الدعوى رقم 3 لسنة 42 ق "تفسير أحكام" جلسة 2 / 1 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2021م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1442 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 42 قضائية "تفسير أحكام".
المقامة من
رئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية
ضــــد
1- رئيس الجمهوريــــة
2- رئيس مجلــس الـوزراء
الإجـراءات
بتاريخ السادس والعشرين من فبراير سنة 2020، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة تفسير الحكم الصادر في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية" وبيان ما إذا كان هذا الحكم يصلح بذاته سندًا لتنفيذ حكم الإخلاء من عدمه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية أقامت دعواها المعروضة على سند من القول أن المحكمة الدستورية العليا سبق أنْ أصدرت بجلسة 5/5/2018، حكمها في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، القاضي منطوقه، أولاً: بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة " لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكـان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد،... "، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى. ثانيًا : بتحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره. وأضافت الشركة المدعية أن حيثيات الحكم جاء بها مخالفة النص المطعون عليه لمبدأ المساواة، حيث اختص فئة المؤجرين لهذه الأماكن لأشخاص اعتبارية بمعاملة أدنى من أقرانهم المؤجرين لأشخاص طبيعيين، بأن حرم الفئة الأولى من استرداد العين المؤجرة ما بقى الشخص الاعتباري قائمًا عليها، سواء أكان المستأجر شخصًا اعتباريًّا عامًا أم خاصًا، فيصير عقد استئجارها مؤبدًا، حال أن الفئة الثانية من المؤجرين سترد إليهم العين بعد وفاة المستأجر الأصلي أو انتهاء امتداد العقد. وقد ارتأت المحكمة أن تعمل الرخصة المخولة لها، وحددت لإعمال أثر هذا الحكم اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره، وقد انقضى دور الانعقاد، ولم يصدر مجلس النواب تشريعًا لمعالجة هذا الأمر. ومن ثم لا يصح أن يكون الحكم المشار إليه بذاته سندًا لتنفيذ حكم الإخلاء للأسباب الآتية: 1- أن تطبيقه سيخلق نوعًا من عدم تكافؤ الفرص بين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية، لامتداد العقد لورثة الأولين وحدهم. 2- أن حكم المحكمة الدستورية العليا لا يستهدف الإخلاء الفوري للأشخاص الاعتبارية. 3- أن الحكم أشــــار إلى ضرورة تدخل تشريعي. 4- خلو التشريع من حكم ينظم مسألة إيجار الشخص المعنوي لنشاط تجارى. لذلك أقامت الشركة دعواها المعروضة، طالبة تفسير الحكم المشار إليه، استنادًا لنص المادة (192) من قانون المرافعات، ولبيان ما إذا كان هذا الحكم يصلح بذاته سندًا لتنفيذ حكم الإخلاء من عدمه.
وحيث إن المادة (28) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "........تسري على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التى تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها ". كما تنص المادة (51) من ذلك القانون على أن "تسرى على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة، فيما لم يرد به نص في هذا القانون، القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات". ومؤدى ذلك أن نصوص قانون المرافعات – باعتباره الشريعة العامة في إجراءات التقاضي – تسري في شأن المنازعات التي تعرض على المحكمة الدستورية العليا والأحكام والقرارات الصادرة منها، فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون هذه المحكمة، وتُعد تلك النصوص – بهذه المثابة – مندرجة في مضمونه؛ بالقدر الذى لا تتعارض فيه مع طبيعة اختصاصات المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.
وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا خلا من نص ينظم طلبات تفسير الأحكام الصادرة عنها، حين عنى بها قانون المرافعات المدنية والتجارية، فنص في المادة (192) على أنه "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام...."، ومن ثم غدا ذلك النص متممًا لأحكام قانون المحكمة الدستورية العليا في الحـدود التي لا يتعارض فيها مع الأوضاع التي رتبها هذا القانون. وإعمالاً لذلك، اطرد قضاء هذه المحكمة على إجازة اللجوء إليها مباشرة بطلب تفسير أحكامها تفسيرًا قضائيًّا، متى كان الطلب مقدمًا من أحد الخصوم، وهم ذوو الشأن في المنازعة التي صدر فيها الحكم المطلوب تفسيره، وذلك إذا كان الغموض أو الإبهام قد اعترى منطوقه، أو لحق أسبابه المرتبطة بذلك المنطوق ارتباطًا لا يقبل التجزئة.
وحيث إنه ولئن كان صحيحًا أن الخصومة الناشئة عن الدعاوى الدستورية عينية بطبيعتها، وأن للأحكام التي تصدر فيها حجية مطلقة تتعدى أطرافها إلى السلطات قاطبةً وإلى الناس كافةً، فإنه يبقى صحيحًا – في الوقت ذاته وبالدرجة عينها – أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية ليست آراء مجردة غايتها إثراء الفكر القانوني، وإنما هي تصدر بقصد إعمال آثارها، وهو ما تتولاه محكمة الموضوع عند فصلها في النزاع الماثل أمامها على ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا، فإذا ادعى أحد الخصوم أمام محكمة الموضوع – ولم يكن خصمًا في الدعوى الدستورية – غموض حكم صادر عن هذه المحكمة أو انبهامه، وقدرت محكمة الموضوع لزوم إعمال أثر هذا الحكم على النزاع المطروح عليها، كان لها أن تمنح الخصم أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير ذلك الحكم، ولمحكمة الموضوع كذلك، وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق في أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها، أن تطلب من تلقاء نفسها ذلك التفسير من المحكمة الدستورية العليا بحسبان أن غموض قضائها يثير خلافًا حول معناه، ويعوق بالتالي مهمة محكمة الموضوع في شأن إعمال أثره على الواقع المطروح عليها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان طلب التفسير المعروض لم تُحِلْهُ محكمة الموضوع، ولم يسبقه تصريح منها برفعه إلى هذه المحكمة، وإنما قُدّم مباشرة من الشركة المدعية، وهي من غير ذوى الشأن في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، فإن هذا الطلب لا يكون قد اتصل بهذه المحكمة اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة قانونًا، متعينًا – والحالة هذه – القضاء بعدم قبوله.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق