جلسة 24 إبريل سنة 1952
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل
المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك
ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
----------------
(142)
القضية رقم 126 سنة 20 قضائية
) أ )
صلح.
حصوله من وصي دون إذن من المجلس الحسبي. تضمن الصلح إقراراً من الوصي
بأن العقد موضوع الدعوى هو عقد رهن وليس عقد بيع وفائي على خلاف ظاهر نصوصه وبحق
الطرف الآخر في فسخه. الحكم ببطلان هذا الصلح لعدم الإذن به من المجلس الحسبي. لا
خطأ فيه.
(ب) أهلية.
جزاء مخالفة حكم المادة 21 من قانون المجالس الحسبية. هو بطلان
التصرف وفقاً للمادة 131 مدني قديم.
(ج) صلح.
إقرار الوصي بأن عقد بيع الوفاء موضوع النزاع هو عقد رهن على خلاف
ظاهر نصوصه وبحق الطرف الآخر في فسخه. هذا تنازل عن حق متنازع عليه. عدم جواز ذلك
للوصي دون إذن من المجلس الحسبي.
---------------
(1)متى
كانت المحكمة قد قررت أن المجلس الحسبي لم يأذن للوصيين بمباشرة الصلح الذي تم
بينهما وبين الطاعن والذي سلما فيه بطلبه فسخ العقد المحرر بينه وبين مورث المطعون
عليهم على أساس أنه عقد رهن فإن في هذا الذي قررته ما يكفي لحمل قضائها بإبطال هذا
الصلح وفقاً للمادة 21 من قانون المجالس الحسبية. أما ما ورد في الحكم في خصوص
العقد المشار إليه واعتباره عقد بيع وفائي صار بيعاً باتاً لا عقد رهن فهو من قبيل
التزيد الذي استطردت إليه المحكمة دون أن تكون في حاجة إليه ودون أن يؤثر على
سلامة النتيجة التي انتهت إليها، ذلك بأنه متى كان العقد المذكور هو بحسب ظاهره
عقد بيع وفائي فيكون الصلح الذي يقصد به اعتباره عقد رهن قابلاً للإبطال إذا لم
يكن مأذوناً به من المجلس الحسبي، وما دام نطاق الدعوى كان محصوراً في هذا الطلب
فيكون التعرض لما عداه غير لازم للفصل فيها.
(2)أنه
وإن كان لم يرد في المادة 21 من قانون المجالس الحسبية نص صريح على إبطال التصرفات
الواردة فيها إذا ما باشرها الأوصياء بدون إذن من المجلس الحسبي إلا أنه لما كان
الأمر في هذه الحالة متعلقاً بأهلية ناقصة وقد أوجب القانون إذن المجلس الحسبي
لتكملتها فيسري عليها بغير حاجة إلى نص خاص حكم المادة 131 من القانون المدني
(القديم) الذي يقضي بأن مجرد نقص الأهلية موجب لإبطال المشارطة حتى ولو تجردت من
أي ضرر أو غبن بالقاصر.
(3)متى
كان عقد الصلح قد اشتمل على تسليم الوصي باعتبار العقد المحرر بين الطاعن ومورث
المطعون عليهم عقد رهن لا عقد ببيع وفائي خلافاً لظاهره فيكون صحيحاً ما قررته
المحكمة من أنه قد تضمن نزولاً عن حق متنازع عليه لا تخالصاً عن دين.
الوقائع
في يوم 29 من إبريل سنة 1950 طعن بطريق النقض في
حكم محكمة أسيوط الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر في 5 من فبراير سنة 1950 في
الاستئناف رقم 349 سنة 1948 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً
وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بتأييد الحكم الصادر من محكمة
أبو تيج الجزئية في القضية رقم 2261 سنة 1945 واحتياطياً إحالة القضية على محكمة
أسيوط الابتدائية بهيئة استئنافية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون
عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع الدرجات. وفي 2 و3 و7 من مايو سنة
1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 15 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان
المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب
الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 5 من يونيه سنة 1950 أودع المطعون عليهم الثلاثة
الأولون مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن
بالمصروفات وفي 18 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد ولم تقدم المطعون عليها الرابعة
دفاعاً. وفي 17 من فبراير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول
الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليهم الثلاثة الأولين وعدم قبوله بالنسبة للمطعون
عليها الرابعة ورفضه موضوعاً وإلزام الطعن بالمصروفات. وفي 10 من إبريل سنة 1952
سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعن والمطعون عليهم
الثلاثة الأولين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. إلخ.
المحكمة
من حيث إن وقائع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون
فيه تتحصل، حسبما يستفاد منه ومن سائر الأوراق المقدمة من الطعن، في أن الطاعن
(حنا زخاري سيداروس) أقام في 23 من فبراير سنة 1938 الدعوى رقم 2499 سنة 1938
محكمة أبي تيج الجزئية على خير روفائيل سدراك بصفته وصياً على أنور وكمال وأوجيني
وطلعت وماتيلده أولاد شاكر روفائيل (المطعون عليهم الأول والثاني والثالثة
بصفتهما) وعلى المطعون عليها الرابعة (أماليا زخاري) عن نفسها وبصفتها وصية على
سدراك وثريا ولدي شاكر روفائيل وقال بياناً لها أو مورثه (حنا زخاري) رهن إلى مورث
المطعون عليهم (شاكر روفائيل) 16 ط مقابل مبلغ 50 ج بموجب عقد حرر في 31 من ديسمبر
سنة 1932 وسجل في 2 من يناير سنة 1933 وصيغ في صورة عقد بيع وفائي حددت فيه مدة
خمس سنوات لاسترداد المبيع وأنه دفع إلى المورث حال حياته مبلغ 30 ج على ما هو
ثابت بمذكرة حررها بخطه وذكرت بمحضر جرد تركته وأنه عرض على الوصيين المشار إليهما
المبلغ الباقي ومقداره 20 ج ولكنهما رفضا تسلمه ولذلك طلب الحكم بفسخ عقد الرهن
السابق ذكره. وبجلسة 5 من سبتمبر سنة 1938 قدم الطرفان محضر صلح قضت المحكمة
باعتماده وبجعله في قوة سند واجب التنفيذ. ومما جاء فيه أن الوصيين لا يعارضان
الطاعن في طلباته وأنهما اطلعا على المذكرة المحررة بخط المورث وتحقيقاً مما ذكر
فيها من أنه قبض من الطاعن مبلغ 30 ج وأنهما لذلك تسلما منه المبلغ الباقي ومقداره
20 ج. وفي 17 من سبتمبر سنة 1945 أقام المطعون عليهم الثلاثة الأولون الدعوى رقم
2261 سنة 1945 محكمة أبي تيج الجزئية على الطاعن بطلب الحكم ببطلان محضر الصلح
المذكور استناداً إلى أنه صدر من الوصيين بتواطئهما مع الطاعن وبدون إذن من المجلس
الحسبي. وفي 29 من نوفمبر سنة 1947 قضت المحكمة برفض الدعوى بناء على أسباب تتحصل
في أن العقد الصادر من الطاعن إلى مورث المطعون عليهم هو على أحسن الفروض عقد بيع
وفائي احتفظ فيه بحقه في استرداد المبيع مقابل رد الثمن إلى المشتري خلال خمس
سنوات وهو ما قام به إذ دفع إلى المورث مبلغ 30 ج، كما ثبت من التحقيق الذي أجراه
عضو المجلس الحسبي ومحضر جرد التركة، وإذ دفع إلى الوصيين مبلغ 20 ج وأقرا بتسلمه
منه وأنه يبين من ذلك أن الاتفاق المقول بأنه محضر صلح لم يتضمن أي نزول عن حقوق
القصر وإنما هو تخالص عن دين للمورث وأنه لما كان الوصي يملك التخالص عن الديون
بغير حاجة إلى اعتماد من المجلس الحسبي فتكون الدعوى على غير أساس، واستأنف
المطعون عليهم الثلاثة الأولون هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 349 سنة 1949 محكمة
أسيوط الابتدائية التي قضت بهيئة استئنافية في 5 من فبراير سنة 1950 بإلغائه
وبطلان محضر الصلح على أن الوصيين لا يعارضان الطاعن في دعواه أي الدعوى رقم 2499
سنة 1938 - وكان يبين من صحيفة هذه الدعوى أنه طلب فيها الحكم بفسخ عقد الرهن
مقابل قيامه بدفع مبلغ 20 ج وكان الثابت بهذا العقد أنه ليس بعقد رهن وإنما هو عقد
بيع وفائي لمدة خمس سنوات وكان الطاعن لم يرفع دعواه إلا بعد فوات هذه المدة فيكون
الصلح الذي أجراه الوصيان قد تضمن تسليماً منهما بدعوى الطاعن بأن العقد هو عقد
رهن وليس عقد بيع وفائي وبحقه في طلب فسخه مقابل المبلغ الذي دفعه إليهما كما يكون
هذا الصلح قد احتوى على نزول صريح من الوصيين عن حق التمسك بالعقد على اعتبار أنه
عقد بيع وفائي انتهت مدة الاسترداد المحددة فيه وصار بيعاً باتاً منجزاً ناقلاً
للملك لسبق تسجيله ولذلك يكون في غير محله ما ذهبت إليه محكمة الدرجة الأولى من
أنه ليس إلا مجرد تخالص عن دين، وأنه لما كانت المادة 20 من قانون المجالس الحسبية
رقم 99 لسنة 1947 - وهي المقابلة للمادة 21 من قانون المجالس الحسبية السابق - قد
نصت على أنه لا يجوز للوصي أن يباشر الصلح بإذن من المحكمة الحسبية وكان الثابت أن
المجلس الحسبي لم يأذن بالصلح الذي باشره الوصيان مع الطاعن فيكون هذا الصلح
باطلاً وكذلك الحكم الذي قضى باعتماده في الدعوى رقم 2499 سنة 1938 م. وقد قرر
الطاعن الطعن بطريق النقض في الحكم المذكور.
ومن حيث إن المطعون عليهم الثلاثة الأولين والنيابة العامة دفعوا
بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى المطعون عليها الرابعة بناء على أنها لم تختصم
في الدعوى في درجتيها الابتدائية والاستئنافية.
ومن حيث إن هذا الدفع في محله لما هو ثابت بالأوراق من عدم اختصام
المطعون عليها الرابعة في الدعوى فيتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة
إليها.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى باقي المطعون
عليهم.
ومن حيث إنه بني على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه قد
شابه القصور من ناحيتين (الأولى) إذ قرر أن العقد المحرر في 31 من ديسمبر سنة 1932
ليس بعقد رهن وإنما هو عقد بيع وفائي صار باتاً بمضي مدة الاسترداد المحددة فيه
وعدم قيام الطاعن خلالها بدفع الثمن إلى المشتري، وذلك استناداً إلى ما استخلصته
المحكمة من مراجعة التواريخ ليس إلا - مع أن تقرير ما إذا كان عقد البيع الوفائي
يخفي هنا أم لا يستلزم البحث في أسس أخرى منها تعرف حقيقة قيمة المبيع واستظهار
نية الطرفين التي وضحت من قبض المورث حال حياته مبلغ 30 ج من الثمن الوارد في
العقد، ولكن المحكمة لم تعن ببحث هذه الأسس مع أهميتها وما يترتب عليها من تغيير
وجه الرأي في الدعوى (والناحية الثانية) إذ لم تلق المحكمة بالاً إلى واقعة جوهرية
استند إليها الطاعن في دفاعه هي قبض المورث مبلغ 30 ج السالف الذكر، وذلك على
الرغم من أن محكمة الدرجة الأولى أخذت بها وقالت بثبوتها من تحقيق عضو المجلس
الحسبي ومحضر جرد تركة مورث المطعون عليهم.
ومن حيث إن هذا السبب بشقيه مردود بأن فيما اعتمدت عليه المحكمة، من
أن المجلس الحسبي لم يأذن للوصيين بمباشرة الصلح الذي تم بينهما وبين الطاعن والذي
سلما فيه بطلبه فسخ العقد المحرر بينه وبين مورث المطعون عليهم في 31 من ديسمبر
سنة 1931 على أساس أنه عقد رهن، ما يكفي لحمل قضائها بإبطال هذا الصلح وفقاً
للمادة 21 من قانون المجالس الحسبية: أما ما ورد في الحكم في خصوص العقد المشار
إليه واعتباره عقد بيع وفائي صار بيعاً باتاً لا عقد رهن فهو من قبيل التزيد الذي
استطردت إليه المحكمة دون أن تكون في حاجة إليه ودون أن يؤثر على سلامة النتيجة
التي انتهت إليها، ذلك أنه متى كان العقد المذكور هو بحسب ظاهره عقد بيع وفائي
فيكون الصلح الذي يقصد به اعتباره عقد رهن قابلاً للإبطال إذا لم يكن مأذوناً به
من المجلس الحسبي، وما دام نطاق الدعوى كان محصوراً في هذا الطلب فيكون التعرض لما
عداه غير لازم للفصل فيها: ولذلك يكون أيضاً غير منتج فيها ما نعاه الطاعن على
المحكمة من أنها لم تلق بالاً إلى ما تمسك به في دفاعه من أنه دفع إلى المورث حال
حياته مبلغ 30 ج من مبلغ الثمن المذكور بالعقد، ولاسيما أنه يبين من الأوراق أن
المطعون عليهم الثلاثة الأولين ينازعون في دفع المبلغ المذكور وأن عضو المجلس
الحسبي الذي ندب لتحقيق موضوعه أشار برفع أمره إلى القضاء ومن حيث إن السبب الثاني
يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تكييف محضر الصلح - ذلك أن المحكمة وصفته
بأنه نزول عن حق - مع أنه في حقيقته كما ورد بأسباب محكمة الدرجة الأولى ليس إلا
تخالصاً عن دين.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه لما كان الصلح قد اشتمل على تسليم
الوصيين باعتبار العقد المحرر بين الطاعن ومورث المطعون عليهم عقد رهن لا عقد بيع
وفائي خلافاً لظاهره فيكون صحيحاً ما قررته المحكمة من أنه قد تضمن نزولاً عن حق
متنازع عليه لا تخالصاً عن دين.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في
تطبيق القانون ذلك أن المحكمة استندت في قضائها بإبطال محضر الصلح على أن الوصيين
لم يحصلا على إذن من المجلس الحسبي بمباشرته - مع أنه لا بطلان بغير نص، وأن
المادة 21 من قانون المجالس الحسبية الذي تم الصلح في ظله وإن أوجبت على الأوصياء
الحصول على إذن المجلس الحسبي لمباشرة بعض التصرفات ومنها الصلح على حقوق القصر
إلا أنها لم ترتب البطلان جزاء لمخالفتها، في حين أن المادة 131 من القانون المدني
(القديم) نصت على أن مجرد عدم الأهلية موجب لبطلان المشارطة ولو لم يكن فيها ضرر،
وإذ يستفاد من مقارنة المادتين المذكورتين أن المشرع لم يرد أن يجعل التصرفات
المشار إليها باطلة بطلاناً آلياً في حالة عدم الإذن بها من المجلس الحسبي وأن
يشترط لإبطالها أن تكون قد أضرت بمصلحة القصر وأضاعت عليهم حق مشروعاً يحميه
القانون، وهو ما أغفلت المحكمة بحثه مع لزومه في الدعوى.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه وإن كان لم يرد في المادة 21 من
قانون المجالس الحسبية نص صريح على إبطال التصرفات الواردة فيها إذا ما باشرها
الأوصياء بدون إذن من المجلس الحسبي إلا أنه لما كان الأمر في هذه الحالة متعلقاً
بأهلية ناقصة وقد أوجب القانون إذن المجلس الحسبي لتكملتها فيسري عليها بغير حاجة
إلى نص خاص حكم المادة 131 من القانون المدني القديم الذي يقضي بأن مجرد نقص
الأهلية موجب لإبطال المشارطة حتى ولو تجردت من أي ضرر أو غبن بالقاصر.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق