برئاسة السيد المستشار/ محمد خيري أبو الليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد يسري زهران، حسن يحيى فرغلي نائبي رئيس المحكمة، درويش أغا وأحمد هاشم.
---------------------
1 - مفاد نص المادتين الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947 والمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن المشرع في هذا القانون الأخير قصر سبب الإخلاء في هذه الحالة على استعمال المكان بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة واشترط أن يكون ذلك ثابتا بحكم قضائي نهائي.
2 - من الأصول الدستورية المقررة ـ وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض ـ أن أحكام القوانين لا تسري كقاعدة عامة إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، وأنه لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها مما مؤداه عدم جواز انسحاب أثر القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل ذلك من تصرفات أو تحقق من آثار إذ يحكم هذا وتلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها إعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين إلا أن ذلك لا ينتقص من وجوب سريان أحكام القانون الجديد على ما يقع منذ العمل به من تصرفات أو يتحقق من آثار ولو كانت مستندة إلى علاقات سابقة عليه إعمالا لمبدأ الأثر المباشر للقانون ومع ذلك فإنه إذا استحدث القانون الجديد أحكاما متعلقة بالنظام العام فإنها تسري بأثر فوري على المراكز القانونية القائمة وقت نفاذه ولو كانت ناشئة قبله.
3 - إذ كانت الأحكام الخاصة بتعيين أسباب الإخلاء في قوانين إيجار الأماكن هي قواعد آمرة ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنها تسري بأثر فوري على جميع المراكز والوقائع القانونية القائمة والتي لم تكن قد استقرت نهائيا وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها.
4 - صدور قانون لاحق يتضمن تعديلا في تشريعات إيجار الأماكن من شأنه استحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفا فإن هذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري على تلك المراكز والوقائع أما إذا كان التعديل منصبا على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة كما لو استوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو اتخاذ إجراءات معينة أو استلزم طريقا خاصا للإثبات فيها لم تكن مقررة من قبل فإن هذا التعديل لا يسري في هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه على الدعاوى التي رفعت في ظله أما الدعاوى التي رفعت قبل تاريخ العمل به فإن القانون الساري وقت رفعها هو الذي يحكم شروط قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها، فقد نصت المادة التاسعة من القانون المدني على أن "تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدما النصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل، أو في الوقت الذي ينبغي فيه إعداده".
5 - إذ كان المشرع قد استحدث بالتعديل الوارد بالفقرة (د) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أمرين أولهما أنه عدل من سبب الإخلاء الذي كان مقررا بنص المادة 23/ج من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 2/ج من القانون رقم 121 لسنة 1947 والأمر الثاني أنه حدد وسيلة الإثبات القانونية لهذه الوقائع فأوجب ثبوتها بحكم قضائي نهائي وعلى ذلك فإن ما استحدثه القانون في الأمر الأول من تعديل في سبب الإخلاء يتصل بقاعدة موضوعية آمرة ومتعلقة بالنظام العام تسري بأثر فوري مباشر على المراكز القانونية القائمة والتي لم تكن قد استقرت بعد بصدور حكم نهائي فيها وقت العمل به ولو كانت قد نشأت في ظل قانون سابق عليه أما ما استحدثه في الأمر الثاني والمتعلق بشرط الحصول على حكم قضائي نهائي لثبوت الواقعة محل النزاع فإنه لا يمس ذاتية القاعدة الآمرة ولا يغير من حكمها بل يرسم طريقا خاصا لإثباتها وهو ما لم يكن مقررا في أي من القانونين رقمي 121 لسنة 1947 و52 لسنة 1969 ومن ثم فإنه لا محل لإعمال هذا الشرط على الدعاوى التي رفعت في ظل العمل بأحكامها قبل إلغائها.
6 - إذ كان المشرع قد استحدث بالتعديل الوارد بالفقرة (د) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أمرين أولهما أنه عدل من سبب الإخلاء الذي كان مقررا بنص المادة 23/ج من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 2/ج من القانون رقم 121 لسنة 1947 والأمر الثاني أنه حدد وسيلة الإثبات القانونية لهذه الوقائع فأوجب ثبوتها بحكم قضائي نهائي وعلى ذلك فإن ما استحدثه القانون في الأمر الأول من تعديل في سبب الإخلاء يتصل بقاعدة موضوعية آمرة ومتعلقة بالنظام العام تسري بأثر فوري مباشر على المراكز القانونية القائمة والتي لم تكن قد استقرت بعد بصدور حكم نهائي فيها وقت العمل به ولو كانت قد نشأت في ظل قانون سابق عليه أما ما استحدثه في الأمر الثاني والمتعلق بشرط الحصول على حكم قضائي نهائي لثبوت الواقعة محل النزاع فإنه لا يمس ذاتية القاعدة الآمرة ولا يغير من حكمها بل يرسم طريقا خاصا لإثباتها وهو ما لم يكن مقررا في أي من القانونين رقمي 121 لسنة 1947 و52 لسنة 1969 ومن ثم فإنه لا محل لإعمال هذا الشرط على الدعاوى التي رفعت في ظل العمل بأحكامها قبل إلغائها.
----------------------------------
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا على المطعون ضده الدعوى رقم 1764 لسنة 1969 أمام محكمة القاهرة الابتدائية والتي صار قيدها برقم 1901 لسنة 1971 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائه من العين المبينة بالصحيفة وإعادتها لحالتها والتسليم وقالتا بيانا لها إنه يستأجر منهما العين محل النزاع بعقد إيجار مؤرخ 21/5/1967 وإذ أحدث بها تغييرات واتخذها مصنعا للأحذية مقلقا للراحة فقد أقامتا الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بالإخلاء والتسليم. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 3331 لسنة 89ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي قضت بتاريخ 26/2/1975 بتأييد الحكم المستأنف. طعن المطعون ضده في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 348 لسنة 45ق. وبتاريخ 25/4/1979 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه, وبعد تعجيل الخصومة أمام محكمة الاستئناف قضت بتاريخ 18/4/1982 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم إذ قضى بعدم قبول الدعوى لعدم ثبوت الاستعمال المقلق للراحة بحكم قضائي نهائي إعمالا لأحكام القانون 136 لسنة 1981 مع أن الدعوى أقيمت في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي لم يستلزم أن يسبق الدعوى صدور هذا الحكم فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المادة الثانية من قانون إيجار الأماكن السابق رقم 121 لسنة 1947 - الذي رفعت الدعوى في ظله - تنص على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: ..... - ج - إذا استعمل المستأجر المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تنافي شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المالك" وإذ صدر القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - والذي عمل به اعتبارا من 31/7/1981 وأدرك الدعوى قبل صدور الحكم المطعون فيه ونص في المادة 18 منه على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: .....(د) إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب......" فإن مفاد ذلك أن المشرع في هذا القانون الأخير قصر سبب الإخلاء في هذه الحالة على استعمال المكان بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة واشترط أن يكون ذلك ثابتا بحكم قضائي نهائي, ولئن كان من الأصول الدستورية المقررة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن أحكام القوانين لا تسري كقاعدة عامة إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها, وأنه لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها مما مؤداه عدم جواز انسحاب أثر القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل ذلك من تصرفات أو تحقق من آثار إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها إعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين إلا أن ذلك لا ينتقص من وجوب سريان أحكام القانون الجديد على ما يقع منذ العمل به من تصرفات أو يتحقق من آثار ولو كانت مستندة إلى علاقات سابقة عليه إعمالا لمبدأ الأثر المباشر للقانون, ومع ذلك فإنه إذا استحدث القانون الجديد أحكاما متعلقة بالنظام العام فإنها تسري بأثر فوري على المراكز القانونية القائمة وقت نفاذه ولو كانت ناشئة قبله, لما كان ذلك وكانت الأحكام الخاصة بتعيين أسباب الإخلاء في قوانين إيجار الأماكن هي قواعد آمرة ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنها تسري بأثر فوري على جميع المراكز والوقائع القانونية القائمة والتي لم تكن قد استقرت نهائيا وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها, ومؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق تضمن تعديلا في تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفا فإن هذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري على تلك المراكز والوقائع, أما إذا كان التعديل منصبا على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة كما لو استوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة, أو اتخاذ إجراءات معينة أو استلزم طريقا خاصا للإثبات فيها لم تكن مقررة من قبل فإن هذا التعديل لا يسري في هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه على الدعاوى التي رفعت في ظله أما الدعاوى التي رفعت قبل تاريخ العمل به فإن القانون الساري وقت رفعها هو الذي يحكم شروط قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها, فقد نصت المادة التاسعة من القانون المدني على أن "تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدما النصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل, أو في الوقت الذي ينبغي فيه إعداده". لما كان ذلك, وكان المشرع قد استحدث بالتعديل الوارد بالفقرة (د) من المادة 18 آنفة البيان أمرين أولهما أنه عدل من سبب الإخلاء الذي كان مقررا بنص المادة 23/ج من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 2/ج من القانون رقم 121 لسنة 1947. والأمر الثاني أنه حدد وسيلة الإثبات القانونية لهذه الوقائع فأوجب ثبوتها بحكم قضائي نهائي وعلى ذلك فإن ما استحدثه القانون في الأمر الأول من تعديل في سبب الإخلاء يتصل بقاعدة موضوعية آمرة ومتعلقة بالنظام العام تسري بأثر فوري مباشر على المراكز القانونية القائمة والتي لم تكن قد استقرت بعد بصدور حكم نهائي فيها وقت العمل به, ولو كانت قد نشأت في ظل قانون سابق عليه أما ما استحدثه في الأمر الثاني والمتعلق بشرط الحصول على حكم قضائي نهائي لثبوت الواقعة محل النزاع فإنه لا يمس ذاتية القاعدة الآمرة ولا يغير من حكمها بل يرسم طريقا خاصا لإثباتها وهو ما لم يكن مقررا في أي من القانونين رقمي 121 لسنة 1947, 52 لسنة 1969, ومن ثم فإنه لا محل لإعمال هذا الشرط على الدعاوى التي رفعت في ظل العمل بأحكامهما قبل إلغائهما. لما كان ما تقدم, وكان الثابت أن الطاعنتين قد أقامتا دعواهما في سنة 1969 في ظل سريان أحكام القانون 121 لسنة 1947 بطلب إخلاء العين محل النزاع لاستعمال المطعون ضده لها بطريقة مقلقة للراحة الذي لم يستلزم استصدار حكم قضائي نهائي لإثبات هذه الواقعة إذ لا محل لإعمال ما اشترطه القانون رقم 136 لسنة 1981 في هذا الخصوص. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى لعدم ثبوت الاستعمال المخالف بموجب حكم نهائي فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث مدى توافر الاستعمال المخالف الموجب للإخلاء, وإذ كان ما طعن عليه في الطعن الماثل لا ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى بما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا على المطعون ضده الدعوى رقم 1764 لسنة 1969 أمام محكمة القاهرة الابتدائية والتي صار قيدها برقم 1901 لسنة 1971 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائه من العين المبينة بالصحيفة وإعادتها لحالتها والتسليم وقالتا بيانا لها إنه يستأجر منهما العين محل النزاع بعقد إيجار مؤرخ 21/5/1967 وإذ أحدث بها تغييرات واتخذها مصنعا للأحذية مقلقا للراحة فقد أقامتا الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بالإخلاء والتسليم. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 3331 لسنة 89ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي قضت بتاريخ 26/2/1975 بتأييد الحكم المستأنف. طعن المطعون ضده في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 348 لسنة 45ق. وبتاريخ 25/4/1979 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه, وبعد تعجيل الخصومة أمام محكمة الاستئناف قضت بتاريخ 18/4/1982 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم إذ قضى بعدم قبول الدعوى لعدم ثبوت الاستعمال المقلق للراحة بحكم قضائي نهائي إعمالا لأحكام القانون 136 لسنة 1981 مع أن الدعوى أقيمت في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي لم يستلزم أن يسبق الدعوى صدور هذا الحكم فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المادة الثانية من قانون إيجار الأماكن السابق رقم 121 لسنة 1947 - الذي رفعت الدعوى في ظله - تنص على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: ..... - ج - إذا استعمل المستأجر المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تنافي شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المالك" وإذ صدر القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - والذي عمل به اعتبارا من 31/7/1981 وأدرك الدعوى قبل صدور الحكم المطعون فيه ونص في المادة 18 منه على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: .....(د) إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب......" فإن مفاد ذلك أن المشرع في هذا القانون الأخير قصر سبب الإخلاء في هذه الحالة على استعمال المكان بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة واشترط أن يكون ذلك ثابتا بحكم قضائي نهائي, ولئن كان من الأصول الدستورية المقررة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن أحكام القوانين لا تسري كقاعدة عامة إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها, وأنه لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها مما مؤداه عدم جواز انسحاب أثر القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل ذلك من تصرفات أو تحقق من آثار إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها إعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين إلا أن ذلك لا ينتقص من وجوب سريان أحكام القانون الجديد على ما يقع منذ العمل به من تصرفات أو يتحقق من آثار ولو كانت مستندة إلى علاقات سابقة عليه إعمالا لمبدأ الأثر المباشر للقانون, ومع ذلك فإنه إذا استحدث القانون الجديد أحكاما متعلقة بالنظام العام فإنها تسري بأثر فوري على المراكز القانونية القائمة وقت نفاذه ولو كانت ناشئة قبله, لما كان ذلك وكانت الأحكام الخاصة بتعيين أسباب الإخلاء في قوانين إيجار الأماكن هي قواعد آمرة ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنها تسري بأثر فوري على جميع المراكز والوقائع القانونية القائمة والتي لم تكن قد استقرت نهائيا وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها, ومؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق تضمن تعديلا في تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفا فإن هذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري على تلك المراكز والوقائع, أما إذا كان التعديل منصبا على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة كما لو استوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة, أو اتخاذ إجراءات معينة أو استلزم طريقا خاصا للإثبات فيها لم تكن مقررة من قبل فإن هذا التعديل لا يسري في هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه على الدعاوى التي رفعت في ظله أما الدعاوى التي رفعت قبل تاريخ العمل به فإن القانون الساري وقت رفعها هو الذي يحكم شروط قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها, فقد نصت المادة التاسعة من القانون المدني على أن "تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدما النصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل, أو في الوقت الذي ينبغي فيه إعداده". لما كان ذلك, وكان المشرع قد استحدث بالتعديل الوارد بالفقرة (د) من المادة 18 آنفة البيان أمرين أولهما أنه عدل من سبب الإخلاء الذي كان مقررا بنص المادة 23/ج من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 2/ج من القانون رقم 121 لسنة 1947. والأمر الثاني أنه حدد وسيلة الإثبات القانونية لهذه الوقائع فأوجب ثبوتها بحكم قضائي نهائي وعلى ذلك فإن ما استحدثه القانون في الأمر الأول من تعديل في سبب الإخلاء يتصل بقاعدة موضوعية آمرة ومتعلقة بالنظام العام تسري بأثر فوري مباشر على المراكز القانونية القائمة والتي لم تكن قد استقرت بعد بصدور حكم نهائي فيها وقت العمل به, ولو كانت قد نشأت في ظل قانون سابق عليه أما ما استحدثه في الأمر الثاني والمتعلق بشرط الحصول على حكم قضائي نهائي لثبوت الواقعة محل النزاع فإنه لا يمس ذاتية القاعدة الآمرة ولا يغير من حكمها بل يرسم طريقا خاصا لإثباتها وهو ما لم يكن مقررا في أي من القانونين رقمي 121 لسنة 1947, 52 لسنة 1969, ومن ثم فإنه لا محل لإعمال هذا الشرط على الدعاوى التي رفعت في ظل العمل بأحكامهما قبل إلغائهما. لما كان ما تقدم, وكان الثابت أن الطاعنتين قد أقامتا دعواهما في سنة 1969 في ظل سريان أحكام القانون 121 لسنة 1947 بطلب إخلاء العين محل النزاع لاستعمال المطعون ضده لها بطريقة مقلقة للراحة الذي لم يستلزم استصدار حكم قضائي نهائي لإثبات هذه الواقعة إذ لا محل لإعمال ما اشترطه القانون رقم 136 لسنة 1981 في هذا الخصوص. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى لعدم ثبوت الاستعمال المخالف بموجب حكم نهائي فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث مدى توافر الاستعمال المخالف الموجب للإخلاء, وإذ كان ما طعن عليه في الطعن الماثل لا ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى بما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق