جلسة 12 من مارس سنة 1984
برياسة السيد المستشار
الدكتور/ سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. أحمد
حسني، يحيى الرفاعي، محمد طموم وزكي المصري.
-------------
(121)
الطعن رقم 555 لسنة 48
القضائية
التزام حق "حق
استغلال الإنسان لصوته مالياً" "جواز التنازل عنه للغير".
استغلال الإنسان لصوته
مالياً. جواز التنازل عنه للغير بما اشتمل عليه من الحق في النشر ولو تعلق الأمر
باستغلال الصوت في تلاوة القرآن الكريم. علة ذلك. النزول عن هذا الحق للغير. أثره.
الامتناع عن القيام بأي عمل أو تصرف يعطل استعمال الغير له أو يتعارض مع حقه في
استغلال الصوت.
----------------
لما كان من حق كل إنسان
أن ينتفع انتفاعاً مشروعاً بما حباه الله من ملكات وحواس وقدرات تميزه عن غيره من
سائر البشر ومنها صوته، فإنه يكون له حق استغلال هذا الصوت مالياً كما يجوز له أن
ينزل إلى الغير عن حقه المالي في استغلال صوته بما يشتمل عليه من الحق في النشر
ولو تعلق الأمر باستغلال الصوت في تلاوة القرآن إذ أن محل التعاقد في هذه الحالة
ليس هو القرآن الكريم في حد ذاته أو مجرد تلاوته، وإنما هو صوت القارئ ومدى إقبال
الجمهور على سماعه. فإذا نزل الشخص عن حقه في استغلال صوته مادياً للغير امتنع
عليه القيام بأي عمل أو تصرف من شأنه تعطيل استعمال الغير للحق المتصرف فيه، أو من
شأنه أن يتعارض مع حق المنصرف إليه في استغلال هذا الصوت بالطريقة المتفق عليها في
عقد التنازل، ولما كان ذلك وكان الثابت بالبنود الخمسة الأولى من العقد المؤرخ 30/
1/ 1964 - المرفق بأوراق الطعن - أن المطعون ضده الأول التزم بأن يسجل بصوته
القرآن الكريم كاملاً ومجوداً على أشرطه تعد للبيع للجمهور والاستغلال التجاري
بكافة أنحاء العالم وأن يكون للشركة الطاعنة وحدها حق استغلال هذا التسجيل، كما
التزم بالامتناع عن تسجيل القرآن الكريم بصوته لحساب الغير بقصد الاستغلال التجاري
وذلك كله في مقابل حصوله على 30% من صافي ثمن بيع الاسطوانات أو الأشرطة التي تحمل
ذلك التسجيل، وكان هذا العقد لا يخالف النظام العام إذ أن محله حق المطعون ضده
الأول في الاستغلال المادي لصوته في قراءة القرآن الكريم والتنازل عن هذا الحق
للغير وهو أمر جائز ومتعارف عليه وليس من شأنه أو يمنع المطعون ضده الأول من تلاوة
القرآن الكريم بصوته في أي مكان أو زمان أو يقوم بتسجيل القرآن مجوداً كله أو بعضه
لغرض آخر غير الاستغلال التجاري وكل ما يترتب على الشرط المانع الوارد بالعقد هو
التزام المطعون ضده الأول بعدم تسجيل القرآن الكريم بصوته مجوداً بقصد الاستغلال
التجاري لغير الشركة الطاعنة وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه هذا الشرط مخالفاً
للنظام العام وأسس على ذلك رفض الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب
نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة تقدمت
بطلب إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتوقيع الحجز التحفظي على الأشرطة التي تم
طبعها والمعروضة بشركة المطعون ضده الثاني تحت علامة "......." وبإجراء
وصف تفصيلي للمصنف ويوقف نشره أو عرضه أو صناعته وقالت بياناً لطلبها أنها بموجب
عقد مؤرخ 30/ 1/ 1964 اتفقت مع المطعون ضده الأول على قيامه بتسجيل للقرآن الكريم
كاملاً بصوته مع التجويد على أن يكون لها وحدها حق استغلال هذا التسجيل تجارياً
بكافة أنحاء العالم سواءً تم على اسطوانات أو أشرطة صوتية أو بأي طريقة أخرى
للتسجيل وذلك مقابل 30% من صافي ثمن بيع التسجيلات يحصل عليها المطعون ضده الأول
الذي التزم بالامتناع عن تسجيل القرآن الكريم بصوته على اسطوانات أو أشرطة لحساب
الغير بقصد الاستغلال التجاري، وأضافت الطاعنة أن الطعون ضده
الثاني"......" رغم علمه بهذا التعاقد عمد إلى الاعتداء على حقوقها
بتسجيل القرآن الكريم مجوداً بصوت المطعون ضده الأول على أشرطة تحمل علامة
"......." مما دفعها إلى التقدم بطلبها استناداً للمادة 43 من القانون
رقم 354 لسنة 1954 الخاص بحماية حق المؤلف. وفي 7/ 10/ 1976 أصدر السيد رئيس محكمة
القاهرة الابتدائية أمراً بإجراء وصف تفصيلي للأشرطة موضوع الطلب ويوقف نشرها
وعرضها وصناعتها وتوقيع الحجز التحفظي عليها وتم تنفيذ الأمر في 22/ 10/ 1976.
تظلم المطعون ضده الثاني من هذا الأمر وقيد تظلمه رقم 408 سنة 1976 تجاري كلي
القاهرة، كما أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 403 سنة 1976 تجاري كلي القاهرة
بطلب إلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا لها متضامنين مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل
التعويض وبصحة إجراءات الحجز الموقع نفاذاً للأمر رقم 75 لسنة 1976. وبعد ضم
الدعويين قضت محكمة أول درجة أولاً: بقبول التظلم رقم 408 لسنة 1976 شكلاً وفي
موضوعه بإلغاء أمر الحجز والجرد رقم 75 لسنة 1976، ثانياً: برفض الدعوى رقم 403
لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف
رقم 139 لسنة 94 ق. وبتاريخ 30/ 1/ 1978 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم
المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت
فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة
لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على
سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفسخ
عبارة العقد وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أسس قضاءه برفض دعواها على أن القرآن
الكريم لا يعد مصنفاً بالمعنى المقصود في قانون حماية حق المؤلف وإن تلاوته تقليد
متبع لا محل للابتكار فيه وليست حكراً لأحد فليس لأي قارئ أن يمنع غيره من التلاوة
وهو ما يعد من الحكم مسخاً لعبارة العقد وخطأ في تطبيق القانون وابتعاداً عن مناط
الفصل في الدعوى إذ أن لقارئ القرآن حق تلاوته بصوته وهو يملك أن يحول بين الغير
وبين استغلال هذا الصوت استناداً إلى القانون الطبيعي وقواعد العدالة، فالتلاوة
على هذا النحو تصلح لأن تصلح محلاً لالتزام مدني يمكن تقويمه بالمال ومن ثم فإن حق
المطعون ضده الأول في تسجيل صوته في تلاوة القرآن على أشرطة واسطوانات وبيعها
للجمهور هو حق ذو قيمة مالية يستطيع أن يستغله بنفسه أو ينقله للغير، فإذا تصرف
فيه للغير امتنع عليه أن يتصرف في هذا الحق مرة أخرى التزاماً بشروط العقد، ومن ثم
تكون الشركة الطاعنة محقة في طلباتها حتى في غياب قانون حماية حق المؤلف، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه ذلك واعتبر محل التعاقد هو تلاوة القرآن فإنه يكون قد خالف
عبارة العقد وأخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد،
ذلك أنه لما كان من حق كل إنسان أن ينتفع انتفاعاً مشروعاً بما حباه الله من ملكات
وحواس وقدرات تميزه عن غيره من سائر البشر ومنها صوته، فإنه يكون له حق استغلال
هذا الصوت مالياً كما يجوز له أن ينزل إلى الغير عن حقه المالي في استغلال صوته
بما يشتمل عليه من الحق في النشر ولو تعلق الأمر باستغلال الصوت في تلاوة القرآن
إذ أن محل التعاقد في هذه الحالة ليس هو القرآن الكريم في حد ذاته أو مجرد تلاوته،
وإنما هو صوت القارئ ومدى إقبال الجمهور على سماعه فإذا نزل الشخص عن حقه في
استغلال صوته مادياً للغير امتنع عليه القيام بأي عمل أو تصرف من شأنه تعطيل
استعمال الغير للحق المتصرف فيه، أو من شأنه أن يتعارض مع حق المتصرف إليه في
استغلال هذا الصوت بالطريقة المتفق عليها في عقد التنازل، لما كان ذلك وكان الثابت
بالبنود الخمسة الأولى من العقد المؤرخ 30/ 1/ 1964 - المرفق بأوراق الطعن - أن
المطعون ضده الأول التزم بأن يسجل بصوته القرآن الكريم كاملاً ومجوداً على أشرطه
تعد للبيع للجمهور وللاستغلال التجاري بكافة أنحاء العالم وأن يكون للشركة الطاعنة
وحدها حق استغلال التسجيل، كما التزم بالامتناع عن تسجيل القرآن الكريم بصوته
لحساب الغير بقصد الاستغلال التجاري وذلك كله في مقابل حصوله على 30% من صافي ثمن
بيع الاسطوانات أو الأشرطة التي تحمل ذلك التسجيل، وكان هذا العقد لا يخالف النظام
العام إذ أن محله حق المطعون ضده الأول في الاستغلال المادي لصوته في قراءة القرآن
الكريم والتنازل عن هذا الحق للغير وهو أمر جائز ومتعارف عليه وليس من شأنه أو
يمنع المطعون ضده الأول من تلاوة القرآن الكريم بصوته في أي مكان أو زمان أو يقوم
بتسجيل القرآن مجوداً كله أو بعضه لغرض آخر غير الاستغلال التجاري وكل ما يترتب
على الشرط المانع الوارد بالعقد هو التزام المطعون ضده الأول بعدم تسجيل القرآن
الكريم بصوته مجوداً بقصد الاستغلال التجاري لغير الشركة الطاعنة وإذ اعتبر الحكم
المطعون فيه هذا الشرط مخالفاً للنظام العام وأسس على ذلك رفض الدعوى فإنه يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق