الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 فبراير 2021

الطعن 657 لسنة 43 ق جلسة 4 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 234 ص 1139

جلسة 4 ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد الديواني، وحسن على المغربي.

-----------------

(234)
الطعن رقم 657 لسنة 43 القضائية

 (1)نقض. "الحكم في الطعن" طعن. "الحكم فيه". محكمة الإعادة. 
عدم جواز إضارة الطاعن بطعنه. مخالفة محكمة الإعادة ذلك. خطأ في تطبيق القانون يوجب نقضه جزئياً وتصحيحه بمعاقبة الطاعن بالعقوبة الواردة في الحكم الأول. المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
 (2)عقوبة. "تقديرها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير العقوبة". نقض. "الطعن لثاني مرة". مواد مخدرة.
تقدير العقوبات. من إطلاقات قاضى الموضوع. شرط ذلك. إلمام المحكمة بظروف الدعوى والمراحل التي سلكتها. وما تم فيها من إجراءات إلماما صحيحا. مثال لخطأ المحكمة في تقدير عقوبة في جريمة إحراز مخدر.
عدم التزام المحكمة عند نظر الطعن بالنقض لثاني مرة بتحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.
 (3)تلبس. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير قيام حالة التلبس". مواد مخدرة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حالة التلبس بالجريمة. شروط قيامها؟ مثال لحالة تلبس بإحراز مخدر.
 (4)نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محاولة التشكيك في صدق رواية شهود الإثبات. جدل موضوعي. عدم جواز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
 (5)إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تولى أحد المحامين الدفاع عن الطاعن ومتهم آخر مع انفراد كل منهما بالدفاع عنه أكثر من محام تسنى له أن يبدى ما يعن له من أوجه الدفاع في نطاق مصلحة موكله الخاصة دون غيرها. انتفاء مظنة الإخلال بحق أيهما في الدفاع.
( 6، 7 ) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "معاينة". تحقيق "إجراءاته".
 (6)الجدل بالنسبة لنتيجة المعاينة التي قامت بها المحكمة أو بالنسبة لتحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة. جدل موضوعي يستقل به قاضى الموضوع.
 (7)المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها. جدل موضوعي. عدم جواز الخوض فيه أمام محكمة النقض.

----------------
1 - متى كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن محكمة الجنايات بهيئة سابقة أصدرت حكمها بمعاقبة المحكوم عليه الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه والمصادرة فقرر وحده بالطعن بالنقض في الحكم المذكور دون النيابة العامة التي قصرت طعنها على المحكوم عليه الثاني المقضي ببراءته. وقد قضت محكمة النقض بقبول الطعنين ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة. ومحكمة الجنايات بهيئة مغايرة قضت بحكمها المطعون فيه بمعاقبة المحكوم عليه الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه والمصادرة. ولما كان نقض الحكم السابق - بالنسبة للمحكوم عليه الأول - حاصلاً بناء على طلبه وحده دون النيابة العامة، مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، فإن نعى النيابة العامة يكون في محله مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بمعاقبة المحكوم عليه الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه بالإضافة إلى عقوبة المصادرة المقضي بها.
2 - إنه وإن كان الأصل أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات قاضى الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون المحكمة - وهى تمارس حقهاً في هذا التقدير - قد ألمت بظروف الدعوى والمراحل التي سلكتها وما تم فيها من إجراءات إلماماً صحيحاً. ولما كانت المحكمة عند تقديرها للعقوبة التي أوقعتها على المحكوم عليه الأول قد غفلت عن أنه ما كان يجوز لها قانوناً أن تتجاوز العقوبة المقضي بها عليه في الحكم الأول المنقوض وهى الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات والغرامة خمسة آلاف جنيه، وقد امتد أثر هذا الخطأ في تطبيق القانون الذى تردت فيه المحكمة بالنسبة للمتهم المذكور فشمل المحكوم عليه الثاني، مما يتأتى معه أن المحكمة لو كانت تفطنت إلى الحد الأقصى للعقوبة الذى يلزمها القانون بالوقوف عنده بالنسبة للمحكوم عليه الأول - وهو الأصيل في الاتهام ومحور الدعوى المطروحة - لما تجاوزته بالنسبة للمحكوم عليه الثاني ولما أنزلت عليه العقوبة الجسيمة التي أنزلتها، بما يتعين معه قبول هذا الوجه من الطعن ونقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بمعاقبة المحكوم عليه الثاني بعقوبة مماثلة للعقوبة الموقعة على المحكوم عليه الأول وفقاً للتصحيح الذى أجرته هذه المحكمة، وذلك عملاً بالقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون حاجة إلى إعمال المادة 45 من القانون المذكور بتحديد جلسة لنظر الموضوع - باعتبار أن الطعن للمرة الثانية - ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضى التعرض لموضوع الدعوى.
3 - من المقرر أنه يكفى لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها، بل يكفى في ذلك تحقق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس متى كان هذا التحقق بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً، يستوى في ذلك أن يكون المخدر ظاهراً أو غير ظاهر، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما شهد به رجال مكتب مكافحة المخدرات من رؤيتهم للمتهمين - وأولهما دلت تحرياتهم على إتجاره في المواد المخدرة وثانيهماً صدر قرار من وزير الداخلية باعتقاله للعلة ذاتها - وبيد كل منهما تربة حشيش يتفحصها بما يكفى لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع جريمة إحراز جوهر مخدر، فإن ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة التلبس - التي يسوغ القبض والتفتيش - يكون صحيحاً في القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.
4 - إن ما يثيره الطاعن من محاولة التشكيك في صدق رواية شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها مما يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيه بغير معقب ولا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
5 - إنه وإن كان يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن أحد المحامين قد تولى الدفاع عن الطاعن والمتهم الآخر إلا أن كلا منهما انفرد بالدفاع عنه أكثر من محام تسنى له أن يبدى ما يعن له من أوجه الدفاع في نطاق مصلحة موكله الخاصة دون غيرها بما تنتفى معه مظنة الإخلال بحق أيهما في الدفاع.
6 - إن ما أثاره الطاعن من جدل سواء بالنسبة لنتيجة المعاينة التي قامت المحكمة بإجرائها أو بالنسبة لتحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضى الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها مما يضحى معه النعي على الحكم في هذا الوجه من الطعن بشقيه في غير محله.
7 - المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها لا تخرج عن كونه جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في ليلة 21 مارس سنة 1971 بدائرة قسم قصر النيل محافظة القاهرة: (أولاً) المتهمين الأول والثاني حازا وأحرزا جوهراً مخدراً (حشيشاً) بقصد الإتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة أحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 1/1 و2 و34/ أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق. فقرر ذلك في 24 أبريل سنة 1971. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 5 يونيه سنة 1971 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى الأول والمادتين 304 / 1 و281/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمين الثاني والثالث. (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن الأول) بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. (ثانياً) ببراءة كل من المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض، كما طعنت النيابة العامة في الحكم ذاته في خصوص ما قضى به من تبرئة المتهم الثاني، وقضى في الطعنين بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1971 بقبولهما شكلاً، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى المحكمة المشار إليها، وقضت فيها حضورياً بتاريخ 15 مارس سنة 1973 بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالإشغال الشاقة المؤبدة بغرامة عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدر ووسيلة النقل المضبوطتين (السيارة رقم 12818 ملاكي القاهرة). فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية في..... كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض أيضا... إلخ.


المحكمة

(أولاً) تقرير الأسباب المقدم من النيابة العامة.
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون، إذ غلظ العقوبة التي قضى بها على المحكوم عليه الأول..... عما حكم به عليه الحكم الأول المنقوض رغم أنه هو وحده الذى طعن بالنقض في الحكم المذكور ولم تطعن فيه النيابة العامة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن محكمة الجنايات بهيئة سابقة أصدرت حكمها في الدعوى الحالية بتاريخ 15 من يونيو سنة 1971 بمعاقبة المحكوم عليه الأول..... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه والمصادرة، فقرر وحده بالطعن بالنقض في الحكم المذكور دون النيابة العامة التى قصرت طعنها على المحكوم عليه الثاني المقضي ببراءته. وقد قضت محكمة النقض بقبول الطعنين ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة. ومحكمة الجنايات بهيئة مغايرة قضت بتاريخ 15 من مارس سنة 1973 بحكمها المطعون فيه بمعاقبة المحكوم عليه الاول بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه والمصادرة. لما كان ذلك، وكان نقض الحكم السابق - بالنسبة للمحكوم عليه الأول - حاصلاً بناء على طلبه وحده دون النيابة العامة، مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 فإن نعى النيابة العامة يكون في محله بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بمعاقبة المحكوم عليه الأول..... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه بالإضافة إلى عقوبة المصادرة المقضي بها.
(ثانياً) تقريراً الأسباب المقدمان من المحاميين عن المحكوم عليه الثاني.
حيث إن مبنى الأوجه الثلاثة الأول من تقرير الأسباب المقدم من الأستاذ..... المحامي والوجه الثالث من تقرير الأسباب المقدم من الأستاذ.... المحامي هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الثاني بجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد الإتجار قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه دان هذا الطاعن مستنداً إلى ما أسفر عنه ضبطه وتفتيشه بناء على إذن باطل لصدوره من رئيس نيابة استئناف القاهرة الذى لا يملك إصداره إلا بندب من المحامي العام وهو ما لم يتم في الدعوى المطروحة، ولا يستقيم القول بأن الواقعة كانت في حالة تلبس لأن مادة الحشيش المضبوطة كانت مغلفة وغير ظاهرة للعيان ولأن ما عول عليه الحكم أخذاً بأقوال شهود الإثبات من أنهم شاهدوا الطاعن أثناء معاينته للمخدرات التي سبق له أن اشتراها من المتهم الأول ودفع ثمنها لا يتفق مع منطق الأمور وخاصة أنهم لم يحددوا مكان وجوده بدقه أثناء تلك المعاينة المقول بها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لصدوره ممن لا يملكه قانوناً ورد عليه انتهى إلى عدم جدوى ما يثيره المتهمان في هذا الخصوص لأن الواقعة في حالة تلبس، وذلك في قوله: "... فإنه مهما كان الرأي بالنسبة لهذين الدفعين فإن المتهمين لا يجديهما أن يلوزا بهما ذلك أن الواقعة التي استقرت في وجدان المحكمة والتي اطمأنت إليها على التفصيل السابق بيانه والمتضمنة أن رجال إدارة مكافحة المخدرات قد شاهدوا المتهمين حين دخولهما إلى مقهى فندق الهيلتون وظلوا يراقبونهما وتتبعوا خطاهما حتى اتجها إلى السيارة رقم 2212 ملاكي القاهرة وشاهدوا عن قرب كلا من المتهمين يتناول بيده من الحقيبة الخلفية لها بعد فتحها طربة من الحشيش يتفحصها فإن الجريمة على هذه الصورة التي استقرت في يقين المحكمة تكون في حالة تلبس مما يجعل جميع إجراءات الضبط والتفتيش التي تمت إجراءات سليمة لها آثارها القانونية الصحيحة. ولا ينال من ذلك ما جاء على لسان الدفاع من أن جميع الطرب كانت مغلفة بالقماش وكل اثنتين منها مغلفتين بورق السلوفان إذ أن شهود الإثبات قد قطعوا بالقول الذى تطمئن إليه المحكمة أن ما كان بيد كل من المتهمين على الوضع الذى شاهدوهما عليه كان (طرب) لمخدر الحشيش...". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفى لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها بل يكفى في ذلك تحقق في تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس متى كان هذا التحقق بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً يستوى في ذلك أن يكون المخدر ظاهراً أو غير ظاهر، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما شهد به رجال مكتب مكافحة المخدرات من رؤيتهم للمتهمين - وأولهما دلت تحرياتهم على إتجاره في المواد المخدرة وثانيهما صدر قرار من وزير الداخلية باعتقاله للعلة ذاتها وبيد كل منهما تربة حشيش يتفحصها بما يكفى لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع جريمة إحراز جوهر مخدر، فإن ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة التلبس - التي تسوغ القبض والتفتيش يكون صحيحاً في القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن من محاولة التشكيك في صدق رواية شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها مما يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيه بغير معقب ولا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض، فإن منعاه على الحكم في هذا الصدد يكون بدوره غير مقبول.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من تقرير الأسباب المقدم من الأستاذ..... المحامي هو الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة سمحت لمحام واحد هو الأستاذ.... بالمرافعة عن كلا المتهمين رغم قيام التعارض بين مصالحهما في الدفاع.
وحيث إنه يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أنه وإن كان الأستاذ..... المحامي قد تولى الدفاع عن الطاعن والمتهم الآخر إلا أن كلاً منهما انفرد بالدفاع عنه أكثر من محام تسنى له أن يبدى ما يعن له من أوجه الدفاع في نطاق مصلحة موكله الخاصة دون غيرها بما تنتفى معه مظنة الإخلال بحق أيهما في الدفاع، ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير ذي وجه.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من تقرير الأسباب المقدم من الأستاذ.... هو القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن أسس دفاعه منذ بدء التحقيق على تكذيب رواية شهود الإثبات في ضبطهم لثلاثة "كراتين" تحوى مخدر الحشيش داخل صندوق السيارة رقم 12818 ملاكي القاهرة التي كان الطاعن يهم بركوبها نظراً لأن صندوق تلك السيارة لا يمكن غلقه وبداخله "الكراتين" المذكورة على النحو الذى أدلى به الشهود في أقوالهم وطلب تحقيقاً لدفاعه من النيابة العامة إجراء معاينة تمت على "كراتين" خالية فلم تحقق المقصود منها مما دعا الحاضر مع الطاعن إلى التصميم أمام المحكمة على طلب إجراء معاينة ثانية بمعرفتها، وقد تمت هذه المعاينة بعد استبدال "الكراتين" الفارغة "بكراتين" ملئت بالأخشاب والحجارة بدلاً من المخدرات المقول بضبطها بداخلها مما جعلها بدورها قاصرة عن الجزم بإمكان احتواء الصندوق لها، خاصة إذا أخذ في الاعتبار أن المعاينة الأخيرة أثبتت أنه لا يمكن إغلاق صندوق السيارة إذا رصت "الكراتين" في وضع معين مما يؤيد دفاع الطاعن، يضاف إلى ذلك ما شاب إحراز المضبوطات من عبث لا يمكن معه القطع بأن "الكراتين" التي قامت عليها المعاينة هي ذاتها تلك التي قيل بضبطها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد دفاع الطاعن الذى يشير إليه في هذا الوجه من أوجه طعنه رد عليه في قوله. "...... أن المعاينة التي أجرتها المحكمة قد أتت على كل ما يثار في هذا الشأن إذ وضح أن الصناديق تتسع لأكثر من المخدر المضبوط وأن السيارة الخاصة بالمتهم الثاني حقيبتها الخلفية تستوعب لأى ثلاثة صناديق ممتلئة من الخمسة الصناديق المضبوطة، أما القول بأن أحد الصناديق كان بوضع جانبي يجعل غطاء فتحته غير محكمة مما يجعل المخدر لا يستقر بداخل الصندوق فإن هذا القول غير سليم، ذلك أن الثابت من المعاينة أن الصندوق الممتلئ على هذا الوضع تكون حافة فتحاته غير مفتوحة لا تدع ما بداخل الصندوق يخرج منه تلقائياً.
وحيث إن ما أثاره الدفاع حول التشكيك في إجراءات التحريز بالنسبة للصناديق الورقية المضبوطة وبالنسبة للمخدر المضبوط فإن المحكمة لا تجد في هذه الإجراءات ما يشكك في سلامتها وتطمئن كل الاطمئنان لما تم بشأنها من إجراءات كفيلة بعدم حصول ثمة عبث بها". وما أورده الحكم فيما تقدم كاف وسائغ للرد على ما أثاره الدفاع عن الطاعن من جدل سواء بالنسبة لنتيجة المعاينة التي قامت المحكمة بإجرائها أو بالنسبة لتحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة وهو لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضى الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها مما يضحى معه النعي على الحكم في هذا الوجه من الطعن بشقيه في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من تقرير الأسباب المقدم من الأستاذ..... المحامي هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم المطعون فيه قضى بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه دون أن يلتفت إلى أنه ما كان يجوز للمحكمة أن تغلظ العقوبة على المتهم الأول عما قضى به عليه الحكم الأول المنقوض، وقد سرى هذا الغلط القانوني الذى وقع فيه الحكم إلى الطاعن ونال من سلامة تقدير العقوبة بالنسبة إليه نظراً لأنه لا يتضح من وقائع الدعوى التي اعتنقها الحكم المطعون فيه أنه أراد أن يميزه وهو فرع تابع للأصل وهو المتهم الأول - بعقوبة أشد خاصة به وحده.
وحيث أنه وإن كان الأصل أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات قاضى الموضوع، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون المحكمة - وهى تمارس حقها في هذا التقدير - قد ألمت بظروف الدعوى والمراحل التي سلكتها وما تم فيها من إجراءات إلماماً صحيحاً. لما كان ذلك، وكانت المحكمة عند تقديرها للعقوبة التي أوقعتها على المتهم الأول قد غفلت عن أنه ما كان يجوز لها قانوناً أن تتجاوز العقوبة المقضي بها عليه في الحكم الأول المنقوض وهى الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات والغرامة خمسة آلاف جنيه. على ما سلف بيانه، وقد امتد أثر هذا الخطأ في تطبيق القانون الذى تردت فيه المحكمة بالنسبة للمتهم المذكور فشمل الطاعن، بما يتأتى معه أن المحكمة لو كانت تفطنت إلى الحد الأقصى للعقوبة الذى يلزمها القانون بالوقوف عنده بالنسبة للمتهم الأول - وهو الأصيل في الاتهام ومحور الدعوى المطروحة - لما تجاوزته بالنسبة للطاعن، ولما أنزلت عليه العقوبة الجسيمة التي أنزلتها، بما يتعين معه قبول هذا الوجه من الطعن ونقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بمعاقبة المحكوم عليه الثاني بعقوبة مماثلة للعقوبة الموقعة على المحكوم عليه الأول وفقا للتصحيح الذى أجرته هذه المحكمة. وذلك عملاً بالقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، دون حاجة إلى إعمال المادة 45 من القانون المذكور بتحديد جلسة لنظر الموضوع - باعتبار أن الطعن للمرة الثانية - ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضى التعرض لموضوع الدعوى.
(ثالثاً) تقرير الأسباب المقدم من الأستاذ..... المحامي عن المحكوم عليهما.
وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من هذا التقرير يطابق في معناه ما جاء في تقرير الأسباب المقدم من النيابة العامة والوجه الرابع من تقرير الأسباب المقدم من الأستاذ.... وقد سبق تناولهما بما لا محل لتكراره.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو القصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بتهمة دفع بتلفيقها ضدهما مستنداً إلى أقوال شهود جاءت متناقضة وإلى معاينة تكذب رواية هؤلاء الشهود.
وحيث إن كل ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه من أوجه طعنهما من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض، فإن منعاهما على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق