جلسة أول أكتوبر سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد
الديواني، وعبد الحميد محمد الشربيني.
-----------------
(166)
الطعن
رقم 599 لسنة 43 القضائية
مسئولية جنائية. إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع.
"سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية". حكم. "تسبيبه. تسبيب
معيب". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "موانع العقاب"
تقدير حالة المتهم
العقلية. موضوعي. على المحكمة حتى يكون قضاؤها سليما أن تعين خبيراً للبت في هذه
الحالة وجودا وعدما أو أن تورد أسباباً سائغة لقضائها برفض طلب فحص حالة المتهم
العقلية وإلا كان حكمها معيبا.
----------------
تقدير حالة المتهم
العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل
فيها إلا أنه يتعين عليها ليكون قضاؤها سليما أن تعين خبيراً للبت في هذه الحالة
وجوداً وعدماً لما يترتب عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم، فإن لم تفعل كان
عليها أن تورد في القليل أسبابا سائغة تبنى عليها قضاءها برفض هذا الطلب وذلك إذا
ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة - ولما
كان الحكم المطعون فيه قد أسس إطراحه دفاع الطاعن في امتناع عقابه على مجرد كون
الشهادة المقدمة منه تفيد أن تاريخ دخوله المستشفى للعلاج من مرضه العقلي جاء
لاحقا لتاريخ وقوع الفعل المسند إليه، وكان دخول الطاعن المستشفى للعلاج من مرضه العقلي
الثابت بالشهادة المقدمة منه ليس لازمه أن هذا المرض قد بدأ في ذلك الوقت بالذات
وأن الطاعن لم يكن يعانى منه وقت وقوع الفعل، وكان ذلك الدفاع - الذى له ما يسانده
من أوراق الدعوى - يعد جوهريا لأنه ينبني عليه - إذا صح - امتناع عقاب الطاعن عن
الفعل المسند إليه ارتكابه، فإنه كان يتعين على المحكمة حتى يكون حكمها قائما على أساس
سليم أن تحقق ذلك الدفاع عن طريق المختص فنيا للبت في حالة الطاعن العقلية في وقت
وقوع الفعل أو ترد عليه بما ينفيه بأسباب سائغة، أما وهى لم تفعل واكتفت بما قالته
في هذا الشأن، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23 يناير سنة 1970 بدائرة
بندر المحلة الكبرى محافظة الغربية: ضرب عمدا ...... فأحدث به الإصابات الموصوفة
بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته،
وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 236/ 1 من
قانون العقوبات، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 11 يناير سنة
1972 عملا بالمادة 241/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة
سنتين وذلك على اعتبار أنه أحدث بالمجنى عليه جرحا نشأ عنه عجز عن الأشغال الشخصية
مدة تزيد على العشرين يوماً. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
إحداث جرح عمدى نشأ عنه عجز عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً قد شابه
قصور في البيان وفساد في الاستدلال، ذلك بأن محامى الطاعن دفع بامتناع عقاب الأخير
لإصابته وقت ارتكاب الفعل بعاهة في عقله بيد أن المحكمة ردت عليه بما لا يسوغ
إطراحه.
وحيث إن البين من مطالعة
محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع بعدم مسؤوليته لما يعانيه من حالة
مرضية عقلية ثابتة بالأوراق. والبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ عرض لهذا الدفاع
رد عليه بقوله: "أما عن دفعه بعدم مساءلته جنائيا لاجتيازه حالة مرضية
فالثابت من مطالعة الشهادة المقدمة منه وهى صورة شمسية صادر أصلها من محافظة أسيوط
مديرية الشئون الصحية مستشفى الصحة النفسية بأسيوط وتفيد أن المتهم - الطاعن - قيد
بالمستشفى في 7/ 5/ 1970 برقم 1583 وأنه مريض باضطراب عقلي وتاريخ استخراج الشهادة
في 18/ 11/ 1972 وبالتالي يكون ما انتاب المتهم من مرض عقلي لاحق على تاريخ
مقارفته الجريمة إذ أن دخوله لعلاجه في 7/ 5/ 1970 بينما تاريخ ارتكاب الجريمة في 13/
1/ 1970 أي قبل مرضه بخمسة أشهر وبذلك فلا يعتد بتلك الشهادة في حالة
المتهم". لما كان ذلك، وكان تقدير حالة المتهم العقلية وإن كان في الأصل من
المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه يتعين عليها
ليكون قضاؤها سليما أن تعين خبيراً للبت في هذه الحالة وجوداً وعدماً لما يترتب
عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم، فإن لم تفعل كان عليها أن تورد في القليل
أسباباً سائغة تبنى عليها قضاءها برفض هذا الطلب وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال
ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة. لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد أسس إطراحه دفاع الطاعن في صدد امتناع عقابه على مجرد كون الشهادة
المقدمة منه تفيد أن تاريخ دخوله المستشفى للعلاج من مرضه العقلي جاء لاحقاً
لتاريخ وقوع الفعل المسند إليه، وكان دخول الطاعن المستشفى للعلاج من مرضه العقلي
الثابت بالشهادة المقدمة منه ليس لازمه أن هذا المرض قد بدأ في ذلك الوقت بالذات
وأن الطاعن لم يكن يعانى منه وقت وقوع الفعل. ولما كان ذلك الدفاع - الذى له ما
يسانده من أوراق الدعوى - يعد جوهريا لأنه ينبني عليه - إذا صح - امتناع عقاب
الطاعن عن الفعل المسند إليه ارتكابه، فإنه كان يتعين على المحكمة حتى يكون حكمها
قائما على أساس سليم أن تحقق ذلك الدفاع عن طريق المختص فنيا للبت في حالة الطاعن
العقلية في وقت وقوع الفعل أو ترد عليه بما ينفيه بأسباب سائغة، أما وهى لم تفعل
واكتفت بما قالته في هذا الشأن، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه
والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق