جلسة 18 من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/
عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي،
محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة، عبد الملك نصار وعلي شلتوت.
----------------
(108)
الطعن رقم 948 لسنة 57
القضائية
(1)نقض
"صحيفة الطعن" "أسباب الطعن".
صحيفة الطعن بالنقض وجوب
اشتمالها على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً. م 253 مرافعات،
مقصوده. تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفاً واضحاً يبين منها العيب الذي يعزوه
الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه.
(2)حكم "عيوب التدليل: التناقض".
التناقض الذي يعيب الحكم
ويفسده" ماهيته.
(3)استئناف "تسبيب الحكم الاستئنافي" حكم "تسبيب الحكم".
قضاء المحكمة الاستئنافية
بتأييد الحكم الابتدائي للأسباب الواردة به ولأسباب أخرى كافية لحمل قضائها. وجود
تناقض بين أسبابها وبعض أسباب الحكم الابتدائي. لا عيب. علة ذلك.
(4) إعلان "الإعلان في الموطن الأصلي".
تسليم صورة الإعلان في
موطن المراد إعلانه لمن يكون ساكناً معه من أقاربه وأصهاره. لا تشترط الإقامة
العادية والمستمرة تكفي الإقامة وقت إجراء الإعلان. (مثال بشأن إعلان صحيفة الدعوى).
(5)إثبات "الإثبات بالبينة" "ضياع السند بسبب قهري".
جواز الإثبات بالبينة
فيما كان يجب إثباته بالكتابة في حالة فقد الخصم سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له
فيه. شرطه. أن يكون الفقد نتيجة حادث جبري أو قوة قاهرة.
(6)بيع. محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع سلطتها في
استخلاص توافر أركان عقد البيع وتقرير ما ترى أنه مقصود المتعاقدين مستهدية في ذلك
بظروف الدعوى وملابساتها.
(7)تزوير "تزوير غير منتج" "الحكم في الادعاء
بالتزوير"، حكم "إصداره".
عدم جواز القضاء بصحة
المحرر أو برده وتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً. القضاء
بعدم قبول الادعاء بالتزوير لأنه غير منتج وفي الموضوع معاً جائز، علة ذلك.
(8) حكم "حجية الحكم"، قوة الأمر المقضي.
إثبات "القرائن القانونية القاطعة".
الحكم الصادر في الدعوى
الجنائية. له حجيته أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع
الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني
لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. أثره. عدم جواز إعادة بحث هذه الأمور أمام المحكمة
المدنية عليها التزامها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها. المادتان 456 إ. ج،
102 إثبات.
(9)إثبات "الإحالة إلى التحقيق". بطلان.
سماع شهود الطرفين بعد
انتهاء ميعاد التحقيق. لا بطلان. الاعتداد بهذا التحقيق. لا خطأ.
(10)صورية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". حكم.
"تسبيبه".
محكمة الموضوع. سلطتها في
تقدير أدلة الصورية متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. عدم التزامها بتتبع الخصوم
في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها
فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
-----------------
1 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن المادة 253 من قانون المرافعات أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على
بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً وقد قصدت بهذا البيان أن تحدد
أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً نافياً عنها
الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي ينسبه إلى الحكم وموضعه منه وأثره في
قضائه، ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً.
2 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا
يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وليس من التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما
يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع البعض ما دام قصد المحكمة ظاهراً ورأيها
واضحاً.
3 - إذا قضت محكمة
الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي للأسباب الواردة به ولأسباب أخرى استندت إليها
وكانت هذه الأسباب كافية لإقامة الحكم عليها فإنه لا يؤثر في سلامة حكمها أن يكون
هناك تناقض بين أسبابه وبين أسباب الحكم الابتدائي إذ أن أخذ الحكم الاستئنافي
بأسباب حكم محكمة الدرجة الأولى معناه أخذها بالأسباب التي لا تتناقض مع حكمها
فتعتبر أسباب الحكم الابتدائي في هذا الحالة مكملة لأسباب هذا الحكم فيما لا
تتعارض فيه.
4 - النص في المادة
الثانية عشر من قانون المرافعات السابق رقم 77 لسنة 1949 - الذي ينطبق على واقعة
الدعوى - على أنه إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن
يسلم الورقة إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره فإنها
لا تتطلب إقامة القريب أو الصهر مع المراد إعلانه إقامة عادية ومستمرة بل يكفى أن
يكون ساكناً معه وقت إجراء الإعلان وأن يكون ظاهر الحال الذي يشاهده المحضر في هذا
الوقت يدل على ذلك.
5 - النص في المادة 403
من القانون المدني قبل إلغائها بالقانون رقم 25 لسنة 1968 - المنطبق على واقعة
الدعوى - على أنه يجوز الإثبات بالبنية فيما كان يجب إثباته بالكتابة أ -..... ب -
إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه يدل وعلى ما أفصحت عنه
المذكرة الإيضاحية للقانون أن هذا الاستثناء يفترض أن القواعد المتعلقة بالدليل
الكتابي قد روعيت، بيد أن الإثبات بالكتابة قد امتنع بسبب فقد هذا الدليل، ويشترط
في هذه الحالة أن يكون هذا الفقد راجعاً إلى سبب لا يد للمدعي فيه، ومؤدى هذا أن
يكون هذا الفقد قد نشأ من جراء حادث جبري أو قوة قاهرة وترد علة هذا الشرط إلى
الرغبة في استبعاد صور الفقد بسبب يتصل بفعل مدعي الدليل لقطع السبيل على التواطؤ
مع الشهود.
6 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص توافر أركان عقد البيع وتقرير
ما ترى أنه كان مقصود المتعاقدين مستعينة في ذلك بظروف الدعوى وملابستها.
7 - مؤدى نص المادة 44 من
قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجب أن يكون الحكم بصحة
المحرر أو برده وتزويره أو القضاء بسقوط الحق في إثبات صحته سابقاً على الحكم في
موضوع الدعوى وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي تمسك بالمحرر الذي قضى بتزويره من أن
يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونيه أخرى باعتبار أن الادعاء بالتزوير كان
مقبولاً ومنتجاً في النزاع، أما في حالة عدم قبوله حيث يكون غير منتج في موضوع
الدعوى فليس من حكمة للفصل بين الحكم في الادعاء بالتزوير والحكم في الموضوع ومن
ثم فلا تثريب على المحكمة إذ هي قضت بعدم قبول الادعاء بالتزوير في هذه الحالة وفى
موضوع الدعوى بحكم واحد.
8 - مؤدى نص المادتين 456
من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد
الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية كلما كان قد فصل
فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية
وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله ومتى فصلت المحكمة الجنائية في
هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها
وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم
الجنائي السابق له.
9 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة أنه إذ كانت المادة 20 من القانون المرافعات لا ترتب البطلان بغير نص صريح
إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه، وكان النص في المادة 75 من
قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه لا يجوز بعد انقضاء ميعاد التحقيق سماع
شهود بناءً على طلب الخصوم هو نص تنظيمي لا يترتب عليه البطلان على مخالفته، فيعتد
بالتحقيق الذي يتم بعد انتهاء الميعاد طالما سمع شهود الطرفين وتحققت الغاية من
الإجراء.
10
- تقدير أدلة الصورية هو
مما يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى وحسبه أن يبين الحقيقة
التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه أن يتتبع
الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما
دام أن قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك
الأقوال والحجج.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى
رقم 522 سنة 1967 مدني شبين الكوم الابتدائية ضد الطاعن الأول بطلب الحكم بصحة
ونفاذ عقد البيع المؤرخ 29/ 7/ 1966 المتضمن بيعه لها قطعة الأرض المبينة الحدود
والمعالم به وبصحيفة الدعوى والبالغ مساحتها 1 فدان و10 قراريط و12 سهم والتي اتضح
أن مساحتها الحقيقة 1 فدان 10 قراريط 5 أسهم والتسليم وكف منازعته لها، وقالت
بياناً لذلك إنه بموجب العقد سالف الإشارة إليه باع لها الطاعن الأول المساحة
المذكورة لقاء ثمن مقداره 850 جنيهاً وقدمت العقد سند دعواها وأودع ملف الدعوى
أدخلت المطعون ضدها الطاعنة الثانية خصماً في الدعوى وطلبت الحكم لها بطلباتها
آنفة الذكر في مواجهتها على سند من أن الطاعن الأول باع لزوجته (الطاعنة الثانية)
ذات المساحة بموجب عقد بيع مؤرخ 1/ 6/ 1966 رفعت بشأنه الدعوى رقم 141 لسنة 1968
مدني شبين الكوم الابتدائية بصحته ونفاذه انتهت صلحاً وسجل الحكم تحت رقم 3431 شهر
عقاري شبين الكوم بتاريخ 25/ 5/ 1969، دفعت المطعون ضدها بصورية ذلك العقد صورية
مطلقة كما طعن الطاعن الأول بالتزوير على عقد البيع المؤرخ 29/ 7/ 1966، وبتاريخ
25/ 3/ 1969 أوقفت المحكمة الدعوى حتى يفصل نهائياً في القضية رقم 1404 سنة 1968
جنح مباشرة أشمون التي أقامها الطاعن الأول ضد المطعون ضدها بتزوير ذلك العقد.
ندبت محكمة الجنح قسم أبحاث التزييف والتزوير لفحص توقيع الطاعن الأول وبعد أن قدم
تقريره تبين فقد عقد البيع المؤرخ 29/ 7/ 1966 وتحرر عن فقده القضية رقم 4747 سنة
1970 جنح أشمون، باشرت النيابة التحقيق فيها وقيدت الواقعة جنحة سرقة ضد مجهول
وأمرت بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل ومجازاة الموظفين
المهملين إدارياً، وبعد أن حكمت محكمة جنح أشمون ببراءة المطعون ضدها عن واقعة
التزوير ورفض الدعوى المدنية قبلها وتأييد هذا الحكم في الاستئناف رقم 1525 سنة
1973 جنح مستأنف شبين الكوم عجلت المطعون ضدها السير في الدعوى وطلبت إحالة الدعوى
إلى التحقيق لإثبات وجود العقد بالبينة، دفع الطاعن الأول بانقضاء الخصومة. أحالت
المحكمة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها صورية عقد البيع المؤرخ 10/ 1/
1966 صورية مطلقة وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 3/ 6/ 1985 (1)
برفض الدفع المبدى من الطاعن الأول بعدم جواز إثبات وجود عقد البيع المؤرخ 29/ 7/
1966 بالبينة. (2) بعدم قبول الادعاء بالتزوير المبدى من الطاعن الأول على عقد
البيع سالف الذكر. (3) بقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها بصورية عقد البيع
المؤرخ 1/ 6/ 1966 وبصوريته صورية مطلقة. (4) بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 29/ 7/
1966 والتسليم وكف منازعة الطاعن الأول لها. استأنف الطاعن الأول هذا الحكم لدى
محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبين الكوم" بالاستئناف رقم 537 لسنة 18 ق
كما استأنفته أيضاً الطاعنة الثانية لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 541 لسنة 18 ق
وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 22/ 1/ 1987 بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة
لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
سبعة أسباب ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه
القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إن محكمة الاستئناف أوردت في مدونات حكمها
أنها سترد على أسباب الاستئنافين معاً لتماثلهما في العديد من الأسباب رغم أن
الثابت من الأوراق أن هناك أسباب مستقلة لكل استئناف غير متماثلة مع بعضها مما كان
يتعين على المحكمة أن ترد على كل منها على حده ولو فعلت لتغير وجه الرأي في
الدعوى، وفي بيان الوجه الثاني يقولان إن محكمة أول درجة أسست قضاءها برفض الدفع
المبدى من الطاعن الأول بانقضاء الخصومة على سند من أن حقه قد سقط في إبدائه
لتعرضه لموضوع الدعوى عندما طلب ضم الجنحة رقم 1404 لسنة 1968 أشمون واستئنافها
إلا أن محكمة الاستئناف أضافت سبباً آخر لرفض هذا الدفع هو أن الوقف التعليقي حكم
قطعي يترتب عليه وقف تقادم الدعوى بانقضاء الخصومة وهو تسبيب تناقض مع تسبيب محكمة
أول درجة الذي أيده بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في
وجهه الأول غير مقبول ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن المادة 253 من قانون
المرافعات أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها
الطعن وإلا كان باطلاً وقد قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً
واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث
يبين منها العيب الذي ينسبه إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه ومن ثم فإن كل
سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبيناً بياناً واضحاً لما كان ذلك وكان الطاعنان
لم يوضحا العيب الذي ينسباه إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثر ذلك في قضائه
كما لم يبينا أسباب الاستئناف الغير متماثلة والتي لم يرد عليها الحكم المطعون فيه
ومن ثم فإن النعي يكون مجهلاً غير مقبول، والنعي في وجهه الثاني غير سديد ذلك أن
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به
الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وليس من التناقض أن يكون في
عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع البعض ما دام قصد المحكمة
ظاهراً ورأيها واضحاً، وأنه إذ قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي
للأسباب الواردة به ولأسباب أخرى استندت إليها وكانت هذه الأسباب كافية لإقامة
الحكم عليها فإنه لا يؤثر في سلامة حكمها أن يكون هناك تناقض بين أسبابه وبين
أسباب الحكم الابتدائي إذ أن أخذ الحكم الاستئنافي بأسباب حكم محكمة الدرجة الأولى
معناه أخذها بالأسباب التي لا تناقض مع حكمها، فتعتبر أسباب الحكم الابتدائي في
هذه الحالة مكملة لأسباب هذا الحكم فيما لا تتعارض فيه - لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف
أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن الأول بانقضاء الخصومة على سند من أن حقه
قد سقط في إبدائه المعرضة لموضوع الدعوى بعد أن طلب ضم الجنحة 1404 لسنة 1968
أشمون واستئنافها رقم 1525 سنة 1973 جنح مستأنف شبين الكوم ثم طلبه التأجيل
للاطلاع عليها وأضافت محكمة الاستئناف سبباً آخر لرفض هذا الدفع أن الحكم بوقف
الدعوى تعليقاً هو حكم قطعي يترتب عليه وقف سريان تقادم الخصومة بمضي المدة وأن
الحكم الصادر في الجنحة رقم 1525 لسنة 1973 شبين الكوم - الذي أوقفت المحكمة
الدعوى تعليقاً لحين الفصل فيها نهائياً قد صدر بتاريخ 1/ 12/ 1974 ثم عجلت
المطعون ضدها السير في الدعوى بتاريخ 3/ 5/ 1975 قبل انقضاء مدة سقوط الخصومة ومن
ثم يضحى الدفع بانقضائها غير قائم على سند صحيح، وكانت هذه الدعامة التي أقام
عليها الحكم المطعون فيه قضاءه ليست محلاً لتعييب من الطاعنين وكافية وحدها لحمل قضائه
ومن ثم فلا تعارض بينها وبين أسباب الحكم الابتدائي لأن إحالة الحكم المطعون فيه
لأسباب قضاء محكمة أول درجة معناه الإحالة إلى الأسباب التي لا تتعارض مع حكمها هي
ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي
بيان ذلك يقولان إنه لما كانت العبرة في صحة الإعلان أو بطلانه هي بالقانون
المعمول به وقت إجرائه ومن ثم فإن إعلان صحيفة الدعوى الحاصل في 22/ 10/ 1967 يخضع
لقانون المرافعات السابق دون أحكام المادة 70 من قانون المرافعات الحالي، ولما كان
المحضر الذي أجرى الإعلان لم يثبت غياب الطاعن الأول وقت الإعلان كما أن من تسلم
الإعلان لا يقيم معه وبالتالي فإن إعلانه بصحيفة الدعوى يكون باطلاً ويكون الدفع
الذي أبداه باعتبار الدعوى كأن لم تكن صحيحاً، وإذ رفض الحكم الابتدائي المؤيد
بالحكم المطعون فيه هذا الدفع بعد أن طبق على الإعلان أحكام قانون المرافعات
الحالي فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله ذلك أن النص في الفقرة الأولى المادة الثانية عشرة من قانون المرافعات السابق
رقم 77 لسنة 1949 - الذي ينطبق على واقعة الدعوى - على أنه إذا لم يجد المحضر
الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى وكيله أو خادمه أو لمن
يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره فإنها لا تتطلب إقامة القريب أو الصهر مع
المراد إعلانه إقامة عادية ومستمرة بل يكفى أن يكون ساكناً معه وقت إجراء الإعلان
وأن يكون ظاهر الحال الذي يشاهده المحضر في هذا الوقت يدل على ذلك - لما كان ذلك
وكان الثابت بالأوراق أن المحضر الذي باشر الإعلان قد أثبت في ورقته أنه انتقل إلى
موطن الطاعن الأول المراد إعلانه فلم يجده وإنما وجد فيه من يدعى..... الذي ذكره
له أنه صهره المقيم معه لغيابه فسلمه المحضر صورة الإعلان فإن هذا الإعلان يكون قد
تم وفق القانون ولا يقبل من الطاعن الأول الادعاء ببطلان هذا الإعلان بحجة أن هذا
الشخص لا يقيم معه وأن محل إقامة مستقل - إذ أن هذا بفرض صحته لا يقدح في صحة
الإعلان ما دام أن مجرد السكنى معه وقت إجراء الإعلان يكفي لتسليم الصورة إليه وأن
الطاعن الأول لا ينكر وجود صهره بداخل مسكنه عندما توجه المحضر إليه - لما كان ذلك
وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه انتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة
ورفض الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن فلا يبطله بعد ذلك ما اشتملت عليه أسبابه من
أخطاء قانونية بتطبيق أحكام قانون المرافعات الحالي على واقعة الإعلان بدلاً من
القانون السابق طالما أن ذلك لا يؤثر على النتيجة التي انتهى إليها إذ لمحكمة
النقض أن تصحح هذه الأخطاء دون أن تنقضه ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسبب الثالث وبالوجه الأول من السبب السادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في
تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة
الموضوع بعدم جواز إثبات وجود عقد البيع المؤرخ 29/ 7/ 1966 بالبينة إلا أن
المحكمة رفضت هذا الدفع استناداً إلى أن هذا العقد قد فقد لسبب أجنبي لا دخل
للمطعون ضدها فيه، وإذ كان الثابت بالأوراق أن هذا العقد قبل فقده كان مزوراً على
الطاعن الأول ومن ثم فإن فقده يرجع إلى المطعون ضدها كما أن التحقيقات التي أجرتها
النيابة العامة بشأن فقد عقد البيع المشار إليه وإن كانت قاطعة في أمر فقده إلا
أنها لا تثبت قيام التعاقد وحصوله مستوفياً لأركانه وشرائطه القانونية هو ما لم
تستظهره المحكمة. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ هذا العقد دون أن يعرض
لذلك فإنه يكن معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن النص في المادة 403 من القانون المدني قبل إلغائها بالقانون رقم 25 لسنة
1968 - المنطبق على واقعة الدعوى - على أنه يجوز الإثبات بالبنية فيما كان يجب
إثباته بالكتابة - أ -........ ب - إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد
له فيه يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون أن هذا الاستثناء يفترض
أن القواعد المتعلقة بالدليل الكتابي قد روعيت، بيد أن الإثبات بالكتابة قد امتنع
بسبب فقد هذا الدليل، ويشترط في هذه الحالة أن يكون هذا الفقد راجعاً إلى سبب لا
يد للمدعي فيه، ومؤدى هذا أن يكون هذا الفقد قد نشأ من جراء حادث جبري أو قوة
قاهرة وترد علة هذا الشرط إلى الرغبة في استبعاد صور الفقد بسبب يتصل بفعل مدعي
الدليل لقطع السبيل إلى التواطؤ مع الشهود - لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي
المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلص بأسباب سائغة إلى أن فقد عقد البيع المؤرخ 29/
7/ 1966 كان بسبب أجنبي لا يد للمطعون ضدها فيه حسبما كشفت عنه تحقيقات النيابة
العامة في الجنحة 4747 لسنة 1970 أشمون ورتب على ذلك رفض الدفع بعدم جواز الإثبات
بالبينة وأحال الدعوى إلى التحقيق لكي تثبت المطعون ضدها وجود هذا العقد بشهادة
الشهود فإنه يكون قد التزم صحيح القانون - لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص توافر أركان عقد البيع وتقرير
ما ترى أنه كان مقصود المتعاقدين مستعينة في ذلك بظروف الدعوى وملابساتها وكان
الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص من الأوراق والمستندات أن
المطعون ضدها أودعت ملف الدعوى عقد البيع المؤرخ 29/ 7/ 1966 سند دعواها تحت رقم 6
دوسيه وذلك قبل فقده وقد اطلعت عليه المحكمة حيث تضمن بيع الطاعن الأول لها الأرض
موضوع التداعي كما اطلعت. على هذا العقد أيضاً محكمة جنح أشمون عند نظرها قضية
التزوير رقم 1404 سنة 1968 جنح أشمون واطلع عليه كذلك خبير قسم أبحاث التزييف
والتزوير بمصلحة الطب الشرعي المكلف بفحصه، واطمأنت إلى أقوال الشهود الذين استمعت
إليهم النيابة العامة في الجنحة 4747 لسنة 1970 أشمون بأن الطاعن الأول أقر أمامهم
بحصول البيع المؤرخ 29/ 7/ 1966 وبصحة توقيعه على العقد، واستخلص الحكم من ذلك كله
أن العقد بيع تام مستكمل لأركانه وشرائطه القانونية وكان هذا الاستخلاص يقوم على
أسباب سائغة تكفي لحمله ويؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها وله أصله الثابت
بالأوراق فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة مما لا
تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان
إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه حكم بعدم قبول الادعاء بالتزوير وفي
موضوع الدعوى بصحة ونفاذ عقد البيع في آن واحد مخالفاً بذلك حكم المادة 44 من
قانون الإثبات.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أن مؤدى نص المادة 44 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - أنه يجب أن يكون الحكم بصحة المحرر أو برده وتزويره أو القضاء بسقوط
الحق في إثبات صحته سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي
تمسك بالمحرر الذي قضى بتزويره من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية
أخرى باعتبار أن الادعاء كان مقبولاً ومنتجاً في النزاع، أما في حالة عدم قبوله
حيث يكون غير منتج في موضوع الدعوى فليس من حكمة للفصل بين الحكم في الإدعاء
بالتزوير والحكم في الموضوع ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذ هي قضت بعدم قبول
الادعاء بالتزوير في هذه الحالة وفى موضوع الدعوى بحكم واحد، لما كان ذلك وكان
الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه انتهى إلى عدم قبول الادعاء بالتزوير
لكونه غير منتج في النزاع وحكم في موضوع الدعوى في ذات الوقت فإنه يكون قد وافق
صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان
إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أسس قضاءه بعدم قبول الادعاء بتزوير
عقد البيع موضوع الدعوى التزاماً منه بحجية الحكم الصادر في الجنحة رقم 4747 سنة
1980 أشمون رغم أن الثابت من أسباب هذا الحكم أن عقد البيع لم يكن تحت بصر المحكمة
ولم يطمئن وجدانها لقول كلمتها في شأن صحته لفقده وأنها رجحت القول بصحته مما يدل
على أن مبنى البراءة هو الشك في ثبوت تهمة التزوير ولا يعني ذلك بالضرورة صحة
العقد مما كان يتعين على المحكمة أن تقبل الطعن وتحققه بما يعيب الحكم ويستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أن مؤدى نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون
الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام
المحاكم المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس
المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى
فاعله، ومتى فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية
أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها
كي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له - لما كان ذلك وكان الثابت من
الحكم الصادر في الجنحة 2404 لسنة 1968 أشمون واستئنافها رقم 1525 لسنة 1973 جنح
مستأنف شبين الكوم أنه حكم ببراءة المطعون ضدها من جريمة تزوير عقد البيع المؤرخ
29/ 7/ 1966 سند الدعوى وبرفض الدعوى المدنية قبلها وأسست المحكمة قضاءها على ذلك
على أن التهمة محوطة بالشك مما مفاده أن الحكم بالبراءة بني على عدم كفاية الأدلة
وقد أصبح هذا الحكم باتاً برفض الطعن بالنقض رقم 633 سنة 46 ق المرفوع عنه، فإنه
ما كان يجوز للحكم المطعون فيه بعد أن صدر الحكم الجنائي البات على هذا النحو أن يعود
ويجيز الادعاء بتزوير ذلك العقد وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم
قبول الطعن بالتزوير التزاماً بحجية الحكم الجنائي فإنه يكون قد وافق صحيح القانون
ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالوجه الثاني من السبب السادس وبالسبب السابع على الحكم المطعون فيه القصور في
التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه انتهى
إلى صورية عقد البيع المؤرخ 1/ 6/ 1966 بناءً على تحقيق باطل لسقوط حكم التحقيق
مما يبطل الدليل المستمد منه وأن الأدلة التي ساقها الحكم تدليلاً على الصورية لا
تؤدي إلى ذلك في حين أنهما قدما للمحكمة العديد من الأدلة التي تفيد جدية هذا
العقد منها دفع الثمن وإقرار الطاعن الأول بصدوره منه أمام القضاء وصدور حكم بصحته
ونفاذه وتسجيل هذا الحكم، وحوالة عقد الإيجار إلى الطاعنة الثانية ووضع يدها على
الأرض وتأجيرها لإبراهيم....." منذ أكثر من عشر سنوات والذي اختصم في دعوى
الحراسة رقم 470 لسنة 1988 مدني مستعجل أشمون وإذ أطَّرحت المحكمة هذه الأدلة دون
أن تعني ببحثها فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كانت المادة 20 من قانون المرافعات لا
ترتب البطلان بغير نص صريح إلا إذا شاب الإجراء عيب لم يتحقق بسببه الغاية منه،
وكان النص في المادة 75 من قانون الإثبات على أنه لا يجوز بعد انقضاء ميعاد
التحقيق سماع شهود بناءً على طلب الخصوم هو نص تنظيمي لا يترتب البطلان على
مخالفته فيعتد بالتحقيق الذي يتم بعد انقضاء الميعاد طالما سمع شهود الطرفين
وتحققت الغاية من الإجراء، وإذ ساير الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه
هذا النظر فإن مسلكه يتفق وصحيح القانون، ولما كان ذلك وكان تقدير أدلة الصورية هو
مما تستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى وحسبه أن يبين الحقيقة
التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه أن يتتبع
الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما
دام أن قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك
الأقوال والحجج، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - في
حدود سلطته التقديرية - قد استخلص من أقوال شاهدي المطعون ضدها صورية عقد البيع
المؤرخ 1/ 6/ 1966 وكان هذا الاستخلاص يقوم على أسباب سائغة تكفي لحمله وله أصله
الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط على ما استدل به
الطاعنان من مستندات وما تمسكا به من دفاع على عدم صورية ذلك العقد فإن النعي لا
يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق