جلسة 19 من فبراير سنة 1968
برياسة السيد المستشار/
مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم
حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.
--------------
(42)
الطعن رقم 2185 لسنة 37
القضائية
(أ) قتل خطأ. إصابة خطأ.
جريمة.
تغاير جريمة القتل الخطأ
عن جريمة الإصابة الخطأ. لا محل لاعتبار المجني عليهم في جريمة القتل الخطأ في حكم
المصابين في جريمة الإصابة الخطأ.
(ب) قانون.
"تفسيره". قتل خطأ. إصابة خطأ. جريمة.
الأحكام القانونية تدور
مع علتها لا مع حكمتها. عدم جواز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وضوح النص.
جريمة المادة 238/ 1
عقوبات أخف من جريمة المادة 244/ 1، 3 عقوبات. عدم جواز الجمع بين هذين النصين
المتغايرين واستخلاص عقوبة جديدة منهما أشد من العقوبات المقررة في النص الأول
الواجب التطبيق.
(ج) قتل خطأ. إصابة خطأ.
جريمة. ارتباط.
جريمة المادة 238/ 1
عقوبات أشد من جريمة المادة 244/ 1 عقوبات. إعمال حكم المادة الأولى باعتبارها
النص المقرر لأشد الجريمتين المرتبطتين وفقاً للمادة 32/ 2 عقوبات تطبيق صحيح
القانون.
------------------
1 - يبين من المقارنة بين
المادتين 238، 244 من قانون العقوبات ومن ورودهما على غير منوال واحد في التشريع
أنهما وإن كانتا من طبيعة واحدة إلا أنهما تعالجان جريمتين متغايرتين لكل منهما
كيانها الخاص، وقد ربط القانون لكل منهما عقوبات مستقلة، وهما وإن تماثلتا في ركني
الخطأ وعلاقة السببية بين الخطأ والنتيجة إلا أن مناط التمييز بينهما هو النتيجة
المادية الضارة فهي القتل في الأولى والإصابة في الثانية. ولم يعتبر الشارع القتل
ظرفاً مشدداً في جريمة الإصابة الخطأ بل ركناً في جريمة القتل الخطأ مما لا محل
معه لاعتبار المجني عليهم في جريمة القتل الخطأ في حكم المصابين في جريمة الإصابة
الخطأ أو أن القتل الخطأ يتضمن على وجه اللزوم وصف الإصابة الخطأ. ومن ثم فإن
القتل بوجوب تطبيق الفقرة الثالثة من المادة 244 من قانون العقوبات على جريمة
القتل الخطأ موضوع الدعوى التي أسفرت عن موت ثلاثة أشخاص وإصابة آخر - يكون
تقييداً لمطلق نص الفقرة الأولى من المادة 238 وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص.
2 - متى كان النص واضحاً
جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله
بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون
عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضي مضطراً في سبيل تعرف الحكم
الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، ذلك أن الأحكام القانونية
تدور مع علتها لا مع حكمتها. ومن ثم فلا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود
نص واضح سليم. وإذا كان تطبيق القانون يؤدي إلى اعتبار جريمة القتل الخطأ التي
تسفر عن موت ثلاثة أشخاص وإصابة آخر والمعاقب عليها بمقتضى الفقرة الأولى من
المادة 238 من قانون العقوبات أخف من جريمة الإصابة الخطأ التي ينشأ عنها إصابة
أكثر من ثلاثة أشخاص والمعاقب عليها بمقتضى الفقرتين الأولى والثالثة من المادة
244، فإن هذه المفارقة قد تصلح سنداً للمطالبة بتعديل التشريع ولكن لا يجوز التحدي
بها للجمع بين هذين النصين المتغايرين واستخلاص عقوبة جديدة منهما أشد من العقوبات
المقررة في النص الصريح الواجب التطبيق.
3 - متى كانت جريمة القتل
الخطأ المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 238 من قانون العقوبات أشد من
جريمة الإصابة الخطأ المعاقب عليها بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 244 من القانون
المذكور، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل أولى المادتين باعتبارها النص المقرر
لأشد الجريمتين المرتبطتين وفقاً لحكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وأوقع على المطعون
ضدهما عقوبة الغرامة في الحدود المبينة في النص المنطبق، فإنه يكون قد طبق القانون
على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضدهما بأنهما في يوم 16 سبتمبر سنة 1966 بدائرة قسم الشرق محافظة بور
سعيد: بصفتهما مالكين للعقار رقم 7 شارع الجيش ووكلاء عن ورثة المرحوم محمد أبو
النجا: تسببا خطأ في موت نبيهة علي عوض القاضي ومنى محمود محمد الرزاز وفاطمة
السيد البلاح وإصابة علي عوض القاضي، وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما
ومراعاتهما القوانين واللوائح والقرارات بأن تراخيا رغم إنذارهما بترميم المنزل
المذكور وتنفيذ قرارات اللجان المشكلة لذلك مما أدى إلى إصابة المجني عليهم سالفي
الذكر بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياة المجني عليهم الثلاثة
الأول وإصابة المجني عليه الرابع. وطلبت عقابهما بالمادتين 238/ 1 - 2 و244/ 1 من
قانون العقوبات. ومحكمة جنح الشرق الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 8 فبراير سنة 1967
عملاً بمادتي الاتهام، وتطبيقاً للمادة 32 من قانون العقوبات بتغريم كل من المطعون
ضدهما مائة جنيه بلا مصروفات جنائية. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم كما استأنفته
النيابة العامة. ومحكمة بور سعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً
بتاريخ 17 من أبريل سنة 1967 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد
الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة
تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أوقع على المتهمين - المطعون ضدهما - عقوبة
الغرامة المقررة لجريمة القتل الخطأ المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 238
من قانون العقوبات باعتبارها أشد الجريمتين المرتبطتين - القتل والإصابة الخطأ -
قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه كان من الواجب إيقاع العقوبة المقررة لجريمة
الإصابة الخطأ - التي نشأ عنها إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص المنصوص عليها في الفقرة
الأخيرة من المادة 244 من قانون العقوبات - وهي الحبس وجوباً لا تخيير فيه
اعتباراً بأن جريمة القتل الخطأ تتضمن جريمة الإصابة الخطأ على وجه اللزوم وقد
زادت جسامتها بحدوث الوفاة، وفي تطبيق الحكم المطعون فيه المادة 238 فقرة أولى من
قانون العقوبات على واقعة الدعوى ما يتنافى مع حكمة التشريع الذي جعل من تعدد
المجني عليهم في الجريمتين ظرفاً مشدداً تغلظ به العقوبة إذ لا يسوغ في العقل أن
تكون الواقعة التي يصاب فيها أربعة أشخاص يموت ثلاثة منهم بسبب إصابتهم أهون في
نظر المشرع من تلك التي يصاب فيها مثل هذا العدد من الأشخاص ولا يموت منهم أحد ولا
يصح في منطق الأشياء أن ينفسح الأمل والرجاء للجاني في الحالة الأولى بتوقيع عقوبة
الغرامة عليه بدل الحبس على عكس الحالة الثانية التي يتعين فيها توقيع عقوبة الحبس
وجوباً. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون واجب النقض.
وحيث إن المادة 238 من
قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون رقم 120 لسنة 1962 قد نصت في فقرتيها الأولى
والثالثة على أن "من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله
أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين
العقوبتين. .. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا
نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص". وجرى نص المادة 244 المعدلة
بالقانون المذكور في فقرتيها الأولى والثالثة على أن "من تسبب خطأ في جرح شخص
أو إيذائه بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم احترازه
أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد
على سنة وبغرامة لا تجاوز خمسين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين.. وتكون العقوبة
الحبس إذا نشأ عن الجريمة إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص". ولما كان يبين من
المقارنة بين المادتين ومن ورودهما على غير منوال واحد في التشريع، أنهما وإن
كانتا من طبيعة واحدة إلا أنهما تعالجان جريمتين متغايرتين لكل منهما كيانها
الخاص، وقد ربط القانون لكل منهما عقوبات مستقلة، وهما وإن تماثلتا في ركني الخطأ
وعلاقة السببية بين الخطأ والنتيجة إلا أن مناط التمييز بينهما هو النتيجة المادية
الضارة فهي القتل في الأولى، والإصابة في الثانية، ولم يعتبر الشارع القتل ظرفاً
مشدداً في جريمة الإصابة الخطأ بل ركناً في جريمة القتل الخطأ مما لا محل معه
لاعتبار المجني عليهم في جريمة القتل الخطأ في حكم المصابين في جريمة الإصابة
الخطأ أو أن القتل الخطأ يتضمن على وجه اللزوم وصف الإصابة الخطأ، ومن ثم فإن
القول بوجوب تطبيق الفقرة الثالثة من المادة 244 من قانون العقوبات على واقعة
الدعوى يكون تقييداً لمطلق نص الفقرة الأولى من المادة 238 وتخصيصاً لعمومه بغير
مخصص، ومتى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، فإنه لا
يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، لأن البحث في
حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه
القاضي مضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد
الذي أملاه، ذلك أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها. ومن ثم فلا
يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح سليم وإذا كان تطبيق القانون
يؤدي إلى اعتبار جريمة القتل الخطأ التي تسفر عن موت ثلاثة أشخاص وإصابة آخر كما
هو واقع الحال في الدعوى والمعاقب عليها بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 238 من
قانون العقوبات أخف من جريمة الإصابة الخطأ التي ينشأ عنها إصابة أكثر من ثلاثة
أشخاص والمعاقب عليها بمقتضى الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 244، فإن هذه
المفارقة قد تصلح سنداً للمطالبة بتعديل التشريع، ولكن لا يجوز التحدي بها للجمع
بين هذين النصين المتغايرين، واستخلاص عقوبة جديدة منهما أشد من العقوبات المقررة
في النص الصريح الواجب التطبيق. لما كان ذلك، وكانت جريمة القتل الخطأ المنصوص
عليها في الفقرة الأولى من المادة 238 من قانون العقوبات أشد من جريمة الإصابة
الخطأ المعاقب عليها في المادة 244/ 1، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل أولى
المادتين باعتبارها النص المقرر لأشد الجريمتين المرتبطتين وفقاً لحكم المادة 32/
2 من قانون العقوبات، وأوقع على المطعون ضدهما عقوبة الغرامة في الحدود المبينة في
النص المنطبق، فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً، ويكون
الطعن على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق