جلسة 9 من إبريل سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سيد قايد، عبد الغفار المنوفي، عبد الله عصر نواب رئيس المحكمة ومحمد جمال الدين سليمان.
--------------
(122)
الطعن رقم 95 لسنة 59 القضائية
(1، 2) إيجار "إيجار الأراضي الزراعية". اختصاص "الاختصاص النوعي". إصلاح زراعي. عقد. دعوى.
(1) اختصاص المحكمة الجزئية في المنازعات الزراعية. نطاقه. المنازعات الناشئة عن إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل دون الحدائق والمشاتل. م 39 مكرراً المضافة بق 67 لسنة 1975.
(2) عقود إيجار الأراضي المنزرعة بالمحاصيل الحقلية العادية. وجوب تحريرها وإيداع نسخة منها بالجمعية الزراعية. تخلف ذلك. أثره. عدم قبول المنازعة الناشئة عنها. المنازعات الناشئة عن عقود إيجار الأراضي المؤجرة لزراعتها حدائق أو مشاتل. خضوعها للقواعد العامة في قانون المرافعات.
(3) محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
لقاضي الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن والمستندات المقدمة فيها وترجيح ما يطمئن إليه منها. عدم التزامه بالرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو مستند يقدمه الخصوم. حسبه أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 - النص في المادة 36 من المرسوم بقانون الإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون 52 لسنة 1966 على أنه "يجب أن يكون عقد الإيجار مزارعة أو نقداً - ثابتاً بالكتابة أياً كانت قيمته وكذلك كل اتفاق على استغلال أراضي زراعية ولو كان لزراعة واحدة. ويحرر العقد من ثلاث نسخ على الأقل توقع من أطرافه، ويحتفظ كل من المتعاقدين بنسخة منها وتودع نسخة أخرى بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة في القرية الكائنة في زمامها الأطيان المؤجرة، فإذا لم توجد جمعية في تلك القرية فيكون الإيداع بالجمعية التعاونية الزراعية المشتركة في المركز التابعة له القرية - ويقع عبء الالتزام بالإيداع على المؤجر، وفي المادة 36 مكرراً (ب) من القانون المذكور المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1963 والمعدلة بالقانون 52 لسنة 1966 على أن "لا تقبل المنازعات والدعاوى الناشئة عن إيجار الأراضي الزراعية مزارعة أو نقداً أمام أية جهة إدارية أو قضائية ما لم يكن عقد الإيجار مودعاً بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة. فإذا كان عقد الإيجار مكتوباً ولم تودع نسخة منه بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة، فلا تقبل المنازعات والدعاوى الناشئة عن هذا العقد ممن أخل بالالتزام بالإيداع" يدل على أن تطبيقهما يقصر على عقود إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية، والمنازعات الخاصة بهذه العقود دون تلك المتعلقة بعقود إيجار الأراضي الزراعية التي تؤجر لزراعتها حدائق أو مشاتل التي تخضع في شروط قبولها للقواعد العامة في قانون المرافعات.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن وتقارير الخبرة والمستندات المقدمة فيها وفهم فحواها وما يصلح للاستدلال به منها وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أو مستند يقدمه الخصوم، وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق بما تكفي لحمله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم أقام على الطاعنين الدعوى التي قيدت أخيراً برقم 412 لسنة 1987 - أمام محكمة دمنهور الابتدائية "مأمورية كفر الدوار" طالباً الحكم بندب خبير لتقدير أجرة الأطيان المبينة بالصحيفة والمنزرعة بالموالح، وقال بياناً لدعواه إنه يمتلك ثلاثة أفدنة من الأراضي الزراعية سالفة الذكر المزروعة بأشجار الموالح والتي يضع الطاعن الأول يده على فدانين منها ويضع الطاعن الثاني يده على الفدان الثالث دون أن يحرر عنها عقود إيجار، أو يتفق على قيمتها الإيجارية، ولما كان الطاعن الأول يعرض عليه أجرة تقل عن الأجرة الحقيقية، وكان إيجار الأرض المزروعة بالفاكهة لا يخضع للحد الأقصى المقرر لأجرة الأرض المزروعة بالمحاصيل الزراعية العادية وإنما لاتفاق الطرفين فقد أقام الدعوى، ودفع الطاعن الأول بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره ادعى المطعون ضدهم بالتزوير على ثلاث مخالصات تفيد سداد القيمة الإيجارية للأرض محل النزاع وبتاريخ 19/ 12/ 1987 قضت المحكمة أولاً: بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى بالنسبة لمساحة فدان في وضع يد الطاعن الأول والمزروع بالمحاصيل الزراعية، وإحالة هذا الشق إلى محكمة كفر الدوار الجزئية، ثانياً: بعدم قبول الادعاء بالتزوير، ثالثاً: بتقدير أجرة الفدان وضع يد الطاعن الأول بمبلغ 650 جنيه سنوياً، وأجرة الفدان وضع يد الطاعن الثاني بمبلغ 933.300 جنيه سنوياً، استأنف الطاعنان هذا الحكم - في شقه الأخير - بالاستئناف رقم 85 لسنة 44 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور" وبتاريخ 9/ 11/ 1988 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن المحكمة الجزئية هي المختصة نوعياً بنظر المنازعات المتعلقة بالأراضي الزراعية وما في حكمها دون أن يستثني منها الأراضي المزروعة حدائق عملاً بحكم المادة 39 مكرراً المضافة بالقانون رقم 67 لسنة 1975، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى بالنسبة لمساحة الفدان المزروع بالمحاصيل الزراعية فقط دون أن يشمل ذلك الشق الخاص بالفدانين المزروعين بالموالح فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة "39 مكرراً" من المرسوم بقانون الإصلاح الزراعي المضافة بالقانون رقم 67 لسنة 1975 أن مناط اختصاص المحكمة الجزئية في المنازعات الزراعية ينحصر في المنازعات الخاصة بعقود إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية وإنه لا اختصاص لها بالمنازعات المتعلقة بعقود الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق أو مشاتل التي يعتبر استئجارها أقرب إلى الاستغلال التجاري منه إلى الاستغلال الزراعي، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن الأطيان محل النزاع مساحتها ثلاثة أفدنة يضع الطاعنان يدهما على فدانين منها مزروعين بأشجار البرتقال ومن ثم تخرج مساحة هذين الفدانين من عداد الأراضي الزراعية التي تختص المحكمة الجزئية وحدها بنظر المنازعات المتعلقة بها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، واقتصر في قضائه بعدم الاختصاص النوعي الشق الخاص بمساحة الفدان المزروع بالمحاصيل الزراعية فقط دون باقي المساحة المزروعة حدائق فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إنه لما كان يشترط لقبول الدعاوى الناشئة عن إيجار الأراضي الزراعية - سواء المزروع منها بالحاصلات الزراعية أو الحدائق - أن يكون عقد الإيجار مودعاً بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة وكان مورث المطعون ضدهم لم يقدم الإيجار أو ما يفيد إيداعه الجمعية الزراعية رغم إنذاره بتحرير عقد إيجار لهما وإيداعه الجهة سالفة الذكر فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم هذا النظر، وقصر اشتراط تقديم العقد على الدعاوى الناشئة عن إيجار الأراضي المزروعة بالحاصلات الزراعية دون الحدائق فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 36 من المرسوم بقانون الإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون 52 لسنة 1966 على أنه "يجب أن يكون عقد الإيجار مزارعة أو نقداً - ثابتاً بالكتابة أياً كانت قيمته وكذلك كل اتفاق على استغلال أراضي زراعية ولو كان لزراعة واحدة. ويحرر العقد من ثلاث نسخ على الأقل توقع من أطرافه، ويحتفظ كل من المتعاقدين بنسخة منها وتودع نسخة أخرى بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة في القرية الكائنة في زمامها الأطيان المؤجرة، فإذا لم توجد جمعية في تلك القرية فيكون الإيداع بالجمعية التعاونية الزراعية المشتركة في المركز التابعة له القرية - ويقع عبء الالتزام بالإيداع على المؤجر" وفي المادة 36 مكرراً ب من القانون المذكور المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1963 والمعدلة بالقانون 52 لسنة 1966 على أن "لا تقبل المنازعات والدعاوى الناشئة عن إيجار الأراضي الزراعية مزارعة أو نقداً أمام أية جهة إدارية أو قضائية ما لم يكن عقد الإيجار مودعاً بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة. فإذا كان عقد الإيجار مكتوباً ولم تودع نسخة منه بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة، فلا تقبل المنازعات والدعاوى الناشئة عن هذا العقد ممن أخل بالالتزام بالإيداع "يدل على أن تطبيقهما يقصر على عقود إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية، والمنازعات الخاصة بهذه العقود دون تلك المتعلقة بعقود إيجار الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق أو مشاتل التي تخضع في شروط قبولها للقواعد العامة في قانون المرافعات وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويضحى النعي عليه بالتالي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأن القيمة الإيجارية للأرض محل النزاع متفق عليها بينهما وبين مورث المطعون ضدهم وقدما تدليلاً على ذلك بجلستي 23/ 3، 20/ 4/ 1983 أمام محكمة أول درجة مخالصات تفيد سداد الأجرة المستحقة عن الأطيان المؤجرة لهما سواء المزروع منها حدائق أو المزروع حاصلات زراعية، وإذ امتنع المؤجر عن استلام الأجرة عرضاها عليه بإنذار تضمن مبلغ 220 جنيه منه سبعون جنيهاً مقابل إيجار الفدان المزروع بالحاصلات الزراعية، ومائة وخمسون جنيهاً إيجار الفدان المزروع بالموالح الأمر الذي يقطع بأن القيمة الإيجارية للفدان الأخير مائة وخمسون جنيهاً سنوياً، ولا يقدح في سلامة تلك المخالصات الادعاء بتزويرها بعد أربع سنوات من تاريخ تقديمها للمحكمة، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن تحقيق هذا الدفاع الجوهري على سند مما ذهب إليه من اعتبار المخالصات المشار إليها خاصة بدعوى حساب ومما استخلصه من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى رغم اعتراضهما على هذا التقرير وطلبهما ندب خبير آخر لعدم التزام الخبير بالاستهداء في تقدير الأجرة بحالات المثل والاستدلال في تقدير قيمتها بتقرير خبرة قدم في دعوى أخرى لم تأخذ به المحكمة في تلك الدعوى وهو ما قدم تأييداً له صورة رسمية من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 536 لسنة 41 ق الإسكندرية ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن وتقارير الخبرة والمستندات المقدمة فيها وفهم فحواها وما يصلح للاستدلال به منها وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أو مستند يقدمه الخصوم، وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق بما تكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتقدير القيمة الإيجارية لمساحة الفدانين المزروعين بأشجار الموالح على ما استخلصه في حدود سلطته الموضوعية من أن المخالصات المقدمة من الطاعنين خاصة بدعوى حساب ومما اطمأن إليه من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى محمولاً على أسبابه - من أن نصيب مورث المطعون ضدهم في الفدان وضع يد الطاعن الأول مبلغ مقداره 650 جنيه سنوياً ونصيبه في الفدان وضع يد الطاعن الثاني مبلغ مقداره 933.300 جنيه سنوياً وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم سائغاً له أصله الثابت بالأوراق ويتضمن الرد المسقط لما أثاره الطاعنان من دفاع على خلافه مؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها بما يكفي لحمل قضائه ومن ثم فإن النعي عليه بهذين السببين لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض مما يضحى معه النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق