برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل،
وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي، وحسن خالد المستشارين.
-------------
عمل. قانون "تفسيره".
عقد العمل الفردي. تحريره بالكتابة: واجب على رب العمل. المرسوم
بقانون 317 لسنة 1952. كلمة "يكون" الواردة في صدر المادة الثانية منه:
مفادها الإلزام والتحتيم لا مجرد التنظيم. علة ذلك.
مفاد ما نص عليه المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل
الفردي في المادة الثانية منه من أنه "يكون عقد العمل بالكتابة ويحرر باللغة
العربية ومن نسختين ولكل من الطرفين نسخة ..." هو وجوب تحرير عقد العمل
باللغة العربية كتابة، وقد أكدت المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون المذكور هذا
المعنى، فضلاً عن أن ما جرى به نص المادة 53 في شأن التضامن في المسئولية بين
أصحاب العمل والمتنازل لهم عن العمليات كلها أو بعضها من أنهم" يكونون"
مسئولين بالتضامن قد جاء متسقاً مع العبارة التي استعملها الشارع في المادة
الثانية وواضح الدلالة في تأكيد مراده من أنه حين استعمل هذا التعبير قد قصد به
الإلزام والتحتيم - لا مجرد التنظيم. ولا يقدح في ذلك، النص على أنه إذا لم يوجد
عقد مكتوب جاز للعامل إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات، ذلك بأن إيراد هذا الحكم
التيسيري الذي خرج به الشارع عن قواعد الإثبات، هو تأكيد لحرصه على حماية حقوق
العمال ولا يقصد به إعفاء صاحب العمل من الالتزام الواقع عليه بوجوب تحرير عقد
العمل بالكتابة، وهو التزام تقضي البداهة بوقوعه على عاتق صاحب العمل، إذ لا يتصور
أن يلتزم العامل به - وهو في سبيل البحث عن عمل يفتات به هو ومن يلوذ به - دون أن
يلزم صاحب العمل بذلك. وجزاء مخالفة هذا الأخير هذا النص هو إنزال حكم المادة 52
عليه. وهذه المادة واضحة الدلالة في أن المخاطب بها - في صدد الخروج على أحكام نص
المادة الثانية - هو صاحب العمل وحده. ولا يعترض على هذا النظر بأن الشارع قد أجرى
نص المادة 43 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 الذي ألغى المرسوم
بقانون رقم 317 لسنة 1952 بأنه "يجب أن يكون عقد العمل ثابتاً بالكتابة
..." ذلك بأنه حرص على تضمين هذا النص الحكم التيسيري الذي تضمنته المادة
الثانية من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952، ومؤدى ذلك هو أن الشارع اختط النهج
الذي سار عليه المرسوم بقانون الأخير وأكد أحكامه في هذا الخصوص.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه لم يقم بتحرير عقود عمل
لتابعيه من نسختين باللغة العربية بينه وبين عمال مصنعه علي الوجه المقرر في
القانون عند استخدامه العمال المبينة أسماؤهم بالمحضر. وطلبت عقابه بالمادتين 2
و52 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد
الاتهام بتغريم المتهم 200 قرش بالنسبة لكل عامل من عمال المؤسسة وأمرت بوقف تنفيذ
العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا بلا مصاريف جنائية.
فاستأنف المتهم هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا عملا بالمادة 304/1 من
قانون الإجراءات الجنائية بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف
وبراءة المتهم مما أسند إليه بلا مصاريف جنائية. فطعنت النيابة العامة في هذا
الحكم بطريق النقض.. الخ.
--------
المحكمة
.... وحيث إن النيابة العامة تنعى
على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم الابتدائي فيما تضمنه من إدانة
المطعون ضده بجريمة عدم تحريره عقود العمل لمن يستخدمهم من العمال بالكتابة
وبراءته, قد أخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنه أسس البراءة على أن نص المادة الثانية
من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي -المطبق على واقعة
الدعوى- لا يفيد إلزام رب العمل تحرير عقود استخدام العمال الذين يستخدمهم لديه
بالكتابة. وهذا الذي ذهب إليه الحكم يخالف التأويل الصحيح للقانون لأن نص المادة
سالفة البيان نص آمر وقد أفصح الشارع من مراده حين أجرى النص على أن "يكون
عقد العمل بالكتابة ويحرر باللغة العربية" وهو التعبير ذاته الذي جرى به نص
المادة 53 التي نصت على أن "يكون أصحاب العمل مسئولين بالتضامن فيما
بينهم..... كما يكون المتنازل لهم عن العمليات كلها أو بعضها متضامنين مع صاحب
العمل..." يؤكد هذا المعنى ما قطعت به المذكرة الإيضاحية من أن المادة
الثانية قد أوجبت أن يكون العقد بالكتابة, مما كان يقتضي إنزال حكم القانون على
المطعون ضده وإدانته.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده بوصف أنه لم يحرر عقود
العمل على الوجه المقرر في القانون عند استخدامه العمال المبينة أسماؤهم بالمحضر,
وطلبت النيابة العامة معاقبته بأقصى العقوبة المنصوص عليها في المادتين 2 و52 من
المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي. ومحكمة أول درجة قضت
حضوريا عملا بمادتي الاتهام بتغريم المتهم 200 قرش بالنسبة إلى كل عامل من عمال
المؤسسة وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم
نهائيا. فاستأنف المحكوم عليه وقضي في استئنافه بالحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم
المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه. وبعد أن بين الحكم المطعون واقعة الدعوى
عرض إلى التطبيق القانوني في قوله "وحيث إن نص المادة الثانية من المرسوم
بقانون رقم 337 لسنة1952 -يقصد 317 لسنة1952- يجري على أن يكون عقد العمل بالكتابة ويحرر
باللغة العربية ومن نسختين ولكل من الطرفين نسخة وإذا لم يوجد عقد عمل مكتوب جاز
للعامل إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات. وحيث إنه لما كانت عبارة النص المتقدم قد
تضمنت لفظ "يكون عقد العمل...." فإن المشرع بذلك يكون قد قصد عدم إيجاب
تحرير العقد كتابة إذ لو انصرفت نيته إلى ذلك لأسبغ عبارة النص بما يفيد الالتزام
والوجوب كلفظ "يجب" بدلا من " يكون" أما وقد اقتصر المشرع على
تصدير النص بلفظ يكون فإنه لا يكون قد حتم الالتزام بتحرير العقد كتابة, يؤيد هذا
النظر استدراك المشرع في نفس النص بأنه إذا لم يوجد عقد مكتوب جاز للعامل إثبات
حقوقه بجميع طرق الإثبات". وخلص الحكم من ذلك إلى عدم قيام الجريمة المسندة
إلى المطعون ضده لافتقارها إلى العنصر المعنوي وهو التحريم لانعدام الالتزام. لما
كان ذلك, وكان ما أورده الحكم مما تقدم غير سديد, ذلك بأن مفاد ما نص عليه المرسوم
بقانون المذكور في المادة الثانية منه من أنه "يكون عقد العمل بالكتابة ويحرر
باللغة العربية ومن نسختين ولكل من الطرفين نسخة...." هو وجوب تحرير عقد
العمل باللغة العربية كتابة, وقد أكدت المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون المذكور
هذا المعنى حين أشارت إلى أن المادة الثانية منه أوجبت أن يكون العقد بالكتابة وأن
يحرر باللغة العربية ومن نسختين ولكل من الطرفين نسخة. ولا يقدح في ذلك, النص على
أنه إذا لم يوجد عقد مكتوب جاز للعامل إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات, ذلك بأن
إيراد هذا الحكم التيسيري الذي خرج به الشارع عن قواعد الإثبات هو تأكيد لحرص
الشارع على حماية حقوق العمال ولا يقصد به إعفاء صاحب العمل من الالتزام الواقع
عليه بوجوب تحرير عقد العمل بالكتابة وهو التزام تقضي البداهة بوقوعه على عاتق
صاحب العمل إذ لا يتصور أن يلتزم العامل به -وهو في سبيل البحث عن عمل يقتات منه
هو ومن يلوذ به- دون أن يلزم صاحب العمل بتحرير العقد بالكتابة. وجزاء مخالفة صاحب
العمل هذا النص هو إنزال حكم المادة52 من المرسوم بقانون سالف الذكر عليه التي
تتضمن النص على تعدد الغرامة المنصوص عليها فيها بقدر عدد العمال الذين وقعت في
شأنهم المخالفة طالما أنها تمس مصالح أفراد العمال وحقوقهم مباشرة وبالذات, وهذه
المادة الأخيرة واضحة الدلالة في أن المخاطب بها -في صدد الخروج على أحكام نص
المادة الثانية- هو صاحب العمل وحده. ولا يعترض على هذا النظر بأن الشارع قد أجرى
نص المادة 43 من قانون العمل -الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 المعمول به في
إقليمي الجمهورية والذي ألغى المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل
الفردي- بأنه يجب "أن يكون عقد العمل ثابتا بالكتابة...." ذلك بأنه حرص
على تضمين هذا النص الحكم التيسيري الذي تضمنته المادة الثانية من المرسوم بقانون
رقم 317 لسنة 1952 ومؤدى ذلك هو أن الشارع اختط النهج الذي سار عليه المرسوم
بقانون الأخير وأكد أحكامه في هذا الخصوص, هذا فضلا عن أن ما جرى به نص المادة 53
من المرسوم بقانون سالف البيان في شأن التضامن في المسئولية بين أصحاب العمل
والمتنازل لهم عن العمليات كلها أو بعضها من أنهم "يكونون" مسئولين
بالتضامن قد جاء متسقا مع العبارة التي استعملها الشارع في المادة الثانية وواضح
الدلالة في تأكيد مراد الشارع من أنه حين استعمل هذا التعبير قد قصد به الإلزام
والتحتيم - لا مجرد التنظيم. لما كان ما تقدم, فإن الحكم المطعون فيه يكون مخطئا
في تطبيق القانون ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه وإنزال حكم المادتين 2 و52 من
المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم والقضاء
بتأييد الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق