برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود،
ومحمود إبراهيم إسماعيل ومصطفى كامل وفهيم يسى جندي المستشارين.
-------------
عمل. قانون.
التزام رب العمل بإتباع ما نصت عليه المادة الثانية من المرسوم بقانون
رقم 317 سنة 1952 من وجوب تحرير عقد العمل بالكتابة على العقود التي تمت في الفترة
السابقة على سريان هذا القانون.
متى كانت العقود المبرمة بين رب العمل وبين العمال قد تمت في الفترة
السابقة على سريان المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي، فإنه
يتعين على رب العمل اتباع ما نصت عليه المادة الثانية من ذلك القانون من وجوب
تحرير عقد العمل بالكتابة باعتبارها من القواعد التنظيمية المتعلقة بالنظام العام،
وتنتج أثرها القانوني من حيث الشكل حالاً ومباشرة دون أن ينطوي هذا على معنى الأثر
الرجعي، إذ أنه في هذه الصورة لا يسري على ما سبق نفاذه ولكن تجدد النشاط الإجرامي
في ظل هذا القانون يجعله سارياً عليه باعتبار هذا النشاط مكوناً في ذاته جريمة.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الدكتور ...... (المطعون ضده) بأنه لم يحرر عقود
العمل كتابة بينه وبين عمال مصنع السكر البالغ عددهم 2672 عاملا تقريبا من نسختين
وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و52 من القانون رقم 317 لسنة 1952 ومحكمة كوم أمبو
الجزئية قضت حضوريا ببراءة المتهم مما أسند إليه عملا بالمادة 304/1 من قانون
الإجراءات الجنائية. فاستأنفت النيابة هذا الحكم ومحكمة أسوان الابتدائية نظرت هذا
الاستئناف وقضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم
بطريق النقض...إلخ.
------------
المحكمة
... وحيث إن مما تنعاه النيابة على
الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة عدم تحرير عقود العمل
كتابة بينه وبين عمال المصنع في الفترة اللاحقة لسريان المرسوم بقانون رقم 317 سنة
1952 في شأن عقد العمل الفردي وبعدم مؤاخذته بحكم المادة الثانية منه على أساس أن
العقود سابقة على العمل بهذا القانون ولا يجوز أن ينسحب أثره على الماضي - أن
الحكم إذ قضى بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله على الواقعة كما صار إثباتها
في الحكم ذلك بأن عقد العمل هو عقد رضائي يتم بالإيجاب والقبول واشتراط تحرير هذا
العقد من نسختين إنما قصد به إثبات العقد فيسري القانون الجديد في هذا الخصوص على
جميع العقود التي تسري بعد نفاذه حتى ولو كانت قد نشأت في ظل القانون القديم. هذا
والعقود المبرمة بين المصنع الذي يديره المطعون ضده وبين العمال من نسخة واحدة في
ظل القانون القديم كانت لمدة محدودة انقضت وتجددت لمدة غير محدودة بعد العمل
بالقانون الجديد فتكون تلك العقود قد جددت لمدة غير محدودة طبقا لنص المادة
الخامسة والثلاثين منه فيسري عليها هذا القانون ما دام إن التجديد قد تم في ظله
وتحت سلطانه.
وحيث إن واقع الحال في الدعوى هو أن النيابة العامة رفعت الدعوى على
المطعون ضده بوصفه مديرا لمصنع السكر بكوم أمبو بأنه في يوم 5 مارس سنة 1953 لم
يحرر عقود العمل كتابة بينه وبين عمال مصنع السكر البالغ عددهم 2672 عاملا موقعا
عليه من نسختين ولكل من الطرفين نسخة وطلبت معاقبته بالمواد 1 و2 و52 من المرسوم
بقانون رقم 317 سنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي فحكمت محكمة أول درجة ببراءة
المطعون ضده مما أسند إليه فاستأنفت النيابة الحكم فحكمت المحكمة ثاني درجة برفض
الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف. وأسست قضاءها على أن المرسوم بقانون رقم
317 لسنة 1952 قد خلا من النص على رجعيته بخصوص أحكام المادة الثانية منه فإن
أحكام هذه المادة لا تسري إلا من تاريخ نفاذه الحاصل في 8/12/1952 أما بالنسبة
للعقود المبرمة قبل هذا القانون فإنها تخضع لأحكام المادة الثالثة من القانون رقم
41 لسنة 1944 التي كانت تجيز إبرام العقود شفاها كما سبق القول ومن ثم فلا يمكن
مساءلة المتهم عن عدم تحريرها بالكتابة ذلك لأنها في الواقع حوادث قانونية تمت في
ظل قانون لم يكن يوجب ذلك أو يعاقب على إغفاله.
وحيث إن المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي إذ
نص في المادة الثانية على أن "يكون عقد العمل بالكتابة ويحرر باللغة العربية
من نسختين ولكل من الطرفين نسخة وإذا لم يوجد عقد مكتوب جاز للعامل إثبات حقوقه
بجميع طرق الإثبات" وإذ نص في المادة 52 منه على أنه "مع عدم الإخلال
بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي قرش ولا تتجاوز
ألف قرش. كل من يخالف أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له وتتعدد
الغرامة بقدر عدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة" - إذ نص على ذلك فقد
دل بصريح عبارته وما تفيده عبارة "يكون تحرير العقد بالكتابة" من معنى
الوجوب وما كفلته المادة 52 بما نصت عليه من عقوبة جنائية عند المخالفة - قد دل
على أنها من القواعد التنظيمية التي يتعين على رب العمل إتباعها لتعلقها بالنظام
العام وتنتج أثرها القانوني من حيث الشكل حالا ومباشرة وتسري في حق كل من تصدق
عليه أحكامها من تاريخ نفاذها الحاصل في 8 من ديسمبر سنة 1952 بالنسبة إلى ما يتم
من الوقائع تحت ظلها دون أن ينطوي هذا على معنى الأثر الرجعي وهو على هذه الصورة
لا يسري على ما سبق نفاذه ولكن تجدد النشاط الإجرامي في ظل هذا القانون يجعل هذا
القانون ساريا عليه باعتبار هذا النشاط مكونا في ذاته جريمة فالحالة الجنائية هي
التي أدركت القانون الجديد فتخضع له وليس هو الذي يرجع أثره إليها فضلا عن أنه لا
أثر له على المركز القانوني الذي كان لطرفي العقد قبل سريانه - لما كان ذلك وكانت
المادة 35 من القانون المذكور قد نصت على أنه" إذا كان العقد مجدد المدة
واستمر الطرفان في تنفيذه بعد انقضاء مدته اعتبر العقد مجددا لمدة غير
محدودة" فإنه كان يتعين على محكمة الموضوع التثبت من العقود التي تجددت تحت
ظل هذا القانون وإن كانت قد بدأت بالفعل في عهد القانون القديم ما دام أن المدة
المحدودة فيها قد انتهت قبل العمل بهذا القانون - لتنزل حكم القانون على وجهه
الصحيح ويكون الحكم المطعون فيه إذ نص على خلاف ذلك قد أخطأ في تطبيق القانون ولما
كانت المحكمة متأثرة بهذا الرأي غير الصحيح الذي انتهت إليه قد حجبت نفسها عن بحث
العقود التي تجددت بعد تاريخ 8 من ديسمبر سنة 1952 وصرفت نفسها عن النظر فيها بحيث
لا يستطاع من واقع ما جاء في الحكم استظهار العقود التي تجددت تحت ظل هذا القانون
وأصبحت خاضعة لسلطانه مما يقتضي إعادة القضية للفصل فيها مجددا في خصوص هذه العقود
المشار إليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق