الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 أكتوبر 2021

الطعن 29 لسنة 46 ق جلسة 7 / 3 / 1979 مكتب فني 30 ج 1 أحوال شخصية ق 138 ص 753

جلسة 7 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر؛ وإبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

--------------

(138)
الطعن رقم 29 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"

(1)نقض. أحوال شخصية. "الطعن بالنقض". بطلان.
الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية. وجوب إيداع صورة رسمية من الحكم الابتدائي متى أحال إليه الحكم المطعون فيه. إغفال ذلك. أثره. بطلان الطعن. لا محل لإعمال هذا الجزاء متى استحال الحصول على هذه الصورة. مثال بشأن فقد الملف الابتدائي.
(2)حكم. "بيانات الحكم". بطلان.
بيانات الحكم الجوهرية. هي التي يكون ذكرها ضرورياً للفصل في الدعوى. إغفالها. أثره. بطلان الحكم. لا محل لبيان تفصيل خطوات ومراحل النزاع أمام المحكمة. م 178 مرافعات معدلة بق 13 لسنة 1973.
(3)أحوال شخصية. "النسب". إثبات.
النسب. ثبوته في حق الرجل بالفراش وبالبينة وبالإقرار. الإقرار بالبنوة. شرط صحته. أن يكون الولد مجهول النسب. تعلق حق الولد بهذا الإقرار.
(4)أحوال شخصية. حكم. "حجية الحكم".
الأحكام المنشئة دون المقررة لحالة مدنية. حجة على الناس كافة. الحكم بتقدير السن في دعوى القيد بدفاتر المواليد لإثبات نسبه الولد لوالديه. حكم مقرر.
(5) أحوال شخصية "نفقة الأقارب". حكم. "حجية الحكم".
نفقة الأقارب. سببها. قرابة الرحم المحرمية مع الأهلية للميراث. الحكم بالنفقة للغريب. حجة على ثبوت صلة القرابة بين طرفي الدعوى. علة ذلك.

-----------------
1 - توجب المادة 255 من قانون المرافعات والمادة 881 الواردة بالكتاب الرابع المضاف إليه على من يطعن بالنقض في الأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية أن يودع قلم كتاب محكمة النقض وقت التقرير بالطعن صورة طبق الأصل من الحكم الابتدائي متى أحال الحكم المطعون فيه إليه في أسبابه، وهو إجراء جوهري يترتب على إغفاله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان الطعن، إلا أنه لا محل لإعمال هذا الجزاء المترتب على الامتناع عن اتخاذ إجراء معين، متى ثبت أن عنصر الإرادة الذي يمكن بمقتضاه تحقق القول بالامتناع السلبي غير متوافر، فإذا استحال الحصول على صورة مطابقة للأصل من حكم الواجب تقديمها فإن الأثر القانوني وهو البطلان لا يتحقق إذ لا تكليف إلا بميسور. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الملف الابتدائي فقد قبل نظر الدعوى بمعرفة المحكمة الاستئنافية مما دعاها إلى الاستعاضة عنه بالصورة الرسمية من الحكم الابتدائي المقدمة من المطعون عليه، وبما قدمه الطرفان من صور المستندات السابق عرضها على محكمة أول درجة، ومن ثم فقد استحال على الطاعنة الحصول على صورة طبق الأصل من الحكم الابتدائي فلا يترتب البطلان على عدم تقديمها وقت التقرير بالطعن بالنقض.
2 - التعديل الذي جرى على المادة 178 من قانون المرافعات بمقتضى القانون رقم 13 لسنة 1973 قد استهدف - وعلى ما جلته المذكرة الإيضاحية - وجوب الاقتصار على اشتمال الحكم لعرض وجيز لوقائع النزاع، وإجمال للجوهري من دفاع طرفيه، وإيراد الأسباب التي تحمل قضاء الحكم فيه، أما تفصيل الخطوات والمراحل التي قطعها النزاع أمام المحكمة فإنه تزيد لا طائل من ورائه، قد يضيع في غمارها أمام القاضي معالم الطريق إلى نقاط النزاع الجوهرية، ولذلك فإنه يغني عن الإشارة إليها ما تسجله محاضر الجلسات. ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين لاعتبار البيان جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أن يكون ذكره ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها باعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الطرفين نزاع بشأنه.
3 - النسب كما يثبت في جانب الرجل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة بالفراش وبالبينة يثبت بالإقرار، ويشترط لصحة الإقرار بالبنوة أن يكون الولد مجهول النسب لا يعرف له أب، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي ولا ينفك بحال، كما أن الإقرار يتعلق به حق المقر له في أن يثبت نسبه من المقر وينتفي به كونه من الزنا. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند ضمن ما استند عليه في قضائه بثبوت نسب المورث من والده... إلى إقرار الأخير ببنوته في دعوى قيده بدفاتر المواليد، وكان هذا الإقرار بالبنوة قد تعلق به حق المورث في أن يثبت نسبه من والده المشار إليه، ولا يبطله أن يكون تاريخ وثيقة زواج والديه لاحقاً على تاريخ ميلاده التقديري، أو أن يسبق التاريخ الأخير إقرار والدته بانقضاء عدتها من طلاقها رجعياً من زوج سابق طالما لم يدع المذكور بنوته. لا يقدح في ذلك، أن مقتضى إقرار المرأة بانقضاء العدة أنها ليست بحامل، وأن عدة الحامل لا تنقضي إلا بوضع الحمل، وأن الولد الذي تأتي به بعد ذلك لا يلزم إسناده إلى حمل حادث بعد الإقرار، لأن مفاد ما خلص إليه الحكم أنه طالما تصادق الزوجان على نسبة المورث لهما بقيده في دفتر المواليد، فإن إقرار والدة المورث بانقضاء عدتها من مطلقها يسند إلى ما قبل الولادة، ورتب على ذلك أن المورث ولد على فراش زوجية صحيحة بالزوج الثاني، ونسبه موصول بهذا الأخير، وهو استخلاص موضوعي سائغ لدلالة الإقرار يستقل به قاضي الموضوع.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحكام التي تنشئ الحالة المدنية هي وحدها التي تكون حجة على الناس كافة دون تلك التي تقرها، والحكم الصادر بتقدير سن المورث وتحديد تاريخ ميلاده التقريبي يقرر حاله ولا ينشئها، باعتبار أنه لا يقصد منه سوى إثبات ميلاد المطلوب قيد اسمه بدفاتر المواليد ونسبته إلى أمه وأبيه.
5 - علة وجوب النفقة بالقرابة هو سد حاجة القريب ومنعه من السؤال صلة لرحمه، والسبب فيها هو قرابة الرحم المحرمية مع الأهلية للميراث، ومن ثم فإن موضوع النسب يكون قائماً في الدعوى بطلب نفقة القريب باعتباره سبب الالتزام بها لا تتجه إلى المدعى عليه إلا به، فيكون ماثلاً فيها وملازماً لها وتتبعه وجوداً وعدماً، لما كان ذلك. وكان حكم النفقة الذي استصدرته والدة المطعون عليه لصالحه في الدعوى رقم... صدر ضد والد المورث تأسيساً على أنه عم شقيق للمطعون عليه، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو استدل مما اشتمل عليه حكم النفقة من قضاء على ثبوت صلة قرابة المطعون عليه بالمورث وأنه ابن عم شقيق له باعتبارها سبب الالتزام بالنفقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 537 لسنة 1973 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه وآخر طالبة الحكم ببطلان الإشهادين الشرعيين رقمي 178 لسنة 1969 و230 لسنة 1970 الصادر أولهما من محكمة الموسكي الجزئية في 28/ 2/ 1969 والثاني من محكمة الدقي الجزئية في 23/ 10/ 1970 وبعدم التعرض لها بهما، وثبوت وفاة... في 19/ 9/ 1969 وانحصار إرثه فها وحدها بصفتها زوجته واستحقاقها جميع تركته فرضاً ورداً والأمر بعدم التعرض لها في ذلك، وقالت شرحاً لدعواها إن زوجها... توفى بتاريخ 19/ 9/ 1969 وترك ما تورث عنه شرعاً، وانحصر إرثه فيها بصفتها زوجته وتستحق جميع تركته فرضاً ورداً، وإذ استصدر المطعون عليه الإشهاد الشرعي رقم 230 لسنة 1970 وراثات الدقي باعتباره وارثه الوحيد بصفته ابن عم له، كما استصدر المدعى عليه الآخر الإشهاد الشرعي رقم 178 لسنة 1969 وراثات الموسكي باستحقاقه باقي التركة بعد نصيبها المفروض بصفته ابن خاله، وكان المذكوران لا يمتان بصلة قرابة لزوجها المتوفى، فقد أقامت الدعوى. كما أقام المطعون عليه الدعوى رقم 127 لسنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام ذات المحكمة ضد الطاعنة بطلب الحكم ببطلان الإشهاد الشرعي الصادر في المادة رقم 228 لسنة 1969 وراثات باب الشعرية تأسيساً على أنها ادعت فيه بأنها الوارثة الوحيدة وتستحق تركته فرضاً ورداً في حين أنه ابن عم شقيق لزوجها المتوفى ويستحق باقي تركته تعصيباً بعد نصيبها المفروض بصفتها زوجته. وبعد ضم الدعويين، حكمت المحكمة في 17/ 10/ 1973 بالإحالة إلى التحقيق لتثبت الطاعنة أنها الوراثة الوحيدة للمتوفى بوصفها زوجته وأن المطعون عليه والمدعى عليه الآخر ليسا من ورثته وليثبتا أنهما من ورثته ويستحقان في تركته، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 23/ 4/ 1973 بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت الطاعنة أن مورثها... ليس ابناً للمرحوم... وعقب سماع شهود الطرفين عادت فحكم في 17/ 2/ 1974 (أولاً) ببطلان الإشهادات الشرعية أرقام 178 لسنة 1969 الموسكي و228 لسنة 1969 باب الشعرية و270 لسنة 1970 الدقي (ثانياً) بوفاة... في 19/ 9/ 1969 وانحصار إرثه في زوجته الطاعنة وتستحق ربع تركته فرضاً وفي ابن عمه المطعون عليه ويستحق باقي تركته تعصيباً. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3 لسنة 92 ق القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء بطلباتها، وبتاريخ 6/ 6/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن وأبدت الرأي في الموضوع برفضه. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة ببطلان الطعن، أن الطاعنة لم تودع قلم الكتاب وقت تقديم تقرير الطعن صورة مطابقة للأصل من الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إليه في أسبابه، واكتفت بإيداع صورة عرفية منه مخالفة المادة 881 من قانون المرافعات.
وحيث إن الدفع مردود، ذلك أنه وإن كانت المادة 255 من قانون المرافعات والمادة 881 الواردة بالكتاب الرابع المضاف إليه توجبان على من يطعن بالنقض في الأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية أن يودع قلم كتاب محكمة النقض وقت التقرير بالطعن صورة طبق الأصل من الحكم الابتدائي متى أحال الحكم المطعون فيه إليه في أسبابه، وهو إجراء جوهري يترتب على إغفاله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان الطعن، إلا أنه لا محل لإعمال هذا الجزاء المترتب على الامتناع عن اتخاذ عمل إجراء معين، متى ثبت أن عنصر الإرادة الذي يمكن بمقتضاه تحقق القول بالامتناع السلبي غير متوافر، فإذا استحال الحصول على صورة مطابقة للأصل من حكم واجب تقديمها فإن الأثر القانوني وهو البطلان لا يتحقق إذ لا تكليف إلا بميسور. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الملف الابتدائي فقد قبل نظر الدعوى بمعرفة المحكمة الاستئنافية مما دعاها إلى الاستعاضة عنه بالصورة الرسمية من الحكم الابتدائي المقدمة من المطعون عليه، وبما قدمه الطرفان من صور المستندات السابق عرضها على محكمة أول درجة ومن ثم فقد استحال على الطاعنة الحصول على صورة طبق الأصل من الحكم الابتدائي، فلا يترتب البطلان على عدم تقديمها وقت التقرير بالطعن بالنقض، ويكون الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم خلا من الإشارة إلى واقعة فقد الملف الابتدائي بكل ما اشتمل عليه من أوراق ومستندات ومذكرات وأحكام إثبات وتحقيقات، واقتصر على إيراد أسباب الاستئناف، وخلص إلى أنها مردودة بما جاء بأسباب الحكم الابتدائي التي تبناها واتخذها أسباباً له، بما يوهم على غير الثابت بالأوراق أن العناصر الواقعية التي كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة واستمدت عقيدتها منها عرضت على محكمة الدرجة الثانية، وأنها أعملت سلطتها في مراقبة المحكمة الابتدائية من حيث سلامة استخلاصها، في حين أن مشتملات الملف الابتدائي لم تكن تحت بصرها مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد جاء مبهماً على نحو يعجز محكمة النقض عن مراقبته سواء من حيث سلامة الإجراءات أو حسن الاستخلاص، وهو ما يعيبه بالبطلان فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن التعديل الذي جرى على المادة 178 من قانون المرافعات بمقتضى القانون رقم 13 لسنة 1973 قد استهدف - وعلى ما جلته المذكرة الإيضاحية - وجوب الاقتصار على اشتمال الحكم لعرض وجيز لوقائع النزاع وإجمال للجوهري من دفاع طرفيه، وإيراد الأسباب التي تحمل قضاء الحكم فيه، أما تفصيل الخطوات والمراحل التي قطعها النزاع أمام المحكمة فإنه تزيد لا طائل من ورائه، قد يضيع في غمارها أمام القاضي معالم الطريق إلى نقاط النزاع الجوهرية، ولذلك فإنه يغني عن الإشارة إليها ما تسجله محاضر الجلسات. ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين لاعتبار البيان جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أن يكون ذكره ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها باعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الطرفين نزاع بشأنه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن واقعة فقد الملف الابتدائي أدرجت بمحاضر جلسات محكمة الاستئناف، وكانت المحكمة المذكورة - وعلى ما سلف بيانه - وجدت في الصورة الرسمية من الحكم الابتدائي المقدمة من المطعون عليه وفي صور المستندات السابق تقديمها من الطرفين أمام محكمة أول درجة ما يغني عن الملف المفقود، وكانت الطاعنة لم تنازع أمام محكمة الدرجة الثانية في مطابقة الصورة الرسمية المقدمة من الحكم الابتدائي للأصل مما يجعلها حجة قبلها إعمالاً للفقرة ( أ ) من المادة 130 من قانون الإثبات كما لم تدع قصوراً أو نقصاً في أسباب الحكم المذكور الواقعية أو مخالفتها للثابت بالأوراق، فإنه لا على الحكم المطعون فيه إذا لم يورد بأسبابه واقعة فقد الملف الابتدائي اكتفاء بإثباتها بمحاضر الجلسات ولا عليه أيضاً إن هو أحال بصدد الوقائع والمستندات المقدمة أمام محكمة أول درجة إلى ما أورده حكمها في هذا الخصوص ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني، وبالوجهين الثاني والثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن الثابت أن والدة المورث طلقت من زوجها الأول في 3/ 5/ 1905 وأنها تزوجت ثانية بالمنسوب بنوة المورث إليه في 21/ 2/ 1908، وإذ صادفت ولادة المورث محلها في 17/ 5/ 1907 أي في تاريخ سابق على زواجها الثاني، وقبل مضي سنتين على طلاقها من زوجها الأول فإنه ينسب إلى هذا الأخير عملاً بالراجح من مذهب أبي حنيفة المعمول به وقتذاك قبل صدور القانون رقم 25 لسنة 1929، وقد رد الحكم على هذا الدفاع بأن اتخذ من إقرار والدة المورث بانقضاء عدتها في عقد الزواج الثاني ما يفيد أن المورث غير معلوم النسب لآخر، مع أن هذا الإقرار لا يعني أنها رزقت بابنها من الزواج الثاني بل أن مولده قبله هو الذي يتفق ومؤداه، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه ساير الحكم الابتدائي في الاستدلال بشهادة قيد ميلاد المورث وبطاقته العائلية، في حين أن هذه البيانات مستقاة من الحكم الصادر من محكمة الصف الجزئية الذي يبين منه أن تاريخ ميلاده السابق على الزواج الثاني لوالدته، وهو حكم يحوز حجية الأمر المقضي في مواجهة الكافة. بالإضافة إلى أن هذا الحكم وقد اتخذت إجراءاته بواسطة المدعي بأنه والده فإنه يكون منطوياً على إقرار من هذا الأخير ينفي أبوته للصغير. إذ لو قصد ذلك لحدد تاريخاً لميلاده تالياً لتاريخ زواجه من والدته، وإذ لم يرد الحكم على هذا الدفاع فإنه علاوة على خطئه في تطبيق القانون يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان النسب كما يثبت في جانب الرجل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالفراش وبالبينة يثبت بالإقرار، ويشترط لصحة الإقرار بالبنوة أن يكون الولد مجهول النسب لا يعرف له أب، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي ولا ينفك بحال، كما أن الإقرار يتعلق به حق المقر له في أن يثبت نسبه من المقر وينتفي به كونه من الزنا. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند ضمن ما استند عليه في قضائه بثبوت نسب المورث من والده... إلى إقرار الأخير ببنوته في دعوى قيده بدفاتر المواليد، وكان هذا الإقرار بالبنوة قد تعلق به حق المورث في أن يثبت نسبه من والده المشار إليه، ولا يبطله أن يكون تاريخ وثيقة زواج والديه لاحقاً على تاريخ ميلاده التقديري، أو أن يسبق التاريخ الأخير إقرار والدته بانقضاء عدتها من طلاقها رجعياً من زوج سابق طالما لم يدع المذكور بنوته ولا يقدح في ذلك، أن مقتضى إقرار المرأة بانقضاء العدة أنها ليست بحامل، وأن عدة الحامل لا تنقضي إلا بوضع الحمل، وأن الولد الذي تأتي به بعد ذلك لا يلزم إسناده إلى حمل حادث بعد الإقرار، لأن مفاد ما خلص إليه الحكم أنه طالما تصادق الزوجان على نسبة المورث لهما بقيده في دفتر المواليد، فإن إقرار والدة المورث بانقضاء عدتها من مطلقها يسند إلى ما قبل الولادة، ورتب على ذلك أن المورث ولد على فراش زوجية صحيحة بالزوج الثاني، ونسبه موصول بهذا الأخير، وهو استخلاص موضوعي سائغ لدلالة الإقرار يستقل به قاضي الموضوع، ويكون النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال على غير أساس. لما كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحكام التي تنشئ الحالة المدنية هي وحدها التي تكون حجة على الناس كافة دون تلك التي تقرها، وكان الحكم الصادر بتقدير سن المورث وتحديد تاريخ ميلاده التقريبي يقر حاله ولا ينشأها باعتبار أنه لا يقصد منه سوى إثبات ميلاد المطلوب قيد اسمه بدفاتر المواليد ونسبته إلى أمه وأبيه، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثارته الطاعنة بسبب النعي في قوله "... أما السن التقديرية للمورث الثابتة بالمستخرج الرسمي وبناء على حكم قضائي فإنه كما قالت محكمة أول درجة وبحق فإن تقدير السن إنما يخضع للظواهر الجسمانية والتي تختلف من شخص لآخر وذلك أمر ملموس للآن ولم يقطع به الطب العلمي برأي قاطع فلا يستطيع أحد تقدير السن بما يطابق واقع تاريخ الميلاد عند جهالته ومن أجل هذا جرى فقهاء المذهب الحنفي على أنه لا يحلف على السن لأنه كما سبق القول مما لا يدخل تحت العلم اليقيني الذي يرد عليه التحليف". وكان هذا الذي أورده الحكم يكفي للرد على دفاع الطاعنة المؤسس على واقعة ظنية لا يسوغ ابتناء الأحكام عليها، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أنه اكتفى رداً على أسباب الاستئناف بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي أقيم على ما استخلصته المحكمة من أقوال شاهدي المطعون عليه التي اطمأنت إليها، في حين أن هذه الأقوال لم تكن تحت بصر محكمة الدرجة الثانية تبعاً لفقد الملف الابتدائي، مما يفيد افتقار لمحكمة أول درجة في هذا الاستخلاص وهو ما ينطوي على إخلال الحكم المطعون فيه بالأثر الناقل للاستئناف، وتخليه عن تقدير الدليل مما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أيد الحكم الابتدائي فيما أقام عليه قضاءه من أن بنوة المورث من... قام عليها الدليل مما أثبتت ببطاقته العائلية، وما يستشف من دلالة الحكم الصادر بقيده في دفاتر المواليد وما شهد به شاهدا المطعون عليه على هذه البنوة وأنها ثمرة زواج صحيح من والديه، وكانت المحكمة الاستئنافية قد أفصحت عن مبررات أخذها بأقوال الشاهدين بأنها وافقت المستندات التي كونت اقتناعها، وكانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف بمخالفة ما حصلته محكمة أول درجة من أقوال الشهود للثابت بالأوراق أو فساد ما استخلصته منها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه إحالته إلى الحكم الابتدائي في هذا الخصوص دون الرجوع إلى أصلها من الأوراق لمراقبة تقدير الدليل المستمد منها يكون وارداً على غير محل.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الرابع من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه، الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن المحكمة لم تستجب لطلبها المبدى في فترة حجز الدعوى للحكم بإتاحة الفرصة لها لإبداء دفاعها وضرورة الإحالة إلى التحقيق حتى تخضع أقوال الشهود لرقابتها بعد فقدان الملف الابتدائي، وباعتبار أن البينة كانت هي دعامة الحكم الابتدائي، وأن باقي الأدلة لا تكفي لتكوين عقيدتها، وهو ما يعيب الحكم بالإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا انعقدت الخصومة بإعلان الخصوم على الوجه المنصوص عليه في قانون المرافعات واستوفى كل خصم دفاعه وحجزت الدعوى للحكم انقطعت صلة الخصوم بها، ولم يبق لها اتصال بالدعوى إلا بالقدر الذي تصرح به المحكمة. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن مذكرة الطاعنة التي تضمنت طلباً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لم تقدم إلا بعد أن حجزت الدعوى للحكم دون التصريح بتقديم مذكرات، فإنه لا على المحكمة إذا لم تعرض لهذه المذكرة ولم تستجب لما تضمنته من طلبات وأوجه دفاع، ويكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الخامس من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استدل على صلة القرابة التي يدعيها المطعون عليه بحجية حكم النفقة رقم 1271 لسنة 25/ 1926 الذي استصدرته والدة المطعون عليه لصالحه ضد والد المورث باعتباره عماً له، في حين أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية لا تكون إلا للأحكام المنشئة للحالة المدنية دون تلك التي تقررها، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت علة وجوب النفقة بالقرابة هو سد حاجة القريب ومنعه من السؤال صلة لرحمه، وكان السبب فيها هو قرابة الرحم المحرمية مع الأهلية للميراث، فإن موضوع النسب يكون قائماً في الدعوى بطلب نفقة القريب باعتباره سبب الالتزام بها لا تتجه إلى المدعى عليه إلا به، فيكون ماثلاً فيها وملازماً لها وتتبعه وجوداً وعدماً، لما كان ذلك. وكان حكم النفقة الذي استصدرته والدة المطعون عليه لصالحه في الدعوى رقم 1271 لسنة 25/ 1926 شرعي مصر صدر ضد والد المورث تأسيساً على أنه عم شقيق للمطعون عليه، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو استدل بما اشتمل عليه حكم النفقة من قضاء على ثبوت صلة قرابة المطعون عليه بالمورث وأنه ابن عم شقيق له باعتبارها سبب الالتزام بالنفقة، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق