الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 11 سبتمبر 2014

الطعون 648 لسنة 73 ق ، 5745 ، 6467 ، 6787 لسنة 75 ق جلسة 13/ 12/ 2005 مكتب فني 56 ق 150 ص 856

جلسة 13 من ديسمبر سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / على محمد على ، حسين السيد متولى , محمد خليل درويش ومحمد حسن العبادي نواب رئيس المحكمة .
---------
(150)
الطعون 648 لسنة 73 ق ، 5745 ، 6467 ، 6787 لسنة 75 ق
(1) تحكيم " إجراءات التحكيم " . قانون " القانون الواجب التطبيق" " القواعد الإجرائية الآمرة " .
اتفاق طرفي العقد على إحالة ما قد ينشأ عنه من خلاف إلى التحكيم وفقاً لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم . مؤداه . التزام هيئة التحكيم بتطبيقها . شرطه . ألا تتعارض مع قاعدة من القواعد الإجرائية الآمرة في التشريع المصري . علة ذلك . م 22 ق مدنى و م 1 من قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم .
( 2 – 4 ) تحكيم " حكم التحكيم ". حكم " الأحكام غير المنهية للخصومة " " تسبيب الحكم : الأسباب القانونية " . دعوى " دعوى بطلان حكم التحكيم " . دفوع " الدفع بعدم الاختصاص " " الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة " . نقض .
(2) النيل من سلامة الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع . اعتبارها من القواعد الإجرائية الآمرة في التشريع المصري . أثره . عدم جواز رفع دعوى البطلان بشأنها إلا مع الحكم المنهى للخصومة التحكيمية .
(3) الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم والدفع بعدم قبول الدعوى التحكيمية لانعدام صفة رافعها . مؤداهما . منع هيئة التحكيم من الفصل في الموضوع . أثره . عدم جواز رفع دعوى بطلان الحكم برفض الدفع بانعدام الصفة إلا مع الحكم المنهى للخصومة كلها . م 22 ق 27 لسنة 1994 .
(4) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى نتيجة صحيحة . لا يعيبه قصوره في أسبابه القانونية . لمحكمة النقض استكمالها .
 ( 5 – 7 ) تحكيم " ميعاد إصدار حكم التحكيم " . قانون " القواعد الإجرائية الآمرة " . نقض " أسباب الطعن : السبب غير المنتج " .
(5) ترك تحديد ميعاد إصدار حكم التحكيم لإرادة طرفي التحكيم . م 45 ق 27 لسنة 1994 . مفاده . نفى وصف القاعدة الإجرائية الآمرة عنه . خلو قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التي اتفق على تطبيقها من تحديد ميعاد لإصدار حكم التحكيم وتركه لهيئة التحكيم . مؤداه . وجوب تغليبها على أحكام م 45 سالفة الذكر . مخالفة ذلك . أثره .
(6) تحديد هيئة التحكيم ميعاداً لإصدار حكمها من تلقاء ذاتها أو بناء على طلب أحد طرفي الدعوى . أثره . تقيدها به . شرطه . ألا تتعرض إجراءات نظر التحكيم لما يقتضى وقف سريان الميعاد . مثال .
(7) النعي الذي لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة . غير منتج . علة ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – النص في المادة الأولى من قواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم مرتبطاً بالبند الخامس من المادة 18 من العقد المتضمن أن محل التحكيم القاهرة بمصر والمادة 22 من القانون المدني مؤداه أن القواعد الإجرائية التي لا يجيز التشريع المصري الخروج عنها تكون لها الغلبة وتسمو على اتفاق الأطراف بشأن إحالة التحكيم وإجراءات الدعوى التحكيمية إلى قواعد تحكيم إحدى المنظمات أو مراكز التحكيم ومنها مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم .
2 – إذ كانت الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى التحكيمية ولا تنتهى بها الخصومة لا يجوز النيل من سلامتها إلا مع الحكم المُنهى للخصومة كلها تعد من القواعد الإجرائية الآمرة في قانون المرافعات المصري (قانون البلد الذي أقيمت فيه الدعوى وبوشرت فيها إجراءاتها ) لتعلقها بحسن سير العدالة وهو ما أخذت به وسارت على نهجه المادة 22 من قانون التحكيم 27 لسنة 1994 بما قررته من عدم جواز رفع دعوى بطلان حكم هيئة التحكيم الصادر في الدفوع المتعلقة بعدم الاختصاص بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع إلا مع الحكم التحكيمي المنهى للخصومة كلها بما لازمه وجوب إعمال هذه القاعدة الآمرة على إجراءات نظر الدعويين التحكيميتين رقمي .... لسنة ...... التي تعد لها الغلبة على القواعد الإجرائية المطبقة بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم .
3 – الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم في صوره المتعددة ، والدفع بعدم قبول الدعوى التحكيمية لانعدام صفة المدعى فيها يقصد المتمسك بأي منها منع هيئة التحكيم من الفصل في موضوع الدعوى المعروضة عليها بما لازمه أن يأخذ الدفع بعدم القبول ذات القاعدة الوارد ذكرها في المادة 22 من قانون التحكيم 27 لسنة 1994 بما لا يجوز معه إقامة دعوى بطلان لحكم قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة رافعها إلا مع الحكم المنهى للخصومة التحكيمية كلها .
4 – إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى نتيجة صحيحة لا يعيبه قصوره في أسبابه القانونية المؤدية لها إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب بما تصلح لها دون أن تنقضه.
5 – إذ كانت المادة 18 من عقد المقاولة المحرر بين طرفى خصومة الطعن قد أجاز لكل منهما الحق في إحالة ما قد ينشأ بينهما من خلاف بشأن العقد إلى التحكيم وحدد الإجراءات الواجبة الاتباع ومنها ما ورد بالبند 3 من تلك المادة من أن القواعد التي تحكم إجراء التحكيم هي قواعد التحكيم الدولية إلا أنهما وقد اتفقا على نحو ما جاء بمحضر جلسة ...... الذي وقع عليه ممثل لهما على إخضاع إجراءات الدعويين التحكيميتين سالفتي الذكر لقواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وأن يتولى هذا المركز إدارتها فإنه يتعين إعمال هذه القواعد متى كانت لا تتعارض مع قاعدة إجرائية آمرة في مصر - قانون البلد الذي أقيمت فيها الدعوى وبوشرت فيها الإجراءات وفقاً لحكم المادة 22 من القانون المدني - وإذ جاء نص الفقرة الأولى من المادة 45 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 على أن [ 1- على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهى للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال اثنى عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم وفى جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك . . . ] فإن مؤداه أن المشرع المصري قد ارتأى ترك أمر تحديد الميعاد اللازم لإصدار حكم التحكيم المنهى للخصومة كلها لإرادة الأطراف ابتداءً وانتهاءً وبذلك يكون قد نفى عن الميعاد اللازم لإصدار هذا الحكم وصف القاعدة الإجرائية الآمرة فتضحى تبعاً لذلك القواعد الوارد ذكرها في المواد 19 ، 20 ، 22 ، 23 من قواعد تحكيم مركز القاهرة هي الواجبة الإعمال على إجراءات الدعويين التحكيميتين رقمي ..... لسنة 2002 ، ..... لسنة 2002 التي تمنح هيئة التحكيم سلطة تقدير المدة اللازمة لإصدار حكمها فيهما وفقاً لظروف كل دعوى والطلبات فيها وبما لا يخل بحق كل من الطرفين في الدفاع .
6 – متى حددت هيئة التحكيم ميعاداً لإصدار حكمها من تلقاء ذاتها أو بناء على طلب أحد طرفي الدعوى تعين عليها التقيد به ما لم يعرض خلال إجراءات نظر التحكيم ما يقتضى وقف سريان هذا الميعاد ، وكان الواقع في الدعوى - حسبما حصله الحكم المطعون فيه - أن هيئة التحكيم قد نظرت الدعويين على نحو ما جاء بمحاضر جلساتها واستجابت وفقاً لسلطتها التقديرية لطلبات كل من أطرافهما في تحديد المدة اللازمة لتقديم مستنداته ومذكرات دفاعه بعد أن وافقه الطرف الآخر عليها وتزامن ذلك مع إقامة المطعون ضدها دعوى بطلان على قرار هيئة التحكيم بقبول الدعويين من الطاعنة لتوافر الصفة في إقامتهما تابعه طلب الأمر بإنهاء إجراءات نظرهما وهو ما تم التظلم منه لحقه طلب وقف سير خصومة التحكيم فيهما استجاب له حكم محكمة الاستئناف ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدلالة ذلك كله مرتبطاً بما جاء بمواد قواعد مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي – سالفة الذكر – التي تمنح هيئة التحكيم سلطة تنظيم إجراءات نظر الدعوى التحكيمية والمدة اللازمة لإصدار الحكم خلالها والواجبة التطبيق على الواقع في الدعويين باتفاق أطرافهما وغلّب عليها أحكام المادة 45 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 في شأن إنهاء إجراءات التحكيم فيهما دون سند من اتفاق أو نص يجيز ذلك فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه .
7 – إذ انتهى الحكم إلى نقض الحكم المطعون فيه محل هذا الطعن فإن النعي عليه . أياً كان وجه الرأي فيه وعلى فرض صحته لا يحقق سوى مصلحة نظرية . فيضحى غير منتج .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة ، وبعد المداولة .
       حيث إن الطعون استوفت أوضاعها الشكلية .
       وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة الطاعنة في الطعن رقم ...... أقامت لدى محكمة استئناف ..... على الشركة المطعون ضدها وآخرين - رئيس وعضوي هيئة التحكيم – طلبت الحكم فيهما بصفة مستعجلة بوقف إجراءات التحكيم في القضيتين ...... المقيدتين لدى مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي ، وببطلان حكم التحكيم الصادر فيهما مع رد هيئة التحكيم عن نظرهما . على سند من أنها اعتدت بأن شركة ...... هي صاحبة الصفة في إقامة هاتين الدعويين في حين أن شركة ...... هي الممثلة الوحيدة للمجمع الرابع الذي أبرم عقد المقاولة محل النزاع مع الطاعنة فيكون لها وحدها الحق في إقامتهما ، وإذ خالف القرار الصادر من هيئة التحكيم ذلك وقبل الدعويين التي أقامتهما الشركة الأولى ، وشاب مسلك أعضاء هيئة التحكيم في إداراتهم لجلسات نظر هاتين الدعويين ما ينال من حيدتهم واستقلالهم فقد أقامتهما للقضاء لها بطلباتها فيهما. وبتاريخ ..... حكمت محكمة استئناف .... في الدعويين بعدم قبولهما لرفعهما قبل الأوان ، وفى طلب الرد برفضه ، ..... تقدمت الشركة الطاعنة بالطلبين رقمي .... إلى رئيس محكمة استئناف ......لإصدار الأمر بإنهاء إجراءات التحكيم في القضيتين سالفتي الذكر إعمالاً لحكم المادة 45/2 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 فأمر بتاريخ 27 أكتوبر سنة 2003 برفضهما . تظلمت الطاعنة منهما بالتظلمين المقيدين برقمي ....... كما تقدمت بالطلب المقيد برقم ...... بغية وقف سير خصومة التحكيم في الدعوى رقم ..... مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم وبالطلب رقم ..... بوقف نظر الدعوى التحكيمية رقم ..... وذلك إلى حين الفصل في التظلمين من الأمر الصادر برفض إنهاء إجراءات التحكيم فاستجابت المحكمة لهما وأصدرت في الأول منهما بتاريخ ..... أمراً بوقف نظر الدعوى رقم .... المحدد لها جلسة ...... ، وفي الثاني بتاريخ ..... أمراً بوقف نظر الدعوى رقم ..... المحدد لها جلسة ...... تظلمت المطعون ضدها بالتظلم رقم ..... طالبة إلغاء الأمر بوقف نظر التحكيم رقم ..... وبالتظلم رقم ...... طالبة إلغاء الأمر بوقف نظر التحكيم رقم ..... وبعد أن قررت محكمة الاستئناف ضم التظلمات والأوامر سالفة الذكر ليصدر فيها حكم واحد قضت في ..... بقبول التظلمين رقمي ....... شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الأمرين رقمي ..... القاضي كل منهما بوقف إجراءات التحكيم في الدعويين ...... ، والقضاء برفض إصدارهما وفى موضوع التظلمين رقمي ..... بإلغاء الأمر المتظلم منه موضوع الطلبين رقمي ..... والأمرين المرفقين بهما رقمي ..... والقضاء بإنهاء إجراءات التحكيم في التحكيمين رقمي ...... مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي . طعنت الطاعنة في الطعن الأول على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف القاضي بتاريخ ..... بعدم قبول الدعويين رقمي ..... وذلك بالطعن رقم ..... وبالطعن رقم ..... في الحكم الصادر من ذات المحكمة بتاريخ ..... فيما قضى به من إلغاء أمرى وقف الإجراءات التحكيمية رقمي ..... في التحكيمين ..... ورفض إصدارهما . كما طعنت المطعون ضدها في ذات الحكم الأخير بالطعنين رقمي ...... ، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت الرأي في الطعنين الأولين برفضهما وبنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطعنين رقمي........ وبالجلسة المحددة لنظر هذه الطعون قررت المحكمة ضم هذه الطعون ليصدر فيها حكم واحد والتزمت النيابة رأيها .
أولاً : الطعن رقم 648 لسنة 73 ق
       حيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ قضى بعدم قبول دعويي الطاعنة ببطلان الحكمين الصادرين من هيئة التحكيم في الدعويين ..... لرفعهما من الشركة المطعون ضدها التي لا تتوافر لها الصفة في إقامتهما باعتبارها أحد أطراف مجموعة الشركات التي تعاقدت كمقاول مع الطاعنة وتنفرد شركة ..... في تمثيل هذه المجموعة ويكون لها وحدها الحق في رفع هاتين الدعويين وذلك على سند من أنه يتعين لقبولهما أن يتم رفعهما مع الحكم المنهى للخصومة كلها ، في حين أن الدفع بعدم قبول دعوى التحكيم لعدم توافر الصفة في رافعها لا يدخل في نطاق ومفهوم الدفع بعدم الاختصاص الذي يتعين ألا ترفع الدعوى ببطلان الحكم الصادر بشأنه إلا مع الحكم المنهى للخصومة التحكيمية كلها وفقاً لحكم المادة 22/1 ، 3 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وعليه فإنه يجوز رفع دعوى البطلان بشأن الحكم الصادر بعدم توافر الصفة دون انتظار الحكم المنهى للخصومة ، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
       وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك بأن النص في المادة 18 من عقد المقاولة المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدها وآخرين والمؤرخ ...... على أن [ أي خلاف أو نزاع أو مطالبة تنشأ عن أو تتعلق بهذا العقد انتهاكه أو إنهائه أو بطلانه سوف يحال ...... فإذا لم يرتض أي من صاحب العمل (الطاعنة) أو المقاول (المطعون ضدها وآخرين) بقرار المهندس يكون لهما الحق في إحالة الخلاف إلى التحكيم طبقاً للإجراءات التالية :
       1 – تكون جهة التعيين هي مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم الدولي.
       2 – يكون عدد المحكمين ثلاثة .
       3 – القواعد التي تحكم إجراء التحكيم هي قواعد التحكيم الدولية.
       4 – اللغة التي تستخدم في محاضر الجلسات تكون هي الإنجليزية.
       5 – يكون محل التحكيم القاهرة مصر .
       6 – القانون المطبق على هذا العقد هو قانون جمهورية مصر العربية .
والنص في البند الثالث عشر من بنود محضر جلسة هيئة التحكيم لدى نظر التحكيمين رقمي ..... ، ..... على أنه " بالإشارة إلى أحكام المادة 18 اتفق الأطراف على أن يخضع التحكيم الماثل لقواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وأن يتولى المركز إدارة التحكيم " مفاده أن القواعد الإجرائية التي يتعين أن تتقيد بها هيئة التحكيم عند نظرها هذين التحكيمين هي قواعد مركز القاهرة للتحكيم بدلاً من قواعد التحكيم الدولية الوارد ذكرها في البند الثالث من المادة 18سالفة الذكر ، وأن جمهورية مصر العربية هي البلد التي تقام فيه الدعوى التحكيمية وتباشر فيها إجراءاتها ، وأن التحكيم في هاتين الدعويين هو تحكيم تجارى دولي تبعاً لحكم المادتين 1 ، 3 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 .
وكان النص في المادة الأولى من قواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم على أنه[1- إذا اتفق طرفا عقد كتابة على إحالة المنازعات المتعلقة بهذا العقد إلى التحكيم وفقاً لنظام التحكيم لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وجب عندئذ تسوية هذه المنازعات وفقاً لهذا النظام مع مراعاة التعديلات التي قد يتفق عليها الطرفان كتابة 2 – تنظم هذه القواعد التحكيم إلا إذا تعارض بين - مع - قاعدة فيها نص من نصوص القانون الواجب التطبيق على التحكيم لا يجوز للطرفين مخالفته . إذ تكون الأرجحية عندئذ لذلك النص ] مرتبطاً بالبند الخامس من المادة 18 من العقد سالف الذكر المتضمن أن محل التحكيم القاهرة بمصر والمادة 22 من القانون المدني التي تنص على أنه [ يسرى على قواعد الاختصاص وجميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات ] مؤداه أن القواعد الإجرائية التي لا يجيز التشريع المصري الخروج عنها تكون لها الغلبة وتسمو على اتفاق الأطراف بشأن إحالة التحكيم وإجراءات الدعوى التحكيمية إلى قواعد تحكيم إحدى المنظمات أو مراكز التحكيم ومنها مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم ، وكانت الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى التحكيمية ولا تنتهى بها الخصومة لا يجوز النيل من سلامتها إلا مع الحكم المنهى للخصومة كلها تعد من القواعد الإجرائية الآمرة في قانون المرافعات المصري (قانون البلد الذي أقيمت فيه الدعوى وبوشرت فيها إجراءاتها ) لتعلقها بحسن سير العدالة وهو ما أخذت به وسارت على نهجه المادة 22 من قانون التحكيم 27 لسنة 1994 بما قررته من عدم جواز رفع دعوى بطلان حكم هيئة التحكيم الصادر في الدفوع المتعلقة بعدم الاختصاص بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع إلا مع الحكم التحكيمي المنهى للخصومة كلها بما لازمه وجوب إعمال هذه القاعدة الآمرة على إجراءات نظر الدعويين التحكيميتين رقمي ..... التي تعد لها الغلبة على القواعد الإجرائية المطبقة بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم ، هذا إلى أن الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم في صوره المتعددة سالفة الذكر ، والدفع بعدم قبول الدعوى التحكيمية لانعدام صفة المدعى فيها يقصد المتمسك بأي منها منع هيئة التحكيم من الفصل في موضوع الدعوى المعروضة عليها بما لازمه أن يأخذ الدفع بعدم القبول ذات القاعدة الوارد ذكرها في المادة 22 من قانون التحكيم 27 لسنة 1994 بما لا يجوز معه إقامة دعوى بطلان لحكم قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة رافعه إلا مع الحكم المنهى للخصومة التحكيمية كلها ، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه لهذه النتيجة فإنه يكون قد خلص إلى نتيجة صحيحة لا يعيبه قصوره في أسبابه القانونية المؤدية لها إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب بما تصلح لها دون أن تنقضه ، كما لا ينال منه وصف قضائه بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان في حين أن صحته هو عدم جواز نظرها وذلك دون حاجة إلى إيراد ذلك في منطوق هذا الحكم .
ثانياً : الطعون أرقام 5745 لسنة 75 ق ، 6467 لسنة 75 ق ، 6787 لسنة 75 ق
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في الطعنين رقمي 5745 لسنة 75ق , 6467 لسنة 75ق ، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ اعتد في قضائه بإنهاء إجراءات الدعويين التحكيميتين رقمي ...... مركز القاهرة الإقليمي بمجاوزة هيئة التحكيم الأجل المحدد في المادة 45 من قانون التحكيم 27 لسنة 1994 دون أن يصدر من طرفي التحكيم اتفاق على مدة تزيد عليه ، في حين أنها تمسكت في دفاعها بعدم خضوع هاتين الدعويين للمواعيد الوارد ذكرها في هذه المادة وإنما لقواعد التحكيم الدولية (اليونسترال) التي اتفق طرفا التحكيم على تطبيقها وحددت المواد 18 ، 19 ، 22 فيها مدداً معينة لإجراءات نظر الدعوى التحكيمية وفوضت هيئة التحكيم في مدها وفقاً لظروف كل دعوى وطلبات الخصوم فيها والتي تشكل في جملتها المدد اللازمة لإصدار الحكم وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن إعمال هذه القواعد وغلّب عليها أحكام المادة 45 سالفة الذكر دون سند من الاتفاق أو القانون فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد ذلك أنه لما كانت المادة 18 من عقد المقاولة المحرر بين طرفي خصومة الطعن – وعلى ما جاء بالرد على الطعن رقم 648 لسنة 73ق قد أجاز لكل منهما الحق في إحالة ما قد ينشأ بينهما من خلاف بشأن هذا العقد إلى التحكيم وحدد الإجراءات الواجبة الاتباع ومنها ما ورد بالبند 3 من تلك المادة من أن القواعد التي تحكم إجراء التحكيم هي قواعد التحكيم الدولية إلا أنهما وقد اتفقا على نحو ما جاء بمحضر جلسة ...... الذي وقع عليه ممثل لهما على إخضاع إجراءات الدعويين التحكيميتين سالفتي الذكر لقواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وأن يتولى هذا المركز إدارتها فإنه يتعين إعمال هذه القواعد متى كانت لا تتعارض مع قاعدة إجرائية آمرة في مصر – قانون البلد الذي أقيمت فيها الدعوى وبوشرت فيها الإجراءات وفقاً لحكم المادة 22 من القانون المدني - وإذ جاء نص الفقرة الأولى من المادة 45 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 على أن [ 1- على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهى للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال اثنى عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم وفى جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك ..... ] .
فإن مؤداه أن المشرع المصري قد ارتأى ترك امر تحديد الميعاد اللازم لإصدار حكم التحكيم المنهى للخصومة كلها لإرادة الأطراف ابتداءً وانتهاءً وبذلك يكون قد نفى عن الميعاد اللازم لإصدار هذا الحكم وصف القاعدة الإجرائية الآمرة فتضحى تبعاً لذلك القواعد الوارد ذكرها في المواد 19 ، 20 ، 22 ، 23 من قواعد تحكيم مركز القاهرة هي الواجبة الإعمال على إجراءات الدعويين التحكيميتين رقمي ..... التي تمنح هيئة التحكيم سلطة تقدير المدة اللازمة لإصدار حكمها فيهما وفقاً لظروف كل دعوى والطلبات فيها وبما لا يخل بحق كل من الطرفين في الدفاع وأنه متى حددت هيئة التحكيم ميعاداً لإصدار حكمها من تلقاء ذاتها أو بناء على طلب أحد طرفي الدعوى تعين عليها التقيد به ما لم يعرض خلال إجراءات نظر التحكيم ما يقتضى وقف سريان هذا الميعاد . لما كان ذلك ، وكان الواقع في الدعوى - حسبما حصله الحكم المطعون فيه - أن هيئة التحكيم قد نظرت الدعويين على نحو ما جاء بمحاضر جلساتها واستجابت وفقاً لسلطتها التقديرية لطلبات كل من أطرافهما في تحديد المدة اللازمة لتقديم مستنداته ومذكرات دفاعه بعد أن وافقه الطرف الآخر عليها وتزامن ذلك مع إقامة المطعون ضدها دعوى بطلان على قرار هيئة التحكيم بقبول الدعويين من الطاعنة لتوافر الصفة في إقامتهما تابعه طلب الأمر بإنهاء إجراءات نظرهما وهو ما تم التظلم منه لحقه طلب وقف سير خصومة التحكيم فيهما استجاب له حكم محكمة الاستئناف ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدلالة ذلك كله مرتبطاً بما جاء بمواد قواعد مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي – سالفة الذكر – التي تمنح هيئة التحكيم سلطة تنظيم إجراءات نظر الدعوى التحكيمية والمدة اللازمة لإصدار الحكم خلالها والواجبة التطبيق على الواقع في الدعويين باتفاق أطرافهما وغلّب عليها أحكام المادة 45 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 في شأن إنهاء إجراءات التحكيم فيهما دون سند من اتفاق أو نص يجيز ذلك فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه موجباً لنقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعنين .
       وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة في الطعن رقم 6787 لسنة 75 ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بإلغاء كل من الأمرين رقمى ...... الصادرين بوقف نظر التحكيمين رقمي ...... لصدورهما من جهة غير مختصة وفى غير الحالات الوارد ذكرها على سبيل الحصر في المادة 194 من قانون المرافعات على الرغم من اختصاص مصدر هذين الأمرين وفى نطاق ما تقضى به المادة 45 من قانون التحكيم 27 لسنة 1994 والتي لا يقيد القاضي الآمر في خصوصها بالقيود الواردة في المادة 194 مرافعات كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
       وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك لأنه وقد انتهى الحكم على ما سلف بيانه في الرد على الطعنين رقمي 5745 لسنة 75 ق , 6467 لسنة 75 ق إلى نقض الحكم المطعون فيه محل هذا الطعن فإن النعي عليه أياً كان وجه الرأي فيه وعلى فرض صحته – لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة فيضحى غير منتج .
       وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما تقدم ، فإنه يتعين – إلغاء التظلمين رقمي ..... استئناف ..... ، وبرفض التظلمين رقمي ...... استئناف ..... والتظلمين ..... استئناف .... ، وبتأييد الأمرين رقمي ..... والطلبين المرفقين بهما برقمى ..... استئناف ..... وبرفض طلب إنهاء إجراءات التحكيم في الدعويين ..... مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم الدولي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق