جلسة 31 من يناير سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد غرياني، عبد الحميد الحلفاوي، ناجي عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة وسعيد سعد عبد الرحمن.
---------------
(43)
الطعن رقم 223 لسنة 65 القضائية "أحوال شخصية"
أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: التحكيم: الإثبات فيها". إثبات. حكم "عيوب التدليل: الخطأ".
عدم اتفاق الحكمين في حالات التطليق الواجب فيها ندب حكمين. أثره. التزام المحكمة ببعث ثالث معهما. التزام الحكام الثلاثة بمباشرة مهمتهم مجتمعين. علة ذلك. عدم التقاء الحكام أو اختلافهم أو تقديم كل منهم تقريراً منفرداً أو شاب تقريرهم البطلان. أثره. عدم صحة التحكيم والتزام المحكمة بالسير في الإثبات. استناد الحكم المطعون فيه في قضاءه إلى تقرير الحكم الثالث الذي قدم تقريره منفرداً. خطأ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2585 لسنة 1990 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة على الطاعن بطلب الحكم بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة المعلن منه إليها بتاريخ 1/ 9/ 1990 للدخول في طاعته، وقالت بياناً لدعواها إنها زوج له وأنه غير أمين عليها وأن المسكن المبين بالإنذار مُجهل، ومن ثم أقامت الدعوى، كما أقامت الدعوى رقم 2598 لسنة 1990 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة بطلب الحكم بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة المعلن إليها بتاريخ 5/ 9/ 1990 لذات الأسباب التي أوردتها في دعواها السابقة، حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى رقم 2585 لسنة 1990 وأحالت الدعوى الثانية إلى التحقيق، وبعد أن سمعت شاهدي المطعون ضدها أضافت الأخيرة طلب التطليق، ندبت المحكمة حكمين وبعد أن قدما تقريرهما بعثتهما مع ثالث، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 23/ 8/ 1994 في الدعوى رقم 2598 لسنة 1999 بتطليق المطعون ضدها طلقة بائنة دون المساس بحقوقها، وبعدم الاعتداد بإنذار الطاعة المعلن لها بتاريخ 5/ 9/ 1990، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1754 لسنة 111 ق القاهرة، وبتاريخ 16/ 2/ 1995 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الثالث قدم تقريره منفرداً، ولم يجتمع بحكم الزوج، فكان على المحكمة أن تسير في الإثبات، وإذ أخذ الحكم بهذا التقرير الباطل فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن النص في المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه "على الحكمين أن يرفعا تقريرهما إلى المحكمة مشتملاً على الأسباب التي بني عليها، فإن لم يتفقا بعثتهما مع ثالث له خبرة بالحال وقدرة على الإصلاح وحلفته اليمين المبينة في المادة (8) وإذ اختلفوا أو لم يقدموا تقريرهم في الميعاد سارت المحكمة في الإثبات...." مما مفاده أنه إذا لم يتفق الحكمان في حالات التطليق التي يتعين فيها ندب حكمين، فعلى المحكمة أن تبعث بثالث معهما ممن له خبرة بحال الزوجين والقدرة على التوفيق بينهما، وعلى الحكام الثلاثة أن يباشروا مهمتهم مجتمعين تحقيقاً للهدف الذي بعثتهم المحكمة من أجله لمحاولة الإصلاح وإزالة أسباب الشقاق بين الزوجين وهو مالا يتوافر إذا قام الحكم بذلك وحده، ذلك بأن النص لم يطلق ندب حكم ثالث دون قيد، بل قرن هذا الندب بأنه مع "الحكمين السابق بعثهما" هذا فضلاً عن أن الحكام طريقهم الحكم لا الشهادة أو الوكالة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ولا يصح التحكيم إذا لم يلتق الحكام، فإذا اختلف الحكام الثلاثة، أو لم يقدموا تقريرهم للمحكمة، أو قدم كل منهم تقريراً منفرداً، أو شاب تقريرهم البطلان لخلوه من الأسباب التي بُني عليها، فعندئذ يجب على المحكمة أن تسير في الإثبات بتحقيق الدعوى وفقاً للمنهج الشرعي. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الثالث قدم تقريراً منفرداً وتضمن هذا التقرير أنه لم يلتق بحكم الزوج، بما مؤداه أن التحكيم لم يتم وفقاً للقانون، فكان على المحكمة أن تسير في إجراءات الإثبات، وإذ عول الحكم المطعون فيه في قضاءه على تقرير الحكم الثالث، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه، دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق