جلسة 16 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/
محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد سميح طلعت،
وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.
-------------
(218)
الطعن رقم 330 لسنة 36
القضائية
(أ) حكم. "الطعن في الحكم".
"الأحكام الجائز الطعن فيها".
الحكم الصادر قبل الفصل
في الموضوع. عدم جواز الطعن فيه استقلالاً. م 378 مرافعات سابق. فصل الحكم في موضوع
الدعوى أو في شق منه. جواز الطعن فيه على استقلال في الميعاد. عدم مراعاة ذلك.
مؤداه. سقوط الحق في الطعن.
(ب) نقض. "سلطة
محكمة النقض". حكم. "تسبيب الحكم".
انتهاء الحكم إلى نتيجة
صحيحة. انطواء الأسباب على تقريرات قانونية خاطئة. لا أثر له. لمحكمة النقض أن
تصحح هذا الخطأ.
(ج) حكم. "حجية
الحكم". "الأسباب المرتبطة بالمنطوق". قوة الأمر المقضي. نقض.
"ما لا يصلح سببا للطعن".
أسباب الحكم المرتبطة
ارتباطا وثيقا بمنطوقه. لها حجية ملزمة. الأسباب الناقلة النعي عليها بالخطأ في القانون
بفرض صحته. غير منتج.
(د) حكم. "تسبيب
الحكم". نقض. "سلطة محكمة النقض".
لا يفسد الحكم وقد انتهى
إلى نتيجة صحيحة مجرد القصور في الرد على دفاع قانوني للخصم. لمحكمة النقض أن
تستكمل أسبابه القانونية إذا شابه خطأ أو قصور.
(هـ) استئناف.
"الأثر الناقل للاستئناف".
الاستئناف ينقل الدعوى
إلى المحكمة الاستئنافية على أساس ما تقدم فيها من أدلة ودفوع، وما يطرح منها
ويكون قد فات الطرفين إبداؤه أمام محكمة أول درجة.
(و) دفوع. "الدفع
بعدم القبول".
الدفع بعدم القبول. جواز
إبدائه في أية حالة كانت عليها الدعوى.
(ز) حكم. "حجية
الحكم". استئناف. دفوع. "الدفع بعدم القبول".
الحكم بقبول الاستئناف
شكلاً يتصل بشكل الاستئناف دون غيره وأن من اختصم فيه كان خصما أمام محكمة أول
درجة. الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بعد الحكم بقبول الاستئناف
شكلاً بالنسبة لذات الخصم. لا تناقض.
(ح) حكم. "حجية
الحكم". قوة الأمر المقضي.
القضاء النهائي يكتسب قوة
الأمر المقضي فيما ثار بين الخصوم من نزاع فصلت فيه المحكمة صراحة أو ضمنا في المنطوق
أو الأسباب المرتبطة به. ما لم تنظره المحكمة بالفعل لا يمكن أن يحوز هذه القوة.
-----------
1 - جعل المشرع المناط في
عدم جواز الطعن طبقاً للمادة 378 من قانون المرافعات السابق، أن يكون الحكم محل
الطعن صادراً قبل الفصل في الموضوع فإذا كان الحكم قد صدر في موضوع الدعوى أو في شق
منه فإنه يخرج - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة(1) -
عن نطاق التحريم ويصح
الطعن فيه على استقلال مما يستوجب إتباع المواعيد المقررة في القواعد العامة للطعن
في الأحكام وهى ترتب على عدم مراعاة تلك المواعيد سقوط الحق في الطعن.
2 - إذ كان الحكم المطعون
فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة - سقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد - فإنه
لا يؤثر فيه أن يكون قد طبق المادة 75 من القانون 91 لسنة 1959 بدلاً من إعمال
القواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات، إذ يكون لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ
وأن ترده إلى الأساس السليم.
3 - متى كان الحكم قد فصل
فصلاً قاطعاً في النزاع الذى أقام حول حلول الشركة محل هيئة التأمينات وانتهى إلى
نفى هذا الحلول - وهو العلة في إيجاب التضامن الذى يحتج به الطاعن - وكانت هذه
التقريرات التي تضمنتها أسباب الحكم في هذا الشأن متعلقة بالوقائع محل النزاع
ومرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه القاضي برفض الدعوى قبل الشركة المطعون ضدها
الثانية، وداخلة في بناء الحكم وتأسيسه، ولازمة للنتيجة التي انتهى إليها، فإن هذه
التقريرات تكون لها حجية ملزمة كمنطوق الحكم، ومانعة من إعادة البحث في مسألة
التضامن وإثارتها من جديد، وكان يجب على محكمة الاستئناف أن تتقيد بهذا القضاء دون
حاجة إلى إيراد أسباب خاصة لتأييده، لأن هذه الأسباب تكون من قبيل الأسباب
النافلة، ويكون النعي عليها بالخطأ في القانون - بفرض صحته - غير منتج.
4 - لا يفسد الحكم مجرد
القصور في الرد على دفاع قانوني للخصوم، إذ بحسب المحكمة أن يكون حكمها صحيح
النتيجة قانوناً، ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى استكمالها به
إذا ما شابها خطأ أو قصور.
5 - الاستئناف - على ما
جرى به قضاء هذه المحكمة(2) -
بنقل الدعوى إلى المحكمة
الاستئنافية لتنظرها وفقاً لما تقضى به المادة 410 من قانون المرافعات السابق، لا
على أساس ما كان مقدماً فيها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع أمام محكمة أول درجة فحسب،
بل أيضاً على أساس ما يطرح منها عليها ويكون قد فات الطرفين إبداؤه أمام محكمة أول
درجة.
6 - الدفع بعدم قبول
الدعوى - وفق المادة 142 من قانون المرافعات السابق - يجوز إبداؤه في أية حالة
كانت عليها الدعوى.
7 - الحكم الصادر بقبول
الاستئناف شكلاً إنما يتصل بشكل الاستئناف دون غيره، وأن من اختصم فيه إنما كان
خصماً أمام محكمة أول درجة، ولما كان الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي
صفة هو دفع موضوعي يقصد به الرد على الدعوى ذاتها، ولا ينتقل النظر إليه إلا بعد
أن تفصل المحكمة في شكل الاستئناف، فإن قضاء المحكمة بقبول الاستئناف - المرفوع على
مدير هيئة التأمينات الذى كان مختصماً أمام محكمة أول درجة - شكلا، لا يتناقض
قضاءها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بعد أن تبين للمحكمة أن مدير عام
الهيئة لا يمثلها قانوناً أمام القضاء، وإنما يمثلها رئيس مجلس الإدارة.
8 - القضاء النهائي لا
يكتسب قوة الأمر المقضي فيه إلا فيما ثار بين الخصوم من نزاع، وفصلت فيه المحكمة
بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به. وإذ كان
الثابت أن الطرفين لم يتناقشا في شأن صفة مدير عام هيئة التأمينات وتمثيلها في الخصومة،
وكان حكم محكمة أول درجة قد احصر قضاؤه في تكييف العلاقة بين الطاعن وهيئة
التأمينات دون أن يتجاوز ذلك إلى البحث في صفة من يمثلها، فإن الحكم بهذه المثابة
لا يكون قد اشتمل على قضاء ضمني بثبوت هذه الصفة لمدير عام هيئة التأمينات، لأن ما
لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي
فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى
رقم 1289 لسنة 1962 عمال كلى القاهرة ضد مدير عام مؤسسة التأمينات الاجتماعية وعضو
مجلس الإدارة المنتدب لشركة مصر للغزل والنسج الرفيع بكفر الدوار طالباً القضاء
بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 1625 جنيهاً، وقال في بيانها أنه عين مديراً
للمستشفى الأميري بكفر الدوار عام 1946 وعهدت إليه شركة مصر للتأمين بالكشف على
العمال المصابين وعلاجهم وتحرير الاستمارات عن الإصابات التي تلحق بهم مقابل خمسين
جنيهاً شهرياً، وفى عام 1953 وافقت وزارة الصحة - بناء على طلب الشركة المطعون
ضدها الثانية - على إعارته للعمل مديراً لمستشفاها، ثم التحق بخدمة الشركة في ذات
الوظيفة بعد إحالته إلى التقاعد، وأخذ يواصل العمل وفق العقد المبرم بينه وبين
شركة مصر للتأمين حتى صدور القانون رقم 92 لسنة 1959 بشأن التأمينات الاجتماعية
الذى نقل عمليات التأمين ضد إصابات العمل إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، والذى
بدأ سريانه بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية منذ أول أبريل سنة 1960، فانقطعت
صلته بعد ذلك بشركة مصر للتأمين واستصدر حكماً ضدها بمكافأة نهاية خدمته بها،
واستمر يباشر العمل الذى كان يؤديه لحساب شركة مصر للتأمين لأن مؤسسة التأمينات
الاجتماعية تنازلت عن عمليات التأمين المشار إليها إلى الشركة المطعون ضدها الثانية
مقابل ما تدفعه لها من مبالغ خصماً من الاشتراكات المقررة عليها قانوناً، ومقابل
ما تؤديه نيابة عنها من أجر الطبيب المختص بهذه العمليات ونفقات العلاج، وإذ كان
أجر الطبيب يقع على عاتق مؤسسة التأمينات عملا بالمادتين 25 و82 من قانون
التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 فإنها تكون قد استخلفت الشركة المطعون ضدها
الثانية من أداء هذه الالتزامات ومسئولة بالتضامن معها وفق المادة 87 من قانون
العمل رقم 91 لسنة 1959، وتلتزم بأداء المبلغ المطالب به الذى يشتمل على 1500 ج
قيمة أجره المتأخر له من أول أبريل 1960 حتى 30 ديسمبر سنة 1962 على أساس خمسين
جنيهاً شهرياً، يضاف إليه مبلغ 125 جنيهاً قيمة مكافأة نهاية الخدمة وبعد أن حلت
هيئة التأمينات الاجتماعية محل مؤسسة التأمينات بموجب القانون 63 لسنة 1964 وجه
الطاعن دعواه إلى مدير عام هيئة التأمينات الاجتماعية وبجلسة 31 مارس سنة 1964 قضت
محكمة القاهرة الابتدائية (أولاً) برفض الدعوى قبل شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع
بكفر الدوار (وثانياً) وقبل الفصل في موضوع الدعوى الموجهة إلى هيئة التأمينات
الاجتماعية بندب مكتب خبراء وزارة العدل للانتقال إلى الهيئة والاطلاع على الكشوف
الشهرية المحررة من المدعى وتحديد أتعابه ومقدار مكافأته، وبعد أن قدم الخبير
تقريره قضت المحكمة بجلسة 25 فبراير سنة 1965 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذين
الحكمين وقيد استئنافه برقم 472 سنة 82 ق أمام محكمة استئناف القاهرة، ودفعت
المطعون ضدها الأولى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة، لأن رئيس مجلس إدارة
هيئة التأمينات هو الذى يمثلها وليس مديرها العام، وبجلسة 21 أبريل سنة 1966 قضت
هذه المحكمة (أولاً) بسقوط الحق في الاستئناف المرفوع ضد شركة مصر للغزل والنسيج
الرفيع عن الحكم الصادر بجلسة 31 مارس سنة 1964 (وثانياً) بقبول الاستئناف المرفوع
ضد الهيئة العامة للتأمينات شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بجلسة
25 فبراير سنة 1965 وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة. طعن الطاعن في هذا
الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وبالجلسة
المحددة لنظره صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن حاصل الوجهين
الأول والثاني من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه
حين قضى بسقوط الحق في الاستئناف المرفوع ضد الشركة المطعون ضدها الثانية عن حكم
31 مارس سنة 1964 يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وشابه بطلان جوهري
(أولاً) لأن هذا الحكم لم يكن فاصلاً في الدعوى برمتها وإنما في شقها الخاص
بالطلبات الموجهة إلى الشركة، وبقيت الدعوى متداولة في شقها الآخر الخاص بالطلبات
الموجهة إلى هيئة التأمينات إلى أن حكم فيها بجلسة 25 فبراير سنة 1965، وإذ كان من
المقرر قانوناً وفق المادة 378 من قانون المرافعات السابق أنه لا يجوز استئناف
الأحكام التي تصدر في شق من الخصومة استقلالاً فإنه لم يكن واجباً قانوناً استئناف
حكم 31 مارس سنة 1964 خلال الموعد القانوني، بل كان يجب التربص حتى صدور الحكم في الشق
الآخر، فلما أن تم ذلك بتاريخ 25/ 2/ 1965 بادر الطاعن إلى استئناف الحكمين خلال
الموعد القانوني، ومن ثم فإن قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة للدعوى المقامة ضد
المطعون ضدها الأولى (هيئة التأمينات) ينسحب قانونا على الاستئناف المقام ضد
المطعون ضدها الثانية، ويكون الحكم إذ قضى على خلاف ذلك قد أخطأ في القانون.
(وثانياً) أن الحكم خالف القانون وعول في قضائه بسقوط الحق في الاستئناف على عدم
وجود تضامن أو استخلاف بين المطعون ضدهما، ووجه الخطأ في ذلك أن الحكم المطعون فيه
خلط بين علاقة الطاعن بشركة مصر للتأمين التي انتهت بصدور حكم ضدها لصالحه بمكافأة
نهاية الخدمة وبين علاقته بالمطعون ضدهما، إذ أن السند القانوني للتضامن الذى تمسك
به الطاعن هو أن المطعون ضدها الأولى (هيئة التأمينات) قد تنازلت عن عملية إسعاف
العمال وعلاجهم وتحليل استمارات إصابات العمل إلى الشركة المطعون ضدها الثانية فهى
بهذه المثابة استخلفت الشركة للقيام بهذه الالتزامات ومن ثم كانت متضامنة معها في المسئولية
عملاً بقواعد قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، ومتى كان الأمر كذلك فإنه على فرض
التسليم بانقضاء ميعاد الاستئناف بالنسبة للحكم الصادر برفض الدعوى قبل الشركة فإن
هذا الميعاد يكون مفتوحاً بالنسبة لها طالما أنه مفتوح بالنسبة لهيئة التأمينات.
(وثالثاً) أن الحكم أغفل الإشارة إلى دفاع جوهري ردده الطاعن في مذكراته وهو أن
حكم 31 مارس سنة 1964 لم يكن قد فصل في الدعوى برمتها، وأنه لم يكن بد من انتظار
الفصل في الشق الآخر من الدعوى، وأنه لا يجوز عملاً بالمادة 378 مرافعات قديم
استئناف الأحكام التي تصدر في شق من الخصومة استقلالاً إلا إذ كانت فاصلة في الموضوع،
وليس في القانون ما يوجب الخروج عن هذا الأصل، ومع أن ما أثاره الطاعن في هذا
الخصوص هو دفاع جوهري يتصل بصميم التطبيق القانوني فإن الحكم أغفل بيانه وبالتالي
لم يرد عليه مما يعيبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود
في وجهه الأول بأن المشرع جعل المناط في عدم جواز الطعن طبقا للمادة 378 من قانون
المرافعات السابق أن يكون الحكم محل الطعن صادراً قبل الفصل في الموضوع، فإذا كان
الحكم قد صدر في موضوع الدعوى أو في شق منه فإنه يخرج - على ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - عن نطاق التحريم، ويصح الطعن فيه على استقلال، مما يستوجب إتباع
المواعيد المقررة في القواعد العامة للطعن في الأحكام، وهى ترتب على عدم مراعاة
تلك المواعيد سقوط الحق في الطعن، ولما كان الثابت في الدعوى أن الطاعن طلب الحكم
بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأداء مبلغ 1625 جنيهاً، وصدر الحكم من محكمة أول
درجة في 31/ 3/ 1964 قاضياً برفض الدعوى قبل الشركة المطعون ضدها الثانية، فإنه
يكون قد حسم النزاع بين الطرفين في شق من الخصومة الأصلية التي كانت معقودة بينهم،
وبالتالي فإن الطعن في هذا الحكم بالاستئناف إنما يكون على استقلال في الميعاد
المحدد قانوناً، وإذ لم يستأنف هذا الحكم استقلالاً وإنما رفع عنه الاستئناف في 3/
3/ 1965 مع استئناف الحكم الذى قضى برفض الدعوى قبل هيئة التأمينات وبعد انقضاء
ستين يوماً من تاريخ صدوره، فإن استئنافه يكون قد وقع بعد الميعاد، مما يترتب عليه
سقوط الحق فيه طبقاً للمادة 381 من قانون المرافعات السابق. لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة، فإنه لا يؤثر فيه أن يكون قد
طبق المادة 75 من القانون 91 لسنة 1959 بدلاً من إعمال القواعد المنصوص عليها في قانون
المرافعات، إذ يكون لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ وأن ترده إلى الأساس السليم، والنعي
مردود في وجهه الثاني بأن حكم محكمة أول درجة في 31/ 3/ 1964 سالف البيان الذى
أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الأمر المقضي تناول في أسبابه ما أثاره الطاعن من أن
هيئة التأمينات الاجتماعية استخلفت الشركة المطعون ضدها الثانية في الحق المدعى
به، وانتهى إلى أن الشركة لم تحل قانوناً محل هيئة التأمينات الاجتماعية في اختصاصها
ومهمتها المحددة في القانون وأن تخفيض الاشتراك لا يرجع إلى حلول الشركة محل
الهيئة، وإنما يرجع إلى قيام الأولى ببعض الرعاية الطبية التي تخفض من عبء الهيئة
والتزاماتها، ولما كان الواضح مما تقدم أن الحكم فصل فصلاً قاطعاً في النزاع الذى
قام حول حلول الشركة محل هيئة التأمينات، وكان هذا الحلول الذى انتهى الحكم إلى
انتفائه هو العلة في إيجاب التضامن الذى يحتج به الطاعن، وكانت هذه التقريرات التي
تضمنتها أسباب الحكم في هذا الشأن متعلقة بالوقائع محل النزاع ومرتبطة ارتباطاً
وثيقاً بمنطوقة القاضي برفض الدعوى قبل الشركة المطعون ضدها الثانية، وداخلة في بناء
الحكم وتأسيسه ولازمة للنتيجة التي انتهت إليها، فإن هذه التقريرات تكون لها حجية
ملزمة كمنطوق الحكم ومانعة من إعادة البحث في مسألة التضامن وإثارتها من جديد،
وكان يجب على محكمة الاستئناف أن تتقيد بهذا القضاء دون حاجة إلى إيراد أسباب خاصة
لتأييده، لأن هذه الأسباب تكون من قبيل الأسباب الناقلة، ويكون النعي عليها بالخطأ
في القانون - بفرض صحته - غير منتج. وأخيرا فإن النعي مردود في شقه الثالث بأنه لا
يفسد الحكم مجرد القصور في الرد على دفاع قانوني للخصوم، إذ بحسب المحكمة أن يكون
حكمها صحيح النتيجة قانوناً، ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى
استكمالها به إذا ما شابها خطأ أو قصور، ولما كان الثابت أن الحكم انتهى صحيحاً -
على ما هو مبين في الرد على الوجه الأول - إلى سقوط الحق في الاستئناف المرفوع ضد
الشركة المطعون ضدها الثانية عن حكم 31/ 3/ 1964 فإن النعي بإغفال الرد على دفاع
الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
وحيث إن حاصل الوجه
الثالث من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني أن الطاعن ينعى على الحكم
الصادر بعدم قبول الدعوى المرفوعة على هيئة التأمينات الاجتماعية لرفعها على غير ذي
صفة - الخطأ في تطبيق القانون والتناقض، وفى بيان ذلك يقول إن من المقرر قانوناً
أنه لا دعوى ولا دفع بغير مصلحة، وإذ كان قد قضى لصالح هيئة التأمينات ابتدائيا
برفض الدعوى، فإنه لا مصلحة لها في أن تبدى دفوعاً تتضمن إلغاء هذا الحكم لأن
الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لا يكون مقبولاً إلا إذا قضى بداءة
بإلغاء الحكم المستأنف الصادر برفض الدعوى، وهو ما لم تطلبه الهيئة ومن غير
المتصور أن تطلبه، ومن ثم يكون إلغاء الحكم الابتدائي وصولاً للقضاء بقبول الدفع
بعدم قبول الدعوى منطوياً على مخالفة للقانون، ومن جهة أخرى فإن منطوق الحكم
المطعون فيه في خصوصية هذا القضاء قد شابه تناقض واضح، إذ بينما انتهى إلى القضاء
بقبول الاستئناف المرفوع على مدير عام هيئة التأمينات شكلاً إذ به يقضى بعدم قبول
الدعوى المرفوعة عليها لأنها رفعت على غير ذي صفة، تأسيساً على أن مدير عام الهيئة
لا يمثلها أمام القضاء، ذلك أن القضاء بسلامة شكل الاستئناف يقتضى لزاماً اعتبار
الاستئناف موجهاً توجيهاً صحيحاً في الميعاد إلى ذي صفة، أي أن الاستئناف مقبول
باختصام الهيئة في شخص مديرها العام، وهو ما يتناقض مع القضاء بعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذي صفة، ووجه التناقض أن المدير العام اعتبر ممثلاً للهيئة في الاستئناف
ولم يعتبر كذلك أمام محكمة أول درجة مما يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود
في شقه الأول ذلك أن الاستئناف - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ينقل الدعوى
إلى المحكمة الاستئنافية لتنظرها وفقاً لما تقضى به المادة 410 من قانون المرافعات
السابق، لا على أساس ما كان مقدماً فيها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع أمام محكمة أول
درجة فحسب، بل أيضاً على أساس ما يطرح منها عليها، ويكون قد فات الطرفين إبداؤه
أمام محكمة أول درجة، وإذ كان الدفع بعدم قبول الدعوى - وفق المادة 142 من قانون
المرافعات السابق يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، وكان الثابت من
مدونات الحكم المطعون فيه أن الهيئة المطعون ضدها تمسكت أمام محكمة الاستئناف
بالدفع بعدم قبول الدعوى المرفوعة عليها لرفعها على غير ذي صفة لأن مدير عام
الهيئة الذى اختصمه الطاعن لا يمثلها أمام القضاء وإنما يمثلها رئيس مجلس الإدارة،
وكان القضاء برفض الدعوى ابتدائيا لصالح الهيئة لا يحول بينها وبين التمسك بكل ما
لديها من دفوع وأوجه دفاع جديدة أمام محكمة الاستئناف. لما كان ذلك، فإن الحكم
المطعون فيه إذ بحث هذا الدفع وأخذ به وقضى بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذى صفة لا يكون قد خالف القانون. والنعي مردود في شقه الثاني بأن
الحكم الصادر بقبول الاستئناف شكلاً إنما يتصل بشكل الاستئناف دون غيره، وأن من
اختصم فيه إنما كان خصماً أمام محكمة أول درجة، ولما كان الدفع بعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذي صفة هو دفع موضوعي يقصد به الرد على الدعوى ذاتها، ولا ينتقل
النظر إليه إلا بعد أن تفصل المحكمة في شكل الاستئناف، فإن قضاء المحكمة بقبول
الاستئناف المرفوع على مدير هيئة التأمينات الذى كان مختصما أمام محكمة أول درجة -
شكلاً لا يناقض قضاءها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بعد أن تبين
للمحكمة أن مدير عام الهيئة لا يمثلها قانوناً أمام القضاء وإنما يمثلها رئيس مجلس
الإدارة، ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب
الثالث أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى قبل هيئة التأمينات لرفعها
على غير ذي صفة يكون قد فصل في النزاع على خلاف حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم
وحاز قوة الشيء المحكوم فيه وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة أول درجة أصدرت
حكماً في 31/ 3/ 1964 قضى بندب خبير مشتملاً في أسبابه على قضاء قطعي بقيام علاقة
تعاقدية بين الطاعن وهيئة التأمينات، وهو قضاء قاطع في ثبوت الصفة لمن مثل الهيئة
المذكورة إلى تلك المرحلة، وقد حاز هذا القضاء قوة الشيء المحكوم فيه بعد استئنافه
من جانب الهيئة، ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها على
غير ذي صفة يعتبر فصلاً في الموضوع على خلاف ما فصل فيه هذا الحكم السابق.
وحيث إن النعي في غير
محله، ذلك لأن القضاء النهائي لا يكتسب قوة الأمر المقضي فيه إلا فيما ثار بين
الخصوم من نزاع وفصلت فيه المحكمة بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو
في الأسباب المرتبطة به، ولما كان الثابت أن الطرفين لم يتناقشا في شأن صفة مدير
عام هيئه التأمينات وتمثيلها في الخصومة، وكان حكم محكمة أول درجة في 31/ 3/ 1964
انحصر قضاؤه في تكييف العلاقة بين الطاعن وهيئة التأمينات دون أن يتجاوز ذلك إلى
البحث في صفة من يمثلها، فإن الحكم بهذه المثابة لا يكون قد اشتمل على قضاء ضمني
بثبوت هذه الصفة لمدير عام هيئة التأمينات، لأن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا
يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي فيه. لما كان ذلك فإن الحكم
المطعون فيه لا يكون قد خالف حجية الحكم الصادر في 31/ 3/ 1964 من محكمة أول درجة
ويكون النعي بهذا السبب غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن برمته على غير أساس.
(1)نقض 23/ 4/ 1970 مجموعة المكتب الفني س 21 صـ 683.
(2)نقض 11/ 3/ 1969 مجموعة المكتب الفني س 20 صـ 404.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق