جلسة 14 من نوفمبر سنة 2015
(118)
الطعن رقم 12512 لسنة 83 القضائية
(1) سرقة .
إكراه . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "
.
تحدث الحكم
عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً . غير لازم . مادامت مدوناته تكشف عنه وعن
وقوع السرقة ترتيباً عليه . مناط تحقق هذا الركن ؟
مثال لتسبيب
سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة سرقة بالإكراه .
(2) سرقة .
إكراه . إثبات " بوجه عام ". جريمة " أركانها ". قصد جنائي .
محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن .
ما لا يقبل منها " .
القصد
الجنائي في جريمة السرقة . ماهيته ؟
استخلاص نية
السرقة والارتباط بينها وبين الإكراه . موضوعي . مادام سائغاً . المجادلة في ذلك .
غير مقبولة .
(3) استدلالات . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل
منها ".
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما
ساقته من أدلة .
الجدل
الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) سرقة . سلاح . ارتباط . إكراه . عقوبة " العقوبة المبررة ".
نقض " المصلحة في الطعن ".
قبول أوجه
الطعن على الحكم . شرطه : اتصالها بشخص الطاعنين ومصلحتهما فيها .
لا مصلحة للطاعنين
في تعييب الحكم بشأن جريمة السرقة بالإكراه . مادام دانهم بجريمة السلاح الناري وعاقبهم
بالعقوبة المقررة لها باعتبارها الأشد عملاً بالمادة 32 عقوبات .
(5) إثبات "
بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير الأدلة
بالنسبة لكل متهم . موضوعي .
مثال .
(6) إثبات
" بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "
. دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير
الواقعة " " الدفع بتلفيق التهمة " . نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها ".
الجدل في
تقدير الدليل . موضوعي .
مثال لتسبيب
سائغ لاطراح الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وبتلفيق التهمة والتأخير في الإبلاغ
.
(7) سلاح .
ذخائر . قانون " تطبيقه " " القانون الأصلح " . ارتباط .
عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن ".
ظروف مخففة .
إدانة الحكم
الطاعنين بجرائم اعتبرها واحدة وعقابهم بالعقوبة المقررة لأشدها وهي إحراز سلاح
ناري وذخائر بدون ترخيص مستعملاً المادة 17 عقوبات دون استناده للفقرة الأخيرة من
المادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالقانون 6
لسنة 2012 المحكوم بعدم دستوريتها . مصادفته للتطبيق الصحيح للنص الأصلح بعد تطهره
بالشرعية الدستورية . النعي عليه بشأن ذلك . غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– لما
كان لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً ، ما دامت مدوناته تكشف
عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه ، وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل
وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة
، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعنين مساهمتهما بنصيب
في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها شل مقاومة المجنى عليه أثناء ارتكاب
السرقة ، فإنه يكون قد بيّن ظرف الإكراه والرابطة بينه وبين فعل السرقة .
2- من المقرر أن
القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم لدى الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه
يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بينة تملكه ، وكان ما أورده الحكم
في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعنين الثالث
والرابع ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية السرقة بإكراه بكافة
أركانها ، كما هي معرفة به في القانون ، وكان استخلاص نية السرقة من الأفعال التي
قارفها الطاعنان ، وكذا الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذى يستقل به
قاضيه بغير معقب ، ما دام استخلصها بما ينتجها ، فإن ما يجادل به الطاعنان في هذا
الخصوص لا يكون مقبولاً .
3- لما كان ما يثيره الطاعنان من نعي على الحكم في خصوص تعويله في إدانتهما
على التحريات ، مردوداً بأن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء
بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت التحريات قد عرضت على
بساط البحث ، وكان ما يثيره الطاعنان من أن تلك التحريات مرجعها أقوال محررها يكون
محض جدل في تقدير الدليل الذى تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض .
4- لمّا كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم ، إلَّا ما كان متصلاً
منها بشخص الطاعنين ، وكانت لهما مصلحة فيها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في
شأن ارتكاب المحكوم عليهما الأول والثاني لواقعة السرقة بالإكراه المقضي فيها
بالبراءة لا يكون مقبولاً ، هذا فضلاً عن أنه لما كان الثابت
من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين الثالث
والرابع جريمة واحدة وعاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة لهما فيما
يثيرانه بشأن جريمة السرقة بالإكراه سواء من حيث الأركان أو الطعن في التحريات ،
ما دامت المحكمة قد دانتهما بجريمة السلاح الناري ، وأوقعت عليهما عقوبتها عملاً
بالمادة 32/2 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد .
5- من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها
وهى حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة ، واطمئنانها إليها بالنسبة إلى
متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً
يعيب حكمها ، مادام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، وإذ كان الحكم قد
دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعنين بجريمتي السرقة بالإكراه والسلاح الناري ،
فإن قضاء الحكم ببراءة المتهمين الأول والثاني استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة
إلى ما جاء بالتحريات بعد أن خلت أوراق الدعوى من دليل يقيني على ضلوعهما في
الجريمة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قالة التناقض في التسبيب لا
يكون سديداً .
6- لما كان
الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ، بعدم معقولية تصور الواقعة ، وأن لها صورة أخرى وبتلفيق التهمة والتأخير في الإبلاغ واطرحهم
في قوله : " أن المحكمة تطمئن إلى ما أخذت به من أقوال الشهود وحصول
الواقعة بالصورة التي أوردتها في تحصيلها وسردها المتقدمين وتعتقد بهذه الصورة
لاتساقها مع المنطق المعتدل وتطرح ما عداها من صور أخرى وردت بالأوراق قد تتعارض
معها ، فضلاً عن أن ما أثارة الدفاع في هذا
الشأن لا ينحل إلَّا عن جدل موضوعي قصد به محاولة النيل من الأدلة التي اطمأنت
المحكمة إليها ، وأخذت به وتلتفت عما أثاره الدفاع في هذا الصدد " ، وكان ما
أورده الحكم على السياق المتقدم كافياً وسائغاً في اطراح هذا الدفع بعد أن اطمأنت
إلى ما قرره الشهود في هذا الشأن ، فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون
جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع .
7 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى
الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدها وهى جريمة إحراز سلاح ناري
وذخائر لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها ، وأوقع عليهما عقوبة السجن المشدد
لمدة عشر سنوات بعد أن أعمل في حقهما نص المادة (17) من قانون العقوبات ، وكان
الحكم المطعون فيه لم يستند فيما قضى به إلى نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من
القانون رقم 394 لسنة1954 في شأن الأسلحة والذخائر - المستبدلة بالمرسوم بقانون
رقم 6 لسنة 2012 - فيما تضمنه من عدم جواز النزول بالعقوبة استثناء من أحكام
المادة (17) من قانون العقوبات ــــ المحكوم بعدم دستوريته - ولم يلتزم به ، فإنه
يكون قد صادف التطبيق القانوني الصحيح للنص الأصلح بعد أن تطهر بالشرعية الدستورية
، وآية ذلك أنه أشار صراحة إلى استعمال المادة (17) من قانون العقوبات ونزل
بالعقوبة إلى القدر الذي ارتأى مناسبته للواقعة التي ثبتت لديه وفقاً للحدود المرسومة
في المادة المار بيانها ، ومن ثم فلا محل - والحال كذلك - للحديث عن عدم دستورية
الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 لانتفاء العلة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقــائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من :
1ـــ .... 2ــ .... 3ــ .... " طاعن " 4ــ .... " طاعن " 5ــــ
.... بأنهم :
1ــ المتهمون من الأول حتى
الرابع :
سرقوا رؤوس الإبل المبيّنة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لكل من / .... ، .... بطريق
الإكراه الواقع عليهما حال كونهم أكثر من شخص يحملون سلاحين ناريين ظاهرين ، وذلك
بأن استدرجهما الأول والثاني لمكان قصىّ ، ولما بلغاه أشهر الثالث والرابع سلاحين ناريين
" بندقيتين آليتين " في وجهيهما وأطلقا عدة أعيرة نارية لإرهابهما فبثّوا
الرعب في نفسيهما وتمكّنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من شلّ مقاومتيهما والاستيلاء
على المسروقات .
2
ــ المتهم الخامس : أخفى رؤوس الإبل المبيّنة
بالوصف السابق مع علمه بأنها متحصّلة من جناية سرقة بإكراه وذلك على النحو المبين
بالتحقيقات .
3ــ
المتهمان الثالث والرابع :
أ
ــ أحرز كل منهما سلاحاً نارياً مششخناً " بندقية آلية " مما لا يجوز
الترخيص لهما بحيازته أو إحرازه .
ب
ــ أحرز كل منهما ذخائر " عدة طلقات " استعملت على السلاح الناري سالف
البيان حال كونه ممّا لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه.
وأحالتهم
إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً للثالث والرابع وغيابياً لباقي المتهمين عملاً بالمادتين 44
مكرراً /1 ، 315/ أولاً وثانياً من قانون العقوبات ، والمواد 1/2 ، 6 ، 26/3 ، 5
من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدّل بالقوانين 26 لسنة
1978 ، 101 لسنة 1980 ، 165 لسنة 1981 ، والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 ، والبند
ب من القسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير
الداخلية 13354 لسنة 1995 ، مع إعمال نص المادتين 17 ، 32/2 من قانون
العقوبات . أولاً: بمعاقبة كل من .... ، .... بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عمّا
أسند إليهما . ثانياً: بمعاقبة / .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات عمّا أسند إليه .
ثالثاً: ببراءة كل من .... ، .... ممّا نسب إليهما .
فطعن
المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
حيث إن الطاعنين ينعيان على
الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة السرقة بالإكراه وإحراز سلاح ناري وذخائر
مما لا يجوز الترخيص بها قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ،
والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يستظهر ركني الجريمة المادي والمعنوي استظهاراً
كافياً للإلمام بمجريات الدعوى ، واستند على تحريات المباحث ، رغم أنها لا تصلح
دليلاً ، كما أن المحكمة في تحصليها للرد على الدفع بعدم جدية التحريات اطمأنت
لأقوال الشاهد الثالث معاون المباحث بشأن ارتكاب الأول والثاني لواقعة السرقة بالإكراه
، ثم انتهت للقضاء ببراءتهما ، وأدانت الطاعنين بذات الدليل ، هذا إلى
أن الدفاع الحاضر مع المتهمين تمسك بالدفع بعدم معقولية تصور الواقعة ، وأن لها
صورة أخرى خلاف الواردة بالتحقيق وبتلفيق التهمة والتأخير في الإبلاغ ،
إلَّا أن المحكمة لم تحقق تلك الدفوع ، ممّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصّل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه وحمل السلاح - التي دان الطاعنين بها - وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة كافية مستمدة من أقوال كل من المجنى عليهما .... و.... والملازم أول .... معاون وحدة مباحث مركز شرطة .... - مجرى التحريات - وهى أدلة سائغة ولها موردها من الأوراق ، ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً ، مادامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه ، وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعنين مساهمتهما بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها شل مقاومة المجنى عليه أثناء ارتكاب السرقة ، فإنه يكون قد بيّن ظرف الإكراه والرابطة بينه وبين فعل السرقة ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم لدى الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بينة تملكه ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعنين الثالث والرابع ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية السرقة بإكراه بكافة أركانها ، كما هي معرفة به في القانون ، وكان استخلاص نية السرقة من الأفعال التي قارفها الطاعنان ، وكذا الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذى يستقل به قاضيه بغير معقب ، ما دام استخلصها بما ينتجها ، فإن ما يجادل به الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان من نعى على الحكم في خصوص تعويله في إدانتهما على التحريات ، مردوداً بأن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان ما يثيره الطاعنان من أن تلك التحريات مرجعها أقوال محررها يكون محض جدل في تقدير الدليل الذى تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لمّا كان ذلك ، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم ، إلَّا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعنين ، وكانت لهما مصلحة فيها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في شأن ارتكاب المحكوم عليهما الأول والثاني لواقعة السرقة بالإكراه المقضي فيها بالبراءة لا يكون مقبولاً ، هذا فضلاً عن أنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين الثالث والرابع جريمة واحدة وعاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة لهما فيما يثيرانه بشأن جريمة السرقة بالإكراه سواء من حيث الأركان أو الطعن في التحريات ، ما دامت المحكمة قد دانتهما بجريمة السلاح الناري ، وأوقعت عليهما عقوبتها عملاً بالمادة 32/2 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهى حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة ، واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ، ما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها . وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعنين بجريمتي السرقة بالإكراه والسلاح الناري ، فإن قضاء الحكم ببراءة المتهمين الأول والثاني استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة إلى ما جاء بالتحريات بعد أن خلت أوراق الدعوى من دليل يقيني على ضلوعهما في الجريمة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قالة التناقض في التسبيب لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم معقولية تصور الواقعة ، وأن لها صورة أخرى وبتلفيق التهمة والتأخير في الإبلاغ واطرحهم في قوله : " أن المحكمة تطمئن إلى ما أخذت به من أقوال الشهود وحصول الواقعة بالصورة التي أوردتها في تحصيلها وسردها المتقدمين وتعتقد بهذه الصورة لاتساقها مع المنطق المعتدل وتطرح ما عداها من صور أخرى وردت بالأوراق قد تتعارض معها ، فضلاً عن أن ما أثارة الدفاع في هذا الشأن لا ينحل إلَّا عن جدل موضوعي قصد به محاولة النيل من الأدلة التي اطمأنت المحكمة إليها ، وأخذت به وتلتفت عما أثاره الدفاع في هذا الصدد " ، وكان ما أورده الحكم على السياق المتقدم كافياً وسائغاً في اطراح هذا الدفع بعد أن اطمأنت إلى ما قرره الشهود في هذا الشأن ، فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدها وهى جريمة إحراز سلاح ناري وذخائر لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها ، وأوقع عليهما عقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات بعد أن أعمل في حقهما نص المادة 17 من قانون العقوبات ، وكان الحكم المطعون فيه لم يستند فيما قضى به إلى نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر - المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 - فيما تضمنه من عدم جواز النزول بالعقوبة استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات - المحكوم بعدم دستوريته - ولم يلتزم به ، فإنه يكون قد صادف التطبيق القانوني الصحيح للنص الأصلح بعد أن تطهر بالشرعية الدستورية ، وآية ذلك أنه أشار صراحة إلى استعمال المادة 17 من قانون العقوبات ونزل بالعقوبة إلى القدر الذي ارتأى مناسبته للواقعة التي ثبتت لديه وفقاً للحدود المرسومة في المادة المار بيانها ، ومن ثم فلا محل - والحال كذلك - للحديث عن عدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 لانتفاء العلة . لمّا كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق