جلسة
15 من مايو سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ أحمد الحديدي نائب
رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد الشناوي، مصطفى عزب، منير الصاوي
وعبد المنعم علما نواب رئيس المحكمة.
---------------
(124)
الطعن رقم
145 لسنة 62 القضائية
(1، 2 ) اختصاص. دفوع "الدفع بعدم
الاختصاص". نظام عام. محكمة الموضوع.
(1)
الدفع بعدم اختصاص
محاكم الجمهورية دولياً بنظر النزاع. دفع شكلي غير متعلق بالنظام العام. وجوب
إبداؤه قبل التكلم في الموضوع وإلا سقط الحق فيه. بقاء الدفع قائماً متى أبدى
صحيحاً ما لم ينزل عنه المتمسك به صراحة أو ضمناً.
(2)استخلاص النزول الضمني عن الدفوع الشكلية.
من إطلاقات محكمة الموضوع. شرطه. ابتناؤه على أسباب سائغة. طلب تأجيل الدعوى
لتقديم المستندات. لا يعتبر نزولاً ضمنياً عن الدفع الشكلي. لا يلزم التمسك به في
كل جلسة طالما أبدى صحيحاً.
(3)
دفوع "الدفع
بعدم الاختصاص الدولي". اختصاص.
اختصاص محاكم
الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة فيها
إذا كانت متعلقة بمال موجود فيها. م 30/ 2 مرافعات. إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه
بقبول الدفع المبدى من المطعون ضده بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر النزاع على
سند من أن السفينة المطلوب تثبيت الحجز التحفظي عليها غير موجودة في مصر وإعراضه
عن الفصل في مدى صحة الدفع بعدم الاختصاص الدولي. صحيح. علة ذلك.
(4)نقض "أسباب الطعن: السبب المفتقر إلى
الدليل".
الطعن بالنقض. وجوب
تقديم الدليل على ما يتمسك به من أوجه الطعن في الميعاد القانوني. إغفال ذلك.
أثره. نعي عار عن الدليل. غير مقبول.
(5)اختصاص "اختصاص المحاكم بالدعاوى المرفوعة
على الأجنبي". قانون.
اختصاص محاكم
الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي له موطن أو محل إقامة فيها عدا
تلك المتعلقة بعقار واقع في الخارج. م 29 مرافعات. اختصاصها كذلك. بنظر تلك التي
ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة فيها إذا كان له في الجمهورية
موطن مختار. م 30/ 1 مرافعات.
(6)نقل "نقل بحري: التوكل الملاحي".
وكالة.
السفن الأجنبية
التي تباشر نشاطاً تجارياً في مصر. لكل منها وكيل ملاحي ينوب عن صاحبها في مباشرة
كل ما يتعلق بنشاط السفينة في مصر ويمثله في الدعاوى التي ترفع منه أوعليه فيما
يتعلق بهذا النشاط ويعتبر مقر هذا الوكيل موطناً لمالك السفينة.
-------------------
1 - المقرر أن الدفع بعدم اختصاص محاكم الجمهورية دوليا بنظر النزاع من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام ويتعين على المتمسك به إبدائه قبل التكلم في موضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه ويظل هذا الدفع قائما إذا أبدى صحيحا ما لم ينزل عنه المتمسك به صراحة أو ضمنا.2 - المقرر أن استخلاص النزول الضمني عن الدفوع الشكلية من اطلاقات محكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص قد بني على أسباب سائغة، ولا يعتبر نزولا ضمينا عن الدفع الشكلي -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- بعد إبدائه صحيحا طلب تأجيل الدعوى لتقديم المستندات، كما لا يلزم أن يثبت من له حق في الدفع به في كل جلسة تالية تمسكه به ما دام قد أبدي صحيحا.
3 - المقرر أن المادة 30 /2 مرافعات تنص على (تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية وذلك في الأحوال الآتية: 1-.....، 2- إذا كانت الدعاوى متعلقة بمال موجود في الجمهورية أو.......) وكان الحكم المطعون فيه قد أقام فضاءه بقبول الدفع المبدي من المطعون ضده بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر النزاع مؤيدا ما انتهى إليه الحكم المستأنف في قضائه بعدم الاختصاص على سند من أن السفينة المطلوب تثبيت الحجز التحفظي عليها غير موجودة في مصر فلا عليه إذ لم يعرض لما أثارته الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه اكتفى ببحث مدى سقوط أو عدم سقوط حق المطعون ضده في التمسك بالدفع بعدم الاختصاص دون أن يعرض لصحة الدفع أو عدم صحته من حيث توافر الاختصاص أو عدم توافره إذ أنه دفاع غير مؤثر فيما انتهى إليه الحكم سديدا وبالتالي فإن النعي غير مقبول.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع أوجب على الخصوم أنفسهم أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت من خطاب الضمان الذي أشارت إليه الطاعنة بوجه النعي ومن ثم فإن النعي يضحى عاريا عن الدليل ومن ثم غير مقبول.
5 - المقرر ينص المادة 29 من قانون المرافعات أن "تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي له موطن أو محل إقامة في الجمهورية فيما عدا الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع في الخارج" كما تنص المادة 30 من هذا القانون على أن "تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية وذلك في الأحوال الآتية: 1- إذا كان له في الجمهورية موطن مختار...".
6 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل سفينة أجنبية تباشر نشاطا تجاريا في مصر وكيل ملاحي ينوب عن صاحبها سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا في مباشرة كل ما يتعلق بنشاط السفينة في جمهورية مصر العربية ويمثله في الدعاوى التي ترفع منه أو عليه فيما يتعلق بهذا النشاط ويعتبر مقر هذا الوكيل موطنا لمالك السفينة.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة - شركة ...... كومباني بهونج كونج - تقدمت إلى السيد قاضي التنفيذ بمحكمة بورسعيد الجزئية بطلب استصدار أمر بتقدير دينها قبل المطعون ضده - بصفته ربان السفينة "......." وممثلا لأصحاب السفينة - تقديرا مؤقتا وبإيقاع الحجز على تلك السفينة, وإذ صدر الأمر فأقامت الدعوى رقم 622 لسنة 1983 بورسعيد الابتدائية على المطعون ضده بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 342081 دولار بما يعادل مبلغ 403655 جنيه قيمة ما قدمته الطاعنة من تسهيلات للسفينة من وقود وزيوت وخلافه وهو المبلغ المحجوز من أجله, فضلا عن التعويض المستحق لها عن الأضرار التي لحقتها من جراء عدم تنفيذ المطعون ضده بصفته لالتزاماته التعاقدية بالاتفاق المحرر بينهما في 18/1/1983 بمدينة هونج كونج وبصحة وتثبيت الحجز التحفظي الموقع على السفينة وجعله نافذا, ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 31/12/1988 بقبول الدفع المبدى من المطعون ضده بصفته بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 199 لسنة 30ق أمام محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" وبتاريخ 6/11/1991 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الأول والثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق ذلك أنه استخلص من الأوراق عدم نزول المطعون ضده عن التمسك بالدفع بعدم الاختصاص الدولي على سند من أنه تمسك أمام الخبير بهذا الدفع أصليا وكان دفاعه في الموضوع على سبيل الاحتياط وتاليا لتمسكه بالدفع حال أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده تكلم في الموضوع في أول جلسة حضر فيها أمام الخبير المنتدب ولم يتمسك بالدفع إلا في الجلسة التالية, وإذا كانت الإجراءات أمام الخبير تعتبر جزءا من الخصومة ومحاضر أعماله تعد من أوراق الدعوى وقضى الحكم رغم ذلك بعدم الاختصاص فإنه يكون قد خالف القانون وما هو ثابت بالأوراق, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود, بأن الدفع بعدم اختصاص محاكم الجمهورية دوليا بنظر النزاع من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام ويتعين على المتمسك به إبدائه قبل التكلم في موضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه ويظل هذا الدفع قائما إذا أبدي صحيحا ما لم ينزل عنه المتمسك به صراحة أو ضمنا وكان استخلاص النزول الضمني عن الدفوع الشكلية من إطلاقات محكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص قد بني على أسباب سائغة ولا يعتبر نزولا ضمنيا عن الدفع الشكلي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بعد إبدائه صحيحا طلب تأجيل الدعوى لتقديم المستندات, كما لا يلزم أن يثبت من له حق في الدفع به في كل جلسة تالية تمسكه به ما دام قد أبدي صحيحا. وإذ كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص بما له من سلطة موضوعية أن المطعون ضده لم يسقط حقه في التمسك بالدفع بعدم اختصاص المحكمة دوليا بنظر النزاع بما أورده بمدوناته من أن "... الثابت من مناقشة الحاضر عن المستأنف ضدها بمحاضر أعمال الخبير وما قدمه من أوراق أمام الخبير أنه تمسك بالدفع بعدم الاختصاص كدفع أصلي وأن التكلم في الموضوع كان على سبيل الاحتياط لإعادة الأوراق إلى المحكمة لتفصل في الدفع ولا يعد ذلك إسقاطا لحقه في التمسك بالدفع...." ومن ثم فيكون ما تثيره الطاعنة بسببي النعي في شأن ما استخلصته محكمة الموضوع لا يعدو أن يكون في حقيقة مرماه مجادلة موضوعية فيما لمحكمة الموضوع سلطة استخلاصه وتقديره وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض, ومن ثم يكون النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب إذ تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بما نصت عليه المادة 30 من قانون المرافعات في فقرتها الثانية من اختصاص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية إذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في الجمهورية وأن الإجراءات قبل المطعون ضده بدأت بتوقيع الحجز على الباخرة "......." أثناء وجودها بميناء بورسعيد إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري على سند من أن السفينة غير موجودة في مصر واكتفى الحكم المطعون فيه ببحث مدى سقوط أو عدم سقوط حق المطعون ضده في التمسك بالدفع دون أن يعرض لصحة الدفع ثم خلص إلى تأييد الحكم الابتدائي ومن ثم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أنه لما كانت المادة 30/2 مرافعات قد نصت على "..... تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية وذلك في الأحوال الآتية:1-.... 2- إذا كانت الدعاوى متعلقة بمال موجود في الجمهورية أو ", وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بقبول الدفع المبدى من المطعون ضده بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر النزاع مؤيدا ما انتهى إليه الحكم المستأنف في قضائه بعدم الاختصاص على سند من أن السفينة المطلوب تثبيت الحجز التحفظي عليها غير موجودة في مصر, فلا عليه إذ لم يعرض لما أثارته الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه اكتفى ببحث مدى سقوط أو عدم سقوط حق المطعون ضده في التمسك بالدفع بعدم الاختصاص دون أن يعرض لصحة الدفع أو عدم صحته من حيث توافر الاختصاص أو عدم توافره إذ أنه دفاع غير مؤثر فيما انتهى إليه الحكم سديدا وبالتالي فإن النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنه بعد رفع الدعوى قدم المطعون ضده خطاب ضمان وتم رفع الحجز عن الباخرة بموجبه والسماح لها بالإبحار وأن هذا الخطاب طبقا للقانون المصري واتفاقية بروكسل 1955 يعد كفالة تحل محل السفينة التي توقع عليها الحجز التحفظي بحيث ينتقل إليه الحجز وتعتبر السفينة حكما كأنها ما زالت في الميناء الذي أوقع الحجز عليها فيه بالإضافة إلى أن خطاب الضمان في ذاته يعد مالا موجودا في مصر إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع أوجب على الخصوم أنفسهم أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. لما كان ذلك, وكانت الأوراق قد خلت من خطاب الضمان الذي أشارت إليه الطاعنة بوجه النعي ومن ثم فإن النعي يضحى عاريا عن الدليل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن للسفينة موطن مختار في مصر هو مقر شركة القناة للتوكيلات الملاحية إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن تلك الوكالة تقتصر على السفن التي تباشر نشاطا تجاريا في مصر وبخصوص المنازعات التي تثور بمناسبة هذا النشاط وهذا من الحكم المطعون فيه قيد لا سند له من القانون ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه من المقرر بنص المادة 29من قانون المرافعات أن "تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي له موطن أو محل إقامة في الجمهورية فيما عدا الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع في الخارج", كما تنص المادة 30 من هذا القانون على أن "تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية وذلك في الأحوال الآتية: 1- إذا كان له في الجمهورية موطن مختار ...." كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل سفينة أجنبية تباشر نشاطا تجاريا في مصر وكيل ملاحي ينوب عن صاحبها سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا في مباشرة كل ما يتعلق بنشاط السفينة في جمهورية مصر العربية ويمثله في الدعاوى التي ترفع منه أو عليه فيما يتعلق بهذا النشاط ويعتبر مقر هذا الوكيل موطنا لمالك السفينة. لما كان ذلك, وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن المطعون ضده قد اتخذ من شركة القناة للتوكيلات الملاحية وكيلا ملاحيا له في مصر حتى يمكن القول إن مقرها يعد موطنا له, كما خلت الأوراق مما يفيد أن وجود الباخرة "......." بميناء بورسعيد كان بمناسبة مباشرتها نشاطا تجاريا في مصر, ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يضحى على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة - شركة ...... كومباني بهونج كونج - تقدمت إلى السيد قاضي التنفيذ بمحكمة بورسعيد الجزئية بطلب استصدار أمر بتقدير دينها قبل المطعون ضده - بصفته ربان السفينة "......." وممثلا لأصحاب السفينة - تقديرا مؤقتا وبإيقاع الحجز على تلك السفينة, وإذ صدر الأمر فأقامت الدعوى رقم 622 لسنة 1983 بورسعيد الابتدائية على المطعون ضده بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 342081 دولار بما يعادل مبلغ 403655 جنيه قيمة ما قدمته الطاعنة من تسهيلات للسفينة من وقود وزيوت وخلافه وهو المبلغ المحجوز من أجله, فضلا عن التعويض المستحق لها عن الأضرار التي لحقتها من جراء عدم تنفيذ المطعون ضده بصفته لالتزاماته التعاقدية بالاتفاق المحرر بينهما في 18/1/1983 بمدينة هونج كونج وبصحة وتثبيت الحجز التحفظي الموقع على السفينة وجعله نافذا, ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 31/12/1988 بقبول الدفع المبدى من المطعون ضده بصفته بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 199 لسنة 30ق أمام محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" وبتاريخ 6/11/1991 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الأول والثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق ذلك أنه استخلص من الأوراق عدم نزول المطعون ضده عن التمسك بالدفع بعدم الاختصاص الدولي على سند من أنه تمسك أمام الخبير بهذا الدفع أصليا وكان دفاعه في الموضوع على سبيل الاحتياط وتاليا لتمسكه بالدفع حال أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده تكلم في الموضوع في أول جلسة حضر فيها أمام الخبير المنتدب ولم يتمسك بالدفع إلا في الجلسة التالية, وإذا كانت الإجراءات أمام الخبير تعتبر جزءا من الخصومة ومحاضر أعماله تعد من أوراق الدعوى وقضى الحكم رغم ذلك بعدم الاختصاص فإنه يكون قد خالف القانون وما هو ثابت بالأوراق, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود, بأن الدفع بعدم اختصاص محاكم الجمهورية دوليا بنظر النزاع من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام ويتعين على المتمسك به إبدائه قبل التكلم في موضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه ويظل هذا الدفع قائما إذا أبدي صحيحا ما لم ينزل عنه المتمسك به صراحة أو ضمنا وكان استخلاص النزول الضمني عن الدفوع الشكلية من إطلاقات محكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص قد بني على أسباب سائغة ولا يعتبر نزولا ضمنيا عن الدفع الشكلي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بعد إبدائه صحيحا طلب تأجيل الدعوى لتقديم المستندات, كما لا يلزم أن يثبت من له حق في الدفع به في كل جلسة تالية تمسكه به ما دام قد أبدي صحيحا. وإذ كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص بما له من سلطة موضوعية أن المطعون ضده لم يسقط حقه في التمسك بالدفع بعدم اختصاص المحكمة دوليا بنظر النزاع بما أورده بمدوناته من أن "... الثابت من مناقشة الحاضر عن المستأنف ضدها بمحاضر أعمال الخبير وما قدمه من أوراق أمام الخبير أنه تمسك بالدفع بعدم الاختصاص كدفع أصلي وأن التكلم في الموضوع كان على سبيل الاحتياط لإعادة الأوراق إلى المحكمة لتفصل في الدفع ولا يعد ذلك إسقاطا لحقه في التمسك بالدفع...." ومن ثم فيكون ما تثيره الطاعنة بسببي النعي في شأن ما استخلصته محكمة الموضوع لا يعدو أن يكون في حقيقة مرماه مجادلة موضوعية فيما لمحكمة الموضوع سلطة استخلاصه وتقديره وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض, ومن ثم يكون النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب إذ تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بما نصت عليه المادة 30 من قانون المرافعات في فقرتها الثانية من اختصاص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية إذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في الجمهورية وأن الإجراءات قبل المطعون ضده بدأت بتوقيع الحجز على الباخرة "......." أثناء وجودها بميناء بورسعيد إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري على سند من أن السفينة غير موجودة في مصر واكتفى الحكم المطعون فيه ببحث مدى سقوط أو عدم سقوط حق المطعون ضده في التمسك بالدفع دون أن يعرض لصحة الدفع ثم خلص إلى تأييد الحكم الابتدائي ومن ثم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أنه لما كانت المادة 30/2 مرافعات قد نصت على "..... تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية وذلك في الأحوال الآتية:1-.... 2- إذا كانت الدعاوى متعلقة بمال موجود في الجمهورية أو ", وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بقبول الدفع المبدى من المطعون ضده بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر النزاع مؤيدا ما انتهى إليه الحكم المستأنف في قضائه بعدم الاختصاص على سند من أن السفينة المطلوب تثبيت الحجز التحفظي عليها غير موجودة في مصر, فلا عليه إذ لم يعرض لما أثارته الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه اكتفى ببحث مدى سقوط أو عدم سقوط حق المطعون ضده في التمسك بالدفع بعدم الاختصاص دون أن يعرض لصحة الدفع أو عدم صحته من حيث توافر الاختصاص أو عدم توافره إذ أنه دفاع غير مؤثر فيما انتهى إليه الحكم سديدا وبالتالي فإن النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنه بعد رفع الدعوى قدم المطعون ضده خطاب ضمان وتم رفع الحجز عن الباخرة بموجبه والسماح لها بالإبحار وأن هذا الخطاب طبقا للقانون المصري واتفاقية بروكسل 1955 يعد كفالة تحل محل السفينة التي توقع عليها الحجز التحفظي بحيث ينتقل إليه الحجز وتعتبر السفينة حكما كأنها ما زالت في الميناء الذي أوقع الحجز عليها فيه بالإضافة إلى أن خطاب الضمان في ذاته يعد مالا موجودا في مصر إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع أوجب على الخصوم أنفسهم أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. لما كان ذلك, وكانت الأوراق قد خلت من خطاب الضمان الذي أشارت إليه الطاعنة بوجه النعي ومن ثم فإن النعي يضحى عاريا عن الدليل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن للسفينة موطن مختار في مصر هو مقر شركة القناة للتوكيلات الملاحية إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن تلك الوكالة تقتصر على السفن التي تباشر نشاطا تجاريا في مصر وبخصوص المنازعات التي تثور بمناسبة هذا النشاط وهذا من الحكم المطعون فيه قيد لا سند له من القانون ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه من المقرر بنص المادة 29من قانون المرافعات أن "تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي له موطن أو محل إقامة في الجمهورية فيما عدا الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع في الخارج", كما تنص المادة 30 من هذا القانون على أن "تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية وذلك في الأحوال الآتية: 1- إذا كان له في الجمهورية موطن مختار ...." كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل سفينة أجنبية تباشر نشاطا تجاريا في مصر وكيل ملاحي ينوب عن صاحبها سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا في مباشرة كل ما يتعلق بنشاط السفينة في جمهورية مصر العربية ويمثله في الدعاوى التي ترفع منه أو عليه فيما يتعلق بهذا النشاط ويعتبر مقر هذا الوكيل موطنا لمالك السفينة. لما كان ذلك, وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن المطعون ضده قد اتخذ من شركة القناة للتوكيلات الملاحية وكيلا ملاحيا له في مصر حتى يمكن القول إن مقرها يعد موطنا له, كما خلت الأوراق مما يفيد أن وجود الباخرة "......." بميناء بورسعيد كان بمناسبة مباشرتها نشاطا تجاريا في مصر, ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يضحى على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق