الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 26 فبراير 2021

الطعن 957 لسنة 43 ق جلسة 2 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 228 ص 1112

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى الأسيوطي، ومحمد عادل مرزوق.

-----------------

(228)
الطعن رقم 957 لسنة 43 القضائية

 (1)محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص صورة الدعوى". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". جلب. مواد مخدرة. إثبات. "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغا وأن يقوم دليلها في الأوراق. حق محكمة النقض في مراقبة تأدية الأسباب إلى النتيجة.
مثال لتسبيب غير سائغ على توافر العلم باحتواء الأمتعة المحمولة على مخدر.
 (2)إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات المحاكمة. محاماة.
التعويل في إدانة الطاعن على أقوال طاعن آخر تجعل مقررها شاهد إثبات ضده. استلزام ذلك حتماً فصل دفاع كل منهما عن الآخر وإقامة محام مستقل لكل منهما. علة ذلك.
 (3)دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". محاماة. بطلان. إجراءات المحاكمة.
تفطن المحكمة إلى وجود تعارض بين الدفاع عن متهمين، ندبها مدافعاً مستقلاً عن أحدهما أثناء المرافعة وبعد سماع الشهود. لا يرفع عوار بطلان الإجراءات.

------------------
1 - أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى ومن حق محكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن الأسباب التي أوردتها أن تؤدى إلى النتيجة التي خلصت إليها. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعنين قد تأسس على أن الطاعن التاسع قد أوفدهم إلى بيروت لإحضار بضائع مقابل خمسة عشر جنيها لكل منهم وأنه كلفهم تحقيقاً لهذا الغرض بمقابلة شخص هناك في أحد الفنادق وأنه عقب وصولهم سلم ذلك الشخص كلاً منهم ست علب كرتون بكل منها (كلاكس) وأربع علب أخرى بكل منها (ترانس) وملابس وقطع غيار سيارات وأنهم كانوا يجهلون أن تلك الأجهزة تحوى مخدراً واستدلوا على صدق دفاعهم بما قرره مساعد مأمور الجمرك من أن الإخبارية التي تلقاها في هذا الحادث تنفى عن الطاعنين علمهم بوجود المخدر داخل الأجهزة المضبوطة، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بما مؤداه أن الفرق بين ثمن الكلاكسات في بيروت وثمنها في مصر لا يتناسب البته مع أجر وتكاليف سفر الطاعنين وإقامتهم في بيروت وأن الطاعن الأول تربطه صله نسب بالطاعن التاسع وبأنه ليس من طبيعة عمل مساعد الجمرك إجراء تحريات فضلا عن أنه لم يرشد إلى مصدره السري، فإن هذا الذى أورده الحكم وبرر به اطراحه لدفاع الطاعنين ليس من شأنه أن يؤدى عقلاً ومنطقاً إلى ما رتب عليه ذلك أنه بفرض صحته لا يقتضى بالضرورة ثبوت علم الطاعنين بأن ما يحملونه من أمتعة لحساب شخص آخر تحوى مخدراً لا يقطع وعلى وجه اليقين - بقيام ذلك العلم - وخاصة أنه لم يبين أو يورد سنده في عدم تناسب فرق ثمن الأجهزة مع تكاليف الرحلة أو يضع في اعتباره قيمة ما قاموا بحمله من بضائع أخرى - مع أن الأحكام الصادرة بالإدانة يجب ألا تبنى إلا على حجج قطعية الثبوت وتفيد الجزم واليقين مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ويوجب نقضه.
2 - إذا كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعن التاسع ضمن ما عول عليه - على أقوال الطاعن الأول، وكان مؤدى هذه الأقوال أن تجعل مقررها شاهد إثبات ضد الطاعن (التاسع) فإن ذلك مما كان يستلزم حتماً فصل دفاع كل منهما عن الآخر وإقامة محام مستقل لكل منهما لتعارض مصلحتيهما وحتى تتوافر لكل منهما الحرية الكاملة في الدفاع عن موكله في نطاق مصلحته الخاصة دون غيرها وإذ كان الثابت أن مدافعاً واحداً قد حضر للدفاع عن الطاعنين الأول والتاسع مع قيام هذا التعارض فإن ذلك مما يبطل إجراءات المحاكمة.
3 - لا يرفع عوار حضور مدافع واحد عن متهمين كان من المحتم فصل دفاع كل منهما عن الآخر أن المحكمة قد فطنت أثناء المرافعة وبعد سماع الشهود - إلى وجود ذلك التعارض وندبت مدافعاً مستقلاً للطاعن الأول ذلك بأن الغرض من إيجاب حضور مدافع عن كل متهم بجناية لا يمكن تحقيقه على الوجه الأكمل إلا إذا كان المدافع متتبعاً إجراءات المحاكمة بالجلسة من أولها إلى آخرها بما يكفل له حرية مناقشة الشهود والتعقيب على أقوالهم في حدود مصلحة موكله الخاصة وهو ما لم يتحقق في خصوص هذه الدعوى بما يعيب الحكم بالبطلان في الإجراءات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في يوم 12 نوفمبر سنة 1970 بدائرة قسم الميناء محافظة الإسكندرية. جلبوا إلى أراضي الجمهورية العربية المتحدة جوهراً مخدراً (حشيشاً) دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت إلى مستشار الإحالة أحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 1 و2 و3 و33/ أ و36 و42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم (1) المرفق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً بتاريخ 9 مايو سنة 1972 عملاً بمواد الاتهام مع إضافة المادة الرابعة من القانون السالف الذكر بمعاقبة كل من المتهمين (الطاعنين) بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريم كل منهم خمسة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر والأدوات المضبوطة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون الثمانية الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة جلب مواد مخدرة إلى أراضي الجمهورية. قد شابه فساد في الاستدلال ذلك بأنهم دفعوا بعدم علمهم بأن الأجهزة المضبوطة معهم تحوى مخدراً واستندواً في تأييد دفاعهم إلى ما قرره مساعد مأمور الجمرك من أن الإخبارية التي تلقاها تنفى عنهم العلم بوجود المخدر داخل قطع الغيار المضبوطة معهم - إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع بما لا يصلح ردا.
وحيث إنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن يستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة إلا أن ذلك مشروط أن يكون هذا الاستخلاص سائغا وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى، ومن حق محكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن الأسباب التي أوردتها أن تؤدى إلى النتيجة التي خلصت إليها. لما كان ذلك، وكان دفاع هؤلاء الطاعنين قد تأسس على أن الطاعن التاسع قد أوفدهم إلى بيروت لإحضار بضائع مقابل خمسة عشر جنيهاً لكل منهم وأنه كلفهم تحقيقاً لهذا الغرض بمقابلة شخص هناك في أحد الفنادق وأنه عقب وصولهم سلم ذلك الشخص كلا منهم ست علب كرتون بكل منها (كلاكس) وأربع علب أخرى بكل منها (ترانس) وملابس وقطع غيار سيارات، وأنهم كانوا يجهلون أن تلك الأجهزة تحوى مخدراً، واستدلوا على صدق دفاعهم بما قرره مساعد مأمور الجمرك من أن الإخبارية التى تلقاها في هذا الحادث تنفى عن الطاعنين علمهم بوجود المخدر داخل الأجهزة المضبوطة، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بما مؤداه أن الفرق بين ثمن الكلاكسات في بيروت وثمنها في مصر لا يتناسب البته مع أجر وتكاليف سفر الطاعنين وإقامتهم في بيروت، وأن الطاعن الأول تربطه صلة نسب بالطاعن التاسع وبأنه ليس من طبيعة عمل مساعد الجمرك إجراء تحريات فضلاً عن أنه لم يرشد إلى مصدره السري، فإن هذا الذى أورده الحكم وبرر به إطراحه لدفاع الطاعنين ليس من شأنه أن يؤدى عقلاً ومنطقاً إلى ما رتب عليه، ذلك أنه بفرض صحته لا يقتضى بالضرورة ثبوت علم الطاعنين بأن ما يحملونه من أمتعة لحساب شخص آخر تحوى مخدراً ولا يقطع - وعلى وجه اليقين - بقيام ذلك العلم - وخاصة أنه لم يبين أو يورد سنده في عدم تناسب فرق ثمن الأجهزة مع تكاليف الرحلة أو يضع في اعتباره قيمة ما قالوا بحمله من بضائع أخرى - مع أن الأحكام الصادرة بالإدانة يجب ألا تبنى إلا على حجج قطعية الثبوت وتفيد الجزم واليقين مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ويوجب نقضه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن التاسع (.......) على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة جلب المخدر، قد شابه بطلان في الإجراءات ذلك بأن محامياً واحداً حضر معه ومع الطاعن الأول منذ بدء إجراءات المحاكمة مع تعارض مصلحتهما في الدفاع، ولم تفطن المحكمة إلى قيام هذا التعارض إلا بعد انتهاء الجانب الأكبر من تلك الإجراءات مما كان لازمة أن تعيدها من جديد حتى تتاح لمحاميه حرية مناقشة الشهود والتعقيب على أقوالهم في نطاق مصلحته الخاصة دون غيرها.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة هذا الطاعن - ضمن ما عول عليه - على أقوال الطاعن الأول، وكان مؤدى هذه الأقوال أن تجعل مقررها شاهد إثبات ضد الطاعن (التاسع) فإن ذلك مما كان يستلزم حتماً فصل دفاع كل منهما عن الآخر وإقامة محام مستقل لكل منهما لتعارض مصلحتهما وحتى تتوافر لكل منهما الحرية الكاملة في الدفاع عن موكله في نطاق مصلحته الخاصة دون غيرها. وإذ كان الثابت أن مدافعا واحدا قد حضر للدفاع عن الطاعنين الأول والتاسع مع قيام هذا التعارض، فإن ذلك مما يبطل إجراءات المحاكمة. ولا يرفع هذا العوار أن المحكمة قد فطنت - أثناء المرافعة وبعد سماع الشهود - إلى وجود ذلك التعارض وندبت مدافعاً مستقلاً للطاعن الأول، ذلك بأن الغرض من إيجاب حضور مدافع عن كل متهم بجناية لا يمكن تحقيقه على الوجه الأكمل إلا إذا كان المدافع متتبعاً إجراءات المحاكمة بالجلسة من أولها إلى آخرها بما يكفل له حرية مناقشه الشهود والتعقيب على أقوالهم في حدود مصلحة موكله الخاصة وهو ما لم يتحقق في خصوص هذه الدعوى بما يعيب الحكم بالبطلان في الإجراءات. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إلى جميع الطاعنين دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن المقدمة منهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق