جلسة 6 من مارس سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سيد محمود يوسف، يوسف عبد الحليم الهته، خالد يحيى دراز وسيد عبد الرحيم الشيمي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(71)
الطعن رقم 890 لسنة 54 القضائية
(1، 2) عقد "عقد الإيجار" "تزاحم المستأجرين". حيازة. تعويض. حكم "تسبيبه: الخطأ في تطبيق القانون".
(1) تعدد المستأجرين لعين واحدة بعقود صحيحة خاضعة لأحكام القانون المدني. الأفضلية لمن سبق إلى وضع يده دون غش. اقتصار حق الباقين في التعويض. م 573 مدني. علم المستأجر بوجود إجارة سابقة وقت وضع اليد. كفايته لثبوت الغش وانتفاء حسن النية. مؤداه. عدم تأثر حق من فضل عقده للحيازة أو انتقالها للغير. علة ذلك.
(2) ثبوت أسبقية تأجير الطاعن لعين النزاع ووضع يده عليها. لازمه. أفضلية على المطعون ضده الثاني ولو كان عقده صحيحاً أو وضع يده على عين النزاع بعد انتزاع الحيازة بالإكراه من الطاعن. عدم تمكين الحكم المطعون فيه الطاعن من الانتفاع بالعين وقضاءه بالتعويض استناداً إلى استحالة التنفيذ العيني لاستئجار المطعون ضده الثاني للعين. خطأ في تطبيق القانون.
2 - إذا كان الثابت في الأوراق أنه لا نزاع بين الخصوم في أن الطاعن هو الأسبق في التعاقد ووضع يده وهو الأولى بالتفضيل فإن لازم ذلك أن يفضل عن المطعون ضده الثاني حتى ولو كان عقده صحيحاً أو وضع يده بعد انتزاع الحيازة بالإكراه من الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب على استحالة تنفيذ العقد عيناً لأن المطعون ضده الثاني يستأجر عين النزاع ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 342 لسنة 1972 إيجارات جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم ببطلان تنازله عن عقد استئجاره للجراح المبين بالأوراق وبطلان عقد الإيجار الصادر للمطعون ضده الثاني عن ذات العين وتمكينه منها، واحتياطياً تعويضه بمبلغ عشرة آلاف جنيه. ذلك أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1961 استأجر من المطعون ضده الأول الجراج المذكور، وبتاريخ 27/ 3/ 1967 أكرهه المطعون ضده الثالث بصفته علي التنازل عنه، وأمر المطعون ضده الأول بتأجيره للمطعون ضده الثاني، ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 4422 لسنة 90 ق القاهرة، وبتاريخ 20/ 12/ 1977 قضت المحكمة بالتأييد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 275 لسنة 48 ق وبتاريخ 30/ 6/ 1982 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه والإحالة. وبتاريخ 25/ 1/ 1984 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضده الثالث بدفع تعويض مقداره ستة آلاف جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه بعد أن انتهى إلى بطلان تنازله عن عقد الإيجار وبقاء هذا العقد قائماً فإن لازمه أن يجيبه إلى طلب التمكين من الانتفاع بعين النزاع لأسبقية عقده ووضع يده عليها، فرفض الحكم الطعون فيه إجابته إلى طلبه بمقولة أن التنفيذ العيني بات مستحيلاً لأن المطعون ضده الثاني يعد حسن النية لا دخل له في إكراه الطاعن على التنازل مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 573 من القانون المدني - الذي يحكم واقعة النزاع - على أنه "إذا تعدد المستأجرون لعين واحدة فضل من سبق منهم إلى وضع يده دون غش، فإذا كان مستأجر عقار قد سجل عقده وهو حسن النية قبل أن يضع مستأجر آخر يده على العقار المؤجر، أو قبل أن يتجدد عقد إيجاره، فإنه هو الذي يفضل، فإذا لم يوجد سبب لتفضيل أحد المستأجرين فليس لهم فيما تعارضت فيه حقوقهم إلا طلب التعويض "يدل على أن المشرع قد نظم أسس المفاضلة بين المستأجرين بعقود صحيحة فيما تعارضت فيه حقوقهم وبات من المحتم أن يستأثر أحدهم بالشيء المؤجر ولم يبق لسواه إلا الحق في التعويض فجعل الأفضلية لمن سبق إلى وضع يده دون غش، وقامت فلسفة النص السالف بيانه على أن المستأجرين دائنون عاديون فلا فضل لأحدهم على الآخر ولا امتياز، فمن سبق منهم إلى استيفاء دينه من المدين فقط خلص له حقه كاملاً ما لم يكن المدين معسراً وأراد أن يفضل دائناً على غيره غشاً ففي هذه الحالة يحرم الدائن من هذه الميزة وفقاً لما نصت عليه المادة 242 من القانون المدني، وقاس نص المادة 573 المؤجر على المدين المعسر لأن المؤجر متى سلم العين لأحد المستأجرين صار في الحكم المعسر بالنسبة للباقين، ولم يقصد المشرع بنص المادة 573 أن يحمي الحيازة في ذاتها واعتبر مجرد علم المستأجر وقت وضع يده بوجود إجارة سابقة نافياً لحسن نيته وكافياً لثبوت الغش ولا يتأثر حق من فضل عقده بسبق وضع يده بفقده الحيازة وانتقالها إلى غيره لأنه اكتسب حقاً والحقوق لا تسقط بفقد الحيازة، ولو شاء المشرع بهذا النص أن يحمي الحيازة ذاتها لجعل التفضيل للحائز الأخير حسن النية وليس للمستأجر الأسبق في وضع اليد، لما كان ذلك، و كان الثابت في الأوراق أنه لا نزاع بين الخصوم في أن الطاعن هو الأسبق في التعاقد ووضع يده وهو الأولى بالتفضيل فإن لازم ذلك يفضل عن المطعون ضده الثاني حتى ولو كان عقده صحيحاً أو وضع يده بعد انتزاع الحيازة بالإكراه من الطاعن، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى استحالة تنفيذ العقد عيناً لأن المطعون ضده الثاني يستأجر عين النزاع ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ولما تقدم وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق