جلسة 17 من ديسمبر سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة،
وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وإبراهيم أحمد الديواني، وعبد الحميد
محمد الشربيني، وحسن على المغربي.
----------------
(254)
الطعن
رقم 176 لسنة 43 القضائية
(1)محكمة الإحالة. "الإجراءات أمامها". محكمة الإعادة.
إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" نقض.
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نقض الحكم وإعادة
المحاكمة. إعادته الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور
الحكم المنقوض.
عدم تقيد محكمة الإعادة.
في إعادة تقديرها وقائع للدعوى بحكم النقض ولا بالحكم المنقوض.
عدم جواز مطالبة المحكمة
بالرد على دفاع لم يبد أمامها.
(2، (3 إثبات. "خبرة". "شهود". محكمة الموضوع.
"سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
(2) كفاية
أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني. تطابق الدليلين لا يلزم.
مثال.
(3)المفاضلة بين تقارير
الخبراء. من اختصاص محكمة الموضوع. من حقها الأخذ بالتقرير الطبي الشرعي واطراح
التقرير الاستشاري.
------------------
1 - الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة
الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض، فلا تتقيد بما ورد في الحكم
الأول في شأن تقدير وقائع الدعوى، ولا يقيدها حكم النقض في إعادة تقديرها بكامل
حريتها. ولما كان لا يبين من محضر جلسه المحاكمة أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه
قد أثار أنهما سئلا أمام محكمة الموضوع بشأن تواجده أمام لجنة الانتخابات وقت وقوع
الحادث، ومن ثم فإنه لا يقبل منه أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها.
2 - من المقرر أنه ليس
بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي
غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ولما كان يبين
من مدونات الحكم المطعون فيه أنه وهو في صدد تصوير الواقعة حصل منها أن الطاعنين
تربصوا بالمجنى عليه حتى إذا ما قارب باب منزله أطلقوا عليه عدة مقذوفات نارية من
بنادقهم قاصدين من ذلك قتله ثأراً لمقتل والد وشقيق المتهمين الأول والثاني، وبعد
أن أورد الحكم سائر الأدلة التي قنع بها وراح يعرض لدفاع الطاعنين بقيام التعارض
بين أقوال الشاهد الأول والتقرير الطبي، فقد أبرز من أقوال هذا الشاهد أن المجنى
عليه كان بسبيله لدخول باب مسكنه، وقد اتجه بوجهه إليه، وخلص إلى أن لازم ذلك أن
تصيبه عيارات الظهر الأربعة من الخلف. ولما كان الطاعنون لا يمارون فيما نقله
الحكم المطعون فيه عن الشاهد المذكور ولا فيما أثبته نقلاً عن التقرير الطبي
الشرعي، فقد سلم ما تناهى إليه الحكم المطعون فيه من اطراح دعوى التعارض بين
الدليلين.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تفاضل بين تقارير الخبراء
وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن ذلك أمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل
ولا معقب عليها فيه - ولما كان الثابت أن المحكمة أخذت بتقرير الطبيب الشرعي -
وأطرحت التقرير الاستشاري - للأسانيد التي بني عليها ولما تبينته بنفسها مما يتفق
مع الرأى الذى انتهى إليه، فقد اندفع عن الحكم ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 25 يونيو سنة 1968
بناحية الدبابات مركز أخميم محافظة سوهاج (أولاً) قتلوا..... عمداً مع سبق الإصرار
والترصد وذلك بأن اعتزموا قتله وأعدوا لهذا الغرض بنادق حملوها وتربصوا له في الطريق
أمام متجره وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه الأعيرة النارية من بنادقهم قاصدين من
ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
(ثانياً) أحرزوا أسلحة نارية مششخنة (بنادق) بدون ترخيص. (ثالثاً) أحرزوا ذخيرة
(طلقات) مما تستعمل في الأسلحة النارية سالفة الذكر ولم يكن مرخصا لهم بحملها.
وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231
و232 من قانون العقوبات. والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل
بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم
3 المرفق. فقرر ذلك بتاريخ 17 يونيو سنة 1969. وادعت أرملة المجنى عليه مدنياً
بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين. ومحكمة جنايات سوهاج
قضت حضورياً بتاريخ 27 يناير سنة 1970 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17
و32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة
وذلك عن التهم المسندة إليهم وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعية بالحق المدني
مبلغ قرش صاغ واحد كتعويض مؤقت والمصروفات المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب
المحاماة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بتاريخ 15 فبراير
سنة 1971 بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى
محكمة جنايات سوهاج للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى
المحكمة المشار إليها وقضت فيها من جديد بتاريخ 9 من أبريل سنة 1972 عملا بمواد
الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبإلزامهم
متضامنين بأن يدفعوا للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض
المؤقت والمصروفات المدنية وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهم
في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية ... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة
القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد بجريمتي إحراز أسلحة نارية مششخنة وذخيرة بدون
ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن دفاع
الطاعن الثالث قام على أنه كان موجودا بلجنة الانتخاب وقت وقوع الحادث، وعلى الرغم
من أن الحكم الأول قد نقض لفساد استدلاله في شأن إطراحه لأقوال شاهدي النفي في هذا
الخصوص فإن الحكم المطعون فيه أغفل الإشارة إلى دفاعه هذا، والتفت كذلك عن حكم
النقض ذاته. ثم أن الحكم أخذ بأقوال الشاهد الأول وبما جاء بالتقرير الطبي الشرعي
رغم تعارضهما إذ أثبت التقرير أن تصوير الشاهد الأول للحادث لا يتفق مع الإصابات التي
وجدت بالمجنى عليه ولم يعن الحكم برفع هذا التعارض، كما اطرح الحكم التقرير الاستشاري
الذى قال بأن إصابات المجنى عليه تحدث من مدفع رشاش وليس من بنادق على ما جاء
بالتقرير الطبي الشرعي - بما لا يسيغ إطراحه، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنون
بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من شهادة شاهد الرؤية ومن المعاينة
وتقرير الصفة التشريحية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. لما
كان ذلك، وكان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة
بحالتها التى كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض فلا تتقيد بما ورد في الحكم الأول
في شأن تقدير وقائع الدعوى، ولا يقيدها حكم النقض في إعادة تقديرها بكامل حريتها،
وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه قد أثار
أيهما شيئا أمام محكمة الموضوع بشأن تواجده أمام لجنة الانتخابات وقت وقوع الحادث،
ومن ثم فإنه لا يقبل منه أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل
يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على
الملاءمة والتوفيق، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه وهو في صدد تصوير
الواقعة حصل منها أن الطاعنين تربصوا للمجنى عليه حتى إذا ما قارب باب منزله
أطلقوا عليه عدة مقذوفات نارية من بنادقهم قاصدين من ذلك قتله ثأرا لمقتل والد
وشقيق المتهمين الأول والثاني، وبعد أن أورد الحكم سائر الأدلة التي قنع بها وراح
يعرض لدفاع الطاعنين بقيام التعارض بين أقوال الشاهد الأول والتقرير الطبي، فقد
أبرز من أقوال هذا الشاهد أن المجنى عليه كان بسبيله لدخول باب مسكنه وقد اتجه
بوجهه إليه، وخلص إلى أن لازم ذلك أن تصيبه عيارات الظهر الأربعة من الخلف لما كان
ذلك، وكان الطاعنون لا يمارون فيما نقله الحكم المطعون فيه عن الشاهد المذكور ولا
فيما أثبته نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي فقد سلم ما تناهى إليه الحكم المطعون
فيه من اطراح دعوى التعارض بين الدليلين، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا
الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تفاضل بين
تقارير الخبراء وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن ذلك أمر يتعلق بسلطتها في
تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه - وكان الثابت أن المحكمة أخذت بتقرير الطبيب الشرعي
- وأطرحت التقرير الاستشاري - للأسانيد التي بني عليها ولما تبينته بنفسها مما
يتفق مع الرأي الذى انتهى إليه، فقد اندفع عن الحكم ما يثيره الطاعنون في هذا
الصدد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق