جلسة 20 من فبراير سنة 1973
برئاسة السيد المستشار
عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: محمود المصري، ومحمد طايل راشد،
وعثمان حسين عبد الله، ومصطفى الفقي.
------------
(50)
الطعن رقم 27 لسنة 38
القضائية
(1) دعوى. "انقطاع سير
الخصومة". بطلان "بطلان الإجراءات". دفوع.
بطلان الإجراءات التي تتم
بعد قيام سبب انقطاع سير الخصومة. بطلان نسبي.
(2)استئناف. "شكل الاستئناف. الأحكام الجائز استئنافها". قوة
الأمر المقضي. دفوع.
قضاء المحكمة الاستئنافية
بقبول الاستئناف شكلاً. قضاء ضمني بجواز الاستئناف. اعتباره حائزاً قوة الأمر
المقضي بشأن جواز الاستئناف، الدفع بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب، والدفع بعدم
قبوله ممن لم يكن خصماً حقيقياً في الدعوى قبل الحكم الابتدائي. هذا الدفع في
حقيقته دفع بعدم جواز الاستئناف. وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه م 142
مرافعات.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". "خبرة". حكم "تسبيب كاف".
لمحكمة الموضوع أن تأخذ
بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون
الموجهة إليه.
(4)تزوير. "الادعاء بالتزوير". حكم. "تسبيب الحكم. ما لا
يعد قصوراً". إثبات.
أخذ الحكم بتقرير قسم
أبحاث التزييف والتزوير وبالقرائن وبما تكشف له من ظروف الدعوى. انتهاؤه من هذه
الأدلة إلى صحة التوقيع المدعى بتزويره. رده على الادعاء باختلاس هذا التوقيع على
بياض بأنه لا يتسم بالجد ويتنافى مع الأساس الذي قام عليه الطعن بالتزوير. لا قصور.
---------------
1 - إنه وإن كانت الخصومة
في الاستئناف ينقطع سيرها لوفاة أحد الخصوم فيه أو فقد أهليته أو زوال صفة ممثلة،
وأن كل إجراء يتم في تلك الفترة يقع باطلاً إلا أن هذا البطلان - وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة (1) - بطلان
نسبي، قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم، تمكيناً لهم من الدفاع عن
حقوقهم، وهم خلفاء المتوفى أو من يقومون مقام من فقد أهليته أو تغيرت صفته، فلا
يحق لغيرهم أن يحتج بهذا البطلان، لما كان ذلك فإنه لا يقبل من الطاعن أن يتمسك
بالبطلان الناشئ عن انقطاع سير الخصومة بسبب زوال صفة ممثل الشركة - المطعون ضدها
الثانية - ولا يكون له بالتالي أن يعيب على الحكم المطعون فيه اعتباره إجراءات
الخبرة - التي اتخذت أثناء الانقطاع صحيحة إذ أنها تعتبر صحيحة بالنسبة إليه.
2 - إنه وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة (2) متى
قضت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلاً كان قضاؤها هذا قضاء ضمنياً بجواز
الاستئناف يحوز قوة الأمر المقضي، ويحول دون العودة إلى إثارة النزاع أمامها في
شأن جواز الاستئناف أو عدمه، وإذ كان الثابت في الأوراق أنه بعد أن قضت محكمة
الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً، دفع الطاعن بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب كما
دفع بعدم قبوله لأن المستأنف لم يكن خصماً حقيقياً في الدعوى ولم يحكم عليه بشيء
فيها ولأن المطعون ضدها الثانية (البائعة) قد قبلت الحكم الابتدائي ولم تستأنفه
فأضحى حائزاً قوة الأمر المقضي قبلها وبالتالي قبل المستأنف باعتباره خلفاً عاماً
لها، وكان هذا الدفع في حقيقته طبقاً لنص المادة 377 من قانون المرافعات السابق
دفعاً بعدم جواز الاستئناف وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 142 من ذلك
القانون وأجازت إبداءه في أية حالة تكون عليها الدعوى إذ العبرة بحقيقة الدفع
ومرماه وليس بالتسمية التي يطلقها عليه الخصوم، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم
هذا النظر وقضى برفض هذه الدفوع، لا يكون قد خالف القانون.
3 - من المقرر في قضاء
هذه المحكمة (3) أنه
متى كانت محكمة الموضوع قد رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير
لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون
التي وجهها الطاعن إلى ذلك التقرير، لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد
أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير.
4 - إذ كان الحكم المطعون
فيه، قد أخذ بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير لاقتناعه بالأسس التي بني عليها،
وبما ساقه الحكم من قرائن وما تكشف له من ظروف الدعوى التي أوردها في أسبابه،
وانتهى من هذه الأدلة إلى أن التوقيع على الإقرارين المدعي بتزويرهما صحيح، وأن
ادعاء الطاعن - بالتزوير - بأن هذا التوقيع قد اختلس منه على بياض لا يتسم بطابع
الجد ويتنافى مع الأساس الذي قام عليه الطعن بالتزوير في تقرير الادعاء به أو في
مذكرة شواهده، فلا يعاب على هذا الحكم بعد ذلك إن هو لم يأخذ أو يرد على بعض
القرائن التي استند إليها الطاعن، إذ ليس على الحكم أن يفند كل قرينة ما دام انه
انتهى إلى صحة الورقة بأدلة تحمل قضاءه، لأن أخذه بهذه الأدلة يتضمن الرد المسقط
لما يخالفها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى
رقم 6251 لسنة 1964 مدني كلي القاهرة على المطعون ضدهم وطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد
البيع المؤرخ 15/ 6/ 1964 المتضمن بيع الشركة المطعون ضدها الثانية له المحل التجاري
المبين بالصحيفة بما فيه من جدك وأثاث مع التسليم، وقال بياناً لدعواه إنه اشترى
هذا المحل من الشركة المذكورة لقاء ثمن قدره 400 جنيه، وقد تعهدت بتسليمه إليه في
15/ 6/ 1964 وإذ امتنعت الشركة عن تنفيذ التزامها رغم استيفائها كامل الثمن وعمدت
إلى التواطؤ مع المطعون ضده الأول وباعته المحل وسلمته إياه، فقد أقام الطاعن
دعواه بطلباته السابقة، وبتاريخ 24/ 4/ 1965 قضت المحكمة بصحة عقد البيع المشار
إليه والتسليم. استأنف المطعون ضده الثالث لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد
استئنافه برقم 101 لسنة 82 ق وبنى استئنافه على عدة أسباب من بينها أن الطاعن قد
عدل عن شراء المحل المتنازع عليه وقدم تأييداً لذلك صورتين من عقد البيع موضوع
الدعوى أثبت على إحداهما إقرار مؤرخ 8/ 7/ 1964 يحمل توقيعاً منسوباً للطاعن ويفيد
عدوله عن شراء ذلك المحل، كما أثبت على الصورة الثانية إقرار مؤرخ 29/ 5/ 1964
يحمل كذلك توقيعاً منسوباً إلى الطاعن ويفيد استرداده مبلغ مائة جنيه من الثمن
السابق دفعه. ادعى الطاعن بتزوير هذين الإقرارين وبتاريخ 31/ 1/ 1966 قضت محكمة
الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وبندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب
الشرعي لتحقيق التزوير بمضاهاة توقيعي الطاعن على صورتي عقد البيع المؤرخ 15/ 6/
1964 والمعترف بهما منه على توقيعه الواردين بالإقرارين المدعي بتزويرهما، وذلك
لبيان ما إذا كانا صدرا منه أم مزورين عليه، وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي انتهى
فيه إلى أن التوقيعين الموقع بهما على الإقرارين المشار إليهما صحيحان، دفع الطاعن
ببطلان الحكم القاضي بندب الخبير وما ترتب عليه لصدوره وقت أن كانت الخصومة في
الدعوى منقطعة بحكم القانون لزوال صفة ممثل الشركة المطعون ضدها الثانية بإشهار
إفلاسها في 29/ 12/ 1965، كما دفع بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب وعدم قبوله
لانتفاء صفة ومصلحة المستأنف، وبتاريخ 12/ 12/ 1967 قضت المحكمة برفض الدفوع وبرفض
الادعاء بتزوير الإقرارين المتقدم ذكرهما وبصحتهما وبإلغاء الحكم المستأنف وبرفض
الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت
فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
أربعة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون،
ويقول في بيان ذلك إنه دفع أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم الصادر بتاريخ 31/
1/ 1966 الذي قضى بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير وما تلاه من إجراءات الخبرة
لصدورها في فترة انقطاع سير الخصومة بحكم القانون لزوال صفة ممثل الشركة المطعون
ضدها الثانية بإشهار إفلاسها في 19/ 12/ 1965، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا
الدفع استناداً إلى أن الانقطاع حدث بعد إن كانت الدعوى قد تهيأت للفصل فيها، وهذا
من الحكم خطأ في القانون، إذ أن الدعوى لا تعتبر مهيأة للحكم طبقاً لنص المادة 295
من قانون المرافعات السابق إلا إذا كانت صالحة للقضاء فيها بحكم حاسم لموضوع
الخصومة، هذا إلى أن الإجراءات التي تتخذ أثناء الانقطاع تقع باطلة، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير
مقبول، ذلك أنه وإن كانت الخصومة في الاستئناف ينقطع سيرها لوفاة أحد الخصوم فيه
أو فقد أهليته أو زوال صفة ممثلة وأن كل إجراء يتم في تلك الفترة يقع باطلاً، إلا
أن هذا البطلان - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبي قرره القانون
لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم تمكيناً لهم من الدفاع عن حقوقهم، وهم خلفاء
المتوفى أو من يقومون مقام من فقد أهليته أو تغيرت صفته، فلا يحق لغيرهم أن يحتج
بهذا البطلان. لما كان ذلك، فإنه لا يقبل من الطاعن أن يتمسك بالبطلان الناشئ عن
انقطاع سير الخصومة بسبب زوال صفة ممثل الشركة المطعون ضدها الثانية، ولا يكون له
بالتالي أن يعيب على الحكم المطعون فيه اعتباره إجراءات الخبرة صحيحة إذ أنها
تعتبر صحيحة بالنسبة إليه، وترتيباً على ذلك فإن الدفع ببطلان تلك الإجراءات يكون
غير مقبول ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض هذا الدفع لم يخالف القانون.
وحيث إن حاصل السبب
الثاني أن الحكم المطعون فيه قد تناقضت أسبابه ذلك أنه بعد أن اعتبر الدفوع التي
أبداها الطاعن مجرد وسيلة دفاع في الدعوى، عاد فرفضها باعتبارها دفوعاً مما يعيبه
بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي غير
صحيح، ذلك أنه بالرجوع إلى مدونات الحكم المطعون فيه يبين أنه ورد به ما يأتي
"إنه بالنسبة للدفوع التي أبداها المستأنف عليه الأول (الطاعن) وضمنها
مذكراته المقدمة بالأوراق فإنها لا تعدو أن تكون أوجه دفع واحد بعدم جواز
الاستئناف لقلة النصاب ولانعدام صفة ومصلحة المستأنف (المطعون ضده الثاني)"
ثم انتهى الحكم في منطوقه إلى القضاء برفض الدفوع، وبذلك يكون التناقض المدعى به
لا وجود له، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث
يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه
دفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة ولانتفاء مصلحة رافعه فيه وبعدم جواز
الاستئناف لقلة النصاب فقضى الحكم المطعون فيه برفض هذه الدفوع استناداً إلى أن
المحكمة سبق أن حكمت بقبول الاستئناف شكلاً وبذلك حاز حكمها حجية تمنع من إثارة
تلك الدفوع، هذا في حين أن الدفع بعدم القبول يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها
الدعوى، وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى قضت المحكمة الاستئنافية بقبول
الاستئناف شكلاً كان قضاؤها هذا قضاء ضمنياً بجواز الاستئناف يحوز قوة الأمر
المقضي ويحول دون العودة إلى إثارة النزاع أمامها في شأن جواز الاستئناف أو عدمه،
ولما كان الثابت في الأوراق أنه بعد أن قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 31/ 1/ 1966
بقبول الاستئناف شكلاً دفع الطاعن بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب، كما دفع بعدم
قبوله لأن المستأنف لم يكن خصماً حقيقياً في الدعوى ولم يحكم عليه بشيء فيها، ولأن
المطعون ضدها الثانية (البائعة) قد قبلت الحكم الابتدائي ولم تستأنفه فأضحى حائراً
قوة الأمر المقضي قبلها وبالتالي قبل المستأنف باعتباره خلفاً عاماً لها، وإذ كان
هذا الدفع في حقيقته طبقاً لنص المادة 377 من قانون المرافعات السابق، دفعاً بعدم
جواز الاستئناف وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 142 من ذلك القانون
وأجازت إبداءه في أية حالة تكون عليها الدعوى، إذ العبرة بحقيقة الدفع ومرماه وليس
بالتسمية التي يطلقها عليه الخصوم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام
قضاءه برفض ما أبداه الطاعن من دفوع على قوله. "إنه بالنسبة للدفوع التي
أبداها المستأنف عليه الأول وضمنها مذكراته المقدمة بالأوراق فإنها لا تعدو أن
تكون أوجه دفع واحد بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب ولانعدام صفة ومصلحة
المستأنف، وهو مردود بأنه وقد قضت هذه المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً فإن قضاءها
هذا يعتبر قضاء ضمنياً بجواز الاستئناف يحوز قوة الأمر المقضي ويحول دون العودة
إلى إثارة النزاع أمامها في شأن جواز الاستئناف وعدم جوازه على نحو ما دفع به
المستأنف عليه الأول" وكان هذا الذي قرره الحكم صحيحاً في القانون ويكفي لحمل
قضاءه في هذا الخصوص فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير
أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب
الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك أن الحكم
اعتمد في قضائه على ما ورد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، دون أن يرد على ما
ساقه الطاعن من قرائن للتدليل على التزوير، كما التفت عن تحقيق دفاعه المبني على
أن توقيعه على الإقرارين المدعي بتزويرهما قد اختلس منه على بياض، ما يعيب الحكم
المطعون فيه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه ورد به ما يلي "أن مكتب الطب الشرعي
المنتدب قد باشر مهمته وقدم تقريراً مؤرخاً 13/ 2/ 1967 انتهى في نتيجته إلى أن
التوقيعين المنسوبين إلى...... المستأنف عليه الأول - الطاعن - والموقع بهما على
الإقرارين المؤرخين 8/ 7/ 1964، 29/ 5/ 1965 والمحررين على صورتي عقد البيع المؤرخ
15/ 7/ 1964 والمطعون عليهما بالتزوير هما توقيعان صحيحان صادران من صاحبهما وذلك
للأسباب الفنية والواقعية السديدة التي ارتكز عليها والتي تقرها هذه المحكمة وتأخذ
بها جزءاً متمماً لقضائها. ولا يوهن من ذلك ما ذهب إليه المستأنف عليه الأول
بمذكراته من تقرير قسم الأبحاث غير منتج في صحة الورقة المطعون عليها بمقولة إنه
ليس معنى صحة التوقيع أن يكون المحرر صحيحاً بل قد يصح التوقيع ويكون المحرر
مزوراً كحالة اختلاس التوقيع أو التوقيع على بياض أو التزوير المعنوي، والواقع في
حالة النزاع أن التزوير جرى بطريق التوقيع على بياض على غير إرادة صاحبه، لأن ذلك
لا يتسم بطابع الجد ويتنافى مع الأساس الذي قام عليه الادعاء بالتزوير وثبت أساسه
بتقرير الطعن ومذكرة شواهد التزوير فقد خلت من مثل ذلك الادعاء........ وأنه
ترتيباً على ذلك يكون قد ثبت للمحكمة صحة توقيعي المستأنف عليه الأول على
الإقرارين المطعون عليهما ويكون طعنه عليهما بالتزوير على غير أساس صحيح ويتعين
لذلك القضاء في موضع الادعاءين برفضهما وبصحة الإقرارين المطعون عليهما..."
ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كانت محكمة الموضوع قد رأت في
حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه، فإنها لا تكون
ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهها الطاعن إلى ذلك التقرير، لأن
في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد
عليها بأكثر مما تضمنه التقرير لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف
البيان قد أخذ بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير لاقتناعه بالأسس التي بني عليها
وبما ساقه الحكم من قرائن وما تكشف له من ظروف الدعوى التي أوردها في أسبابه،
وانتهى من هذه الأدلة إلى أن التوقيع على الإقرارين المدعى بتزويرهما صحيح، وأن
ادعاء الطاعن بأن هذا التوقيع قد اختلس منه على بياض لا يتسم بطابع الجد ويتنافى
مع الأساس الذي قام عليه الطعن بالتزوير في تقرير الادعاء به أو في مذكرة شواهده،
فلا يعاب على هذا الحكم بعد ذلك إن هو لم يأخذ أو يرد على بعض القرائن التي استند
إليها الطاعن، إذ ليس على الحكم أن يفند كل قرينة ما دام انه انتهى إلى أن صحة
الورقة بأدلة تحمل قضاءه، لأن أخذه بهذه الأدلة يتضمن الرد المسقط لما يخالفها.
لما كان ما تقدم، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب يكون غير
سديد.
وحيث إنه لما سلف يكون
الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.
(1) نقض مدني 28/ 11/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1432، نقض
مدني 9/ 4/ 1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 ص 587.
(2) نقض مدني 19/ 3/ 1959 مجموعة المكتب الفني السنة
10 ص 235.
(3) نقض 30/ 11/ 1967 مجموعة المكتب الفني س 18 ص
1790، نقض 12/ 5/ 1968 مجموعة المكتب الفني س 19 ص 934.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق