برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد جمال حامد، أنور العاصي، سعيد شعله والسيد حشيش نواب رئيس المحكمة.
------------------
1 - مفاد نص المادة الثانية من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961، يدل على أن المشرع التزم فيها ـ بالنسبة لتقدير التعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة ـ نهجا عاما قوامه أن يكون التعويض معادلا للقيمة الحقيقية لحصص وأنصبة أصحاب تلك المشروعات المؤممة بعد تقويمها وفقا للقواعد المحددة بالقانون المذكور، وقد أفصح المشرع صراحة عن هذا النهج بما أورده في المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون 117 لسنة 1961 من أن "هذا التأميم اتخذ صورته العادلة فلم تؤول ملكية أسهم الشركات أو رؤوس أموال المنشآت إلى الدولة بلا مقابل بل عوض أصحابها عنها تعويضا عادلا إذ التزمت الدولة بأن تدفع قيمة أسهم تلك الشركات ورؤوس أموال المنشآت التي شملها التأميم في شكل سندات إسمية على الدولة.... وبذلك تكون الدولة قد عوضت المساهمين وأصحاب رؤوس الأموال عن حصصهم وأنصبتهم التي كانوا يملكونها بتلك الشركات والمنشآت على نحو روعيت فيه العدالة المطلقة" كما استطردت تلك المذكرة إلى القول "ثم أن هذه السندات تدفع عنها فائدة قدرها 4% وتكفل ثبات قيمتها كسندات على الدولة وبذلك لا تكون تلك السندات معرضة للتغييرات التي تطرأ عادة على قيمة الأسهم ورؤوس الأموال تبعا للتيارات الاقتصادية التي تسود المشروعات المستثمرة في تلك الأموال..." وهو ما يكشف عن وجه آخر لما رآه من رعاية لأصحاب الأسهم ورؤوس الأموال في المشروعات المؤممة إلى جانب تعويضهم الكامل عنها بما ينم عن حرصه عن النأي بسندات التعويض عن كل ما من شأنه انتقاص قيمتها أو المساس بها.
2 - إذ كانت ملكية تلك السندات الإسمية التي تمثل القيمة الكاملة لأسهم رؤوس أموال الشركات المؤممة قد استقرت لأصحابها بموجب القانون سالف الإشارة بما تخوله لهم ملكية هذه السندات من حق التصرف فيها بالبيع بتداولها في البورصة أو كوسيلة للوفاء بالتزاماتهم قبل الدولة بقدر قيمتها أو الانتفاع بما تغله من ريع، ومن ثم فإن الواقعة المنشئة للتعويض المستحق لأصحاب الشركات والمنشآت المؤممة هي القانون 117 لسنة 1961 المعمول به اعتبارا من 1961/7/20 إذ يعتبر التعويض مقدرا في صورته النهائية منذ نشوء الحق فيه أصلا.
3 - إذ كان المشرع قد أصدر القرار بقانون 134 لسنة 1964 المعمول به اعتبارا من 1964/3/24 ونص في الفقرة الأولى من المادة الأولى على وضع حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة بما لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه، ومن ثم فإن مقتضى ذلك هو استيلاء الدولة دون مقابل على السندات الاسمية المملوكة لهم والزائدة عن هذا الحد وتجريدهم بالتالي من ملكيتها بحيث يمتنع عليهم المطالبة بحقوقهم فيما جاوز الخمسة عشر ألف جنيه، وبالرغم من أن المشرع لم يعدل بهذا القرار بقانون ساس أو قيمة التعويض التي أن أرساها في القانون 117 لسنة 1961 سالف الإشارة إليه.
4 - لما كان النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا ..." مفاده ـ وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني ـ أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق ماديا أو قانونيا أن يطالب بحقه, فهو يقف بالنسبة لكل صاحب حق حال بينه وبين المطالبة بحقه قوة قاهرة, وكان القرار بقانون 134 لسنة 1964 - وعلى ما سلف ـ يعتبر مانعاً قانونياً يستحيل معه على أصحاب الشركات والمنشآت المؤممة المطالبة بحقوقهم بالنسبة للتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه والتي استولت عليها الدولة, فإن التقادم بالنسبة لها يكون موقوفا منذ العمل بهذا القرار بقانون.
5 - إذ قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 1 لسنة 1 ق دستورية بتاريخ 2/3/1985 بعدم دستورية القرار بقانون 134 لسنة 1964 بتعويض أصحاب الأسهم ورؤوس أموال الشركات والمنشآت التي آلت ملكيتها إلى الدولة وفقا لأحكام القانون 117 لسنة 1961 تعويضا إجماليا، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية, إلا أن عدم تطبيق النص ـ على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا ـ لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص, على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم, فإنه يترتب على حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القرار بقانون 134 لسنة 1964 انفتاح باب المطالبة بالتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه, وذلك اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية في 21/3/1985 ولا يكون الحق في المطالبة بها قد سقط بالتقادم باعتبار أن القانون المشار إليه ـ وقد حدد تعويضا إجماليا لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه ـ كان يحول بين أصحاب الحقوق والمطالبة بما يجاوز هذا المقدار إذ كان ممتنعا عليهم قانونا المطالبة بحقوقهم قبل المطعون ضدهم, فيعتبر مانعاً في حكم المادة 382 من القانون المدني يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه وبالتالي يكون تقادم الحق في التعويض الناشئ عن القرار بقانون 117 لسنة 1961 موقوفا منذ 24/3/1964 تاريخ العمل بالقرار بقانون 134 لسنة 1964 فلا تجرى مواعيد سقوط الحق خلال فترة سريانه, فتستأنف سيرها بمجرد زوال سبب الوقف بنشر الحكم بعدم دستوريته في الجريدة الرسمية في 21/3/1985 لما كان ذلك وكان الطاعن قد أقام الدعوى في عام 1985, وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم على سند من القول أن التعويض استحق للطاعن اعتبارا من صدور القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 وأنه لا يعتبر مانعا من المطالبة بحقه فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون, وهو ما حجبه عن تحقيق دفاع الطاعن في هذا الخصوص بما يعيبه كذلك - بالقصور في التسبيب.
-------------------
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 3182 سنة 1985 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضده الأول ثم أدخل المطعون ضدهما الأخيرين بطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا إليه مبلغ 68700.960 جنيه وملحقاته ومقدارها مبلغ 2109921.530 وقال بيانا لدعواه إنه كان يمتلك أسهما بشركة....... للأخشاب التي أممت بالقرار بقانون 117 سنة 1961 الذي تضمن في مادته الثانية تعويضه عنها بسندات إسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنويا وقدرت قيمة السهم بمبلغ 7.440 جنيه, إلا أنه بتاريخ 24/3/1964 صدر القرار بقانون 134 لسنة 1964 ونص في مادته الأولى على تحديد التعويض بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه كحد أقصى, وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون الأخير, فيحق له إقامة الدعوى للمطالبة بالقيمة الحقيقية للأسهم المشار إليها مع التعويض عن حرمانه من الفرق بين القيمتين منذ تاريخ استحقاقه حتى تمام السداد وهو ما يقدره بالمبلغين المطالب بهما, ومحكمة أول درجة ـ بعد أن ندبت خبيرا وقدم تقريره ـ حكمت بتاريخ 25/2/1989 بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 4013 لسنة 106ق, وبتاريخ 13/3/1991 قضت المحكمة بالتأييد.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه وفقا للقرار بقانون 117 لسنة 1961 لا تستحق السندات الاسمية التي قرر المشرع تعويض المساهمين بها إلا بعد مضي خمسة عشر عاما من تاريخ العمل به, ومن ثم فإن الحق في المطالبة بها لا يسقط إلا في عام 1991, فضلا عن إنه لما كان قد صدر القرار بقانون 134 لسنة 1964 محددا التعويض المستحق له عن مجموع ما يملكه من أسهم في الشركة المؤممة بتعويض إجمالي قدره خمسة عشر ألف جنيه, فإنه يمتنع عليه في ظل أحكام هذا القرار بقانون المطالبة بما يجاوز هذا المبلغ باعتبار أنه يصادر حقه فيه, ومن ثم فإن هذا القانون يعتبر مانعا قانونيا يحول بينه وبين رفع الدعوى للمطالبة بكامل التعويض ومن شأنه وقف التقادم, وإذ حكمت المحكمة الدستورية العليا في عام 1985 بعدم دستوريته في خصوص تحديده لحد أقصى للتعويض فلا يبدأ سريان التقادم إلا اعتبارا من تاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية, وإذ أقام دعواه عام 1985 فإنها لا تكون قد سقطت بالتقادم, غير أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى خلاف ذلك واحتسب بدء سريان التقادم من تاريخ العمل بالقرار بقانون 134 لسنة 1964 باعتبار أن التعويض النقدي استحق له منذ هذا التاريخ, ورتب على ذلك سقوط دعواهم بالتقادم, بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أن مفاد نص المادة الثانية من القرار بقانون 117 لسنة 1961 يدل على أن المشرع التزم فيها ـ بالنسبة لتقدير التعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة نهجا عاما قوامه أن يكون التعويض معادلا للقيمة الحقيقية لحصص وأنصبة أصحاب تلك المشروعات المؤممة بعد تقويمها وفقا للقواعد المحددة بالقانون المذكور, وقد أفصح المشرع صراحة عن هذا النهج بما أورده في المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون 117 لسنة 1961 من أن "هذا التأميم اتخذ صورته العادلة فلم تؤول ملكية أسهم الشركات أو رؤوس أموال المنشآت إلى الدولة بلا مقابل بل عوض أصحابها عنها تعويضا عادلا إذ التزمت الدولة بأن تدفع قيمة أسهم تلك الشركات ورؤوس أموال المنشآت التي شملها التأميم في شكل سندات إسمية على الدولة..... وبذلك تكون الدولة قد عوضت المساهمين وأصحاب رؤوس الأموال عن حصصهم وأنصبتهم التي كانوا يملكونها بتلك الشركات والمنشآت على نحو روعيت فيه العدالة المطلقة" كما استطردت تلك المذكرة إلى القول "ثم أن هذه السندات تدفع عنها فائدة قدرها 4% وتكفل ثبات قيمتها كسندات على الدولة وبذلك لا تكون تلك السندات معرضة للتغيرات التي تطرأ عادة على قيمة الأسهم ورؤوس الأموال تبعا للتيارات الاقتصادية التي تسود المشروعات المستثمرة فيها تلك الأموال...." وهو ما يكشف عن وجه آخر لما رآه من رعاية لأصحاب الأسهم ورؤوس الأموال في المشروعات المؤممة إلى جانب تعويضهم الكامل عنها بما ينم عن حرصه عن النأي بسندات التعويض عن كل ما من شأنه انتقاص قيمتها أو المساس بها. لما كان ذلك وكانت ملكية تلك السندات الاسمية التي تمثل القيمة الكاملة لأسهم ورؤوس أموال الشركات المؤممة قد استقرت لأصحابها بموجب القانون سالف الإشارة بما تخوله لهم ملكية هذه السندات من حق التصرف فيها بالبيع بتداولها في البورصة أو كوسيلة للوفاء بالتزاماتهم قبل الدولة بقدر قيمتها أو الانتفاع بما تغله من ريع, ومن ثم فإن الواقعة المنشئة للتعويض المستحق لأصحاب الشركات والمنشآت المؤممة هي القانون 117 لسنة 1961 المعمول به اعتبارا من 20/7/1961 إذ يعتبر التعويض مقدرا في صورته النهائية منذ نشوء الحق فيه أصلا, إذ كان ما تقدم وكان المشرع قد أصدر القرار بقانون 134 لسنة 1964 المعمول به اعتبارا من 24/3/1964 ونص في الفقرة الأولى من المادة الأولى على وضع حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة بما لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه, ومن ثم فإن مقتضى ذلك هو استيلاء الدولة دون مقابل على السندات الاسمية المملوكة لهم والزائدة عن هذا الحد وتجريدهم بالتالي من ملكيتها بحيث يمتنع عليهم المطالبة بحقوقهم فيما جاوز الخمسة عشر ألف جنيه, وبالرغم من أن المشرع لم يعدل بهذا القرار بقانون أسس أو قيمة التعويض التي سبق أن أرساها في القانون 117 لسنة 1961 سالف الإشارة إليه, لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على إنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا ..." مفاده ـ وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني ـ أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق ماديا أو قانونيا أن يطالب بحقه, فهو يقف بالنسبة لكل صاحب حق حال بينه وبين المطالبة بحقه قوة قاهرة, وكان القرار بقانون 134 لسنة 1964 ـ وعلى ما سلف ـ يعتبر مانعا قانونيا يستحيل معه على أصحاب الشركات والمنشآت المؤممة المطالبة بحقوقهم بالنسبة للتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه والتي استولت عليها الدولة, فإن التقادم بالنسبة لها يكون موقوفا منذ العمل بهذا القرار بقانون, وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 1 لسنة 1ق "دستورية" بتاريخ 2/3/1985 بعدم دستورية القرار بقانون 134 لسنة 1964 بتعويض أصحاب الأسهم ورؤوس أموال الشركات والمنشآت التي آلت ملكيتها إلى الدولة وفقا لأحكام القانون 117 لسنة 1961 تعويضا إجماليا, وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية, إلا أن عدم تطبيق النص ـ على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا ـ لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص, على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز لقوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم, فإنه يترتب على حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القرار بقانون 134 لسنة 1964 انفتاح باب المطالبة بالتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه وذلك اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية في 21/3/1985 ولا يكون الحق في المطالبة بها قد سقط بالتقادم باعتبار أن القانون المشار إليه ـ وقد حدد تعويضا إجماليا لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه ـ كان يحول بين أصحاب الحقوق والمطالبة بما جاوز هذا المقدار إذ كان ممتنعا عليهم قانونا المطالبة بحقوقهم قبل المطعون ضدهم, فيعتبر مانعا في حكم المادة 382 من القانون المدني يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه وبالتالي يكون تقادم الحق في التعويض الناشئ عن القرار بقانون 117 لسنة 1961 موقوفا منذ 24/3/1964 تاريخ العمل بقانون 134 لسنة 1964 فلا تجرى مواعيد سقوط الحق خلال فترة سريانه, فتستأنف سيرها بمجرد زوال سبب الوقف بنشر الحكم بعدم دستوريته في الجريدة الرسمية في 21/3/1985. لما كان ذلك وكان الطاعن قد أقام الدعوى في عام 1985, وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم على سند من القول أن التعويض استحق للطاعن اعتبارا من صدور القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 وأنه لا يعتبر مانعا من المطالبة بحقه فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون, وهو ما حجبه عن تحقيق دفاع الطاعن في هذا الخصوص بما يعيبه ـ كذلك ـ بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 3182 سنة 1985 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضده الأول ثم أدخل المطعون ضدهما الأخيرين بطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا إليه مبلغ 68700.960 جنيه وملحقاته ومقدارها مبلغ 2109921.530 وقال بيانا لدعواه إنه كان يمتلك أسهما بشركة....... للأخشاب التي أممت بالقرار بقانون 117 سنة 1961 الذي تضمن في مادته الثانية تعويضه عنها بسندات إسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنويا وقدرت قيمة السهم بمبلغ 7.440 جنيه, إلا أنه بتاريخ 24/3/1964 صدر القرار بقانون 134 لسنة 1964 ونص في مادته الأولى على تحديد التعويض بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه كحد أقصى, وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون الأخير, فيحق له إقامة الدعوى للمطالبة بالقيمة الحقيقية للأسهم المشار إليها مع التعويض عن حرمانه من الفرق بين القيمتين منذ تاريخ استحقاقه حتى تمام السداد وهو ما يقدره بالمبلغين المطالب بهما, ومحكمة أول درجة ـ بعد أن ندبت خبيرا وقدم تقريره ـ حكمت بتاريخ 25/2/1989 بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 4013 لسنة 106ق, وبتاريخ 13/3/1991 قضت المحكمة بالتأييد.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه وفقا للقرار بقانون 117 لسنة 1961 لا تستحق السندات الاسمية التي قرر المشرع تعويض المساهمين بها إلا بعد مضي خمسة عشر عاما من تاريخ العمل به, ومن ثم فإن الحق في المطالبة بها لا يسقط إلا في عام 1991, فضلا عن إنه لما كان قد صدر القرار بقانون 134 لسنة 1964 محددا التعويض المستحق له عن مجموع ما يملكه من أسهم في الشركة المؤممة بتعويض إجمالي قدره خمسة عشر ألف جنيه, فإنه يمتنع عليه في ظل أحكام هذا القرار بقانون المطالبة بما يجاوز هذا المبلغ باعتبار أنه يصادر حقه فيه, ومن ثم فإن هذا القانون يعتبر مانعا قانونيا يحول بينه وبين رفع الدعوى للمطالبة بكامل التعويض ومن شأنه وقف التقادم, وإذ حكمت المحكمة الدستورية العليا في عام 1985 بعدم دستوريته في خصوص تحديده لحد أقصى للتعويض فلا يبدأ سريان التقادم إلا اعتبارا من تاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية, وإذ أقام دعواه عام 1985 فإنها لا تكون قد سقطت بالتقادم, غير أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى خلاف ذلك واحتسب بدء سريان التقادم من تاريخ العمل بالقرار بقانون 134 لسنة 1964 باعتبار أن التعويض النقدي استحق له منذ هذا التاريخ, ورتب على ذلك سقوط دعواهم بالتقادم, بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أن مفاد نص المادة الثانية من القرار بقانون 117 لسنة 1961 يدل على أن المشرع التزم فيها ـ بالنسبة لتقدير التعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة نهجا عاما قوامه أن يكون التعويض معادلا للقيمة الحقيقية لحصص وأنصبة أصحاب تلك المشروعات المؤممة بعد تقويمها وفقا للقواعد المحددة بالقانون المذكور, وقد أفصح المشرع صراحة عن هذا النهج بما أورده في المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون 117 لسنة 1961 من أن "هذا التأميم اتخذ صورته العادلة فلم تؤول ملكية أسهم الشركات أو رؤوس أموال المنشآت إلى الدولة بلا مقابل بل عوض أصحابها عنها تعويضا عادلا إذ التزمت الدولة بأن تدفع قيمة أسهم تلك الشركات ورؤوس أموال المنشآت التي شملها التأميم في شكل سندات إسمية على الدولة..... وبذلك تكون الدولة قد عوضت المساهمين وأصحاب رؤوس الأموال عن حصصهم وأنصبتهم التي كانوا يملكونها بتلك الشركات والمنشآت على نحو روعيت فيه العدالة المطلقة" كما استطردت تلك المذكرة إلى القول "ثم أن هذه السندات تدفع عنها فائدة قدرها 4% وتكفل ثبات قيمتها كسندات على الدولة وبذلك لا تكون تلك السندات معرضة للتغيرات التي تطرأ عادة على قيمة الأسهم ورؤوس الأموال تبعا للتيارات الاقتصادية التي تسود المشروعات المستثمرة فيها تلك الأموال...." وهو ما يكشف عن وجه آخر لما رآه من رعاية لأصحاب الأسهم ورؤوس الأموال في المشروعات المؤممة إلى جانب تعويضهم الكامل عنها بما ينم عن حرصه عن النأي بسندات التعويض عن كل ما من شأنه انتقاص قيمتها أو المساس بها. لما كان ذلك وكانت ملكية تلك السندات الاسمية التي تمثل القيمة الكاملة لأسهم ورؤوس أموال الشركات المؤممة قد استقرت لأصحابها بموجب القانون سالف الإشارة بما تخوله لهم ملكية هذه السندات من حق التصرف فيها بالبيع بتداولها في البورصة أو كوسيلة للوفاء بالتزاماتهم قبل الدولة بقدر قيمتها أو الانتفاع بما تغله من ريع, ومن ثم فإن الواقعة المنشئة للتعويض المستحق لأصحاب الشركات والمنشآت المؤممة هي القانون 117 لسنة 1961 المعمول به اعتبارا من 20/7/1961 إذ يعتبر التعويض مقدرا في صورته النهائية منذ نشوء الحق فيه أصلا, إذ كان ما تقدم وكان المشرع قد أصدر القرار بقانون 134 لسنة 1964 المعمول به اعتبارا من 24/3/1964 ونص في الفقرة الأولى من المادة الأولى على وضع حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة بما لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه, ومن ثم فإن مقتضى ذلك هو استيلاء الدولة دون مقابل على السندات الاسمية المملوكة لهم والزائدة عن هذا الحد وتجريدهم بالتالي من ملكيتها بحيث يمتنع عليهم المطالبة بحقوقهم فيما جاوز الخمسة عشر ألف جنيه, وبالرغم من أن المشرع لم يعدل بهذا القرار بقانون أسس أو قيمة التعويض التي سبق أن أرساها في القانون 117 لسنة 1961 سالف الإشارة إليه, لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على إنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا ..." مفاده ـ وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني ـ أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق ماديا أو قانونيا أن يطالب بحقه, فهو يقف بالنسبة لكل صاحب حق حال بينه وبين المطالبة بحقه قوة قاهرة, وكان القرار بقانون 134 لسنة 1964 ـ وعلى ما سلف ـ يعتبر مانعا قانونيا يستحيل معه على أصحاب الشركات والمنشآت المؤممة المطالبة بحقوقهم بالنسبة للتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه والتي استولت عليها الدولة, فإن التقادم بالنسبة لها يكون موقوفا منذ العمل بهذا القرار بقانون, وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 1 لسنة 1ق "دستورية" بتاريخ 2/3/1985 بعدم دستورية القرار بقانون 134 لسنة 1964 بتعويض أصحاب الأسهم ورؤوس أموال الشركات والمنشآت التي آلت ملكيتها إلى الدولة وفقا لأحكام القانون 117 لسنة 1961 تعويضا إجماليا, وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية, إلا أن عدم تطبيق النص ـ على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا ـ لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص, على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز لقوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم, فإنه يترتب على حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القرار بقانون 134 لسنة 1964 انفتاح باب المطالبة بالتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه وذلك اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية في 21/3/1985 ولا يكون الحق في المطالبة بها قد سقط بالتقادم باعتبار أن القانون المشار إليه ـ وقد حدد تعويضا إجماليا لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه ـ كان يحول بين أصحاب الحقوق والمطالبة بما جاوز هذا المقدار إذ كان ممتنعا عليهم قانونا المطالبة بحقوقهم قبل المطعون ضدهم, فيعتبر مانعا في حكم المادة 382 من القانون المدني يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه وبالتالي يكون تقادم الحق في التعويض الناشئ عن القرار بقانون 117 لسنة 1961 موقوفا منذ 24/3/1964 تاريخ العمل بقانون 134 لسنة 1964 فلا تجرى مواعيد سقوط الحق خلال فترة سريانه, فتستأنف سيرها بمجرد زوال سبب الوقف بنشر الحكم بعدم دستوريته في الجريدة الرسمية في 21/3/1985. لما كان ذلك وكان الطاعن قد أقام الدعوى في عام 1985, وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم على سند من القول أن التعويض استحق للطاعن اعتبارا من صدور القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 وأنه لا يعتبر مانعا من المطالبة بحقه فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون, وهو ما حجبه عن تحقيق دفاع الطاعن في هذا الخصوص بما يعيبه ـ كذلك ـ بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق