الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 أكتوبر 2021

عدم دستورية اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على قرارات رفض التظلمات لجنة القيد بنقابة الصيادلة

الدعوى رقم 58 لسنة 40 ق "دستورية" جلسة 9 / 10 / 2021

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من أكتوبر سنة 2021م، الموافق الثاني من ربيع الأول سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 58 لسنة 40 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية)، بحكمها الصادر بجلسة 22/ 10/ 2017، ملف الدعوى رقم 76882 لسنة 69 قضائية.

المقامة من
مارينا عماد فــوزى
ضـد
1- نقيب الصيادلة
2- وزير التعليــم العالي، بصفته رئيس المجلس الأعلى للجامعات

---------------
" الإجـراءات "
بتاريخ الثاني من مايو سنة 2018، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 76882 لسنة 69 قضائية، بعد أن حكمت الدائرة الثانية بمحكمـــة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 22/ 10/ 2017، بوقف الدعوى تعليقيًا، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

--------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 12/ 9/ 2015، أقامت المدعية الدعوى رقم 76882 لسنة 69 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد نقيب الصيادلة وآخر، طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار نقابة الصيادلة السلبى، بالامتناع عن قيدها بجدول النقابة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تسليمها كارنيه النقابة، على سند من القول بأنها حصلت على شهادة Clinical Pharmacist من دولة أوكرانيا، وتمت معادلة الشهادة بقرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 270 بتاريخ 28/ 1/ 2014، بدرجة البكالوريوس في الصيدلة، التي تمنحها الجامعات المصرية الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، بشرط دراستها واجتيازها بنجاح للامتحان في مقرر (التشريعات الصيدلية). وعلى الرغم من اجتيازها هذا الامتحان، فإن نقابة الصيادلة امتنعت عن قيدها بالجدول العام بالمخالفة للقانون، رغم استيفائها الأوراق والمستندات اللازمة لقيدها، مما يحول دون ممارسة حقها الدستوري في العمل. وبجلسة 22/ 10/ 2017، قضت المحكمة بوقف الدعوى تعليقيًّا، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على القرارات الصادرة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بالنقابة.
وحيث إن المادة (3) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة تنص على أنه " تنشأ بالنقابة الجداول الآتية: (أ) الجدول العام، يقيد فيه كل من استوفى الشروط الآتية بعد سداد رسم القيد فيه وقدره خمسة جنيهات: 1- أن يكـون حاصلاً على درجــة بكالوريوس في الصيدلة والكيمياء الصيدلية أو ما يعادلها من إحدى الجامعات المعترف بها. ............". وتنص المادة (4) على أن " تقدم إلى مجلس النقابة، طلبات القيد في الجداول مع الأوراق الدالة على توافر الشروط المنصوص عليها في هذا القانون، وفى قانون مزاولة المهنة، وفى اللائحة الداخلية للنقابة، وتعتبر الأقدمية المهنية من تاريخ التقدم بطلب القيد في الجدول العام".
وتنص المادة (5) على أن " تشكل لجنة لقيد الصيادلة في جدول النقابة برئاسة وكيل النقابة وعضوين من مجلس النقابة يختارهما المجلس. ويجب أن تصدر اللجنة قرارها خلال شهر من تاريخ تقديم طلب القيد إلى النقابة، وفى حالة الرفض يجب أن يكون القرار مسببًا. ويخطر الطالب بقرار اللجنة خلال أسبوعين من صدوره، وذلك بخطاب مسجل مع علم الوصول. ويقوم مقام الإخطار تسلم الطالب صورة منه بإيصال موقع عليه منه. ويجوز لمن صدر القرار برفض قيده أن يتظلم منه إلى مجلس النقابة خلال شهر من تاريخ إخطاره بالقرار".
وتنص المادة (6) على أن " ينظر مجلس النقابة في التظلمات من قرارات لجنة القيد المنصوص عليها في المادة الخامسة، على ألا يكون لأعضاء هذه اللجنة صوت معدود في قرار المجلس بقبول التظلم أو رفضه. ولمن صدر قرار برفض تظلمه أن يطعن فيه أمام محكمة النقض خلال ثمانية عشر يومًا من تاريخ إعلانه بالقرار".
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع. ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها.
متى كان ذلك، وكانت محكمة القضاء الإدارى قد ارتأت أن الفصل في موضوع الدعوى المعروضة عليها، يتطلب ابتداء الفصل في دستورية ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (6) من قانون إنشاء نقابة الصيادلة المشار إليه، من إسنادها الاختصاص لمحكمة النقض بالفصل في الطعون على القرارات الصادرة عن النقابة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة الصيادلة. وكان بحث الاختصاص سابقًا بالضرورة على التعرض للموضوع، باعتباره من الأمور المتعلقة بالنظام العام، بحكم اتصاله بولاية المحكمة في نظره والفصل فيه. ومن ثم، يكون الفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة السالفة الذكر، أمرًا لازمًا للفصل في الدعوى الموضوعية، وتتحقق به المصلحة في الدعوى المعروضة، والتى يتحدد نطاقها فيما ورد بتلك الفقرة من تحديـد المحكمة المختصة بنظر الطعـون المار بيانها.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون المشار إليه (النص المحال)، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على القرارات الصادرة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة الصيادلة، أنه جاء مصادمًا لنص المادة (190) من الدستور، الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولـــــة، دون غيره من جهات القضاء، هو صاحب ولاية الفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستوري، بدءًا من دستور سنة 1971، قد حرص على دعم مجلس الدولة، الذى أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه، جهة قضائية قائمة بذاتهـا، محصنة ضد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريًّا عن طريق المشرع العادي، وهو ما أكده الإعـلان الدستوري الصـادر بتاريخ 30/ 3/ 2011، الذى أورد الحكم ذاته في المادة (48) منه، والمادة (174) من الدستور الصادر بتاريخ 25/ 12/ 2012، والمادة (190) من الدستور الحالي التي تنص على أن " مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ......... ". ولم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971، نصًّا يقضي بأن التقاضي حق مكفول للناس كافة، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصـل في القضايـا، ويحظر النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وهو ما انتهجه نص المادة (21) من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011، ونص المادة (75) من الدستور الصادر بتاريخ 25/ 12/ 2012، وقد سار الدستور الحالي على النهج ذاته في المادة (97) منه، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية، وأزيلت جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية. وإذ كان المشرع الدستوري بنصه في عجز المادة (97) من الدستور الحالي على أن " ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي "، فقد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة، سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها.
وفى ضوء الأحكام المتقدمة، فقد غدا مجلس الدولة قاضى القانون العام؛ وصاحب الولاية العامة، دون غيره من جهات القضاء، في الفصل في كافة المنازعات الإدارية، عدا ما استثناه الدستور ذاته بنصوص صريحة ضمنها وثيقته. وحيث إن الدستور الحالي قد نص في مادته (76) على أن " إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عـن حقوقهم، وحماية مصالحهم". كما نص في المادة (77) منه على أنه " ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية".
وحيث إن البين من مطالعة أحكام قانون إنشاء نقابة الصيادلة المار ذكره، أنه أنشأ النقابة لتضم المشتغلين بمهنة الصيدلة، ومنحها الشخصية المعنويــــة المستقلة، وخولهــا حقوقًا مـن نوع ما تختص به الهيئات الإدارية العامة، مما يدل على أنها جمعت بين مقومات الهيئة العامة وعناصرها من شخصية مستقلة ومرفق عام، تقوم عليه، مستعينة في ذلك ببعض مزايا السلطة العامة التى منحها لها القانون، تمكينًا لها من أداء المهام الموكلة لها في خدمة المهنة القائمة عليها، ورعاية أعضائها، والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم، ومن أجل ذلك جعل عضويتها إجبارية على المشتغلين بمهنة الصيدلة، كما ألزم المنتمين للنقابة بأداء رسم قيد واشتراكات سنوية.
وحيث إن المشرع قد أنشأ بموجب المادة (3) من قانون إنشاء نقابة الصيادلة المشار إليه، جدولاً لقيد أعضاء النقابة، على أن تتولى هذا القيد اللجنة المنصوص عليها في المادة (5) منه، المشكلة برئاسة وكيل النقابة، وعضوية اثنين من مجلس النقابة يختارهما المجلس، وتُصدر اللجنة قرارها خلال شهر من تاريخ تقديم طلب القيد إليها، وفى حال رفضه يجب أن يكون قرارها مسببًا، ويُخطر الطالب بالقرار خلال أسبوعين من تاريخ صدوره، بكتاب مسجل مع علم الوصول، وأجاز المشرع - في المادة (6) النص المُحال - لمن رُفض طلب قيد اسمه في الجدول أن يتظلم إلى مجلس النقابة خلال شهر من تاريخ إخطاره بالقرار، وفى حالة صدور قرار برفض تظلمه، فله أن يطعن فيه أمام محكمة النقض، خلال ثمانية عشر يومًا من تاريخ إعلانه بالقرار.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النقابات المهنية، ومن بينهـا نقابـة الصيادلة، تُعد مـن أشخاص القانون العام، وهي إحدى المرافق العامة، التى منحها قانون إنشائها، وهيئاتها، ومنها لجنة القيد، قـدرًا من السلطة العامة، فــإن لازم ذلك أن القرارات الصادرة عن مجلس النقابة أو لجنة القيـد، قـرارات إدارية، والمنازعة فيها - ومن بينها القرارات الصادرة عن مجلس النقابة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة الصيادلة - من قبيل المنازعات الإدارية، التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى، دون غيرها، طبقًــــا لنص المادة (190) من الدستور. وإذ أسند نص الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، الفصل في تلك المنازعات إلى محكمة النقض، التابعة لجهة القضاء العادى، فإن مسلك المشرع، على هذا النحو، يكون مصادمًـا لنص المادة (190) من الدستور، الذى أضحى، بمقتضاه، مجلس الدولة، دون غيره، هو صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستورية هذا النص.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، فيما نصت عليه من إسناد الفصل في الطعن على القرارات الصادرة عن مجلس النقابة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة الصيادلة، إلـى محكمة النقض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق