جلسة 9 من ديسمبر سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطي،
ومحمد عادل مرزوق.
-----------------
(240)
الطعن
رقم 1006 لسنة 43 القضائية
(1)تلبس. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". إجراءات تحقيق. مأمورو
الضبط. دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش".
التلبس حالة تلازم
الجريمة لا شخص مرتكبها.
ضبط الطاعن مع مرتكب
الفعل المقترن بالسرقة محرزاً مبالغ من الأموال المسروقة من منزل القتيلين. توافر
التلبس بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية. المادة 34 إجراءات. حق مأمور الضبط القضائي
تفتيش منزله استناداً للمادة 47 إجراءات ولو بعد مباشرة النيابة التحقيق.
(2)تلبس. تفتيش. "بغير
إذن". بطلان. دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش".
حضور المتهم ليس شرطاً
جوهرياً لصحة التفتيش في أحوال التلبس.
(3)تفتيش. "بغير
إذن". اختصاص. دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش". نقض. "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها".
إسهام ضابط غير مختص
محليا بإجراء التفتيش، عدم إثارته أمام محكمة الموضوع، لا يقبل التحدي به لأول مرة
أمام النقض.
(4) إجراءات
التحقيق. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". بطلان. حكم.
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إجراءات تحريز المضبوطات.
المواد 55 و56 و57 إجراءات. لا بطلان على مخالفتها الأمر فيها متروك إلى اطمئنان
المحكمة إلى سلامة الدليل، التفات المحكمة عن دفاع الطاعن في هذا الصدد. لا عيب.
(5)إجراءات التحقيق. نقض.
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تسليم بعض المضبوطات قبل
عرضها على المتهمين. عدم إثارته أمام محكمة الموضوع لا تقبل إثارته لأول مرة أمام
النقض.
(6)إخفاء أشياء مسروقة.
إخفاء أشياء متحصلة من جريمة. ظروف مشددة. إثبات. "بوجه عام".
العلم في جريمة إخفاء
الأشياء المسروقة أو المتحصلة من جريمة. بالظروف المشددة. مسألة نفسية. لمحكمة
الموضوع تبينها من اقوال الشهود والاعترافات وظروف الواقعة وملابساتها.
(7)حكم. "ما لا يعيب
الحكم في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في بيان درجة
قرابة الطاعن من المتهم الآخر ومدى قرب مسكن كل منهما من الآخر لا يقدح في سلامته
ما دام ذلك لا يمس جوهر استدلاله.
(8)إخفاء أشياء مسروقة.
إثبات. "بوجه عام". "قرائن". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل".
نفى المتهم الأول العلم
عن الطاعن بمصدر الأشياء التى دين بإخفائها. لا يقيد المحكمة. لها استخلاص العلم
من قرائن الأحوال في الدعوى.
(9)خطأ. تعويض. نقض.
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرر. تضامن.
لا يشترط في الحكم
بالتضامن على المسئولين عن التعويض وقوع خطأ واحد. منهم يكفى وقوع خطأ من كل منهم
ولو كان غير الذى وقع من زملائه متى كانت أخطاؤهم مجتمعة قد سببت للمضرور ضرراً
واحداً ولو كانت مختلفة أو لم تقع في وقت واحد. تلاقى خطأ السارق مع خطأ المخفي
للمسروق في النتيجة بحرمان المضرور من ماله. الحكم على المخفي بالتعويض بالتضامن
مع السارق. صحيح.
(10)نيابة عامة. نقض.
"ميعاده".
عرض النيابة القضية على
محكمة النقض طبقاً للمادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 متجاوزة الميعاد المنصوص
عليه في المادة 34 من القانون المذكور، لا يترتب عليه عدم قبول عرضها.
(11) حكم.
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام،
ما يلزم من تسبيب لإقراره.
-----------------
1 - التلبس حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها، وما دام الثابت
فيما أورده الحكم من وقائع الدعوى أن الطاعن ضبط مع المتهم الأول مرتكب الحادث
(قتل مقترن بسرقة) محرزاً لمبالغ من الأموال المسروقة من منزل القتيلين فهذه حالة
تلبس بجريمة إخفاء أشياء متحصله من جناية كشف عنها إجراء مشروع جرى في نطاق المادة
34 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فقد حق لمأمور الضبط القضائي دون حاجة إلى
إذن مسبق من سلطة التحقيق أن يفتش منزل مرتكب هذه الجريمة لأن تفتيش المنزل الذى
لم يسبق للنيابة العامة تفتيشه بعد مباشرتها التحقيق إنما يستند إلى الحق المخول
لمأمور الضبط القضائي بالمادة 47 من القانون المشار إليه، ولأن تقييد نطاق تطبيقها
ونصها عام - يؤدى إلى نتائج تتأثر بها العدالة عندما تقتضى الظروف المحيطة بالحادث
أن لا يتقاعس المأمور عن واجب فرضه عليه القانون وخوله الحق في استعماله وهو أمر
لم يخطئ الحكم تقديره ويكون الاستشهاد في الدعوى بما أسفر عنه التفتيش كدليل على
الطاعن صحيحاً في القانون.
2 - لم يجعل القانون حضور المتهم شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش في أحوال
التلبس.
3 - إذا كان الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع أمر إسهام ضابط آخر
غير مختص محلياً بإجراء التفتيش في إجرائه فلا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام
محكمة النقض.
4 - استقر قضاء محكمة النقض على أن إجراءات تحريز المضبوطات وفقاً
لما نص عليه في المواد 55 و56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية قد قصد بها تنظيم
العمل ولم يرتب القانون على مخالفتها أي بطلان وترك الأمر فيها إلى اطمئنان
المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الإحراز المضبوطة لم يصل إليها عبث ولا تثريب على
المحكمة إن هي التفتت عن الرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد ما دام أنه دفاع ظاهر
البطلان وبعيد عن محجة الصواب.
5 - إذا كان الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أيهما أمام محكمة
الموضوع أي دفاع في شأن تسليم بعض المضبوطات في الدعوى لابن المجنى عليه قبل أن
تعرض على المتهمين أو المدافعين عنهم ومن ثم فلا يقبل منه إثارة هذا الأمر لأول
مرة أمام محكمة النقض.
6 - العلم في جريمة إخفاء الأشياء المسروقة أو المتحصلة من جريمة
بعينها عن بينة بظروفها المشددة لا يخرج عن كونه مسألة نفسية لا تستفاد فقط من
أقوال الشهود واعترافات المتهمين بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الواقعة
وما توحى به ملابساتها.
7 - لا يقدح في سلامة الحكم خطؤه في بيان درجة قرابة الطاعن للمتهم
الأول في الدعوى ومدى قرب مسكن كل منهما من مسكن الآخر ما دام ذلك لا يمس جوهر
استدلاله.
8 - لا عبرة بما يثيره الطاعن من أن المتهم الأول في اعترافه قد
نفى عنه العلم بمصدر الأشياء التي دين بإخفائها لأن ذلك لا يقيد المحكمة - بما لها
من سلطة مطلقة في تقدير أدلة الدعوى والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه -
في أن تستخلص العلم بالجريمة وظروفها من قرائن الأحوال في الدعوى.
9 - لا يشترط قانوناً في الحكم بالتضامن على المسئولين عن التعويض
أن يكون الخطأ الذى وقع منهم واحداً بل يكفى أن يكون قد وقع من كل منهم خطأ ولو
كان غير الذى وقع من زميله أو زملائه متى كانت أخطاؤهم مجتمعة قد سببت للمضرور
ضرراً واحداً ولو كانت مختلفة أو لم تقع في وقت واحد وترتيبا على ذلك فإنه ما دام
الخطأ الذى يقع من السارق بفعل السرقة يتلاقى في نتيجته مع الخطأ الذى يقع ممن
يخفى المسروق بالنسبة للمال الذى يقع عليه فعل الإخفاء ويتلاقى معه في الضرر الذى
يصيب المضرور بحرمانه من ماله، فإن الحكم إذ ألزم الطاعن باعتباره مخفياً لجانب من
الأموال المسروقة بأن يدفع مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت بالتضامن مع
السارق يكون قد أصاب الحق ولم يخطئ في شيء.
10 - أنه وإن كانت النيابة العامة قد عرضت القضية على محكمة النقض
مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 سنة 1959
بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المنصوص
عليه في المادة 34 من هذا القانون إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم
قبول عرض النيابة طبقاً لما جرى عليه قضاء محكمة النقض.
11 - لما كان الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه قد بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دانه بها وأورد على ثبوتها
في حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح في تحقيقات النيابة العامة ومن أقوال شهود الإثبات
وتقرير الصفة التشريحية وتقارير المعامل الكيماوية وكلها مردودة إلى أصولها
الثابتة في الأوراق وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، كما استظهر الحكم نية القتل وظرفي
الاقتران والارتباط على ما هما معرفان به في القانون، وتناول الدفع ببطلان
الاعتراف المعزو إلى المحكوم عليه ودحضه في منطق سائغ، وجاء الحكم خلواً من مخالفة
القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها
ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما
انتهى إليه الحكم بالنسبة إلى المحكوم عليه فإنه يتعين قبول عرض النيابة وإقرار
الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في ليلة 30 من أبريل سنة 1969
بدائرة قسم شرطة الظاهر محافظة القاهرة (المتهم الأول) قتل عمدا .... بأن انهال
عليه ضرباً بقضيب من الحديد على أجزاء قاتلة من جسمه قاصداً قتله فأحدث به الإصابات
الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد تلت هذه الجناية جناية
أخرى هي أن المتهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر قتل ..... عمدا بأن انهال
عليها ضرباً بقضيب من الحديد في مواضع قاتلة من جسمها قاصداً إزهاق روحها فأحدث
بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها الأمر المنطبق
على المادة 234/ 1 من قانون العقوبات. وقد ارتكب المتهم الجنايتين سالفتي الذكر
بقصد سرقة المبلغ المبين عداً والحلى المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات للمجنى
عليهما سالفي الذكر من مسكنهما وقد تمكن بذلك من إتمام السرقة الأمر المنطبق على
المادة 317/ 1 - 4 - 6. المتهمان الثاني والثالث - أخفيا المبالغ والحلى الموصوفة
بالتحقيقات والمتحصلة من الجناية سالفة الذكر مع علمهما بذلك. وطلبت من مستشار
الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً لنص المادتين 44/ 1، 2
مكرراً، 234/ 1، 2، 3 من قانون العقوبات فقرر ذلك بتاريخ 7 يوليه سنة 1970.
وادعى..... ابن المجنى عليه الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن أشقائه ...... و......
و..... قبل المتهمين الثلاثة متضامنين بحق مدنى قدره قرش صاغ واحد على سبيل
التعويض المؤقت والمصروفات وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات القاهرة قررت بتاريخ 15
مارس سنة 1973 إرسال الأوراق إلى مفتى الجمهورية لإبداء رأيه بالنسبة للمتهم
الأول..... وحددت للنطق بالحكم جلسة 8 من أبريل سنة 1973. وفى هذه الجلسة قضت
المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بمواد الاتهام مع إعمال المادة 17 من قانون
العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الثاني والثالث. أولاً - بمعاقبة..... بالإعدام.
ثانياً - بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة خمس سنوات.
ثالثاً - بإلزام المتهمين الثلاثة بأن يؤدوا متضامنين للمدعين بالحق المدني مبلغ
قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل
أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض.
وبتاريخ 24 مايو سنة 1973 عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم
الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول ... إلخ.
المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه الثالث.... وإن قرر بالطعن بالنقض في الحكم
في الميعاد القانوني إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه
غير مقبول شكلاً وذلك لما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن التقرير بالطعن بالنقض هو
مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذى
حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة
إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر.
وحيث إن الطعن المقدم من
المحكوم عليه الثاني.... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن المذكور بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية مع
العلم بظرفها المشدد قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال
كما انطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول في قضائه على الدليل المستمد من
التفتيش الباطل الذى أجراه النقيب..... لمسكن الطاعن دون إذن من النيابة العامة التي
كانت تتولى التحقيق مستعينا في إجرائه بضابط آخر غير مختص محلياً بإجراء التفتيش،
وبغير مراعاة لحكم المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب إجراء التفتيش
في حضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك أو حضور شاهدين يوقعان على المحضر،
كما أن الطاعن أثار أمر بطلان إجراءات تحريز المضبوطات لحصولها بغير إذن من
النيابة ودون أن تعرض على الطاعن لإبداء ملاحظاته عليها خلافاً لما توجبه المادة
55 من قانون الإجراءات الجنائية وقد اكتفى الحكم في الرد على ما أثير بشأن التفتيش
والتحريز بأن الإجراءات قد تمت وفقاً للقانون، وهو رد قاصر لا يستطاع معه الوقوف
على مسوغات ما قضى به في هذا الشأن، هذا إلى أن المحكمة لم تقم بفض الإحراز في مواجهة
الطاعن وأمرت بتسليم ابن المجنى عليه بعضاً من المضبوطات دون أن تعرض على المتهمين
في الدعوى أو المدافعين عنهم عملا بنص المادة 57 من القانون المشار إليه، وقد ذهب
الحكم في التدليل على توافر ركن العلم في الجريمة التي دان الطاعن بها إلى القول
بأنه ابن عم المتهم الأول - الذى قضى بإعدامه - ويعلم رقة حاله وأن منزله قريب منه
وهى تقريرات غير صحيحة فضلاً عما قطع به المتهم الأول من عدم علم الطاعن بحضور ما
أودعه لديه من المسروقات ولا بالجريمة التي اقترفها مع أن القانون يوجب أن يكون المخفي
عالماً بأن الأشياء التي يخفيها متحصلة من جريمة وأن يثبت علمه بالظروف المشددة التي
أحاطت بتلك الجريمة حتى يستأهل العقاب المغلظ الذى أنزله الحكم بالطاعن، كما أن
الحكم قد خرج على قواعد المسئولية حين قضى على الطاعن بالتضامن في دفع التعويض إذ
أنه لا علاقة بين فعل الطاعن وما لحق المدعين بالحقوق المدنية من أضرار مادية
وأدبية وكل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة
الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أثبت في مدوناته أن ضابط المباحث لم ينتقل إلى مسكن
الطاعن لتفتيشه إلا بعد ضبطه مع المتهم الأول محرزاً مبالغ من النقود المسروقة من
منزل المجنى عليهما في الحادث وأن التفتيش أسفر عن ضبط مبلغ 102 ج و300 م من بينها
أوراق مالية من فئة الخمسة والعشرة والخمسة وعشرين قرشاً المسروقة وكمية من المصوغات
والحلى الخاصة بالمجنى عليها وورقتين ماليتين من فئة المائة جنيه والخمسين جنيهاً
مماثلة للأوراق التي عثر عليها بشقة المجنى عليهما وملابس ملوثة بالدماء تبين أنها
خاصة بالمتهم الأول - بعد أن أورد الحكم ذلك كله عرض للدفع المبدى من الطاعن الخاص
ببطلان التفتيش فساقه مع باقي الدفوع المبداة من المتهمين الأول والثالث ورد عليها
بقوله: "إن جميع ما تم من إجراءات بمعرفة رجال الضبط بالنسبة للمتهمين
الثلاثة من تحريات وضبط وتفتيش للمتهمين أدت إلى ضبطهم وضبط الأدلة القائمة ضدهم
كلها إجراءات سليمة تمت وفقاً للقانون". وما انتهى إليه الحكم من ذلك سائغ
ويكفى لحمل قضائه ذلك بأن التلبس حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها، وما دام
الثابت فيما أورده الحكم من وقائع الدعوى أن الطاعن ضبط مع المتهم الأول مرتكب
الحادث محرزاً لمبالغ من الأموال المسروقة من منزل القتيلين فهذه حالة تلبس بجريمة
إخفاء أشياء متحصلة من جناية كشف عنها إجراء مشروع جرى في نطاق المادة 34 من قانون
الإجراءات الجنائية، ومن ثم فقد حق لمأمور الضبط القضائي دون حاجة إلى إذن مسبق من
سلطة التحقيق أن يفتش منزل مرتكب هذه الجريمة لأن تفتيش المنزل الذى لم يسبق
للنيابة العامة تفتيشه بعد مباشرتها التحقيق إنما يستند إلى الحق المخول لمأمور
الضبط القضائي بالمادة 47 من القانون المشار إليه ولأن تقييد نطاق تطبيقها - ونصها
عام - يؤدى إلى نتائج تتأثر بها العدالة عندما تقتضى الظروف المحيطة بالحادث - كما
هو الحال في الدعوى الماثلة أن لا يتقاعس المأمور عن واجب فرضه عليه القانون وخوله
الحق في استعماله وهو أمر لم يخطئ الحكم تقديره. ويكون الاستشهاد في الدعوى بما
أسفر عنه التفتيش كدليل على الطاعن صحيحاً في القانون، هذا ولم يجعل القانون حضور
المتهم شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش في أحوال التلبس. ولم يثر الطاعن أمام محكمة
الموضوع أمر إسهام ضابط آخر غير مختص محلياً بإجراء التفتيش، ومن ثم فلا يقبل منه التحدي
به لأول مرة أمام محكمة النقض. أما ما يثيره بشأن بطلان إجراءات تحريز المضبوطات
وفقاً لما نصت عليه المواد 55 و56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية، فمردود بما
استقر عليه قضاء محكمة النقض من أن هذه الإجراءات قصد بها تنظيم العمل ولم يرتب
القانون على مخالفتها أي بطلان وترك الأمر فيها إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة
الدليل وأن الإحراز المضبوطة لم يصل إليها أي عبث ولا تثريب على المحكمة إن هي
التفتت عن الرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد ما دام أنه دفاع ظاهر البطلان وبعيد
عن محجة الصواب، هذا فضلاً عن أن الثابت أن الطاعن والمدافع عنه لم يثر أيهما أمام
محكمة الموضوع أى دفاع في شأن تسليم بعض المضبوطات في الدعوى لابن المجنى عليه منه
قبل أن تعرض على المتهمين أو المدافعين عنهم، ومن ثم فلا يقبل منه إثارة هذا الأمر
لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الواضح أن الحكم قد عرض للتدليل على
توافر علم الطاعن بأن الأشياء المضبوطة لديه متحصلة من جناية القتل العمد المقترنة
التي ارتكبها المتهم الأول بقصد تسهيل السرقة في قوله "ومن حيث أنه عن علم
المتهم الثاني - الطاعن - بأن النقود والمجوهرات والحلى الذهبية متحصلة عن جريمتي
القتل والسرقة التي ارتكبها المتهم الأول - فإنه مستفاد مما سلف البيان أن المتهم الثاني
قد أخفى في منزله الملابس الخاصة بالمتهم الأول وهى ملوثة بالدماء بوضعها في حشية
فوق صيوان الملابس كما أخفى في نفس المكان نقوداً وحلياً ذهبية ومجوهرات تعلق
المجنى عليهما مع علمه بأنها متحصلة من جريمتي القتل وجريمة السرقة التي ارتكبها
المتهم الأول - وهو كما يقرر المتهم الأول ابن عمه ومنزله ببولاق الدكرور أي في مكان
غير بعيد عن مسكنه يحضر إليه في منزله في وقت متأخر من الليل وسترته ملوثة بالدماء
ومحملا بالنقود والجواهر والحلى في الوقت الذى يعلم فيه أن المتهم الأول رقيق
الحال يعانى من الفقر والحاجة والديون وما كان له أن يمتلك مثل تلك
المسروقات"، وما أورده الحكم كاف وسائغ في استخلاص علم الطاعن بأن الأشياء التي
دين بإخفائها متحصلة من جناية القتل سالفة الذكر بما يستوجب مؤاخذته بالعقوبة
المغلظة عملاً بالفقرة الثانية من المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات، ذلك بأن
العلم في جريمة إخفاء الأشياء المسروقة أو المتحصلة عن جريمة بعينها عن بينة بظروفها
المشددة لا يخرج عن كونه مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود واعترافات
المتهمين بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الواقعة وما توحى به ملابساتها،
ولا يقدح في سلامة الحكم خطؤه في بيان درجة قرابة الطاعن بالمتهم الأول في الدعوى
ومدى قرب مسكن كل منهما من مسكن الآخر ما دام ذلك لا يمس جوهر استدلاله، كما أنه
لا عبرة بما يثيره الطاعن من أن المتهم الأول في اعترافه قد نفى عنه العلم بمصدر
الأشياء التى دين بإخفائها لأن ذلك لا يقيد المحكمة - بما لها من سلطة مطلقة في تقدير
أدلة الدعوى والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه وفى أن تستخلص العلم
بالجريمة وظروفها من قرائن الأحوال في الدعوى وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في
تقديره. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن والمتهم الثالث بشأن
انتفاء مسئوليتهما عن التعويض ورد عليه بقوله "فإن مردود بما نصت عليه المادة
169 مدنى من أنه إذ تعدد المسئولون عن فعل ضار كانوا متضامنين في إلزامهم بتعويض
الضرر وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في التعويض
وعلى ذلك ومتى ثبت للمحكمة علم المتهمين الثاني والثالث في جريمة الإخفاء للسرقة كانا
مسئولين مع المتهم الأول الذى ثبتت إدانته الأمر الذى يتعين معه إلزام المتهمين
جميعاً متضامنين بتعويض الضرر الأدبي والمادي الذى لحق المجنى عليهم وفقا للمادة
163 من القانون المدني" وما أورده الحكم فيما تقدم بيانه واضح الدلالة على أن
التضامن بين الطاعن والمتهمين الأول والثالث قاصر على تعويض الضرر الناتج عن جريمة
السرقة التي ارتكبها المتهم الأول وجريمة إخفاء الأشياء المسروقة التي دين بها
الطاعن والمتهم الثالث دون الضرر الناتج عن جناية القتل العمد المقترنة التي استقل
بها المتهم الأول. لما كان ذلك، وكان لا يشترط قانوناً في الحكم بالتضامن على
المسئولين عن التعويض أن يكون الخطأ الذى وقع منهم واحدا بل يكفى أن يكون قد وقع
من كل منهم خطأ ولو كان غير الذى وقع من زميله أو زملائه متى كانت أخطاؤهم مجتمعة
قد سببت للمضرور ضررا واحدا ولو كانت مختلفة أو لم تقع في وقت واحد وترتيباً على
ذلك فإنه ما دام الخطأ الذى يقع من السارق بفعل السرقة يتلاقى في نتيجته مع الخطأ
الذى يقع ممن يخفى المسروق بالنسبة للمال الذى يقع عليه فعل الإخفاء ويتلاقى معه
في الضرر الذى يصيب المضرور بحرمانه من ماله، فإن الحكم إذ لزم الطاعن باعتباره
مخفياً لجانب من الأموال المسروقة بأن يدفع مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت
بالتضامن مع السارق يكون قد أصاب الحق ولم يخطئ في شيء. لما كان كل ما تقدم، فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن النيابة العامة
وإن كانت قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملا بنص
المادة 46 من القانون رقم 57 سنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
بعد ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون إلا أن تجاوز
الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه
المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول ...... قد بين
واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دانه بها وأورد على
ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح في تحقيقات النيابة العامة ومن أقوال
شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وتقارير المعامل الكيماوية وكلها مردودة إلى
أصولها الثابتة في الأوراق وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها)، كما استظهر الحكم نية
القتل وظرفي الاقتران والارتباط على ما هما معرفان به في القانون، وتناول الدفع
ببطلان الاعتراف المعزو إلى المحكوم عليه ودحضه في منطق سائغ، وجاء الحكم خلواً من
مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون
ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير
ما انتهى إليه الحكم بالنسبة إلى المحكوم عليه فإنه، يتعين قبول عرض النيابة
وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق