برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد جويفل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، ورمزي عبد الله محمد أبوالخير، وغبريال جاد عبد الملاك، والصغير محمد محمود بدران، وفريد نزيه حكيم تناغو، وعصام عبد العزيز جاد الحق، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ، ومجدي حسين محمد العجاتي، وحسن كمال أبو زيد شلال. نواب رئيس مجلس الدولة.
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين السيد نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة.
-----------------
تقادم - انقطاعه
تقادم - انقطاعه – يترتب على المطالبة الإدارية نفس الأثر المترتب على المطالبة القضائية من حيث قطع التقادم - يعتد بالطلبات المتكررة المقدمة لجهة الإدارة في قطع مدة التقادم، فيبدأ تقادم جديد عقب كل مطالبة إدارية.
------------
الوقائع
في يوم السبت الموافق 19/8/2006 أودع الأستاذ/ ... المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها برقم 34048 ق. عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا (الدائرة الثانية) بجلسة 19/6/2006 في الدعوى رقم 1561 لسنة 10 ق، القاضي بسقوط حق المدعي في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل، وإلزامه المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بأحقيته في ضم مدة خدمته العسكرية من 1/11/1976 حتى 1/10/1978 إلى مدة خدمته المدنية الحالية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بأحقية الطاعن في ضم مدة خدمته العسكرية إلى مدة خدمته المدنية الحالية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد حددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة التاسعة بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 13/10/2008، وتدوول بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، حيث قررت بجلسة 27/10/2008 إحالة الطعن إلى الدائرة التاسعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا، وحددت لنظره أمامها جلسة 20/11/2008. وقد تدوول نظر الطعن أمام تلك الدائرة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، إلى أن قررت بجلسة 16/4/2009 إصدار الحكم بجلسة 25/6/2009، وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 1/10/2009 لتقدم الجهة الإدارية بيانا بالحالة الوظيفية لزميل الطاعن الذي يقيده في ضم مدة خدمته العسكرية.
وتداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن قررت بجلسة 21/1/2010 إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقا للمادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972، المضافة بالقانون رقم (136) لسنة 1984 لقيام موجب الإحالة إليها، على سند من أن الحكم المطعون فيه قضى بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل، وأن مبنى الطعن الماثل أن مدة التقادم قطعت بأكثر من طلب قدم لجهة الإدارة، وأودعت الطلبات بحافظة المستندات المقدمة لمحكمة أول درجة بجلسة 15/2/2005، ونظرا لأن الدائرة التاسعة (موضوع) بتشكيل مغاير سبق أن اعتدت بحكمها الصادر بجلسة 26/2/2009 في الطعن رقم 1630 لسنة 49 ق. عليا بالطلبات المتكررة المقدمة لجهة الإدارة في قطع مدة التقادم، في حين ترى الدائرة بتشكيلها الحالي الاعتداد فقط بالطلب الأول المقدم لجهة الإدارة في قطع مدة التقادم، وأن الأخذ بهذا النظر من شأنه أن يتعارض مع الحكم الصادر في الطعن رقم 1630 لسنة 49 ق. عليا.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الاعتداد في قطع مدة التقادم الطويل للحق في إقامة الدعوى بالطلب الأول المقدم للجهة الإدارية.
وقد حددت لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 6/3/2010، وتدوول أمامها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 5/6/2010 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 3/7/2010، وفيها قررت إعادة الطعن إلى المرافعة بجلسة 2/10/2010 لتغيير تشكيل الهيئة، وبجلسة 4/12/2010 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 5/2/2011 مع التصريح بتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع، وقد انقضى هذا الأجل دون تقديم أية مذكرات أو مستندات، وتأجل النطق بالحكم إداريا لجلسة 5/3/2011، وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بذات الجلسة لتغيير تشكيل الهيئة، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها قررت إعادة الطعن للمرافعة بجلسة اليوم لتغيير التشكيل، والحكم آخر الجلسة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 22/1/2003 أقام ... الدعوى رقم 1561 لسنة 10 ق ضد محافظ الغربية ومدير مديرية التربية والتعليم بالغربية بصفتيهما أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا، وطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقيته في ضم مدة خدمته بالقوات المسلحة من 1/11/1976 حتى 1/10/1978 إلى مدة خدمته المدنية الحالية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعي شرحا لدعواه: إنه حصل على دبلوم التجارة عام 1976، وتم تجنيده بالقوات المسلحة خلال المدة 1/11/1976 حتى 1/10/1978، وعين بإدارة شرق المحلة الكبرى التعليمية اعتبارا من 1/6/1980، وقد تقدم إلى الجهة الإدارية بطلب لضم مدة تجنيده إلى مدة خدمته المدنية الحالية، إلا أن الجهة الإدارية لم تستجب إلى طلبه، مما حداه على إقامة دعواه للقضاء له بطلباته آنفة البيان.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم (أصليا) بسقوط حق المدعي في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل وإلزامه المصروفات، و(احتياطيا) بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته العسكرية في الفترة من 1/11/1976 حتى 1/10/1978 إلى مدة خدمته الحالية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبجلسة 19/6/2006 حكمت محكمة القضاء الإداري بطنطا (الدائرة الثانية) بسقوط حق المدعي في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل، وألزمته المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها - بعد أن استعرضت نص المادة 374 من القانون المدني - على أن الثابت بالأوراق أن المدعي أقام دعواه الماثلة بتاريخ 22/1/2003، طالبا ضم مدة خدمته بالقوات المسلحة خلال الفترة من 1/11/1976 حتى 1/10/1978 إلى مدة خدمته الحالية، وذلك بعد مرور أكثر من خمسة عشر عاما على تعيينه بالجهة الإدارية المدعى عليها اعتبارا من 1/6/1980، فمن ثم يكون حقه في إقامة الدعوى قد سقط بالتقادم الطويل.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من أن محكمة أول درجة لم تطلع على حافظة المستندات المقدمة من الطاعن بجلسة 15/2/2005، التي طويت على ثلاث نسخ ضوئية لثلاثة طلبات مؤرخة في 11/4/1985 و16/3/1989 و2/1/1995 - على التوالي - تقدم بها الطاعن إلى الجهة الإدارية لضم مدة خدمته العسكرية إلى مدة خدمته الحالية، وهذه النسخ مختومة بخاتم الجهة الإدارية كصورة طبق الأصل، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على ما ذكره الطاعن من أن هذه الطلبات من شأنها قطع مدة التقادم لتبدأ مدة تقادم جديدة من تاريخ تقديم آخر طلب تم تقديمه في 2/1/1995، وبذلك لا يكون حق الطاعن في إقامة الدعوى قد سقط بالتقادم.
ومن حيث إن المسألة المعروضة على هذه الدائرة قد حددتها الدائرة التاسعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا بجلستها المعقودة في 21/10/2010، التي قررت فيها إحالة الطعن إلى هذه الدائرة للعدول عما ذهبت إليه - بتشكيل مغاير - بحكمها الصادر بجلستها المعقودة في 26/2/2009 في الطعن رقم 1630 لسنة 49 ق. عليا بالاعتداد بالطلبات المتكررة المقدمة لجهة الإدارة في قطع مدة التقادم، في حين ترى الدائرة بتشكيلها الحالي الاعتداد فقط بالطلب الأول المقدم لجهة الإدارة في قطع مدة التقادم.
ومن حيث إن المادة (374) من القانون المدني الصادر بالقانون رقم (131) لسنة 1948 تنص على أن: "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون وفيما عدا الاستثناءات التالية".
وتنص المادة (381/1) من ذات القانون على أنه "لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء".
كما تنص المادة (383) من ذات القانون على أن: "ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، وبالتنبيه، وبالحجز، وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع، وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى".
وتنص المادة (385/1) منه على أنه "إذا انقطع التقادم بدأ تقادم جديد يسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع، وتكون مدته هي مدة التقادم الأول".
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن الأصل في التقادم المسقط هو خمسة عشر عاما، ولا يتحول عنها إلى مدة أخرى إلا بنص خاص. ولا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء. وينقطع التقادم لأسباب عدة، من بينها: المطالبة القضائية، وأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى. ويترتب على ذلك بقاء الانقطاع قائما ما دامت الدعوى قائمة، فإذا انتهت بحكم نهائي للدائن بطلباته، بدأ سريان تقادم جديد من وقت صدور هذا الحكم، أما إذا انتهت الدعوى برفض طلبات الدائن فيعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن.
ويقصد بانقطاع التقادم: زوال كل أثر للمدة التي انقضت منه، بحيث تعتبر هذه المدة كأن لم تكن، فإذا بدأ سريان التقادم بعد انقطاعه كان تقادما جديدا، يعقب ذلك الذي زال بالانقطاع. ولا يمنع انقطاع التقادم من تكراره استنادا لذات السبب، بحيث يبدأ تقادم جديد عقب كل انقطاع، حيث خلا القانون المدني من النص على أن مدة التقادم لا تنقطع إلا مرة واحدة.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد اطرد على أنه وإن كانت قواعد القانون المدني قد وضعت أصلا لتحكم روابط القانون الخاص، ولا تسري وجوبا على روابط القانون العام، إلا أن القضاء الإداري له أن يطبق من تلك القواعد ما يتلاءم مع هذه الروابط ويتفق مع طبيعتها، اللهم إلا إذا وجد النص التشريعي الخاص لمسألة معينة، فعندئذ وجب التزام النص. وقد جاءت قوانين مجلس الدولة المتعاقبة وآخرها القانون رقم (47) لسنة 1972 خلوا من تحديد مواعيد معينة لرفع الدعاوى في المنازعات الإدارية التي يختص بنظرها بهيئة القضاء الإداري، إلا ما تعلق منها بطلبات الإلغاء، ومن ثم فإن غيرها من الطلبات يجوز لذوي الشأن رفعها متى كان الحق المطالب به لم يسقط بالتقادم طبقا لقواعد القانون المدني، وذلك بحسبان أن فكرة التقادم المسقط، الذي هو طريق لانقضاء الديون التي لم تنقض بأي طريق آخر، لا تتعارض في طبيعتها ومفهومها مع روابط القانون العام؛ إذ إنه إذا كان للتقادم المسقط للمطالبة بالحقوق في نطاق روابط القانون الخاص حكمته التشريعية المتعلقة باستقرار الحقوق، فإن حكمته في مجال روابط القانون العام تجد تبريرها على نحو ألزم وأوجب لاستقرار الأوضاع الإدارية والمراكز القانونية لعمال المرافق العامة، استقرارا تمليه المصلحة العامة وحسن سير المرفق.
(حكم دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 567 لسنة 29 ق بجلسة 15/12/1985)
كما جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه ولئن كان مفاد النصوص المدنية أن المطالبة التي تقطع التقادم هي المطالبة القضائية دون غيرها، إلا أن مقتضيات النظام الإداري قد مالت بالقضاء الإداري إلى تقرير قاعدة أكثر تيسيرا في علاقة الحكومة بموظفيها بمراعاة طبيعة هذه العلاقة والتدرج الرئاسي الذي تقوم عليه؛ ذلك أن المفروض في السلطة الرئاسية إنصاف الموظف بتطبيق القانون في أمره تطبيقا صحيحا حتى ينصرف إلى عمله هادئ الحال دون الالتجاء إلى القضاء، ومن ثم فقد استقر على أن يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم: المطالبة الإدارية التي يوجهها الموظف إلى الجهة الإدارية متمسكا فيها بحقه طالبا أداءه، ويترتب على المطالبة الإدارية نفس الأثر المترتب على المطالبة القضائية من حيث قطع التقادم.
ومن حيث إن مجمل ما تقدم جميعه أنه ولئن كان كل من القانون المدني وقانون مجلس الدولة قد خلا من النص على اعتبار المطالبة الإدارية قاطعة للتقادم، إلا أنه رغبة من القضاء الإداري في تحقيق المصلحة العامة بتقليل الوارد من القضايا بقدر المستطاع، وتحقيق العدالة الإدارية بطريق أيسر للناس، وإنهاء المنازعات الإدارية في مراحلها الأولى، واستقرار المعاملات وتوفير الطمأنينة في المراكز القانونية، فقد استقر على اعتبار المطالبة الإدارية التي يتقدم بها صاحب الشأن إلى الجهة الإدارية مساوية للمطالبة القضائية من حيث أثرها في قطع مدة التقادم. وينبني على ذلك نتيجة مفادها وجوب الاعتداد بالطلبات المتكررة المقدمة لجهة الإدارة في قطع التقادم، بحيث يبدأ تقادم جديد عقب كل مطالبة إدارية.
والقول بأن المشرع نص صراحة في المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (25) لسنة 1968 على أن الأحكام - وهي نهاية المطاف في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم - متى حازت قوة الأمر المقضي به فإنها تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ويمتنع قبول دليل ينقض هذه الحجية، فإذا انتهت الدعوى بحكم نهائي للدائن بطلباته بدأ سريان تقادم جديد من وقت صدور هذا الحكم، وإذا انتهت الدعوى برفض طلبات الدائن فيعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن، ولا يجوز حينئذ إقامة دعوى جديدة متى اتحدت مع الدعوى السابقة في الخصوم والمحل والسبب، الأمر الذي يستتبعه بالضرورة عدم إمكانية إعطاء الفرع، وهو المطالبة الإدارية، أثرا قانونيا يفوق الأثر القانوني الذي رتبه المشرع على الأصل، وهو المطالبة القضائية؛ لمخالفة ذلك لقواعد القياس التي استند إليها القضاء الإداري للاعتداد بالمطالبة الإدارية كإجراء قاطع للتقادم، مما يتعين معه الاعتداد في قطع مدة التقادم بالطلب الأول فقط المقدم إلى جهة الإدارة وغض الطرف عن الطلبات التالية له - هذا القول ينطوي على خلط بين الأحكام الخاصة بالحجية والأحكام الخاصة بانقطاع التقادم، وهو ما أدى إلى نتيجة خاطئة مؤداها الاعتداد في قطع التقادم بالطلب الأول المقدم إلى جهة الإدارة وغض الطرف عن الطلبات التالية له.
كما أنه لا حجة في القول بأنه إذا تتابعت التظلمات فإن التظلم الذي يقطع الميعاد هو التظلم الأول فقط دون غيره، وهو ما يصدق أيضا على المطالبات الإدارية؛ لأن كلا منهما يهدف إلى مراجعة الجهة الإدارية نفسها قبل إقامة الدعوى - فهذا القول ينطوي على تفرقة تحكمية بين المطالبة الإدارية وبين غيرها من أسباب قطع التقادم الأخرى فيما يتعلق بمدى إمكانية قطع التقادم أكثر من مرة.
وفضلا عن ذلك فإن هذا القول لا يستقيم مع ما تتميز به طلبات الإلغاء من طبيعة خاصة جعلت المشرع يحدد لها ميعادا في قانون مجلس الدولة، وهو ما استتبع الاعتداد بالتظلم الأول فقط في قطع هذا الميعاد، وذلك بعكس الطلبات الأخرى التي لم يحدد قانون مجلس الدولة لها مددا، ومن ثم يجوز رفعها متى كان الحق المطالب به لم يسقط بالتقادم طبقا لقواعد القانون المدني، بما لا وجه معه لقياس المطالبات الإدارية على حالة تتابع التظلمات فيما يتعلق بقطع ميعاد رفع الدعوى.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه فإنه يكون متعينا الاعتداد بالطلبات المتكررة في قطع مدة التقادم الطويل المسقط للحق في رفع الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاعتداد في قطع مدة التقادم الطويل المسقط للحق في إقامة الدعوى بالطلبات المتكررة المقدمة للجهة الإدارية، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه.
·
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق