جلسة 6 من يونيه سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي محمد علي، محمد درويش، عبد المنعم دسوقي نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز الطنطاوي.
-----------------
(144)
الطعن رقم 879 لسنة 68 القضائية
(1) دعوى "الدفاع في الدعوى". محكمة الموضوع. حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
الدفاع التي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه. ماهيته. إغفال الحكم بحث هذا الدفاع. قصور.
(2 - 6) فوائد "الحد الأقصى لسعر الفائدة". بنوك. عقد. التزام. قانون. نظام عام.
(2) الفوائد الاتفاقية. الأصل في استحقاقها. اتفاق الدائن مع المدين على سعر معين لها. أثره. عدم جواز استقلال الدائن برفعه. الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية. تعلقه بالنظام العام. مؤداه. بطلان الاتفاق على ما يجاوزه بطلاناً مطلقاً. م 227 مدني. علة ذلك.
(3) العمليات المصرفية. استثناؤها من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية. الترخيص لمجلس إدارة البنك المركزي في تحديد أسعار الفوائد التي يجوز للبنوك التعاقد في حدودها عن هذه العمليات. سريان هذه الأسعار على العقود السابقة على صدور أحكام القانون رقم 120 لسنة 1975 متى كانت قائمة أو جددت وسمحت شروطها بذلك.
(4) العلاقة بين البنوك وعملائها. خضوعها لمبدأ سلطان الإرادة. قرارات البنك المركزي ليست على إطلاقها من القواعد المتعلقة بالنظام العام. مؤداه. خضوع عقود البنوك مع عملائها لهذه القواعد في حالة تجاوز سعر الفائدة للحد الأقصى لهذه القرارات.
(5) الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية. تعلقه بالنظام العام.
(6) بنك الاستثمار القومي. حقه في عقد القروض مع عملائه. شرطه. تقيده بقرارات البنك المركزي بشأن الفائدة المستحقة عليها.
2 - لئن كان الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه، وأن المشرع قد حرم بنص المادة 227 من القانون المدني زيادة سعر هذه الفوائد على حد أقصى معلوم مقداره 7% ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وإلزامه برد ما قبض منها مما مؤداه أن كل اتفاق على الفائدة تزيد على هذا الحد يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة وذلك لاعتبارات النظام العام التي تستوجب حماية الطرف الضعيف في العقد من الاستغلال.
3 - أجاز المشرع في المادة السابعة فقرة "د" من القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي المنطبقة على الواقع في الدعوى قبل تعديلها بالقانونين رقمي 37 لسنة 1992، 97 لسنة 1996 "لمجلس إدارة ذلك البنك تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة الدائنة والمدينة على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقاً لسياسة النقد والائتمان دون التقييد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر" مما يدل على اتجاه قصد الشارع إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليها في المادة 227 من القانون المدني بالترخيص لمجلس إدارة البنك المركزي في إصدار قرارات بتحديد أسعار الفائدة التي يجوز للبنوك أن تتعاقد في حدودها بالنسبة لكل نوع من هذه العمليات وذلك وفقاً لضوابط تتسم بالمرونة وتتمشى مع سياسة النقد والائتمان التي تقررها الدولة في مواجهة ما يجد من الظروف الاقتصادية المتغيرة، وتسري هذه الأسعار على العقود والعمليات التي تبرم أو تجدد في ظل سريان أحكام القانون 120 لسنة 1975 السابق الإشارة إليه وكذا العقود السابقة في حالة سماحها بذلك.
4 - لئن كانت العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصل لمبدأ سلطان الإرادة، فإن قرارات البنك المركزي المشار إليها لا تعتبر على إطلاقها من قبيل القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام، ولا يترتب البطلان على مخالفتها فيما تعقده البنوك مع عملائها من عقود مصرفية إلا إذا جاوز سعر الفائدة المتفق عليه الحد الأقصى الذي تحدده تلك القرارات إذ يجري عليها في هذه الحالة ذات الحكم المقرر لتجاوز الحد الأقصى للفوائد المنصوص عليه في المادة 227 من القانون المدني.
5 - المقرر أن الحد الأقصى المقرر للفائدة التي يجوز الاتفاق عليها هو - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أيضاً - مما يتصل بالنظام العام.
6 - يدل النص في المادتين 4/ هـ، 13/ هـ من القانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك الاستثمار القومي على أن للبنك الحق في عقد القروض مع عملائه على أن يتقيد بشأن الفائدة المستحقة عليها بقرارات البنك المركزي سالفة البيان.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول تقدم بطلب لاستصدار أمر أداء بإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بالتضامن بأن يؤديا له مبلغ 1601000 جنيه على سند من أنه يداين الشركة الطاعنة بالتضامن مع الأخيرة بهذا المبلغ - والذي يمثل أصل الدين وفوائده - بموجب عقد القرض المؤرخ 9/ 9/ 1991 والسندات الأذنية الصادرة تنفيذاً له بعد أن تقاعسا عن سداده في مواعيد الاستحقاق رغم إنذارهما رسمياً، وإذ صدر أمر الرفض حددت جلسة لنظر الموضوع وقيدت الدعوى برقم 540 لسنة 1997 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية، حكمت المحكمة بإجابة البنك المطعون ضده الأول إلى طلباته، استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3020 لسنة 114 ق القاهرة، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها الثانية بالاستئناف رقم 1 لسنة 115 ق القاهرة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 23 من سبتمبر سنة 1998 بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، ذلك أنها تمسكت في صحيفة الاستئناف بدفاع حاصله أن المبلغ المطالب به يزيد عن باقي دين القرض وأن سعر الفائدة المستحق عليه تجاوز الحد الأقصى المقرر قانوناً، وطلبت ندب خبير لتحديد الباقي المستحق في ذمتها من أصل مبلغ القرض، مع بيان سعر الفائدة الذي يحتسب عليه إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري، وأعرض عن تحقيقه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بمواجهته وإبداء الرأي فيه هو الدفاع الجوهري الذي يترتب على الأخذ به تغير وجه الرأي في الدعوى، ويكون مدعيه قد أقام عليه الدليل أمام المحكمة أو طلب منها وفقاً للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من إثباته، ويترتب على إغفال الحكم بحث هذا الدفاع قصور في أسبابه الواقعية بما يقتضي بطلانه، وأنه ولئن كان الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه، وأن المشرع قد حرم بنص المادة 227 من القانون المدني زيادة سعر هذه الفوائد على حد أقصى معلوم مقدراه 7% ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبض منها مما مؤداه أن كل اتفاق على الفائدة تزيد على هذا الحد يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة وذلك لاعتبارات النظام العام التي تستوجب حماية الطرف الضعيف في العقد من الاستغلال، إلا أنه أجاز في المادة السابعة فقرة "د" من القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي المنطبقة على الواقع في الدعوى قبل تعديلها بالقانونين رقمي 37 لسنة 1992، 97 لسنة 1996 "لمجلس إدارة ذلك البنك تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة الدائنة والمدينة على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقاً لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر" مما يدل على اتجاه قصد الشارع إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليها في المادة 227 من القانون المدني بالترخيص لمجلس إدارة البنك المركزي في إصدار قرارات بتحديد أسعار الفائدة التي يجوز للبنوك أن تتعاقد في حدودها بالنسبة لكل نوع من هذه العمليات وذلك وفقاً لضوابط تتسم بالمرونة وتتمشى مع سياسة النقد والائتمان التي تقررها الدولة في مواجهة ما يجد من الظروف الاقتصادية المتغيرة، وتسري هذه الأسعار على العقود والعمليات التي تبرم أو تجدد في ظل سريان أحكام القانون 120 لسنة 1975 السابق الإشارة إليه وكذا العقود السابقة في حالة سماحها بذلك، وأنه ولئن كانت العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصل لمبدأ سلطان الإرادة، فإن قرارات البنك المركزي المشار إليها لا تعتبر على إطلاقها من قبيل القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام، ولا يترتب البطلان على مخالفتها فيما تعقده البنوك مع عملائها من عقود مصرفية إلا إذا جاوز سعر الفائدة المتفق عليه الحد الأقصى الذي تحدده تلك القرارات إذ يجرى عليها في هذه الحالة ذات الحكم المقرر لتجاوز الحد الأقصى للفوائد المنصوص عليه في المادة 227 من القانون المدني اعتباراً بأن الحد الأقصى المقرر للفائدة التي يجوز الاتفاق عليها هو - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أيضاً - مما يتصل بالنظام العام، وكان النص في المادة 4/ هـ من القانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك الاستثمار القومي على أن "تكون موارد البنك الخاصة من ( أ )... (هـ) القروض التي يعقدها البنك"، وفي المادة 13/ هـ منه على أن "مجلس إدارة البنك هو السلطة العليا المهيمنة على شئون البنك وتصريف أموره ووضع السياسة العامة التي يسير عليها وله... على الأخص ما يأتي ( أ )... (هـ) تحديد أسعار الفائدة الدائنة والمدينة في إطار السياسة العامة التي يضعها البنك المركزي"، يدل على أن للبنك المطعون ضده الأول الحق في عقد القروض مع عملائه على أن يتقيد بشأن الفائدة المستحقة عليها بقرارات البنك المركزي سالفة البيان، لما كان ذلك، وكان الواقع حسبما حصله الحكم المطعون فيه أن النزاع يتعلق بعقد قرض أبرم مع البنك المطعون ضده الأول والطاعنة بتاريخ 9/ 9/ 1991 وكان البين من الاطلاع على صحيفة الاستئناف أن الأخيرة تمسكت بدفاع حاصله أن مبلغ الدين المطالب به يزيد عما استحق في ذمتها، وأن سعر الفائدة المحتسبة عليه تجاوز الحد الأقصى المقرر قانوناً، وطلبت تحقيقاً له ندب خبير لتحديد باقي المستحق عليها من أصل مبلغ القرض مع بيان سعر الفائدة الواجبة التطبيق عليه، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع في شقه الأول على قوله "بأن الدين المطالب به والبالغ مقداره 1601000 جنيه ثابت بالسندات الإذنية موضوع النزاع، في حين أن البين من عريضة أمر الأداء أن البنك المطعون ضده الأول طلب فيها إلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بالتضامن بأن يدفعا له ذات المبلغ باعتباره يمثل قيمة السندات الإذنية التي حرر بعضها بقيمة أقساط القرض وحررت الأخرى بفوائده والتي يتكون من مجموعها مقدار المبلغ المطالب به آنف الذكر، مما مؤداه أن جزءاً من هذا المبلغ يتعلق بالفوائد، ومع ذلك قضى الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بالفوائد بواقع 20% من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد دون أن يتحقق من باقي المبلغ المستحق على الطاعنة من جملة القرض الأصلي تمهيداً لاحتساب الفوائد المستحقة عليه، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أطرح دفاع الطاعنة في شقه الثاني، القائم على أن نسبة الفائدة المطالب بها تتجاوز الحد الأقصى المقرر قانوناً بعبارة مجهلة مفادها أن الفائدة الاتفاقية الواردة في عقد القرض والسندات الإذنية موضوع النزاع تمت إعمالاً للوائح المنظمة للفوائد بالبنك المركزي، وذلك دون أن يتحقق من اتفاقها والحد الأقصى للفائدة الوارد بقرارات مجلس إدارة هذا البنك - خلال فترة سريان القرض موضوع النزاع باعتبار أن كل اتفاق على فائدة يزيد عن الحد الأقصى يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة وذلك لاتصاله بالنظام العام، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتناول ذلك الدفاع بشقيه بما يصلح رداً عليه فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق