الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 أكتوبر 2021

الطعن 370 لسنة 30 ق جلسة 3 / 6 / 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 110 ص 690

جلسة 3 من يونيه سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

------------

(110)
الطعن رقم 370 لسنة 30 القضائية

)أ، ب) قرار إداري. مسئولية. "مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون". تقادم. "التقادم المسقط".
مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون مصدرها القانون لا العمل غير المشروع. سقوطها بالتقادم العادي.
)جـ) موظفون. "سن التقاعد لموظفي المجالس البلدية".
عدم سريان أحكام قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1959 ورقم 37 لسنة 1929 على موظفي المجالس البلدية والقروية لاستقلال ميزانيتها عن ميزانية الدولة. خضوعهم للنصوص القانونية واللوائح المنظمة لشئونهم في قراري مجلس الوزراء في 28/ 8/ 1945 و9/ 6/ 1945 - جعل سن الإحالة إلى المعاش هي الستون بالنسبة للموظف الدائم في تلك المجالس الذي ينتفع بصندوق التوفير ويشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري.
)د) موظفون. "علاقة الموظف بالسلطة العامة". قانون. "سريان القانون من حيث الزمان". "الحق المكتسب". 
علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح.
للحكومة تغيير المركز القانوني للموظف وتعديله في أي وقت بتنظيم عام جديد وفقاً لما يقتضيه الصالح العام. سريان القوانين المعدلة لتلك المراكز بأثر فوري على شاغليها. لا مساس في ذلك بحق مكتسب. ليس للموظف الحق في عدم إحالته إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين إلا إذا بلغ هذه السن في ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الخامسة والستون.

-----------------
1 - مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون ليس مصدرها العمل غير المشروع وإنما القانون.
2 - الأصل في ديون الدولة قبل الغير وديون الغير قبل الدولة أنها تخضع لقواعد التقادم الواردة في القانون المدني ما لم يوجد تشريع خاص بها يقضي بغير ذلك.
3 - نص المادة الخمسين من القسم الثاني من اللائحة المالية للخزانة والحسابات - الذي يقضي بأن الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة ليس إلا ترديداً لما نصت عليه المادة 211 من القانون المدني القديم و375 من القانون المدني القائم من أن المرتبات والأجور والمهايا تتقادم بخمس سنوات - وما كان لهذه اللائحة وهي في مرتبة أدنى من التشريع أن تعدل من أحكام التقادم الواردة في القانون، فإذا كان المطعون ضده لم يطالب بمرتب تأخرت الدولة في أدائه وإنما بتعويض مقابل الضرر الذي لحقه بسبب قرار إداري مدعى بمخالفته للقانون كان هذا التعويض يختلف عن المرتب في طبيعته وسبب استحقاقه فالمرتب دوري متجدد وهاتان الصفتان هما الضابط للحقوق التي نص القانون المدني قديمه وجديده على تقادمها بالتقادم الخمسي ذلك القانون الذي نقلت عنه اللائحة المالية حكمه في خصوص مهايا الموظفين - والمرتب أيضاً هو مقابل عمل يؤديه الموظف للدولة هذا بينما التعويض لا يدور ولا يتجدد وهو ليس مقابلاً لعمل وإنما جبر لضرر - لما كان ذلك، فإن هذا التعويض لا يجري عليه ما يجري على المرتب من تقادم بخمس سنوات وإنما يخضع في تقادمه للقاعدة العامة الواردة في المادة 208 من القانون المدني القديم والمادة 374 من القانون القائم فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة (1) ما دام أنه لم يرد في شأنه نص خاص يقضي بتقادمه بمدة أقصر.
4 - طبقاً لما نصت عليه المادة 67 من قانون المعاشات الملكية رقم 5 لسنة 1909 والمادة 66 من قانون المعاشات الملكية رقم 37 لسنة 1929 لا تسري أحكام هذين القانونين إلا على الموظفين والمستخدمين المربوطة ماهياتهم في ميزانية الحكومة العمومية - وعلى موظفي المصالح الست الواردة على سبيل الحصر في كل من المادتين المذكورتين استثناء من تلك القاعدة - أما غير هؤلاء من الموظفين والمستخدمين التابعين لمصالح أو جهات غير مدرجة ميزانيتها في الميزانية العامة للحكومة - ومنهم موظفو ومستخدمو المجالس البلدية والقروية الذين لم يشملهم الاستثناء السابق - فلا تجري عليهم أحكام قانوني المعاشات سالفي الذكر وذلك لاستقلال تلك المجالس منذ إنشائها بميزانياتها عن ميزانية الحكومة - وإنما يخضع موظفو ومستخدمو المجالس البلدية والقروية للنصوص القانونية واللائحية المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزاري الصادر في 28 من أغسطس سنة 1915 بالاستناد إلى اللائحة الأساسية للمجالس المحلية الصادرة في 14 يوليه سنة 1909 والخاص بإنشاء صناديق توفير لمستخدمي تلك المجالس وتنظيم مكافآتهم عند تقاعدهم وقد جعلت المادة الثانية من ذلك القرار الاشتراك في صندوق التوفير إلزامياً لجميع المستخدمين الذين يدخلون في خدمة المجلس المحلي بعد إنشاء هذا الصندوق على استثناء العمال المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والخدمة السائرة في الحدود المبينة في المادة المذكورة ونصت المادة 12 من القرار المذكور على أن المستخدمين الذين يكونون في خدمة المجلس المحلي حين إنشاء صندوق التوفير بموجب هذه اللائحة ويكونون جامعين للشروط المذكورة في الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثانية يحق لهم الاشتراك في صندوق التوفير، وأجازت هذه المادة للمجلس بعد موافقة وزارة الداخلية أن يرخص للمستخدمين المذكورين بحسبان اشتراكهم في صندوق التوفير من تاريخ دخولهم الخدمة وذلك بالشروط المبينة في المادة المذكورة، كما أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 يونيه سنة 1945 بلائحة توظف موظفي المجالس البلدية والقروية ومستخدميها وعمالها هذا القرار الذي صدر استناداً إلى التفويض الوارد في المادة 55 من القانون رقم 145 لسنة 1944 بشأن نظام تلك المجالس نص في المادة 15 منه على أن "تطبق لائحة صندوق التوفير الصادر بها القرار الوزاري بتاريخ 28 أغسطس سنة 1915 في جميع المجالس البلدية والقروية - على أن تتبع بالنسبة للموظفين والمستخدمين الغير مشتركين في هذا الصندوق أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون المعاشات الملكية الصادر في 15 أبريل سنة 1909" وعرفت المادة 17 من قرار مجلس الوزراء المشار إليه الموظف الدائم بأنه الذي يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري ويكون ممن يجوز لهم الانتفاع بصندوق التوفير - ومؤدى هذه النصوص وباقي نصوص القرار الوزاري الصادر في 28 أغسطس سنة 1915 التي تبين كيف يجري الاستقطاع من ماهيات الموظفين المشتركين في صندوق التوفير ومآل الأموال المستقطعة وطريقة تصفيتها، أن المشرع قصد إحلال صندوق التوفير لموظفي المجالس البلدية والقروية محل نظام المعاشات بالنسبة لموظفي الحكومة وجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الستون بالنسبة للموظف الدائم في تلك المجالس الذي ينتفع بصندوق التوفير أسوة بالموظف الذي يشغل وظيفة دائمة في الحكومة وينتفع بالمعاش (2).
5 - علاقة الموظف بالحكومة وبمن في حكمها كالمجالس البلدية والقروية ليست علاقة تعاقدية وإنما هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ومركز الموظف في هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز للحكومة تغييره وتعديله في أي وقت بتنظيم عام جديد وفقاً لما يقتضيه الصالح العام وتسري القوانين المعدلة لهذه المراكز بأثر فوري على شاغليها ولو كانوا يشغلونها من قبل صدور هذه القوانين ودون أن يكون لهؤلاء الاحتجاج بأنهم اكتسبوا حقاً ذاتياً في ظل قانون أو نظام سابق (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده التحق بخدمة المجالس البلدية في 9 من سبتمبر سنة 1911 وظل يتدرج في وظائفها إلى أن شغل وظيفة رئيس حسابات بمجلس بلدي منوف وهي وظيفة في الدرجة السادسة ذات مرتب شهري ومدرجة في ميزانية المجلس وينتفع صاحبها بصندوق التوفير الخاص بموظفي ومستخدمي المجالس البلدية والقروية - وفي 30 من نوفمبر سنة 1948 بلغ المطعون ضده سن الستين فأحيل إلى المعاش اعتباراً من هذا التاريخ وفي 18 من نوفمبر سنة 1954 أقام أمام محكمة القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 4523 سنة 1954 على الطاعنين (وزارة الشئون البلدية والقروية ومجلس بلدي منوف) طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 1489 ج و870 م وقال في بيان دعواه إنه إذ كان من الموظفين غير المثبتين فإنه طبقاً لأحكام قانون المعاشات الملكية رقم 5 لسنة 1909 لا يحال إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين ويكون لذلك قرار إحالته إلى المعاش عند بلوغه سن الستين قد جاء مخالفاً للقانون وأن من حقه أن يطالب بالتعويض عن الأضرار التي ألحقها به هذا القرار وهي تتمثل في حرمانه من مرتب الخمس سنوات الباقية له وحصته في صندوق التوفير عن تلك السنوات وقدر ذلك كله بالمبلغ المطالب به - دفع الطاعنان الدعوى بأن قانوني المعاشات رقمي 5 لسنة 1909، 37 لسنة 1929 لا ينطبقان على حالة المطعون ضده وإنما تنطبق عليه القوانين واللوائح الخاصة بموظفي المجالس البلدية والقروية وإنه لما كان معيناً على درجة دائمة ومشتركاً في صندوق التوفير فإن إحالته إلى المعاش عند بلوغه سن الستين قد وقعت موافقة لأحكام لائحة صندوق التوفير الخاصة بموظفي المجالس المحلية الصادرة في 28 من أغسطس سنة 1915 ولائحة استخدام هؤلاء الموظفين الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 9 من يونيه سنة 1945 - وبتاريخ 19 من مارس سنة 1957 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ ثلاثمائة جنيه على سبيل التعويض فاستأنف الطرفان هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئناف المطعون ضده برقم 703 سنة 74 قضائية وطلب فيه تعديل الحكم المستأنف وزيادة التعويض المحكوم له به إلى ما كان قد طلبه أمام المحكمة الابتدائية، وقيد استئناف الطاعنين برقم 787 سنة 74 قضائية وطلبا فيه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء أصلياً بسقوط حق المطعون ضده في المطالبة لانقضاء أكثر من خمس سنين على تاريخ إحالته على المعاش قبل رفع دعواه وذلك عملاً بالمادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات وطلبا احتياطياً رفض الدعوى استناداً إلى دفاعهما الذي أبدياه أمام محكمة أول درجة - وبتاريخ 12 يونيه سنة 1960 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوع الاستئناف الأول المرفوع من المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بأن يدفعا له مبلغ أربعمائة جنيه وفي موضوع الاستئناف الثاني المرفوع من الطاعنين برفضه - وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع بالسقوط على أن حق المطعون ضده في المطالبة لا يسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة طبقاً لنص المادة 208 من القانون المدني القديم و374 من القانون القائم وأقامت قضاءها في الموضوع على أن المطعون ضده يعتبر وفقاً للمادة الثانية من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 من الموظفين المؤقتين لأنه لم يكن يجرى على راتبه حكم الاستقطاع للمعاش وأنه طبقاً للمادة 14 من قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 تكون سن الإحالة إلى المعاش بالنسبة إليه هي سن الخامسة والستين وأن القانون رقم 145 لسنة 1944 واللوائح الصادرة تنفيذاً له لا تطبق على حالة المطعون ضده لأنها لا تسري بأثر رجعي وأن تعديل المراكز القانونية بقوانين لاحقة مشروط بعدم المساس بالحقوق التي اكتسبها الموظف في ظل قوانين أو لوائح سابقة - وقد طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص السبب الثاني وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت في 4 من يناير سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في ثلاثة أسباب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويقولان في بيان السبب الأول إنهما دفعا لدى محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون ضده في المطالبة لمضي أكثر من خمس سنوات على إحالته إلى المعاش قبل رفع دعواه واستندا في ذلك إلى نص المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات الذي يقضى بأن الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة وإلى ما انتهى إليه القضاء الإداري في تفسير هذه المادة من أن التعويض عن الحرمان من المرتب يأخذ حكم المرتب ويجري مجراه. لكن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع تأسيساً على ما قاله من أن نص تلك المادة لا ينطبق على حالة الدعوى لأن المطالب به فيها إنما هو تعويض لا يسقط الحق في المطالبة به إلا بمضي خمس عشرة سنة وليس مرتباً ويرى الطاعنان أن هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه خطأ في القانون لما هو مقرر في فقه القانون الإداري من أن مسئولية الحكومة عما تصدره من قرارات إدارية بشأن الموظفين ومن بينها القرارات الصادرة بفصلهم هي مسئولية مصدرها القانون وليس العمل غير المشروع وأن علاقة الحكومة بموظفيها علاقة تنظيمية عامة لا تحكمها نصوص القانون المدني وإنما أحكام القوانين واللوائح الصادرة بشأن هؤلاء الموظفين ومن بين هذه الأحكام نص المادة 50 من اللائحة المالية سالف الذكر وأنه إذ كان مبنى طلب التعويض في الدعوى الحالية أنه مقابل حرمان المطعون ضده من مرتبه بسبب فصله في سن الستين فإن هذا التعويض يأخذ حكم المرتب ويجرى مجراه فيسقط الحق فيه إذا لم يطالب به في مدة خمس سنوات عملاً بنص تلك المادة وذلك على أساس أن التعويض المترتب على الإخلال بالالتزام هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا الالتزام إذ هو نظيره والمقابل له.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان صحيحاً أن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون ليس مصدرها العمل غير المشروع وإنما القانون إلا أن هذه المحكمة سبق أن قررت في حكمها الصادر في 29 من نوفمبر سنة 1962 في الطعن رقم 25 لسنة 27 قضائية أن الأصل هو أن ديون الدولة قبل الغير وديون الغير قبل الدولة تخضع لقواعد التقادم الواردة في القانون المدني ما لم يوجد تشريع خاص بها يقضي بغير ذلك ولما كان نص المادة الخمسين من القسم الثاني من اللائحة المالية للخزانة والحسابات - الذي يقضي بأن الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة - هذا النص إن هو إلا ترديد لما نصت عليه المادة 211 من القانون المدني القديم و375 من القانون القائم من أن المرتبات والأجور والمهايا تتقادم بخمس سنوات - وما كان لهذه اللائحة وهي في مرتبة أدنى من التشريع أن تعدل من أحكام التقادم الواردة في القانون - وكان المطعون ضده لم يطالب بمرتب تأخرت الدولة في أدائه وإنما بتعويض مقابل الضرر الذي لحقه بسبب قرار إداري مدعى بمخالفته للقانون وهذا التعويض يختلف عن المرتب في طبيعته وسبب استحقاقه فالمرتب دوري متجدد وهاتان الصفتان هما الضابط للحقوق التي نص القانون المدني قديمه وجديده على تقادمها بالتقادم الخمسي ذلك القانون الذي نقلت عنه اللائحة المالية حكمه في خصوص مهايا الموظفين - والمرتب أيضاً هو مقابل عمل يؤديه الموظف للدولة هذا بينما التعويض لا يدور ولا يتجدد وهو ليس مقابلاً لعمل وإنما جبر لضرر - لما كان ذلك، فإن هذا التعويض لا يجري عليه ما يجري على المرتب من تقادم بخمس سنوات وإنما يخضع في تقادمه للقاعدة العامة الواردة في المادة 208 من القانون المدني القديم والمادة 374 من القانون القائم فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة - ما دام أنه لم يرد في شأنه نص خاص يقضي بتقادمه بمدة أقصر - وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر في قضائه برفض الدفع بالسقوط فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه طبق على حالة المطعون ضده قانوني المعاشات رقم 5 لسنة 1909 ورقم 37 لسنة 1929 مع أن هذين القانونين لا يسريان إلا على الموظفين والمستخدمين المربوطة ماهياتهم في ميزانية الحكومة العمومية وذلك بصريح نص المادة 67 من القانون الأول والمادة 66 من القانون الثاني، مع استثناء الطوائف المشار إليها في هاتين المادتين والتي ليس من بينها موظفو المجالس البلدية والقروية وبذلك يخرج هؤلاء الموظفون من نطاق تطبيق قانوني المعاشات سالفي الذكر ويخضعون للقوانين واللوائح الخاصة بهم ومنها لائحة صندوق التوفير الصادر بها قرار وزير الداخلية في 28 أغسطس سنة 1915 والقانون رقم 145 لسنة 1944 بشأن نظام المجالس البلدية والقروية ولائحة الاستخدام التي أصدرها مجلس الوزراء في 9 يونيه سنة 1945 بموجب التفويض الوارد في المادة 55 من ذلك القانون - وإذ كان القرار الوزاري الصادر في 28 أغسطس سنة 1915 قد نص على أن المستخدمين المشتركين في صندوق التوفير تصفى حصتهم فيه في حالات معينة منها الإحالة إلى المعاش في سن الستين مما مؤداه أن الاشتراك في هذا الصندوق بالنسبة لموظفي المجالس البلدية والقروية يقابل التثبيت بالنسبة لموظفي الحكومة فيتساوى موظف المجلس المشترك في صندوق التوفير مع موظف الحكومة المثبت من حيث الإحالة إلى المعاش في سن الستين وقد جاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 يونيه سنة 1945 مؤيداً ذلك فعرفت المادة 17 منه الموظف الدائم بأنه الذي يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري وممن يجوز لهم الانتفاع بصندوق التوفير ونصت المادة 15 على تطبيق لائحة صندوق التوفير الصادر بها القرار الوزاري بتاريخ 28 أغسطس سنة 1915 في جميع المجالس البلدية والقروية على أن تتبع بالنسبة إلى الموظفين غير المشتركين في الصندوق أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون المعاشات الملكية الصادر في 15 أبريل سنة 1909 - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق على حالة المطعون ضده قانون المعاشات المذكور وقانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 واعتبر سن الإحالة إلى المعاش بالنسبة إليه هي الخامسة والستون مع ما هو ثابت من أنه كان يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس وكان مشتركاً في صندوق التوفير وإذ قرر الحكم أن موظف المجلس لا يعتبر دائماً إلا إذا جرى على راتبه حكم الاستقطاع الوارد في قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون بتطبيقه قانوني المعاشات سالفي الذكر في غير مجال تطبيقهما - كما أنه إذ رفض تطبيق لائحة الاستخدام الخاصة بموظفي المجالس البلدية والقروية والصادر بها قرار مجلس الوزراء في 9 يونيه سنة 1945 بمقولة إنها صدرت بعد تعيين المطعون ضده وبعد تثبيته وأنها خلت من النص على الرجعية وأن المطعون ضده قد اكتسب قبل صدورها حقاً في البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون أيضاً ذلك أن هذه اللائحة تسري بأثر فوري على جميع موظفي المجالس الموجودين في الخدمة وقت صدورها دون أن يعتبر ذلك تطبيقاً لها بأثر رجعي ودون أن يكون للمطعون ضده أن يتمسك باكتسابه قبل صدورها حقاً في البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين لأن مركز الموظف في علاقته بالحكومة هو مركز تنظيمي أو لائحي عام وللحكومة دائماً الحق في تعديله بما تسنه من قوانين ولوائح تنظيمية عامة تسري على جميع الموظفين الشاغلين لهذه المراكز من وقت صدورها.
وحيث إن المادة 67 من قانون المعاشات الملكية رقم 5 لسنة 1909 والمادة 66 من قانون المعاشات الملكية رقم 37 لسنة 1929 تنصان على أنه لا تسري أحكام هذين القانونين إلا على الموظفين والمستخدمين المربوطة ماهياتهم في ميزانية الحكومة العمومية - وعلى موظفي المصالح الست الواردة على سبيل الحصر في كل من المادتين المذكورتين استثناء من تلك القاعدة - أما غير هؤلاء من الموظفين والمستخدمين التابعين لمصالح أو جهات غير مدرجة ميزانيتها في الميزانية العامة للحكومة - ومنهم موظفو ومستخدمو المجالس البلدية والقروية الذين لم يشملهم الاستثناء السابق - فلا تجرى عليهم أحكام قانوني المعاشات سالفي الذكر وذلك لاستقلال تلك المجالس منذ إنشائها بميزانياتها عن ميزانية الحكومة - وإنما يخضع موظفو ومستخدمو المجالس البلدية والقروية للنصوص القانونية واللائحية المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزاري الصادر في 28 من أغسطس سنة 1915 بالاستناد إلى اللائحة الأساسية للمجالس المحلية الصادرة في 14 يوليه سنة 1909 والخاص بإنشاء صناديق توفير لمستخدمي تلك المجالس وتنظيم مكافآتهم عند تقاعدهم وقد جعلت المادة الثانية من ذلك القرار الاشتراك في صندوق التوفير إلزامياً لجميع المستخدمين الذين يدخلون في خدمة المجلس المحلي بعد إنشاء هذا الصندوق على استثناء العمال المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والخدمة السائرة في الحدود المبينة في المادة المذكورة, ونصت المادة 12 من القرار المذكور على أن المستخدمين الذين يكونون في خدمة المجلس المحلي حين إنشاء صندوق التوفير بموجب هذه اللائحة ويكونون جامعين للشروط المذكورة في الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثانية يحق لهم الاشتراك في صندوق التوفير، وأجازت هذه المادة للمجلس بعد موافقة وزارة الداخلية أن يرخص للمستخدمين المذكورين بحسبان اشتراكهم في صندوق التوفير من تاريخ دخولهم الخدمة وذلك بالشروط المبينة في المادة المذكورة، كما أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 يونيه سنة 1945 بلائحة توظف موظفي المجالس البلدية والقروية ومستخدميها وعمالها هذا القرار الذي صدر استناداً إلى التفويض الوارد في المادة 55 من القانون رقم 145 لسنة 1944 بشأن نظام تلك المجالس نص في المادة 15 منه على أن "تطبق لائحة صندوق التوفير الصادر بها القرار الوزاري بتاريخ 28 أغسطس سنة 1915 في جميع المجالس البلدية والقروية - على أن تتبع بالنسبة للموظفين والمستخدمين الغير مشتركين في هذا الصندوق أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون المعاشات الملكية الصادر في 15 من أبريل سنة 1909" وعرفت المادة 17 من قرار بمجلس الوزراء المشار إليه الموظف الدائم بأنه الذي يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري ويكون ممن يجوز لهم الانتفاع بصندوق التوفير - ومؤدى النصوص المتقدمة وباقي نصوص القرار الوزاري الصادر في 28 أغسطس سنة 1915 التي تبين كيف يجري الاستقطاع من ماهيات الموظفين المشتركين في صندوق التوفير ومآل الأموال المستقطعة وطريقة تصفيتها - مؤدى ذلك كله أن المشرع قصد إحلال صندوق التوفير لموظفي المجالس البلدية والقروية محل نظام المعاشات بالنسبة لموظفي الحكومة وجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الستون بالنسبة للموظف الدائم في تلك المجالس الذي ينتفع بصندوق التوفير أسوة بالموظف الذي يشغل وظيفة دائمة في الحكومة وينتفع بالمعاش لما كان ما تقدم، وكانت علاقة الموظف بالحكومة وبمن في حكمها كالمجالس البلدية والقروية ليست علاقة تعاقدية وإنما هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ومركز الموظف في هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز للحكومة تغييره وتعديله في أي وقت بتنظيم عام جديد وفقاً لما يقتضيه الصالح العام وتسري القوانين المعدلة لهذه المراكز بأثر فوري على شاغليها ولو كانوا يشغلونها من قبل صدور هذه القوانين ودون أن يكون لهؤلاء الاحتجاج بأنهم اكتسبوا حقاً ذاتياً في ظل قانون أو نظام سابق - ومن ثم فإن أحكام القرار الوزاري الصادر في 28 من أغسطس سنة 1915 وأحكام قرار مجلس الوزراء في 9 من يونيه سنة 1945 السالف الإشارة إليهما تسري على المطعون ضده ما دام أنه كان في الخدمة وقت العمل بتلك الأحكام دون أن يعتبر ذلك نفاذاً لها بأثر رجعي أو مساساً بحق اكتسبه المطعون ضده في أن لا يحال إلى المعاش قبل بلوغه سن الخامسة والستين إذ لا يعتبر الموظف قد اكتسب حقاً في ذلك إلا إذا كان قد بلغ هذه السن فعلاً في ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الخامسة والستون - لما كان ذلك كله، وكان الثابت من الأوراق المقدمة بملف الطعن والتي سبق عرضها على محكمة الموضوع أن المطعون ضده التحق بخدمة المجالس البلدية في 9 من سبتمبر سنة 1911 وأنه تقرر إنهاء خدمته اعتباراً من 30 نوفمبر سنة 1948 لبلوغه سن الستين وكان في هذا الوقت يشغل وظيفة رئيس حسابات بمجلس بلدي منوف وهي وظيفة دائمة ومدرجة في ميزانية المجلس وذات مرتب شهري وأن المطعون ضده كان مشتركاً في صندوق التوفير فإن مقتضى ذلك أن يكون قرار إحالته إلى المعاش عند بلوغه سن الستين موافقاً للقانون وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا القرار مخالفاً للقانون وقضى بمسئولية الطاعنين وبإلزامهما بالتعويض على أساس اعتباره المطعون ضده من الموظفين المؤقتين الذي يجري عليهم حكم الاستقطاع ويحكمهم قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 وقانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 وأن لائحة توظيف موظفي المجالس البلدية والقروية الصادرة في 9 من يونيه سنة 1945 لا تسري على المطعون ضده لالتحاقه بالخدمة وتثبيته قبل صدورها فإن هذا الحكم يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه في خصوص السببين الثاني والثالث.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما سبق بيانه يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضده.


 (1) نقض 11/ 4/ 1963 الطعون أرقام 229 و319 و321 لسنة 27 ق. السنة 14 ص 520.
 (2) نقض 27/ 12/ 1962 الطعن رقم 272 لسنة 27 ق السنة 13 ص 1227.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق