الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 7 فبراير 2019

الطعن 5777 لسنة 52 ق جلسة 4 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ق 7 ص 59


برئاسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ فوزي المملوك، وعبد الرحيم نافع، وحسن غلاب ومحمد حسن.
-----------
أسباب الاباحة وموانع العقاب " اسباب الاباحة . الدفاع الشرعي". حكم " بيانات الحكم . التسبيب المعيب".
تقدير الوقائع التي يستند منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي . شرط ذلك ؟ قيام حالة الدفاع الشرعي عدم استلزامه استمرار المجني عليه في الاعتداء علي المتهم أو حصول اعتداء بالفعل ? الفعل المتخوف منه ماهيته تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري قول الحكم في اقتضاب أن تبادل اطلاق النار كان قد سكت لا يستخلص منه أن الشجار قد انفض وانفض أطرافه عدم تعرض الحكم لإصابات الطاعن التي اتهم المجني عليهما بإحداثها والتي جعل منها ركيزة لدفاعه قصور .
من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه ويؤدي إلى ما انتهى إليه، كما أن قيام حالة الدفاع الشرعي لا يستلزم استمرار المجني عليه في الاعتداء على المتهم أو حصول اعتداء بالفعل بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون لهذا التخوف أسباب مقبولة، إذ أن تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري يجب أن يتجه وجهة شخصية تراعى فيها الظروف الدقيقة التي أحاطت بالمدافع وقت رد العدوان، مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ البعيد عن تلك الملابسات، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو في معرض رده على دفاع الطاعن لا يغني في تبيان زوال حالة الخطر بما يبرر ما انتهى إليه من نفي قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس. ذلك أن النتيجة التي خلص إليها تتجافى مع موجب الوقائع والظروف المادية التي أوردها - فليس فيما استدل به من قول مقتضب من أن تبادل إطلاق النار كان قد سكت ما يمكن أن يستخلص منه أن الشجار قد انقضى وانفض أطرافه بحيث لم يعد هناك ما يخشى منه الطاعن على نفسه أو على غيره وقت أن أطلق النار صوب المجني عليهما، كما أن الحكم من ناحية أخرى لم يعرض لإصابات الطاعن التي اتهم المجني عليهما بإحداثها والتي جعل منها ركيزة لدفاعه بقوله إنه اضطر إلى إطلاق النار عليهما أثناء اعتدائهما عليه، وذلك لاستظهار ظروف حدوث تلك الإصابات ومدى صلتها بواقعة الاعتداء على المجني عليهما التي دين الطاعن بها للتحقق من قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفائها، وفي ذلك ما يعيب الحكم ويصمه بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل ... عمدا بأن أطلق عليه عيارين ناريين من سلاح ناري "مسدس" كان يحمله قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر قتل ..... عمدا بأن أطلق عليه عدة أعيرة نارية من السلاح الناري السالف الإشارة إليه قاصدا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته لمحكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بالمادة 234/2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

-----------
المحكمة
حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن بجريمة قتل أخرى, فقد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال, ذلك بأن الطاعن دفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لرد الاعتداء الواقع عليه من المجني عليهما بدلالة ما بجسمه من إصابات وما بملابسه من تلوثات دموية من فصيلة دماء المجني عليهما, إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغه وذهب في رده إلى أن ما وقع من الطاعن كان بقصد الانتقام, مغفلا الإشارة إلى ظروف الواقعة وإلى إصاباته واستظهار الصلة بين الاعتداء الواقع عليه والاعتداء الذي وقع منه وأثر ذلك في توافر حالة الدفاع الشرعي مما يعيبه ويوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مضمونه أن مشاجرة وقعت بين أسرتي الطاعن والمجني عليهما بدأت بالعصى ثم أطلق أحد أفراد أسرة المجني عليهما النار من بندقيته فتبودلت الأعيرة من الجانبين ثم سكتت وبعدها أطلق واحد من أفراد أسرة الطاعن عيارا ناريا أعقبه الطاعن بإطلاق بضع طلقات من مسدسه في اتجاه المجني عليهما حيث كانا يقفان مع عائلتهما فأصابهما - ثم ساق الحكم ما تساند إليه من أدلة - من بينها أقوال الرائد ......... رئيس المباحث الذي نقل عنه أنه بعد ضبط الطاعن وجد به عدة إصابات ثم عرض الحكم إلى ما أثاره الدفاع عن الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس واطرحه بقوله .... يبين مما تقدم أن إطلاق النار كان قد توقف قبل إطلاق كل من المتهم .......(الطاعن) و........ وكلاهما من ذات العائلة, ومن ثم فلم يكن هناك عندئذ احتمال الخطر الجسيم على النفس أو على الغير بعد توقف إطلاق النار من خصومهم. ومن البديهي أن الضرر السابق على فرض ثبوته ليس وجها من وجوه الدفاع الشرعي الذي يستهدف الحماية من خطر وشيك الوقوع وليس الانفعال بالضرر السابق على فرض تحققه إلا وجها للثأر لا يقوم على سند من الشرعية أو القانون لما كان ذلك, ولئن كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه, إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليما لا عيب فيه ويؤدي إلى ما انتهى إليه, كما أن قيام حالة الدفاع الشرعي لا يستلزم استمرار المجني عليه في الاعتداء على المتهم أو حصول اعتداء بالفعل بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي, ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطرا حقيقيا في ذاته, بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون لهذا التخوف أسباب مقبولة, إذا أن تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري يجب أن يتجه وجهة شخصية تراعى فيها مختلف الظروف الدقيقة التي أحاطت بالمدافع وقت رد العدوان, مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ البعيد عن تلك الملابسات لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو في معرض رده على دفاع الطاعن لا يغني في تبيان زوال حالة الخطر بما يبرر ما انتهى إليه من نفي قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس ذلك أن النتيجة التي خلص إليها تتجافى مع موجب الوقائع والظروف المادية التي أوردها - فليس فيما استدل به من قول مقتضب من أن تبادل إطلاق النار كان قد سكت ما يمكن أن يستخلص منه أن الشجار قد انقضى وانفض أطرافه بحيث لم يعد هناك ما يخشى منه الطاعن على نفسه أو على غيره وقت أن أطلق النار صوب المجني عليهما، كما أن الحكم من ناحية أخرى لم يعرض لإصابات الطاعن التي اتهم المجني عليهما بإحداثها والتي جعل منها ركيزة لدفاعه بقوله أنه أضطر إلى إطلاق النار عليهما أثناء اعتدائهما عليه, وذلك لاستظهار ظروف حدوث تلك الإصابات ومدى صلتها بواقعة الاعتداء على المجني عليهما التي دين الطاعن بها للتحقق من قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفائها, وفي ذلك ما يعيب الحكم ويصمه بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى لما كان ذلك, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق