الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 أكتوبر 2021

الطعن 4 لسنة 40 ق جلسة 24 / 5 / 1972 مكتب فني 23 ج 2 أحوال شخصية ق 156 ص 1003

جلسة 24 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، وعثمان حسين عبد الله.

-----------------

(156)
الطعن رقم 4 لسنة 40 ق "أحوال شخصية"

(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "طلاق".
شريعة الأقباط الأرثوذكس. إجازتها طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه متى أدى ذلك إلى استحكام النفور والفرقة ثلاث سنين متوالية على ألا يكون الخطأ في جانب طالب التطليق.
(ب) أحوال شخصية "حجية حكم النفقة". حكم. "حجية الحكم".
أحكام النفقة. حجيتها مؤقتة لأنها مما تقبل التغيير بسبب تغير الظروف.
(ج) حكم. "تسبيب الحكم".
المحكمة غير ملزمة بتتبع حجج الخصوم والرد على كل منها استقلالاً. يكفي أن تقيم قضاءها على أسباب كافية لحمله.
(د) قضاة. "صلاحية القاضي". أحوال شخصية. "دعوى الأحوال الشخصية".
سبق نظر القاضي دعوى النفقة. ليس ثمة سبب لعدم الصلاحية يمنعه من نظر دعوى التطليق للفرقة.

-------------------

1 - تجير المادة 57 من مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية الأقباط الأرثوذكس، طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيماً أدى إلى استحكام النفور بينهما، وانتهى الأمر بافتراقهما ثلاث سنين متوالية (1)، على ألا يكون ذلك الخطأ من جانب طالب التطليق حتى لا يستفيد من خطئه.
2 - الأصل في الأحكام الصادرة بالنفقة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) - أنها ذات حجية مؤقتة، لأنها مما تقبل التغيير والتعديل، وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف، كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها.
3 - متى كانت المحكمة قد بينت الحقيقة التي اقتنعت بها، وأقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمل الحكم، فلا تكون بعد ملزمة بأن تتبع جميع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم وأن ترد على كل منها استقلالاً، لأن قيام الحقيقة التي استخلصتها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.
4 - نظر القاضي دعوى النفقة، لا يمنعه من نظر دعوى التطليق للفرقة، لاختلاف كل من الدعويين عن الأخرى، وبالتالي لا يكون هناك سبب لعدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 734 سنة 1967 ملي القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه، وقالت بياناً لدعواها إنها تزوجته بتاريخ 17/ 11/ 1960 طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، ورزقت منه بطفلة إلا أنه أساء معاشرتها مما اضطرها إلى ترك منزل الزوجية منذ أول شهر مايو سنة 1962، وأقامت عليه الدعوى رقم 674 لسنة 1962 أحوال شخصية روض الفرج تطالبه بنفقتها ونفقة ابنتها منه، ثم أقامت عليه الدعوى رقم 15 لسنة 1966 أمام نفس المحكمة تطالبه بزيادة النفقة المحكوم بها لابنتها، وقضي فيها بزيادة هذه النفقة إلى ستة جنيهات شهرياً غير أنه كان يحاول عرقلة تنفيذ أحكام النفقة التي صدرت ضده، وإذ استمرت الفرقة أكثر من خمس سنوات متوالية، واستحالت الحياة الزوجية بينهما بخطئه، فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها، وبتاريخ 16/ 3/ 1968 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن أساء معاشرتها وأخل بواجبات الزوجية نحوها، وافترق عنها مدة تزيد على ثلاث سنوات واستحكم الخلاف بينهما خلالها بصورة جعلت عودة الحياة الزوجية مستحيلة، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 30/ 11/ 1968 فحكمت بتطليق المطعون عليها من الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 97 لسنة 85 ق القاهرة للأحوال الشخصية "ملي" طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وبتاريخ 24/ 11/ 1969 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثلاثة الأولى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن الحكم قضى بتطليق المطعون عليها منه استناداً إلى أنه هجر منزل الزوجية وامتنع عن الإنفاق على المطعون عليها، واستدل الحكم على ذلك بأن الطاعن لم يستجب للإنذار الذي وجهته إليه المطعون عليها بتاريخ 22/ 12/ 1964 وطلبت فيه استئناف الحياة الزوجية، في حين أنه ثبت من الشكوى رقم 2541 لسنة 1962 إداري روض الفرج أن الطاعن هو الذي طرد من منزل الزوجية بعد أن اعتدت عليه والدة المطعون عليها وأخوتها بالضرب كما أن حكم النفقة الصادر في الدعوى رقم 674 لسنة 1962 روض الفرج للأحوال الشخصية قد ألغي استئنافياً بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 137 لسنة 1963 مستأنف ملي القاهرة، لأن المطعون عليها ناشز تسقط عنها نفقتها وقد حاز هذا الحكم قوة الشيء المحكوم فيه، وتمسك الطاعن في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه لا يجوز الاستناد في الحكم بالتطليق إلى الادعاء بالامتناع عن الاتفاق، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد هذا الدفاع الجوهري، وقضى بالتطليق مهدراً حجية الحكم المشار إليه ورغم أن الزوجة هي المخطئة مما يعيبه بمخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، هذا إلى أنه لا يجوز الاستناد إلى الإنذار المؤرخ 22/ 12/ 1964 لأن المطعون عليها ضمنته شروطاً تتنافى مع الأصول الجوهرية للزواج مما لا يستفاد منه رغبتها في عودة الحياة الزوجية، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 57 من مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي طبقها الحكم المطعون فيه على واقعة الدعوى تجيز طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيماً أدى إلى استحكام النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقهما ثلاث سنين متوالية على ألا يكون ذلك بخطأ من جانب طالب التطليق حتى لا يستفيد من خطئه، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون عليها من الطاعن على ما قرره من "أن الثابت من أقوال شاهدي المدعية - المطعون عليها - التي تطمئن إليها المحكمة أن الزوجين عاشا معاً في سلام في مبدأ حياتهما الزوجية حتى شب النزاع بينهما في خلال سنة 1962 بسبب جفوة الزوج وسوء معاملته لزوجته مقتراً شحيح الإنفاق رغم قدرته، فهو يعمل موظفاً ويتقاضى عن ذلك أجراً، وقد تكدرت الحياة الزوجية بسبب ذلك، ومن ثم يكون الهجر من جانب المدعى عليه ومرده إليه فهو الذي ترك منزل الزوجية ورفض استئناف الحياة الزوجية، وعدم الإنفاق على الزوجة ثابت من تحرير الإيصالات المشار إليها آنفاً بمحافظة المدعية، الأمر الذي اضطرها لرفع دعوى تطالبه فيها بالنفقة الواجبة لها، وقد أبدت الزوجة رغبتها في استئناف الحياة الزوجية في الإنذار الذي وجهته إلى المدعى عليه بتاريخ 22/ 12/ 1964 ورغبتها في عود الحياة الزوجية إلى حالتها الطبيعة، ولا تدل عقود الإيجار المقدمة من المدعى عليه على أنه هيأ لها مسكناً مستقلاً، فهي عقود عرفية من السهل اصطناعها، وإذ كان الثابت أن عدم استئناف الحياة الزوجية كان بخطأ الزوج المدعى عليه وحمله زوجته على الإقامة بمنزل والدتها وتركها فيه بلا نفقة ولا إنفاق وطلبه الطلاق منها في مقابل جعل من المال، مما يؤكد أنه عازف عن بقاء رابطة الزوجية غير راغب في استمرارها، وأنه وقف من الزوجة موقفاً معادياً ينطوي على الإعنات وعلى سوء خلق لا يتفق ومسلك الزوج الأمين، مع أنها لم ترتكب خطأ يبرر هجر زوجها لها ويستدعى تلك الفرقة التي طال أمدها لأكثر من ثلاث سنوات، وهى ما تشترطه المادة 57 المشار إليها، فإن تصدع الحياة الزوجية يعود إليه ومن جانبه هو فليس له أن يفيد مما أثم، وإن كان ثمة خطأ يسنده المدعى عليه إلى زوجته من أنها ناشز فقد ثبت عكس ذلك، إذ ثبت للمحكمة أنه هو الذي قام بطردها من منزل الزوجية إلى منزل والدتها، وحيث أنه لما تقدم جميعه وقد استمرت الفرقة بين الطرفين لمدة تربو على الست السنوات لم ينفع في خلالها مسعى التوفيق وأصبح استمرار العشرة بينهما مستحيلاً تكون دعوى الطلاق مقبولة لقيامها على أساس سليم من الواقع والقانون وتعين إجابة المدعية إلى ما طلبته"، لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها التقديرية أن تصدع الحياة الزوجية كان بخطأ الطاعن، واستندت في ذلك إلى أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه، ولما كان الأصل في الأحكام الصادرة بالنفقة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنها ذات حجية مؤقتة، لأنها مما تقبل التغيير والتبديل وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف، كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها، وكان يبين مما قرره الحكم على النحو سالف البيان أنه أشار إلى امتناع الطاعن عن الإنفاق على زوجته كمظهر لإخلاله بواجباته نحوها بالإضافة إلى المظاهر الأخرى التي ساقها، واستدل الحكم على ذلك بالإيصالات التي حررها الطاعن على نفسه وتعهد فيها قبل رفع دعوى النفقة بدفع مبالغ معينة لزوجته وابنته منها في مقابل السكن ونفقات المعيشة، مما لا محل معه للتحدي بحجية الحكم الصادر بعد تحرير تلك الإيصالات في الدعوى رقم 137 لسنة 1963 مستأنف ملي القاهرة بإسقاط حق المطعون عليها في النفقة لنشوزها، ولما كان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من الشكوى رقم 2541 لسنة 1962 إداري روض الفرج والإنذار المؤرخ 22/ 12/ 1964، مما يكون نعيه فيما أثاره بشأنهما عارياً عن الدليل. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالثلاثة الأسباب الأولى يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور يبطله، ذلك أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليها بتحريض من والدتها عملت على حل عقدة زواجها، فأقامت ضده الدعوى رقم 1101 لسنة 1962 أحوال شخصية القاهرة الابتدائية تطلب الحكم ببطلان عقد الزواج للعنة وقضى فيها بالرفض، وقد ثبت بعد التحقيق الذي أجرته المحكمة في الدعوى رقم 137 لسنة 1163 مستأنف ملي الخاصة بالنفقة أن المطعون عليها اشترطت للصلح أن يحصل الطاعن على شهادة من مكتب التأهيل بصلاحيته للمعاشرة الجنسية فاستجاب لطلبها، ولكنها طعنت على الشهادة التي أحضرها فأمرت المحكمة بعرضه على الطبيب الشرعي، وثبت من تقريره أن الطاعن في حالة طبيعة ولكن المطعون عليها أصرت على موقفها من عدم رغبتها في استئناف الحياة الزوجية، غير أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع الجوهري مما يعيب حكمها بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت مما سلف بيانه في الرد على ثلاثة الأسباب الأولى أن المحكمة بينت الحقيقة التي اقتنعت بها، وهى أن استحكام النفور بين الزوجين واستمرار الفرقة بينهما أكثر من ثلاث سنوات متصلة كان بخطأ الطاعن، وأقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمل الحكم فلا تكون بعد ملزمة بأن تتبع جميع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم وأن ترد على كل منها استقلالاً لأن قيام الحقيقة التي استخلصتها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات والقصور، ذلك أن الأستاذ لويس عزيز أبادير أحد القضاة الذين أصدروا الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه غير صالح لنظر الدعوى، لأنه سبق أن أصدر حكم النفقة لصالح الزوجة في الدعوى رقم 674 لسنة 1962 روض الفرج للأحوال الشخصية، وقد ألغى الحكم في الاستئناف خاصة وأن الحكم الابتدائي قد استند في التطليق لذات الوقائع التي كانت أساس حكم النفقة، فيكون الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان، وقد تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بهذا الدفاع غير أنها أغلفت الرد عليه مما يعيب حكمها بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت الفقرة الخامسة من المادة 146 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 تنص على أن يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى شهادة فيها، ولما كان نظر القاضي دعوى النفقة لا يمنعه من نظر دعوى التطليق للفرقة لاختلاف كل من الدعويين عن الأخرى، وبالتالي لا يكون هناك سبب لعدم الصلاحية، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.


 (1) نقض 22 من إبريل 1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 ص 673.
 (2) نقض 30 يناير سنة 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 189.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق