الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 20 سبتمبر 2014

(الطعن 1352 لسنة 60 ق جلسة 31 / 3 / 1996 مكتب فني 47 ج 1 ق 113 ص 605)

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، أحمد خيري، خيري فخري نواب رئيس المحكمة وفتحي حنضل.
---------------------
1 - النص في المادة الثانية من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية على أن "تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام هذا القانون وفقا للأوضاع والإجراءات المبينة فيما يلي (أ).... (ب) وفيما عدا الأراضي المنصوص عليها في البند (أ) يصدر الوزير المختص باستصلاح الأراضي قرارا بتحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات استصلاح الأراضي، وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير إدارة هذه الأراضي ويكون التصرف فيها واستغلالها بمعرفة الهيئة بعد أخذ رأي وزارة الدفاع وبمراعاة ما تقرره في هذا الشأن من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة. ويحظر استخدام هذه الأراضي في غير الغرض المخصصة من أجله إلا بموافقة الوزير المختص بالاستصلاح وبالشروط التي يحددها، وبعد أخذ رأى وزارة الدفاع..." وفي المادة 13 على أن "يكون تصرف الهيئة في الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون أو تأجيرها أو استغلالها لغرض استصلاحها واستزراعها فقط، ووفقا للقواعد والشروط والأوضاع التي يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوي الشأن. وتشمل هذه القواعد ما يكفل منح الحماية في هذه الأراضي وحصول الهيئة على مستحقاتها والمشاركة في فروق الأسعار في حالة التصرف في الأراضي بما يغطي نصيبها في المرافق الأساسية التي أقامتها الدولة...." وفي المادة 16 على أن "يلتزم المتصرف إليه باستصلاح الأرض المبيعة باستزراعها خلال المواعيد وطبقا للبرامج والشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة في هذا الشأن. ويحظر استخدام الأراضي المبيعة في غير الغرض المخصصة من أجله، كما يحظر التصرف في هذه الأراضي أو جزء منها أو تقرير أي حق عيني أصلي أو تبعي عليها أو تمكين الغير منها، إلا بعد استصلاحها واستزراعها أو موافقة مجلس إدارة الهيئة على التصرف قبل الاستصلاح والاستزراع للأسباب التي يقدرها بعد ضمان حصول الهيئة على كامل حقوقها. ويقع باطلا كل إجراء يخالف ذلك، ولا يجوز شهره، ولكل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. وفي حالة مخالفة أحكام هذه المادة يكون لمجلس إدارة الهيئة أن يقرر إزالة أسباب المخالفة إداريا على نفقة المخالف واسترداد الأرض محل المخالفة إذا لم يقم المخالف بإزالتها خلال المدة التي تحددها له الهيئة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول" وفي المادة 17 على أن "يمنح ما سبق أن اشترى أرضا يتوفر لها مصدر ري من الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون بقصد استصلاحها أو استزراعها مهلة لإتمام ذلك مدتها خمس سنوات من تاريخ توفر مصدر الري أو ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون أي المدتين أطول. فإذا لم يقم المشتري بالاستصلاح والاستزراع خلال هذا الأجل اعتبر عقد البيع مفسوخا من تلقاء ذاته دون الحاجة إلى أي إجراء قضائي وتسترد الهيئة الأرض المبيعة بالطريق الإداري مع رد ما يكون قد أداه المشتري من ثمن بالإضافة إلى النفقات الضرورية والنافعة وفي حدود ما زاد بسببها في قيمة الأرض". فإن هذه النصوص مجتمعة تدل على أن المشرع رغبة منه في زيادة رقعة الأراضي الزراعية المحدودة في الوادي ولا يحتمه ذلك من ضرورة الالتجاء إلى الأراضي الصحراوية المتسعة على جانبيه بهدف استصلاحها واستزراعها نظم في الفقرة (ب) من المادة الثانية من هذا القانون كيفية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية فناط بالوزير المختص باستصلاح الأراضي تحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات استصلاحها وأوكل إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير إدارة هذه الأراضي والتصرف فيها لأغراض الاستصلاح و الاستزراع ومنح الأولوية في ذلك وفي التيسيرات وأوجه الرعاية والدعم والإقراض لكل من وحدات التعاون في مجال الاستصلاح والاستزراع والشركات والأفراد والجهات التي تعمل في مجال الاستصلاح والاستزراع وتقوم بالتصرف في الأراضي بعد استصلاحها واستزراعها (المادة السابعة) وألقى على عاتق المتصرف إليه الذي يتلقى الأراضي الصحراوية من هذه الهيئة قبل استصلاحها واستزراعها التزاما بالقيام باستصلاحها واستزراعها في المواعيد وطبقا للبرامج والشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة هذه الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة في هذا الشأن، وحظر عليه استخدامها في غير الغرض المخصصة من أجله أو التصرف فيها أو تقرير أي حق عيني أو تبعي عليها أو تمكين الغير منها إلا بعد استصلاحها واستزراعها ورتب على مخالفة هذا الالتزام بطلان التصرف الذي يتم بالمخالفة له، وجعل تطبيقه متعلقا بالنظام العام لما يحققه من رعاية لمصلحة اقتصادية للبلاد.
 
2 - المخاطب بأحكام المادتين 16، 17 من القانون رقم 143 لسنة 1981 هو المتصرف إليه ـ سواء بالبيع أو بالإيجار ـ في الأراضي الصحراوية قبل استصلاحها واستزراعها ـ من الهيئة العامة لمشروعات التعمير بقصد استصلاح تلك الأراضي واستزراعها وأنهما تفرضان عليه القيام بهذه الالتزامات في المواعيد وطبقا للبرامج والشروط والأوضاع التي تحددها الهيئة وترتبان الجزاءات المنصوص عليه فيهما عند مخالفة أحكامها إلا أنهما لم تضعا أي قيد يحد من حرية مشتري هذه الأراضي من الجمعيات والشركات التي قامت باستصلاحها واستزراعها وأبيح لها التصرف فيها بعد إتمامها ذلك بل يحكم العلاقة بينه وبين البائع له عقد البيع المبرم بينهما باعتباره قانون المتعاقدين وبمنأى عن القواعد والشروط والأوضاع التي يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود التي تبرمها مع المتصرف إليهم منها.
 
3 - لما كان البين من الأوراق أن الشركة الطاعنة هي المتصرف إليها بالبيع من الهيئة العامة لمشروعات التعمير فإنها تكون الملتزمة بما تفرضه المادتان 16، 17 من القانون رقم 143 لسنة 1981وقد قامت بالفعل باستصلاح الأراضي الصحراوية المبيعة لها واستزرعتها ثم قامت بعد ذلك بالتصرف فيها بالبيع كأرض مستصلحة ومستزرعة للمطعون عليها بموجب العقد المؤرخ 1981/9/16 ومن ثم فلا محل في هذه العلاقة الجديدة لإعمال حكم المادتين المشار إليهما طالما خلا العقد المبرم في شأنها من النص على ذلك، لما كان ما تقدم وكان البين أن العقد موضوع التداعي والذي يحكم العلاقة فيما بين طرفيه ولم يتضمن في بنوده شرطا يقرر جزاء البطلان أو الفسخ إذا ما تقاعست المشترية ـ المطعون عليها ـ عن زراعة الأرض المبيعة لها من الشركة الطاعنة فإن الحكم المطعون فيه إذ وافق قضاءه هذا النظر لا يكون قد أخطا في القانون.
 
4 - المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أن تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينهما وترجيح ما تطمئن إليه منها.
 
5 - تقرير الخبير من عناصر الإثبات التي تخضع بتقدير لمحكمة الموضوع دون معقب فمتى رأت الأخذ به محمولا على أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءا مكملا لأسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة.
-------------------
  بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 78 سنة 1987 مدني دمنهور الابتدائية في 7/1/1987 ضد المطعون عليها بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 16/9/1981 المتضمن بيعها لها مساحة 7 س 6 ط 10 ف أرضاً زراعية مستصلحة لقاء ثمن قدره 22329 ج والتسليم. وقالت بياناً لذلك إنها أعلنت عن بيع مساحات من الأراضي المستصلحة وبموجب هذا العقد باعت المساحة موضوع التداعي للمطعون عليها وإذ تخلفت عن سداد قسطين من أقساط الثمن المستحقة عليها في مواعيدها بالمخالفة لشروط البيع كما وأنها تقاعست عن زراعتها - فقد أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت في 1/3/1988 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية - مأمورية دمنهور - بالاستئناف رقم 309 سنة 44 ق وبتاريخ 24/1/1990 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعي الطاعنة بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بفسخ عقد البيع المبرم بينها وبين المطعون عليها لتقاعسها عن زراعة الأرض المبيعة لها وذلك إعمالاً لحكم المادتين 16، 17 من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية اللتين ترتبان جزائي البطلان والفسخ ورد الأرض المبيعة إذا ما تقاعس مشتري الأرض الصحراوية عن زراعتها وهي نصوص آمرة تتعلق بالنظام العام يقضي القاضي بإعمالها من تلقاء نفسه ولا يجوز مخالفتها. فلا تكون له سلطة في تقدير مبررات الفسخ غير أن الحكم المطعون فيه - مؤيداً لحكم محكمة أول درجة - خالف هذا النظر وذهب إلى أنها نصوص جوازية لا توجب بطلان العقد وقضى برفض الدعوى استناداً إلى أن عقد البيع موضوع التداعي لم يتضمن شرطاً ينص على الفسخ إذا ما أهمل المشتري زراعة الأرض المبيعة له وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الثانية من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية على أن "تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام هذا القانون وفقاً للأوضاع والإجراءات المبينة فيما يلي (أ) .... (ب) وفيما عدا الأراضي المنصوص عليها في البند (أ) يصدر الوزير المختص باستصلاح الأراضي قراراً بتحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات استصلاح الأراضي، وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير إدارة هذه الأراضي ويكون التصرف فيها واستغلالها بمعرفة الهيئة بعد أخذ رأي وزارة الدفاع وبمراعاة ما تقرره في هذا الشأن من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة. ويحظر استخدام هذه الأراضي في غير الغرض المخصصة من أجله إلا بموافقة الوزير المختص بالاستصلاح وبالشروط التي يحددها، وبعد أخذ رأي وزارة الدفاع ..."، وفي المادة 13 على أن "يكون تصرف الهيئة في الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون أو تأجيرها أو استغلالها لغرض استصلاحها واستزراعها فقط، ووفقاً للقواعد والشروط والأوضاع التي يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوي الشأن. وتشمل هذه القواعد ما يكفل منح الحماية في هذه الأراضي وحصول الهيئة على مستحقاتها والمشاركة في فروق الأسعار في حالة التصرف في الأراضي بما يغطي نصيبها في المرافق الأساسية التي أقامتها الدولة ..." وفي المادة 16 على أن "يلتزم المتصرف إليه باستصلاح الأرض المبيعة باستزراعها خلال المواعيد وطبقاً للبرامج والشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة في هذا الشأن. ويحظر استخدام الأراضي المبيعة في غير الغرض المخصصة من أجله، كما يحظر التصرف في هذه الأراضي أو جزء منها أو تقرير أي حق عيني أصلي أو تبعي عليها أو تمكين الغير منها، إلا بعد استصلاحها واستزراعها أو موافقة مجلس إدارة الهيئة على التصرف قبل الاستصلاح والاستزراع للأسباب التي يقدرها بعد ضمان حصول الهيئة على كامل حقوقها. ويقع باطلاً كل إجراء يخالف ذلك، ولا يجوز شهره، ولكل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. وفي حالة مخالفة أحكام هذه المادة يكون لمجلس إدارة الهيئة أن يقرر إزالة أسباب المخالفة إدارياً على نفقة المخالف واسترداد الأرض محل المخالفة إذا لم يقم المخالف بإزالتها خلال المدة التي تحددها له الهيئة بكتاب موصي عليه بعلم الوصول". وفي المادة 17 على أن "يمنح من سبق أن اشترى أرضاً يتوفر لها مصدر ري من الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون بقصد استصلاحها أو استزراعها مهلة لإتمام ذلك مدتها خمس سنوات من تاريخ توفر مصدر الري أو ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون أي المدتين أطول. فإذا لم يقم المشتري بالاستصلاح والاستزراع خلال هذا الأجل اعتبر عقد البيع مفسوخاً من تلقاء ذاته دون حاجة إلى إجراء قضائي وتسترد الهيئة الأرض المبيعة بالطريق الإداري مع رد ما يكون قد أداه المشتري من ثمن بالإضافة إلى النفقات الضرورية والنافعة وفي حدود ما زاد بسببها في قيمة الأرض". فإن هذه النصوص مجتمعة تدل على أن المشرع رغبة منه في زيادة رقعة الأراضي الزراعية المحدودة في الوادي وما يحتمه ذلك من ضرورة الالتجاء إلى الأراضي الصحراوية المتسعة على جانبيه بهدف استصلاحها واستزراعها نظم في الفقرة (ب) من المادة الثانية من هذا القانون كيفية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية فناط بالوزير المختص باستصلاح الأراضي تحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات استصلاحها وأوكل إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير إدارة هذه الأراضي والتصرف فيها لأغراض الاستصلاح والاستزراع ومنح الأولوية في ذلك وفي التيسيرات وأوجه الرعاية والدعم والإقراض لكل من وحدات التعاون في مجال الاستصلاح والاستزراع والشركات والأفراد والجهات التي تعمل في مجال الاستصلاح والاستزراع وتقوم بالتصرف في الأراضي بعد استصلاحها واستزراعها (المادة السابعة) وألقى على عاتق المتصرف إليه الذي يتلقى الأراضي الصحراوية من هذه الهيئة قبل استصلاحها واستزراعها التزاماً بالقيام باستصلاحها واستزراعها في المواعيد وطبقاً للبرامج والشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة هذه الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة في هذا الشأن، وحظر عليه استخدامها في غير الغرض المخصصة من أجله أو التصرف فيها أو تقرير أي حق عيني أو تبعي عليها أو تمكين الغير منها إلا بعد استصلاحها واستزراعها ورتب على مخالفة هذا الالتزام بطلان التصرف الذي يتم بالمخالفة له، وجعل تطبيقه متعلقاً بالنظام العام لما يحققه من رعاية لمصلحة اقتصادية للبلاد. ومفاد ذلك أن المخاطب بأحكام المادتين 16، 17 من القانون آنف البيان هو المتصرف إليه - سواء بالبيع أو بالإيجار - في الأراضي الصحراوية قبل استصلاحها واستزراعها - من الهيئة العامة لمشروعات التعمير بقصد استصلاح تلك الأراضي واستزراعها وأنهما تفرضان عليه القيام بهذه الالتزامات في المواعيد وطبقاً للبرامج والشروط والأوضاع التي تحددها الهيئة وترتبان الجزاءات المنصوص عليها فيهما عند مخالفة أحكامهما إلا أنهما لم تضعا أي قيد يحد من حرية مشتري هذه الأراضي من الجمعيات والشركات التي قامت باستصلاحها واستزراعها وأبيح لها التصرف فيها بعد إتمامها ذلك بل يحكم العلاقة بينه وبين البائع له عقد البيع المبرم بينهما باعتباره قانون المتعاقدين وبمنأى عن القواعد والشروط والأوضاع التي يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود التي تبرمها مع المتصرف إليهم منها. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الشركة الطاعنة هي المتصرف إليها بالبيع من الهيئة العامة لمشروعات التعمير فإنها تكون الملتزمة بما تفرضه المادتان سالفتا الذكر وقد قامت بالفعل باستصلاح الأراضي الصحراوية المبيعة لها واستزراعها ثم قامت بعد ذلك بالتصرف فيها بالبيع كأرض مستصلحة ومستزرعة للمطعون عليها بموجب العقد المؤرخ 16/9/1981 ومن ثم فلا محل في هذه العلاقة الجديدة لإعمال حكم المادتين المشار إليهما طالما خلا العقد المبرم في شأنها من النص على ذلك. لما كان ما تقدم وكان البين أن العقد موضوع التداعي والذي يحكم العلاقة فيما بين طرفيه لم يتضمن في بنوده شرطاً يقرر جزاء البطلان أو الفسخ إذا ما تقاعست المشترية - المطعون عليها - عن زراعة الأرض المبيعة لها من الشركة الطاعنة فإن الحكم المطعون فيه إذ وافق قضاءه هذا النظر لا يكون قد أخطأ في القانون ويضحى هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة نصوص العقد موضوع التداعي إذ أنه تضمن في بنده الحادي عشر النص على أنه إذا تقاعست المشترية عن سداد قسطين متتاليين حلت باقي الأقساط المتأخرة جميعها بما مؤداه أن ذمة المطعون عليها تكون مشغولة بباقي ثمن الأرض المبيعة كله لا يغير من ذلك وفاؤها بالقسطين المتأخرين بعد رفع الدعوى بما كان يتعين معه القضاء بفسخ العقد إلا أن الحكم المطعون فيه - مؤيداً لحكم محكمة أول درجة - قضى برفض الدعوى على سند من تقرير الخبير الذي أورد أن المطعون عليها سددت الأقساط المستحقة وبعض الأقساط المستحقة آجلاً حالة أنه قاصر عن مواجهة دفاعها وتمسكها بوجوب سداد المطعون عليها لباقي أقساط الثمن كلها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها، وأن تقرير الخبير من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها دون معقب فمتى رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءاً مكملاً لأسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة. لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية - اطمأنت إلى سلامة الأسس التي أقيم عليها تقرير الخبير المقدم في الدعوى وكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وبنى عليها تقريره فأخذت به محمولاًَ على أسبابه وخلصت إلى أن المطعون عليها أوفت بأقساط الثمن المستحقة عليها وبمبالغ أخرى لم يحن بعد ميعاد استحقاقها ورتبت على ذلك قضاءها برفض طلب الطاعنة فسخ عقد البيع مدار النزاع وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله معينه الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وفهم الواقع في الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق