جلسة
14 من مارس سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ كمال محمد مراد -
نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسام الدين الحناوي، محمد شهاوي عبد
ربه، عبد الجواد هاشم فراج ومحمد جمال الدين سليمان - نواب رئيس المحكمة.
---------------
(74)
الطعن رقم
8714 لسنة 66 القضائية
(1)إيجار "إيجار الأماكن"
"الالتزامات التعاقدية". قانون. "القانون الواجب التطبيق".
الإسناد في
الالتزامات التعاقدية. ضوابطه. الأصل فيه إرادة الطرفين. عدم اتحاد إرادتهما. وجوب
تطبيق قانون الموطن المشترك وإلا فقانون الدولة التي تم فيها التعاقد. الاستثناء.
العقود المتعلقة بشأن عقار. سريان قانون موقع العقار عليها. مؤداه. تعلق العقود
بعقار موجود بمصر. أثره. سريان القانون المصري عليها.
(2) نقض "أساب الطعن: الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نظام عام.
الأسباب المتعلقة
بالنظام العام. لمحكمة النقض وللخصوم وللنيابة العامة إثارتها. شرطه. أن تكون عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع وواردة على الجزء المطعون فيه من
الحكم.
( 3،4 ) إيجار "إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء:
احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد". دستور. قانون. دستورية القوانين.
سريان القانون. نقض.
(3)الحكم بعدم دستورية نص في القانون. أثره.
عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم. انسحاب هذا الأثر على الوقائع
والعلاقات السابقة على صدوره والتي لم تستقر نهائياً بصدور حكم بات فيها أو
بالتقادم. صدور القرار بقانون 168 لسنة 1998 وتخويله المحكمة الدستورية سلطة تقرير
أثر غير رجعي للأحكام الصادرة منها بعدم الدستورية لا أثر له. الاستثناء. تقرير
أثر مباشر للأحكام الصادرة بعدم دستورية. النصوص الضريبية. علة ذلك.
(4)قضاء الحكم المطعون فيه بإخلاء العين محل
النزاع لاحتجاز الطاعن أكثر من مسكن في البلد الواحد استناداً لنص المادة 8/ 1 ق
49 لسنة 1977 المقضي بعدم دستوريتها. خطأ.
-----------------
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المدني يدل على أن المشرع اعتد أساساً بالإرادة الصريحة أو الضمنية للمتعاقدين كضابط للإسناد في الالتزامات التعاقدية، فإذا سكت المتعاقدان عن إعلان رغبتهما الصريحة في تطبيق قانون معين، وإذا لم تتحد الإرادة الصريحة أو الضمنية وجب تطبيق قانون الموطن المشترك وإلا فقانون الدولة التي تم فيها التعاقد، إلا أنه استثناء من هذه القاعدة نص في الفقرة الثانية من المادة المشار إليها على أن "قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أبرمت في شأن هذا العقار"، وعلى ذلك فإن كافة العقود المتعلقة بعقار موجود في مصر تخضع للقانون المصري سواء كانت تتعلق بحق شخصي كعقد الإيجار أو تتعلق بحق عيني كعقد البيع.2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها، كما يجوز للخصوم والنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم.
3 - النص في الفقرة الثالثة من المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا قبل تعديلها بالقرار رقم 168 لسنة 1998 على أنه "يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية" إلا أنه لا مراء في أن مؤدى الحكم بعدم دستورية نص - وعلى ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون آنف الإشارة - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما يرتد إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدوره والتي لم تستقر نهائياً بعد وذلك حماية للأوضاع التي استقرت قبل صدوره وعدم المساس بها... أو إذا لحقها التقادم، ولا يغير من ذلك صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل نص الفقرة الثالثة من المادة المشار إليها المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 11 من يوليو سنة 1998 بجعلها "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر..." إذ لم يأت هذا التعديل بما يلغى الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا باعتباره أصلاً في هذه الأحكام، ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص يكشف عن وجود عيب خالط النص منذ نشأته أدى إلى وأده في مهده، مما ينفى معه صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذه، كما يكشف عن وجود حكم قانوني مغاير واجب الإتباع كان معمولاً به عند صدور هذا النص الباطل تلتزم المحاكم والكافة بإعماله التزاما بحجية الحكم الصادر بعدم الدستورية، وهو ما يتجافى مع القول بانعدام الأثر الرجعى، ذلك أن مفاد عموم النص المشار إليه وإطلاقه، أنه ليس بلازم أن يكون التاريخ الذي تحدده المحكمة الدستورية في هذه الحالة تالياً لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية مما مؤداه أن هذا التعديل قد حمل في طياته موجبات ارتداده إلى الأصل العام المقرر لبطلان النص المقضي بعدم دستوريته منذ نشأته إعمالاً للأثر الكاشف لأحكام تلك المحكمة وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون المشار إليه من أن هذا التعديل استهدف أولاً: تخويل المحكمة سلطة تقرير أثر غير رجعى لحكمها على ضوء الظروف الخاصة التي تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التي تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدر الخطورة التي تلازمها، ثانياً: تقرير أثر مباشر للحكم إذا كان متعلقاً بعدم دستورية نص ضريبي..." مما مؤداه أنها غايرت في الحكم ما بين النص الضريبي المقضي بعدم دستوريته بتقرير أثر مباشر له، وبين الحكم الصادر بعدم دستورية نص غير ضريبي وذلك بتقرير أثر رجعي له كأصل عام مع تخويل المحكمة الدستورية سلطة تقرير أثر غير رجعى لحكمها.
4 - إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في حكمها الصادر بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1997 في الطعن رقم 56 لسنة 18 قضائية دستورية المنشور في الجريدة الرسمية في 27 من نوفمبر سنة 1997 بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 فيما تضمنته من حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتضٍ، فإنه بذلك يكون قد أدرك الدعوى قبل صيرورة الحكم الصادر فيها باتاً، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف وإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها للمطعون ضده خالية على سند من توافر الاحتجاز المحظور بالمادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقضي بعدم دستوريتها فإنه يكون معيباً.
----------------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 644 لسنة 1994 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1968 وإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها له خالية، وقال بيانا لها إن الطاعن كويتي الجنسية وإذ انتهت مدة إقامته بالبلاد فأقام الدعوى. حكمت المحكمة برفضها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 17612 لسنة 111 قضائية، وبتاريخ 9/ 7/ 1996 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف والإخلاء والتسليم. طعن الطاعن بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بثانيهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع المبدى منه بعدم انطباق القانون المصري رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 على واقعة الدعوى لأنه والمطعون ضده كويتيان الجنسية وإذ تم التعاقد في الكويت يكون القانون الكويتي هو الواجب التطبيق، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المشرع بعد أن نص في الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المدني على أنه "يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا، فإن اختلفا موطنا سرى قانون الدولة التي تم فيها التعاقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانون أخر هو الذي يراد تطبيقه......" بما يدل على أن المشرع اعتد أساسا بالإرادة الصريحة أو الضمنية للمتعاقدين كضابط للإسناد في الالتزامات التعاقدية، فإذا سكت المتعاقدان على إعلان رغبتهما الصريحة في تطبيق قانون معين، وإذا لم تتحد الإرادة الصريحة أو الضمنية وجب تطبيق قانون الموطن المشترك وإلا فقانون الدولة التي تم فيها التعاقد، إلا أنه استثناء من هذه القاعدة نص في الفقرة الثانية من المادة المشار إليها على أن "قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أبرمت في شأن هذا العقار" وعلى ذلك فإن كافة العقود المتعلقة بعقار موجود في مصر تخضع للقانون المصري سواء كانت تتعلق بحق شخصي كعقد الإيجار أو تتعلق بحق عيني كعقد البيع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها، كما يجوز للخصوم والنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه وإن نصت الفقرة الثالثة من المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا قبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه "يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية" إلا أنه لأمراء في أن مؤدى الحكم بعدم دستورية نص - وعلى ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون آنف الإشارة - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما يرتد إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدوره والتي لم تستقر نهائيا بعد ذلك وحماية للأوضاع التي استقرت قبل صدوره وعدم المساس بها.... أو إذا لحقها التقادم ولا يغير من ذلك صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل نص الفقرة الثالثة من المادة المشار إليها المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 11 من يوليو سنة 1998 بجعلها "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا أخر...." إذ لم يأت هذا التعديل بما يلغي الأثر الرجعي لأحكام المحكمة الدستورية العليا باعتباره أصلا في هذه الأحكام، ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص يكشف عن وجود عيب خالط النص منذ نشأنه أدى إلى وأده في مهده. مما ينفي معه صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذه، كما يكشف عن وجود حكم قانوني مغاير واجب الإتباع كان معمولا به عند صدور هذا النص الباطل تلتزم المحاكم والكافة بأعماله التزاما بحجية الحكم الصادر بعدم الدستورية، وهو ما يتجافى مع القول بانعدام الأثر الرجعي، ذلك أن مفاد عموم النص المشار إليه وإطلاقه، إنه ليس بلازم أن يكون التاريخ الذي تحدده المحكمة الدستورية في هذه الحالة تاليا لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية مما مؤداه أن هذا التعديل قد حمل في طياته موجبات ارتداده إلى الأصل العام المقرر لبطلان النص المقضي بعدم دستوريته منذ نشأنه إعمالا للأثر الكاشف لأحكام تلك المحكمة وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون المشار إليه من أن هذا التعديل استهدف أولا: تخويل المحكمة سلطة تقرير أثر غير رجعي لحكمها على ضوء الظروف الخاصة التي تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التي تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدر الخطورة التي تلازمها ثانيا: تقرير أثر مباشر للحكم إذا كان متعلقا بعدم دستورية نص ضريبي..." مما مؤداه أنها غايرت في الحكم ما بين النص الضريبي المقضي بعدم دستوريته بتقرير أثر مباشر له، وبين الحكم الصادر بعدم دستورية نص غير ضريبي وذلك بتقرير أثر رجعي له كأصل عام مع تخويل المحكمة الدستورية سلطة تقرير أثر غير رجعي لحكمها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في حكمها الصادر بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1997 في الطعن رقم 56 لسنة 18 قضائية دستورية المنشور في الجريدة الرسمية في 27 من نوفمبر سنة 1997 بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1997 فيما تضمنته من حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض، فإنه بذلك يكون قد أدرك الدعوى قبل صيرورة الحكم الصادر فيها باتا، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف وإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها للمطعون ضده خالية على سند من توافر الاحتجاز المحظور بالمادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقضي بعدم دستوريتها، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن قضاء الحكم بإخلاء الطاعن لاحتجازه شقة أخرى بذات المدينة حجية عن التعرض لطلب المطعون ضده إخلاء الطاعن بسبب انتهاء إقامته كأجنبي بالبلاد مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة لتقول كلمتها فيه.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 644 لسنة 1994 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1968 وإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها له خالية، وقال بيانا لها إن الطاعن كويتي الجنسية وإذ انتهت مدة إقامته بالبلاد فأقام الدعوى. حكمت المحكمة برفضها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 17612 لسنة 111 قضائية، وبتاريخ 9/ 7/ 1996 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف والإخلاء والتسليم. طعن الطاعن بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بثانيهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع المبدى منه بعدم انطباق القانون المصري رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 على واقعة الدعوى لأنه والمطعون ضده كويتيان الجنسية وإذ تم التعاقد في الكويت يكون القانون الكويتي هو الواجب التطبيق، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المشرع بعد أن نص في الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المدني على أنه "يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا، فإن اختلفا موطنا سرى قانون الدولة التي تم فيها التعاقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانون أخر هو الذي يراد تطبيقه......" بما يدل على أن المشرع اعتد أساسا بالإرادة الصريحة أو الضمنية للمتعاقدين كضابط للإسناد في الالتزامات التعاقدية، فإذا سكت المتعاقدان على إعلان رغبتهما الصريحة في تطبيق قانون معين، وإذا لم تتحد الإرادة الصريحة أو الضمنية وجب تطبيق قانون الموطن المشترك وإلا فقانون الدولة التي تم فيها التعاقد، إلا أنه استثناء من هذه القاعدة نص في الفقرة الثانية من المادة المشار إليها على أن "قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أبرمت في شأن هذا العقار" وعلى ذلك فإن كافة العقود المتعلقة بعقار موجود في مصر تخضع للقانون المصري سواء كانت تتعلق بحق شخصي كعقد الإيجار أو تتعلق بحق عيني كعقد البيع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها، كما يجوز للخصوم والنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه وإن نصت الفقرة الثالثة من المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا قبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه "يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية" إلا أنه لأمراء في أن مؤدى الحكم بعدم دستورية نص - وعلى ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون آنف الإشارة - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما يرتد إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدوره والتي لم تستقر نهائيا بعد ذلك وحماية للأوضاع التي استقرت قبل صدوره وعدم المساس بها.... أو إذا لحقها التقادم ولا يغير من ذلك صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل نص الفقرة الثالثة من المادة المشار إليها المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 11 من يوليو سنة 1998 بجعلها "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا أخر...." إذ لم يأت هذا التعديل بما يلغي الأثر الرجعي لأحكام المحكمة الدستورية العليا باعتباره أصلا في هذه الأحكام، ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص يكشف عن وجود عيب خالط النص منذ نشأنه أدى إلى وأده في مهده. مما ينفي معه صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذه، كما يكشف عن وجود حكم قانوني مغاير واجب الإتباع كان معمولا به عند صدور هذا النص الباطل تلتزم المحاكم والكافة بأعماله التزاما بحجية الحكم الصادر بعدم الدستورية، وهو ما يتجافى مع القول بانعدام الأثر الرجعي، ذلك أن مفاد عموم النص المشار إليه وإطلاقه، إنه ليس بلازم أن يكون التاريخ الذي تحدده المحكمة الدستورية في هذه الحالة تاليا لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية مما مؤداه أن هذا التعديل قد حمل في طياته موجبات ارتداده إلى الأصل العام المقرر لبطلان النص المقضي بعدم دستوريته منذ نشأنه إعمالا للأثر الكاشف لأحكام تلك المحكمة وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون المشار إليه من أن هذا التعديل استهدف أولا: تخويل المحكمة سلطة تقرير أثر غير رجعي لحكمها على ضوء الظروف الخاصة التي تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التي تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدر الخطورة التي تلازمها ثانيا: تقرير أثر مباشر للحكم إذا كان متعلقا بعدم دستورية نص ضريبي..." مما مؤداه أنها غايرت في الحكم ما بين النص الضريبي المقضي بعدم دستوريته بتقرير أثر مباشر له، وبين الحكم الصادر بعدم دستورية نص غير ضريبي وذلك بتقرير أثر رجعي له كأصل عام مع تخويل المحكمة الدستورية سلطة تقرير أثر غير رجعي لحكمها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في حكمها الصادر بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1997 في الطعن رقم 56 لسنة 18 قضائية دستورية المنشور في الجريدة الرسمية في 27 من نوفمبر سنة 1997 بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1997 فيما تضمنته من حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض، فإنه بذلك يكون قد أدرك الدعوى قبل صيرورة الحكم الصادر فيها باتا، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف وإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها للمطعون ضده خالية على سند من توافر الاحتجاز المحظور بالمادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقضي بعدم دستوريتها، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن قضاء الحكم بإخلاء الطاعن لاحتجازه شقة أخرى بذات المدينة حجية عن التعرض لطلب المطعون ضده إخلاء الطاعن بسبب انتهاء إقامته كأجنبي بالبلاد مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة لتقول كلمتها فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق