برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، أحمد خيري، خيري فخري نواب رئيس المحكمة وفتحي حنضل.
---------------------
1 - لما كان يتعين على هذه المحكمة ومن تلقاء نفسها أن تتحقق من توافر شروط الطعن وتقضي بعدم قبوله كلما تخلف شرط الصفة والمصلحة.
2 - إذ يشترط في المطعون عليه بالنقض أن يكون قد أفاد من الوضع القانوني الناشئ عن الحكم المطعون فيه فلا يكفي أن يكون طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم. وكان البين أن المطعون عليه الخامس غير محكوم لصالحه بل هو محكوم ضده مع الطاعنين فلا يكون لهما مصلحة في اختصامه أمام محكمة النقض بما يتعين معه عدم قبول الطعن بالنسبة له.
3 - أوجب المشرع بنص المادة 354 من قانون المرافعات إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلا. ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام ولا يعفى من أداء الكفالة إلا من نص القانون على إعفائه من الرسوم القضائية.
4 - إذ كان الإعفاء من الرسوم القضائية المقرر بنص المادة 50 من القانون رقم 90 سنة 1944 ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ مقصورا على الدعاوى التي ترفعها الحكومة دون غيرها من أشخاص القانون العام التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وميزانيتها المستقلة وكانت هيئة الأوقاف المصرية ـ الطاعنة الثانية ـ وفقا للقانون رقم 80 لسنة 1971 الصادر بإنشائها والقرار الجمهوري رقم 1141 سنة 1972 بتنظيم العمل بها هي الهيئات العامة ولها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها ولم يضع المشرع نصا خاصا بإعفائها من رسوم الدعاوى التي ترفعاها فإنها تكون ملزمة بإيداع الكفالة المقررة بالمادة 254 مرافعات قبل إيداع صحيفة الطعن بالنقض المرفوع منها أو خلال الأجل المقرر، وإذا هي لم تفعل فإن الطعن المرفوع منها يكون باطلا.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأسباب القانونية التي لا يداخلها أي عنصر واقعي جديد، وكان يتعين على محكمة الموضوع وهي تفصل في طلبات المدعين ودفاع المدعى عليهم أن تتنبه إلى ما يقتضيه بحثها من تغليب الوجوه القانونية التي يصح تأسيس الحكم السليم عليها يكون للخصوم إثارتها أمام محكمة النقض ولو لم يسبق لهم التمسك بها أمام تلك المحكمة. إذ أن تطبيق القانون على نحو صحيح واجب على القاضي دون توقف على طلب من الخصوم.
6 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها، والمباني المخصصة للمقابر ـ الجبانات ـ تعتبر من أملاك الدولة العامة. إذ أن الغرض الذي من أجله خصصت الجبانات للمنفعة العامة ليس بمقصور على الدفن وحده بل يشمل حفظ رفات الموتى بعد دفنهم وينبني على ذلك أنها لا تفقد صفتها العامة بمجرد إبطال الدفن فيها ما دامت قد خصصت للدفن وأعدت لهذا الغرض ومن ثم فلا يجوز تملكها بوضع اليد عليها إلا بعد زوال تخصيصها لما أعدت له وإندثار معالمها وآثارها.
7 - لما كانت ملكية الوقف ـ قبل العمل بالقانون المدني الحالي في 1949/10/15 ـ لا تسقط الدعوى بها بمجرد الإهمال لمدة ثلاث وثلاثين سنة، بل إنها تستمر لجهة الوقف ما لم يكتسبها أحد بوضع يده مدة ثلاث وثلاثين سنة مستوفيا جميع الشرائط المقررة قانونا لاكتساب الملكية بوضع اليد وذلك قبل أن يحظر المشرع إطلاقا تملك أعيان الوقف الخيري بالتقادم بعد تعديل المادة 970 من القانون المدني بالقانون رقم 147 لسنة 1957 المعمول به من 1957/7/13.
8 - لما أن البين مما حصله الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق وتقرير الخبير المندوب في الدعوى والذي اتخذه أساسا لقضائه أن عقار التداعي وقف خيري مكون من ضريح "سيدي الكرماني" به رفاته وملحق به مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم كانت تخضع لإشراف وزارة المعارف ثم وزارة التربية والتعليم وأن هذا الضريح وما يتبعه من وقف بطبيعته تابع لإدارة الأضرحة والمدفن بوزارة الأوقاف وأن المدعيات لا يجوز لهن تملك العقار مهما طال وضع يدهن عليه وحيازتهن له لكونه وقفا ومن ثم فإنه كان يتعين على الحكم أن يعرض لشروط وضع اليد ومنها قابلية العقار للتملك بالتقادم ويتحقق عما إذا كان من أملاك الدولة العامة أو أنه قد زال تخصيصه للمنفعة العامة ودخل في نطاق الأموال الجائز اكتسابها بالتقادم لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بثبوت ملكية المطعون عليهم الأربعة الأول لأعيان التداعي جميعها على مجرد قوله إنه توافرت لهن شروط كسب ملكية أعيان الوقف بوضع اليد مدة ثلاث وثلاثين سنة سابقة على صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 المعدل للمادة 970 من القانون المدني ودون أن يتحقق من هذه الأمور جميعا خاصة ما إذا كان الضريح قد انتهى إعداده كمقبرة لصاحبه وزال تخصيصه ومدى خضوع هذه الأعيان لإشراف الدولة في إدارتها والصرف عليها فإنه يكون معيبا بالقصور الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
---------------
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن ـ تتحصل في أن المطعون عليهن الأربع الأول أقمن الدعوى رقم 12716 سنة 1984 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنين بصفتهما والمطعون عليه الخامس بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهن للعقار محل التداعي وطرد هذا الأخير من الدكان المؤجر له والتسليم. وقلن بيانا لذلك أن المرحوم ...... ـ مورثهن ـ وضع يده على عقار التداعي منذ سنة 1900 وأنشأ فيه مدرسة الكرماني الابتدائية لتحفيظ القرآن الكريم التي كانت تخضع لإشراف الحكومة ممثلة في وزارة المعارف ثم وزارة التربية والتعليم وتوافرت له الحيازة بشروطها من هدوء وظهور واستمرار ثم بعد وفاته انتقلت إليهم، وإذ استولى المطعون عليه الخامس على جزء من مبنى المدرسة واستغله ورشة لإصلاح السيارات وحررت له الطاعنة الثانية عقد إيجار عنه أقمن الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن قدم تقريره حكمت في 29/5/1989 برفض الدعوى.
استأنف المطعون عليهن المذكورات هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 8829 سنة 106 ق. وبتاريخ 6/3/1991 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون عليهن الأربع الأول للعين محل التداعي وطرد المطعون عليه الخامس من العين استئجاره. طعن الطاعنان بصفتهما على هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن من الطاعنة الثانية. ورفض الطعن بالنسبة للطاعن الأول بصفته وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه يتعين على هذه المحكمة ومن تلقاء نفسها أن تتحقق من توافر شروط الطعن وتقضي بعدم قبوله كلما تخلف شرط الصفة والمصلحة وإذ يشترط في المطعون عليه بالنقض أن يكون قد أفاد من الوضع القانوني الناشئ عن الحكم المطعون فيه فلا يكفي أن يكون طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم. وكان البين أن المطعون عليه الخامس غير محكوم لصالحه بل هو محكوم ضده مع الطاعنين فلا يكون لهما مصلحة في اختصاصه أمام محكمة النقض بما يتعين معه عدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة بعدم قبول الطعن من الطاعنة الثانية ـ هيئة الأوقاف المصرية ـ أنها لم تودع الكفالة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال أجله فيكون الطعن المقام منها باطلا ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن المشرع أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلا, ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام ولا يعفي من أداء الكفالة إلا من نص القانون على إعفائه من الرسوم القضائية المقرر بنص المادة 50 من القانون رقم 90 سنة 1944 وإذ كان هذا الإعفاء ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ مقصورا على الدعاوي التي ترفعها الحكومة دون غيرها من أشخاص القانون العام التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وميزانيتها المستقلة وكانت هيئة الأوقاف المصرية الطاعنة الثانية ـ وفقا للقانون رقم 80 لسنة 1971 ـ الصادر بإنشائها والقرار الجمهوري رقم 1141 سنة 1972 بتنظيم العمل بها ـ وهي من الهيئات العامة ولها شخصية اعتبارية, وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها ولم يضع المشرع نصا خاصا بإعفائها من رسوم الدعاوي التي ترفعها فإنها تكون ملزمة بإيداع الكفالة المقررة ـ بالمادة 254 مرافعات قبل إيداع صحيفة الطعن بالنقض المرفوع منها أو خلال الأجل المقرر, وإذ هي لم تفعل فإن الطعن المرفوع منها يكون باطلا.
وحيث إن الطعن من الطاعن الأول ـ وزير الأوقاف بصفته ـ استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن الثابت من تقرير الخبير الذي اتخذه الحكم عمادا لقضائه أن العقار محل التداعي يضم ضريح سيدي محمد الكرماني, وبه رفات من دفن فيه من الموتى بما يخرجه عن دائرة التعامل بطبيعته, وملحق بالضريح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وبه زاوية لإقامة الصلاة وهو بهذه المثابة يعتبر من الأموال العامة التي لا يجوز تملكها بوضع اليد المكسب للملكية مهما طالت مدته وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بتثبيت ملكية المطعون عليهن للعقار موضوع التداعي فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أن المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أن الأسباب القانونية البحتة التي لا يداخلها أي عنصر واقعي جديد, وكان يتعين على محكمة الموضوع وهي تفصل في طلبات المدعين ودفاع المدعي عليهم أن تتنبه إلى ما يقتضيه بحثها من تغليب الوجوه القانونية التي يصح تأسيس الحكم السليم عليها يكون للخصوم إثارتها أمام محكمة النقض ولو لم يسبق لهم التمسك بها أمام تلك المحكمة, إذ أن تطبيق القانون على نحو صحيح واجب على القاضي دون توقف على طلب من الخصوم. وأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها, والمباني المخصصة للمقابر ـ الجبانات ـ تعتبر من أملاك الدولة العامة إذ أن الغرض الذي من أجله خصصت الجبانات للمنفعة العامة ليس بمقصور على الدفن وحده بل يشمل حفظ رفات الموتى بعد دفنهم وينبني على ذلك أنها لا تفقد صفتها العامة بمجرد إبطال الدفن فيها ما دامت قد خصصت للدفن وأعدت لهذا الغرض ومن ثم فلا يجوز تملكها بوضع اليد عليها إلا بعد زوال تخصيصها لما أعدت له واندثار معالمها وآثارها, وأن ملكية الوقف ـ قبل العمل بالقانون المدني الحالي في 15/10/1949 ـ لا تسقط الدعوى بها بمجرد الإهمال لمدة ثلاث وثلاثين سنة, بل أنها تستمر لجهة الوقف ما لم يكتسبها أحد بوضع يده مدة ثلاث وثلاثين سنة مستوفيا جميع الشرائط المقررة قانونا لاكتساب الملكية بوضع اليد وذلك قبل أن يحظر المشرع إطلاقا تملك أعيان الوقف الخيري بالتقادم بعد تعديل المادة 970 من القانون المدني بالقانون رقم 147 لسنة 1957 المعمول به من 13/7/1957. لما كان ذلك وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق ـ وتقرير الخبير المندوب في الدعوى والذي اتخذه أساسا لقضائه أن عقار التداعي وقف خيري مكون من ضريح "سيدي الكرماني" به رفاته وملحق به مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم كانت تخضع لإشراف وزارة المعارف ثم وزارة التربية والتعليم وأن هذا الضريح وما يتبعه من وقف بطبيعته تابع لإدارة الأضرحة والمدافن بوزارة الأوقاف وأن المدعيات ـ لا يجوز لهن تملك العقار مهما طال وضع يدهن عليه وحيازتهن له لكونه وقفا ومن ثم فإنه كان يتعين على الحكم أن يعرض لشروط وضع اليد ومنها قابلية العقار للتملك بالتقادم ويتحقق مما إذا كان من أملاك الدولة العامة أو أنه قد زال تخصيصه للمنفعة العامة ودخل في نطاق الأموال الجائز اكتسابها بالتقادم. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بثبوت ملكية المطعون عليهن الأربع الأول لأعيان التداعي جميعها على مجرد قوله أنه توافرت لهن شروط كسب ملكية أعيان الوقف بوضع اليد مدة ثلاث وثلاثين سنة سابقة على صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 المعدل للمادة 970 من القانون المدني ودون أن يتحقق من هذه الأمور جميعا وخاصة ما إذا كان الضريح قد انتهى إعداده كمقبرة لصاحبه وزال تخصيصه ومدى خضوع هذه الأعيان لإشراف الدولة في إدارتها والصرف عليها فإنه يكون معيبا بالقصور الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه ولا يقدح في ذلك القول ـ بأن هذا النعي سبب جديد لم يسبق التمسك به أمام محكمة الاستئناف إذ أنه سبب قانوني بحت لا يداخله ثمة واقع على ما سلف بيانه.
حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن ـ تتحصل في أن المطعون عليهن الأربع الأول أقمن الدعوى رقم 12716 سنة 1984 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنين بصفتهما والمطعون عليه الخامس بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهن للعقار محل التداعي وطرد هذا الأخير من الدكان المؤجر له والتسليم. وقلن بيانا لذلك أن المرحوم ...... ـ مورثهن ـ وضع يده على عقار التداعي منذ سنة 1900 وأنشأ فيه مدرسة الكرماني الابتدائية لتحفيظ القرآن الكريم التي كانت تخضع لإشراف الحكومة ممثلة في وزارة المعارف ثم وزارة التربية والتعليم وتوافرت له الحيازة بشروطها من هدوء وظهور واستمرار ثم بعد وفاته انتقلت إليهم، وإذ استولى المطعون عليه الخامس على جزء من مبنى المدرسة واستغله ورشة لإصلاح السيارات وحررت له الطاعنة الثانية عقد إيجار عنه أقمن الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن قدم تقريره حكمت في 29/5/1989 برفض الدعوى.
استأنف المطعون عليهن المذكورات هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 8829 سنة 106 ق. وبتاريخ 6/3/1991 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون عليهن الأربع الأول للعين محل التداعي وطرد المطعون عليه الخامس من العين استئجاره. طعن الطاعنان بصفتهما على هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن من الطاعنة الثانية. ورفض الطعن بالنسبة للطاعن الأول بصفته وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه يتعين على هذه المحكمة ومن تلقاء نفسها أن تتحقق من توافر شروط الطعن وتقضي بعدم قبوله كلما تخلف شرط الصفة والمصلحة وإذ يشترط في المطعون عليه بالنقض أن يكون قد أفاد من الوضع القانوني الناشئ عن الحكم المطعون فيه فلا يكفي أن يكون طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم. وكان البين أن المطعون عليه الخامس غير محكوم لصالحه بل هو محكوم ضده مع الطاعنين فلا يكون لهما مصلحة في اختصاصه أمام محكمة النقض بما يتعين معه عدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة بعدم قبول الطعن من الطاعنة الثانية ـ هيئة الأوقاف المصرية ـ أنها لم تودع الكفالة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال أجله فيكون الطعن المقام منها باطلا ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن المشرع أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلا, ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام ولا يعفي من أداء الكفالة إلا من نص القانون على إعفائه من الرسوم القضائية المقرر بنص المادة 50 من القانون رقم 90 سنة 1944 وإذ كان هذا الإعفاء ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ مقصورا على الدعاوي التي ترفعها الحكومة دون غيرها من أشخاص القانون العام التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وميزانيتها المستقلة وكانت هيئة الأوقاف المصرية الطاعنة الثانية ـ وفقا للقانون رقم 80 لسنة 1971 ـ الصادر بإنشائها والقرار الجمهوري رقم 1141 سنة 1972 بتنظيم العمل بها ـ وهي من الهيئات العامة ولها شخصية اعتبارية, وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها ولم يضع المشرع نصا خاصا بإعفائها من رسوم الدعاوي التي ترفعها فإنها تكون ملزمة بإيداع الكفالة المقررة ـ بالمادة 254 مرافعات قبل إيداع صحيفة الطعن بالنقض المرفوع منها أو خلال الأجل المقرر, وإذ هي لم تفعل فإن الطعن المرفوع منها يكون باطلا.
وحيث إن الطعن من الطاعن الأول ـ وزير الأوقاف بصفته ـ استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن الثابت من تقرير الخبير الذي اتخذه الحكم عمادا لقضائه أن العقار محل التداعي يضم ضريح سيدي محمد الكرماني, وبه رفات من دفن فيه من الموتى بما يخرجه عن دائرة التعامل بطبيعته, وملحق بالضريح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وبه زاوية لإقامة الصلاة وهو بهذه المثابة يعتبر من الأموال العامة التي لا يجوز تملكها بوضع اليد المكسب للملكية مهما طالت مدته وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بتثبيت ملكية المطعون عليهن للعقار موضوع التداعي فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أن المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أن الأسباب القانونية البحتة التي لا يداخلها أي عنصر واقعي جديد, وكان يتعين على محكمة الموضوع وهي تفصل في طلبات المدعين ودفاع المدعي عليهم أن تتنبه إلى ما يقتضيه بحثها من تغليب الوجوه القانونية التي يصح تأسيس الحكم السليم عليها يكون للخصوم إثارتها أمام محكمة النقض ولو لم يسبق لهم التمسك بها أمام تلك المحكمة, إذ أن تطبيق القانون على نحو صحيح واجب على القاضي دون توقف على طلب من الخصوم. وأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها, والمباني المخصصة للمقابر ـ الجبانات ـ تعتبر من أملاك الدولة العامة إذ أن الغرض الذي من أجله خصصت الجبانات للمنفعة العامة ليس بمقصور على الدفن وحده بل يشمل حفظ رفات الموتى بعد دفنهم وينبني على ذلك أنها لا تفقد صفتها العامة بمجرد إبطال الدفن فيها ما دامت قد خصصت للدفن وأعدت لهذا الغرض ومن ثم فلا يجوز تملكها بوضع اليد عليها إلا بعد زوال تخصيصها لما أعدت له واندثار معالمها وآثارها, وأن ملكية الوقف ـ قبل العمل بالقانون المدني الحالي في 15/10/1949 ـ لا تسقط الدعوى بها بمجرد الإهمال لمدة ثلاث وثلاثين سنة, بل أنها تستمر لجهة الوقف ما لم يكتسبها أحد بوضع يده مدة ثلاث وثلاثين سنة مستوفيا جميع الشرائط المقررة قانونا لاكتساب الملكية بوضع اليد وذلك قبل أن يحظر المشرع إطلاقا تملك أعيان الوقف الخيري بالتقادم بعد تعديل المادة 970 من القانون المدني بالقانون رقم 147 لسنة 1957 المعمول به من 13/7/1957. لما كان ذلك وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق ـ وتقرير الخبير المندوب في الدعوى والذي اتخذه أساسا لقضائه أن عقار التداعي وقف خيري مكون من ضريح "سيدي الكرماني" به رفاته وملحق به مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم كانت تخضع لإشراف وزارة المعارف ثم وزارة التربية والتعليم وأن هذا الضريح وما يتبعه من وقف بطبيعته تابع لإدارة الأضرحة والمدافن بوزارة الأوقاف وأن المدعيات ـ لا يجوز لهن تملك العقار مهما طال وضع يدهن عليه وحيازتهن له لكونه وقفا ومن ثم فإنه كان يتعين على الحكم أن يعرض لشروط وضع اليد ومنها قابلية العقار للتملك بالتقادم ويتحقق مما إذا كان من أملاك الدولة العامة أو أنه قد زال تخصيصه للمنفعة العامة ودخل في نطاق الأموال الجائز اكتسابها بالتقادم. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بثبوت ملكية المطعون عليهن الأربع الأول لأعيان التداعي جميعها على مجرد قوله أنه توافرت لهن شروط كسب ملكية أعيان الوقف بوضع اليد مدة ثلاث وثلاثين سنة سابقة على صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 المعدل للمادة 970 من القانون المدني ودون أن يتحقق من هذه الأمور جميعا وخاصة ما إذا كان الضريح قد انتهى إعداده كمقبرة لصاحبه وزال تخصيصه ومدى خضوع هذه الأعيان لإشراف الدولة في إدارتها والصرف عليها فإنه يكون معيبا بالقصور الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه ولا يقدح في ذلك القول ـ بأن هذا النعي سبب جديد لم يسبق التمسك به أمام محكمة الاستئناف إذ أنه سبب قانوني بحت لا يداخله ثمة واقع على ما سلف بيانه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق