جلسة 7 من ديسمبر سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع - نائبي رئيس المحكمة، عبد المنعم محمود، ومدحت سعد الدين.
---------------
(243)
الطعن رقم 4996 لسنة 62 القضائية
(1 - 3) دعوى "وقف الدعوى" "اعتبار الدعوى كأن لم تكن" "من أنواع الدعاوى: دعوى البيوع العقارية". بيع "البيوع العقارية". ملكية. حجز. تنفيذ "التنفيذ على العقار". قوة الأمر المقضي. حكم "حجية الحكم" "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
(1) اعتبار الدعوى كأن لم تكن. م 99/ 3 مرافعات المعدلة بق 23 لسنة 1992. ماهيته. جزاء يوقع على المدعي لإهماله في اتخاذ ما تأمره به المحكمة. المقصود به. تأكيد سلطة المحكمة في حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها. مناطه. التزام المحكمة لدى إصدارها الأمر أحكام القانون. خروجها عليها. أثره. انتفاء موجب توقيع الجزاء. علة ذلك.
(2) قلم الكتاب. هو المنوط به اتخاذ إجراءات النشر واللصق في البيوع العقارية دون الدائن الذي يباشر إجراءات نزع الملكية. علة ذلك. للحاجز والمدين الحائز والكفيل العيني استصدار إذن من قاضي التنفيذ بنشر ولصق إعلانات أخرى عن البيع. المواد 421، 428، 429، 430 و431 مرافعات. مؤداه. الإذن بالتوسعة في تلك الإجراءات. عدم قيامه مقام الأصل الموجب لاتخاذها من قلم الكتاب. أثره. تراخي المأذون له بالتوسعة أو إحجامه عن القيام بها. لا يصح أن يكون سبباً لمجازاته بالمادة 99 مرافعات.
(3) تأييد الحكم المطعون فيه قضاء محكمة أول درجة باعتبار الدعوى كأن لم تكن تأسيساً على أن واجب اتخاذ إجراءات النشر واللصق يقع على عاتق الطاعن حين أنه منوط بقلم كتاب المحكمة. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه. لا يغير من ذلك. الدفع من النيابة والمطعون ضدهم بأن قبول الطاعن لحكم وقف الدعوى جزاءً وعدم الطعن عليه يحول دون معاودة النظر في مسألة من ناط به المشرع واجب القيام بإجراءات النشر واللصق لحوزته قوة الأمر المقضي. علة ذلك. انحصار أثر هذا الحكم في عدم جواز تحريك الدعوى قبل انقضاء مدة الوقف وقوة الأمر المقضي لا تجد مجالاً لإعمالها في نطاق الدعوى الواحدة.
2 - إذ كان البين من المواد 421، 428، 429 430، 431 من قانون المرافعات أن المشرع ناط بقلم الكتاب اتخاذ إجراءات النشر واللصق في البيوع العقارية دون الدائن الذي يباشر إجراءات نزع الملكية حتى لا يقصر هذا الأخير في اتخاذها، أو يرتكب من الأغلاط ما يعرضها للبطلان أو يحول دون علم المدين بها، وأجاز للحاجز والمدين الحائز والكفيل العيني أن يستصدر إذناً من قاضي التنفيذ بنشر إعلانات أخرى عن البيع أو بلصق عدد آخر من الإعلانات بسبب أهمية العقار أو طبيعته أو لغير ذلك من الظروف، فإن مؤدى ذلك أن الإذن بالتوسعة في تلك الإجراءات لا يقوم مقام الأصل وهو أن واجب اتخاذها يقع على قلم الكتاب، ومن ثم فإن تراخي المأذون له بالتوسعة أو إحجامه عن القيام بها لا يصح أن يكون سبباً لمجازاته على نحو ما نصت عليه المادة 99 من القانون المشار إليه وإنما يُسوغ أن يكون مبرراً لمباشرة إجراءات البيع، أو وقف السير فيها بناء على ما يتخذه قلم الكتاب من إجراءات اللصق والنشر.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر إذ انتهى إلى تأييد قضاء محكمة أول درجة الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن باعتبار أن واجب اتخاذ إجراءات النشر واللصق يقع أصلاً على عاتق البنك الطاعن، في حين أنه منوط بقلم كتاب المحكمة على نحو ما سلفت الإشارة إليه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه، دون أن يغير من ذلك ما ورد في مذكرة النيابة العامة ودفع به المطعون ضدهم من أن قبول البنك الطاعن للحكم الصادر في 29/ 10/ 1985 بوقف الدعوى جزاءً وعدم الطعن عليه بطريق الاستئناف يحول دون معاودة النظر في مسألة من ناط به المشرع واجب القيام بإجراءات النشر واللصق لما حازه ذلك الحكم من قوة الأمر المقضي، ذلك أنه فضلاً عن أن الحكم بوقف الدعوى جزاءً ينحصر أثره في عدم جواز تحريك الدعوى قبل انقضاء مدة الوقف بحيث لا يجوز الرجوع عنه، ولو نفذ المدعي ما أمرته به المحكمة فإن فكرة حجية الأمر المقضي تقوم على الاعتراف لحكم صدر في دعوى سابقة بقوة وفاعلية يصبح بمقتضاها حجة في دعوى لاحقة تتحد مع الدعوى السابقة خصوماً وسبباً وموضوعاً بحيث يمنع من إعادة النظر في الدعوى الثانية ولا يُعمل بهذه الفكرة في نطاق الدعوى الواحدة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك الطاعن باشر إجراءات التنفيذ العقاري على العقار المبين في صحيفة الدعوى 32 لسنة 1961 بيوع الإسكندرية استيفاءً لدين له في ذمة مورث المطعون ضدهم المرحوم (.........)، وبعد اتخاذ إجراءات اللصق والنشر، حددت جلسة 14/ 11/ 1967 لبيع العقار، ولما لم يبد أحد رغبته في الشراء قضت المحكمة بوقف السير في الإجراءات. عجل البنك السير في الدعوى فقيدت برقم 960 لسنة 1968 تنفيذ الرمل وتمت إجراءات اللصق والنشر، ولما لم يتقدم أحد للشراء استأجل البنك للقيام بالنشر على نطاق أوسع. حكمت المحكمة في 29/ 10/ 1985 بوقف الدعوى جزاءً لمدة ستة أشهر. عجل الطاعن السير في الدعوى وبتاريخ 27/ 12/ 1990 حكمت محكمة أول درجة باعتبار الدعوى كأن لم تكن على سند من أن الطاعن لم يقم بعد وقفها جزاءً بتنفيذ قرار المحكمة الخاص بإجراء النشر. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 192 لسنة 47 ق الإسكندرية. وبتاريخ 8/ 6/ 1992 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وبياناً لذلك يقول إن الحكم قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم قيامه باتخاذ إجراءات النشر واللصق في حين أن المكلف بهذا الإجراء هو قلم كتاب المحكمة طبقاً لنصوص المواد 421، 428، 430 من قانون المرافعات، وإذ كان إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 99 من هذا القانون يقتضي أن يكون من وقع عليه الجزاء هو المكلف بالقيام بالإجراء، فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه وإن كان قضاء المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن إعمالاً لحكم المادة 99/ 3 من قانون المرافعات المعدل بالقانون 23 لسنة 1992 هو جزاء يوقع على المدعي لإهماله في اتخاذ ما تأمره به المحكمة قصد به تأكيد سلطتها في حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها، إلا أن مناط توقيع هذا الجزاء أن تكون المحكمة قد التزمت - لدى إصدارها الأمر - أحكام القانون، فإن هي خرجت عليها انتفى موجب توقيع الجزاء، وخرج الأمر من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية، وأصبح محض تحكم واستبداد، وهو ما يتنافى مع مقتضيات العدالة، ولما كان البين من المواد، 421، 428، 429، 430، 431 من قانون المرافعات أن المشرع ناط بقلم الكتاب اتخاذ إجراءات النشر واللصق في البيوع العقارية دون الدائن الذي يباشر إجراءات نزع الملكية حتى لا يقصر هذا الأخير في اتخاذها، أو يرتكب من الأغلاط ما يعرضها للبطلان أو يحول دون علم المدين بها، وأجاز للحاجز والمدين الحائز والكفيل العيني أن يستصدر إذناً من قاضي التنفيذ بنشر إعلانات أخرى عن البيع أو بلصق عدد آخر من الإعلانات بسبب أهمية العقار أو طبيعته أو لغير ذلك من الظروف، فإن مؤدى ذلك أن الإذن بالتوسعة في تلك الإجراءات لا يقوم مقام الأصل - وهو أن واجب اتخاذها يقع على قلم الكتاب، ومن ثم فإن تراخي المأذون له بالتوسعة أو إحجامه عن القيام بها لا يصح أن يكون سبباً لمجازاته على نحو ما نصت عليه المادة 99 من القانون المشار إليه وإنما يُسوغ أن يكون مبرراً لمباشرة إجراءات البيع، أو وقف السير فيها بناء على ما يتخذه قلم الكتاب من إجراءات اللصق والنشر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر إذ انتهى إلى تأييد قضاء محكمة أول درجة الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن باعتبار أن واجب اتخاذ إجراءات النشر واللصق يقع أصلاً على عاتق البنك الطاعن، في حين أنه منوط بقلم كتاب المحكمة على نحو ما سلفت الإشارة إليه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون أن يغير من ذلك ما ورد في مذكرة النيابة العامة ودفع به المطعون ضدهم من أن قبول البنك الطاعن للحكم الصادر في 29/ 10/ 1985 بوقف الدعوى جزاءً وعدم الطعن عليه بطريق الاستئناف يحول دون معاودة النظر في مسألة من ناط به المشرع واجب القيام بإجراءات النشر واللصق لما حازه ذلك الحكم من قوة الأمر المقضي، ذلك أنه فضلاً عن أن الحكم بوقف الدعوى جزاءً ينحصر أثره في عدم جواز تحريك الدعوى قبل انقضاء مدة الوقف بحيث لا يجوز الرجوع عنه، ولو نفذ المدعي ما أمرته به المحكمة فإن فكرة حجية الأمر المقضي تقوم على الاعتراف لحكم صدر في دعوى سابقة بقوة وفاعلية يصبح بمقتضاها حجة في دعوى لاحقة تتحد مع الدعوى السابقة خصوماً وسبباً وموضوعاً بحيث يمنع من إعادة النظر في الدعوى الثانية ولا يُعمل بهذه الفكرة في نطاق الدعوى الواحدة.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإن المحكمة تقضي في موضوع استئناف الطاعنة بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الأوراق إلى محكمة أول درجة لاستئناف السير في إجراءات التنفيذ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق