جلسة 21 من أكتوبر سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومحمد عبد المجيد
سلامة، وطه الصديق دنانة.
-----------------
(179)
الطعن
رقم 678 لسنة 43 القضائية
(1 و2) تزوير. "محررات عرفية". إثبات. "بوجه عام".
(1) ثبوت
وقوع جريمة التزوير أو الاستعمال. نزول المجنى عليه عن حقوقه المدنية وعن طعنه
بالتزوير، ونزول المتهم عن التمسك بالسند المزور. لا أثر له على وقوع الجريمة.
(2) الطريق
المرسوم للطعن بالتزوير أمام المحاكم المدنية هو طريق خاص بها. ليس في القانون ما
يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه. حريتها في انتهاج السبيل الموصل إلى اقتناعها.
(3)حكم. "تسبيبه. تسبيب
غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد
على أوجه الدفاع القانونية الظاهرة البطلان.
(4)نقض. "المصلحة في الطعن".
ارتباط. عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة".
إدانة الطاعن بجرائم
البلاغ الكاذب والاشتراك في تزوير ورقة عرفية واستعمالها مع علمه بذلك وتطبيق
المادة 32/ 2 عقوبات في حقه ومعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لأى من الجريمتين
الأخيرتين. لا مصلحة له في النعي على الحكم بالنسبة لجريمة البلاغ الكاذب ما دام
أنه أوقع عليه عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث مما يدخل في حدود العقوبة المقررة
لكل من الجريمتين الأخيرتين.
--------------
1 - متى كانت المحكمة قد استخلصت للأسباب السائغة التي أوردتها أن
التوقيع المنسوب إلى المجنى عليها على عقد الزواج المقدم من الطاعن هو توقيع مزور
عليها، ورتبت على ذلك ثبوت واقعة الاشتراك في التزوير في حقه، فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الشأن يعد من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع
التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض. أما ما يتحدى به الطاعن من أن المجنى
عليها نزلت عن حقوقها المدنية وعن الطعن بالتزوير ونزل هو عن التمسك بالورقة، وما
يترتب على ذلك من وجوب اعتبارها صحيحه، فإن ذلك مردود بأن ما جاء في القانون من
حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية
حيث عينت الأدلة ووضعت أحكام لها وألزم القاضي بأن يجرى في قضائه على مقتضاها
والطريق المرسوم للطعن بالتزوير أمام المحاكم المدنية هو طريق خاص بها، وليس في القانون
ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه لأنها في الأصل حرة في انتهاج السبيل الموصل
إلى اقتناعها ولم يرسم القانون في المواد الجنائية طريقاً خاصاً يسلكه القاضي في تحرى
الأدلة.
2 - من المقرر أنه متى وقع التزوير أو الاستعمال فإن نزول المجنى
عليه عن حقوقه المدنية وعن طعنه بالتزوير ونزول المتهم عن التمسك بالسند المزور لا
أثر له على وقوع الجريمة.
3 - لا تلتزم محكمة الموضوع بالرد على أوجه الدفاع القانونية
الظاهرة البطلان، ولا يعتبر سكوتها عنها إخلالا بحق الدفاع ولا قصورا في حكمها.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم البلاغ الكاذب
والاشتراك في تزوير ورقة عرفية واستعمالها مع علمه بذلك وطبق في حقه حكم الفقرة
الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهى المقررة
لأى من هاتين الجريمتين الأخيرتين، فإنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم قصوره
أو إخلاله بحق الدفاع بالنسبة لجريمة البلاغ الكاذب ما دام أنه أوقع عليه عقوبة
واحدة عن الجرائم الثلاث مما يدخل في حدود العقوبة المقررة لكل من الجريمتين
الأخيرتين.
الوقائع
أقامت المدعية بالحقوق المدنية...... دعواها بالطريق المباشر أمام
محكمة المنشية الجزئية ضد الطاعن وآخر متهمة إياهما بأنهما في يوم 12 نوفمبر سنة
1967 بدائرة قسم المنشية محافظة الإسكندرية. الأول (أولاً) أبلغ كذباً مع سوء
القصد إلى نيابة باب شرقي ضدها بأمور لو صحت لاستوجبت عقاب فاعلها بأن نسب إليها
أنها جمعت بين زوجين في وقت واحد وأبرمت عقد زواج عرفي بتاريخ أول سبتمبر سنة 1967
مع آخر حالة كونها زوجة له في ذلك الوقت (ثانياً) في الفترة من 9 نوفمبر سنة 1967
إلى 4 يناير سنة 1968 ( أ ) اشترك مع آخر مجهول في تزوير محرر عرفي بطريق الاصطناع
بأن نسب إلى المدعية بالحقوق المدنية أنها وقعت على عقد عرفي مؤرخ أول سبتمبر سنة
1967 يفيد زواجها بشخص آخر وذلك بطريق الاتفاق مع شخص مجهول على تحرير العقد ووقع
بإمضاء مزور عليه نسب إلى المدعية بالحق المدني فوقعت الجريمة بناء على هذا
الاتفاق (ب) استعمل الورقة المزورة سالفة الذكر بأن قدمها كمستند له في قضية
الاستئناف رقم 768 سنة 1967 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 4/ 5/ 1968 مع
علمه بتزويرها. (ثالثاً) في يوم 27 نوفمبر سنة 1967 حرض المتهم الثاني على تقديم
بلاغ كاذب ضد المدعية بالحقوق المدنية وبقصد الإساءة إليها يتهمها فيه بأنها تقوم
بأعمال التجسس ضد مصلحة البلاد - المتهم الثاني: في يوم 27 نوفمبر سنة 1967 أبلغ
كذباً بقصد الإساءة إلى الرقابة الإدارية ضد المدعية بالحقوق المدنية بأنها تخابر
الأعداء وتقوم بأعمال التجسس ضد مصلحة البلاد. وطلبت عقابهما بالمواد 41 و42 و43
و205 و303 و305 من قانون العقوبات وإلزامهما بأن يدفعا لها متضامنين مبلغ 51
جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات وأتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة
قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام (أولاً) بحبس المتهم الأول شهرين مع الشغل عن
تهمة البلاغ الكاذب وتهمتي الاشتراك في التزوير واستعمال المحرر العرفي وكفالة
عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. (ثانياً) بحبسه شهراً واحداً مع الشغل عن تهمة الاشتراك
مع المتهم الثاني فيما نسب إليه وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ. (ثالثاً) بحبس
المتهم الثاني شهراً مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ عما نسب إليه.
(رابعاً) بإلزام المتهمين على سبيل التعويض المؤقت بطريق التضامن بأن يؤديا
للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها ومصروفات الدعوى المدنية وخمسة
جنيهات مقابل أتعاب المحاماة بلا مصروفات جنائية. فاستأنف المتهمان هذا الحكم.
ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للمتهم الثاني
وغيابياً للمتهم الأول في 7 مايو سنة 1970 بقبول الاستئنافين شكلاً، وفى الموضوع
برفضهما وتأييد الحكم المستأنف بشقيه الجنائي والمدني وألزمت المتهمين بالمصاريف
المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فعارض المتهم الأول في هذا الحكم
وقضى في معارضته بتاريخ 30 مارس سنة 1972 بقبولها شكلاً وفى الموضوع (أولاً)
بالنسبة للدعوى الجنائية - برفض المعارضة وتأييد الحكم المعارض فيه بالنسبة
للمتهمين الأول والثاني وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم
على أن يكون الإيقاف شاملاً لكافة الآثار الجنائية المترتبة على الحكم وبإلغاء
الحكم المعارض فيه بخصوص التهمة الثالثة وببراءة المتهم منها بلا مصاريف جنائية
(ثالثاً) وبالنسبة للدعوى المدنية بإلغاء الحكم المعارض فيه والحكم المستأنف
وبإثبات ترك المدعية بالحقوق المدنية لدعواها وألزمتها المصاريف عن الدرجتين. فطعن
المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم البلاغ
الكاذب والاشتراك في تزوير ورقة عرفية واستعمالها، قد شابه قصور في التسبيب وإخلال
بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن تمسك في مذكرته بأن الشخص الذى
ذهبت المحكمة إلى أنه شخص وهمى هو في الواقع شخص حقيقي، وقدم تأييداً لذلك مستندين
إلا أن المحكمة أغفلت الرد على هذا الدفاع فلم تسقطه حقه إيرادا له وردا عليه، كما
تمسك الطاعن بإقرار قدمه موقع عليه منه ومن المجنى عليها أقرت فيه بنزولها عن
حقوقها المدنية وعن الطعن بالتزوير، كما نزل عن التمسك بتلك الورقة، مما كان لازمه
القضاء ببراءته من تهمة الاشتراك في التزوير عملاً بأحكام الإثبات في المواد
المدنية والتجارية، إذ تصبح الورقة من بعد صحيحة بيد أن المحكمة التفتت عن هذا
الدفاع أيضا، ولم تعرض لأثر هذا النزول على مسئولية الطاعن جنائياً، مما يعيب
الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم
المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمة الاشتراك في التزوير، وأقام عليها في حقه أدلة
مستمدة من أقوال المجنى عليها وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، وهى
أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استخلصت
للأسباب السائغة التي أوردتها أن التوقيع المنسوب إلى المجنى عليها على عقد الزواج
المقدم من الطاعن هو توقيع مزور عليها، ورتبت على ذلك ثبوت واقعة الاشتراك في التزوير
في حقه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يعد من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل
واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض. أما ما
يتحدى به الطاعن من أن المجنى عليها نزلت عن حقوقها المدنية وعن الطعن بالتزوير
ونزل هو عن التمسك بالورقة، وما يترتب على ذلك من وجوب اعتبارها صحيحة، فإن ذلك
مردود بأن ما جاء في القانون من حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام
الإثبات في المواد المدنية والتجارية حيث عينت الأدلة ووضعت أحكام لها وألزم القاضي
بأن يجرى في قضائه على مقتضاها، والطريق المرسوم للطعن بالتزوير أمام المحاكم
المدنية هو طريق خاص بها، وليس في القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه،
لأنها في الأصل حرة في انتهاج السبيل الموصل إلى اقتناعها، ولم يرسم القانون في المواد
الجنائية طريقا خاصا يسلكه القاضي في تحرى الأدلة. ولما كان من المقرر أنه متى وقع
التزوير أو الاستعمال، فإن نزول المجنى عليه عن حقوقه المدنية وعن طعنه بالتزوير
ونزول المتهم عن التمسك بالسند المزور لا أثر له على وقوع الجريمة، وكانت أوجه
الدفاع المبينة بوجه الطعن - في شأن هذه الجريمة - إنما هي من أوجه الدفاع
القانونية الظاهرة البطلان، مما لا تلتزم محكمة الموضوع أصلاً بالرد عليها، ولا
يعتبر سكوتها عنها إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، و كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن
بجرائم البلاغ الكاذب والاشتراك في تزوير ورقة عرفية واستعمالها مع علمه بذلك،
وطبق في حقه حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته
بالعقوبة الأشد وهى المقررة لأى من هاتين الجريمتين الأخيرتين، فإنه لا مصلحة
للطاعن في النعي على الحكم قصوره أو إخلاله بحق الدفاع بالنسبة لجريمة البلاغ
الكاذب ما دام أنه أوقع عليه عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث مما يدخل في حدود
العقوبة المقررة لكل من الجريمتين الأوليين، ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق