جلسة 28 من أبريل سنة 2009
السيد الأستاذ المستشار/
كمال زكى عبد الرحمن اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/
يحي عبد الرحمن يوسف نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/
مصطفى محمد عبد المنعم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/
منير صدقي يوسف خليل نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/
عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/
جعفر محمد قاسم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/
عمر ضاحي عمر ضاحي نائب رئيس مجلس الدولة
------------------
(60)
(الدائرة الثالثة)
الطعن رقم 17135 لسنة 52 القضائية عليا.
(أ) اختصاص - ما يدخل في
الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة - المنازعات الإدارية الناشئة عن تطبيق
القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية.
- المادة (22/ 1) من
القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية.
- حكم المحكمة الدستورية
العليا في القضية رقم 101 لسنة 26 ق. دستورية.
قضت المحكمة الدستورية
العليا في القضية المشار إليها بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (22) من
القانون المشار إليه فيما تضمنته من إسناد الفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيق
أحكام القانون المذكور إلى القضاء العادي؛ باعتبار أن هذه المنازعات تتداخل معها
بعض المنازعات ذات الطبيعة الإدارية، ومن ذلك المنازعات المتعلقة بالقرارات
الإدارية النهائية التي تصدرها جهة الإدارة مما تندرج تحت الولاية العامة المقررة
لمحاكم مجلس الدولة باعتباره القاضي الطبيعي لكافة المنازعات الإدارية - مؤدى ذلك:
أنه إعمالاً لهذا الحكم تختص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات ذات الطبيعة
الإدارية الناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي
الصحراوية - تطبيق.
(ب) دعوى - شرط المصلحة -
تحديد مدلول (الطلبات) - سلطة القاضي الإداري في التيقن من توافر المصلحة
واستمرارها.
لا تقبل الطلبات المقدمة
من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية - لفظ (الطلبات) يشمل أيضًا الطعون المقامة عن
الأحكام؛ باعتبار أن الطعن استمرار لإجراءات الخصومة بين الأطراف ذوي الشأن، وأن
الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يعيد طرح النزاع برمته شكلاً وموضوعًا أمامها
لتنزل فيه صحيح حكم القانون - للقاضي الإداري هيمنة كاملة على إجراءات الخصومة
الإدارية، فيملك توجيهها وتقصى شروط قبولها، دون أن يترك ذلك لمحض إرادة الخصوم في
الدعوى، ومن بين ذلك التيقن من توافر المصلحة واستمرارها في ضوء تغير المراكز
القانونية أثناء نظر الدعوى وإلى حين صدور حكم فيها - تطبيق.
الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق
19/ 4/ 2006 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 17135 لسنة 52 ق. عليا في الحكم الصادر عن
محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 23/ 2/ 2006 في الدعوى رقم 4630 لسنة 26 ق
القاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من
الإعلان عن تأجير مساحة 114 فدانًا من المزرعة التجريبية بأبو جريدة - فارسكور ومن
بينها المساحة التي يضع المدعي يده عليها مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت
الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب
الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون
فيه والقضاء مجددًا: أصليًا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر: الدعوى واختصاص
القضاء العادي. واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة, ومن باب
الاحتياط الكلي: برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم إعلان الطعن على
النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة
تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا وإلزام
الطاعنين المصروفات.
وعينت لنظر الطعن أمام
دائرة فحص الطعون 3/ 10/ 2007 وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات
وبجلسة 16/ 1/ 2008 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا -
الدائرة الثالثة موضوع لنظره بجلسة 25/ 3/ 2008, حيث نظر بهذه الجلسة وما تلاها من
جلسات, وبجلسة 3/ 3/ 2009 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21/ 4/ 2009 وفيها قررت
المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/ 4/ 2009 لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم
وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه
المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 24/ 3/ 2007 أقام المطعون ضده
الدعوى رقم 6430 لسنة 26ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طلب فيها الحكم
بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه
من الإعلان عن تأجير مساحة 114 فدانًا من أرض المزرعة التجريبية بأبو جريدة,
فارسكور وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه
أنه يضع يده على مساحة (س - 12ط - 24ف) بالحوشة رقم 2 بالمزرعة التجريبية بأبو
جريدة مركز فارسكور - دمياط, إلا أنه فوجئ بالإعلان عن تأجير مساحة 114 فدانًا
بالمزاد العلني ومن بينها المساحة التي يضع يده عليها, ونعى المدعي على القرار
المطعون فيه بمخالفة أحكام القانون استنادًا إلى أن المختص بالتصرف بالبيع أو
الإيجار في هذه المساحة هو رئيس الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية
طبقًا للقانون رقم 143 لسنة 1981 وليست محافظة دمياط أو الوحدة المحلية لمركز
ومدينة دمياط, وأضاف المدعي أنه تكبد خسائر فادحة في سبيل تهيئة هذه الأرض للزراعة
وأن تنفيذ القرار المطعون فيه سيترتب عليه طرده من هذه المساحة.
وبجلسة 22/ 2/ 2006 أصدرت
المحكمة الحكم المطعون فيه وشيدته على أنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا
بنظر الدعوى على سند اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق
أحكام القانون 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية طبقًا لنص المادة 22 من هذا
القانون, فإن الثابت من الأوراق أم محافظة دمياط أصدرت القرار المطعون فيه
باعتبارها مالكة لهذه المساحة وأبرمت مع المدعي عقد إيجار عن مساحة (12ط 24ف) ومن
ثم فإن هذه المنازعة منازعة إدارية يختص بنظرها القضاء الإداري. وعليه يضحي هذا
الدفع غير قائم على سند من القانون, أما عن موضوع المنازعة فإن المساحة موضوع
المنازعة تقع ضمن المزرعة التجريبية بأبو جريدة بفارسكور وهي من أراضي البحيرات التي
تم تجفيفها بغرض الاستزراع ومن ثم يكون الإشراف عليها والتصرف فيها بكافة أنواع
التصرفات للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية دون غيرها من الجهات
الإدارية الأخرى, وأن محافظة دمياط لا اختصاص لها في التصرف بأي تصرف في هذه
الأراضي, وعليه يكون القرار المطعون عليه بالإعلان عن تأجير مساحة 114 فدانًا ومن
بينها المساحة التي يضع المدعى عليها يده وقدرها (12ط 34ف) بالمزاد العلني قد صدر
مخالفًا لأحكام القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الجهة
الإدارية الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً - عدم اختصاص محكمة
القضاء الإداري ولائيًا بنظر الدعوى، وذلك لكون الأرض محل المنازعة من الأراضي
الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون 143 لسنة 1981 وتقضي بالمادة 22 من هذا القانون
بأن المحاكم العادية تختص دون غيرها بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام
هذا القانون، ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر
هذه المنازعة وإحالة الدعوى إلى محكمة المنصورة الابتدائية للفصل فيها طبقًا لحكم
المادة 110 من قانون المرافعات.
ثانيًا - أن الثابت من
الأوراق أن المطعون ضده أقام بتأجير الأرض محل القرار المطعون فيه من الجهة
الإدارية الطاعنة بجلسة المزاد العلني المعقودة في 10/ 4/ 2005 ومن ثم تكون قد
زالت المصلحة في هذه الدعوى ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبول
الدعوى لزوال المصلحة.
ثالثًا - أن الأرض محل
النزاع تتبع محافظة دمياط بموجب القرار رقم 587 لسنة 1979 الصادر عن وزير الزراعة،
وأن محافظة دمياط قامت بتأجير الأرض محل النزاع للمطعون ضده لمدة ثلاث سنوات تبدأ
من 1/ 6/ 2001 حتى 31/ 5/ 2004، وقامت بتأجيرها له لمدة ثلاث سنوات أخرى تبدأ من
1/ 6/ 2005 بناء على جلسة المزاد المعقودة بتاريخ 10/ 4/ 2005، وهذا يؤكد تبعية
الأرض محل القرار لمحافظة دمياط، وبالتالي تختص المحافظة بتأجير هذه المساحة.
ومن حيث إنه عن الدفع
بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيًا بنظر الدعوى فمردود عليه بأن المحكمة
الدستورية العليا قضت في القضية رقم 101 لسنة 26 ق. دستورية بعدم دستورية نص
الفقرة الأولى من المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي
الصحراوية، وذلك استنادًا إلى أن المنازعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام القانون 143
لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية ليست جميعها من طبيعة مدنية, مما يدخل في اختصاص
القضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة بنظر هذه المنازعات، وإنما بداخلها
بعض المنازعات ذات الطبيعة الإدارية، ومن ذلك المنازعات المتعلقة بالقرارات
الإدارية النهائية التي تصدرها جهة الإدارة مما تندرج تحت الولاية العامة المقررة
لمحاكم مجلس الدولة باعتباره القاضي الطبيعي لكافة المنازعات الإدارية، ومن ثم فإن
جعل الاختصاص بنظر جميع المنازعات التي قد تنشأ عن تطبيق أحكام القانون 143 لسنة
1981 إلى المحاكم الابتدائية يمثل انتقاصًا من الاختصاص المقرر دستوريًا لمجلس
الدولة، وإعمالاً للحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، تختص
محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات ذات الطبيعة الإدارية الناشئة عن تطبيق أحكام
القانون 143 لسنة 1981 - كما هو الشأن في الحالة المعروضة، وبالتالي يكون هذا
الدفع في غير محله.
ومن حيث إن الأصل أنه لا
تقبل الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية، وقد جرى قضاء هذه
المحكمة على أن شرط المصلحة يتعين توافره ابتداء عند رفع الدعوى، كما يتعين
استمرار قيامه حتى صدور حكم نهائي، كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لفظ
الطلبات يشمل أيضًا الطعون المقامة عن الأحكام باعتبار أن الطعن هو استمرار
الإجراءات الخصومة بين الأطراف ذوي الشأن، وأن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا
يعيد طرح النزاع برمته شكلاً وموضوعًا أمام تلك المحكمة لتنزل فيه صحيح حكم
القانون، وبما للقاضي الإداري من هيمنة كاملة على إجراءات الخصومة الإدارية فإنه
يملك توجيهها وتقصي شروط قبولها دون أن يترك ذلك لمحض إرادة الخصوم في الدعوى، ومن
بين ذلك التيقن من توافر المصلحة واستمرارها في ضوء تغير المراكز القانونية أثناء
نظر الدعوى وإلى حين صدور حكم فيها، درءًا عن القضاء الإداري الانشغال بخصومات لا
جدوى من ورائها ولا مصلحة لأطراف النزاع في استمرارها.
ومن حيث إن المطعون ضده
أقام الدعوى رقم 6430 لسنة 26 ق بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهة الإدارية
بالإعلان عن تأجير مساحة 114 فدانًا من أراضي المزرعة التجريبية بأبو جريدة
بفارسكور ومن بينها مساحة (12 ط 24 ف) التي يضع يده عليها، ولما كان الثابت من
الأوراق أن المطعون ضده كان قد قام باستئجار مساحة (12س، 24ط) المشار إليها من
محافظة دمياط لمدة ثلاث تبدأ من 1/ 6/ 2001 وتنتهي في 31/ 5/ 204، وقامت المحافظة
بالإعلان عن تأجير هذه المساحة بالمزاد العلني لمدة ثلاث سنوات أخرى تبدأ من 1/ 6/
2005 وحددت جلسة 10/ 4/ 2005 لإجراء هذا المزاد، وتم إجراء المزاد ورسا على
المطعون ضده بهذه الجلسة، ومن ثم تكون مصلحة المطعون ضده قد زالت في الدعوى
اعتبارًا من هذا التاريخ وقبل صدور الحكم المطعون فيه بتاريخ 22/ 2/ 2006 ومن ثم
يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه قد أخذ بغير هذا النظر وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه فإنه يكون قد صدر
مخالفًا لحكم القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبعدم قبول الدعوى لزوال
المصلحة.
ومن حيث إن من خسر الطعن
يلزم المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق