السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إسماعيل غزالي، سيد قايد، عبد الغفار المنوفي نواب رئيس المحكمة ومحمد جمال الدين سليمان.
---------------------
1 - المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمقابلة للمادة 24 من القانون رقم 52 لسنة 1969 يدل على أن المشرع منح للمالك رخصة زيادة الوحدات السكنية في العقار المملوك له أيا كانت طبيعته، والمؤجر للسكنى أو لغيرها بعقد يمنع ذلك، حتى لو نتج عن هذه التعلية أو تلك الإضافة إخلال بحق المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة على النحو الذي يخوله إياه عقد الإيجار، آية ذلك ما ورد بنص المادة 32 المشار إليها آنفا من أنه "ولا يخل هذا بحق المستأجر في إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل" إذ لا يكون ثمة مبرر لإنقاص الأجرة إلا إذا كانت التعلية أو الإضافة قد أدت إلى حرمان المستأجر من حق من حقوقه أو فقده ميزة كان ينتفع بها، وذلك على خلاف القاعدة العامة الواردة في المادة 571 من القانون المدني واستثناء من حكم المادة 28 من القانون رقم 49 لسنة 1977- المقابلة للمادة 20 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وذلك لعلة تغياها المشرع وهى تفريج أزمة المساكن إلى جانب تعويض الملاك بعد تجميد أجورها بالرغم مما طرأ على مستوى الأسعار من ارتفاع كبير.
2 - البادي من نص المادتين 32، 49 من القانون 49 لسنة 1977 ومن مناقشات مجلس الشعب أن المشرع أجاز للمالك طلب إخلاء المستأجر مؤقتا لحين إتمام التعلية أو الإضافة بل وأجاز له اقتطاع جزء من الملحقات غير السكنية للعين المؤجرة دون جوهر العين أو ملحقاتها السكنية وذلك كالحديقة بالنسبة للفيلا أو الجراج الملحق بها أو الحجرات المخصصة للخدمات بأعلى العقار باعتبار أنه في حالة الملحقات غير السكنية يكون المؤجر - وكما جاء بالمادة 49/د من القانون 49 لسنة 1977 - بالخيار بين تعويض المستأجر وإعطائه حق العودة بعد إعادة البناء أو تعويضه فقط دون منحه حق العودة ومن ثم كان له اقتطاع جزء من هذه الملحقات غير السكنية تقتضيه الإضافة أو التعلية.
3 - إذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول استصدار ترخيصا ببناء عقار يتكون من طابق أرضي وطابقين علويين كل منها مكون من أربع شقق سكنية وذلك بقطعة الأرض الفضاء محل النزاع، وهو ما يكفي للقول بأن الإضافة قصد بها زيادة الوحدات السكنية، وإذ كانت الأرض المشار إليها ملحقة بالفيلا المؤجرة للجمعية الطاعنة، أي من الملحقات غير السكنية، بما يحق معه للمالك اقتطاعها للبناء عليها وكان لا ينال من ذلك ما أثارته الجمعية الطاعنة بوجه النعي بشأن التفات الحكم المطعون فيه عن دفاعها المتعلق بالاستثناء المنصوص عليه في المادة 51/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977، إذ أن ذلك الاستثناء وأيا كان وجه الرأي في النعي - قاصر طبقا لصراحة النص على أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون في شأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع، دون أحكام الإضافة والتعلية المنصوص عليها في المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ولا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله الرد على دفاع الطاعنة الذي يخالفه في هذا الصدد إذ أنه لا يستند إلى أساس قانوني صحيح.
4 - لمحكمة الاستئناف وهى تؤيد الحكم الابتدائي، أن تحيل إلى ما جاء فيه سواء في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أقيم عليها، وأن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة متى رأت في هذه الأسباب ما يغنى عن إيراد جديد، فإن الحكم المطعون فيه وقد أيد الحكم الابتدائي معتنقا أسبابه وكانت هذه الأسباب وكانت هذه الأسباب كافية لحمل قضائه، فإنه يكون قد أعمل سلطته الموضوعية على النزاع ورقابته على الحكم المستأنف ويكون النعي برمته على غير أساس.
5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في استنباط القرائن التي تعتمد عليها في تكوين عقيدتها، فلها أن تعتمد على القرينة المستفادة من تحقيقات أجريت في غيبة الخصوم ومن محضر جمع استدلالات أجرته الشرطة أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين، وذلك بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وفى تقدير ما يقدم لها من أدلة وما تطرح أمامها متى كان استخلاصها سائغا وله أصل ثابت في الأوراق.
6 - المقرر أن تقرير الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى الذي يخضع تقديره لقاضى الموضوع وهو غير ملزم بإجابة طلب تعيين خبير آخر، أو بإعادة المأمورية إلى الخبير السابق ندبه متى وجد في تقريره وباقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها، وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة.
----------------------
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام على الجمعية الطاعنة وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 3988 لسنة 1982 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية, بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير, بتسليمه قطعة الأرض المبينة بالصحيفة وطرد الجمعية الطاعنة منها ومنع تعرضها وكف منازعتها له فيها, وتمكينه من البناء عليها, وقال بيانا لدعواه, إنه بموجب عقد البيع المشهر برقم 2040 لسنة 1980 شمال القاهرة, اشترى من المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير قطعة أرض فضاء صالحة للبناء مساحتها 499.65 مترا مربعا, وأعد الرسوم الهندسية اللازمة لبناء عمارة تضم 16 شقة, كما استصدر لهذا الغرض ترخيص البناء رقم 218 لسنة 79 المطرية, وأعد مواد البناء اللازمة, إلا أن الجمعية الطاعنة تنازعه في الأرض مشتراه وتحول بينه وبين البناء عليها بدعوى أنها ضمن عقد إيجار الفيلا التي تستأجرها بالعقد المؤرخ 27/3/1961, ولما كان المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير ملتزمين بتسليمه الأرض المبيعة, فقد أقام الدعوى, كما وجهت الجمعية الطاعنة إلى المطعون ضدهم دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزامهم بأداء مبلغ 15000 جنيه (خمسة عشر ألفا من الجنيهات) تعويضا لها عن الأضرار التي لحقت بها من جراء عدم انتفاعها بالأرض محل النزاع, ندبت المحكمة خبيرا, وبعد أن قدم تقريره حكمت في الدعوى الأصلية بالطلبات وبرفض الدعوى الفرعية, استأنفت الجمعية الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 7894 لسنة 106ق القاهرة, وبتاريخ 23/4/1991 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف, طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني وبالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيق, وفي بيان ذلك تقول, إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن الاستثناء الوارد بنص المادة 51 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا ينسحب على نص المادة 32 من القانون المذكور, على سند من أنه قاصر على المنشآت ذات الأهمية الاقتصادية أو الأمن القومي التي تؤدي خدمات عامة للجمهور وإنه يشترط لإعماله أن يكون هناك مبنى قائم بذاته, وأن يتخذ المالك إجراءات زيادة عدد الوحدات السكنية في ذلك المبنى بالإضافة أو التعلية مرتبا على ذلك عدم توافر شروط تطبيق الاستثناء المشار إليه في حقها, في حين أنه طبقا للفقرة الأولى من المادة 51 سالفة الذكر تستثنى الجهات التي تقدم خدمات عامة للجمهور وهو ما ينطبق عليها إذ تقدم خدمات عامة لمرضى الجزام وأسرهم, كما أن الأرض محل النزاع ليست أرضا فضاء أو مبنى قائما بذاته, وإنما هي أرض فضاء, حرم للفيلا المؤجرة لها وفي حيازتها بموجب العقد المؤرخ 27/3/1961 حسبما ورد بتقرير الخبير وتستخدم في أوجه نشاطها ومن ثم فإنها لا تخضع للمادة 32 المشار إليها, كما أنه يمتنع على المطعون ضده الأول التعرض لها في حيازتها للأرض - عملا بالمادة 571 من القانون المدني - لعلمه بأنها مؤجرة لها بالعقد سالف الذكر وذلك طبقا لما جاء بعقد البيع المشهر برقم 2040 لسنة 80 شمال القاهرة. وإذ خالفت محكمة الاستئناف هذا النظر والتفتت عن دفاعها في هذا الشأن واكتفت بالإحالة إلى الحكم الابتدائي دون أن تعمل رقابتها عليه, فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - والمقابلة للمادة 24 من القانون رقم 52 لسنة 1969, على أنه "يجوز للمالك زيادة عدد الوحدات السكنية في المبنى المؤجر بالإضافة أو التعلية ولو كان عقد الإيجار يمنع ذلك, ولا يخل هذا بحق المستأجر في إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل, يدل على أن المشرع منح للمالك رخصة زيادة الوحدات السكنية في العقار المملوك له أيا كانت طبيعته, والمؤجر للسكنى أو لغيرها بعقد يمنع ذلك, حتى ولو نتج عن هذه التعلية أو تلك الإضافة إخلال بحق المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة على النحو الذي يخوله إياه عقد الإيجار, آية ذلك ما ورد بنص المادة 32 المشار إليها آنفا من أنه ولا يخل هذا بحق المستأجر في إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل إذ لا يكون ثمة مبرر لإنقاص الأجرة إلا إذا كانت التعلية أو الإضافة قد أدت إلى حرمان المستأجر من حق من حقوقه أو فقده ميزة كان ينتفع بها, ذلك على خلاف القاعدة العامة الواردة في المادة 571 من القانون المدني التي تنص على أنه "على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوز أن يحدث بالعين أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الانتفاع" واستثناء من حكم المادة 28 من القانون رقم 49 لسنة 1977- المقابلة للمادة 20 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - والتي تنص على أنه "لا يجوز حرمان المستأجر من أي حق من حقوقه أو منعه من أية ميزة كان ينتفع بها" وذلك لعلة تغياها المشرع وهي تفريج أزمة المساكن إلى جانب تعويض الملاك بعد تجميد أجورها بالرغم مما طرأ على مستوى الأسعار من ارتفاع كبير, كما أن البادي من هذه النصوص ومن مناقشات مجلس الشعب أن المشرع أجاز للمالك طلب إخلاء المستأجر مؤقتا لحين إتمام التعلية أو الإضافية, بل وأجاز له اقتطاع جزء من الملحقات غير السكنية للعين المؤجرة دون جوهر العين أو ملحقاتها السكنية, وذلك كالحديقة بالنسبة للفيلا أو جراج ملحق بها أو الحجرات المخصصة للخدمات بأعلى العقار باعتبار أنه في حالة الملحقات غير السكنية يكون للمؤجر - وكما جاء بالمادة 49/د من القانون رقم 49 لسنة 1977 - بالخيار بين تعويض المستأجر وإعطائه حق العودة بعد إعادة البناء أو تعويضه فقط دون منحه حق العودة ومن ثم كان له اقتطاع جزء من هذه الملحقات غير السكنية تقتضيه الإضافة أو التعلية, لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول استصدر ترخيصا ببناء عقار يتكون من طابق أرضي وطابقين علويين كل منها مكون من أربع شقق سكنية وذلك بقطعة الأرض الفضاء محل النزاع, وهو ما يكفي للقول بأن الإضافة قصد بها زيادة الوحدات السكنية, وإذ كانت الأرض المشار إليها ملحقة بالفيلا المؤجرة للجمعية الطاعنة, أي من الملحقات غير السكنية, بما يحق معه للمالك اقتطاعها للبناء عليها وكان لا ينال من ذلك ما أثارته الجمعية الطاعنة بوجه النعي بشأن التفات الحكم عن دفاعها المتعلق بالاستثناء المنصوص عليه في المادة 51/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977, إذ أن ذلك الاستثناء وأيا كان وجه الرأي في النعي - قاصر طبقا لصراحة النص على أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون في شأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع, دون أحكام الإضافة والتعلية المنصوص عليها في المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر, فإنه يكون قد التزم صحيح القانون, ولا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله الرد على دفاع الطاعنة الذي يخالفه في هذا الصدد مادام أنه لا يستند إلى أساس قانوني صحيح. لما كان ذلك, وكان لمحكمة الاستئناف وهي تؤيد الحكم الابتدائي, أن تحيل إلى ما جاء فيه سواء في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أقيم عليها, وأن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن إيراد جديد, فإن الحكم المطعون فيه وقد أيد الحكم الابتدائي معتنقا أسبابه, وكانت هذه الأسباب كافية لحمل قضائه فإنه يكون قد أعمل سلطته الموضوعية على النزاع ورقابته على الحكم المستأنف, ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الجمعية الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاعها أمام محكمتي أول وثاني درجة بضرورة إعادة المأمورية إلى الخبير السابق ندبه في الدعوى أو إلى غيره لمعاينة الأرض الفضاء محل النزاع لبيان ما عليها من منشآت, إلا أن محكمة الموضوع بدرجتيها التفتت عن طلبها واستندت محكمة الاستئناف في قضائها بأن الأرض مهجورة وبها مخلفات, إلى ما استخلصته من المحضر رقم 2371 لسنة 1982 إداري المطرية الذي لم تكن ممثلة فيه, وحرر خدمة لدعوى المطعون ضده الأول, بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في استنباط القرائن التي تعتمد عليها في تكوين عقيدتها, فلها أن تعتمد على القرينة المستفادة من تحقيقات أجريت في غيبة الخصوم ومن محضر جمع استدلالات أجرته الشرطة أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين, وذلك بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من أدلة وما يطرح أمامها من قرائن والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغا وله أصل ثابت في الأوراق, كما أن من المقرر أن تقرير الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى الذي يخضع تقديره لقاضي الموضوع وهو غير ملزم بإجابة طلب تعيين خبير آخر, أو بإعادة المأمورية إلى الخبير السابق ندبه متى وجد في تقريره وباقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها, وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - قد أقام قضاءه برفض دعوى الجمعية الطاعنة وبإجابة المطعون ضده الأول إلى طلباته, على ما استخلصه من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى ومن القرينة المستفادة من تحقيقات الشرطة في المحضر رقم 2371 لسنة 1982 إداري المطرية, من أن الأرض محل النزاع أرض فضاء "مهجورة ومتروكة وبها قمامة", وكان ما استخلصه الحكم سائغا, له أصله الثابت بالأوراق مؤديا إلى النتيجة التي انتهى إليها, وبما يكفي لحمل قضائه, فإن النعي عليه بهذا الوجه لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام على الجمعية الطاعنة وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 3988 لسنة 1982 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية, بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير, بتسليمه قطعة الأرض المبينة بالصحيفة وطرد الجمعية الطاعنة منها ومنع تعرضها وكف منازعتها له فيها, وتمكينه من البناء عليها, وقال بيانا لدعواه, إنه بموجب عقد البيع المشهر برقم 2040 لسنة 1980 شمال القاهرة, اشترى من المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير قطعة أرض فضاء صالحة للبناء مساحتها 499.65 مترا مربعا, وأعد الرسوم الهندسية اللازمة لبناء عمارة تضم 16 شقة, كما استصدر لهذا الغرض ترخيص البناء رقم 218 لسنة 79 المطرية, وأعد مواد البناء اللازمة, إلا أن الجمعية الطاعنة تنازعه في الأرض مشتراه وتحول بينه وبين البناء عليها بدعوى أنها ضمن عقد إيجار الفيلا التي تستأجرها بالعقد المؤرخ 27/3/1961, ولما كان المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير ملتزمين بتسليمه الأرض المبيعة, فقد أقام الدعوى, كما وجهت الجمعية الطاعنة إلى المطعون ضدهم دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزامهم بأداء مبلغ 15000 جنيه (خمسة عشر ألفا من الجنيهات) تعويضا لها عن الأضرار التي لحقت بها من جراء عدم انتفاعها بالأرض محل النزاع, ندبت المحكمة خبيرا, وبعد أن قدم تقريره حكمت في الدعوى الأصلية بالطلبات وبرفض الدعوى الفرعية, استأنفت الجمعية الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 7894 لسنة 106ق القاهرة, وبتاريخ 23/4/1991 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف, طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني وبالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيق, وفي بيان ذلك تقول, إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن الاستثناء الوارد بنص المادة 51 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا ينسحب على نص المادة 32 من القانون المذكور, على سند من أنه قاصر على المنشآت ذات الأهمية الاقتصادية أو الأمن القومي التي تؤدي خدمات عامة للجمهور وإنه يشترط لإعماله أن يكون هناك مبنى قائم بذاته, وأن يتخذ المالك إجراءات زيادة عدد الوحدات السكنية في ذلك المبنى بالإضافة أو التعلية مرتبا على ذلك عدم توافر شروط تطبيق الاستثناء المشار إليه في حقها, في حين أنه طبقا للفقرة الأولى من المادة 51 سالفة الذكر تستثنى الجهات التي تقدم خدمات عامة للجمهور وهو ما ينطبق عليها إذ تقدم خدمات عامة لمرضى الجزام وأسرهم, كما أن الأرض محل النزاع ليست أرضا فضاء أو مبنى قائما بذاته, وإنما هي أرض فضاء, حرم للفيلا المؤجرة لها وفي حيازتها بموجب العقد المؤرخ 27/3/1961 حسبما ورد بتقرير الخبير وتستخدم في أوجه نشاطها ومن ثم فإنها لا تخضع للمادة 32 المشار إليها, كما أنه يمتنع على المطعون ضده الأول التعرض لها في حيازتها للأرض - عملا بالمادة 571 من القانون المدني - لعلمه بأنها مؤجرة لها بالعقد سالف الذكر وذلك طبقا لما جاء بعقد البيع المشهر برقم 2040 لسنة 80 شمال القاهرة. وإذ خالفت محكمة الاستئناف هذا النظر والتفتت عن دفاعها في هذا الشأن واكتفت بالإحالة إلى الحكم الابتدائي دون أن تعمل رقابتها عليه, فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - والمقابلة للمادة 24 من القانون رقم 52 لسنة 1969, على أنه "يجوز للمالك زيادة عدد الوحدات السكنية في المبنى المؤجر بالإضافة أو التعلية ولو كان عقد الإيجار يمنع ذلك, ولا يخل هذا بحق المستأجر في إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل, يدل على أن المشرع منح للمالك رخصة زيادة الوحدات السكنية في العقار المملوك له أيا كانت طبيعته, والمؤجر للسكنى أو لغيرها بعقد يمنع ذلك, حتى ولو نتج عن هذه التعلية أو تلك الإضافة إخلال بحق المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة على النحو الذي يخوله إياه عقد الإيجار, آية ذلك ما ورد بنص المادة 32 المشار إليها آنفا من أنه ولا يخل هذا بحق المستأجر في إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل إذ لا يكون ثمة مبرر لإنقاص الأجرة إلا إذا كانت التعلية أو الإضافة قد أدت إلى حرمان المستأجر من حق من حقوقه أو فقده ميزة كان ينتفع بها, ذلك على خلاف القاعدة العامة الواردة في المادة 571 من القانون المدني التي تنص على أنه "على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوز أن يحدث بالعين أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الانتفاع" واستثناء من حكم المادة 28 من القانون رقم 49 لسنة 1977- المقابلة للمادة 20 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - والتي تنص على أنه "لا يجوز حرمان المستأجر من أي حق من حقوقه أو منعه من أية ميزة كان ينتفع بها" وذلك لعلة تغياها المشرع وهي تفريج أزمة المساكن إلى جانب تعويض الملاك بعد تجميد أجورها بالرغم مما طرأ على مستوى الأسعار من ارتفاع كبير, كما أن البادي من هذه النصوص ومن مناقشات مجلس الشعب أن المشرع أجاز للمالك طلب إخلاء المستأجر مؤقتا لحين إتمام التعلية أو الإضافية, بل وأجاز له اقتطاع جزء من الملحقات غير السكنية للعين المؤجرة دون جوهر العين أو ملحقاتها السكنية, وذلك كالحديقة بالنسبة للفيلا أو جراج ملحق بها أو الحجرات المخصصة للخدمات بأعلى العقار باعتبار أنه في حالة الملحقات غير السكنية يكون للمؤجر - وكما جاء بالمادة 49/د من القانون رقم 49 لسنة 1977 - بالخيار بين تعويض المستأجر وإعطائه حق العودة بعد إعادة البناء أو تعويضه فقط دون منحه حق العودة ومن ثم كان له اقتطاع جزء من هذه الملحقات غير السكنية تقتضيه الإضافة أو التعلية, لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول استصدر ترخيصا ببناء عقار يتكون من طابق أرضي وطابقين علويين كل منها مكون من أربع شقق سكنية وذلك بقطعة الأرض الفضاء محل النزاع, وهو ما يكفي للقول بأن الإضافة قصد بها زيادة الوحدات السكنية, وإذ كانت الأرض المشار إليها ملحقة بالفيلا المؤجرة للجمعية الطاعنة, أي من الملحقات غير السكنية, بما يحق معه للمالك اقتطاعها للبناء عليها وكان لا ينال من ذلك ما أثارته الجمعية الطاعنة بوجه النعي بشأن التفات الحكم عن دفاعها المتعلق بالاستثناء المنصوص عليه في المادة 51/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977, إذ أن ذلك الاستثناء وأيا كان وجه الرأي في النعي - قاصر طبقا لصراحة النص على أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون في شأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع, دون أحكام الإضافة والتعلية المنصوص عليها في المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر, فإنه يكون قد التزم صحيح القانون, ولا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله الرد على دفاع الطاعنة الذي يخالفه في هذا الصدد مادام أنه لا يستند إلى أساس قانوني صحيح. لما كان ذلك, وكان لمحكمة الاستئناف وهي تؤيد الحكم الابتدائي, أن تحيل إلى ما جاء فيه سواء في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أقيم عليها, وأن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن إيراد جديد, فإن الحكم المطعون فيه وقد أيد الحكم الابتدائي معتنقا أسبابه, وكانت هذه الأسباب كافية لحمل قضائه فإنه يكون قد أعمل سلطته الموضوعية على النزاع ورقابته على الحكم المستأنف, ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الجمعية الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاعها أمام محكمتي أول وثاني درجة بضرورة إعادة المأمورية إلى الخبير السابق ندبه في الدعوى أو إلى غيره لمعاينة الأرض الفضاء محل النزاع لبيان ما عليها من منشآت, إلا أن محكمة الموضوع بدرجتيها التفتت عن طلبها واستندت محكمة الاستئناف في قضائها بأن الأرض مهجورة وبها مخلفات, إلى ما استخلصته من المحضر رقم 2371 لسنة 1982 إداري المطرية الذي لم تكن ممثلة فيه, وحرر خدمة لدعوى المطعون ضده الأول, بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في استنباط القرائن التي تعتمد عليها في تكوين عقيدتها, فلها أن تعتمد على القرينة المستفادة من تحقيقات أجريت في غيبة الخصوم ومن محضر جمع استدلالات أجرته الشرطة أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين, وذلك بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من أدلة وما يطرح أمامها من قرائن والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغا وله أصل ثابت في الأوراق, كما أن من المقرر أن تقرير الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى الذي يخضع تقديره لقاضي الموضوع وهو غير ملزم بإجابة طلب تعيين خبير آخر, أو بإعادة المأمورية إلى الخبير السابق ندبه متى وجد في تقريره وباقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها, وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - قد أقام قضاءه برفض دعوى الجمعية الطاعنة وبإجابة المطعون ضده الأول إلى طلباته, على ما استخلصه من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى ومن القرينة المستفادة من تحقيقات الشرطة في المحضر رقم 2371 لسنة 1982 إداري المطرية, من أن الأرض محل النزاع أرض فضاء "مهجورة ومتروكة وبها قمامة", وكان ما استخلصه الحكم سائغا, له أصله الثابت بالأوراق مؤديا إلى النتيجة التي انتهى إليها, وبما يكفي لحمل قضائه, فإن النعي عليه بهذا الوجه لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق