برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، أحمد خيري، خيري فخري وحسين نعمان نواب رئيس المحكمة.
----------------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التعويض في المسئولية التقصيرية تشمل كل ضرر مباشر متوقعا كان أو غير متوقع، وأن الضرر بدوره يقوم على عنصرين هما الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته.
2 - إذا كانت الفرصة أمرا محتملا فإن تفويتها أمر محقق، وليس في القانون ما يمنع من أن يحسب في الكسب الفائت ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب ما دام لهذا الأمل أسباب مقبولة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتعويض المطعون عليهما الأولين عن هذا العنصر من عناصر الضرر المادي المطالبة به على ما قرره من أن ".... البين من ظروف الدعوى الماثلة أن وفاة المجني عليه البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما قد فوتت على والديه فرصة مؤكدة في رعايته لهما مستقبلا خاصة بعد إصابة شقيقه الوحيد في الحادث بالإصابات التي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة هي استئصال الطحال بما يترتب على ذلك من نقص في قدراته الصحية والبدنية طوال حياته...." وكان هذا الذي أورده الحكم من أسباب على فوات فرصة المطعون عليهما المذكورين في رعاية إبنهما لهما بوفاته هو استدلال سائغ له معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضائه بالتعويض عن هذا العنصر من عناصر الضرر المادي فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقصود بالطلب في الدعوى هو الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته في نطاق ما يطلب الحكم به تأسيسا عليه أما يبديه الطالب من أسس يبرر طلبه فهي لا تعدو كونها أوجه دفاع في الدعوى بما يتيح له ـ وعلى ما جرى به نص المادة 233 من قانون المرافعات ـ أن يبدى منها في الاستئناف أوجها جديدة تبرر ما طلب الحكم به ويوجب على المحكمة أن تفصل في الاستئناف على أساسها.
4 - إنه متى وردت الطلبات في ختام الصحيفة مجملة فإن نطاقها يتحدد بما ورد من بيان الوقائع والأسانيد بهذه الصحيفة.
5 - المقرر ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ أنه بحسب الحكم أن يكون قد بين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه فلا يعيبه متى عرض لكافة العناصر المكونة للضرر قانونا والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض أن ينتهي إلى تقدير التعويض الذي يستحقه المضرور في حدود السلطة التقديرية للمحكمة وما تراه كافيا لجبر الضرر.
6 - محكمة الاستئناف إن هي اقتصرت على تعديل مبلغ التعويض المحكوم به من محكمة أول درجة لا تكون ملزمة أن تورد بأسباب حكمها بيانا للضرر الذي أصاب المضرورين متى كان الحكم المستأنف قد تضمن هذا البيان ولو خلا الحكم الاستئنافي من إحالة صريحة إليه.
7 - النص في المادة 235 من قانون المرافعات على أنه "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها، ومع ذلك يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات، وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه، ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد، يدل على أن المشرع اعتبر عدم قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف متعلقا بالنظام العام وأوجب على تلك المحكمة إذا ما تبينت أن المعروض عليها هو طلب جديد أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله إلا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة سالفة البيان ويعتبر الطلب جديدا ولو تطابق مع الطلب الآخر بحيث لا يكون هو ذات الشيء السابق طلبه فلا تعد المطالبة بمبلغ من النقود هو ذات طلب مبلغ آخر منها بمجرد قيام التماثل بينهما متى كان من الممكن أن ترفع به دعوى جديدة دون الاحتجاج بحجية الحكم السابق ومن ثم فإن طلب التعويض عن الضرر الأدبي المرتد مستقل بذاته عن الضرر الأدبي الشخصي ومغاير فلا يجوز قبوله لأول مرة أمام محكمة الاستئناف بمقولة أنه قد تضمنه مبلغ التعويض الذي طلبه المضرور أمام محكمة أول درجة.
---------------------
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 6976 سنة 1978 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ 43008.785 ج وقالوا بيانا لدعواهم إنه بتاريخ 24/10/1976 تسبب تابع الطاعن بخطئه حالة قيادته إحدى سيارات الجيش في الاصطدام بسيارة كان يستقلها أبناء الطاعن الأول ".......،......" ووالدتهم - المطعون عليها الثانية - ونجم عن الحادث موت الابن المرحوم / ...... وإصابة الباقين وقد تحرر عن ذلك القضية رقم 3 لسنة 1978 جنح عسكرية وفيها حكم بإدانة التابع وأصبح الحكم باتا، وإذ يقدر التعويض الجابر للأضرار التي لحقتهم من جراء الحادث بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى، بتاريخ 13/5/1979 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون عليه الأول عن نفسه مبلغ 1000 ج وبصفته وليا على ولديه القاصرين ".......،......" مبلغ 550 ج- وللمطعون عليها الثانية مبلغ 1500ج. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3855 لسنة 96ق، وبتاريخ 11/2/1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن المطعون عليهم في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 890 سنة 50ق. وبتاريخ 11/1/1984 نقضت محكمة النقض هذا الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وإذ عجل المطعون عليهم الاستئناف أمامها حكمت بتاريخ 6/2/1991 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض لطلب التعويض الأدبي للقاصرين "......،......." وكذلك التعويض المادي عن الفرصة الفائتة وبإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون عليهما الأول عن نفسه وبصفته الثانية تعويضا ماديا وأدبيا شاملا قدره اثنان وعشرون ألف جنيه، وأبانت بأسباب حكمها بأنها تقدر للقاصرين المذكورين مبلغ ألف جنيه تعويضا أدبيا لما أصابهما من أحزان وآلام مبرحة بسبب فقد شقيقهما "......." طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال إذ قضى للمطعون عليهما الأول والثانية عن نفسيهما بتعويض عن الضرر المادي قدره أربعة آلاف جنيه لوفاة ابنهما "....." على مجرد احتمال تفويت الفرصة في رعايته لهما مستقبلا رغم أنه لم يكن عائلا لهما قبل وفاته إذ لم يجاوز عمره ثلاثة عشر عاما وقت وقوع الحادث ولم يكن له مصدر رزق يتكسب منه ويساعدهما به بل هما اللذان كانا يعولانه وهو ما يجعل فرصتهما في أن تلحقهما رعاية عند بلوغه ضعيفة الاحتمال بما ينتفي معه تحقق الضرر المستقبل لهما بتفويتها وإذ جاء قضاء الحكم على خلاف هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التعويض في المسئولية التقصيرية يشمل كل ضرر مباشر متوقعا كان أو غير متوقع، وأن الضرر بدوره يقوم على عنصرين هي الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته، وأنه إذا كانت الفرصة أمرا محتملا فإن تفويتها أمر محقق، وليس في القانون ما يمنع من أن يحسب في الكسب الفائت، ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب مادام لهذا الأمل أسباب مقبولة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتعويض المطعون عليهما الأولين عن هذا العنصر من عناصر الضرر المادي المطالب به على ما قرره من أن "... البين من ظروف الدعوى الماثلة أن وفاة المجني عليه البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما قد فوتت على والديه فرصة مؤكدة في رعايته لهما مستقبلا خاصة بعد إصابة شقيقه الوحيد في الحادث بالإصابات التي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة هي استئصال الطحال بما يترتب على ذلك نقص في قدرته الصحية والبدنية طوال حياته..." وكان هذا الذي أورده الحكم من أسباب على فوات فرصة المطعون عليهما المذكورين في رعاية ابنهما لهما بوفاته هو استدلال سائغ له معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضائه بالتعويض عن هذا العنصر من عناصر الضرر المادي فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى للمطعون عليه الأول بتعويض مادي عن النفقات التي تكبدها بسبب إصابة ابنه -.......- منذ إصابته وحتى وفاته وكذلك نفقات علاج قاصريه "......و......" رغم أنه لم يطالب بذلك التعويض إلا أمام محكمة الاستئناف، كما قضى للقاصرين المذكورين بتعويض مادي وأدبي قدره سبعة آلاف جنيه لما أصابهما من جروح، كما قدر للمطعون عليها الثانية مبلغ 1000 ج تعويضا عما أصابها من جروح وأيضا مبلغ ستة آلاف جنيه تعويضا عما لحقهما من أضرار أدبية بسبب وفاة ابنهما .... على قالة أن طلب التعويض عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية مطروح على المحكمة ولا يعد طلبا جديدا في حين أنهم لم يطلبوه أمام محكمة أول درجة وإنما وردت طلباتهم أمامها مجملة ولم تفصل على هذا النحو إلا أمام محكمة الاستئناف ولأول مرة فتعتبر طلبات جديدة، هذا إلى أنه لم يبين عناصر هذه الأضرار جميعها والتي استند إليها في تقديره للتعويض المقضي به وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المقصود بالطلب في الدعوى هو الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته في نطاق ما يطلب الحكم به تأسيسا عليه، أما ما يبديه الطالب من أسس يبرر طلبه فهي لا تعدو كونها أوجه دفاع في الدعوى بما يتيح له - وعلى ما جرى به نص المادة 233 من قانون المرافعات - أن يبدي منها في الاستئناف أوجها جديدة تبرر ما طلب الحكم له به ويوجب على المحكمة أن تفصل في الاستئناف على أساسها، كما أنه متى وردت الطلبات في ختام الصحيفة مجملة فإن نطاقها يتحدد بما ورد من بيان الوقائع والأسانيد بهذه الصحيفة، وكان البين من الأوراق ومدونات الحكم الصادر من أول درجة أن المطعون عليهم طلبوا أمام محكمة أول درجة الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي لهم مبلغ 43008.785 ج تعويضا عن كافة الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم من جراء الحادث نتيجة الوفاة والإصابات التي نجمت عنه موضحين بصحيفة دعواهم أن من بين عناصر هذه الأضرار ما أنفق من مصروفات علاج بالمستشفى وبالمنزل وغير ذلك مما لحقهم أو ألم بهم وقضت لهم المحكمة بالتعويض عنها بعد أن أشارت إلى كل عنصر من عناصره فاستأنفوا ذلك الحكم وكانت هي ذات طلباتهم أمام محكمة الاستئناف، فإن طلب المطعون عليهم لتلك النفقات وتقديرهم لمبلغ التعويض عن كل عنصر من عناصر الضرر أمام تلك المحكمة لا يعد طلبات جديدة بل يندرج ضمن مجمل طلبهم التعويض عن كافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابتهم وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالشق الأول من سبب النعي يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه بحسب الحكم أن يكون قد بين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه فلا يعيبه - متى عرض لكافة العناصر المكونة للضرر قانونا والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض أن ينتهي إلى تقدير التعويض الذي يستحقه المضرور في حدود السلطة التقديرية للمحكمة وما تراه كافيا لجبر الضرر، وأن محكمة الاستئناف إن هي اقتصرت على تعديل مبلغ التعويض المحكوم به من محكمة أول درجة لا تكون ملزمة أن تورد بأسباب حكمها بيانا للضرر الذي أصاب المضرورين متى كان الحكم المستأنف قد تضمن هذا البيان ولو خلا الحكم الاستئنافي من إحالة صريحة إليه. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بالتعويض الذي أجاب المطعون عليهم إلى طلبه - على ما أبان عنه حكم أول درجة في شأن بيان عناصر الضرر المادي والأدبي الذي لحق بالمطعون عليهما والقاصرين -......،......- مكتفيا بتعديل المبلغ المقضي به بما رأته المحكمة مناسبا لجبر تلك الأضرار، كما بين عناصر الضرر المادي والكسب الفائت نتيجة وفاة المجني عليه -.......- وقضى للمطعون عليهما الأولين بالتعويض عنه، فإن تعييبه بما تضمنه الشق الثاني من سبب النعي يكون في غير محله ويضحي هذا النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى للقاصرين -.......،.......- بتعويض أدبي قدره مبلغ 1000ج عن موت شقيقهما -......- رغم أنه من الطلبات الجديدة التي لا يقبل إبداؤها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف إذ لم تتم المطالبة به أمام محكمة أول درجة فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 235 من قانون المرافعات على أنه "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها، ومع ذلك يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه، ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد" يدل على أن المشرع اعتبر عدم قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف متعلقا بالنظام العام وأوجب على تلك المحكمة إذا ما تبينت أن المعروض عليها هو طلب جديد أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله إلا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة سالفة البيان ويعتبر الطلب جديدا ولو تطابق مع الطلب الآخر بحيث لا يكون هو ذات الشيء السابق طلبه فلا تعد المطالبة بمبلغ من النقود هو ذات طلب مبلغ آخر منها بمجرد قيام التماثل بينهما متى كان من الممكن أن ترفع به دعوى جديدة دون الاحتجاج بحجية الحكم السابق ومن ثم فإن طلب التعويض عن الضرر الأدبي المرتد مستقل بذاته عن الضرر الأدبي الشخصي ومغاير له فلا يجوز قبوله لأول مرة أمام محكمة الاستئناف بمقولة أنه قد تضمنه مبلغ التعويض الذي طلبه المضرور أمام محكمة أول درجة. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون عليه الأول بصفته وليا طبيعيا على القاصرين -....،....- لم يطلب أمام محكمة أول درجة الحكم لهما بتعويض عن الأضرار الأدبية التي لحقت بهما من جراء موت شقيقهما - ......- فلا يجوز المطالبة به عنهما أمام محكمة الاستئناف بقالة أنه يندرج ضمن مبلغ التعويض المطالب به أمام محكمة أول درجة ومقداره 43008 ج كما ذهب إلى ذلك في دفاعه إذ أنه طلب جديد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون عليه الأول بصفته وليا طبيعيا على القاصرين المذكورين بمبلغ 1000ج تعويضا أدبيا لهما عما أصابهما من أحزان وآلام مبرحة لوفاة شقيقهما -....- بسبب فقده، فإنه يكون قد أخطأ في القانون بما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء بعدم قبول طلب المطعون عليه الأول بصفته وليا طبيعيا على القاصرين -.....،.....- الحكم لهما بالتعويض الأدبي عما لحقهما من ضرر بسبب وفاة شقيقهما -......- باعتباره طلبا جديدا لا يقبل أمام محكمة الاستئناف.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 6976 سنة 1978 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ 43008.785 ج وقالوا بيانا لدعواهم إنه بتاريخ 24/10/1976 تسبب تابع الطاعن بخطئه حالة قيادته إحدى سيارات الجيش في الاصطدام بسيارة كان يستقلها أبناء الطاعن الأول ".......،......" ووالدتهم - المطعون عليها الثانية - ونجم عن الحادث موت الابن المرحوم / ...... وإصابة الباقين وقد تحرر عن ذلك القضية رقم 3 لسنة 1978 جنح عسكرية وفيها حكم بإدانة التابع وأصبح الحكم باتا، وإذ يقدر التعويض الجابر للأضرار التي لحقتهم من جراء الحادث بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى، بتاريخ 13/5/1979 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون عليه الأول عن نفسه مبلغ 1000 ج وبصفته وليا على ولديه القاصرين ".......،......" مبلغ 550 ج- وللمطعون عليها الثانية مبلغ 1500ج. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3855 لسنة 96ق، وبتاريخ 11/2/1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن المطعون عليهم في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 890 سنة 50ق. وبتاريخ 11/1/1984 نقضت محكمة النقض هذا الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وإذ عجل المطعون عليهم الاستئناف أمامها حكمت بتاريخ 6/2/1991 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض لطلب التعويض الأدبي للقاصرين "......،......." وكذلك التعويض المادي عن الفرصة الفائتة وبإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون عليهما الأول عن نفسه وبصفته الثانية تعويضا ماديا وأدبيا شاملا قدره اثنان وعشرون ألف جنيه، وأبانت بأسباب حكمها بأنها تقدر للقاصرين المذكورين مبلغ ألف جنيه تعويضا أدبيا لما أصابهما من أحزان وآلام مبرحة بسبب فقد شقيقهما "......." طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال إذ قضى للمطعون عليهما الأول والثانية عن نفسيهما بتعويض عن الضرر المادي قدره أربعة آلاف جنيه لوفاة ابنهما "....." على مجرد احتمال تفويت الفرصة في رعايته لهما مستقبلا رغم أنه لم يكن عائلا لهما قبل وفاته إذ لم يجاوز عمره ثلاثة عشر عاما وقت وقوع الحادث ولم يكن له مصدر رزق يتكسب منه ويساعدهما به بل هما اللذان كانا يعولانه وهو ما يجعل فرصتهما في أن تلحقهما رعاية عند بلوغه ضعيفة الاحتمال بما ينتفي معه تحقق الضرر المستقبل لهما بتفويتها وإذ جاء قضاء الحكم على خلاف هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التعويض في المسئولية التقصيرية يشمل كل ضرر مباشر متوقعا كان أو غير متوقع، وأن الضرر بدوره يقوم على عنصرين هي الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته، وأنه إذا كانت الفرصة أمرا محتملا فإن تفويتها أمر محقق، وليس في القانون ما يمنع من أن يحسب في الكسب الفائت، ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب مادام لهذا الأمل أسباب مقبولة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتعويض المطعون عليهما الأولين عن هذا العنصر من عناصر الضرر المادي المطالب به على ما قرره من أن "... البين من ظروف الدعوى الماثلة أن وفاة المجني عليه البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما قد فوتت على والديه فرصة مؤكدة في رعايته لهما مستقبلا خاصة بعد إصابة شقيقه الوحيد في الحادث بالإصابات التي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة هي استئصال الطحال بما يترتب على ذلك نقص في قدرته الصحية والبدنية طوال حياته..." وكان هذا الذي أورده الحكم من أسباب على فوات فرصة المطعون عليهما المذكورين في رعاية ابنهما لهما بوفاته هو استدلال سائغ له معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضائه بالتعويض عن هذا العنصر من عناصر الضرر المادي فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى للمطعون عليه الأول بتعويض مادي عن النفقات التي تكبدها بسبب إصابة ابنه -.......- منذ إصابته وحتى وفاته وكذلك نفقات علاج قاصريه "......و......" رغم أنه لم يطالب بذلك التعويض إلا أمام محكمة الاستئناف، كما قضى للقاصرين المذكورين بتعويض مادي وأدبي قدره سبعة آلاف جنيه لما أصابهما من جروح، كما قدر للمطعون عليها الثانية مبلغ 1000 ج تعويضا عما أصابها من جروح وأيضا مبلغ ستة آلاف جنيه تعويضا عما لحقهما من أضرار أدبية بسبب وفاة ابنهما .... على قالة أن طلب التعويض عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية مطروح على المحكمة ولا يعد طلبا جديدا في حين أنهم لم يطلبوه أمام محكمة أول درجة وإنما وردت طلباتهم أمامها مجملة ولم تفصل على هذا النحو إلا أمام محكمة الاستئناف ولأول مرة فتعتبر طلبات جديدة، هذا إلى أنه لم يبين عناصر هذه الأضرار جميعها والتي استند إليها في تقديره للتعويض المقضي به وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المقصود بالطلب في الدعوى هو الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته في نطاق ما يطلب الحكم به تأسيسا عليه، أما ما يبديه الطالب من أسس يبرر طلبه فهي لا تعدو كونها أوجه دفاع في الدعوى بما يتيح له - وعلى ما جرى به نص المادة 233 من قانون المرافعات - أن يبدي منها في الاستئناف أوجها جديدة تبرر ما طلب الحكم له به ويوجب على المحكمة أن تفصل في الاستئناف على أساسها، كما أنه متى وردت الطلبات في ختام الصحيفة مجملة فإن نطاقها يتحدد بما ورد من بيان الوقائع والأسانيد بهذه الصحيفة، وكان البين من الأوراق ومدونات الحكم الصادر من أول درجة أن المطعون عليهم طلبوا أمام محكمة أول درجة الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي لهم مبلغ 43008.785 ج تعويضا عن كافة الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم من جراء الحادث نتيجة الوفاة والإصابات التي نجمت عنه موضحين بصحيفة دعواهم أن من بين عناصر هذه الأضرار ما أنفق من مصروفات علاج بالمستشفى وبالمنزل وغير ذلك مما لحقهم أو ألم بهم وقضت لهم المحكمة بالتعويض عنها بعد أن أشارت إلى كل عنصر من عناصره فاستأنفوا ذلك الحكم وكانت هي ذات طلباتهم أمام محكمة الاستئناف، فإن طلب المطعون عليهم لتلك النفقات وتقديرهم لمبلغ التعويض عن كل عنصر من عناصر الضرر أمام تلك المحكمة لا يعد طلبات جديدة بل يندرج ضمن مجمل طلبهم التعويض عن كافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابتهم وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالشق الأول من سبب النعي يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه بحسب الحكم أن يكون قد بين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه فلا يعيبه - متى عرض لكافة العناصر المكونة للضرر قانونا والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض أن ينتهي إلى تقدير التعويض الذي يستحقه المضرور في حدود السلطة التقديرية للمحكمة وما تراه كافيا لجبر الضرر، وأن محكمة الاستئناف إن هي اقتصرت على تعديل مبلغ التعويض المحكوم به من محكمة أول درجة لا تكون ملزمة أن تورد بأسباب حكمها بيانا للضرر الذي أصاب المضرورين متى كان الحكم المستأنف قد تضمن هذا البيان ولو خلا الحكم الاستئنافي من إحالة صريحة إليه. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بالتعويض الذي أجاب المطعون عليهم إلى طلبه - على ما أبان عنه حكم أول درجة في شأن بيان عناصر الضرر المادي والأدبي الذي لحق بالمطعون عليهما والقاصرين -......،......- مكتفيا بتعديل المبلغ المقضي به بما رأته المحكمة مناسبا لجبر تلك الأضرار، كما بين عناصر الضرر المادي والكسب الفائت نتيجة وفاة المجني عليه -.......- وقضى للمطعون عليهما الأولين بالتعويض عنه، فإن تعييبه بما تضمنه الشق الثاني من سبب النعي يكون في غير محله ويضحي هذا النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى للقاصرين -.......،.......- بتعويض أدبي قدره مبلغ 1000ج عن موت شقيقهما -......- رغم أنه من الطلبات الجديدة التي لا يقبل إبداؤها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف إذ لم تتم المطالبة به أمام محكمة أول درجة فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 235 من قانون المرافعات على أنه "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها، ومع ذلك يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه، ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد" يدل على أن المشرع اعتبر عدم قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف متعلقا بالنظام العام وأوجب على تلك المحكمة إذا ما تبينت أن المعروض عليها هو طلب جديد أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله إلا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة سالفة البيان ويعتبر الطلب جديدا ولو تطابق مع الطلب الآخر بحيث لا يكون هو ذات الشيء السابق طلبه فلا تعد المطالبة بمبلغ من النقود هو ذات طلب مبلغ آخر منها بمجرد قيام التماثل بينهما متى كان من الممكن أن ترفع به دعوى جديدة دون الاحتجاج بحجية الحكم السابق ومن ثم فإن طلب التعويض عن الضرر الأدبي المرتد مستقل بذاته عن الضرر الأدبي الشخصي ومغاير له فلا يجوز قبوله لأول مرة أمام محكمة الاستئناف بمقولة أنه قد تضمنه مبلغ التعويض الذي طلبه المضرور أمام محكمة أول درجة. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون عليه الأول بصفته وليا طبيعيا على القاصرين -....،....- لم يطلب أمام محكمة أول درجة الحكم لهما بتعويض عن الأضرار الأدبية التي لحقت بهما من جراء موت شقيقهما - ......- فلا يجوز المطالبة به عنهما أمام محكمة الاستئناف بقالة أنه يندرج ضمن مبلغ التعويض المطالب به أمام محكمة أول درجة ومقداره 43008 ج كما ذهب إلى ذلك في دفاعه إذ أنه طلب جديد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون عليه الأول بصفته وليا طبيعيا على القاصرين المذكورين بمبلغ 1000ج تعويضا أدبيا لهما عما أصابهما من أحزان وآلام مبرحة لوفاة شقيقهما -....- بسبب فقده، فإنه يكون قد أخطأ في القانون بما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء بعدم قبول طلب المطعون عليه الأول بصفته وليا طبيعيا على القاصرين -.....،.....- الحكم لهما بالتعويض الأدبي عما لحقهما من ضرر بسبب وفاة شقيقهما -......- باعتباره طلبا جديدا لا يقبل أمام محكمة الاستئناف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق