برئاسة السيد المستشار/ طلعت أمين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد خيري، حامد مكي نائبي رئيس المحكمة، كمال عبد النبي وسامح مصطفى.
---------------
1 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - ان الحكم النهائى له قوة الامر المقضى التى تعلو على اعتبارات النظام العام، وكان الثابت من الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمجلس الدولة، ان المحكمة قضت فى 1987/6/27 بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها الى محكمة دمنهور الابتدائية، بعد ان قطعت فى اسباب حكمها والمرتبطة بمنطوقه ان القرار الصادر بانهاء خدمة الطاعن وهو من العاملين بالقطاع العام بسبب العمل بدون اذن لدى جهة اجنبية او للانقطاع عن العمل لا يعد جزاء تأديبيا بالفصل من الخدمة، وكان هذا القضاء قد اصبح نهائيا بعدم الطعن عليه، وكانت المحكمة المحال اليها تلتزم بنظرها تطبيقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات، فانه يمتنع على الطاعن العودة الى المجادلة فى طبيعة القرار الصادر من المطعون ضده او اعادة طرح مسألة الاختصاص الولائى بنظر الطعن عنه، واذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فان النعى عليه بهذين السببين يكون على غير اساس.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه مع قيام القانون الخاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام فلا يجوز إهدار القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص.
3 - مؤدى المادتين 1، 11 من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيس للتنمية والائتمان الزراعي أن تحول المؤسسة المصرية للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة عامة قابضة تكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وأن تتبع بنوك التسليف الزراعي والتعاوني بالمحافظات والمنشأة وفقا لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1964 البنك الرئيسي وتسمى بنوك التنمية الزراعية وتتولى تحقيق أغراض البنك الرئيسي في النطاق الذي يحدده لها وان يكون مجلس إدارة البنك هو السلطة العليا المهيمنة على شئونه وتصريف أموره ويكون له جميع السلطات اللازمة للقيام بالأعمال التي تقتضيها أغراض البنك ومنها الموافقة على مشروعات اللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون المالية والإدارية وإصدار اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بالبنك الرئيسي أو البنوك التابعة له ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة وتحديد فئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج دون التقيد بالنظم والقواعد المنصوص عليها في نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادرة بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ونظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 يكون ذلك في إطار لوائح البنوك التجارية، وكان مجلس إدارة البنك الرئيسي قد اصدر بموجب هذا التفويض التشريعي لائحته الداخلية ونص في المادة 156 منها على أن تعتبر العامل مقدما استقالته حكما في الحالات الآتية : 1- إذا التحق بأي عمل لدى الغير في الداخل أو في الخارج دون إذن من البنك 2-... 3_... فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى سلامة القرار الصادر من البنك بإنهاء خدمة الطاعن لالتحاقه بالعمل لدى جهة أجنبية استنادا إلى لائحة البنك لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن لائحة البنك تقضي باعتبار العامل مقدما استقالته حكما إذا التحق بالعمل لدى الغير دون إذن، وخلت أسباب الحكم مما يفيد أنه أعمل قرينة الاستقالة المستفادة من الانقطاع عن العمل دون إذن، فإن النعي عليه بهذه الأسباب لا يكون قد صادف محلا في قضاء الحكم المطعون فيه.
-----------------
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة بعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن الطاعن أقام دعواه ابتداء أمام المحكمة التأديبية بمجلس الدولة طالبا الحكم بإلغاء قرار إنهاء خدمته بالبنك المطعون عليه مع ما يترتب من ذلك من آثار.
وقال شرحا لدعواه أنه من العاملين لدى المطعون عليه, وكان قد حصل بتاريخ 10/9/1983 على أجازة بدون مرتب لمرافقة زوجته التي تعمل بالمملكة السعودية وتنتهي في 9/9/1985 وبتاريخ 8/6/1985 تقدم بطلب لتجديد الأجازة لسنة ثالثة وقت أن كان قد التحق بالعمل لدى وزارة الزراعة بالمملكة العربية السعودية إلا أن المطعون عليه رفض الموافقة على تجديد الأجازة ثم أصدر في 19/3/1986 قرارا بإنهاء خدمته اعتبارا من 9/9/1985 بحجة انقطاعه عن العمل والتحاقه بالعمل لدى جهة أجنبية بدون إذن منه. وإذ جاء هذا القرار مخالفا للقانون فقد أقام الدعوى بطلباته آنفة البيان, قضت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية حيث قيدت برقم 3888 لسنة 1986, كما أقام الطاعن الدعوى رقم 1305 سنة 1987 مدني كلي دمنهور ضد البنك المطعون عليه ضمنها ذات الوقائع وطلب الحكم فيها ببطلان قرار إنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار. أمرت المحكمة بضم الدعويين وندبت فيهما خبيرا, وبعد أن قدم تقريره دفع المطعون عليه بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى رقم 3509 سنة 1987 مدني كلي دمنهور واختصاص محاكم مجلس الدولة بنظرها, وبتاريخ 11/6/1988 حكمت المحكمة برفض الدفع وبرفض الدعويين وانتهت في أسباب حكمها إلى وحدة الموضوع في الدعويين. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية, مأمورية دمنهور, بالاستئنافين رقمي 117, 125 سنة 44ق وبتاريخ 11/4/1990 حكمت المحكمة برفض أولهما وتأييد الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر ثانيهما لسابقة الفصل فيه بالاستئناف الأول. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث أن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والسادس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, وفي بيان ذلك يقول إن القرار الصادر بإنهاء خدمته لالتحاقه بالعمل لدى جهة أجنبية دون تصريح من البنك أو بسبب الانقطاع عن العمل دون إذن كلاهما يعد حسب طبيعته فصلا تأديبيا مما يجعل الطعن فيه من اختصاص المحكمة التأديبية إعمالا لنص المادتين 10, 15 من القانون رقم 47 لسنة 1972 هذا إلى أن الجزاء الموقع عليه بالفصل من الخدمة قد وقع باطلا لعدم صدوره من المحكمة التأديبية ولعدم عرض الأمر على اللجنة الثلاثية بالتطبيق لنص المادتين 84, 85 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن المحكمة مقيدة بالقضاء الصادر من المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة المختصة, ودون أن يقضي ببطلان قرار الفصل, فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه لما كان المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أن الحكم النهائي له قوة الأمر المقضي التي تعلو على اعتبارات النظام العام, وكان الثابت من الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمجلس الدولة, أن المحكمة قضت في 27/6/1987 بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية, بعد أن قطعت في أسباب حكمها والمرتبطة بمنطوقه أن القرار الصادر بإنهاء خدمة الطاعن وهو من العاملين بالقطاع العام بسبب العمل بدون إذن لدى جهة أجنبية أو للانقطاع عن العمل لا يعد جزاء تأديبيا بالفصل من الخدمة, وكان هذا القضاء قد أصبح نهائيا بعدم الطعن عليه وكانت المحكمة المحال إليها تلتزم بنظرها تطبيقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات, فإنه يمتنع على الطاعن العودة إلى المجادل في طبيعة القرار الصادر عن المطعون ضده, أو إعادة طرح مسألة الاختصاص الولائي بنظر الطعن المرفوع عنه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر, فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث أن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى أحكام اللائحة الخاصة بالبنك المطعون عليه والصادرة تنفيذا لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي في حين أن هذا القانون الأخير قد خلت نصوصه من تنظيم لإجراءات الاستقالة الحكمية فيتعين الرجوع في شأنها إلى نصوص القانون رقم 48 لسنة 1978 دون الاعتداد باللائحة وباعتباره الشريعة العامة للعاملين في القطاع العام وقد نص فيه على إلغاء كل ما يخالف أحكامه.
وحيث أن هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أنه مع قيام القانون الخاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام فلا يجوز إهدار القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص وكان مؤدى نص المادتين 1, 11 من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي أن تحول المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة عامة قابضة تكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وأن تتبع بنوك التسليف الزراعي والتعاوني بالمحافظات والمنشأة وفقا لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1964 البنك الرئيسي وتسمى بنوك التنمية الزراعية وتتولى تحقيق أغراض البنك الرئيسي في النطاق الذي يحدده لها وأن يكون مجلس إدارة البنك هو السلطة العليا المهيمنة على شئونه وتصريف أموره ويكون له جميع السلطات اللازمة للقيام بالأعمال التي تقتضيها أغراض البنك ومنها الموافقة على مشروعات اللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون المالية والإدارية وإصدار اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بالبنك الرئيسي أو البنوك التابعة له ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة وتحديد فئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج دون التقيد بالنظم والقواعد المنصوص عليه في نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ونظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 يكون ذلك في إطار لوائح البنوك التجارية, وكان مجلس إدارة البنك الرئيسي قد أصدر بموجب هذا التفويض التشريعي لائحته الداخلية ونص في المادة 156 منها على أن يعتبر العامل مقدما استقالته حكما في الحالات الآتية: 1- إذا التحق بأي عمل لدى الغير في الداخل أو في الخارج دون إذن من البنك 2- ...... 3- ...... فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى سلامة القرار الصادر من البنك بإنهاء خدمة الطاعن لالتحاقه بالعمل لدى جهة أجنبية استنادا إلى لائحة البنك لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث أن الطاعن ينعي بالأسباب من الثالث إلى الخامس' على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أعمل في حقه قرينة الاستقالة المستفادة من الانقطاع عن العمل بالرغم من إعمال هذه القرينة يستلزم طبقا للمادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 ـ إنذار العامل بالغياب قبل إنهاء خدمته ـ وعلى الرغم من أن الطاعن تمسك بعدم تسلمه للإنذار المرسل إليه وعدم توقيعه على علم الوصول, كما تمسك بأن الأفعال التي صدرت منه وهي تقدمه بطلب لتجديد أجازته لسنة رابعة تقطع بانتفاء قرينة الاستقالة أو هجره للوظيفة, إلا أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى سلامة قرار البنك في إعماله لقرينة الاستقالة الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي غير مقبول, ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن لائحة البنك تقضي باعتبار العامل مقدما استقالته حكما إذا التحق بالعمل لدى الغير دون إذن, وخلت أسباب الحكم مما يفيد أنه أعمل قرينة الاستقالة المستفادة من الانقطاع عن العمل دون إذن, فإن النعي عليه بهذه الأسباب لا يكون قد صادف محلا في قضاء الحكم المطعون فيه.
وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن الطاعن أقام دعواه ابتداء أمام المحكمة التأديبية بمجلس الدولة طالبا الحكم بإلغاء قرار إنهاء خدمته بالبنك المطعون عليه مع ما يترتب من ذلك من آثار.
وقال شرحا لدعواه أنه من العاملين لدى المطعون عليه, وكان قد حصل بتاريخ 10/9/1983 على أجازة بدون مرتب لمرافقة زوجته التي تعمل بالمملكة السعودية وتنتهي في 9/9/1985 وبتاريخ 8/6/1985 تقدم بطلب لتجديد الأجازة لسنة ثالثة وقت أن كان قد التحق بالعمل لدى وزارة الزراعة بالمملكة العربية السعودية إلا أن المطعون عليه رفض الموافقة على تجديد الأجازة ثم أصدر في 19/3/1986 قرارا بإنهاء خدمته اعتبارا من 9/9/1985 بحجة انقطاعه عن العمل والتحاقه بالعمل لدى جهة أجنبية بدون إذن منه. وإذ جاء هذا القرار مخالفا للقانون فقد أقام الدعوى بطلباته آنفة البيان, قضت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية حيث قيدت برقم 3888 لسنة 1986, كما أقام الطاعن الدعوى رقم 1305 سنة 1987 مدني كلي دمنهور ضد البنك المطعون عليه ضمنها ذات الوقائع وطلب الحكم فيها ببطلان قرار إنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار. أمرت المحكمة بضم الدعويين وندبت فيهما خبيرا, وبعد أن قدم تقريره دفع المطعون عليه بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى رقم 3509 سنة 1987 مدني كلي دمنهور واختصاص محاكم مجلس الدولة بنظرها, وبتاريخ 11/6/1988 حكمت المحكمة برفض الدفع وبرفض الدعويين وانتهت في أسباب حكمها إلى وحدة الموضوع في الدعويين. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية, مأمورية دمنهور, بالاستئنافين رقمي 117, 125 سنة 44ق وبتاريخ 11/4/1990 حكمت المحكمة برفض أولهما وتأييد الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر ثانيهما لسابقة الفصل فيه بالاستئناف الأول. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث أن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والسادس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, وفي بيان ذلك يقول إن القرار الصادر بإنهاء خدمته لالتحاقه بالعمل لدى جهة أجنبية دون تصريح من البنك أو بسبب الانقطاع عن العمل دون إذن كلاهما يعد حسب طبيعته فصلا تأديبيا مما يجعل الطعن فيه من اختصاص المحكمة التأديبية إعمالا لنص المادتين 10, 15 من القانون رقم 47 لسنة 1972 هذا إلى أن الجزاء الموقع عليه بالفصل من الخدمة قد وقع باطلا لعدم صدوره من المحكمة التأديبية ولعدم عرض الأمر على اللجنة الثلاثية بالتطبيق لنص المادتين 84, 85 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن المحكمة مقيدة بالقضاء الصادر من المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة المختصة, ودون أن يقضي ببطلان قرار الفصل, فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه لما كان المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أن الحكم النهائي له قوة الأمر المقضي التي تعلو على اعتبارات النظام العام, وكان الثابت من الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمجلس الدولة, أن المحكمة قضت في 27/6/1987 بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية, بعد أن قطعت في أسباب حكمها والمرتبطة بمنطوقه أن القرار الصادر بإنهاء خدمة الطاعن وهو من العاملين بالقطاع العام بسبب العمل بدون إذن لدى جهة أجنبية أو للانقطاع عن العمل لا يعد جزاء تأديبيا بالفصل من الخدمة, وكان هذا القضاء قد أصبح نهائيا بعدم الطعن عليه وكانت المحكمة المحال إليها تلتزم بنظرها تطبيقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات, فإنه يمتنع على الطاعن العودة إلى المجادل في طبيعة القرار الصادر عن المطعون ضده, أو إعادة طرح مسألة الاختصاص الولائي بنظر الطعن المرفوع عنه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر, فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث أن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى أحكام اللائحة الخاصة بالبنك المطعون عليه والصادرة تنفيذا لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي في حين أن هذا القانون الأخير قد خلت نصوصه من تنظيم لإجراءات الاستقالة الحكمية فيتعين الرجوع في شأنها إلى نصوص القانون رقم 48 لسنة 1978 دون الاعتداد باللائحة وباعتباره الشريعة العامة للعاملين في القطاع العام وقد نص فيه على إلغاء كل ما يخالف أحكامه.
وحيث أن هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أنه مع قيام القانون الخاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام فلا يجوز إهدار القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص وكان مؤدى نص المادتين 1, 11 من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي أن تحول المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة عامة قابضة تكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وأن تتبع بنوك التسليف الزراعي والتعاوني بالمحافظات والمنشأة وفقا لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1964 البنك الرئيسي وتسمى بنوك التنمية الزراعية وتتولى تحقيق أغراض البنك الرئيسي في النطاق الذي يحدده لها وأن يكون مجلس إدارة البنك هو السلطة العليا المهيمنة على شئونه وتصريف أموره ويكون له جميع السلطات اللازمة للقيام بالأعمال التي تقتضيها أغراض البنك ومنها الموافقة على مشروعات اللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون المالية والإدارية وإصدار اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بالبنك الرئيسي أو البنوك التابعة له ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة وتحديد فئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج دون التقيد بالنظم والقواعد المنصوص عليه في نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ونظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 يكون ذلك في إطار لوائح البنوك التجارية, وكان مجلس إدارة البنك الرئيسي قد أصدر بموجب هذا التفويض التشريعي لائحته الداخلية ونص في المادة 156 منها على أن يعتبر العامل مقدما استقالته حكما في الحالات الآتية: 1- إذا التحق بأي عمل لدى الغير في الداخل أو في الخارج دون إذن من البنك 2- ...... 3- ...... فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى سلامة القرار الصادر من البنك بإنهاء خدمة الطاعن لالتحاقه بالعمل لدى جهة أجنبية استنادا إلى لائحة البنك لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث أن الطاعن ينعي بالأسباب من الثالث إلى الخامس' على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أعمل في حقه قرينة الاستقالة المستفادة من الانقطاع عن العمل بالرغم من إعمال هذه القرينة يستلزم طبقا للمادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 ـ إنذار العامل بالغياب قبل إنهاء خدمته ـ وعلى الرغم من أن الطاعن تمسك بعدم تسلمه للإنذار المرسل إليه وعدم توقيعه على علم الوصول, كما تمسك بأن الأفعال التي صدرت منه وهي تقدمه بطلب لتجديد أجازته لسنة رابعة تقطع بانتفاء قرينة الاستقالة أو هجره للوظيفة, إلا أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى سلامة قرار البنك في إعماله لقرينة الاستقالة الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي غير مقبول, ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن لائحة البنك تقضي باعتبار العامل مقدما استقالته حكما إذا التحق بالعمل لدى الغير دون إذن, وخلت أسباب الحكم مما يفيد أنه أعمل قرينة الاستقالة المستفادة من الانقطاع عن العمل دون إذن, فإن النعي عليه بهذه الأسباب لا يكون قد صادف محلا في قضاء الحكم المطعون فيه.
وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق