جلسة 13 من مارس سنة 1996
برئاسة السيد
المستشار/ أحمد زكي غرابة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري
العميري، عبد الرحمن فكري، الدكتور سعيد فهيم وعلى جمجوم نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(90)
الطعن رقم
1312 لسنة 61 القضائية
(1، 2) دعوى "دعوى الاستحقاق" "دعوى الإرث". إرث.
تسجيل. قانون "تفسيره". حق "حقوق عينية عقارية" ملكية.
(1)الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري في مفهوم
القرار بقانون 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني. شمولها دعاوى الاستحقاق. منها
دعوى الاستحقاق عن طريق الميراث أو دعوى الإرث. ماهيتها. تلك التي يرفعها الوارث
الحقيقي بعد قيد حق الإرث في السجل العيني لوارث ظاهر مطالباً باستحقاقه العقار
الموروث. اختلافها بهذه المثابة عن الدعوى التي يرفعها الوارث الحقيقي على الحائز
مطالباً باستحقاق العقار الموروث.
(2)
دعوى الاستحقاق عن
طريق الميراث أو دعوى الإرث. شرط قبولها. تضمن الطلبات فيها طلب تغيير بيانات
السجل العيني الواردة في قيد حق الإرث بما يفيد أن الوارث الحقيقي هو المالك للعقار
وليس الوارث الظاهر والتأشير بهذه الطلبات أمام بيانات السجل المشار إليها وتقديم
شهادة دالة على حصول التأشير.
(3)
ملكية "أسباب
كسب الملكية". تقادم "تقادم مكسب" "التمسك به". نظام عام.
التملك بوضع اليد
المدة الطويلة المكسبة للملكية. عدم تعلقه بالنظام العام. أثره. وجوب التمسك به
أمام محكمة الموضوع بطريق الطلب الجازم. عدم جواز تعرض الأخيرة له من تلقاء ذاتها.
(4)
نقض "سبب
قانوني يخالطه واقع".
تمسك الطاعنين
بانتقال ملكية عقارات النزاع إليهم بوضع اليد، دفاع قانوني يخالطه واقع. عدم جواز
إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5)
اختصاص
"الاختصاص النوعي" "الاختصاص القيمي". قسمة.
اختصاص المحكمة
الجزئية الاستثنائي في دعاوى القسمة. قاصر على المنازعات المتعلقة بتكوين الحصص.
عدا ذلك من المنازعات ومنها تلك المتعلقة بالملكية. عدم اختصاص المحكمة الجزئية
بها إلا إذا كان يدخل في اختصاصها العادي بحسب قيمة الدعوى.
(6)دعوى "الطلبات في الدعوى". حكم
"الحكم بما يطلبه الخصوم "ما لا يعد كذلك". قسمة. تركة.
طلب المطعون ضده
أمام المحكمة الجزئية فرز وتجنيب نصيبه في تركة مورثه - منازعة الطاعنين له في حقه
في حصته الميراثية وإحالة المحكمة هذه المنازعة إلى المحكمة الابتدائية لاختصاصها
القيمي بنظرها والتي حكمت بعدم قبول الدعوى. إلغاء الحكم المطعون فيه هذا القضاء
وقضاؤه بثبوت حق المطعون ضده في حصته الميراثية في التركة. عدم اعتباره قضاء بما
لم يطلبه الخصوم.
(7)دعوى "مصاريف الدعوى".
"محكمة الموضوع" سلطتها بالنسبة لمصروفات الدعوى".
مصاريف الدعوى. عدم
استناد القضاء بها إلى طلبات الخصوم. إلزام المحكمة من تلقاء ذاتها خاسر الدعوى
بها عند إصدارها الحكم المنهي للخصومة.
-------------------
1 - لئن كان مؤدى النص في المادة 32 من القرار بقانون 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني على أن الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري تشمل دعاوى الاستحقاق ومنها دعوى الاستحقاق عن طريق الميراث أو دعوى الإرث إلا أن الدعوتين الأخيرتين ليستا تلك الدعوى التي يرفعها الوارث الحقيقي على الحائز مطالبا باستحقاقه العقار الموروث وإنما هي عن الدعاوى التي يرفعها الوارث الحقيقي بعد قيد حق الإرث في السجل العيني لوارث ظاهر مطالبا الأخير باستحقاقه العقار الموروث. وهذه الدعوى هي التي يجب أن تتضمن الطلبات فيها طلب إجراء التغيير في بيانات السجل الواردة في قيد حق الإرث بما يفيد أن المالك العقار ليس هو الوارث الظاهر بل هو الوارث الحقيقي ومن ثم يجب أن يؤشر الوارث الحقيقي بهذه الطلبات جميعا أمام البيانات الواردة في السجل بشأن قيد حق الإرث وأن يقدم شهادة دالة على حصول هذا التأشير حتى تقبل منه دعوى الإرث أو دعوى الاستحقاق عن طريق الميراث. وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون سالف البيان عندما عرضت للغاية المرجوة والمزايا التي يحققها هذا القانون بما أوردته من أنه يحقق الأمان التام لكل من يتعامل على العقار وفق البيانات الثابتة بالسجل العيني إذ أنه بمجرد إثبات البيان بشأن العقار يصبح ممثلا للحقيقة ونفيا من أي عيب عالق بسند الملكية بعد مضي مواعيد الطعن ذلك أن المشرع يأخذ بمبدأ القوة المطلقة للقيد في السجل العيني ويمثل هذا المبدأ حجر الزاوية للنظام ومعناه أن كل ما هو مقيد في السجل العيني هو الحقيقة بالنسبة للغير مما يقتضي أن يؤشر بالدعاوى التي ترفع ضد البيانات المدرجة في السجل لحماية رافعها من القرينة المطلقة التي تستمد من القيد فيه.
2 - التملك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يتعلق بالنظام العام ومن ثم يتعين على مدعي التملك بهذا الطريق أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع بطريق الطلب الجازم إذ ليس لها أن تثيره من تلقاء نفسها.
3 - البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين لم يثيروا أمام محكمة الموضوع دفاعهم الوارد بسبب النعي وهو انتقال الملكية إليهم بوضع اليد عملا بالمادة 969 من القانون المدني ولم يقدموا في طعنهم الماثل الدليل على عرضه لدى تلك المحكمة ولئن تعلق هذا الدفاع بسبب قانوني إلا أن تحقيقه يقوم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون مما لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - اختصاص محكمة المواد الجزئية الاستثنائي في دعاوى القسمة قاصر على المنازعات المتعلقة بتكوين الحصص أما غير ذلك من المنازعات ومنها المنازعات المتعلقة بالملكية فلا تختص بها إلا إذا كانت تدخل في اختصاصها العادي بحسب قيمة الدعوى.
5 - تصدى الحكم للفصل في مدى ثبوت حق المطعون ضده في حصته الميراثية في تركة مورثه بعد أن نازعه الطاعنين في شأنها تمهيدا للفصل في الدعوى الأولى المقامة منه أمام المحكمة الجزئية بشأن القسمة وخلص إلى ما انتهى إليه من قضاء في هذا الشأن فلا يكون قد قضى له بما لم يطلبه.
6- المقرر في قضاء هذه المحكمة من أن القضاء في مصاريف الدعوى لا يستند إلى طلبات الخصوم فيها وإنما تفصل فيها المحكمة من تلقاء نفسها عند إصدار الحكم المنهي للخصومة على خاسر الدعوى.
-------------------
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن ـ تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 237 لسنة 1982 مدني محكمة سنورس الجزئية على الطاعنين بطلب الحكم بفرز وتجنيب نصيبه في الأطيان والعقارات الموضحة بصحيفة الدعوى وقال بيانا لذلك أنه يرث والطاعنين تلك الأعيان عن المرحوم..... باعتبارهم ورثته الشرعيين وقد رفضوا إعطائه نصيبه فيها وتسليمه إليه ومن ثم فقد أقام الدعوى وإذ ثار النزاع حول الملكية قضت تلك المحكمة بجلسة 24/1/1983 بوقف السير في الدعوى مؤقتا لحين الفصل فيها وأحالت الدعوى في شأنها إلى محكمة الفيوم الابتدائية حيث قيدت بجداولها برقم 327 لسنة 1983 ندبت المحكمة الأخيرة خبيرا فيها وبعد أن أودع تقريره قضت بعدم قبولها مؤسسة قضائها على مخالفة أحكام قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 بحسبان أن القرية التي تقع بها أعيان التداعي قد صدر قرار السيد وزير العدل بسريان أحكامه عليها ولم يقدم المطعون ضده شهادة التأشير بالبيانات المنصوص عليها بالمادة 32 من القانون المذكور ـ استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية الفيوم" بالاستئناف رقم 423 لسنة 23ق وبتاريخ 13/2/1991 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبثبوت حق المستأنف في حصة ميراثيه قدرها 5ط من 24ط في التركة المخلفة عن المورث المرحوم...... وهي مساحة 15س 6ط من الأطيان الزراعية والمنزل الموضحين بأسباب هذا الحكم وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وبيانا لذلك يقولون أنه لما كانت الغاية من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 64 حماية الملكية بوجه عام والعمل على استقرار المعاملات بشأنها ومن ثم فقد أوجبت المادة 32 منه بشأن الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري أو بصحة ونفاذ تصرف من التصرفات الواجب قيدها أن تتضمن الطلبات فيها إجراء التغيير في بيانات السجل العيني ورتب على مخالفة ذلك عدم قبول تلك الدعاوي كما أوجبت المادة 27 قيد التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية ورتب على عدم القيد أن هذه الحقوق لا تكون حجة لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير ويسري هذا الحكم على القسمة العقارية ولو كان محلها أموالا موروثة فإن الحكم إذ خالف هذا النظر على سند من أن ما يطالب به المطعون ضده لا يعد تصرفا في حكم ذلك القانون بل هو طلب قصد به ثبوت حق في ملكية آلت ميراثيا فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لئن كان مؤدى النص في المادة 32 من القرار بقانون 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني على أن الدعاوي المتعلقة بحق عيني عقاري تشمل دعاوي الاستحقاق ومنها دعوى الاستحقاق عن طريق الميراث أو دعوى الإرث إلا أن الدعوتين الأخيرتين ليستا تلك الدعوى التي يرفعها الوارث الحقيقي على الحائز مطالبا باستحقاقه العقار الموروث وإنما هي من الدعاوى التي يرفعها الوارث الحقيقي بعد قيد حق الإرث في السجل العيني لوارث ظاهر مطالبا الأخير باستحقاقه العقار الموروث وهذه الدعوى هي التي يجب أن تتضمن الطلبات فيها طلب إجراء التغيير في بيانات السجل الواردة في قيد حق الإرث بما يفيد أن المالك للعقار ليس هو الوارث الظاهر بل هو الوارث الحقيقي ومن ثم يجب أن يؤشر الوارث الحقيقي بهذه الطلبات جميعا أمام البيانات الواردة في السجل بشأن قيد حق الإرث وأن يقدم شهادة دالة على حصول هذا التأشير حتى تقبل منه دعوى الإرث أو دعوى الاستحقاق عن طريق الميراث وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون سالف البيان عندما عرضت للغاية المرجوة والمزايا التي يحققها هذا القانون بما أوردته من أنه يحقق الأمان التام لكل من يتعامل على العقار وفق البيانات الثابتة بالسجل العيني إذ أنه بمجرد إثبات البيان بشأن العقار يصبح ممثلا للحقيقة ونفيا من أي عيب عالق بسند الملكية بعد مضي مواعيد الطعن ذلك أن المشرع يأخذ بمبدأ القوة المطلقة للقيد في السجل العيني ويمثل هذا المبدأ حجر الزاوية للنظام ومعناه كل ما هو مقيد في السجل العيني هو الحقيقة بالنسبة للغير مما يقتضي أن يؤشر بالدعاوي التي ترفع ضد البيانات المدرجة في السجل لحماية رافعها من القرينة التي تستمد من القيد فيه. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن طلبات المطعون ضده تنحصر في ثبوت حقه في ملكية حصة ميراثيه آلت إليه والطاعنين عن مورثهم جميعا ولم يقدم الآخرين ما يفيد قيامهم بقيد حقهم الميراثي في التركة قاصرا عليهم في السجل العيني ولم يدعوه بما لا تكون معه دعوى المطعون ضده من دعاوي الاستحقاق العقارية التي يجب أن تتضمن الطلبات فيها طلب إجراء التغيير في بيانات السجل العيني وتقديم شهادة دالة على حصول التأشير بذلك وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحي النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وبيانا لذلك يقولون أن الحكم إذ لم يتطرق في مدوناته إلى ما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى إلى ثبوت وضع يدهم على عقارات النزاع أكثر من خمسة وثلاثين عاما بما يعطيهم الحق في تملكها بالتقادم المكسب وهو سبب مستقل لكسب الملك إذا ما توافرت شروطه فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان التملك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يتعلق بالنظام العام ومن ثم يتعين على مدعي التملك بهذا الطريق أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع بطريق الطلب الجازم إذ ليس لها أن تثيره من تلقاء نفسها وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين لم يثيروا أمام محكمة الموضوع دفاعهم الوارد بسبب النعي وهو انتقال الملكية إليهم بوضع اليد عملا بالمادة 969 من القانون المدني ولم يقدموا في طعنهم الماثل الدليل على عرضه لدى تلك المحكمة ولئن تعلق هذا الدفاع بسبب قانوني إلا أن تحقيقه يقوم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون مما لا يجوز التحدث به لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان من وجهين وبيانا للوجه الأولى يقولون إن الحكم إذ قضى للمطعون ضده بثبوت حقه لحصة ميراثيه قدرها 5ط من 24ط من التركة المخلفة من مورثه مع أن طلباته في دعواه تقف عند القضاء له بفرز وتجنيب نصيبه في التركة ومن ثم يكون قد قضى له بما لم يطلب بما يعيبه ويستوجب نقضه وبيانا للوجه الثاني يقولون أنه قد طلب في صحيفة استئنافه إلزامهم بمصاريف الاستئناف فقط إلا أن الحكم ألزمهم بالمصروفات عن الدرجتين بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول ذلك أنه لما كان اختصاص محكمة المواد الجزئية الاستثنائي في دعاوي القسمة قاصر على المنازعات المتعلقة بتكوين الحصص أما غير ذلك من المنازعات ومنها المنازعات المتعلقة بالملكية فلا تختص بها إلا إذا كانت تدخل في اختصاصها العادي بحسب قيمة الدعوى فإن الحكم إذ تصدى للفصل في مدى ثبوت حق المطعون ضده في حصته الميراثيه في تركة مورثه بعد أن نازعه الطاعنين في شأنها تمهيدا للفصل في الدعوى الأولى المقامة منه أمام المحكمة الجزئية بشأن القسمة وخلص إلى ما انتهى إليه من قضاء في هذا الشأن فلا يكون قد قضى له بما لم يطلب ويضحي تعييبه بهذا الوجه على غير أساس والنعي مردود أيضا في وجهه الثاني لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن القضاء في مصاريف الدعوى لا يستند إلى طلبات الخصوم فيها وإنما تفصل فيها المحكمة من تلقاء نفسها عند إصدار الحكم المنهي للخصومة على خاسر الدعوى لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضده على الطاعنين بطلباته وقضي بإلزامهم بالمصروفات عن درجتي التقاضي فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحي تعييبه بما ورد بوجه النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن ـ تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 237 لسنة 1982 مدني محكمة سنورس الجزئية على الطاعنين بطلب الحكم بفرز وتجنيب نصيبه في الأطيان والعقارات الموضحة بصحيفة الدعوى وقال بيانا لذلك أنه يرث والطاعنين تلك الأعيان عن المرحوم..... باعتبارهم ورثته الشرعيين وقد رفضوا إعطائه نصيبه فيها وتسليمه إليه ومن ثم فقد أقام الدعوى وإذ ثار النزاع حول الملكية قضت تلك المحكمة بجلسة 24/1/1983 بوقف السير في الدعوى مؤقتا لحين الفصل فيها وأحالت الدعوى في شأنها إلى محكمة الفيوم الابتدائية حيث قيدت بجداولها برقم 327 لسنة 1983 ندبت المحكمة الأخيرة خبيرا فيها وبعد أن أودع تقريره قضت بعدم قبولها مؤسسة قضائها على مخالفة أحكام قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 بحسبان أن القرية التي تقع بها أعيان التداعي قد صدر قرار السيد وزير العدل بسريان أحكامه عليها ولم يقدم المطعون ضده شهادة التأشير بالبيانات المنصوص عليها بالمادة 32 من القانون المذكور ـ استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية الفيوم" بالاستئناف رقم 423 لسنة 23ق وبتاريخ 13/2/1991 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبثبوت حق المستأنف في حصة ميراثيه قدرها 5ط من 24ط في التركة المخلفة عن المورث المرحوم...... وهي مساحة 15س 6ط من الأطيان الزراعية والمنزل الموضحين بأسباب هذا الحكم وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وبيانا لذلك يقولون أنه لما كانت الغاية من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 64 حماية الملكية بوجه عام والعمل على استقرار المعاملات بشأنها ومن ثم فقد أوجبت المادة 32 منه بشأن الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري أو بصحة ونفاذ تصرف من التصرفات الواجب قيدها أن تتضمن الطلبات فيها إجراء التغيير في بيانات السجل العيني ورتب على مخالفة ذلك عدم قبول تلك الدعاوي كما أوجبت المادة 27 قيد التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية ورتب على عدم القيد أن هذه الحقوق لا تكون حجة لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير ويسري هذا الحكم على القسمة العقارية ولو كان محلها أموالا موروثة فإن الحكم إذ خالف هذا النظر على سند من أن ما يطالب به المطعون ضده لا يعد تصرفا في حكم ذلك القانون بل هو طلب قصد به ثبوت حق في ملكية آلت ميراثيا فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لئن كان مؤدى النص في المادة 32 من القرار بقانون 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني على أن الدعاوي المتعلقة بحق عيني عقاري تشمل دعاوي الاستحقاق ومنها دعوى الاستحقاق عن طريق الميراث أو دعوى الإرث إلا أن الدعوتين الأخيرتين ليستا تلك الدعوى التي يرفعها الوارث الحقيقي على الحائز مطالبا باستحقاقه العقار الموروث وإنما هي من الدعاوى التي يرفعها الوارث الحقيقي بعد قيد حق الإرث في السجل العيني لوارث ظاهر مطالبا الأخير باستحقاقه العقار الموروث وهذه الدعوى هي التي يجب أن تتضمن الطلبات فيها طلب إجراء التغيير في بيانات السجل الواردة في قيد حق الإرث بما يفيد أن المالك للعقار ليس هو الوارث الظاهر بل هو الوارث الحقيقي ومن ثم يجب أن يؤشر الوارث الحقيقي بهذه الطلبات جميعا أمام البيانات الواردة في السجل بشأن قيد حق الإرث وأن يقدم شهادة دالة على حصول هذا التأشير حتى تقبل منه دعوى الإرث أو دعوى الاستحقاق عن طريق الميراث وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون سالف البيان عندما عرضت للغاية المرجوة والمزايا التي يحققها هذا القانون بما أوردته من أنه يحقق الأمان التام لكل من يتعامل على العقار وفق البيانات الثابتة بالسجل العيني إذ أنه بمجرد إثبات البيان بشأن العقار يصبح ممثلا للحقيقة ونفيا من أي عيب عالق بسند الملكية بعد مضي مواعيد الطعن ذلك أن المشرع يأخذ بمبدأ القوة المطلقة للقيد في السجل العيني ويمثل هذا المبدأ حجر الزاوية للنظام ومعناه كل ما هو مقيد في السجل العيني هو الحقيقة بالنسبة للغير مما يقتضي أن يؤشر بالدعاوي التي ترفع ضد البيانات المدرجة في السجل لحماية رافعها من القرينة التي تستمد من القيد فيه. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن طلبات المطعون ضده تنحصر في ثبوت حقه في ملكية حصة ميراثيه آلت إليه والطاعنين عن مورثهم جميعا ولم يقدم الآخرين ما يفيد قيامهم بقيد حقهم الميراثي في التركة قاصرا عليهم في السجل العيني ولم يدعوه بما لا تكون معه دعوى المطعون ضده من دعاوي الاستحقاق العقارية التي يجب أن تتضمن الطلبات فيها طلب إجراء التغيير في بيانات السجل العيني وتقديم شهادة دالة على حصول التأشير بذلك وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحي النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وبيانا لذلك يقولون أن الحكم إذ لم يتطرق في مدوناته إلى ما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى إلى ثبوت وضع يدهم على عقارات النزاع أكثر من خمسة وثلاثين عاما بما يعطيهم الحق في تملكها بالتقادم المكسب وهو سبب مستقل لكسب الملك إذا ما توافرت شروطه فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان التملك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يتعلق بالنظام العام ومن ثم يتعين على مدعي التملك بهذا الطريق أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع بطريق الطلب الجازم إذ ليس لها أن تثيره من تلقاء نفسها وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين لم يثيروا أمام محكمة الموضوع دفاعهم الوارد بسبب النعي وهو انتقال الملكية إليهم بوضع اليد عملا بالمادة 969 من القانون المدني ولم يقدموا في طعنهم الماثل الدليل على عرضه لدى تلك المحكمة ولئن تعلق هذا الدفاع بسبب قانوني إلا أن تحقيقه يقوم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون مما لا يجوز التحدث به لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان من وجهين وبيانا للوجه الأولى يقولون إن الحكم إذ قضى للمطعون ضده بثبوت حقه لحصة ميراثيه قدرها 5ط من 24ط من التركة المخلفة من مورثه مع أن طلباته في دعواه تقف عند القضاء له بفرز وتجنيب نصيبه في التركة ومن ثم يكون قد قضى له بما لم يطلب بما يعيبه ويستوجب نقضه وبيانا للوجه الثاني يقولون أنه قد طلب في صحيفة استئنافه إلزامهم بمصاريف الاستئناف فقط إلا أن الحكم ألزمهم بالمصروفات عن الدرجتين بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول ذلك أنه لما كان اختصاص محكمة المواد الجزئية الاستثنائي في دعاوي القسمة قاصر على المنازعات المتعلقة بتكوين الحصص أما غير ذلك من المنازعات ومنها المنازعات المتعلقة بالملكية فلا تختص بها إلا إذا كانت تدخل في اختصاصها العادي بحسب قيمة الدعوى فإن الحكم إذ تصدى للفصل في مدى ثبوت حق المطعون ضده في حصته الميراثيه في تركة مورثه بعد أن نازعه الطاعنين في شأنها تمهيدا للفصل في الدعوى الأولى المقامة منه أمام المحكمة الجزئية بشأن القسمة وخلص إلى ما انتهى إليه من قضاء في هذا الشأن فلا يكون قد قضى له بما لم يطلب ويضحي تعييبه بهذا الوجه على غير أساس والنعي مردود أيضا في وجهه الثاني لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن القضاء في مصاريف الدعوى لا يستند إلى طلبات الخصوم فيها وإنما تفصل فيها المحكمة من تلقاء نفسها عند إصدار الحكم المنهي للخصومة على خاسر الدعوى لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضده على الطاعنين بطلباته وقضي بإلزامهم بالمصروفات عن درجتي التقاضي فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحي تعييبه بما ورد بوجه النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق