الدعوى رقم 12 لسنة 42 ق "دستورية" جلسة 2 / 1 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2021م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1442 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 42 قضائية "دستورية".
المقامة من
أسامة لمعى سامى غالى
ضــــد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- محافظ البنك المركزى المصرى
الإجـــراءات
بتاريخ الثالث من فبراير سنة 2020، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة (126) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، فيما نصت عليه من أنه "وفى جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى ويحكم بمصادرتها، فإن لم تضبط حكـم بغرامة إضافية تعادل قيمتها ". وذلك في مجال تطبيقها على الفعل المؤثم بالمادة (116) من القانون المشار إليه، المعدل بالقانونين رقمى 160 لسنة 2012 و8 لسنة 2013.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بتقديم مذكرات في أسبوع، قدم خلاله المدعى مذكرة، صمم فيها على طلباته.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة أسندت إلى المدعى، في الدعوى رقم 700 لسنة 2018 جنح اقتصادي القاهرة، أنه بتاريخ 30/9/2018، حمل حال سفره من البلاد أوراق النقد الأجنبي التي جاوزت قيمتها عشرة آلاف دولار أمريكى، وقدمته للمحاكمة الجنائية، بطلب عقابه بالمواد (116/2، 118، 126/3 و4، 129، 131) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 المعدل بالقوانيـن أرقام 160 لسنة 2012، 8 لسنة 2013، 66 لسنة 2016. قضت المحكمة، غيابيًّا وفى المعارضة بمعاقبته بالحبس، ومصادرة المبلغ المضبوط . استأنف المدعى هذا الحكم بالاستئناف رقم 205 لسنة 2019 جنح مستأنف اقتصادي القاهرة. وبجلسة 11/6/2019، قضت المحكمة غيابيًّا بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض المتهم (المدعى) أمام محكمة الجنح المستأنفة، وبجلسة 7/12/2019، دفع بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة (126) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المشار إليه. وإذ قدرت تلك المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (116) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، بعد استبدالها بالقانون رقم 8 لسنة 2013، تنص على أن " إدخال النقد الأجنبي إلى البلاد مكفول لجميع المسافرين, على أن يتم الإفصاح عنه في الإقرار المعد لهذا الغرض إذا جاوز عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى.
وإخراج النقد الأجنبي من البلاد مكفول لجميع المسافرين بشرط أن لا يزيد على عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى, مع السماح عند المغادرة لغير المصريين بحمل ما تبقى من المبالغ السابق الإقرار عنها عند الوصول إذا زاد على عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى.
ويجوز للقادمين للبلاد أو المسافرين منها حمل أوراق النقد المصري في حدود خمسة آلاف جنيه مصري.
ويحظر إدخال النقد المصري أو الأجنبي أو إخراجه من خلال الرسائل والطرود البريدية".
وتنص المادة (126) من القانون ذاته بعد استبدالها بالقانون 66 لسنة 2016 على أن " يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر كل من خالف أحكام المادة (111) من هذا القانون أو المادة (114) والقرارات الصادرة تطبيقًا لها.
ويُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه كل من خالف أيًّا من أحكام المادتين (113 و117) من هذا القانون.
ويُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن المبلغ المالي محل الجريمة ولا تزيد على أربعة أمثال ذلك المبلغ أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أيًّا من أحكام المادة (116) من هذا القانون.
وفي جميع الأحـوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى، ويحكم بمصادرتها, فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين، الأول: أن يقوم الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق بالمدعى، والثاني: أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه. والمحكمة الدستورية العليا – وحدها – هي التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى المقامة أمامها أو المحالة إليها للتثبت من شروط قبولها، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون عليه قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن النيابة العامة كانت قد أحالت المدعى إلى المحاكمة الجنائية في الجنحة رقم 700 لسنة 2018 جنح اقتصادي القاهرة، بوصف أنه حمل حال سفره من البلاد أوراق النقد الأجنبي التي جاوزت عشرة آلاف دولار أمريكى. وكانت هذه الجريمة تجد سندها التشريعي في نصى المادتين (116/2، 126) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، بعد تعديله بالقانونين رقمي 8 لسنة 2013، 66 لسنة 2016. وكان المدعى قد قصر طعنه ومناعيه الدستورية على نص الفقرة الأخيرة من المادة (126) من ذلك القانون في مجال تطبيقها على الفعل المؤثم بالفقرة الثانية من المادة (116) من القانون ذاته، فإن مصلحته الشخصية المباشرة تتحقق في الطعن على نص الفقرة الرابعة من المادة (126) السالفة الذكر في مجال تطبيقها على الفعل الوارد بصدر الفقرة الثانية من المادة (116) من قانون البنك المركزي المشار إليه، التي تنص على أن " وإخراج النقد الأجنبي من البلاد مكفول لجميع المسافرين بشرط أن لا يزيد على عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى", وبها يتحدد نطاق الدعوى.
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه، في مجال تطبيقه على الفعل المؤثم بصدر نص الفقرة الثانية من المادة (116) من قانون البنك المركزي المشار إليه أن المشرع اعتبر خروج النقد الأجنبي من البلاد جريمة تامة، دون أن يشترط الإفصاح عن مقدار هذا المبلغ، كما هو الشأن في الفعل المؤثم بنص الفقرة الأولى من تلك المادة، بما يجعل العقاب مرصودًا لمجرد الشروع، حال أن الجريمة الواردة بذلك النص تشكل جنحة، لم يرصد القانون عقوبة على الشروع فيها. كما أن الجريمة المعاقب عليها صاغها النص بطرق غير واضحة ومشوبة باللبس والغموض بما ينافى أصل البراءة، فضلاً عن أن نص المادة (126) رصد عدة عقوبات للفعل ذاته بما ينافى ضوابط الدولة القانونية ويهدر الحرية الشخصية، فضلاً عن انتقاصه من العناصر الإيجابية للذمة المالية بالمخالفة لأحكام المواد (35، 54، 94) من الدستور.
وحيث إن تجريم المشرع أي فعل أو امتناع، إنما يرتبط بالضرورة الاجتماعية التي اقتضتها ظروف الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها. ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون الجنائي وإن اتفق مع غيره من القوانين في سعيها لتنظيم علائق الأفراد فيما بين بعضهم البعض، وعلى صعيد صلاتهم بمجتمعهم، إلا أن هذا القانون يفارقها في اتخاذه الجزاء الجنائي أداة لحملهم على إتيان الأفعال التي يأمرهم بها، أو التخلي عن تلك التي ينهاهم عن مقارفتها، وهو بذلك يتغيا أن يحدد، من منظور اجتماعي، ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم. بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مخالفًا للدستور، إلا إذا كان مجاوزًا حدود الضرورة التي اقتضتها ظروف الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها، فإذا كان مبررًا من وجهة اجتماعية، انتفت عنه شبهة المخالفة الدستورية. ومن ثم، يتعين على المشرع دومًا إجراء موازنة دقيقة بين مصلحة المجتمع والحرص على أمنه واستقراره من جهة، وحريات وحقوق الأفراد من جهة أخرى، ويتعين على المشرع أيضًا أن يقوم بصياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة، محددة، بلا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها. وتلك ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها.
وحيث إن المقرر – أيضًا - في قضاء هذه المحكمة، أن شرعية الجزاء - جنائيًّا كان، أو مدنيًّا، أو تأديبيًّا - مناطها، أن يكون متناسبًا مع الأفعال التي أثمها المشرع، أو حظرها، أو قيد مباشرتها. وأن الأصل في العقوبة هو معقوليتها، فلا يكون التدخل بها إلا بقدر ما يكون الجزاء ملائمًا لجريمة بذاتها، وينبغي أن يتحدد على درجة خطورتها، ونوعية المصالح التى ترتبط بها، وبمراعاة أن الجزاء الجنائي لا يكون مخالفًا للدستور إلا إذا اختل التعادل بصورة ظاهرة بين مداها، وطبيعة الجريمة التى تعلق بها، ودون ذلك يعنى إحلال المحكمة لإرادتها محل تقدير متوازن من السلطة التشريعية للعقوبة التي فرضتها.
وحيث إن الأصل في صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما يخرجها عن موازين الاعتدال، وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التي تتحد خواصها وصفاتها، بما يلائمها، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها، مما يتعين معه أن يوازن المشرع قبل تقريره للجزاء بين الأفعال التي يجوز أن يتصل بها، وأن يقدر لكل حال لبوسها، فلا يتخذ من النصوص القانونية ما تظهر فيه مكامن مثالبها، بل يبتغيها أسلوبًا لتقويم أوضاع خاطئة.
وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه : ألا تُخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة القانونية وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية ومن بينها ألا تكون العقوبة متضمنة معاقبة الشخص أكثر من مرة عن فعل واحد، وألا يكون الجزاء مدنيًّا كان أو جنائيًّا مفرطًا بل يتعين أن يكون متناسبًا مع الفعل المؤثم ومتدرجًا بقدر خطورته.
وحيث كان ما تقدم، وكانت الجريمة التي أثمها النص المطعون فيه، من الجرائم العمدية، لم يستلزم القانون لها قصدًا خاصًا، بل يكفى لتوافرها القصد الجنائي العام، الذى يفترض تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل، والحظر الوارد بنص صدر الفقرة الثانية من المادة (116) من قانون البنك المركزي الصادر بالقانون 88 لسنة 2003 المعدل بالقانون 8 لسنة 2013 هو حظر مطلق، لا يستدعى الإفصاح الوارد بالفقرة الأولى من تلك المادة، الخاص بإدخال النقد الأجنبي للبلاد. فالمشرع جرم فعل حمل النقد الأجنبي إذا زاد على عشرة آلاف دولار أمريكى، أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى، حال مغادرة البلاد، وتقع بهذا الفعل الجريمة تامة، وغير متصور أن هذا الفعل يحتمل الشروع فيه. إذ كان ذلك، وكان المشرع قد صاغ نص التجريم والعقاب بصورة واضحة، لا لبس فيها ولا غموض، تكفل أن يكون المخاطبون بها على بينة من حقيقتها، مبينًا الركن المادي للجريمة، المتمثل في مجرد حمل أوراق النقد الأجنبي التي تزيد عن الحد المقرر قانونًا عند مغادرة البلاد، ولم يستلزم قصدًا خاصًا، مكتفيًا بمجرد العلم بالفعل وإرادته، وكان النص العقابي قد رصد جزاءً على هذا الفعل عقوبة الحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن المبلغ المالي محل الجريمة ولا تزيد على أربعة أمثال ذلك المبلغ أو بإحدى هاتين العقوبتين مع المصادرة، فإنه يكون قد التزم مبدأ التفريد التشريعي للعقوبة، مستهدفًا تحقيق الردع الخاص والعام.
وحيث كان ذلك، وكان المقرر قانونًا أن المصادرة ما هي إلا إجراءٌ الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة – قهرًا عن صاحبها وبغير مقابل – وهى عقوبة قد تكون وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهى على هذا الاعتبار تعد تدبيرًا وقائيًّا لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، كما قد تكون المصادرة في بعض القوانين الخاصة من قبيل التعويضات إذا نص على أن تؤول الأشياء المصادرة إلى خزينة الدولة باعتباره تعويضًا عما سببته الجريمة من أضرار. متى كان ذلك، وكانت المصادرة الواردة بالنص المطعون فيه لا تعدو أن تكون عقوبة تكميلية، استهدف المشرع من فرضها تحقيق الردع الخاص بحرمان المتهم من المال محل الجريمة، وتحقيق الردع العام حتى لا يجاريه آخرون في ارتكاب الجرم ذاته، بما يؤدي إلى ضبط التعامل في النقد الأجنبي، وينعكس أثره على الاستقرار الاقتصادي، فضلاً عن أن عقوبة المصادرة – إلى جانب عقوبتي الحبس والغرامة، أو إحداهما، التي يوقعها القاضي وفقًا لتقديره - لا تجافى مبدأ خضوع الدولة للقانون، إذ جاء تقريرها ضروريًّا ومنسجمًا مع القيم الدستورية التي نصت عليها المادتان (27، 28) من الدستور، التي تستهدف من النظام الاقتصادي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، وحماية مقوماته الأساسية، كما تقررت تلك العقوبة لمواجهة جريمة تدخل في عداد الجرائم المنظمة والمستمرة التي تؤثر سلبيًا على الاقتصاد القومي، بما ينعكس أثره على ضبط سوق الصرف، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي. ومن ثم، فإن جزاء المصادرة الوارد بالنص المطعون فيه، يكون مبررًا ومفيدًا من الوجهتين الاجتماعية والاقتصادية، ولا يجاوز حدود الدائرة التي ترسم الضرورة تخومها، الأمر الذى تنتفى معه شبهة القسوة أو عدم التناسب، كما أنه لا يمثل افتئاتًا على الملكية الخاصة، لكون المصادرة جزاء يحقق الردع الخاص، بحرمان المتهم من المبلغ الذى سعى لتهريبه عند مغادرته البلاد. ولا يوقع هذا الجزاء إلا بحكم قضائي، وفقًا لما يوجبه نص الفقرة الثانية من المادة (40) من الدستور.
وحيث إن النص المطعون فيه – محددًا نطاقًا على نحو ما تقدم - لا يخالف أية نصوص أخرى في الدستور، الأمر الذى تقضى معه المحكمة برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق