ومن حيث إن عناصر
المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن بصفته رئيس جمعية الهداية
الإسلامية قد أقام الدعوى رقم 1730/ 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم
بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزير الشئون
الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 وقرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 وبجلسة 19/ 4/
1983 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار
المطعون فيه فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وما ترتب عليه من
قرارات وآثار.
وبتاريخ 3/ 11/ 1984
أقامت إدارة قضايا الحكومية نائبة عن وزير الأوقاف الدعوى رقم 585 لسنة 39 ق أمام
محكمة القضاء الإداري طلبت في ختامها تفسير الحكم الصادر من المحكمة المذكورة في
الدعوى رقم 1730/ 36 ق بجلسة 19/ 4/ 1983 وأوضحت الحكومية دعواها بالتفسير قائلة
أن وزارة الشئون الاجتماعية قامت بتسليم أموال وممتلكات الجمعية وإلغاء القرار رقم
301 لسنة 1981 ومما ترتب عليه من آثار وتسلمت الجمعية جميع ممتلكاتها تنفيذاً
الحكم القضاء الإداري المشار إليه إلا أن وزارة الأوقاف لم تقم بإلغاء القرار رقم
134 لسنة 1981 لأن هذا القرار لا يعتبر من آثار إلغاء القرار الجمهوري رقم 492
لسنة 1981 وأسندت وزارة الأوقاف في تبرير مسلكها بأنه ولئن كان القرار الوزاري رقم
301 لسنة 1981 هو أثر من أثار القرار الجمهوري المشار إليه إلا أن القرار الوزاري
رقم 134 لسنة 1981 بضم المساجد التابعة لجمعية الهداية الإسلامية إلى وزارة
الأوقاف جاء مستنداً إلى القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة
1960 وأضافت الحكومة أن طلبات المدعي في الدعوى رقم 1730/ 36 ق كانت بإلغاء القرار
الجمهوري رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 وقرار
وزير الدولة للأوقاف رقم 134 لسنة 1981 إلا أن الحكم قضى بإلغاء القرار المطعون
فيه - فيما تضمنه من حل الجمعية المذكورة وما يترتب على ذلك من آثار ولم تتعرض
المحكمة للفصل في طلب المدعي بإلغاء قرار الدولة للأوقاف رقم 134 لسنة 1981 مما
يعد غموضاً يستأهل التفسير لأن المحكمة لم تفصل في طلب المدعي بإلغاء هذا القرار
فضلاً عن اختلاف السند القانوني للقرار المذكور عن السند القانوني للقرارات الأخرى
المطلوب إلغاؤه.
ورد المدعى عليه على
الدعوى بمذكرة أشار فيها إلى أن دعوى التفسير لا يجوز أن تتخذ طريقاً لتعديل منطوق
الحكم أو إلغائه أو نسخه وأن منطوق الحكم المطلوب تفسيره جاء واضح العبارة وصريح
المعنى غير ملتبس بأي غموض أو إبهام يبرر النظر في تفسيره.
وبجلسة 31/ 12/ 1985
أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في دعوى التفسير رقم 585/ 39 ق وقضى بأن المقصود
بعبارة إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية
بالسويس وما ترتب عليه من قرارات وآثار الواردة بمنطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم
1730/ 36 ق يقصد بها إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزيرة
الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 ولا يشمل هذا الإلغاء قرار وزير الدولة
للأوقاف رقم 143 لسنة 1981 وأقامت قضاءها على أنه ولئن كان منطوق الحكم الصادر في
الدعوى رقم 1730/ 36 ق بجلسة 19/ 4/ 1983 قد قضى صراحةً بإلغاء القرار المطعون فيه
وهو قرار رئيس الجمهورية رقم 492/ 1981 فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية
بالسويس إلا أنه لم يفصح عما يقصد من عبارة "وما ترتب عليه من قرارات
وآثار" وبذلك أثارت هذه العبارة لبساً يجوز لذوي الشأن طلب استجلائه وأنه
بالنسبة لقرار وزيرة الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 فقد صدر استناداً إلى
قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 بحل بعض الجمعيات ومنها الجمعية المذكورة
وبالتالي يدور معه وجوداً وعدماً فإذا ما تقرر إلغاء قرار رئيس الجمهورية لعدم
مشروعيته فإن ذلك ينسحب بالضرورة على القرار الوزاري رقم 301 لسنة 1981 أما
بالنسبة لقرار وزير الدولة للأوقاف رقم 134 لسنة 1981 فإنه صدر استناداً إلى
القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 والذي نص على ضم
المساجد الأهلية إلى وزارة الأوقاف وبالتالي فهذا القرار لم يكن نتيجة أو أثراً
مترتباً على صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وإنما صدر استقلالاً ومن
ثم فلا يتم إلغاء هذا القرار بإلغاء قرار رئيس الجمهورية المشار إليه فضلاً عن أن
المحكمة لم تتناوله في أسباب حكمها أو منطوقه على استقلال.
وبتاريخ 3/ 7/ 1985 أقام
الطاعن الدعوى رقم 5264/ 39 ق طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر
بالاستيلاء على ملك جمعية الهداية الإسلامية رئاسته وإخضاعه لإشراف وزارة الأوقاف
وتعيين العاملين من تابعيها فيه وما ترتب على ذلك من أثار. وقال شرحاً لدعواه أن
الجمعية التي يرأسها تجري إنشاء مسجد النور الملحق بمدرسة ومستشفى النور بشارع
رمسيس بالقاهرة ولم يتم بناءهم إلى الآن رغم إقبال المصلين على المسجد لإقامة
الشعائر الدينية وقد فوجئ بشرزمة من الأشخاص تحتل مباني المشروع ملك الجمعية منذ
صباح يوم الجمعة 28/ 6/ 1985 بوصفهم من عمال وزارة الأوقاف المكلفين من قبل وزير
الأوقاف بالاستيلاء على المشروع بادعاء ضمه إلى أملاك وإشراف وزير الأوقاف بقرار
من وزير الأوقاف. وأضاف قائلاً أن الجمعية المذكورة من الجمعيات الخاصة وتعتبر
أموالها ملكاً لها ولها حرية وحصانة عملاً بحكم المادتين 34، 35 من الدستور. وأن
القرار المطعون فيه متعسف وباطل وينطوي على إساءة استعمال السلطة ومخالف للدستور
والقانون.
وردت الحكومة على الدعوى
بمذكرة دفعت فيها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى
رقم 1730/ 36 ق الذي قضى بإلغاء القرار الجمهوري رقم 492/ 1981 وما ترتب عليه من
قرارات وآثار وبالنسبة للموضوع أوضحت الحكومة أن الجمعية المدعية أنشأت مسجد النور
بالعباسية وخصصته تخصيصاً جامعاً شاملاً لإقامة الشعائر الدينية وأداء الصلاة ومتى
ثبتت له المسجدية فقد صار وقفاً لازماً ومؤبداً لا يجوز الرجوع فيه ولما كان
القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 قد نص على أن تتولى
وزارة الأوقاف إدارة المساجد والإشراف عليها فإنه تنفيذاً لأحكام هذا القانون وإذ
توفر في ميزانية الوزارة في العام 80/ 1981 مبلغ مليوني جنيه أصدر وزير الأوقاف
القرار رقم 134 لسنة 1981 بضم ثلاثة وأربعين مسجداً أهلياً من بينها مسجد النور
لوزارة الأوقاف.
وبجلسة 31/ 12/ 1985
أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى رقم 5264/ 39 ق وقضى بقبول الدعوى
شكلاً وفي الطلب المستعجل برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي
مصروفاته وأقامت قضاءها على أنه يشترط لوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين
أساسيين أولهما: ركن الجدية والثاني: ركن الاستعجال وبالنسبة لركن الجدية فإن
المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل القانون رقم 272 لسنة 1959
بتنظيم وزارة الأوقاف قد نصت على أن ".... تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد
سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها
عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون ويكون للوزارة الإشراف على هذه
المساجد إلى أن يتم تسليمها..." وقد أشارت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون
إلى المبرر لما تضمنه هذا النص من ضم المساجد الأهلية إلى الوزارة بأن هذه المساجد
يسودها الارتجال ولا يوجد بها من يتحمل مسئولية التعليم والإرشاد ولما كان مسجد
النور بالعباسية من المساجد الأهلية فقد صدر قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981
بضمه إلى وزارة الأوقاف استناداً للقانون المشار إليه وليس من شأن ضم هذا المسجد
المساس به ولا يحول دون ممارسة الشعائر الدينية فيه بل إن ذلك يحقق مصلحة المسجد
ومصلحة المسلمين بتعيين إمام وخطيب ومدرس لهذا المسجد حتى يضطلع برسالته ومن ثم
ينتفي ركن الجدية في الطلب المستعجل مما يتعين معه الحكم برفض طلب وقف تنفيذ
القرار المطعون فيه ولا محل لتمسك المدعي بنص المادتين 34، 35 من الدستور لأنه لا
يمكن قياس المسجد على الملكية الخاصة.
ومن حيث إن الطاعن يقيم
طعنه على الحكمين الصادرين في الدعويين رقمي 585، 5264/ 39 ق على أساس أن الحكمين
قد خالفا القانون للأسباب الآتية:
أولاً: أن الثابت من
الدعوى رقم 1730/ 36 ق الصادر في شأنها حكم التفسير في الدعوى رقم 585/ 39 ق أن
قرار وزير الأوقاف رقم 1346 لسنة 1981 لم يصدر إلا بتاريخ 6/ 9/ 1981 بمناسبة صدور
قرار رئيس الجمهورية رقم 134 لسنة 1981 بتاريخ 2/ 9/ 1981 بحل الجمعيات الإسلامية
بحجة مساهمتها في إحداث الفتنة الطائفية المزعومة والتحفظ على رؤساء هذه الجمعيات
واعتقالهم في ذات التاريخ مما شجع وزير الأوقاف على إصدار قراره وشجع وزيرة الشئون
الاجتماعية على إصدار قرارها رقم 301 لسنة 1981 ولا يجوز رد قرار وزير الأوقاف إلى
أحكام القانون رقم 171/ 1959 المعدل بالقانون رقم 157/ 1960 وما جاء بمذكرته
الإيضاحية من اتهام إدارة المساجد الأهلية بالارتجال وعدم المسئولية في التعليم
والإرشاد لأن هذه هي ذات الأسباب التي برر بها رئيس الجمهورية قراره بحل الجمعيات
الإسلامية ولذلك فإن حكم إلغاء قرار رئيس الجمهورية يشمل قرار وزير الأوقاف
المترتب عليه المبني واقعياً وقانونياً على ذات أسبابه وهذا النص هو مبرر دعوى
تفسير حكم الإلغاء الواضح الدلالة في أسبابه والدالة عبارة منطوقه على صحيح معناها
دون غموض أو إبهام.
ثانياً: أن الحكم الصادر
في الدعوى رقم 5264/ 39 ق قد استند في رفض طلب وقف تنفيذ قرار وزير الأوقاف المطعون
فيه إلى أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960ومذكرة
الأخير الإيضاحية بضم المساجد إلى وزارة الأوقاف خلال عشر سنوات وعبارات هذا
القانون ومذكرته تؤكد انصراف أحكامه إلى المساجد التي كانت قائمة في تاريخ العمل
به وتنفى عبارات هذا القانون تطبيقه على ما ينشأ من مساجد بعد تاريخه.
ثالثاً: أنه لو صح زعم
الحكم المطعون فيه بإخضاع المساجد الأهلية للقانون رقم 157 لسنة 1960 سواء ما وجد
منها بتاريخ صدوره وما أنشئ بعده فإن الثابت فعلاً وقانوناً أن ما وصفه الحكم
بمسجد النور كان غيباً في تاريخ صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 حيث بدأ
أساساً بعد هذا القانون ومن غير المتصور والمعقول اعتبار الموقع المخصص للمسجد ضمن
مباني مشروعات الجمعية مسجداً قبل تمام تنفيذه وإعداده للانتفاع به.
رابعاً: أن القانون رقم
272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 صرح بأن تتولى وزارة الأوقاف
إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر وذلك يعني قصر تطبيقه على المساجد
الموقوفة ولا يصح وقف إلا بإرادة صاحبه بل اشترط القانون في الوقف الكتابة المشهود
عليها بما تضمنته بياناته الجوهرية من بيان الواقف والمال الموقوف رقبة أو منفعة
وشروط الواقف سواء في الإدارة أو المنفعة.
خامساً: أن ادعاء الحكم
أن إشراف وإدارة وزارة الأوقاف على مسجد الجمعية إصلاح لشئون المسجد وفائدة
للمسلمين ينطوي على إسراف في التعليل يبرر للحكومة مصادرة حقوق إدارة الأملاك
الخاصة وانتهاك لحرمتها الدستورية التي كفلتها المادة 34 من الدستور.
سادساً: أن الحكم لم يسند
ما ذهب إليه من عدم جواز قياس المسجد على الملكية الخاصة إلى سبب من نص في قانون
أو عقد أو إرادة من الجمعية التي لا تملك وقف أملاكها أو التصرف فيها في غير
أغراضها المخصصة لها في نظامها الأساسي وفي القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن
الجمعيات الخاصة.
ومن حيث إنه عن الدفع
بعدم دستورية القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم
وزارة الأوقاف فيما نص عليه من ضم المساجد إلى وزارة الأوقاف فإن الطاعن يؤسس هذا
الدفع على أن ما نص عليه القانون رقم 157 لسنة 1960 في المادة الأولى منه من ضم
المساجد إلى وزارة الأوقاف خلال عشر سنوات من تاريخ العمل به يخالف نص المادتين
34، 57 من الدستور التي قررت أولاهما حماية الملكية الخاصة وعدم المساس بها وحظرت
الثانية التعدي على أي حق أو حرية قررها الدستور.
ومن حيث إن المادة 34 من
الدستور تنص على أن "الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في
الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة
ومقابل تعويض وفقاً للقانون وحق الإرث فيها مكفول" وتنص المادة 57 من الدستور
على أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين
وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط
الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم. وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً
لمن وقع عليه الاعتداء".
ويتضح من نص المادتين 34،
57 من الدستور المشار إليهما أنهما قررا حماية الملكية الخاصة وصيانتها وعدم
المساس بها إلا طبقاً للقانون وبحكم قضائي وكذلك حماية الحرية الشخصية وتقرير حرمة
للحياة الخاصة للمواطنين لا يجوز الاعتداء عليها هي أو غيرها من الحقوق والحرمات
العامة المكفولة بالدستور والقانون وأن هذا الاعتداء يشكل جريمة جنائية.
ومن حيث إن ما نص عليه
القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف
في المادة الأولى منه على أن ".... تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء
صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر
سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون..." ليس فيه مساس بالملكية الخاصة
ذلك أن من المسلم به في الفقه الإسلامي أن المساجد على حكم ملك الله تعالى وليست
ملكاً لأحد فإذا خصصت البقعة لتكون مسجداً خرجت من ملك صاحبها ولم تدخل في ملك أحد
وإنما تكون على حكم ملك الله تعالى وبالتالي فإذا كان المسجد ليس ملكاً لأحد فإن
نص القانون رقم 157 لسنة 1960 بتولي وزارة الأوقاف إدارة المساجد لا ينطوي على
مساس بملكية خاصة كما أن إدارة هذه الوزارة للمساجد ليس فيه اعتداء على الحرية
الشخصية أو غيرها من الحقوق والحريات العامة التي نص عليها الدستور في الباب
الثالث منه ومن ثم يكون الدفع بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة
1960 المشار إليه غير جدي ويتعين بالتالي رفضه.
ومن حيث إنه بالنسبة
للطعن على الحكم الصادر في دعوى التفسير رقم 585/ 39 ق فإن المادة 192 من قانون
المرافعات تنص على أنه "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم
تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة ويسري
عليه ما يسري على هذا الحكم من القواعد الخاصة بطريق الطعن العادية وغير العادية".
ومن حيث إن من الأصول
المسلمة أن سلطان المحكمة ينحسر عن الدعوى إذا ما أصدرت حكمها فيها فالرجوع إليها
لتفسير الحكم ينبغي ألا يخل بهذا الأصل فلا يكون التفسير إلا بالنسبة لما قضى به
الحكم في منطوقه أو أسبابه المرتبطة بالمنطوق ارتباطاً جوهرياً مكوناً لجزء منه أو
مكملاً له كما لا يكون إلا حيث يقع في المنطوق غموض أو إبهام يقتضي الإيضاح
والتفسير لاستجلاء قصد المحكمة فيما يتفق وهذا القصد.
ومن حيث إنه يتبين من
الأوراق أن جمعية الهداية الإسلامية بالسويس كانت قد أقامت الدعوى رقم 1730 لسنة
36 ق طلبت فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981
وقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 وقرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة
1981 وبجلسة 19/ 4/ 82 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار المطعون فيه فيما
تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وما ترتب عليه من قرارات وآثار.
ويبين من الاطلاع على حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1730/ 36 ق المشار
إليها أن أسبابه نصت كلها على قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 بحل الجمعية
المذكورة وبيان أسانيد مخالفة هذا القرار للقانون سواء من حيث عدم توافر حالة
الضرورة التي استند إليها في حل الجمعية أو من ناحية عدم الاختصاص بحل هذه الجمعية
طبقاً لأحكام قانون الجمعيات الخاصة رقم 32 لسنة 1964 وإذ كانت المحكمة قد ضمنت
منطوق حكمها سالف الإشارة إليه عبارة "إلغاء القرار المطعون فيه........ وما
ترتب عليه من قرارات وآثار" إلا أن المحكمة لم تبين في أسباب هذا الحكم
المقصود بالقرارات المترتبة على قرار رئيس الجمهورية رقم 429 لسنة 1981 التي قضت
بإلغائه حتى يشملها هذا الإلغاء بمقتضى المنطوق الأمر الذي لا شك يثير لبساً
وخلافاً في كيفية تنفيذ هذا الحكم ويتمثل هذا اللبس والغموض في عدم وضوح وعدم
تحديد القرارات التي ترتبت وصدرت نتيجة القرار الجمهوري المشار إليه بحل الجمعية
وما إذا كان القرار رقم 301 لسنة 1981 الصادر من وزيرة الشئون الاجتماعية بحل
الجمعية وقرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 الصادر بضم مسجد النور التابع
للجمعية من القرارات المترتبة على قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة1981 من عدمه
وبالتالي فإن كيفية تنفيذ منطوق هذا الحكم فيما قضى به من إلغاء ما ترتب على
القرار الجمهوري المشار إليه من قرارات يشوبه الإبهام والغموض بسبب عدم تحديد
القرارات المترتبة على القرار الجمهوري المقضي بإلغائه وإلغاء ما ترتب عليه من
قرارات وهو أمر يستوجب الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتفسير ما قصدته من
عبارة "وما ترتب عليه من قرارات وأثار" الواردة في منطوق حكمها مما يجعل
الدعوى رقم 585/ 39 ق بطلب تفسير هذا الحكم قائمة على أساس صحيح وسليم من القانون
ويكون الطعن على الحكم الصادر في هذه الدعوى لا سند له من القانون متعيناً رفضه.
ولا ينال من ذلك ما ذهب
إليه الطعن في هذا الصدد من قوله أن منطوق الحكم وعبارته واضحة الدلالة ولا غموض
فيه أو إبهام استناداً إلى أن قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 لم يصدر إلا في
6/ 9/ 1981 بمناسبة صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 بحل الجمعية ولذات
أسباب القرار الأخير فهو مبني عليه ومترتب وناتج عنه إذ أن هذا الذي أورده الطعن
هو تفسير للحكم من وجهة نظر الجمعية الطاعنة لا أساس له من الحكم وأسبابه التي خلت
من أي إشارة إلى تحديد القرارات المترتبة على قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة
1981 وخلت بالتالي من بيان كون قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 مترتباً على
القرار الجمهوري المشار إليه وهذا ما استلزم اللجوء إلى المحكمة مصدرة الحكم في
الدعوى رقم 1730/ 36 ق لتفسير المقصود بهذه القرارات المترتبة على القرار الجمهوري
سالف الذكر وعلى هذا فإن قول الطعن أن دعوى التفسير لا مبرر لها غير سليم لأنه متى
كان منطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم 1735/ 39 ق يثير لبساً وخلافاً في كيفية
تنفيذه من حيث تحديد ماهية القرارات المترتبة على القرار الجمهوري رقم 492 لسنة
1981 والتي يشملها الإلغاء وذلك بسبب عدم تعرض الحكم كلية لتحديد هذه القرارات فإن
ذلك يكون مبرراً ومسوغاً لطلب تفسيره وبديهي أنه في هذا الصدد ومتى قام بالحكم هذا
الغموض واللبس فلا عبرة بتفسير أحد الخصوم وما يراه في هذا الشأن لأن مرد ذلك ليس
إلى الخصوم وإنما إلى المحكمة التي أصدرت الحكم وقد انتهت المحكمة في تفسيرها إلى
أن قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضم مسجد النور إلى وزارة الأوقاف ليس من القرارات
المترتبة على القرار الجمهوري رقم 492 لسنة 1981 لأنه لم يكن نتيجة هذا القرار ولا
أثراً من أثاره وهو تفسير سليم ولا وجه لما جاء بمذكر الجمعية المقدمة بجلسة 1/ 6/
1992 من أن هذا التفسير يناقض صريح عبارة منطوق الحكم وأن حكم التفسير لم يدلل على
ما انتهى إليه من واقع ماديات الحكم المفسر ومنطوقه إذ أن هذا التفسير ليس فيه
مناقضة أو تعديل لمنطوق الحكم وكون هذا المنطوق أورد عبارة "وما ترتب عليه من
قرارات وآثار" بصيغة الجمع لا يعني أن يضاف إلى قضاء الحكم بالإلغاء من
القرارات ما لم يقصد الحكم إلى إلغائه وإنما المقصود بذلك إلغاء ما هو أثر ونتيجة
للقرار الجمهوري بحل الجمعية سواء كان قراراً أو أكثر فهذا هو المعول عليه والصحيح
في تفسير هذه العبارة ومن الواضح أنه ليس من شأن صدور قرار بحل الجمعية المذكورة
أن يترتب عليه حتماً ضم مسجد النور التابع لها إلى وزارة الأوقاف.
ومن حيث إنه بالنسبة
للطعن على الحكم الصادر في الدعوى رقم 5264/ 39 ق والذي قضى برفض طلب وقف تنفيذ
قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضم مسجد النور إلى وزارة الأوقاف فإنه يشترط
لوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين الأول: ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ
القرار نتائج يتعذر تداركها, والثاني: ركن الجدية وهو يتصل بمبدأ المشروعية بأن
يكون ادعاء الطلب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية يرجح
معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الجمعية
الطاعنة قد طلبت في دعواها وقف تنفيذ قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضم
مسجد النور إلى وزارة الأوقاف.
ومن حيث إنه عن ركن
الجدية فإن المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون
رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف تنص على أن"... تتولى وزارة الأوقاف
إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد
خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون ويكون للوزارة
الإشراف على هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها". وبمقتضى هذا النص أناط القانون
بوزارة الأوقاف إدارة المساجد الأهلية سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر على أن
تقوم الوزارة باستلام هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات من تاريخ العمل
بالقانون المشار إليه وقد بررت المذكرة الإيضاحية تحديد هذه المدة حتى تتمكن
الوزارة من تدبير المال اللازم لتنفيذ القانون.
ومن حيث إنه يبين من
الأوراق أن قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 الذي تضمن ضم عدد من المساجد
الأهلية من بينها مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف قد صدر استناداً إلى
أحكام القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه
وإلى كتاب نائب وزير المالية رقم 4229 المؤرخ 6/ 11/ 1980 باعتماد مليوني جنيه لضم
المساجد الأهلية في عام 80/ 1981 ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر طبقاً لأحكام
القانون رقم 157 لسنة 1960 الذي أجاز للوزارة ضم المساجد الأهلية وإدارتها ويكون
القرار المشار إليه بحسب الظاهر من الأوراق قد بني على أساس وسند من القانون مما
ينتفي معه ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذه وبناء عليه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى
برفض طلب وقف تنفيذ القرار المشار إليه يكون سليماً ومتفقاً وحكم القانون.
ولا ينال من ذلك ما جاء
بالسبب الأول من أسباب الطعن على هذا الحكم من أن القانون رقم 157 لسنة 1960 قد
حدد مدة عشر سنوات من تاريخ العمل به لضم المساجد خلالها وأنه لا يجوز بالتالي ضم
المساجد بعد هذه المدة إذ أن مفاد عبارة نص المادة الأولى من هذا القانون بأن يتم
تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات أن تقوم وزارة الأوقاف بالإسراع في
ضم هذه المساجد خلال تلك المدة ولكن ليس مؤدى ذلك أنه لا يجوز للوزارة ضم هذه
المساجد بعد المدة المشار إليها وهذا المعنى واضح من المذكرة الإيضاحية للقانون
رقم 157 لسنة 1960 التي جاء بها "... بأنه نظراً لأن الصرف على هذه المساجد
سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف من الميزانية العامة للدولة فقد روعي أن يتم تسليم
المساجد خلال عشر سنوات حتى تتمكن الوزارة من توفير المال اللازم الذي يتطلبه
تنفيذ هذا القانون" وهذا يعني أن ضم هذا المساجد يتوقف على تدبير المال
اللازم لهذا الضم وأن تحديد مدة العشر سنوات أساسه إمكانية تدبير الموارد المالية
اللازمة لضم تلك المساجد إلى الوزارة وفي ضوء ذلك فإذا لم تتوافر الإمكانيات المادية
للوزارة خلال هذه المدة لضم المساجد فهذا لا يعني عدم جواز ضم المساجد بعد هذه
المدة لأن نصوص القانون مفسراً بمذكرته الإيضاحية توضح أن تحديد مدة العشر سنوات
كحد أقصى مبناه وأساسه توافر الاعتماد المالي اللازم للضم وليس عدم جواز ضم
المساجد بعد انتهاء هذه المدة.
أما القول بأن عبارات هذا
القانون تؤكد انصراف أحكامه إلى المساجد القائمة في تاريخ العمل به وتنفي تطبيقه
على ما ينشأ من مساجد بعد هذا التاريخ فلا سند له ذلك أن نص المادة الأولى من
القانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه قد نصت على أن ".... تتولى وزارة الأوقاف
إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر". وواضح من هذا النص أنه ورد
بصيغة عامة إدارة المساجد" ولم يقيده بالمساجد القائمة وقت العمل بهذا
القانون والقاعدة الأصولية أن العام يؤخذ على عمومه ما لم يرد ما يقيده وبالتالي
فإن النص المشار إليه إذ لم يقيد بالمساجد القائمة وقت العمل به فإنه يطبق على
المساجد القائمة وقت العمل به وينشأ من مساجد بعد هذا التاريخ وهو ما يتفق مع
قاعدة الأثر المباشر للقانون بتطبيقه على ما يتم من وقائع من تاريخ العمل به ما لم
يقيد القانون ذاته تطبيق أحكامه بقيد زمني معين وهو غير قائم في القانون سالف
الذكر الذي لم يقصر تطبيقه على المساجد القائمة وقت العمل به.
ومن حيث إنه عن السبب
الثاني من أسباب الطعن المتعلق بأن مسجد النور كان غيباً وقت صدور قرار وزير
الأوقاف المطعون فيه وأنه من غير المعقول اعتبار الموقع المخصص للمسجد ضمن مباني مشروعات
الجمعية مسجداً قبل تمام تنفيذه فإن الأمة قد أجمعت على أن البقعة إذا عينت للصلاة
بالقول خرجت عن جملة الأملاك المختصة بربها (بصاحبها) وصارت عامة لجميع المسلمين
(يراجع تفسير القرطبي الجامع لأحكام القانون طبعة دار الشعب ص 466، كما جاء في
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم) أنه لا يحتاج في جعله مسجداً إلى قوله
وقفته ونحوه لأن العرف جار في الإذن بالصلاة على وجه العموم والتخلية بكونه وقفاً
على هذه الجهة فكان كالتعبير به (يراجع مؤلف الوقف من الناحية التطبيقية والفقهية
للأستاذ محمد سلام مدكور أستاذ الشريعة بكلية حقوق القاهرة، طبعة 1961، ص 24)
وواضح من ذلك أن المكان تثبت له شرعاً المسجدية بالقول بتخصيصه مسجداً أو بالفعل
بأداء فرائض الصلاة فيه ويعد مسجداً من هذا الوقت حتى ولو تراخى إتمام بنيانه إلى
ما بعد ذلك. ولما كان الثابت من الكتيب المعد عن مشروع مسجد النور والمركز
الإسلامي وملحقاته بالعباسية المرفق بحافظة مستندات الطاعن المقدم بجلسة 16/ 1/
1994 أن محافظة القاهرة قد خصصت قطعة أرض مساحتها 4400 متر بالعباسية لإقامة هذا
المشروع الإسلامي عليها والذي يضم مسجد النور وبعض الملحقات الأخرى من مستشفى
ومعهد للقرآن الكريم ومكتبة إسلامية ومعهد للدعاة ومدرسة وقد قام فضيلة
الدكتور/....... وزير الأوقاف وشئون الأزهر رحمه الله ورضي عنه نائباً عن السيد/
رئيس الجمهورية بوضع حجر الأساس لهذا المشروع كما أن الثابت من هذا الكتيب أن
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور/........ شيخ الأزهر رحمه الله قد أمَّ المصلين بأرض
المشروع وثابت أن ذلك كله كان قبل عام 1980 ومن ثم تكون قد ثبتت لمسجد النور
المسجدية من هذا التاريخ بتخصيص البقعة المقام عليها لتكون مسجداً وبأداء الصلاة
فيها فعلاً وبالتالي فهذا المكان المخصص للمسجد دون غيره من المباني الأخرى
الملحقة به يعتبر شرعاً مسجداً من هذا التاريخ وهو تاريخ سابق على صدور قرار وزير
الأوقاف المطعون فيه عام 1981 ويكون هذا القرار صحيحاً وورد على مسجد قائم شرعاً
ولا عبرة في المسجدية كما تقدم بالبناء وإتمامه، كما أن المسجدية لا تنتفي عن هذا
المسجد بإنشاء هذه المباني والملحقات.
ومن حيث إنه عن السبب
الثالث من أسباب الطعن ومؤداه أن القانون رقم 157 لسنة 1960 صرح بأن تتولى وزارة
الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر وهذا يعني قصر تطبيقه على
المساجد الموقوفة ولا يصبح وقف إلا بإدارة صاحبه فإن الوقف لغة معناه الحبس والمنع
شرعاً حبس العين عن التملك والتمليك وجعل منفعتها مخصصة لجهات معينة على سبيل البر
والخير والإنفاق في سبيل الله وهو ما عرف بالوقف الخيري أو على سبيل الصلة والبر
لمن يعينهم الواقف من أهله وقرابته وذوي رحمة أو غيرهم وهو الوقف الأهلي ولما كانت
المساجد ليست محلاً للتملك والتمليك ولهذا فهي موقوفة بطبيعتها وإذا كان القانون
رقم 48 لسنة 1946 في شأن الوقف قد اشترط في مادته الأولى لصحة الوقف صدور إشهاد
رسمي به أمام المحاكم الشرعية إلا أنه لما كانت أحكام هذا القانون قد أخذت من
المذاهب الإسلامية وقد اتفق الفقهاء جميعاً على جواز وقف المسجد ولزومه دون أن
يصدر به إشهاد رسمي ومن ثم فلا يشترط الإشهاد (التوثيق) في وقف المسجد (مؤلف الوقف
سالف الذكر ص 26، 27) وبناء على هذا فالمساجد هي وقف شرعاً بمجرد القول أو الفعل
بأداء الصلاة فيها كما سبق القول سواء صدر بشأنها إشهاد رسمي أم لم يصدر لأن وقف
المسجد صحيح ولازم دون اشتراط الإشهاد فيه وبذلك يفهم ما نصت عليه المادة الأولى
من القانون رقم 157 لسنة 1960 من أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر
بوقفها إشهاد أم لم يصدر ليشمل حكمه المساجد حتى تلك التي لم يصدر بها إشهاد رسمي
تأكيداً من هذا القانون على أن المساجد طبقاً لما أجمع عليه فقهاء المذاهب
الإسلامية لا يشترط لوقفها الإشهاد وترتيباً على ذلك فما ذهب إليه الطعن من أن
القانون رقم 157 لسنة 1960 يقتصر على المساجد الموقوفة غير سليم لأن المساجد كلها
موقوفة بطبيعتها.
ومن حيث إنه عن السبب
الرابع من أسباب الطعن المتعلق بأن ادعاء الحكم أن إدارة وزارة الأوقاف لمسجد
الجمعية فيه إصلاح لشئون المسجد وفائدة للمسلمين ينطوي على إسراف في التعليل يبرر
للحكومة مصادرة حقوق إدارة الأملاك الخاصة وانتهاكها لحرمتها الدستورية المكفولة بالمادة
34 من الدستور فقد سبق بيان أن المسجد ليس ملكاً لأحد وأنه بمجرد تخصيص المكان
بالقول أو الفعل ليكون مسجداً تثبت له المسجدية ويصبح وقفاً مؤبداً لازماً لا يجوز
الرجوع فيه وقد اتفق جمهور الفقهاء على أن وقف المسجد يخرج به الموقوف عن ملك
الواقف لأن المساجد خالصة لله تعالى فلا تبقى على ملك الواقف ولا تدخل في ملك أحد
من العباد (مؤلف الوقف سالف الذكر ص 8) وبناء عليه فإن تولي وزارة الأوقاف إدارة
المساجد ليس فيه مصادر أو اعتداء على ملكية خاصة لأن المساجد ليست ملكاً لأحد بل
هي خالصة لله تعالى ولا ينطوي ذلك على مخالفة لنص المادة 34 من الدستور.
ومن حيث إنه ترتيباً على
ذلك فلا سند لما جاء بالسبب الخامس من أسباب الطعن من أن الحكم لم يسند ما ذهب
إليه من عدم قياس المسجد على الملكية الخاصة إلى نص في قانون أو عقد ذلك أن أساس
ما ذهب إليه الحكم ما هو مقرر شرعاً من أن المسجد ليس ملكاً لأحد وأنه خالص لله
تعالى. أما ما جاء بهذا السبب من أن الجمعية لا تملك وقف أملاكها أو التصرف فيها
في غير أغراضها المخصصة لها في نظامها الأساسي وفي القانون رقم 32 لسنة 1964
فمردود بأنه فضلاً عن أن إنشاء المساجد من أهم أغراض الجمعية باعتبارها جمعية إسلامية
دون حاجة إلى نص وباعتبار أن إقامة المساجد من أفضل أعمال البر والخير فإن نظام
الجمعية الأساسي قد نص في البند "ثانياً" منه على أن الغرض من الجمعية
العمل في ميدان: 1 - الخدمات الثقافية والصحية والدينية. 2 - المساعدات
الاجتماعية. 3 - الأسرة والطفولة وذلك على الوجه الآتي: (1)......... (2)......
(3) إنشاء المساجد وإدارتها.
ومن حيث إنه بالنسبة لما
ذكره الطاعن في مذكرته المقدمة بجلسة 19/ 7/ 1992 من أن اتفاقاً تم بتاريخ 28/ 1/
1987 بين جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وبين شركة "المقاولون العرب"
قضت المادة الرابعة منه بإطلاق يد الجمعية في إدارة شئون المركز الإسلامي ومنه
مسجد النور وإنهاء مسئولية وزارة الأوقاف مالياً وإدارياً واعتبار ما أنفقته
الوزارة تبرعاً منها للجمعية لا يرد وقد وافقت وزارة الأوقاف على هذا الاتفاق
بخطاب السيد/ وزير الأوقاف الموجه إلى السيد/ وزير الإسكان في 23/ 3/ 1978 وهذا
يدل على ما أدركته وزارة الأوقاف من أن هذا المشروع الضخم ينبغي أن تقوم بإدارته
التي صممته وقامت بإنشائه، فإنه يبين من الاطلاع على صورة خطاب السيد/ وزير
الأوقاف المشار إليه أنه تضمن ما يلي: الأخ الفاضل المهندس/ وزير الإسكان - بالإشارة
إلى قرار سيادتكم رقم 67 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 17/ 7/ 1985 بتكليف شركة
المقاولون العرب بتنفيذ أعمال استكمال مبنى "مسجد النور" الكائن بميدان
العباسية بالقاهرة على أن يتم تمويل هذه الأعمال على نفقة وزارة الأوقاف.
أود التفضيل بالإحاطة بأن
جمعية الهداية الإسلامية التي كانت تتولى أعمال بناء المسجد المذكور قبل صدور قرار
التكليف المشار إليه - قدمت طلباً للوزارة أبدت فيه استعدادها لاستكمال الأعمال
المطلوبة للمسجد على نفقتها الخاصة.
كما تم الاتفاق بين السيد
المهندس/........ بصفته ممثلاً لشركة المقاولون العرب والجمعية المذكورة على
استمرار الشركة في استكمال تنفيذ الأعمال الخرسانية الخاصة بالقباب والمآذن فقط
للمسجد.
وقد وافقت الوزارة على
هذا الاتفاق.
لذا نرجو التفضل باستصدار
قرار بتعديل القرار رقم 67 لسنة 1985 وقصره على قيام شركة المقاولون العرب
باستكمال تنفيذ الأعمال الخرسانية الخاصة بالقباب والمآذن فقط.
ويتضح من ذلك أن موافقة
وزارة الأوقاف وردت على ما تم الاتفاق عليه بين الجمعية وشركة المقاولون العرب
بقيام الشركة بتنفيذ أعمال الخرسانة الخاصة بالقباب والمآذن فقط بعد أن كانت
الشركة مكلفة بتنفيذ كافة أعمال المسجد ولم يرد بهذا الخطاب أي إشارة إلى باقي
بنود الاتفاق الذي ذكر الطاعن أنه تضمن إطلاق يد الجمعية في إدارة المسجد وإنهاء
مسئولية وزارة الأوقاف مالياً وإدارياً ومن ثم فلا يمكن أن ينسب إلى الوزارة أنها
وافقت على إدارة الجمعية للمسجد المذكور.
ومن حيث إنه بناء على ما
تقدم يكون الطعن على غير أساس من القانون متعيناً رفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق