حتى 31/ 12/ 1994، على أن يُجدد العقد تلقائيــــًا ما لم يُخطر أحد الطرفين الآخر كتابة بعدم رغبته في التجديد. وقد تجدد العقد لمدة تنتهى في 31/ 12/ 2006. وبتاريخ 30/ 6/ 2004، وجهت الشركة المدعية خطابـــًا إلى الشركة المدعى عليها بإنهاء العقد، التي ارتأت أن إنهاء العقد في هذه الحالة مخالف لشروطه، ويلحق بها أضرارًا، فأقامت ضد الشركة المدعية دعوى التحكيم رقم 440 لسنة 2005، أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وبجلسة 28/ 12/ 2006، قضت هيئة التحكيم بإلزام الشركة المدعية بأن تؤدى للشركة المدعى عليها مبلغ مائتي ألف جنيه إسترليني، تعويضـًا عما أصابها من أضرار جراء عدم التزام قرار إنهاء التعاقد بشرط الإخطار قبل موعد الإنهاء بسنة كاملة. فأقامت الشركة المدعية الدعويين رقمى 29 و104 لسنة 124 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، طالبة الحكم ببطلان حكم التحكيم المشار إليه، وبجلسة 6/ 5/ 2008، قضت المحكمة بإجابتها لطلباتها. طعنت الشركة المدعى عليها على هذا الحكم أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 10166 لسنة 78 قضائية، وبجلسة 14/ 2/ 2013، قضت المحكمة بنقض الحكم، وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها من جديد بهيئة أخرى. ونفاذًا لذلك نظرت محكمة استئناف القاهرة الدعويين المار ذكرهما، وبجلسة 22/ 5/ 2016، قضت برفضهما. فطعنت الشركة المدعية على هذا الحكم أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 10765 لسنة 86 قضائية، وبجلسة 1/ 2/ 2017، قضت المحكمة بعدم قبول الطعن.
وإبان نظر الطعن بالنقض المار ذكره أقامت الشركة المدعى عليها دعوى تحكيم جديدة برقم 621 لسنة 2009، ضد الشركة المدعية، أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، بطلب إلزامها بأداء مبلغ مليون وأربعة آلاف ومائتين وتسعة عشر جنيهــًا إسترلينيـــًا، تعويضـــًا لها عن الأضرار التي لحقتها جراء إنهاء العقد، وبجلسة 17/ 5/ 2010، قضت هيئة التحكيم برفض الدعوى، فأقامت الشركة المدعى عليها دعوى ببطلان هذا الحكم، أمام محكمة استئناف القاهرة، قُيدت برقم 1 لسنة 131 قضائية، وبجلسة 22/ 5/ 2016، قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى، فطعنت الشركة المدعى عليها على الحكم أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 10454 لسنة 86 قضائية، وبجلسة 25/ 7/ 2018، قضت المحكمة بعدم قبول الطعن. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن ثمة تناقضـًا بين الحكم الصادر عن هيئة التحكيم بجلسة 17/ 5/ 2010، في دعوى التحكيم رقم 621 لسنة 2009، والحكم الصادر من الهيئة ذاتها في دعوى التحكيم رقم 440 لسنة 2005، وأن الحكم الأول أصبح نهائيـًا وفصل في موضوع النزاع بقضاء حاز حجية الأمر المقضى، وذُيل بالصيغة التنفيذية بتاريخ 31/ 12/ 2013، على حين أضحى الحكم الثانى نهائيـًا في تاريخ لاحق، وأنهما حكمان نهائيان، ومتناقضان في حسم موضوع النزاع ذاته، على نحو يتعذر معه تنفيذهما معًـــا، فقد أقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين طبقـــًا للبند "ثالثا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون أحد الحكمين صادرًا من جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معـــًا. مما مؤداه : أن النزاع الذى يقوم بسبب التناقض بين أحكـــام أكثر من جهة مـــن جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى هـــــو الذى تختص به هذه المحكمة، ولا تمتد ولايتها بالتالى إلى فض التناقض بين الأحكام الصادرة من محاكم تابعة لجهة واحدة منها، ذلك أن المحكمة الدستورية العليا لا تعتبر جهة طعن في هذه الأحكام، ولا اختصاص لها بالتالى بمراقبة التزامها حكم القانون أو مخالفتها لقواعده، تقويمـــًا لاعوجاجها وتصويبـــًا لأخطائها، بل يقتصر بحثها على المفاضلة بين الحكمين النهائيين المتناقضين، على أساس من قواعد الاختصاص الولائى لتحدد - على ضوئها - أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل في الدعوى، وأحقها بالتالى بالتنفيذ.
وحيث إن الأصل في التحكيم - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه وسيلة فنية لها طبيعة قضائية، غايتها الفصل في نزاع محدد، مبناه علاقة محل اهتمام من طرفيها، وركيزته اتفاق خاص بين متنازعين لعرض ما بينهما من خلافات على مُحَكّم من الأغيار يعين باختيارهما، أو بتفويض منهما، أو على ضوء شروط يحددانها. ويستمد المحكم سلطته من هذا الاتفاق ليفصل في ذلك النزاع بقرار يكون نائيـــًا عن شبهة الممالأة، مجردًا من التحامل، وقاطعـــًا لدابر الخصومة التى أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلى كل منهما بوجهة نظره تفصيلاً من خلال ضمانات التقاضى الرئيسية. وبذلك، فإن التحكيم عمل اختيارى حر، وبإرادة أطرافه، ويعتبر نظامـــًا بديلاً عن القضاء فلا يجتمعان؛ إذ إن مقتضاه عزل المحاكم جميعها عن نظر المسائل التى انصب عليها، استثناءً من أصل خضوعها لولايتها. واحترامــــًا لتلك الإرادة، واعترافـــًا بحجية أحكام التحكيم ووجوب نفاذها من جهة ، ومواجهة الحالات التى يصاب فيها حكم التحكيم بعوار ينال من مقوماته الأساسية، ويدفعه إلى دائرة البطلان بمدارجه المختلفة من جهة أخرى، أقام المشرع توازنـــًا دقيقـــًا بين هذين الأمرين من خلال سماحه بإقامة دعوى البطلان الأصلية، بشروط محددة، في شأن حكم التحكيم، مستصحبـــًا الطبيعة القضائية لهذا الحكم، ليسوى بينه وبين أحكام المحاكم القضائية بصفة عامة، من حيث جواز إقامة دعوى بطلان أصلية في شأنها، احترامـــًا للضمانات الأساسية في التقاضى، وبما يؤدى إلى إهدار أى حكم يفتقر في مصدره إلى المقومات الأساسية للأحكام القضائية.
وحيث إن اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساســـًا إلى كل من اتفاق التحكيم وقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، الذى أجاز استثناءً سلب ولاية جهات القضاء، وأن المحكم لا يستمد سلطته من اتفاق التحكيم وحده وإنما من إرادة المشرع التى تعترف به، وأن هيئة التحكيم تفصل في الخصومة محل دعوى التحكيم، بحكم حاسم حائز لقوة الأمر المقضى منذ صدوره، ومُلزم للأطراف المحتكمين، قابل للتنفيذ إذا تفادى أسباب البُطْلان، وتَحَقَّقَ القضاء العام في الدولة من خُلوه من العُيوب الجَوهَرية التى قد تُبْطله، وفقًا لأحكام المادتين (53، 54) من ذلك القانون. وبصدور الأمر القضائى بتنفيذه، يُعد حكم التحكيم صالحـــًا لوضع الصيغة التنفيذية عليه، ويُعامل باعتباره سندًا يتم التنفيذ الجبرى بمقتضاه، شأنه شأن أحكام القضاء، لتتوافر لهيئة التحكيم - والحالة هذه - سِمات الهيئات ذات الاختصاص القضائى، وتُعتبر أحكامها أعمالاً قضائية، على نحو ما تَـــواترتْ عليه أحكام التنازع الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا من الاعِتداد بأحكام هيئات التحكيم، وإنْزَالها مَنْزلة الأحكام الصادرة عن الهيئات ذات الاختصاص القضائى، في مفهوم نص المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، واعتبارها حدًا من حدى التناقض في الدعاوى المقامة لفض التناقض القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين أحدهما صادر من جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها، في ضوء الحكم الوارد بنص البند " ثالثًا " من المادة (25) السالفة الذكر.
وحيث كان ما تقدم، وكان الحكمان المدعى تناقضهما صادرين عن هيئتى تحكيم تابعتين لجهة واحدة، وسندُ الاختصاص الولائى الاستثنائى لهما مصدر تشريعى واحد، هو قانون التحكيم في المواد التجارية والمدنية المشار اليه، وكان هذا التناقض - بفرض قيامه - لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، بحسبانها ليست جهة طعن في الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم أو جهات القضاء على تباينها، ومن ثم فإن شروط قبول دعوى التناقض طبقًا لقانون هذه المحكمة - ووفقًا لما جرى عليه قضاؤها - تكون متخلفة في شأن الدعوى المعروضة، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من الشركة المدعية بعدم دستورية ما تضمنه نص البند ثالثًــــا من المادة (25) من قانون هذه المحكمة المشار إليه، من إطلاق اشتراط أن يكون الحكمان محل طلب الفصل في تناقض تنفيذ الأحكام، صادر أحدهما من جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها، وذلك كشرط لانعقاد اختصاص هذه المحكمة بالفصل في دعوى تناقض تنفيذ الأحكام، فإن هذا الدفع، في حقيقته، ينحل إلى طلب حث هذه المحكمة على استعمال رخصة التصدى المخولة لها بمقتضى نص المادة (27) من قانونها، الذى يتطلب أن يكون النص الذى يرد عليه التصدى متصلاً بالنزاع المطروح عليها. وترتبط ممارسة هذه الرخصة في مجال الفصل في تناقض الأحكام بطبيعة ذلك الاختصاص، القائم حسمه على قواعد الاختصاص الولائى، والنصوص الحاكمة له، التى يتحدد بها إطار ممارسة هذه الرخصة في هذا الشأن.
وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى أن الحكمين النهائيين المدعى وقوع تناقض بينهما، قد صدرا عن هيئتى تحكيم تابعتين لجهة واحدة، وعدم قبول الدعوى، وبالتالى فإنه لا يكون هناك مسوغ لإعمال سلطتها في التصدى.
وحيث إنه لا ينال من صحة ما تقدم، ما توسلت به الشركة المدعية لتحقيق غايتها، بقالة إن هيئات التحكيم الخاضعة لأحكام قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، لا يوجد بينها رابط يمنطق اعتبارها جهة قضاء واحدة، ويتعين النظر إلى كل هيئة منها كجهة مستقلة بذاتها، وأن تلك الهيئات لا يستوى على قمتها هيئة عليا تزيل ما يثور من تناقض بين أحكامها، وليس ثمة ما يمنع المحكمة الدستورية العليا قانونًا من التصدى لإزالة التناقض الحاصل بين الأحكام النهائية الصادرة عن هيئات التحكيم، لا على أساس الاختصاص الولائى، وإنما على أساس احترام حجية الأمر المقضى التى تعلو على اعتبارات النظام العام، فإن هذا النعى مردود، بأنه باستقراء أحكام قانون التحكيم المشار إليه، يتبين أن المشرع قد أحاط التحكيم، بما يشكله من استثناء على ولاية القضاء العام في الدولة، بمجموعة من القواعد والقيود، بحيث تتوقف سلامة الأحكام التى تصدرها هيئات التحكيم على مراعاتها، كما تدخل المشرع للحد من الآثار السلبية التى قد ترتبها هذه الأحكام، إذ ناطت المادة (9) من قانون التحكيم الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التى يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصرى، للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، أما إذا كان التحكيم تجاريًا دوليًا، سواء جرى في مصر أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة، ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر، وأن تظل المحكمة التى ينعقد لها الاختصاص، دون غيرها، صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم. وتضمن الباب السابع من القانون المشار إليه، المعنون "حجية أحكام المحكمين وتنفيذها" - في المواد من (55) إلى (58) - بيانًا للأحكام الأساسية للأمر بالتنفيذ، سواء إجراءات استصداره، والاختصاص بإصداره، وقواعد نظره، وتلك التى تحكم قبول طلبات الأمر بالتنفيذ، وسلطة القاضى عند إصدار الأوامر، والتظلم من الأوامر الصادرة في طلبات التنفيذ. وعهدت المادة (56) من ذلك القانون إلى رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (9)، أو من ينيبه من قضاتها، الاختصاص بإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين. واستلزم المشرع لمباشرة الرقابة القضائية - الشكلية والإجرائية - على حكم التحكيم، تقديم مستندات معينة.
وحددت المادة (58) - في البند (2) منها - الشروط الواجب التحقق من توافرها، قبل الأمر بتنفيذ حكم التحكيم، هى: أن يكون حكم التحكيم لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع، ولا يتضمن ما يخالف النظام العام في مصر، وأنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلانًا صحيحًا. الأمر الذى يفصح بجلاء ويقطع بأن أحكام قانون التحكيم قد عهدت إلى رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون، أو من ينيبه من قضاتها، الاختصاص بإصدار أوامر تنفيذ أحكام المحكمين، باعتباره القاضى المختص، ويُعد، من باب أولى، صاحب الاختصاص بالنظر في تناقض تلك الأحكام والمفاضلة بينها، على ضوء حجية الأمر المقضى، ودون أن يعتبر ذلك إنكارًا للعدالة أو لحق كل مواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعى على ما تقضى به المادة (97) من الدستور، أو إهدارًا لقواعد توزيع الاختصاص بين جهات القضاء. ولا يغير من ذلك، التحدى بأن نصوص قانون التحكيم خلت من نص يحدد جهة الاختصاص بفض التناقض بين أحكام هيئات التحكيم، إذ إن ذلك لا يُعد عملاً قضائيًا، وإنما هو عمل تشريعى أصيل، يتولاه المشرع طبقًا لنص المادة (101) من الدستور، ومن ثم لا يستنهض ولاية هذه المحكمة. وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكم التحكيم رقم 440 لسنة 2005، الصادر بجلسة 28/ 12/ 2006، فإنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين أو كليهما يُعد فرعًا من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل فيه، وانتهت المحكمة فيما تقــــدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاصه المقرر بنص المادة (32) من قانون هذه المحكمة في شأن هذا الطلب، يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهذه الأسـباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق