جلسة 23 من فبراير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/
محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب الخياط
نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف.
----------------
(53)
الطعن رقم 1052 لسنة 58
القضائية
(1) طوارئ. أوامر عسكرية.
قانون "إلغاؤه". تموين.
صدور قرار بإنهاء حالة
الطوارئ في 15 مايو 1980. مؤداه: إلغاء الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1973 الصادر
استناداً إلى قيام تلك الحالة.
(2)أوامر عسكرية. قانون "تفسيره" "إلغاؤه"
"القانون الأصلح". تموين.
خروج الواقعة المسندة
للطاعن من دائرة التجريم بإلغاء الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1973 يتحقق به معنى
القانون الأصلح. أثر ذلك؟
تأييد الحكم المطعون فيه
الحكم الابتدائي بإدانة الطاعن بعد انحسار التأثيم عن الواقعة. خطأ في القانون.
تطبيق القانون العقابي
بأثر رجعي. غير جائز. أساس ذلك؟ المادة 66 من الدستور.
(3)نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن
والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
اقتصار العيب الذي شاب
الحكم على الخطأ في تطبيق القانون. يوجب على محكمة النقض تصحيح الخطأ والحكم
بمقتضى القانون.
---------------
1 - لما كان أمر نائب
الحاكم العسكري العام رقم 5 لسنة 1973 الصادر بتاريخ 8 من إبريل سنة 1973 استناداً
إلى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1337 لسنة 1967
بإعلان حالة الطوارئ، قد نص في المادة الأولى على أن "يعاقب بالحبس مدة لا
تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز ثلاثين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من
اشترى لغير استعماله الشخصي ولإعادة البيع مواد التموين عن طريق مؤسسات القطاع
العام والجمعيات التعاونية الاستهلاكية وفروعها". ونص في المادة العاشرة منه
على أن "تعتبر مواداً تموينية جميع المواد الغذائية والأقمشة وغيرها مما يجرى
توزيعه طبقاً لنظام البطاقات أو المحدد سعرها والمحددة نسبة الربح فيها أو التي
يخضع تداولها أو توزيعها على المستهلكين لنظام تحدده وزارة التموين والتجارة
الداخلية". وكان قد صدر في 14 من مايو سنة 1980 قرار رئيس الجمهورية رقم 207
لسنة 1980 بإنهاء حالة الطوارئ اعتباراً من 15 من مايو سنة 1980، فإن مؤدى ذلك
إلغاء الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1973 الذي كان قد صدر استناداً إلى قيام حالة
الطوارئ وذلك اعتباراً من تاريخ إنهائها في 15 من مايو سنة 1980.
2 - لما كانت الفقرة
الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات تنص على أنه "إذا صدر بعد وقوع
الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره".
وكان في خروج الواقعة المسندة إلى الطاعن من دائرة التجريم بإلغاء الأمر العسكري رقم
5 لسنة 1973 ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن فقد كان على الحكم المطعون
فيه إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات أن يقضي
ببراءة الطاعن، أما وقد أيد الحكم الابتدائي القاضي بإدانته، فإنه يكون قد أخطأ في
تطبيق القانون. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 3 مكرراً (ب) المضافة إلى
المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين بموجب القانون رقم 109 لسنة
1980 الذي نشر في الجريدة الرسمية وعمل به اعتباراً من أول يونيه سنة 1980 - من
تأثيم شراء المواد التموينية الموزعة عن طريق مؤسسات القطاع العام والجمعيات
التعاونية والاستهلاكية وفروعها لغير الاستعمال الشخصي وبقصد إعادة بيعها، ذلك
بأنه من ناحية لم يرد بهذه المادة ولا بسائر نصوص القانون رقم 109 لسنة 1980 المار
ذكره أي نص على اعتبار السلع محددة السعر في حكم المواد التموينية على غرار ما
كانت تقضي به المادة العاشرة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1973 قبل إلغائه، ومن
ناحية أخرى فإنه لو صح أن السلع محل الاتهام مما يدخل في معنى المواد التموينية
المشار إليها في المادة 3 مكرراً (ب) سالفة الذكر، فإنها قد كانت بمنأى عن التأثيم
منذ إلغاء الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1973 اعتباراً من 15 مايو سنة 1980 وحتى تاريخ
العمل بالقانون رقم 109 لسنة 1980 في الأول من يونيه سنة 1980 وهو ما يوجب أيضاً
إعمال الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات في حق الطاعن، والقول
بغير ذلك مؤداه تطبيق أحكام القانون بأثر رجعي وهو ما لا يجوز عملاً بما تنص عليه
المادة 66 من الدستور من أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون
وأن القوانين الجنائية لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا ينسحب أثرها
إلى الأفعال التي لم تكن مؤثمة قبل هذا التاريخ.
3 - لما كان العيب الذي
شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها
بالحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون
حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، أن تحكم
محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون دون حاجة لتحديد جلسة لنظر
الموضوع ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم
مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه
والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه اشترى لغير استعماله الشخصي وبقصد إعادة البيع السلعة المبينة بالمحضر
والتي توزع عن طريق القطاع العام والمؤسسات العامة وترويجها على النحو المبين
بالمحضر، وطلبت عقابه بالمادتين 1، 10 من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1973. ومحكمة
أمن الدولة الجزئية بجرجا قضت حضورياً بتغريم المتهم مائة جنيه والمصادرة. استأنف
المحكوم عليه، ومحكمة سوهاج الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول
الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ.....
المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض
برقم..... لسنة..... القضائية) وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع
بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة سوهاج الابتدائية لتفصل فيها من
جديد هيئة مشكلة من قضاة آخرين. ومحكمة الإعادة (بهيئة استئنافية أخرى) قضت
حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ.......
المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة شراء سلع محددة السعر لغير
الاستعمال الشخصي لإعادة بيعها، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه صدر بعد وقوع
الفعل وقبل الحكم في الدعوى نهائياً قرار رئيس الجمهورية بإنهاء حالة الطوارئ
اعتباراً من 15 من مايو سنة 1980 وقد ترتب عليه إلغاء الأمر العسكري رقم 5 لسنة
1973 الذي دين الطاعن بمقتضاه، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن النيابة
العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن بوصف أنه في 24 من إبريل سنة 1980 اشترى
سلعاً محددة السعر مما يوزع عن طريق القطاع العام لغير استعماله الشخصي لإعادة
بيعها، وطلبت عقابه بالمادتين 1، 10 من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1973. لما كان
ذلك، وكان أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 5 لسنة 1973 الصادر بتاريخ 8 من
إبريل سنة 1973 استناداً إلى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 وقرار رئيس
الجمهورية رقم 1337 لسنة 1967 بإعلان حالة الطوارئ، قد نص في المادة الأولى على أن
"يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز ثلاثين جنيهاً أو بإحدى
هاتين العقوبتين كل من اشترى لغير استعماله الشخصي ولإعادة البيع مواد التموين
الموزعة عن طريق مؤسسات القطاع العام والجمعيات التعاونية الاستهلاكية
وفروعها". ونص في المادة العاشرة منه على أن "تعتبر مواداً تموينية جميع
المواد الغذائية والأقمشة وغيرها مما يجرى توزيعه طبقاً لنظام البطاقات أو المحدد
سعرها والمحددة نسبة الربح فيها أو التي يخضع تداولها أو توزيعها على المستهلكين
لنظام تحدده وزارة التموين والتجارة الداخلية".
وكان قد صدر في 14 من
مايو سنة 1980 قرار رئيس الجمهورية رقم 207 لسنة 1980 بإنهاء حالة الطوارئ اعتباراً
من 15 من مايو سنة 1980، فإن مؤدى ذلك إلغاء الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1973 الذي
كان قد صدر استناداً إلى قيام حالة الطوارئ وذلك اعتباراً من تاريخ إنهائها في 15
من مايو سنة 1980، وإذ كانت الواقعة التي دين بها الطاعن غير معاقب عليها بموجب أي
تشريع آخر، فإنها تضحى بمنأى عن التأثيم اعتباراً من 15 من مايو سنة 1980. لما كان
ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات تنص على أنه
"إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي
يتبع دون غيره". وكان في خروج الواقعة المسندة إلى الطاعن من دائرة التجريم
بإلغاء الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1973 ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن فقد
كان على الحكم المطعون فيه إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون
العقوبات أن يقضي ببراءة الطاعن، أما وقد أيد الحكم الابتدائي القاضي بإدانته،
فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 3 مكرراً
(ب) المضافة إلى المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين بموجب
القانون رقم 109 لسنة 1980 الذي نشر في الجريدة الرسمية وعمل به اعتباراً من أول
يونيه سنة 1980 - من تأثيم شراء المواد التموينية الموزعة عن طريق مؤسسات القطاع
العام والجمعيات التعاونية والاستهلاكية وفروعها لغير الاستعمال الشخصي وبقصد
إعادة بيعها، ذلك بأنه من ناحية لم يرد بهذه المادة ولا بسائر نصوص القانون رقم
109 لسنة 1980 المار ذكره أي نص على اعتبار السلع محددة السعر في حكم المواد
التموينية على غرار ما كانت تقضي به المادة العاشرة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة
1973 قبل إلغائه، ومن ناحية أخرى فإنه لو صح أن السلع محل الاتهام مما يدخل في
معنى المواد التموينية المشار إليها في المادة 3 مكرراً (ب) سالفة الذكر، فإنها قد
كانت بمنأى عن التأثيم منذ إلغاء الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1973 اعتباراً من 15
مايو سنة 1980 وحتى تاريخ العمل بالقانون رقم 109 لسنة 1980 في الأول من يونيه سنة
1980 وهو ما يوجب أيضاً إعمال الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات
في حق الطاعن، والقول بغير ذلك مؤداه تطبيق أحكام القانون بأثر رجعي وهو ما لا
يجوز عملاً بما تنص عليه المادة 66 من الدستور من أنه لا عقاب إلا على الأفعال
اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون وأن القوانين الجنائية لا تسري إلا على ما يقع من
تاريخ العمل بها ولا ينسحب أثرها إلى الأفعال التي لم تكن مؤثمة قبل هذا التاريخ.
لما كان ذلك، وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على
الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في
المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57
لسنة 1959، أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون دون
حاجة لتحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو في
الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى، ومن ثم فإنه يتعين
نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن من التهمة
المسندة إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق