الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 فبراير 2021

طلب تفسير حكم المحكمة الدستورية العليا لا يقدم إلا من ذي شأن بمناسبة دعوى موضوعية

الدعوى رقم 1 لسنة 42 ق "تفسير أحكام" جلسة 2 / 1 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2021م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 42 قضائية "تفسير أحكام".


المقامة من

كريم السيد عبدالفتاح الأبحر، بصفته الشريك المتضامن بشركة عبدالفتاح السيد الأبحر وشركاه (فندق كارلتون)

ضــــد

1- رئيس الجمهوريـة

2- رئيس مجلس النواب

3- رئيس مجلس الـــوزراء

4- وزيـــر العـــدل

5- شركة مصر لتأمينات الحياة



الإجـراءات
بتاريخ الثالث من فبراير سنة 2020، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا تفسير الغموض الذى شاب منطوق الحكم الصادر من هذه المحكمة في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، بجلسة 5/5/2018، وتحديد المقصود من كلمة " لتشمل"، وما إذا كانت تعنى استثناء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية من نطاق تطبيق المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، أم تَعْنِي انطباق حكم تلك المادة عليها.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمـــــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل– حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى أقـام الدعـوى المعروضة، طالبًا تفسير منطوق الحكم الصادر مــــن المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، بجلسة 5/5/2018، بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجــــر، فيما تضمنه من إطــــلاق عبارة "لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكـان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد،... "، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى. قولاً منه بأن كلمة " لتشمل" بمنطوق ذلك الحكم يشوبها الغموض والإبهام، ولا يتبين ما إذا كان المراد منها استثناء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية من نطاق تطبيق المادة (18) من القانون السالف الذكـــــر، أم تعنى خضوعها لأحكام تلك المادة، فأقام هذه الدعوى على سند من نص المادة (192) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، باعتبار أن مضمونها مندمجٌ في قانون المحكمة الدستورية العليا.

وحيث إن المادة (28) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أنه " فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل، تسرى على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها". كما تقضى المادة (51) من القانون المشار إليه، بأن " تسري على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة، فيما لم يرد به نص في هذا القانون، القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات".

وحيث إن مؤدى حكم هاتين المادتين أن شرط انطباق القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية على الدعاوى والطلبات التى تدخل في اختصاص هذه المحكمة، وكذلك بالنسبة إلى الأحكام والقرارات الصادرة منها، هو أن يكون إعمال هذه الأحكام، وتلك القواعد غير متعارض مع طبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها، وكذا طبيعة الأحكام والقرارات الصادرة منها. متى كان ذلك، وكانت الدعاوى الدستورية هي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون فيها بعيب دستورى، والأحكام الصادرة في تلك الدعاوى – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تحوز حجية مطلقة، لا يقتصر أثرها على الخصوم في الدعاوى الدستورية التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة، وتلتزم بها جميع سلطات الدولة، سواء أكانت تلك الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس.

وحيث إن المادة (192) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، قصرت حق طلب تفسير الأحكام على خصوم الدعوى التي صدرت فيها، بنصها على أن " للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام....."، وهو ما يتعارض وطبيعة الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية، إذ لا يستقيم هذا القصر إلا في إطار قاعدة نسبية الأحكام التي لا تقوم بها حجيتها إلا بين من كان طرفًا فيها، وهى قاعدة تناقضها الحجية المطلقة المتعدية إلى الكافة التي تحوزها الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية، التي تتطلب ترتيبًا عليها – ألا يكون الحق في طلب تفسيرها وقفًا على الخصوم في الدعاوى الدستورية، وإنما يتعين أن ينسحب هذا الحق كذلك إلى غيرهم ممن يكـــــون الحكم المطلـوب تفسيره – بتطبيقه عليهم – ذا أثر مباشر على مصالحهم الشخصية، ذلك أن طلب التفسير الذى يقدم إلى هذه المحكمة، لا يعدو أن يكون دعوى يتعين أن ترفع إليها وفقًا للأوضاع المقررة في قانونها، ولا يتصور أن تكون المصلحة فيها محض مصلحة نظرية غايتها إرساء حكم القانون مجردًا توكيدًا للشرعية الدستورية وإعمالاً لمضمونها، إنما يجب أن تعود على طالب التفسير منفعة يقرها القانون حتى تتحقق بها ومن خلالها مصلحته الشخصية. وترتبط المصلحة في طلب التفسير بالمصلحة في الدعوى الموضوعية التى أُثير طلب التفسير بمناسبتها، والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، لكون الحكم الصادر بالتفسير يعتبر متممًا من كل الوجوه للحكم الذى يفسره، وكلاهما لازم للفصل في الدعوى الموضوعية لا ينفكان عنها، لأنهما يتعلقان بالقاعدة القانونية التي يقوم عليها أو يستند إليها الفصل في النزاع الموضوعي.

لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا لا تتصل بالدعاوى والطلبات التى تدخل في اختصاصها، إلا وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في قانونها. وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن إعمال آثار الأحكام التي تصدرها في المسائل الدستورية هو من اختصاص محكمة الموضوع، وذلك ابتناء على أن محكمة الموضوع هي التي تنزل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن المسألة الدستورية، باعتباره مفترضًا أوليًّا للفصل في النزاع الموضوعي الدائر حولها، وبمراعاة ما قد يبديه الخصوم من دفوع أو أوجه دفاع في شأنها، فإذا ادعى أحد الخصوم أمامها غموض قضاء المحكمة الدستورية العليا أو انبهامه، وتبين لها أن لهذا الدفاع وجهًا، كان لها أن تمنحه أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير قضائها المختلف على مضمونه، ذلك أن تقدير محكمة الموضوع غموض هذا القضاء يولد لديها صعوبة قانونية تحول في اعتقادها دون تطبيقه، بالحالة التي هو عليها، على وقائع النزاع، ومن ثم يظل أمر حسمها معلقًا إلى أن تدلى المحكمة الدستورية العليا بكلمتها النهائية في شأن حقيقة قضائها ومراميه. ومن جانب آخر، فلمحكمة الموضوع كذلك – وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، الحق في أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها – أن تطلب من تلقاء نفسها من المحكمة الدستورية العليا ذلك التفسير، باعتبار أن غموض قضائها يثير خلافًا حول معناه ويعوق بالتالى مهمتها في شأن إعمال أثره على الوقائع المطروحة عليها.

وحيث كان ما تقدم، وكان طلب التفسير – على ما سلف بيانه – لا يقدم إلا من ذي شأن بمناسبة دعوى موضوعية يتوقف الفصل فيها على الحكم الصادر في المسألة الدستورية، وتقدر محكمة الموضوع غموض الحكم الصادر فيها، سواء أكان ذلك من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم. وكان المدعى قد أقام دعواه المعروضة مباشرة أمام هذه المحكمة، طالبًا تفسير منطوق حكمها الصادر في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، دون سبق إقامته دعوى موضوعية، صرحت له محكمة الموضوع فيها بتقديم طلب تفسير إلى هذه المحكمة، لإنـزال ما يتقرر في طلب التفسير على الطلبـات في الدعـوى الموضوعية. ومن ثم، فإن الطلب المعروض لا يكون قد اتصل بالمحكمة وفقًا للأوضاع المقررة قانونًا، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق