جلسة 25 من يناير سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم بركات نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد الزواوي، د. سعيد فهيم، سعيد فودة نواب رئيس المحكمة ومصطفى مرزوق.
--------------
(34)
الطعن رقم 1616 لسنة 69 القضائية
(1 - 4) تأمين "عقد التأمين". عقد. حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه: ما يعد كذلك".
(1) عقد التأمين. مقتضاه. تغطية الأضرار التي يحتمل أن تصيب المؤمن له خلال مدة معينة يتحمل فيها المؤمن تبعة هذه الأضرار مقابل جعل التأمين الذي يتقاضاه من المؤمن له. مؤداه. اعتباره عقد زمني محدد المدة. فسخ العقد أو انفساخه قبل انتهاء مدته. لا أثر له على ما تم تنفيذه قبل ذلك.
(2) اعتبار عقد التأمين منتهياً باستيفاء مدته. تجديده. شرطه. تفسير نصوصه يجرى عليه ما يجرى على تفسير سائر العقود.
(3) تضمين وثيقة التأمين من الحريق المبرمة بين طرفي التداعي نصاً صريحاً على تجديد عقد للتأمين بعد انقضاء مدته وتعليق التجديد على سداد المؤمن له قسط التأمين كاملاً وقبول المؤمن لهذا السداد بموجب إيصال موقع من أحد تابعيه أو وكلاءه المصرح لهم. مؤداه. عدم التزام الأخير بالتعويض عن الخطر موضوع العقد إلا بتحقيق هذا الشرط.
(4) ثبوت تأمين المطعون ضدها لدى الطاعنة على مقر شركتها من خطر الحريق بموجب الوثيقة موضوع التداعي لمدة سنة. عدم سداد الأولى قسط تجديدها عن السنة التي شب خلالها الحريق. أثره. عدم تغطية الوثيقة لهذا الحادث. قضاء الحكم المطعون فيه إلزام الطاعنة بمبلغ التأمين تأسيساً على أن المطعون ضدها طلبت تحويل مبلغ من حسابها لدى أحد البنوك لصالح الطاعنة سداداً لقسط التأمين قبل وقوع الحريق بما يعد تجديداً تلقائياً لعقد التأمين. خطأ وفساد في الاستدلال. علة ذلك.
2 - إذا استوفى عقد التأمين مدته يعتبر منتهياً ويشترط لتجديده أن ينص على ذلك صراحة بما يعني أنه لا يجوز تجديده ضمنياً، وأنه يجري في هذه الحالة بالنسبة لتفسير نصوصه ما يجري على تفسير سائر العقود بما لا يخرج به عن عبارته الظاهرة.
3 - إذ كان البين من وثيقة التأمين من الحريق المبرمة بين طرفي التداعي أنها قد تضمنت النص في البند (1) منها على أنه "... بعد تمام سداد القسط تقوم الشركة المؤمنة بتعويض المؤمن له عن الأضرار المادية التي تلحق بالممتلكات أو أي جزء منها من جراء هلاكها أو تلفها نتيجة لحريق أو صاعقة، وذلك في أي وقت خلال مدة التأمين المبينة بالجدول أو أي مدة لاحقة بشرط أن يكون المؤمن له سدد عنها ما يستحق من قسط تجديد هذه الوثيقة وأن تكون الشركة قد قبلته..." وفي البند (2) - على أنه "... لا يكون الوفاء بأي قسط معتبراً قبل الشركة ما لم يعط عنه للمؤمن له إيصال مطبوع موقع عليه من أحد مستخدمي الشركة أو أحد وكلائها المصرح لهم بذلك" كما نص الجدول الملحق لهذه الوثيقة على أن مدة التأمين سنة تبدأ من 1/ 8/ 1989 الساعة 12 ظهراً إلى 1/ 8/ 1990 الساعة 12 ظهراً فإن مفاد هذه العبارات - بحسب مدلولها الظاهر - أن تلك الوثيقة وإن كانت قد تضمنت نصاً صريحاً على تجديد عقد التأمين بعد انقضاء مدته إلى مدد زمنية مماثلة للمدة الواردة به إلا أن هذا التجديد يظل معلقاً حدوثه على سداد المؤمن له لقسط التجديد كاملاً وقبول المؤمن له لهذا السداد بموجب إيصال مطبوع موقع عليه من أحد تابعيه أو وكلاءه المصرح لهم بذلك وبما يعني أن آثار العقد تظل موقوفة فلا يلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له عن الخطر موضوع العقد إلا بعد تحقق هذا الشرط.
4 - إذا كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها قد أمنت لدى الطاعنة على مقر شركتها من خطر الحريق بموجب الوثيقة موضوع التداعي لمدة سنة تبدأ من 1/ 8/ 1989 الساعة 12 ظهراً إلى 1/ 8/ 1990 الساعة 12 ظهراً بمبلغ مائتي ألف جنيه، وأن هذه الوثيقة قد سبق تجديدها لمدة مماثلة كان أخرها المدة من 1/ 8/ 1994 إلى 1/ 8/ 1995 وأن المطعون ضدها لم تقم بسداد قسط تجديد الوثيقة عن الفترة التي تبدأ من 1/ 8/ 1995 الساعة 12 ظهراً حتى 1/ 8/ 1996 الساعة 12 ظهراً إلى أن شب الحريق يوم 10/ 9/ 1995 وهو الخطر المؤمن من أجله، فإن الوثيقة والحال كذلك لا تغطي هذا الحادث لعدم تجديدها قبل وقوعه وفقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها فيها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بمبلغ التأمين على سند من أن المطعون ضدها كانت قد طلبت تحويل مبلغ من حسابها لدى أحد البنوك لصالح سداد القسط التأمين قبيل وقوع الحريق بثلاثة أيام وأن هذا التحويل المصرفي يعد بمثابة تجديد تلقائي لعقد التأمين ومتخذاً من سابقة قبول الطاعنة لأقساط التجديد في تواريخ لاحقة على مواعيد استحقاقها دليلاً على تجديد الوثيقة للمدة مثار النزاع رغم أن ذلك لا يفيد بذاته ثبوت التجديد بغير موافقة الطاعنة وقبولها فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد انحرف عن المعنى الواضح للعبارات التي تضمنتها وثيقة للتأمين وشابه الفساد في الاستدلال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1508 لسنة 1996 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 200000 ألف جنيه، والفوائد القانونية، وقالت شرحاً لذلك إنه بموجب وثيقة التأمين المؤرخة 20/ 8/ 1989 والرقمية 52947 لسنة 1989 أمنت لدى الطاعنة على محتويات مقر الشركة ضد الحريق بالمبلغ المطالب به، وبتاريخ 10/ 9/ 1995 شب حريق بهذا المقر وتحرر عن الواقعة المحضر رقم 13675 لسنة 1995 إداري الرمل، وإذ امتنعت الطاعنة عن الوفاء لها بمبلغ التأمين فقد أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 30/ 8/ 1998 برفض الدعوى - استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 5177 سنة 54 ق وبتاريخ 27/ 2/ 1999 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها بأن وثيقة التأمين موضوع النزاع محددة المدة ونص فيها على انقضائها بانتهاء مدتها وعلى أنه يشترط لتجديدها لمدة لاحقة قيام المؤمن له بسداد قسط التجديد والحصول على الإيصال المعد لذلك والمثبت لقبولها لتجديد الوثيقة لتلك المدة، وبأن المطعون ضدها لم تسدد قسط التجديد عن المدة من 1/ 8/ 1995 حتى 1/ 8/ 1996 اللاحقة لانتهاء مدة الوثيقة والتي شب الحريق خلالها، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع واعتبر أن مجرد طلب المطعون ضدها تحويل مبلغ من حسابها لدى البنك لصالحها قبل تاريخ وقوع الحريق بثلاثة أيام بمثابة تجديد الوثيقة ورتب على ذلك قضائه للمطعون ضدها بمبلغ التأمين ومخالفاً بذلك شروط الوثيقة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مقتضى عقد التأمين تغطية الأضرار التي يحتمل أن تصيب المؤمن له خلال مدة معينة يتحمل فيها المؤمن تبعة هذه الأضرار مقابل جعل التأمين الذي يتقاضاه من المؤمن له، سواء في ذلك اتفق على أن يلتزم المؤمن له بسداد هذا الجعل دفعة واحدة أو على أقساط تدفع علي فترات محددة خلال مدة التأمين، مما مؤداه أن عقد التأمين وإن كان الزمن عنصراً جوهرياً فيه لأنه يلزم المؤمن لمدة معينة، إلا أنه عقد محدد المدة فإذا فسخ أو انفسخ قبل انتهاء مدته لا ينحل إلا من وقت الفسخ أو الانفساخ ويبقى ما نفذ منه قبل ذلك قائماً أما إذا استوفى مدته يعتبر منتهياً ويشترط لتجديده أن ينص على ذلك صراحة بما يعني أنه لا يجوز تجديده ضمنياً، وأنه يجري في هذه الحالة بالنسبة لتفسير نصوصه ما يجري على تفسير سائر العقود بما لا يخرج به عن عباراته الظاهرة. لما كان ذلك، و كان البين من وثيقة التأمين من الحريق المبرمة بين طرفي التداعي أنها قد تضمنت النص في البند (1) منها على أنه "... بعد تمام سداد القسط تقوم الشركة المؤمنة بتعويض المؤمن له عن الأضرار المادية التي تلحق بالممتلكات أو أي جزء منها من جراء هلاكها أو تلفها نتيجة لحريق أو صاعقة، وذلك في أي وقت خلال مدة التأمين المبينة بالجدول أو أي مدة لاحقة بشرط أن يكون المؤمن له سدد عنها ما يستحق من قسط تجديد هذه الوثيقة وأن تكون الشركة قد قبلته...." وفي البند (2) - على أنه ".... لا يكون الوفاء بأي قسط معتبراً قبل الشركة ما لم يعط عنه للمؤمن له إيصال مطبوع موقع عليه من أحد مستخدمي الشركة أو أحد وكلائها المصرح لهم بذلك"، كما نص الجدول الملحق لهذه الوثيقة على أن "مدة التأمين سنة تبدأ من 1/ 8/ 1989 الساعة 12 ظهراً إلى 1/ 8/ 1990 الساعة 12 ظهراً"، فإن مفاد هذه العبارات - بحسب مدلولها الظاهر - أن تلك الوثيقة وإن كانت قد تضمنت نصاً صريحاً على تجديد عقد التأمين بعد انقضاء مدته إلى مدد زمنية مماثلة للمدة الواردة به إلا أن هذا التجديد يظل معلقاً حدوثه على سداد المؤمن له لقسط التجديد كاملاً، وقبول المؤمن له لهذا السداد بموجب إيصال مطبوع موقع عليه من أحد تابعيه أو وكلاءه المصرح لهم بذلك، وبما يعني أن آثار العقد تظل موقوفة فلا يلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له عن الخطر موضوع العقد إلا بعد تحقق هذا الشرط، وإذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها قد أمنت لدى الطاعنة على مقر شركتها من خطر الحريق بموجب الوثيقة موضوع التداعي لمدة سنة تبدأ من 1/ 8/ 1989 الساعة 12 ظهراً إلى 1/ 8/ 1990 الساعة 12 ظهراً بمبلغ مائتي ألف جنيه، وأن هذه الوثيقة قد سبق تجديدها لمدد مماثلة كان آخرها المدة من 1/ 8/ 1994 إلى 1/ 8/ 1995، وأن المطعون ضدها لم تقم بسداد قسط تجديد الوثيقة عن الفترة التي تبدأ من 1/ 8/ 1995 الساعة 12 ظهراً حتى 1/ 8/ 1996 الساعة 12 ظهراً، إلى أن شب الحريق يوم 10/ 9/ 1995 وهو الخطر المؤمن من أجله، فإن الوثيقة - والحال كذلك - لا تغطي هذا الحادث لعدم تجديدها قبل وقوعه وفقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها فيها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بمبلغ التأمين على سند من أن المطعون ضدها كانت قد طلبت تحويل مبلغ من حسابها لدى أحد البنوك لصالح سداداً لقسط التأمين قبيل وقوع الحريق بثلاثة أيام وأن هذا التحويل المصرفي يعد بمثابة تجديد تلقائي لعقد التأمين ومتخذاً من سابقة قبول الطاعنة لأقساط التجديد في تواريخ لاحقة على مواعيد استحقاقها دليلاً على تجديد الوثيقة للمدة مثار النزاع رغم أن ذلك لا يفيد بذاته ثبوت التجديد يغير موافقة الطاعنة وقبولها فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد انحرف عن المعنى الواضح للعبارات التي تضمنتها وثيقة التأمين وشابه الفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين القضاء برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق