الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

(الطعن 19079 لسنة 66 ق جلسة 3 / 12 / 1998 مكتب فني 49 ق 197 ص 1389)

برئاسة عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية وفيق الدهشان وأحمد عبد القوى والسعيد برغوت نواب رئيس المحكمة ومحمد عيد محجوب.
-----------------
1 - لما كان الحكم قد عرض للدفاع ببطلان إذن التفتيش لعدم بيان الاختصاص المكانى لمصدره فى قوله (إن الثابت من محضر التحريات الذى حرره مأمور الضبط القضائى فى 4/1/1996 الساعة 8.30 ص أنه أثبت فيه عرضه على السيد الأستاذ وكيل نيابة الفيوم الكلية الأمر الذى يقطع بأن مصدر الإذن هو وكيل نيابة الفيوم الكلية، ومن ثم يكون مصدر الإذن له اختصاصه العام بدائرة محافظة الفيوم، الأمر الذى يكون معه ذلك الدفع المبدى من الدفاع على غير سند من الواقع والقانون يخالف الثابت فى الأوراق مما يتعين رفضه) وهو من الحكم كاف لحمل قضائه برفض هذا الدفع، ذلك بأنه ليس فى القانون ما يوجب على مصدر إذن التفتيش أن يبين اختصاصه الوظيفى والمكانى إذ العبرة فى ذلك، عند المنازعة، تكون بحقيقة الواقع وإن تراخى ظهوره الى حين المحاكمة والحكم, وإذ كان الحكم قد استظهر ـ على السياق المتقدم ـ اختصاص وكيل النيابة العامة مصدر الإذن مكانياً بإصداره، فإن النعى عليه فى هذا الشأن، يكون على غير أساس.
 
2 - من المقرر أنه لايصح إثارة أساس جديد للدفاع ببطلان إذن التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض مادام أنه فى عداد الدفوع القانونية المختلفة بالواقع ما لم يكون قد أثير أمام محكمة الموضوع، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان، ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يتمسك ببطلان إذن التفتيش من وكيل نيابة الفيوم عن جريمة وقعت بمحافظة الاسماعيلية وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به فإنه لايقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
 
3 - لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة تصرفها فى هذا الشأن ـ كما هو الحال فى الدعوى الراهنة ـ فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وما استطردت إليه المحكمة من قولها، وتأيد ذلك بواقعة الضبط، إنما كان بعد أن أفصحت المحكمة عن اطمئنانها لجدية التحريات التى بنى عليها إذن التفتيش ولايتأدى منه ما ذهب إليه الطاعن من أنه سبب اقتناع المحكمة بجديتها.
 
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن التفتيش كان لاحقاً على الإذن الصادر به، استناداً إلى وقت صدور الإذن والمواقيت المبينة بمحضر التحريات وضبط الواقعة. ملتفتاً فى ذلك عما ساقه الطاعن من قرائن للتدليل على صحة دفاعة، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعى، فإنه يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التى أوردتها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من قصور الحكم فى التسبيب فى هذا الصدد يكون فى غير محله.
 
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بعدم علمه بحقيقة ما كانت تحتويه السيارة وكمة المادة المضبوطة، وأطرحه على سند من قوله: (وحيث إنه عن القول بانتفاء ركن العلم لدى المتهم بأن ما يحوزه مخدر على سند من أن المتهم قائد سيارة أجرة وأنها قد تخص أحد الركاب، فإن ذلك النعى مردود عليه بأن المحكمة تطمئن إلى توافر ركن العلم لدى المتهم بأن ما يحوزه هو نبات المخدر (القنب الهندى) أية ذلك: 1 ـ أن المتهم لم يقر بواقعة الضبط ويعزوها إلى أحد الركاب 2 ـ أن الثابت من محضر الضبط من معاينة النيابة لمكان ضبط المخدر بالسيارة المأذون بتفتيشها أن الأربع لفافات المضبوطة بالناحية اليسرى فوق الإطار الخلفى فقد وجد غطاء من الفبر يفتح ويغلق وتم فتحه بمعرفة المحقق ومساحته  8 فى 15 سم وأجريت تجربة وضع المخدر فتبين استقراره فى مكان ضبطه دون أن يراه أحد. وبالنسبة للاربع لفافات الأخرى التى ضبطت بالناحية اليمنى لمؤخرة السيارة ما بين الصاج والبطانة الداخلية بها إذ وجد المحقق أن هناك فتحتين إحداهما مساحتها 10 x 25 سم والثانية 15 فى 52 سم وبعمق يصل حتى الأنوار الخلفية والباب الأوسط الخلفى من الناحية اليمنى وأجريت تجربة وضع اللفافات الأربع فاستقرت تماماً وتم غلق البطانة الداخلية عليها الأمر الذى يقطع بأن مكان الضبط ليس بالمكان الظاهر الذى يكون معه لأحد الركاب أن يترك أمتعته فيه 3 ـ يؤكد علم المتهم بكنه النبات المخدر إخفاؤه المضبوطات فى هذه الأماكن بعداً بها عن امتداد اليد إليها دون أن يتمكن أحد من رؤيتها مقدراً بذلك خطورة حيازته للنبات المخدر المضبوط 4 ـ يؤكد ذلك النظر إقرار المتهم لمأمور الضبط القضائى فى محضر الضبط والذى تطمئن إليه المحكمة من حيازته للنبات المخدر المضبوط. من كل ذلك يكون الدفع المبدى من الدفاع بانتفاء ركن العلم لدى المتهم بأن ما يحوزه نبات المخدر على غير سند من الواقع والقانون متعين الالتفات عنه. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائى فى جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو نقله يتوافر متى قام الدليل على الجانى بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من الجواهر المخدرة، ولا حرج على القاضى فى استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أى نحو يراه مادام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره فعلياً ـ ولما كان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى، وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بوجود نبات الحشيش المخدر بالسيارة التى كان يقودها، كافياً فى الدلالة على توافر هذا العلم وسائغاً فى العقل والمنطق، فإن ما يثيره الطاعن فى شأن عدم علمه بكنه النبات المخدر الذى كان يحمله بسيارته يكون غير سديد.
 
6 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى. مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
 
7 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب وكانت المحكمة قد اطمأنت الى أقوال شاهدى الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن ينحل الى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولايجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
 
8 - لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذى تسبغه النيابة على الفعل المسند الى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها الى الوصف القانونى السليم، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارات حولها المرافعة وهى نقل نبات الحشيش المخدر، هى بذاتها التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذى دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة ، دون وأن يتضمن أسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف الصحيح الذى نزلت إليه المحكمة فى هذا النطاق حين اعتبرت نقل المخدر ـ الذى هو من قبيل الحيازة أو الإحراز ـ مجرداً من أى قصد لم يكن يستلزم تنبيه الدفاع ويكون ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد فى غير محله.
 
9 - لما كان الحكم قد دلل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر بركنية المادى والمعنوى بما يكفى لحمل قضائه بإدانته بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ـ المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والتى لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادى والقصد الجنائى العام ، وهو علم المحرر بحقيقة الجوهر المخدر. وكان لايعيب الحكم إن اعتبر الطاعن محرزاً للجوهر المخدر, الذى اتهمته النيابة بنقلة، لأن النقل فى حكم المادة 38 هو فعل مادي من قبيل الأفعال المؤثمة التى ساقتها هذه المادة . ومنها الإحراز الذى أثبته الحكم فى حق الطاعن وكانت عقوبة جريمة المخدر ـ التى اتهم بها الطاعن ـ هى ذات عقوبة جريمة إحرازه التى دين بها ـ فإن ما ينعاه فى هذا الخصوص لا يكون له محل.
 
10 - النعى بالتفات الحكم عن الرد على دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة مردود بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لاتستأهل رداً. طالماً كان الرد عليها مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
 
11 - لما كان منعى الطاعن بشأن إعراض الحكم عن دفاعه باحتمال دس المخدر عليه. مردوداً بأن هذا الدفاع إنما قصد به إثارة الشبهة فى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم، ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعى الذى لايستلزم من المحكمة رداً صريحاً . هذا الى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المستندة الى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لايعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو مالا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
----------------------
     إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه نقل بقصد الاتجار نباتا مخدرا ممنوعة زراعته " حشيش " فى غير الاحوال المصرح بها قانونا ، وأحالته الى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 29 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنه 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنه 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الاول والمستبدل بالقانون الاخير. بمعاقبة المتهم بالاشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمة مائه الف جنيه ومصادرة النبات المخدر المضبوط . بإعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
--------------------
     من حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه دفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من بيان الاختصاص المكاني لمصدره. وصدوره من وكيل نيابة الفيوم عن جريمة وقعت بدائرة محافظة الإسماعيلية، ولعدم جدية التحريات التي بني عليها، فرد الحكم على الدفع الأول بما لا أصل له في الأوراق، واستند في إطراح الدفع الثاني إلى ما أسفرت عنه عملية الضبط، كما دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لحصولها قبل صدور إذن النيابة بذلك، وبعدم علمه بوجود المخدر بالسيارة، فرد الحكم على هذين الدفعين بما لا يسوغ، واعتنق تصوير الضابطين لواقعة الضبط على الرغم من أنه يستعصى على التصديق، وعدلت المحكمة وصف التهمة المسندة إلى الطاعن والتي دارت عليها المرافعة من نقل نبات مخدر بقصد الاتجار إلى إحراز نبات مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون لفت نظر الدفاع، وخلط في ذلك بين الحيازة والإحراز، ولم يعرض الحكم لدفاعه القائم على نفي التهمة، واحتمال دس المخدر عليه، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات. ومما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي، ومن معاينة النيابة العامة للسيارة وأماكن ضبط المخدر بها، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ولا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم بيان الاختصاص المكاني لمصدره في قوله: "إن الثابت من محضر التحريات الذي حرره مأمور الضبط القضائي في 4/1/1996 الساعة 8.30 ص أنه أثبت فيه عرضه على السيد الأستاذ وكيل نيابة الفيوم الكلية الأمر الذي يقطع بأن مصدر الإذن هو وكيل نيابة الفيوم الكلية، ومن ثم يكون مصدر الإذن له اختصاصه العام بدائرة محافظة الفيوم، الأمر الذي يكون معه ذلك الدفع المبدي من الدفاع على غير سند من الواقع و القانون يخالف الثابت في الأوراق مما يتعين رفضه، وهو من الحكم كاف لحمل قضائه برفض هذا الدفع، ذلك بأنه ليس في القانون ما يوجب على مصدر إذن التفتيش أن يبين فيه اختصاصه الوظيفي والمكاني إذ العبرة في ذلك، عند المنازعة، تكون بحقيقة الواقع وإن تراخى ظهوره إلى حين المحاكمة والحكم، وإذ كان الحكم قد استظهر - على السياق المتقدم - اختصاص وكيل النيابة العامة مصدر الإذن مكانياً بإصداره، فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان إذن التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض مادام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان، ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يتمسك ببطلان إذن التفتيش من وكيل نيابة الفيوم عن جريمة وقعت بمحافظة الإسماعيلية وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وما استطردت إليه المحكمة من قولها: "وتأيد ذلك بواقعة الضبط" إنما كان بعد أن أفصحت المحكمة عن اطمئنانها لجدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش، ولا يتأدى منه ما ذهب إليه الطاعن من أنه سبب اقتناع المحكمة بجديتها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن التفتيش كان لاحقاً على الإذن الصادر به، استناداً إلى وقت صدور الإذن والمواقيت المبينة بمحضري التحريات وضبط الواقعة. ملتفتاً في ذلك عما ساقه الطاعن من قرائن للتدليل على صحة دفاعه، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي، فإنه يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من قصور الحكم في التسبيب في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بعدم علمه بحقيقة ما كانت تحتويه السيارة وكنه المادة المضبوطة، وأطرحه على سند من قوله: "وحيث إنه عن القول بانتفاء ركن العلم لدى المتهم بأن ما يحوزه مخدر على سند من أن المتهم قائد سيارة أجرة، أنها قد تخص أحد الركاب، فإن ذلك النعي مردود عليه بأن المحكمة تطمئن إلى توافر ركن العلم لدى المتهم بأن ما يحوزه هو نبات المخدر (القنب الهندي) آية ذلك: 1- أن المتهم لم يقر بواقعة الضبط ويعزوها إلى أحد الركاب. 2- أن الثابت من محضر الضبط من معاينة النيابة لمكان ضبط المخدر بالسيارة المأذون بتفتيشها أن الأربع لفافات المضبوطة بالناحية اليسرى فوق الإطار الخلفي فقد وجد غطاء من الفبر يفتح ويغلق وتم فتحه بمعرفة المحقق ومساحته 8 × 15 سم وأجريت تجربة وضع المخدر فتبين استقراره في مكان ضبطه دون أن يراه أحد، وبالنسبة للأربع لفافات الأخرى التي ضبطت بالناحية اليمنى لمؤخرة السيارة ما بين الصاج والبطانة الداخلية بها إذ وجد المحقق أن هناك فتحتين إحداهما مساحتها 10 × 25 سم والثانية 15 × 25 سم وبعمق يصل حتى الأنوار الخلفية والباب الأوسط الخلفي من الناحية اليمنى وأجريت تجربة وضع اللفافات الأربع فاستقرت تماماً وتم غلق البطانة الداخلية عليها الأمر الذي يقطع بأن مكان الضبط ليس بالمكان الظاهر الذي يكون معه لأحد الركاب أن يترك أمتعته فيه. 3- يؤكد علم المتهم بكنه النبات المخدر إخفاؤه المضبوطات في هذه الأماكن بعداً بها عن امتداد اليد إليها دون أن يتمكن أحد من رؤيتها مقدراً بذلك خطورة حيازته للنبات المخدر المضبوط. 4- يؤكد ذلك النظر إقرار المتهم لمأمور الضبط القضائي في محضر الضبط والذي تطمئن إليه المحكمة من حيازته للنبات المخدر المضبوط. من كل ذلك يكون الدفع المبدي من الدفاع بانتفاء ركن العلم لدى المتهم بأن ما يحوزه نبات مخدر على غير سند من الواقع والقانون متعين الالتفات عنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو نقله يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من الجواهر المخدرة. ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه مادام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره فعلياً - ولما كان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بوجود نبات الحشيش المخدر بالسيارة التي كان يقودها، كافياً في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغاً في العقل والمنطق، فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم علمه بكنه النبات المخدر الذي كان يحمله بسيارته يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى. مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي نسبته النيابة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة نقل نبات الحشيش المخدر هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة، دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف الصحيح الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت نقل المخدر - الذي من قبيل الحيازة أو الإحراز - مجرداً من أي قصد لم يكن يستلزم تنبيه الدفاع ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 - المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والتي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز، بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام، وهو علم المحرر بحقيقة الجوهر المخدر. وكان لا يعيب الحكم إن اعتبر الطاعن محرزاً للجوهر المخدر الذي اتهمته النيابة بنقله، لأن النقل في حكم المادة 38 هو فعل مادي من قبيل الأفعال المؤثمة التي ساقتها هذه المادة. ومنها الإحراز الذي أثبته الحكم في حق الطاعن، وكانت عقوبة جريمة نقل المخدر - التي اتهم بها الطاعن - هي ذات عقوبة جريمة إحرازه التي دين بها - فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن الرد على دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة، مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً. طالما كان الرد عليها مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، كما أن منعاه بشأن إعراض الحكم عن دفاعه باحتمال دس المخدر عليه مردود بأن هذا الدفاع إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق